المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله السابع والعشرون والثلاثمائة وعنها انها قالت ان افلح اخاه بالقعيس استأذن علي بعد ما انزل الحجاب فقلت والله لا اذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فان اخاء ابي القيس ليس هو ارضعني ولكن ارضعتني امرأة ابي القعيص فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقلت يا رسول الله ان الرجل ليس هو ارضعني ولكن ارضعتني امرأته فقال ائذني له فانه عمك تربت يمينك قال عروة فبذلك كانت عائشة تقول حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب في لفظ ثم استأذن علي افلح فلم اذن له فقال اتحتجبين مني وانا عمك فقلت كيف ذلك قال ارضعتك امرأة اخي بلبن اخي قالت فسألت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال صدق افلح اذني له تربت يمينك رواه البخاري ومسلم تربت اي افتقرت والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الامر به قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة ان افلح اخا ابي القعيس استأذن علي بعد ما انزل الحجاب وكان عادتهم في الجاهلية لا يحتجب النساء عن الرجال مع ما فيهم من الغيرة الشديدة خصوصا الاحرار واستمرت هذه العادة في اول الاسلام فلم يؤمر به في مكة ولا غرابة في ذلك فان كثيرا من الشرائع التي هي اعظم من ذلك لم يؤمر بها الا بعد الهجرة كالصيام والحج والزكاة فكانت الشرائع تنزل شيئا فشيئا مدة ثلاث وعشرين سنة لاجل تدريج الناس وليتقنوا الشرائع الى غير ذلك من الحكم ولم تنزل اية الحجاب الا في المدينة وسبب نزولها عمر فانه قال يا رسول الله نسائك يدخل عليهن البر والفاجر فلو امرتهن ان يحتجبن فنزلت اية الحجاب فاحتجب نساء الصحابة والتابعين وتابعيهم واستمر على ذلك عمل القرون المفضلة فكان كالاجماع عندهم حتى شذ بعض الفقهاء فقال بعدم وجوبه فنما هذا الامر الى ان عد هذا القول الباطل خلافا في هذا الزمان واخذ به كثير من المنتسبين للعلم بل ومن العلماء الذين يعدون علماء في هذا الزمان فاخذوا ينشرون على صفحات المجلات والجرائد الاسلامية اباحة السفور للنساء والحال ان هذا قول باطل لا يعد خلافا في المسألة لانه خارق لما اجمع عليه الصحابة وسائر القرون المفضلة فلو ان احدا استعمله في تلك الازمنة لانكروا عليه اشد الانكار ولعدوه مخالفا لما علم بالضرورة وجوبه هذا مجرد فعله فضلا عن القول بجوازه واباحته والعجب ان العلماء من المصريين نصروا هذا القول نصرا عظيما مع انه مخالف لصريح القرآن ولا نقول هذا قدحا بهم ولكن نبين ان هذا قول باطل وانما دخل عليهم هذا من التعشق لحالة الفرنج وتسميتهم تلك العوائد تمدنا وانكارهم على من خالفهم وهذه الاحوال طريق يتوصل بها الفرنج الى اخراج المسلمين من دينهم فان المبشرين وهم الدعاة والذين بثوهم في البلاد وفتحوا لهم المدارس واتفقت دول الفرنج على مساعدتهم مقصودهم اخراج المسلمين عن دينهم واذهاب رح الاسلام عنهم ومن اعظم الطرق لهم هذه المسألة ونشر زيهم ولغتهم الى غير ذلك من الطرق وليس مقصودهم ان يقولوا هم نصارى بل يكفيهم ان يسلبوهم دينهم ولو قالوا انهم مسلمون وهذه المسألة جاءت بالعرض فينبغي الاحتراز من هؤلاء والحذر من شرهم فان مقصودهم الاعظم التخلي من الدين الاسلامي والانحلال عن شرائعه الشاهد ان السفور محرم بنص القرآن واتفاق الصحابة والتابعين وتابعيهم وقولها والله لا اذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فان اخا ابي القيس ليس هو ارضعني ولكن ارضعتني امرأة ابي القعيس الى اخره وكانت رضي الله عنها ظنت انه لا ينتشر التحريم من جهة صاحب اللبن ولكن افلح قد علم ذلك ولهذا لما علمت عائشة بذلك كانت تقول حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب وقد تقدم تفسير ذلك وقوله في اللفظ الاخر تحتجبين مني وانا عمك فقلت كيف ذلك قال ارضعتك امرأة اخي بلبن اخي فينبغي التنبه لهذا القيد فانه قد تكون المرأة اما لطفل من الرضاع وزوجها ليس ابا مثاله لو ارضعت امرأة طفلا بلبن زوج قد فارقها ثم تزوجت بعده اخر فانها تكون اما للطفل وزوجها الثاني ليس ابا له لان اللبن ليس له واختلفوا في مسألة وهي لو زاد لبنها بعد وطأ الثاني هل يلحق الطفل بهما ام لا المشهور من المذهب انه يلحق بهما لان الاول له اصل اللبن والثانية زاد اللبن بوطئه فاشتركا في اللبن فكذا ما ترتب عليه وقد يكون الزوج ابا للطفل من الرضاع دون المرضعة مثاله لو كان له ثلاث نسوة فارضعت كل واحدة الطفل مرتين بلبن الزوج فانه يكون ابى لانه رضع من لبنه اكثر من خمس رضعات ولا تكون واحدة منهن اما لانه لم تكمل كل واحدة خمس رضعات وقيل لا تثبت الابوة حتى تثبت الامومة لانها فرع عنها والصحيح انها تثبت لانها اصل بنفسها وقد تكون المرأة اما له من الرضاع دون زوجها مثاله لو ارضعته ثلاث رضعات بلبن زوجها ثم فارقها وتزوجت اخر وولدت له وارضعت ذلك الطفل بلبن زوجها الثاني رضعتين فانها تكون اما لانها كملت خمس رضعات ولا يكون واحد منهما ابى لانها لم تكمل الخمس من لبنه وهذه نادرة الوقوع وقوله تريبة يمينك. فسر ذلك المؤلف وان معناه افتقرت ولكن العرب لا يقصدون بذلك الدعاء على المخاطب بل يقصدون الحث على ذلك فان الفاظ العربية قسمان قسم يقصد معناه الذي دل عليه ذلك اللفظ وهذا غالب الفاظهم وهي التي وضعت لها قواميس اللغة وقسم لا يقصدون معناه الذي دل عليه لفظه بل ما يصطلحون عليه مثل قولهم تربت يمينه كما ورد في هذا الحديث وكما تقدم من قوله عقرا حلقا ونحو ذلك وفي هذا الحديث كما تقدم ان الرضاعة ينتشر من جهة المرضعة وصاحب اللبن كانتشار النسب واما من جهة المرتضع فلا ينتشر الا الى فروعه فقط لان من عداهم لم ينتفع بذلك اللبن