المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القواعد والاصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما. اما بعد فان معرفة جوامع الاحكام وفوارقها من اهم العلوم واكثرها فائدة. واعظمها نفعا بهذا جمعت في رسالتي هذه ما تيسر من جوامع الاحكام واصولها. وما تفترق فيه الاحكام لافتراق حكمها وعللها وقسمتها قسمين. القسم الاول في ذكر ما تجتمع فيه الاحكام من الاصول والقواعد. وانتقيت من القواعد المهمة والاصول الجامعة ستين قاعدة. وشرحت كل واحدة منها شرحا يوضح معناها. ومثلت لها من الامثلة التي تنبني عليها عليها ما تيسر. والقسم الثاني اتبعت ذلك بذكر الفوارق بين المسائل المشتبهات. والاحكام المتقاربات قاسيم الصحيحة. فاقول في القسم الاول مستعينا بالله راجيا منه الاعانة والتسهيل. القسم الاول في في ذكر ما تجتمع فيه الاحكام من الاصول والقواعد. القاعدة الاولى الشارع لا يأمر الا بما مصلحته خالصة او راجحة ولا ينهى الا عما مفسدته خالصة او راجحة. هذا الاصل شامل لجميع الشريعة لا يشذ عنه شيء من احد احكامها لا فرق بينما تعلق بالاصول او بالفروع. وسواء تعلق بحقوق الله او بحقوق عباده. قال الله تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى. وينهى عن الفحشاء يعظكم لعلكم تذكرون. فلم يبقى عدل ولا احسان ولا صلة الا امر به في هذه الاية الكريمة. ولا فحشاء ومنكر متعلق بحقوق الله. ولا بغي على الخلق في دمائهم وامواتهم اموالهم واعراضهم الا نهى عنه. ووعظ عباده ان يتذكروا هذه الاوامر. وحسنها ونفعها فيمتثلوها. ويتذكروا في النواهي من الشر والضرر فيجتنبوها. وقال تعالى عند كل مسجد. فقد جمعت هذه الاية اصول المأمون مراد ونبهت على حسنها كما جمعت الاية التي بعدها اصول المحرمات. ونبهت على قبحها. وهي قوله تعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق ولما ذكر الله الامر بالطهارة للصلاة اذا قام العبد الى صلاته في قوله يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة وذكر الطهارتين طهارة الحدث الاصغر والحدث الاكبر بالماء ثم بالتراب عند العدم او الاضطرار قال ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهر وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون. فاخبر ان اوامره الجليلة من نعمه العاجلة المتصلة بالنعم الاجلة. ثم تأمل قوله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا الى قوله ذلك مما اوحى اليك ربك من الحكمة وقوله قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم. الى قوله ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله. وقوله اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. الى قوله ومن يكن الشيطان له قرينا فسادا انظر الى ما في هذه الايات من الاوامر التي بلغت من حسنها وعموم خيرها ومصالحها الظاهرة والباطنة نهاية الحسن والعدل والرحمة. وما فيها من المنهيات التي ضررها عظيم. وجرمها كبير. ومفاسدها لا تعد ولا تحصى وهي من اعظم معجزات القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم. ومثلها ما وصف الله به خواص العباد وفضلائهم في قوله الرحمن الذين يمشون على الارض هونا. الى قوله اولئك يجزون الغرفة الاية وقوله ثم عدد اوصافهم حتى قال اولئك اولئك هم الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون وقوله ان المسلمين والمسلمات الى قوله واجرا عظيما. فكل ما في هذه الايات من الاوصاف التي وصف الله بها خيار الخلق. قد علم حسنها وكمالها منافعها العظيمة. وجميع ما في الشريعة من العبادات والمعاملات. والامر باداء الحقوق المتنوعة تفاصيل وتفاريع. لما ذكر الله في هذه الايات ما فصله العلماء من مصالح المأمورات ومنافعها. ومضار المنهيات ومفاسدها. داخل في هذا الاصل. ولهذا يعلل الفقهاء الاحكام المأمورة بها بالمصالح. والمنهي عنها بالمفاسد. واحد الاصول الاربعة المبني عليها جميع الاحكام الذي هو العدل وما يعرف به العدل وهو الميزان الذي قال الله فيه الله الذي انزل الكتاب وهو الجمع بين المسائل المتماثلة في مصالحها او مضارها بحكم واحد والتفريق بين المتباينات المختلفات باحكام مختلفة مناسبة لكل واحد منها. مثال ما مصلحته خالصة منه من المأمورات ومضرته خالصة من المنهيات. جمهور الاحكام الشرعية فالايمان والتوحيد مصالحهما خالصة في القلب والروح والبدن والدنيا والاخرة. والشرك والكفر مضرته ومفاسده خالصة على القلوب والابدان. وفي الدنيا والاخرة. وصدق مصلحة خالصة والكذب بضده. ولهذا اذا ترتب على انواع الكذب مصلحة كبرى تزيد على مفسدته كالكذب في الحرب في بين الناس وقد رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم لرجحان مصلحته. والعدل مصالحه خالصة والظلم مفاسده والميسر والخمر مفاسدهما ومضارهما اكثر من نفعهما. ولذلك حرمهما الله. قال تعالى في فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما واذا ترتب بعض المصالح العظيمة على بعض انواع الميسر كاخذ العوض في مسابقة الخيل والابل والسهام جاز لما فيه من الاعانة على الجهاد الذي به قوام الدين. وتعلم السحر ومضرته خالصة. كما قال تعالى ويتعلمون ما يضرهم لا ينفعهم. وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير ونحوهما. لما فيها من المفاسد والمضار. فاذا قاوم هذه مفاسد مصلحة عظيمة. وهي الضرورة لاحياء النفس حلت. قال تعالى ويستدل بهذا الاصل العظيم والقاعدة على ان العلوم العصرية واعمالها وانواع المخترعات الحديثة النافعة للناس في امور دينهم ودنياهم انها مما امر الله به ورسوله ومما يحبه الله ورسوله ومن نعم الله على العباد وبما فيها من المنافع الضرورية والكمالية. فالبرقيات بانواعها والصناعات كلها. واجناس المخترعات الحديثة تنطبق عليها هذه القاعدة اتم انطباق. فبعضها يدخل الواجبات. وبعضها في المستحبات وشيء منها في المباحات. بحسب ما تثمره. وينتج عنها من الاعمال. كما تدخل في غير من الاصول الشرعية التي منها هذه القاعدة الكبرى. وهي قوله الثانية الوسائل لها احكام المقاصد. ويتفرع على هذا الاصل ان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. وما لا يتم المسنون الا به فهو مسنون. وطرق الحرام المكروهات تابعة لها ويتفرع عليها ان توابع العبادات والاعمال حكمها حكمها. هذا اصل وقاعدة كلية يتبعه عدة قواعد كما ذكره في الاصل. ومعنى الوسائل الطرق التي يسلك منها الى الشيء. والسبب الذي يوصل الى الشيء الامور التي يتوقف الشيء عليها. واللوازم التي يلزم من وجود الشيء وجودها. والشروط التي تتوقف عليها الاحكام اذا امر الله ورسوله بشيء كان امرا به وبما لا يتم الا به. وكان امرا بالاتيان بجميع شروطه الشرعية عادية والمعنوية والحسية. فان الذي شرع الاحكام عليم حكيم. يعلم ما يترتب على احكامه على عباده من وازن وشروط ومتممات. الامر بالشيء امر به وبما لا يتم الا به. والنهي عن الشيء نهي عنه وعن كل ما يؤدي اليه. فالذهاب والمشي الى الصلاة ومجالس الفكر وصلة الرحم. وعيادة المرضى واتباع الجنائز. وغير ذلك من العبادات داخل في العبادة وكذلك الخروج الى الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله من حين يخرج. ويذهب من محله الى ان يرجع الى مقره وهو في عبادة لانها وسائل للعبادة ومتممات لها. قال تعالى ذلك بانهم لا يصيبهم وما ولا نصبوا ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو لا كتب لهم به عمل صالح. ان الله لا يضيع اجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون. وفي الحديث الصحيح من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة. وقد تكاثرت الاحاديث الصحيحة في ثواب المشي الى الصلوات وان كل خطوة يخطوها تكتب له حسنة وتمحى عنه سيئة. وفسر قوله تعالى انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا واثارهم. اي نقل خطاهم واعمالهم للعبادات او لضدها. وكما ان نقل الاقدام والسعي للعبادات تابع للعبادة. فنقل الاقدام الى المعاصي تابع لها. ومعصية اخرى. فالامر بالصلاة مثلا امر بها وبما لا تتم الصلاة الا بها من الطهارة والسترة. واستقبال القبلة وبقية شروطها. وامر بتعلم احكامها التي لا تتم الا به. وكذلك بقية العبادات. فما لا يتوجب الواجب والمسنون الا به فهو واجب للواجب ومسنون للمسنون ومن فروع هذا الاصل قول العلماء اذا دخل الوقت على عادم الماء لزمه طلبه في المواضع التي يرجو حصوله او وجوده فيها لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. ويلزمه كذلك شراؤه وشراء السترة الواجبة بثمن مثلها. او زيادة لا تضر ضره ولا تجحف بماله. ومن فروعها وجوب تعلم الصناعات التي يحتاج الناس اليها في امر دينهم ودنياهم صغيرها وكبيرها ومن فروعها وجوب تعلم العلوم النافعة. وهي قسمان علوم تعلمها فرض عين. وهي ما يضطر اليه الانسان في دينه وعباده ذاته ومعاملاته. كل بحسب حاله. والثاني فرض كفاية. وهو ما زاد على ذلك. بحيث يحتاجه العموم. فما اضطر اليه الانسان بنفسه تعين عليه. وما لم يضطر اليه بنفسه. لكن الناس محتاجون اليه فرض كفاية. وفرض اذا قام به من يكفي سقط عن غيره. واذا لم يقم به وجب على الكل. ولهذا من فروع هذه القاعدة جميع فروضها الكفايات من اذان واقامة وامامة صغرى وكبرى. وامر بالمعروف ونهي عن منكر وجهاد لم يتعين. وتجهيز الموتى بالتغسيل والتكفين والصلاة والحمل والدفن وتوابع ذلك والزراعة والحراثة وتوابع ذلك. ومن فروع السعي في الكسب الذي يقيم به العبد ما عليه من واجبات النفس والاهل والاولاد. والمماليك من الادميين والبهائم. وما في به ديونه فان هذه واجبات والسعي في الاسباب المحصلة لها واجبات مثلها. ومن فروعها وجوب تعلم ادلة الوقت والقبلة والجهاد لمن يحتاج اليها. ومن فروعها ان العلوم الشرعية نوعان. مقاصد وهي علم الكتاب والسنة ووسائل السائل اليها مثل علوم العربية بانواعها. فان معرفة الكتاب والسنة وعلومهما تتوقف او يتوقف اكثرها على معرفة في علوم العربية ولا تتم معرفتها الا بها فيكون الاشتغال بعلوم العربية لهذا الغرض تابعا للعلوم الشرعية. ومن فروع ان كل مباح توسل به الى ترك واجب او فعل محرم فهو محرم. ولذلك يحرم البيع والشراء بعد نداء الجمعة الثاني لقوله تعالى يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله. فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع. وكذلك ذلك اذا خيف فوت الصلاة المكتوبة او خيف فوت صلاة الجماعة الواجبة على الصحيح. وكذلك لا يحل البيع على من يريد ان يعمل اعمال بها معصية كبيع العصير على من يتخذه خمرا. او السلاح لاهل الفتنة او قطاع الطرق. وبيع البيض ونحوه لمن يقامر عليه. وكذلك تحرم الحيل في جميع المعاملات التي يتوصل بها الى محرم. كالحيل على قلب الدين على المدين وكبيع العينة والتحيل على اسقاط شفعة الشفيع بالوقف. او باظهار الثواب غير المقصود. او اظهار زيادة في الثمن لئلا يأخذ الشفيع. ومن فروعها قتل الموصى له وقتل الوارث للموصي والمورث. يعاقبان قصدهما وكذلك من طلق زوجته في مرض موته المخوف فانها ترث منه. ومن فروعها عضل الزوج لزوجته بغير حق لتعطيه شيئا من المال ليطلقها. كما قال تعالى ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن. فلا يحل الاخذ منها في هذه الحال. ومنها ما قاله الاصحاب ومن اهدى لغيره حياء منه او خوفا منه وجب عليه الرد. وكثير من هذه الفروع ايضا داخل في اصل المقاصد والنيات. وكلما كان الفرع يدخل في عدة اصول. كان دليلا على قوته. وكما ان الحيل التي يقصد بها التوسل الى محرم او ترك واجب. فالحيل التي يتوسل بها الى استخراج الحقوق مباحة بل مأمور بها. فالعبد مأمور باستخراج حقه والحق المتعلق به بالطرق الواضحة والطرق الخفية. قال تعالى لما ذكر تحيل يوسف