المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثالث والثلاثون والثلاثمائة الحديث الثالث عن سهل ابن ابي حثمة انه قال انطلق عبد الله ابن سهل ومحيصة ابن مسعود الى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فاتى محيصة الى عبد الله ابن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبدالرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابن مسعود الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فذهب عبدالرحمن يتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كبر كبر وهو احدث القوم فسكت فتكلما فقال اتحلفون وتستحقون دم قاتلكم او صاحبكم قالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نرق قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا قالوا كيف نأخذ بايمان قوم كفار فعقله النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من عنده وفي حديث حماد بن زيد فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقسم خمسون منكم على رجل منهم في دفع برمته قالوا امر لم نشهده كيف نحلف قال فتبرئكم يهود بايمان خمسين منهم قالوا يا رسول الله قوم كفار وفي حديث سعد بن عبيد فكره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يبطل دمه فوداه بمئة من ابل الصدقة رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث سهل ابن ابي حثمة انطلق عبد الله ابن سهل ومحيصة ابن مسعود الى خيبر وهي يومئذ صلح اي بعدما فتحت فانها فتحت سنة سبع من الهجرة عنوة وقسمها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين الغانمين واقر فيها اليهود على ان لهم نصف الخارج منها كما تقدم فتفرقا اي كل ذهب وحده فاتى محيصة الى عبد الله وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبدالرحمن بن سهل اخو القتيل وحويصة ومحيصة ابن مسعود اي ابناء عمه الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي مستعدينه على اليهود فذهب عبدالرحمن يتكلم اي لانه اقرب منهما وازيد حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كبر كبر وهو احدث القوم اي ولو كنت اقرب فكل منكم له حق فينبغي ان يبدأ الاكبر فالاكبر فسكت رضي الله عنهم امتثالا لامره صلى الله عليه وعلى اله وسلم فتكلما وقصا عليه خبرهما فقال اتحلفون وتستحقون دمقاتكم او صاحبكم وفي الرواية الاخرى يقسم خمسون منكم وفي الرواية الاخرى تحلفون خمسين يمينا اي ان هذه قرينة ظاهرة على ان اليهود قتلوه ولكن لا توجب القصاص وحدها حتى تحلفوا خمسين يمينا فيقوم ذلك مقام البينة وتستحقون دم القاتل فقالوا وكيف نشهد ولم نر؟ قال فتبرؤكم يهود بخمسين يمينا اي فيبرأون من هذه الدعوة فقالوا يا رسول الله كيف نأخذ بايمان قوم كفار اي ان الكفر اعظم من الحلف على الكذب فانهم يحلفون ولا يبالون وفي الرواية الاخرى يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته اي انه يقاد به وقوله فعقله رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من عنده وفي الرواية الاخرى فكره ان يبطل دمه فوداه بمائة من ابل الصدقة فهذا الحديث اصل في باب القسامة وهي ايمان مكررة على دعوى قتل معصوم وفي ذلك لوث واللوث شرط فيها واختلف العلماء في اللوث المشهور في المذهب انه العداوة الظاهرة فقط والصحيح انه كل قرينة ظاهرة يغلب الظن معها على صدق المدعي مثل لو رؤي قتيل يتشحط في دمه وانسان منهزم معه سكين او سلاح فيها اثر الدم ومثل لو رؤي بعض اثاثه مع انسان قد اخذه وهو مقتول ومثل لو وجد في داره ونحوه فعلى المذهب لا يكون هذا لوثا وعلى الصحيح انه لوث وهو كالعداوة الظاهرة واولى وفي الحديث فوائد كثيرة منها حكم القسامة انه يحلف اولياء القتيل الذكور خاصة سواء الوارث وغيره لانهم شركاء في العقل والنصرة فان كانوا خمسين قسمت الايمان على عددهم وان كانوا اقل وزعت عليهم فاذا حلفوا فان عينوا شخصا او جماعة قد تمالؤوا على القتل اقيدوا به وان امتنعوا من الحلف ردت الايمان على المدعى عليهم فحلفوا خمسين يمينا وبرئوا وانك لو قضي عليهم بالنكول واقيد به لان نكولهم مع اللوث كالشهود فان قيل كيف يستحق القود بلا بينة قيل هذه بينة عظيمة فان البينة اسم لكل ما يبين الحق وليس خاصا بالشهود كما تقدم ومنها ان اليمين تكون في جانب الاقوى سواء المدعي او المدعى عليه ففي هذا لما كان الاقوى المدعي جعلت اليمين في جانبه ومنها انه ينبغي تقديم الاكبر ما لم يكن للاصغر مزية توجب ترجيحه ومن هذا قالوا اذا استووا في الفقه والقراءة قدم في الامامة الاكبر ونحو ذلك فان كان للاصغر مزية توجب تقديمه قدم كما لو كان هو الايمن فيقدم بالشراب والسلام ونحوهما ولهذا لما شرب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان عن يمينه ابن عباس وهو صغير وعن يساره الشيوخ ابو بكر وعمر فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ابن عباس ان يعطيهم فضلة الشراب طب فقال رضي الله عنه ما كنت اوثر بفضلة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم احدا فهذا من فقهه وذكائه فانه لم يقل لست بمؤثرهما فيكون فيه قلة ادب ولكنه اخبر انه لا يقدم احدا ببركة فضلة شرابه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفي استئذانه دليل ان الحق له وان كان اصغر لهذا المرجح وهو كونه عن يمينه ومنها انه يجب على الامام ان يعقل من جهل قاتله كمن هلك في زحمة جمعة او عيد او عند رمي الجمار ونحو ذلك ومن ذلك القسامة اذا لم يحلف المدعي وحلف المدعى عليه لانه لا يضيع حق اهله فتجبر خواطرهم بديته من بيت المال فان قيل كيف وداه من ابل الصدقة مع ان هذا ليس من الاصناف الثمانية والزكاة خاصة لتلك الاصناف التي ذكر الله تعالى فقال ابن القيم في الجواب عن هذا الايراد ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غارم لاصلاح ذات البين فلهذا دفع من الزكاة لان الغارمين صنف من الاصناف الثمانية وهذا الجواب ضعيف والظاهر ان اولياء المقتول مستحقون للاخذ من الزكاة فدفع اليهم بقدر ديته جبرا لخواطرهم وابيح ذلك من الزكاة لانهم من اهلها ولعل هذا احسن ما يقال من الاجوبة في هذا