صلى الله عليه عليه وسلم لبقاء اخيه عنده كذلك كدنا ليوسف. ومثله الحيل التي تسلم بها النفوس والاموال. كما ما فعل الخضر بخرقه للسفينة الصالحة لتعيد فتسلم من الملك الظالم الذي يغتصب كل سفينة صالحة تمر عليه الحيلة تابعة للمقصود حسنها وقبيحها. ومن فروعها ان الله قال ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. والامانات كل مال ائتمن عليه العبد وولي عليه من وديعة وولاية اكتمال يتيم ونضارة وقف ونحوها من وسائل ردها الى اهلها. حفظها في حرز مثلها ومن وسائل حفظها انفاق عليها ان كانت ذات روح. ومن وسائل ادائها حفظ التفريط والتعدي فيها. ومن فروع هذا الاصل ان الله الفواحش وحرم قربانها بكل وسيلة يخشى منها وقوع المحرم كالخلوة بالاجنبية والنظر المحرم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى. يوشك ان داروا التعافيه الا وان لكل ملك حمى. الاوان حمى الله محارمه. ومن فروعها النهي عن كل ما يحدث العداوة البغضاء كالبيع على بيع المسلم. والعقد على عقده وخطبة النكاح. وخطبة الولايات على خطبة اخيه. كما ان من فروعها الحث على كل ما يجلب الصداقة من الاقوال والافعال بحسب ما يناسب الحال. وقد خرج عن هذا الاصل نذر لحكمة اختص بها. فالوفاء بنذر الطاعة واجب. وعقده مكروه مع ان الوفاء لا يتأتى الا بعقد. فلهذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء به. ونهى عن عقده وقال انه لا يأتي بخير وانما يستخرج به البخيل لانه ينقص الاخلاص. ويعرض صاحبه للبلاء وهو في سعة العافية. وفيه نوع تأل وادلال ومن فروع هذا الاصل التحيل بالتحليل لحل الزوجة لمطلقها ثلاثا. فانه حرام ملعون صاحبه لا الحل لانه لم يقصد به النكاح الحقيقي. وانما صورته صورة نكاح. وحقيقته حقيقة السفاح كما ان وسائل الاحكام حكمها حكمها فكذلك توابعها ومتمماتها. فالذهاب الى العبادة عبادة وكذلك الرجوع منها الى الموضع الذي منه ابتدأ عبادة. ولهذا قال بعض الصحابة رضي الله عنهم اني لاحتسب رجوعي الى بيتي من كما احتسب خروجي منه اليها. الثالثة المشقة تجلب التيسير. وجميع رخص الشريعة وتخفيف متفرعة عن هذا الاصل. قال الله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال لا يكلف الله نفسا الا وسعها. وقال سبحانه لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها. وقال وما جعل عليكم في الدين من حرج. وقال عز وجل فاتقوا الله ما استطعتم. فهذه الايات وغيرها دليل على هذا الاصل الكبير. فاولا جميع الشريعة حنيفية سمحة. حنيفية في التوحيد مبنية على عبادة الله وحده. لا شريك له. سمحة في الاحكام والاعمال. فالصلوات خمس فرائض في اليوم والليلة. لا تستغرق من وقت العبد الا جزءا يسيرا. والزكاة جزء يسير من مال العبد من الاموال المتمولة دون اموال القنية. وهي في كل عام مرة. وكذلك الصيام شهر واحد في كل عام. واما الحج فلا يجب في العمر الا مرة واحدة على المستطيع. وبقية الواجبات عوارض بحسب اسبابها وكلها في غاية اليسر والسهولة. وقد شرع الله لكثير منها اسبابا تعين عليها وتنشط على فعلها. كما شرع اجتماع في الصلوات الخمس والجمعة والاعياد. وكذلك الصيام يجتمع المؤمنون في شهر واحد. لا يتخلف منهم الا معذور بمرض او سفر او غيرهما. وكذلك الحج. ولا شك ان الاجتماع يزيل مشقة العبادات وينشط العاملين. ويوجب التنافس في افعال الخير. كما جعل الله الثواب العاجل والثواب الاجل. الذي لا يقادر قدره اكبر معين على فعل الخيرات ترك المنهيات. ثم انه مع هذه السهولة في جميع احكام الشريعة. اذا عرض للانسان بعض الاعذار التي تعجزه او تشق عليه عليه مشقة شديدة خفف عنه تخفيفا يناسب الحال. فيصلي المريض الفريضة قائما. فان عجز صلى قاعدا فان عجز فعلى جنبه ويومئ بالركوع والسجود ويصلي بطهارة الماء. فانشق عليه او عدمه عدل الى التيمم والمسافر لما كان في مظنة المشقة ابيح له الفطر والقصر والجمع بين الصلاتين. والمسح على الخفين ثلاثة ايام بلياليه فيها ومن مرض او سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما. ويتفرع عن هذا الاصل الاعذار التي تسقط حضور الجمعة والجماعة. ومن فروعها العفو عن الدم اليسير النجس. والاكتفاء بالاستجمار الشرعي عن الاستنجاء. وطهارة افواه الصبيان ولو اكلوا النجاسة. وكذلك الهر. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات. وكذلك العفو عن طين الشوارع ولو ظنت نجاستها. فان علمت عفي يعني الشيء اليسير. ومن ذلك الاكتفاء بنضح بول الغلام. الذي لم يأكل الطعام لشهوة. وقيئه وكذلك العمل بالاصل في طهارة الاشياء وحلها. فالاصل الطهارة الا لما علمت نجاسته. والاصل الحل في الاطعمة الا ما علم تحريمه ومن فروعها الرجوع الى الظن اذا تعذر او تعسر اليقين في تطهير الابدان والثياب والاواني وغيرها ودخول الوقت. ومن فروعها ان المتمتع والقارن قد حصل لكل واحد منهما حج وعمرة تامان في سفر واحد. ولهذا وجب الهدي على لكل منهما شكرا لهذه النعمة. ويدخل في هذا الاصل اباحة المحرمات. كالميتة ونحوها للمضطر كما سيأتي واباحة ما تدعو الحاجة اليه كالعرايا للحاجة الى الرطب. وكذلك اباحة اخذ العوض في مسابقة الخيل والابل والسهام واباحة تزوج الحر للامة اذا عدم الطول وخاف العنت. ومن فروعها حمل العاقلة الدية عن القاتل خطأ او شبه عمد لانه لم يقصد القتل. وهو معذور فناسب ان تحمل عنه العاقلة تحملا لا يشق عليهم بان توزع اليهم كلهم كل على قدر ماليته. وتؤجل عليهم ثلاث سنين. وهل يتحمل القاتل معهم اذا كان غنيا كما هو الصحيح ام ينفردون بالتحمل كما هو المشهور من مذهب الامام احمد. وفروع هذا الاصل كثيرة وقد حصل التوضيح بهذا هذه الامثلة القاعدة الرابعة الوجوب يتعلق بالاستطاعة فلا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة قال الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. وثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال اذا امرت بامر فاتوا منه ما استطعتم. وهذه القاعدة تضمنت اصلين. احدهما سقوط كل واجب مع العجز والثاني اباحة المحظورات عند وقوع الاضطرار اليه. كما قال تعالى ايضا في الاصل الثاني بعدما حرم الميتة وما عطف عليهما الله غفور رحيم. وقال وما لكم لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه. فهذه الاية صريحة بحل كل محرم اضطر العبد اليه. ولكن الضرورة تقدر بقدرها. فاذا اندفعت الضرورة وجب على الكف ويدخل في الاصل الاول كل من عجز عن شيء من شروط الصلاة او فروضها وواجباتها فانها تسقط عنه ويصلي على حسب ما يقدر عليه من لوازمها. الصوم من عجز عنه عجزا مستمرا كالكبير والمريض الذي لا يرجى يا برؤه افطر وكفر عن كل يوم اطعام مسكين. ومن عجز عنه لمرض يرجى زواله او لسفر افطر وقضى عدة ايامه اذا زال عذره. والعاجز عن الحج ببدنه اذا كان يرجو زواله صبر حتى يزول. وان كان لا يرجو زواله اقام عنه نائبا يحج عنه. وقال تعالى ولا على المريض حرجا. وذلك في كل عبادة توقفت على البصر او الصحة او سلامة الاعضاء. كالجهاد ونحوه ولهذا اشترطت القدرة في جميع الواجبات. فمن لم يقدر فلا يكلفه الله ما يعجز عنه. وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح. من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. فان لم يستطع فبلسانه فان ان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان. وقال في النفقة والكسوة وتوابعها على الاهل لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا. وقال صلى الله عليه وسلم في الواجبات المالية ابدأ بنفسك ثم بمن تعول. ومن هذا الاصل الكفارات المرتبة اذا عجز عن الاعلى انتقل الى ما دونه. واعذابه الجمعة والجماعة داخلة في هذا الاصل. كما دخلت في الذي قبله. وقال العلماء في محظورات الاحرام والضرورات تبيح للمحرم المحظورات. وعليه الفدية كما هو مفصل في كتب الفقه. ومن فروعها جواز الانفراد في الصف اذا لم يجد موضعا في الصف الذي امامه. لان الواجبات التي هي اعظم من المافة بالاتفاق تسقط مع العجز وصافة من باب اولى واحرى. الخامسة الشريعة مبنية على اصلين. الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم هذان الاصلان شرط لكل عمل ديني ظاهر كاقوال اللسان واعمال الجوارح وباطن كاعمال القلوب قال الله تعالى الا لله الدين الخالص وقال ان يعبد الله مخلصين له الدين. والدين فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل انه شرائع الاسلام الخمسة واصول الايمان الستة وحقائق الايمان وهو الاحسان الذي هو اصل اعمال قلوب هذه الامور لابد ان تكون خالصة لله مرادا بها وجهه. ورضوانه وثوابه. ولابد ان تكون مأخوذة من الكتاب والسنة. قال تعالى في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وقال في الجمع بين الاصلين ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن. اسلم وجهه اخلص اعماله الظاهرة والباطنة لله وهو محسن في هذا الاسلام. بان يكون فيه متبعا لرسول الله. وقال واطيعوا الله واطيعوا الرسول العمل الجامع للوصفين هو المقبول. واذا فقدهما او فقد احدهما فهو مردود على صاحبه. يدخل في قوله تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا. وقال تعالى مفرقا بين عمل المخلصين والمراءين. ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة كمثل جنة بربوة. الاية وقال والذين ينفقون امرا ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر يكن الشيطان له قرينا فساق قرينا. وقال صلى الله عليه وسلم في الهجرة التي هي من افضل الاعمال. فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله. فهذا المخلص ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه. وسئل صلى الله الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية. ويقاتل للمغنم. اي ذلك في سبيل الله؟ فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. فمن كان قصده في جهاده القولي والفعلي نصر الحق فهو المخلص. ومن قصد غير ذلك من الاغراض فله ما نوى. وعمله غير مقبول. وقال تعالى في الاعمال الفاقة للمتابعة في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا. وقال ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. الاعمال الصالحة كلها اذا وقعت من المرائين فهي باطلة فاقدة للاخلاص الذي لا يكون العمل صالحا الا به. والاعمال التي يفعلها العبد لله لكنها غير مشروعة هي باطلة لفقدها المتابعة. وكذلك الاعتقادات المخالفة لما في كتاب الله وسنة رسوله. كاعتقادات اهل البدع المخالفة لما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه. وكلها تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات. وانما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه عليه امرنا فهو رد متفق عليه. فالاول ميزان للاعمال باطنة. والثاني ميزان الاعمال ظاهرا. والاخلاص الله في كل شيء هو الذي وردت فيه نصوص الكتاب والسنة في الامر به. وفضله وثمراته وبطلان العمل الذي فقده واما نية نفس العمل فهذا وان كان لا بد منه في كل عمل. لكنه حاصل من كل عامل معه رأيه وعقله. لان القصد وكل عاقل يقصد العمل الذي يباشره ويعمله. وكما ان هذا الاصل تدخل فيه العبادات. فكذلك المعاملات فكل معاملة من بيع او ايجارة او شركة او غيرها من المعاملات تراضى عليها المتعاملان لكنها ممنوعة شرعا فانها باطلة محرمة. ولا عبرة بتراضيهما. لان الرضا انما يشترط بعد رضا الله ورسوله. وكذلك التبرعات التي نهى الله ورسوله عنها كتخصيص بعض الاولاد على بعضهم او تفضيلهم في العطايا والوصايا. وكذلك المواريث لا وصية لوارث. وكذلك شروط الواقفين لا بد ان تكون غير مخالفة للشرع. فان خالفت الشرع الغيت وميزان الشروط مطلقا قوله صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا او حل حراما. رواه اهل السنن عن عوف بن مالك. وكذلك النكاح شروطه واركانه. والمحلل منه والذي لا يحل. والطلاق تقول رجعة وجميع متعلقات الاحكام المتعلقة به. لابد ان تقع على الوجه المشروع. فان لم تقع فهي مردودة وكذلك الايمان والنذور. لا يحلف العبد الا بالله. او بصفة من صفاته او اسم من اسمائه. ومن نذر ان يطيع الله يطعه ومن نذر ان يعصي الله فلا يعصه. وكذلك الحنث في الايمان لقوله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمينه فرأى غيرها خيرا منها. فليأتي الذي هو خير وليكفر عن يمينه. والقضاء والبينات وتوابعهما جميعها مربوطة بالشرع قال تعالى ويسلم تسليما. وقال سبحانه فان تنازعتم في شيء فردوه الى اه والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر. ذلك خير واحسن تأويلا. بل الفقه من اوله الى اخره لا يخرج عن هذا الاصل المحيط. فان الاحكام مأخوذة من الاصول الاربعة الكتاب والسنة وهما الاصل والاجماع مستند اليهما. والقياس مستنبط منهما قاعدة السادسة الاصل في العبادات الحظر. فلا يشرع منها الا ما شرعه الله ورسوله. والاصل في العادات الاباحة فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. وهذه القاعدة تضمنت اصلين عظيمين ذكرهما الامام احمد وغيره من الائمة. ودل عليهما الكتاب والسنة في مواضع. مثل قوله تعالى في الاصل الاول ما لم يأذن به الله. ومثل الامر عبادته وحده لا شريك له في مواضع كثيرة. وقوله في الاصل الثاني هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا اي لجميع انواع الانتفاعات. فاباح منها جميع المنافع سوى ما ورد في الشرع المنع منه لضرره. وقوله تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة. فانكر تعالى على من حرم ما خلق الله لعباده من المآكل والمشارب والملابس وتوابعها. وبيان ذلك ان العبادة هي ما امر به امر ايجاب او استحباب فكل واجب اوجبه الله ورسوله او مستحب فهو عبادة يعبد الله به وحده ويدان به. فمن اوجب او استحب عبادة لم يدل عليها الكتاب ولا السنة. فقد ابتدع دينا لم يأذن به الله. وهو مردود على صاحبه. كما قال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. متفق عليه. وتقدم ان من شروط العبادة الاخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. واعلم ان البدع من العبادات اما ان يشرع عبادة لم يشرع الله ورسوله جنسها اصلا او شرعها الله ورسوله على صفة او في زمان او مكان مخصوص ثم غيرها المغير الى غير تلك الصفة. كمن اوجب صلاة او صوما او غيرهما من العبادات بغير ايجاب من الله ورسوله او ابتدع مبتدع الوقوف بعرفة او مزدلفة او رمي الجمار في غير وقتها. او استحب مبتدع عبادة في وقت من الاوقات او مكان من الامكنة بغير هدى من الله وحجة شرعية. والله تعالى هو الحاكم لعباده على لسانه رسوله فلا حكم الا حكمه ولا دين الا دينه. واما العادات كلها كالمآكل والمشارب والملابس كلها والاعمال والصنائع والمعاملات والعادات كلها. فالاصل فيها الاباحة والاطلاق. فمن حرم شيئا منها لم يحرمه الله ولا رسوله فهو مبتدع كما حرم المشركون بعض الانعام التي احلها الله ورسوله. وكمن يريد بجهله ان يحرم بعض انواع اللباس او الصنائع او المخترعات الحادثة بغير دليل شرعي يحرمها. فمن سلك هذا المسلك فهو ضال جاهل محرمات من هذه الامور قد فصلت في الكتاب والسنة. كما قال تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم ولم يحرم الله علينا الا كل ضار خبيث. ومن تتبع المحرمات وجدها تشتمل على الخبث والمضار القلبية او البدنية او الدينية او الدنيوية لا تخرج عن ذلك. ولهذا من اكبر نعمة الله علينا تحريمه ومنعه لنا مما يضرنا كما ان من نعمه اباحته لنا ما ينفعنا. وهذان الاصلان نفعهما كبير. وبهما تعرف البدع في في العبادات والعادات. فكل من امر بشيء لم يأمر به الشارع فهو مبتدع. وكل من حرم شيئا لم يحرمه الشارع من عادات فهو مبتدع. القاعدة السابعة التكليف وهو البلوغ والعقل. شرط لوجوب العبادات والتمييز شرط لصحتها الا الحج والعمرة. فيصحان ممن لم يميز. ويشترط مع ذلك الرشد للتصرفات. والملك للتبرعات. هذه القاعدة تشتمل على هذه الضوابط التي تنبني عليها العبادات وجوبا وصحة. والتصرفات تبرعات. فالمكلف الذي هو بالغ عاقل تجب عليه جميع العبادات والتكاليف الشرعية. لان الله رؤوف رحيم بعباده فقبل بلوغ الانسان السن الذي يقوى به على العبادات قوة تامة وهو البلوغ لم يوجب عليه التكاليف كذلك اذا كان عادما للعقل الذي هو حقيقة الانسان من باب اولى. فالذي لا عقل له لا يجب عليه شيء من العبادات كما لا تصح منه لعدم شرطها. وهو النية والقصد التي لا توجد من غير عاقل. والبلوغ يحصل اما بانزاله المني يقظة او مناما او بتمام خمسة عشر. او بانبات شعر العانة للذكر والانثى. وتزيد الانثى اذا حاضت فقد بلغت. لكن المميز يؤمر بالصلاة والعبادات التي يقدر عليها من غير ايجاب. ويضرب على التزامها فعلها اذا بلغ عشرا ضربا غير مبرح للتأديب. لا للوجوب. وهذا دليل على صحة العبادات كلها من المميز فانه اذا ميز الامور وعرف في الجملة ما ينفع وما يضر صار معه عقل يقصد به العبادة والخير. فمن كان دون التمييز لا تصح عبادته كلها. لمشاركته حينئذ لغير العاقل الذي لا قصد له صحيح سوى الحج العمرة فانه صح ان النبي صلى الله عليه وسلم رفعت اليه امرأة صبيا في المهد فقالت الهذا حج؟ قال نعم ولك اجر متفق عليه. فينوي عنه وليه الاحرام ويجنبه ما يجنب المحرم. ويحضره في المناسك كلها ويفعل عنه ما يعجز عنه مثل الرمي. ويستثنى من العبادات العبادات المالية كالزكاة والنفقات الواجبة والكفارات فانها تجب على الكبير والصغير والعاقل وغير العاقل. لعموم النصوص قولا منه صلى الله عليه وسلم وفعلا. واما التصرفات المالية فحيث كان الغرض الاكبر منها حفظ الاموال وحسن التصرف فيها احتيط فيها فشرط لها مع التكليف الرشد وهو احسان حفظ المال وصيانته. ومعرفة التصرف. قال تعالى فان الستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم. فشرط الله شرطين لدفع اموالهم اليهم. البلوغ والرشد وامر قبل ذلك اذا شك في رشدهم باختبارهم هل يحسنون الحفظ والتصرف؟ فيدفع اليهم مالهم ام لا يحسنون فلا يدفع اليهم لان لا يضيعوها. فعلم ان البلوغ والعقل والرشد شرط لصحة جميع المعاملات. فمن فقد واحدا منها لم تصح معاملته ولم تنفذ وتعين الحجر عليه. واما التبرعات فهي بذل الاموال بغير عوض من هبة او صدقة او وقف او عتق او نحوها فلابد مع البلوغ والعقل والرشد ان يكون المتبرع مالكا للمال. ليصح تبرعه بان الوكيل والوصي والناظر للاوقاف والولي على اليتامى والمجانين لا يصح تبرعه بما هو ولي عليه وهو لغيره لقوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن. اي احسن اموالهم واصون لها وانفع لها والله اعلم. الثامنة الاحكام الاصولية والفروعية لا تتم الا بامرين وجود شروطهما واركانها وانتفاء موانعها. وهذا اصل كبير مضطرد الاحكام في الاصول والفروع فمن اعظم فوائده كثير من نصوص الوعد بالجنة. وتحريم النار على اعمال لا تكفي وحدها بمجردها كثير من نصوص الوعيد التي رتب عليها دخول النار. او تحريم دخول الجنة او حرمان بعض اجناس نعيمها. فلابد في هذه من اجتماع شروطها ومن انتفاء موانعها. وبهذا يحصل الجواب عن كثير من الايرادات والاشكالات على نصوص الوعد والوعيد وهي كثيرة جدا. فاذا قال قائل قد رتب الشارع دخول الجنة على بعض الاقوال او بعض الاعمال هل تكفي وحدها في ذلك؟ الجواب عن هذا انه يجب علينا الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة. فلابد ان يقترن بهذا القول وبهذا العمل الذي رتب عليه دخول الجنة. الايمان والاعمال الاخر التي شرطها الشارع. ولابد مع ذلك ان المانع من الردة او مبطلات الاعمال. وكذلك اذا قال القائل قد رتب الله في كتابه دخول النار والخلود في فيها على القتل عمدا. فالجواب ان يقال هذا من موجبات الدخول والخلود. ولكن لذلك مانع وهو الايمان. فانه تواترت النصوص واجمع السلف ان من كان معه ايمان وتوحيد صحيح لا يخلد في النار وما اشبه ذلك من صوص. ومن هذا الاصل فان مذهب اهل السنة والجماعة انه قد يجتمع في الشخص الواحد خصال ايمان وخصال كفر او نفاق وخصال خير وخصال شر. وموجبات للثواب وموجبات للعقاب. كما ثبتت بذلك النصوص الكثيرة. ولذلك ذلك قامت الموازنة بين الاعمال عند الجزاء. وهي مقتضى عدل الله وحكمته. ومن فروع هذا الاصل الصلاة لا تصح حتى توجد اركانها وشروطها وواجباتها وتنتفي مبطلاتها. وهي الاخلال بشيء من الشروط او الاركان لغير عذر او فعل ما ينافيها. وكذلك الصيام لابد في صحته من وجود جميع لوازمه وشروطه. ومن انتفاء موانعه وهي المفطرات وكذلك الحج والعمرة. وكذلك البيع والشراء وسائر المعاملات. والمعاوضات والتبرعات. لا بد من وجود شروط ومن انتفاء ما يفسدها ويبطلها. وكذلك المواريث لا يرث احد لم يقم به سبب الارث. وتوجد الشروط ثم لا يتم الارث حتى تنتفي موانع الارث من قتل ورق واختلاف دين. وكذلك النكاح لا يصح حتى يوجد ركناه وشروطه وتنتفي موانعه. وكذلك الحدود والقصاص. وتوابع ذلك لا بد في كل حكم منها من تمام شروطه. ومن انتفاء موانعه وكلها مفصلة في كتب الاحكام المعروفة. ولهذا كل عبادة او معاملة او عقد من العقود اذا فسدت فلابد لذلك من احد امرين. اما لفقد لازم من لوازمها او لوجود مانع خاص يبطلها. والله الله اعلم. التاسعة العرف والعادة يرجع اليه في كل حكم حكم به الشارع. ولم يحده بحد. وهذا اصل واسع موجود في المعاملات والحقوق وغيرها. وذلك ان جميع الاحكام يحتاج كل واحد منها الى امرين. معرفة حدها وتفسيرها. ثم بعد ذلك يحكم عليها بالحكم الشرعي. فاذا وجدنا الشارع قد حكم عليها بايجاب او استحباب او تحريم او كراهة او اباحة. فان كان قد حدها وفسرها وميزها رجعنا الى تفسير الشارع. كما امر بالصلاة وذكر وثوابها. وقد حدها الشارع وذكر تفاصيل احكامها التي تميزها عن غيرها. فنرجع في ذلك الى ما حده الله ورسوله وكذلك الزكاة والصيام والحج. قد وضحها الشارع توضيحا لا يبقي اشكالا. واما اذا حكم الشارع عليها ولم يحد فانه حكم على العباد بما يعرفونه ويعتادونه. وقد يصرح لهم بالرجوع الى ذلك. كما في قوله تعالى وعاشروهن بالمعروف. وقد يدخل في ذلك المعروف شرعا. والمعروف عقلا. مثل قوله وامر بالعرف ويدخل في هذا الاصل مسائل كثيرة جدا. منها ان الله امر بالاحسان الى الوالدين والاقارب واليتامى والمساكين وابن السبيل. وكذلك الاحسان. وكذلك الاحسان الى جميع الخلق. فكل ما شمله الاحسان مما يتعارفه الناس. فهو داخل في هذه الاوامر الشرعية. لان الله اطلق ذلك. والاحسان ضد الاساءة. بل وضد لعدم ايصال الاحسان القولي والفعلي والمالي. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح كل معروف صدقة. وهذا نص صريح ان كل ما فعله العبد مع الخلق من انواع الاحسان والمعروف فهو صدقة. وكذلك اشترط الله ورسوله في عقود المعاوضات وعقود التبرعات الرضا بين الطرفين ولم يشترط لذلك العقد لفظا معينا. فاي لفظ واي فعل دل على العقد والتراضي حصل به المقصود. ولهذا قال العلماء وتنعقد العقود بكل ما دل عليها من قول او فعل. ولكنهم استثنوا منها بعض مسائل اشترطوا عقدها القول لخطرها مثل النكاح. قالوا لابد فيه من ايجاب وقبول بالقول. وكذلك الطلاق لا يقع الا فباللفظ او الكتابة. ومن فروع هذا الاصل ان العقود التي اشترط لها القبض. فالقبض ما عده الناس قبضا. ويختلف ذلك ذلك باختلاف الاحوال. وكذلك الحرز حيث اوجبوا حفظ الاموال المؤتمن عليها الانسان في حرز مثلها. حيث اشترطوا في ان يكون ذلك من حرز. والحرز يتبع العرف. فالاموال النفيسة لها احراز وغيرها لها احراز. كل شيء بحسبه ومن ذلك ان الامين اذا فرط او تعدى فهو ضامن. فكل ما عده الناس تفريطا او تعديا علق به الحكم. ومن ذلك ان من وجد لقطة لزمه ان يعرفها حولا كاملا بحسب العرف. ثم اذا لم يجد صاحبها ملكها. ومن فروعها ان الاوقاف ترجع في مصارفها الى شروط الواقفين التي لا تخالف الشرع. فان جهل شرط الموقف رجع في ذلك الى العادة في الخاص ثم الى العرف العام في صرفها في طرقها. ومن ذلك الحكم باليد والمجاراة لمن كان بيده عين يتصرف فيها مدة طويلة يحكم انها له الا ببينة تدل على خلاف ذلك. ومن فروعها الرجوع الى المعروف في الزوجات والاقارب والمماليك والاجراء ونحوهم. كما صرح الله ورسوله بالرجوع الى العرف في معاشرة الزوجات عشرة اعم من النفقة. فتشمل جميع ما يكون بين الزوجين من المعاشرة القولية والفعلية بين الطرفين. وانه تعينوا في جميعها الرجوع الى العرف. ومن فروعها رجوع المستحاضة التي لا تمييز لها الى عادتها الخاصة. فان تعذر وذلك بنسيان او غيره رجعت الى عادة نسائها. ثم الى عادة نساء بلدها. ومن ذلك العيوب والغبن والتدليس يرجع في ذلك الى العرف. فما عده الناس عيبا او غبنا او تدليس علق به الحكم. وكذلك الرجوع الى قيمة المثل المتقومات والمتلفات والضمانات وغيرها. وكذلك الرجوع الى مهور المثل لمن وجب لها مهر ولم يسمى. او سمي تسمية فاسدة. ويختلف ذلك باختلاف النساء والاوقات والامكنة. وقس على هذه الامثلة وما اشبهها. وهي كثيرة مذكورة كورة في كتب الاحكام. القاعدة العاشرة البينة على المدعي واليمين على من انكر في جميع الحقوق والدعاوى ونحوها وهذا اصل نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم. حيث قال البينة على المدعي واليمين وعلى المنكر. رواه البيهقي باسناد صحيح واصله في الصحيحين. وقد اجمع اهل العلم على هذا الاصل الذي يحتاجه القاضي والمفتي. وكل احد وقد قيل في تفسير قوله تعالى تعالى واتيناه الحكمة وفصل الخطاب. ان فصل الخطاب هو البينة على المدعي واليمين على من انكر. لان به تنفصل المشتبهات وتنحل الخصومات. ولا شك ان ذلك داخل في فصل الخطاب. لان فصل الخطاب اعم من ذلك. فكل من ادعى عينا عند غيره او دينا على غيره او حقا من الحقوق على غيره فعليه البينة. وهي كل ما ابان الحق ويختلف نصفه باختلاف المشهود عليه. فان من لم يأت ببينة تشهد بصحة دعواه فعلى الاخر اليمين التي تنفي ما ادعاه المدعي ذلك اذا ثبت الحق في ذمة الناس ثم ادعى انه خرج منه بقضاء او ابراء او غيره فالاصل بقاؤه. فان جاء والا حلف صاحب الحق انه لم يستوفه وحكم له به. وكذلك لو ادعى الانسان استحقاقا في وقف او ميراث فعليه اقامة البينة التي تثبت السبب الذي يستحق به ذلك. والا لم يثبت له شيء. والبينة في الاموال وحقوقها وشروطها ووثائقها اما شاهدان عدلان او رجل وامرأتان كذلك. او رجل ويمين مدعي او دعواه ونقول المدعى اعليه عن اليمين فان كان المال بيد من لا يدعيه لنفسه كالملتقط ونحوه فبينة المدعي ان يصفه بصفاته المعتبرة فالوصف قائم مقام الشهود في الاموال التي لا يدعيها من هي بيده. وجميع الدعاوى محتاجة الى هذا الاصل. ويقارب هذا هذه القاعدة الاصل الذي بعده وهو هذا القاعدة الحادية عشرة. الاصل بقاء ما كان على ما كان. واليقين لا يزول بالشر هذا اصل كبير يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حين شكى اليه الرجل يجد الشيء وهو في الصلاة قال لا ينصرف حتى يسمع صوت او يجد ريحا. اي حتى يتيقن انه احدث. فمتى تيقن امرا من الامور او استصحب اصلا من الاصول فالاصل بقاء ذلك الامر المتيقن. والاصل بقاء ما كان على ما كان. فلا ينتقل عن ذلك الاصل بمجرد حتى يتيقن زواله فيدخل في هذا بعض مسائل الاصل الذي قبل هذا. ويدخل فيه ان من تيقن الطهارة وشكها الحصى له موجب الطهارة فالاصل بقاء طهارته. كما ان من تيقن الحدث وشك هل تطهر ام لا فهو على حدثه. وكذلك الطهارة اصل كل شيء. فمتى شك الشاك في طهارة ماء او ثوب او بقعة او انية او غيرها؟ بنى على الاصل وهو الطهارة ومن ذلك لو اصابه ماء من ميزاب او غيره او وطئ رطوبة لا يدري عنها فالاصل الطهارة. ومن فروع هذا الاصل ان من شك هل صلى ركعتين او ثلاثا بنى على اليقين وهو الاقل وسجد للسهو خشية الزيادة. وكذلك لو في عدد الطواف او السعي او عدد الغسلات المعتبرة بنى على الاقل. وكذلك لو شك في اصل الطلاق فالاصل عدمه ولو شك في عدده فليأخذ بالاقل. ومن ذلك من عليه صلاة متعددة او صيام. وشك في مقداره بنى على اليقين. لانه تحقق حقق ثبوت الواجب في ذمته فلا يبرأ الا بيقين. ومثل ذلك اذا شك هل خرجت المرأة من عدة زوجها؟ فالاصل انها في العدة واذا شك في عدد الرضعات هل هي خمس او اقل؟ عمل بالاقل حتى يتيقن بلوغها خمسا فاكثر ليترتب عليه التحريم ومن رمى صيدا مسميا ثم وجده قد مات ولم يدري هل هو من رميته او بسبب اخر فهو حلال. لان الاصل عدم لهذا السبب كما ثبت بذلك الحديث الصحيح. فكل شيء شككنا في وجوده فالاصل عدمه. وكل شيء شككنا في عدده فالاصل البناء على الاقل ويدخل في هذا الاصل من الامثلة شيء كثير. من تتبع كتب الفقه يرى فائدة هذا الاصل كما يرى فائدة الاصول التي تجمع الفائدة الحاضرة. ويكون للانسان ملكة يقتدر بها على رد المسائل الى اصولها والحاقها بقواعدها الله الموفق الثانية عشرة لابد من التراضي في جميع عقود المعاوضات وعقود التبرعات. وقد دل على ذلك الكتاب ابو السنة والاجماع. كما قال تعالى في عقود المعاوضات الا ان تكون تجارة عن تراض منكم فالتجارة اسم جامع لكل ما يقصد به الربح والكسب. فلا بد فيها من التراضي بين الطرفين. وقال في عقود التبرعات فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا. فهذا التبرع من الزوجة لزوجها بالمهر شرط الله فيه طيب نفسها. وهذا هو الرضا. فجميع التبرعات كلها نظير الصداق. فالبيع بانواعه والتوسع الطرقات والايجارات والمشاركات والوقف والوصايا والهبات لا بد فيها من الرضا. وكذلك النكاح وغيره جميع العقود والفسوخ لا تتم الا برضى المتصرف فيها. لانها تنقل الاملاك من شخص الى اخر او تنقل الحقوق. او تغير الحالة السابقة. وذلك يقتضي الرضا. فمن اكره على عقد او على فسخ بغير حق فعقده وفسخه لاغ وجوده مثل عدمه. ويستثنى من هذا الاصل للعام من اكره على عقد او فسخ بحق. وضابط ذلك ان من امتنع من واجب عليه واكره فان اكراهه حقا فاذا اكره على بيع ماله لوفاء دينه او لشراء ما يجب عليه من نفقة او كسوة فهو اكراه بحق. وكذلك المشترك الذي لا ينقسم الا بضرر اذا امتنع من بيعه اجبر عليه بحق. وكذلك من وجب عليه طلاق زوجته لسبب من الاسباب الموجبة وهي كثيرة فامتنع اجبر عليه بحق. وكذلك وجب عليه اعتاق الرقيق عن كفارة او نذره نذر تبرر فامتنع اجبر على عتقه. القاعدة الثالثة عشرة الاتلاف يستوي فيه المتعمد والجاهل والناسي. وهذا شامل لاتلاف النفوس والاموال والحقوق. فمن اتلف شيئا من ذلك بغير حق. فهو مضمون سواء كان متعمدا او جاهلا او ناسيا. ولهذا فاوجب الله الدية في القتل خطأ. وانما الفرق بين العامد وغيره من جهة الاثم. وعقوبة الدنيا والاخرة وعدمها. وكذلك من اتى فمال غيره بمباشرة او بسبب فهو ضامن. ومن الاسباب المتعلق بها الضمان اتلاف بهيمته التي هو متصرف فيها التي يخرجها ليلا او نهارا بقرب ما تتلفه. او يطلق حيوانه المعروف بالصول على الناس في اسواقهم وطرقهم. فانه متعدد عليه الضمان. ومما يدخل فيه هذا قتل الصيد عمدا او خطأ في حق المحرم. ففيه الجزاء عند جمهور العلماء. ومنهم الائمة الاربعة واختار بعض اصحابهم ان الضمان خاص بقتله عمدا. كما قال تعالى ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم. وهو صريح الاية الكريمة. والفرق بينه وبين اموال الادميين ان الحق في قتل الصيد للمحرم لله والاثم مترتب على القصد. فكذلك الجزاء. وهذا القول اصح. القاعدة الرابعة عشرة التلف في يد يد الامين غير مضمون اذا لم يتعدى او يفرط. وفي يد الظالم مضمون مطلقا. او يقال ما ترتب على المأذون فهو غير مضمون والعكس بالعكس الامين هو الذي في يده مال غيره برضا المالك او برضا الشارع او برضا من له الولاية عليه فيدخل في هذا الوديع والوكيل والمرتهن والاجير والشريك والمضارب والملتقط وناظر الوقف وولي الصغير والمجنون والسفيه وصي الميت وامين الحاكم. فكل هؤلاء ومن اشبههم اذا تلف المال بايديهم لا يضمنون. لان هذا هو معنى الائتمان لان التلف في ايديهم كالتلف بيد المالك. فاذا تعدوا او فرطوا فهم ضامنون. والفرق بين التعدي والتفريط ان التفريط ترك ما يجب من الحفظ والتعدي فعل ما لا يجوز من التصرفات او الاستعمالات. لانهم في هذه الحال يشبهون الغاصب. ولانهم مأذون لهم في الحفظ او التصرف او ما اشبهه فلا يضمنون. ويستثنى من هذا المستعير فانه ضامن في قول كثير من من اهل العلم ولو لم يفرط ولم يتعدى وهو المشهور من مذهب الامام احمد. والقول الثاني اصح وهو ان العارية تجري مجرى بقية الامانات ان تعدى فيها المستعير او فرط ضمن والا فلا والله اعلم. واما من بيده المال بغير حق فانه ضامن لما في يده سواء تلف بتعد او تفريط او لا. لان يد الظالم يد عادية يضمن صاحبها العين ومنافعها. فيدخل في هذا الغاصب والخائن في امانته. ومن عنده عين لغيره فطلب منه الرد لمالكها. او لوكيلها فامتنع بغير حق. فهو ضامن مطلق ومن عنده لقطة فسكت ولم يعرفها. ومن حصل في بيته او يده مال لغيره فلم يرده ولم يخبر به صاحبه بغير عذر وما اشبه هؤلاء فكلهم ضامنون. ولهذا كان اسباب الضمان ثلاثة اليد الظالمة كهذه اليد ومباشرة الاتلاف بغير حق او فعل سبب يحصل به تلف كما تقدم في الاصل السابق. والله اعلم. القاعدة الخامسة عشرة لا ضرر ولا ضرار وهذا لفظ قوله صلى الله عليه وسلم رواه احمد وابن ماجة من حديث ابن عباس فالضرر منفي شرعا فلا يحل لمسلم ان مر اخاه المسلم بقول او فعل او سبب بغير حق. وسواء كان له في ذلك نوع منفعة ام لا. وهذا عام في كل احد اخص منه واعظم جرم اضرار من يجب على الانسان صلته والاحسان اليه كالقريب والجار والصاحب ونحوهم. ولهذا قال العلماء حرم على الجار ان يحدث بملكه ما يضر بجاره. ويحرم ان يجعل في طرق المسلمين واسواقهم ما يضر بهم من احجار واخشاب او حفر او غيرها الا ما كان فيه مصلحة لهم. وفي الحديث الصحيح من ضار مسلما ضاره الله. ومن اشد انواع الضرر مضارة الزوجة والتضييق عليها لتفتدي منه بغير حق. كما قال تعالى ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وقال ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا. ومضارة احد الوالدين للاخر من جهة الولد كما قال تعالى. لا والدة بولدها ولا مولود له بولده. وقال تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد يحتمل ان الفعل مبني للفاعل. فيكون الكاتب والشهيد منهيين عن مضارتهما لصاحب الحق. باي ضرر يكون. احتمل ان يكون مبنيا للمجهول. ويكون صاحب الحق منهيا عن مضارته لاحدهما. وكل ذلك صحيح. ومن ذلك اضرار المورث في بعض ورثته او اضرار الموصي في وصيته. كما قال تعالى من بعد وصيتي يوصى بها او دين غير مضاف فكل ضرر اوصله الى مسلم بغير حق فهو محرم داخل في هذا الاصل. وكما ان الانسان منهي عن الاضرار فانه امور ومرغب في الاحسان بجميع انواعه. كما قال تعالى واحسنوا ان الله يحب المحسنين. وقال النبي صلى الله عليه عليه وسلم ان الله كتب الاحسان على كل شيء. فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة. واذا ذبحتم فاحسنوا الذبح. وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم. من حديث شداد ابن اوس. فامر صلى الله عليه وسلم بالاحسان حتى في ازهاق النفوس القاعدة السادسة عشرة العدل واجب في كل شيء. والفضل مسنون. العدل هو ان تعطي كل ما لديك كما تطلب ما لك والفضل الاحسان الاصلي او الزيادة على الواجب. قال الله تعالى واقسطوا ان الله يحب المقسطين. وقال قال تعالى وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. وقالت تعالى وجاء سيئة سيئة مثلها. فمن عفا واصلح فاجره على الله. فاباح الله مقابلة الجاني بمثل جنايته وهو العدل. ثم ندب الى العفو وهو الفضل. وكذلك المتعاملان بجميع انواع المعاملات العدل فيها واجب. وهو ان ان تعطي الذي عليك كما تأخذ الذي لك. والفضل فيها مندوب اليه. قال تعالى ولا تنسوا الفضل بينكم. وهو العفو عن بعض الحق والمحاباة في المعاملة. وامر تعالى باخذ الحق من الواجب حال. وانظار المعسر. وهذا هو العدل. ثم ندب الى الفضل قال وان تصدقوا خير لكم. واباح مخالطة اليتيم في الطعام والشراب. واباح التعادل فيه وندب للفضل والاحترام وقال تعالى وان تخالطوهم فاخوانكم. والله يعلم المفسد من المصلح. وقال تعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن. والسن بالسن والجروح قصاص فهذا العدل ثم قال فمن تصدق به فهو كفارة له. قال تعالى لا يحب الله الجهر بالسوء منه من القول الا من ظلم. اي فهو مباح له. ومع ذلك حث على الفضل في قوله تعالى ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن. فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم. فهذان المقامان لاهل العدل للمنصفين والفضل للسابقين. ومن قصر دونهما فهو من الظالمين. ويتفرع على ذلك العبادات كالوضوء والصلاة الصوم والحج وغيرها. منها كامل وهو الفضل الذي يؤتى فيه الواجبات والمستحبات. ومنها مجزئ وهو العدل الذي يقتصر فيه على ما فيلزم وكل ما اشبه هذه المسائل يجري هذا المجرى. القاعدة السابعة عشرة ان تعجل شيئا قبل اوانه عوقب بحرمان وذلك ان العبد عبد مملوك تحت اوامر ربه ليس له من الامر شيء. وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. فاذا تعجل الامور التي يترتب عليها حكم شرعي قبل وجود اسبابها صحيحة لم يفيده شيئا وعوقب بنقيض قصده. يندرج تحت هذا الاصل صور عديدة. منها حرمان قاتل الميراث. سواء كان القتل عمدا او خطأ اذا كان بغير حق. لانه تعجل الميراث على وجه محرم فحرم الميراث. وكذلك الموصى له. اذا قتل الموصى بطلت وصيته له. وكذلك المدبر اذا قتل سيده. ومثل ذلك من طلق زوجته في مرض موته المخوف. فانها ترث منه ولو خرجت من العدة ما لم تتزوج بعده على مذهب احمد. وقيل ولو تزوجت لانها معذورة. ومما يدخل في هذا ان من تعجل شهواته المحرمة في الدنيا عوقب بحرمانها في الاخرة. ما لم يتب قبل موته. قال تعالى ويوم يعرض الذين كفروا على النار اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها. ويقابل هذا الاصل اصل اخر ان من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ولم يجد فقده. القاعدة الثامنة عشرة تضمن المثليات بمثلها والمتقومات بقيمتها. اختلف العلماء ما هي المثليات؟ فقيل انها المكيلات والموزونات فقط. والمتقومات ما عداها وقيل انها اعم من ذلك. وانها كل شيء له مثل وشبيه ومقارب. وهو الصحيح. لانه صلى الله عليه وسلم تقرض بعيرا واراد رد بدله. فلم يجد فقضى خيرا منه. ولانه ضمن ام المؤمنين حيث كسرت صحيفة ام المؤمنين الاخرى بصحيفتها الصحيحة. الحديث ان صحيح ان الضمان بالشبيه والمقارب يجمع الامرين القيمة وحصول مقصود صاحبه وعلى القولين فمن اتلف مالا لغيره فان كان مثليا ضمنه بمثله. وان كان متقوما ضمنه بقيمته يوم تلفه كذلك من استقرض مثليا رد بدله. وان كان متقوما رد قيمته. ومثل ذلك من اوجبنا عليه الضمان لكونه فرط في امانته او تعدى فيها او كانت يده يدا متعدية. فكل هؤلاء يضمنون المثل بمثله. والمتقوم بقيمته. ومن اكل اضحيته ولم يتصدق منها بشيء لزمه ان يخرج لحما اقل ما يجب عليه. وهكذا ما اشبه هذه المسائل. القاعدة التاسعة عشرة اذا لتعذر المسمى رجع الى القيمة. وهذه القاعدة غير القاعدة التي قبلها. لان في هذه المعاوضات التي سمى لها ثمنا اتفق المتعاوضان فيها على ذلك الثمن المسمى. بحيث تعذر معرفة المسمى او تعذر تسليمه لكون التسمية غير صحيحة لغرر او تحريم او نحوها فانه يرجع الى قيمة ذلك الذي سمي له ذلك الثمن الذي تعثر تسليمه فيدخل في ذلك البيع والاجارة بانواعهما. فاذا باع شيئا بثمن وتعذر معرفة الثمن الذي سمياه في العقد رجعنا الى قيمة المبيع الغالب ان السلعة تباع باقيمها. وكذلك اذا تعذر معرفة الاجرة رجعنا الى اجرة المثل. ومثله لو كان الثمن او الاجرة محرمة بين او فيهما غرر. ومثل ذلك المسمى في مهور النساء. اذا تعذر معرفته او تعذر تسليمه فانه يجب مهر المثل الرجوع الى اقيام المثل اقرب الى حصول غرض كل منهما. القاعدة العشرون اذا تعذر معرفة من له الحق جعل كالمعدوم يعني اذا علمنا ان المال ملك للغير. ولكن ذلك الغير تعذر علينا معرفته. وايسنا منه جعلناه كالمعدوم. ووجب صرف هذا المال بانفع الامور الى صاحبه او الى احق الناس بصرفه اليه. ويترتب على هذه اللقطة اذا تعذر معرفة صاحبها بعد هذا التعريف فهي لواجدها لانه احق الناس بها. ومن كان بيده غصوب او ودائع او امانات اخر جهل اربابها ليس من معرفته فان شاء دفعها لولي بيت المال ليصرفها في المصالح النافعة. وان شاء تصدق بها على صاحبها. ينوي انه اذا اذا جاء صاحبها خيره بين ان يجيز تصرفه ويكون لصاحبه الثواب كما نواه المتصدق او يضمنها له ويعود اجر الثواب وابل الذي باشر الصدقة. وكذلك الاموال التي بيد السراق او قطاع الطريق. اذا علم انها للناس وجهلوا صرفت للمصالح العامة او تصدق بها على الفقراء. وحلت لمن تصدق عليه بها. لانه ايس من معرفة اربابها فكأنهم معدومون. ومن هذا من مات وليس له وارث معروف. فمراثه لبيت المال يصرف في المصالح كلها. ومثله من لم يعرف لها ولي. فانه يجعل كالمعدوم فيزوجها الحاكم. القاعدة الحادية والعشرون الغرر والميسر محظور في المعاوضات والمغالبات. قد قرن الله الميسر بالخمر لما فيه من المفاسد الكثيرة. لانه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة. ويوقع العبد في المكاسب الدنيئة المخالفة للمعقول. قد نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر فيدخل في ذلك بيع الآبق والشارد والحمل في البطن والمجهولات التي يجهل تحصيلها او يجهل مقدارها. وكلها داخلة في الغرر والميسر. ومن هذا الغرر في المشاركات او المساقاة والمزارعة بان يقول احدهما للاخر لك ربح احد السفرتين او احد السلعتين او احد العامين ولي اخر او يقول لك هذا الجانب من الزرع او الثمر ولي الجانب الاخر. فكل هذا داخل في الغرر والميسر او تؤجل الديون الى كآجال مجهولة. واما الميسر في المغالبات فكل مغالبة فيها عوض من الطرفين. فانها من الميسر كالنرد والشطرنج والمغادرة النبات القولية والفعلية ويستثنى من هذا المسابقة على الخيل والابل والسهام. فانها جائزة بل مستحبة بما فيها من الاعانة على الجهاد في سبيل الله. وهل يشترط لذلك محلل كما هو قول كثير من اهل العلم لتخرج عن شبه القمار او لا يشترط حلل كما هو ظاهر الادلة الشرعية وعمل الصحابة رضي الله عنهم. فالصواب جوازه ولو لم يكن محلل بل ترك المحلل اولى هو اقرب للعدل. القاعدة الثانية والثالثة والعشرون. الصلح جائز بين المسلمين. الا صلحا احل حراما او حرم حلا والمسلمون على شروطهم الا شرطا احل حراما او حرم حلالا. هذان الاصلان هما لفظ الحديث الذي صححه غير واحد من ائمة وما اعظم نفعهما واكثر فوائدهما. فهذا الحديث يدل على ان جميع انواع الصلح بين المسلمين جائزة ما لم تدخل لها في محرم فدخل في هذا الصلح في الاموال صلح الاقرار وصلح الانكار. فمن اعترف لغيره بعين او دين ثم صالحه عن بعد ذلك فهو في معنى التبرع وان صالحه على غيره فهو في معنى البيع وذلك جائز. وكذلك لو صالحه على حق ثبت له من خيار عيب او غبن او تدليس فهو جائز. وكذلك على الصحيح الصلح عن حق شفعة او خيار شرط لدخوله في هذا العمر ولعدم المحذور الشرعي. وكذا لو صالحه على دم العمد في النفس او ما دونها فكله جائز. وكذلك لو صالحه عن المجهول من الديون والحقوق بشيء معلوم جاز. ومن هذا مصالحة احد الزوجين الاخر عن بعض حقوق الزوجية. كأن تصالح زوجها الذي لترى منه الرغبة عنها فتسقط عنه بعض الحقوق ليمسكها. كما قال تعالى وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا. والصلح خير. وكذلك الصلح عند المنازعات والمشاجرات بين الناس لقطع النزاع بما يناسب الحال. سواء وقعت بتوسط القاضي او توسط غيره. فهذه الامور وما اشبهها جائزة نافعة. واما مثال الصلح الذي يدخل في محرم كان يصالح من يقر له بالعبودية او تقر له بالزوجية وهو كاذب في ذلك. او يصالح صاحب الحق الذي يجهل مقدار حقه. والمدين عالم به ويصالحه ويخفي عنه مقدار ما عليه من الدين. فهذا حرام لا يحل له الصلح ما كان صالح عليه. والاصل الاخر الشروط التي يشترطها المتعاقدان او احدهما على الاخر. فكلها جائزة لما فيها من مصلحة المشترط وعدم المحظور الشرعي او يشترط البائع ان ينتفع بالمبيع مدة معلومة او يشترط التأجيل الى اجل معلوم او يشترط وثيقة رهن او ضمين او كفيل او يشترط المشتري صفة مقصودة في المبيع. ككون العبد كاتبا او يحسن الصنعة الفلانية او دابة سهلة السير او لبونا او الطير صيودا. ونحو ذلك من الصفات المقصودة. واما الشرط الذي يدخل في الحرام فمثل شرط البائع للعبد على المشتري ان اعتقه فالولاء للبائع بمنافاته. لقوله صلى الله عليه وسلم انما الولاء لمن اعتق. ومن الشروط الجائزة شروط الواقفين. ويجب اتباعها اذا لم تخالف الشرع. وكذلك الشروط بين الزوجين كان تشترط المرأة على الزوج دار او بلدها او لا يتزوج او يتسرى عليها كما صح عنه صلى الله عليه وسلم ان احق الشروط ان توفوا به ما استحللتم به الفروج. ومن الشروط المحرمة في النكاح المتعة والتحليل. فهي فاسدة مفسدة للنكاح. لانها تنافيه من اصله ان شرط ان لا مهر لها او لا نفقة او يقسم لها اكثر من ضرتها او اقل فيفسد الشرط ولا يفسد النكاح. لانه لا ينافيه من اصله. وانما ينافي ما يجب فيه من الحقوق. القاعدة الرابعة والعشرون من سبق الى المباحات فهو احق وبها المراد بالمباحات هنا ما ليس له مالك محترم لقوله صلى الله عليه وسلم من سبق الى ما لم يسبق اليه مسلم فهو احق به. فيدخل في هذا السبق الى احياء الارض الموات. فمن عمرها ببناء او حفر بئرا او وصل الى مائها. او اجراء ماء اليها او تنقيتها من الاحجار التي لا تزرع مع وجودها او منع المياه المستنقعة التي لا تزرع مع وجودها ملكها لم يزاحمه احد فيها. وكذلك لو كان النهر المباح او الوادي المباح يسقي حروفا وبساتين. وتنازعوا ايهما يبدأ فانه يبدأ نبدأ بالاعلى فالاعلى. فاذا شرب ارسله الى من بعده. واما المياه المملوكة فهي على قدر الاملاك والاتفاق الذي جرى بينهم ومن فروع هذا الاصل السبق الى صيد البر او البحر او الحطب والحشيش ونحوها من المباحات. فمن سبق الى شيء من ذلك وحده دازه ملكه. واما مجرد رؤيته فلا يملكه بذلك. ويدخل في هذا ايضا السبق الى الاماكن المشتركة. كالسبق الى الجلوس في المساء او الاسواق او الاوقاف من البيوت ونحوها. التي لا تحتاج الى تقرير ناظر. فالسابق الى شيء من ذلك احق به من غيره حتى ينقضي غرضه الذي سبق اليه. واما الاوقاف التي لها ناظر خاص من الموقف او ناظر عام وهو الحاكم للاوقاف التي لا نظر لها فيتوقف الانتفاع بها الى تقرير ناظر لا بمجرد السبق. القاعدة الخامسة والعشرون تشرع القرعة اذا جهل المستحق وتعذرت القسمة. وقد ثبتت القرعة في الكتاب والسنة. وفي قول جمهور الامة قال تعالى فساهم فكان من اي المغلوبين. وقال تعالى وما كنت لديهم اذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم. وقد ثبت في عدة احاديث صحيحة. فمتى تشاح اثنان فاكثر في الاذان او الاقامة او الامامة؟ ولم يكن لاحدهما مرجح اقرع بينهم كذلك لو بذل ماء او ثوب او اناء او نحو ذلك لاحد من الاشخاص. ولم يعين الباذل من هو له ولم يقل لكم جميعا اخرج المستحق بقرعة ومنها التقديم الى الامام او الى القبلة في القبر او الى الدفن في بقعة معينة. ولم يكن لاحد الموتى مزية ولا سقم ابقى انه يقرع بينهما ايهما يرجح. ومنها اذا تداعيا عينا بيد غيرهما. ولم يكن لاحدهما بينة ولا مرجح اقرع بينهما. ومنها اذا استبق اثنان الى شيء من المباحات. ولم يمكن الاشتراك اقرع بينهم. ومنها اذا مات عن زوجات طلق احداهن طلاقا يقطع الارث وجهل عين المطلقة عينت بقرعة. ومنها الاولياء المستحقون للولاية المتساوون. اذا ساحوا اقرع بينهم. ويتعين منهم من اذنت له في تزويجها اذا كان اذنها معتبرا. ومنها اذا طلق مبهمة من نسائه ولم ينوي معينة اخرجت بقرعة. ومثلها لو اعتق عبدا من عبيده وانسيه اخرج بقرعة. او اعتق عبيده في مرضه المخوف اذا اتصل به الموت وهم جميع تركته. ولم يجز ذلك الورثة اخرج ثلثهم بقرعة فعتقوا ورق الاخرون. وصاروا وكل ما اشبه هذه المسائل فطريقها طريقها. واما اذا علم اشتراكهم في الاعيان او الديون وارادوا ان يقترعوا على ان من خرج جت له القرعة فالمال له من عين او دين فهي من مسائل الميسر المحرمة بالنص والاجماع. القاعدة السادسة والعشرون يقبل قول الامناء في الذي تحت ايديهم من التصرفات والاتلافات وغيرها الا ما خالف الحس والعادة. هذه قاعدة سعة لكثير الاختلاف بين الملاك وبين الامناء في متعلقات الامانات. واهل الاموال والحقوق ائتمنوهم عليها وفوضوهم على تصرفات المتعلقة بها. فاذا اختلفوا في شيء من ذلك كان القول قول الامين. لان صاحبه ائتمنه ونزله منزلة نفسه فاذا ادعى تلفا او تصرفا معينا وخالفه صاحب المال فالقول قول الامين. الا اذا خالف المعتاد وكذبه الحصة لان كل دعوة يكذبها الحس فقول مدعيها غير مقبول. ولذلك يقبل قول الشريك والمضارب في الربح والخسارة ما اشتراه لنفسه او للمضاربة والشركة. ويقبل قوله اذا باعه نسيئة او بالنقد الفلاني او بهذا المقدار. وفي الشكر والوثائق المتعلقة به. ويقبل اقراره على ما في يده من الاقرارات الداخلة فيما فوض له فيه. وكذلك الوكيل والوصي وناظر الوقف والولي على اليتيم والمجنون والسفيه وما اشبه ذلك. القاعدة السابعة والعشرون من ترك المأمور جهلا او نسيانا لم تبرأ ذمته الا بفعله. ومن فعل المحظور وهو معذور بجهل او نسيان برأت ذمته وتمت عبادته. وهذا الفرق في ترك المأمور وفعل المحظور في حق المعذور بجهل او نسيان ثابت بالسنة. والصحيح طرده في جميع المسائل من دون استثناء. كما اختار ذلك شيخ الاسلام وغيره من اهل العلم. والمشهور من مذهب الامام احمد فيه تفصيل ولكن طرده اولى واقرب الى اصول الشريعة. فمن ذلك من نسي او جهل وصلى وهو محدث او تارك لركن كالطمأنينة فعليه الاعادة ومن صلى وعلى بدنه او ثوبه نجاسة لا يعلمها فلا اعادة عليه. ومن ترك نية الصيام لم يصح صومه فان صام ونوى لكنه نسي فاكل او شرب فصيامه صحيح. وكذا لو جهل بان لم يعلم طلوع الفجر ثم تبين له طلوعه قبل ان يأكل ويشرب او اكل وشرب ظانا غروب الشمس. فتبين انها لم تغرب. فالصحيح ان الجاهل حاله حال الناس ولو ترك شيئا من واجبات الحج جهلا او نسيانا فعليه دم. لانه ترك مأمورا. وان غطى الرجل رأسه وهو محرم او لبس المقيض او تطيب المحرم ونحو ذلك من المحظورات ناسيا او جاهلا فلا شيء عليه. القاعدة الثامنة والعشرون يقوم البدل مقام المبدل ولكن لا يشار اليه الا اذا تعذر الاصل. قال الله تعالى بعدما اوجب الطهارة الماء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا. فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه. فاقام التيمم عند عدمي للماء او عند الضرر باستعماله مقام الماء. فدل على انه يستباح به ما يستباح بالماء من العبادات وغيرها. وانه تقوم مقامه في كل شيء. وفي بعض ذلك خلاف. ومنها ابدال الاضاحي والهدي بخير منه يجوز. ويقوم البدل فيه مقام المبدع وكذلك الوقف اذا جاز بيعه وابداله عند الضرورة. قام بدله مقامه في اموره كلها. القاعدة التاسعة والعشرون يجب تقييد اللفظ بملحقاته من وصف او شرط او استثناء او غيرها. وهذا الاصل واضح معلوم من لغة العرب وغيرها ومن العرف بين الناس. لانه لو لم يعتبر ما قيد به الكلام لفسدت المخاطبات وتغيرت الاحكام وانحل النظام وهذا مضطرد في كلام الله وكلام رسوله وكلام جميع الناطقين. فكما اننا نستفيد من كلام الله وكلام رسوله ونعتبر ما فيها من القيود المخصصة لاطلاقات الكلام. فكذلك نعتبر ذلك في كلام الناس ونحكم عليهم بما نطقوا به من اطلاق وعموم ومن قيود وتخصيصات. ويدخل تحت هذا الاصل من الاحكام ما لا يعد ولا يحصى من الفاظ المتعاقدين. ومن شروط الوقف وصايا ومن التقييدات الواقعة في العتق والطلاق. وشروط الطلاق والايمان داخلة في هذا الاصل والله اعلم. القاعدة الشركاء في الاملاك والحقوق والمنافع يلزم الممتنع منهم بما يعود على المشترك من الامور الضرورية والمصارف والتعميرات ويشتركون في زيادتها ونقصانها بحسب املاكهم. ومع الجهل بمقدار ما لكل منهم يتساوون. لانه لا ضرر ولا ضرار ويدخل في ذلك شيء كثير. فاذا احتاجت الدار الى تعمير وامتنع احد الشركاء اجبر على التعمير. وان كان لو كان وحده لم يجبر لكن اذا تعلق به حق الغير وجبت المعاونة المضطر اليها كما يجب عليهم ان يتفقوا على المماليك المشتركة من ادميين او بهائم وكذلك لو احتاجت البئر او النهر او الارض الى تعمير عمروها جميعا على قدر املاكهم. ولا فرق بين الاملاك الحرة والاوقاف وكذلك يلزم كل واحد من الجيران مباناة ما بينهما من الجدران التي يحتاجها كل منهم لسترة او بناء عليها. وكذلك اذا زادت الاملاك المشتركة بذاتها او اوصافها او نمائها المتصل او المنفصل او نقصت فهم مشتركون في زيادتها ونقصها على قدر املاكهم وحقوقهم. فالمواشي المشتركة على وجه الاشاعة ان نمتنهم كلهم. وان نقصت فعليهم كلهم. وكذلك العقارات فتوى الاواني والاثاث وغيرها. والمحجور عليه لحق غرمائه اذا لم تفي موجوداته بديونهم قسمت عليهم بمقدار حقوقهم الا ان يكون لاحدهم تميز بعين باعها. وهي عند المفلس لم يتعلق بها حق للغير. ولم ينقد من ثمنها شيئا فهو احق بها. ومن له رهن اختص به فان بقي من دينه شيء ادلى به مع الغرماء. وكذلك العول في الفرائض والرد حاول تنقص به الفروض كلها كل على قدر ما يستحق. والرد تزيد به الفروض. كل له من الزيادة بقدر فرضه. كما هو مفصل في علم المواريث واذا علم اشتراك المشتركين في شيء وتعذر معرفة مقدار ما لكل منهم حكم لهم بالتساوي. وكذلك اذا موقف او وصى موص او اقر مقر لجماعة بشيء او لجهات. ولم يقدر ما لكل منهم او منها فانه يحكم فيها بالتساوي. وكذلك شركة الابدان يتساوون فيما يحصل اذا لم يشترط التفاضل. واما شركة العنان فاذا لم يشترط مقدار ما لكل منهما من المكسب كان المكسب على قدر اموالهم. القاعدة الحادية والثلاثون الاحكام تتبعض بحسب تباين اسبابها فيعمل كل سبب في مقتضاه ولو باين الاخر. وهذه قاعدة لطيفة تستدعي معرفة مآخذ المسائل وحكمها وترتب اثارها ولها عدة امثلة. منها في الشهادات اذا شهد رجل وامرأتان او رجل عدل وحلف معه صاحب الحق ثبت المال دون القطع في السرقة لان القطع في السرقة لابد فيه من شهادة رجلين عدلين وشهادة ثبوت المال يكفي فيها ما ذكره ومنها اذا ادعى عليه جناية عمد توجب القصاص او المال. فان اقام بذلك رجلين عدلين ثبت القصاص. وله ان يأخذ الدية وان ثبت باقل من ذلك ثبت المال لكمال نصابه دون القصاص لعدم كمال نصابه. ومنها قالوا الولد يتبع في النسب ويتبع امه في الحرية او الرق. ويتبع في الدين خير الابوين. ويتبع في النجاسة والطهارة وحل الاكل وعدمه الابوين البغل يتبع الحمار في النجاسة وتحريم الاكل ولا يتبع الفرس. ومنها مسائل تفريق الصفقة في البيوع والايجارات والشركات والتبرعات وغيرها من العقود. اذا جمع العقد بين مباح ومحرم او بينما يملك العقد عليه وما لا يملك صحفي المباح وما لا يملك صحفي المباح وما يملك العقد عليه ولغي في الاخر. ومنها شهادة الفروع والاصول واحد الزوجين للاخر اذا كانوا عدولا تصح شهادتهم عليهم ولا تصح شهادتهم لهم لمكان التهمة. وعكس ذلك شهادة العدو على عدوه لا تقبل وله تقبل. القاعدة الثانية والثلاثون من ادى عن غيره واجبا بنية الرجوع عليه رجع والا فلا. قال الله تعالى فان ارضعن لكم فاتوهن اجورهن. فان اجرة الرضاع على الاب فاذا ارضعت الام التي ليست في حبال ابي الطفل رجعت بالاجرة عليه. ومثل ذلك من انفق على زوجة الغير او اولاده. او من تجب عليه نفقته من المماليك او البهائم ونوى الرجوع عليه رجع. وخصوصا اذا كانت العين بيده كالمرتهن والاجير ونحوهم. وكذلك من ادى عن غيره دينا لغيره فله الرجوع. وكل هذه المسائل اذا نوى الرجوع فان نوى التبرع او لم ينوي شيئا فليس له الرجوع. لانه لم يوكله ولم يأذن له ولم ينوي رجوعا. وهذا بخلاف من عليه زكاة او كفارة او نحوها مما يحتاج الى نية. فان الغير اذا اداها عنه لم يرجع عليه لانه قضاء لا يبرئ ذمته لانه لم يوكله. القاعدة الثالثة والثلاثون اذا تزاحمت المصائب قدم الاعلى منها فيقدم الواجب على المستحب. والراجح مصلحة على المرجوح. واذا تزاحمت المفاسد واضطر الى فعل احدها قدم الاخف منها وهذان اصلان عظيمان. قال تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. اي اصلح واحسن. وقال تعالى واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم. وقال الذين يستمعون ان القول فيتبعون احسنه. وقصة الخضر في قتله الغلام وخرقه للسفينة تدل على الاصل الثاني. فان الحال دائرة بين قتل الغلام وهو مفسدة وبين ارهاقه لابويه وافساده دينهما وهي مفسدة اكبر. فارتكب الاخف السفينة مفسدة وذهاب السفينة كلها غصبا من الملك الذي امامهم اكبر مفسدة. فارتكب الاخف منهما فيدخل في هذا من للاحكام ما لا يعد ولا يحصى. فاذا دار الامر بين فعل الواجب او المسنون وجب تقديم الواجب في الصلاة والصيام والصدقة والحج والعمرة وغيرها من العبادات. وكذلك يجب تقديم ما تجب نفقته على الصدقة المستحبة. وتقديم طاعة من تجب طاعته على يا من تستحب طاعته وامثلة تزاحم الواجب والمسنون كثيرة. فان تزاحم واجبان او مسنونان قدما الاعلى منهما. فتقدم المرأة طاعة زوجها على طاعة ابويها اذا لم يمكن الجمع بينهما ويقدم العبد طاعة الله على طاعة كل احد. ولهذا لا يطيع والديه في منعهما له من الحج المتعين والجهاد المتعين. ويقدم الرواتب على السنن المطلقة. والعبادات التي نفعها يعم العامل وغيره على العبادات المختصة بالعامل. والعبادات التي تكثر المشاركة فيها على العبادة التي تقل فيها المشاركة لان الاشتراك في الخير مقصود عظيم من اهم المقاصد. قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى. ويقدم نفل العلم الشرعي على نفل الصلاة والصيام. والصدقة على القريب صدقة وصلة. ومن امثلة الاصل الثاني من اضطر الى اكل محرم ووجد شاة ميتة وكلبا ونحوه قدم الشاة. ومن اضطر الى وطأ احدى زوجتيه واحداهما حائض والاخرى قائمة للفرد قدم الصائمة لانها اخف. ولان الفطر يجوز لضرورة الغير. كفطر الحامل والمرضع اذا خافتا على الولد ويقدم ما فيه شبهة على الحرام الخالص. هذا كله اذا ابتلي العبد بذلك والمعافى من عافاه الله قاعدة الرابعة والثلاثون اذا خير العبد بين شيئين فاكثر. فان كان التخيير لمصلحته فهو تخيير تشه واختيار كان لمصلحة غيره فهو تخيير اجتهاد في مصلحة الغير. مثال القسم الاول التخيير في كفارة اليمين بين العتق او عام عشرة مساكين او كسوتهم. وكذلك في فدية الاذى بين صيام ثلاثة ايام او اطعام ستة مساكين او ذبح شاة. وكذلك غذاء الصيد يخير بين المثل من النعم. او تقويمه طعاما للمساكين. او يصوم عن اطعام كل مسكين يوما. وذلك كله لمصلحته والتسهيل عليه والخيرة في ذلك له. وكذلك من وجبت عليه الدية يخير في دية الذكر الحر بين مائة من الابل او مائتين من البقر او الفي شاة او الف دينار ذهب او اثني عشر الف درهم اذا قلنا انها كلها اصول كما هو المشهور من مذهب الامام احمد رحمه الله فالمخير الدافع ومثال القسم الثاني تخيير الامام في الاسير الحربي بين القتل والرق والفداء وعليه فعل الاصلح ومثله تخيير ولي اليتيم والمجنون والسفيه وناظر الوقف اذا دار الامر بين تصرفين يتعين عليه فعل الاصلح لمن ولي عليه. قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن. ومثل ذلك تخيير من وجد لقطة حيوان في حول التعريف بين بيع وحفظ ثمنه وبين اكله وتقويمه. وبين حفظه والانفاق عليه وعليه ما يراه اصلح لصاحبه وانفع. القاعدة الخامسة والثلاث من سقطت عنه العقوبة لموجب ضوعف عليه الضمان. وذلك اذا كان فعله سببا ناهضا لوجوب العقوبة عليه. ولكن سقطت عنه لسبب من الاسباب فانه يضاعف عليه ضمان الشيء. وليس ذلك خارجا عن القياس بل هو القياس الصحيح. لان جنايته موجبة جبة لعقوبته ولكن وجود المانع يمنع العقوبة. ولكن يكون مقابل ذلك زيادة الغرم. فمن ذلك من سرق ثمرا او ماشي من غير حرز سقط عنه القطع. وضمن المسروق بقيمته مرتين. ومن ذلك اذا قتل المسلم الذمي عمدا لم يقتص منه بعدم المكافأة في الاسلام. ولكن تضاعف عليه الدية. ومنها اذا قلع صحيح العينين عين الاعور وجب عليه دية كاملة وكذلك الاعور اذا قلع عين صحيح العينين المماثلة لعينه عمدا لم يقتص منه. لانه بالقصاص يؤخذ جميع بصره. ولكن انه يضاعف عليه الغرم. فيكون عليه دية نفس كاملة والله اعلم. القاعدة السادسة والثلاثون من اتلف شيئا لينتفع به في ضمنه ومن اتلفه دفعا لمضرته فلا ضمان عليه. فمن ذلك اذا صالت عليه بهيمة غيره فدفعها عن نفسه فاتلفها لم يضمنها واذا اضطر الى طعام فاضطر الى ذبحها ضمنها لانه لنفع نفسه. ومن كان محرما بحج او عمرة فنزل الشعر في عينيه فقلعه فلا ضمان لانه كالصائل عليه. وان احتاج الى اخذ شعره لقروح في رأسه او لحكة او نحو ذلك فعليه فدية اذى. القاعدة السابعة والثلاثون اذا اختلف المتعاملان في صفة من صفات المعاملة يرجح اقواهما دليلا. والترجيحات كثيرة الرجوع الى الاصول وكثرة القرائن المرجحة وما اشبه ذلك. ولذلك قال العلماء اذا اختلفا في شرط او في اجل فالقول قول من ينفيه لان الاصل عدمه. واذا اختلفا هل كان العيب بعد الشراء او قبله فالاصل انه حادث. واذا ادعى المشتري انه شرط ان العبد كاتب مصانع او نحوه. وانكر البائع فالقول قول البائع. واذا اختلف الزوجان في الشروط التي يدعي احدهما انها شرطها. فالقول قول من فيه وهذا من مفردات قولهم. واذا اختلف في شرط او اجل فالقول قول من ينفيه. فاذا تساوى المتعاملان ولم يكن لاحدهما مرجح تساقطت اقوالهما مثل ان يدعي البائع ثمنا كثيرا ويدعي المشتري اقل منه فانه لا يترجح قول احدهم ما على الاخر فيتحالفان ويتفاسخان ان لم يرضى احدهما بقول الاخر. ومثله على الصحيح الاختلاف في عين المبيع. القاعدة الثامنة والثلاثون اذا عاد التحريم الى نفس العبادة او شرطها فسدت. واذا عاد الى امر خارج لم تفسد وصحت مع التحريم ومثل ذلك المعاملة. وهذا هو الفرقان بين العبادات الواقعة على وجه محرم. بان التحريم والنهي الشرعي اذا عاد الى ذاتها او شرطها عاد على موضوعها ومقصودها بالابطال. واذا عاد الى امر اخر حرم على الانسان ذلك الفعل ونقص العبادة ولم يبطلها مثال ما عاد الى نفسها لو توضأ بماء محرم كمغصوب او صلى في ثوب محرم عالما ذاكرا بطلت طهارته وصلاته اي لم تنعقد وان كان الاناء الذي فيه الماء مغصوبا والماء مباح صحت طهارته. وكذلك لو صلى الرجل عليه عمامة حرير او خاتم ذهب الفعل حرام والصلاة صحيحة. وان فعل الصائم شيئا من المفطرات متعمدا فسد صومه. فان فعل فعلا محرما او تكلم بكلام محرم حرم عليه ونقص اجره. ولكن صيامه صحيح. ومثال المعاملات اذا باع الانسان ما لا يملك او عقد عقد ربا او ضرر لم يصح البيع وان تلقى الركبان او نجش في بيعه او باع شيئا معيبا او مدلسا او نحو ذلك حرم عليه ذلك. وصح العقد ولكن للاخر الخيار واثبات الشارع الخيار للاخر فرع عن صحة العقد. وكذا بقية العقود قس على ما ذكرنا. القاعدة التاسعة والثلاثون لا يجوز تقديم العبادات او الكفارات على سبب الوجود. ويجوز تقديمها بعد وجود السبب وقبل شرط الوجوب وتحققه. وذلك لان الله تعالى جعل للعبادات اوقاتا تجب بوجودها وتتكرر بتكررها. كاوقات الصلوات الخمس وشهر رمضان اوقات الحج. فلو فعلت هذه قبل دخول وقتها لم تصح. ومن نذر صلاة او صياما او حجا نذر تبرر وعلقه على وجود شيء انجاز تقديم المنزور بعد عقد النذر. وقبل وجود المعلق. وكذلك الكفارات لو كفر كفارة يمين او ظهار او غيره قبل ان من يحلف ويظاهر بنية الكفارة لعقده المستقبل لم تجز هذه الكفارة. ولو حلف ثم كفر بعد الحلف وقبل الحنف جاز ذلك وكانت الكفارة تحلة ليمينه. والله اعلم. القاعدة الاربعون يجب فعل المأمور به كله. فان قدر على بعضه عن باقيه وجب عليه فعل ما قدر عليه. الا ان يكون المقدور عليه وسيلة محضة. او كان بنفسه لا يكون عبادة. فلا يجب فعل ذلك ذلك البعض ودليل هذا الاصل قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح اذا امرتكم امر فاتوا منه ما استطعتم متفق عليه. فيصلي من قدر على بعض اركان الصلاة وبعض الشروط. وعجز عن باقيها فيفعل ما يقدر عليه ويسقط عنه ما يعجز عنه بعضه الى بدل. كمن عجز عن القيام يكون القعود بدلا منه. ومن عجز عن القراءة يكون التسبيح التحميد والتهليل والتكبير بدلا منه. ومن عجز عن طهارة الماء تكون طهارة التيمم بدلا منه. وبعضه الى غير بدل كمن عجز عن السترة ونحوها. ومثال ما يكون وسيلة محضة من وجب عليه حضور الجمعة والجماعة وقدر على المشي الى بعض الطريق. ولم يقدر ان ان يصل الى المسجد لم يلزمه المشي المذكور الذي يقدر عليه. وكذلك من وجب عليه الحج والعمرة ولا يقدر على الوصول الى مكة لحصر او غيره ولكنه يقدر على قطع مسافة الطريق او بعضها. لم يلزمه ذلك لانه وسيلة محضة. ومن وجب عليه الحلق او الختان ولكنه ولد مختونا وكان رأسه لا شعر فيه. لا يلزمه امرار موسي على محل الختان. ولا على جلدة الرأس التي لا شعر فيها لان ذلك كله وسيلة محضة. ومن اوجب من العلماء امرار الموسي في هذه الحال او استحبه فقوله ضعيف. لان هذا مقصود لغيره. ومثال ما اذا كان بعض العبادة المقدور عليها ليس بنفسه عبادة. من عجز عن صوم اليوم الواجب وقدر على الامساك الى بعض اليوم لم يلزمه ذلك. لان الصوم هو الامساك عن المفطرات بالنية من طلوع الفجر الى غروب الشمس. فبعضه ليس بعبادة وحده القاعدة الحادية والاربعون اذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد تداخلت افعالهما واكتفي عنهما بفعل واحد اذا كان مقصودهما واحدة. وهذا من نعمة الله وتيسيره ان العمل الواحد يقوم مقام اعمال. فاذا دخل المسجد وقت حضور الراتبة وصلى ركعتين ينوي انه من راتبه وتحية المسجد. وحصل وحصل له فضلهما. وكذلك اذا اجتمعت سنة الوضوء معهما او مع احدهما او صلاة الاستخارة او غيرها من الصلوات. ومن حلف عدة ايمان على شرط واحد وحنث فيه عدة مرات ولم يكفر. فعليه للجميع كفارة واحدة. فان كان الحلف على شيئين وحنث بكل منهما فقد اختلف العلماء فيه. فالمشهور من المذهب كذلك يكتفي بكفارة واحدة واختار شيخ الاسلام ابن تيمية ان الكفارة تتعدد بتعدد المحلوف عليه. واما اذا كانت الكفارات متباينة مقاصدها ككفارة ظهار ويمين بالله او للوطء في نهار رمضان وحنث في الجميع. وجب عليه كفارات لكل يمين قولا واحدا. القاعدة الثانية والاربعون استثناء المنافع المعلومة في العين المنتقلة جائز في باب المعارضات. ويجوز الاستثناء المنفعة المعلومة والمجهولة في باب التبرعات. والفرق بين البابين ان المعاوضات يشترط فيها تحرير المبيع. والعلم به وبمناسبه من كل وجه. وباب التبرعات اوسع منه. لا يشترط فيه التحرير. لانه ينتقل الى المتبرع اليه مجانا. فلا يضر جهالة بعض المنافع فيه. مثال الاول من باع دارا واستثنى سكانها مدة معينة او باع بهيمة واستثنى ركوبها. او الحمل عليه الى محل معين جاز ذلك لقصة جمل جابر حين باعه على النبي صلى الله عليه وسلم واستثنى ظهره الى المدينة او باع سلاحا او انية واستثنى الانتفاع بها مدة معلومة. او باع كتابا وشرط ان ينتفع به مدة معلومة ونحو ذلك كله جائز اما لو كانت المدة مجهولة فانه لا يصح ذلك. ومثال الثاني لو وقف عقارا واستثنى الانتفاع به مدة معلومة او مدة مجهولة كمدة حياته او اعتق رقيقا واستثنى خدمته او خدمة غيره مدة معلومة. او مدة حياته فهو جائز. لان ام سلمة اعتقت سفينة واشترطت عليه ان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم مدة حياته. القاعدة الثالثة والاربعون من قبض العين لحظ نفسه لم يقبل قوله في الرد فان قبضه لحظ مالكه قبل. ولكن يقيد ذلك اذا ادعى رده للذي ائتمنه فالمودع والوكيل والوصي ناظر الوقف اذا كان ذلك منهم بغير عوض اذا ادعوا الرد قبل قولهم. واما من قبض العين لحظ نفسه كالمرتهن والاجير. ومنهم مذكوران اذا كانوا بعوض لانهم يكونون اجراء. فاذا ادعى احد من هؤلاء الرد لم يقبل قوله الا ببينة. لانه يدعي الاصل. القاعدة الرابعة والاربعون اذا ادى ما عليه وجب له ما جعل عليه. وهذا شامل للاعمال والاعواض. فالاجير على والمجاعل عليه اذا عمل ذلك العمل وكمله استحق الاجرة والجعل المسمى. فان لم يقم بما عليه لم يستحق في الجعالة شيئا. لان الجعالة عقد جائز وقد جعل الجعل لمن يكمل له هذا العمل. فمتى لم يكمل لم يستحق شيئا. واما الاجارة فان ترك بقية العمل بغير عذر. فكذلك لم يستحق شيئا. وان كان لعذر وجب من الاجرة بقدر ما عمله. وكذلك لو تلفت العين المؤجرة المعينة ومن فروع ذلك لو شرط استحقاق وصية او وقف او نحوها لمن يقوم بعمل من الاعمال من امامة واذان وتدريس وتصرف وعمل من الاعمال فمتى عمل ذلك استحق ما جعل له عليه؟ القاعدة الخامسة والاربعون من لا يعتبر رضاه في عقد او فسخ لا يعتبر علمه ويدخل تحت هذا من له خيار شرط او عيب او غضن او تدليس او غيرها فله الفسخ سواء رضي الاخر او لم ارضى وسواء علم او لم يعلم. فكذلك لا يشترط علمه وكذلك الوقف. والفرق بين الوقف والهبة حيث يشترط في القبول من الموهوب له. لان الهبة تبرع لشخص معين. والوقوف يعم بانه وان كان وقفا على معين فانه يعمه ويعم من يأتي بعده من البطون او الجهاد. وللشفيع الاخذ بالشفعة ولو لم يرضى المشتري ويعلم. القاعدة السادسة والاربعون من له الحق على الغير وكان سبب الحق ظاهرا فله الاخذ من ماله بقدر حقه اذا امتنع او تعذر استئذانه وان كان السبب خفيا فليس له ذلك. للاول امثلة. منها اذا امتنع الزوج من النفقة الواجبة على زوجته فلها الاخذ من ما له بغير علمه بقدر نفقتها ونفقة اولادها الصغار. ومنها من وجبت نفقته على قريبه فامتنع او تعذر استئذانه. ومنها الضيف حقه واجب على من نزل به. فان امتنع من ضيافته فله الاخذ من ما له بعلمه وبغير علمه بقدر ضيافته لان اخذه في هذه الاحوال لا ينسب الى خيانة. لان سبب الاخذ ظاهر. ومثال الثاني من له دين على اخر من قرض او زمن المبيع او نحوه من الحقوق التي تخفى. فهذا اذا امتنع من الوفاء فليس لصاحب الحق الاخذ من ما له بغير اذنه. لان ان كان له حق لكنه في هذه الحالة ينسب الى خيانة. وايضا فيه سد الباب لئلا ينفتح باب الشر ويدعي الاخرة ان له حقا وهو مبطل لقوله صلى الله عليه وسلم ادي الامانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك. وهذا القول المتوسط بين القولين وهو مذهب الامام احمد اصح الاقوال. لان من العلماء من يقول له الاخذ من ما له في الحالتين. ومنهم من في الحالتين ولكن الذي تدل عليه الادلة الشرعية هذا القول المتوسط. القاعدة السابعة والاربعون الواجب نذر يلحق بالواجب بالشرع. لان قوله صلى الله عليه وسلم من نذر ان يطيع الله فليطعه. يدل على ان مجرى النذر مجرى ما وجب على العبد بدون ايجابه على نفسه. فاذا نذر صلاة واطلق فاقلها ركعتان ويلزمه ان يصليها قائما. ومن نذر صياما لزمه ان يبيت النية من الليل. لان هذا حكم صيام الفرض. لان النفل يصح بنية من النهار. ومن نذر صلاة واطلقها لم يصلها في جوف الكعبة عند المانعين للفريضة في الكعبة. نعم لو عين صلاته في الكعبة فله ذلك قولا واحدا. ومنها من عليه صوم نذر لم يكن له ان يتنفل بالصوم حتى يصوم نذره كالقضاء لرمضان. وله امثلة اخرى. القاعدة الثامنة والاربعون الفعل ينبني بعضه على بعض مع الاتصال المعتاد. وذلك ان الانقطاع اليسير عرفا بين مفردات الفعل الواحد لا يقطع اتصاله. مثال ذلك اذا اعتبرنا تطهير الماء المتنجس باضافة الماء الكثير اليه. لا يشترط ان يصب عليه دفعة بل اذا صب عليه شيئا فشيئا حصل المقصود. واذا ترك شيئا من صلاته فسلم قبل اتمامها ثم ذكر ولم يطل الفصل اتى بما تركه وسجد للسهو ولو طال الفصل عرفا اعادها كلها. ومنها يشترط في الوضوء الترتيب. فاذا غسل بعض اعضاء ثم انفصل غسل الباقي عن الاول بفصل قصير لم يضر. وان طال الفصل بين ابعاض الوضوء اعاده من اوله. وهكذا كل فعل تعتبر له الموالاة. وكذلك كل قول يعتبر اتصال بعضه ببعض. فاذا الحق بكلامه استثناء او شرطا او وصفة فان طال الفصل عرفا لم ينفعه ذلك الالحاق. وان اتصل لفظا او حكما كانقطاعه بعطاس وشبهه لم يضر القاعدة التاسعة والاربعون الحوائج الاصلية للانسان لا تعد مالا فاضلا. وذلك ما تعلقت به حاجته في حكم وذلك كالبيت الذي يحتاجه للسكنة والخادم والمركوب. واثاث بيته واوانيه وفرشه ولباسه. كل ذلك ليس بماله من فاضل يمنع صاحبه اخذ الزكاة اذا كان فقيرا ونحوه. وكذلك لا زكاة فيه. وكذلك لا يلزمه ان يبيعه ليحج فرضه لان الاستطاعة فيما زاد عن الحوائج الاصلية. وكذلك لا يجب عليه فيه نفقة قريبه المحتاج. لان هذه الاشياء بمنزلة قوتها الضروري القاعدة الخمسون يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا. وذلك ان المسائل والصور التابعة لغيرها يشملها حكم متبوعها فلا تفرض بحكم. فلو افردت بحكم لثبت لها حكم اخر. وهذا هو الموجب لكون كثير من التوابع تخالف وغيرها فيقال فيها عند الفرق انها ثابتة على وجه التبع ولها امثلة كثيرة. منها كثير من افعال الصلاة مثل الزيادة وعدم ترتيب احوال الصلاة. لو فعلت مستقلة ابطلت الصلاة. فاذا كان للانسان امام وجب عليه ان يتابعه. ولو ترك ترتيب صلاته كالمسبوق بركعة في رباعية. محل تشهده الاول بعدما يصلي ركعتين. لكنه مع امامه اذا صلى الامام ركعة بعدما يدخل معه جلس للتشهد الاول فجلس المأموم معه. وبعدما يصلي المسبوق ركعتين فامامه يقوم من السجود للركعة الرابعة يلزمه ان يقوم معه ولا يجلس للتشهد. ولو سهى الامام لزم المأموم متابعته في سجود السهو. ولو لم يسهو المأموم لانه تابع لامامه واشياء اخر في حكم ذلك. ومنها اذا بدا صلاح الثمرة جاز بيعها كلها. وكان ما لم يبدو صلاحه تابعا لما بدا صلاحه. وكذلك لا يجوز بيع المجهول الذي لم يرى ولم يوصف. لكن اذا بيعت الدار ونحوها دخلت فيها الاساسات ونحوها مع ان المشتري لم يرها لكنها تابعة لما رآه. ومنها اجبار الشريك على العمارة مع شريكه تبعا له. مع انه لو انفرد بالملك لم يجبر على التعمير. وكذلك اجباره على البيع اذا طلبه الشريك في الاشياء التي تضر قسمتها. ومن ذلك اذا قبلنا قول مرأة الثقة في الرضاع ترتب على ذلك انفساخ النكاح. مع ان المرأة لا يقبل قولها في الطلاق. لكنه جاء تبعا لقبوله قولها في الرضاع وامثلة هذا الاصل كثيرة جدا. القاعدة الحادية والخمسون الاسباب والدواعي للعقود والتبرعات معتبرة يعني اذا عقد العاقد عقدا او تبرع وهنا داع وحامل حمله على ذلك اعتبرنا ذلك الذي حمله لان الاعمال بالنيات والامور بمقاصدها. فمن ذلك عقود المكره وتبرعاته. فصورة العقد والتبرع منه موجودة. ولكن الحامل له على ذلك الاكراه والالجاء. فكانت هذه لاغية. فيدخل في ذلك انواع البيوع والوثائق والشركات. والوقف والهبة والنكاح والطلاق الاقرارات وغيرها. ومن ذلك ايضا الحيل التي يتحيل بها على المحرمات. فنربط العقد بذلك القصد ونلغيه. ومن ذلك العمال فانها لا تحل لهم لان السبب معروف. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في قضية ابن التيبة الذي ارسله اذا على الصدقة وحصل له هدايا من الناس المرسل اليهم. فقال صلى الله عليه وسلم منكرا عليه. هلا جلس في بيته فينظر يهدى اليه ام لا. فاعتبر السبب الحامل لهم على الاهداء. ولهذا قال العلماء ومن اهدي اليه خوفا او حياء وجب عليه رد هدية وكذلك قالوا لا يحل للمقرض ان يقبل هدايا المستقرض قبل الوفاء. الا ان ينوي مكافئته عليها او يحتسب مما عليه. ومن هذا عقود الايمان قالوا ان اليمين يعتبر فيها نية الحالف. فان تعذر ذلك نظرنا الى السبب الذي هيج فبنيناها عليه. بل وكذلك الحلف بطلاق الزوجة ينظر الى لفظه ونيته. والسبب الذي حمله على ذلك. ومن هذا الناس ينظر فيها الى الحامل الذي حملهم على الاقرار. ولا ينظر الى مجرد اللفظ. وامثلة ذلك كثيرة والله اعلم القاعدة الثانية والخمسون اذا قويت القرائن قدمت على الاصل. وهذا اصل نافع وهو ان القرائن التي تحتفي بالاحكام قد تقوى فتقدم على الاصل لاننا انما قدمنا الاصل حيث لا مرجح سواه. فاذا وجد ما هو اقوى منه وجب تقديم الارجح ولهذا الاصل امثلة كثيرة. منها تقديم غلبة الظن في المواضع التي يقدم فيها على الاصل. مثل قولهم في الطهارة يكفي الظن في الاسباغ. ويكفي الظن في نقاء المحل من النجاسة. ومثل تقديم العادة في حق المستحاضة والبناء في الصلاة على غلبة طن. اذا قلنا به وهو الصحيح. ومن فروعها اذا ادعت المرأة على زوجها انه لم ينفق عليها. وهي في بيته جارية انه هو المنفق قدم قوله على قولها على الصحيح. ومن ذلك تقديم من له قرينة قوية ان المال له صاحبه واليد واشباه ذلك. الثالثة والخمسون اذا تبين فساد العقد بطل ما بني عليه. وان فسخ فسخا اختياريا تبطل العقود الطارئة قبل الفسخ. وهذا ضابط وفرق لطيف. فمن اشترى شيئا او استأجره او اتهمه ونحوه. ثم صرف فيه وبعد تصرفه بان العقد الاول باطلا كان تصرفه ايضا غير نافذ لانه تصرف في شيء لا يملكه شرعا دعاء. واما لو تصرف فيه ثم فسخ العقد الاول بخيار او تقايل او غيرها من الاسباب فان العقد الثاني صحيح انه تصرف فيما يملكه من غير مانع وقت تصرفه. وحينئذ يرجع مع العاقد الاول الى ضمان المثلي بمثله والمتقوم قيمته ومثله اذا باعه شيئا ووثقه على الثمن برهن او ضميم. واحاله به. ثم بان البيع باطلا بطلة التوثيقة حوالة لانها بنيت عليه. فان فسخ فسخا وقد احاله بدينه فالحوالة بحالها. وله ان يحيله على من احاله عليه الرابعة والخمسون العبرة بالمعاملات بما في نفس الامر. ويدخل في ذلك اذا تصرف في شيء يظنه ملكه او يظن وكيلا او بني على وكالة ساقطة. ثم بعد التصرف تبين انه ليس بمالك وليس بوكيل. او قد فسخت وكالته غير صحيح. وان كان الامر بالعكس بان تصرف ظانا انه غير مالك ولا وكيل. ثم تبين انه مالك او وكيل فالتصرف صحيح لان المعاملات المغلب فيها ما يظهر من التصرفات. الخامسة والخمسون لا عذر لمن اقر ولو ادعى غلط وذلك ان الاقرار اقوى البينات. وكل بينة غيره فانه يحتمل خطأها. واما اذا اقر العاقل المكلف على نفسه بحق من الحقوق ترتب على اقراره مقتضاه. فاذا اقر لغيره بدين قرض او ثمن مبيع او قيمة متلف او مغصوب او رهن او غيره وجب ما اقر به. ولو قال غلطت او نسيت لانه صلى الله عليه وسلم ثبت عنه انه قال انما اقضي بنحو ما اسمع. وكذلك لو اقر انه استوفى منه حقه. او ابرأه او عاوضه عنه الاقرار ثابت والاقرار مقبول من العدل وغير العدل. والعلماء عقدوا بابا مستقلا للاقرار وهو يرجع الى هذا الاصل السادسة والخمسون يقوم الوارث مقام مورثه في كل شيء يتعلق بتركته. الا ما استثني من خيار الشرط والشفعة اذا لم يطالب المورث في قول ضعيف. لانه لما مات الميت وانتقل ماله الى ورثته. وكان ماله ما خلفه من اعيان وديون وحقوق فناب الوارث مناب مورثه في مخلفاته. فيطالب بالديون التي تتعلق بالموروث. ويقضي منه الوارث ديونه وينفذ وصاياه ان لم يكن له وصي. وله ان يتصرف في التركة. ولو كان المورث مدينا بشرط ضمان الدين المتعلق بالتركة ولكن لا يطالب الوارث باكثر مما وصل اليه من التركة. لانه لم يكن شريكا للميت. وانما كان بمنزلة النائب عنه في موجوداته وتركته ويتلقى عنه امواله وحقوقه. مثل خيار العيب والغبن والتدليس ومثل الرهون والضمانات ونحوها وانما اختلف العلماء هل يقوم مقامه في خيار الشرط وفي حق الشفعة؟ فالمشهور عند احمد انه لا يقوم فيها مقام مورثه. بل تبطل بموت المورث ان لم يكن طالب بها. والصحيح انها مثل غيرها. لان المقصود واحد وليس على ابطالها دليل. ولا تعليق صحيح وما قيل فيها من التعليل موجود في غيرها والله اعلم. القاعدة السابعة والخمسون يجب حمل كلام الناطقين على مرادهم مهما امكن في العقود والفسوق والاقرارات وغيرها. وذلك ان الاقوال داخلة في الاعمال فتدخل في قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. اما ما يتعلق بالانسان بنفسه فهذا ليس فيه استثناء. بل ان العبرة بما نواه لا بما لفظ به. واما اذا تعلق بكلامه حق للغير. فكذلك نعتبر ما نوى الا ان ذلك الغير اذا بمقتضى لفظه لم يكن لنا ان نحكم الا بالظاهر. لقوله صلى الله عليه وسلم انما اقضي بنحو ما اسمع. ومن هذا الباب باب الكنايات في الطلاق والظهار والايلاء والعتق ونحوها كالوقف مما له صريح وكناية. فقال العلماء ان كنايات يشترط ان تقترن بها النية او تقوم القرينة الدالة على المراد. ومن هذا الباب ايضا مسائل الايمان الفاظها يرجع فيها الى نية الحال في وقتها قصدي حتى ان النية تجعل العام خاصا والخاص عام. ومما ينبغي ان يحمل كلام الناطقين على عرفهم وعوائدهم. فان لها دخلا كبيرا في معرفة مرادهم ومقاصدهم. القاعدة الثامنة والخمسون الحكم يدور مع علته ثبوتا وعدما. وهذه قاعدة عظيمة واسعة تحيط او تكاد تحيط بجميع الاحكام الشرعية. وعلة الحكم هي الحكمة في الامر به. او النهي عنه او والله تعالى حكيم له الحكمة في كل ما شرعه لعباده من الاحكام. وقد ينص الشارع على الحكمة وقد يفهم العلماء الحكمة من معرفتهم بمقاصد الشارع العامة والخاصة. ويقال للاخيرة الحكمة المستنبطة. ثم قد يتفق العلماء على تلك العلة التي هي الحكمة وقد يتنازعون وقد يكون للحكم عدة علل متى وجدت واحدة منها ثبت الحكم وقد تكون علة واحدة لكنها مجموعة من عدة قيود لا تكون علة حتى تتم هذه القيود. وقليل من الاحكام من لا يفهم العلماء منه حكمة بينة فيقولون انه تعبدي. اي يجب علينا التعبد به. وان لم نفهم حكمته. والعلل قد تكون ملازمة للحكم قد توجد تارة وتفقد اخرى. فالملازمة متى وجد الحكم فهي موجودة. والاخرى ان وجدت ثبت الحكم. وان فقدت لم يثبت والعلل المذكورة قد توجد في المكلفين المحكوم عليهم وقد تكون في الاحكام الشرعية بنفسها. ولنمثل لهذا الاصل امثلة توضحه لعدم امكان الاقتصار على امثلته. فمنها كثير من الاحكام السابقة المبنية على القواعد السابقة. وقد تكون نفس القاعدة هي العلة. وذلك كثير مثل قولنا المشقة تجلب التيسير. لا ضرر ولا ضرار. الذي تجب عليه الاحكام هو البالغ العاقل. الذي يصح تصرفه هو البالغ العاقل الرشيد. الذي يصح تبرعه هو البالغ العاقل الرشيد المالك للشيء. العبادات والمعاملات تفسد بوجود موانعها او بفقد شيء من شروطها. وما اشبه ذلك من الاصول التي اذا وجدت وجدت الاحكام. ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الهرة اخوتي قال انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات. فعلل بكثرة دورانها وترددها على الناس وعظم فيها لو نجست. فدل على ان هذا ثابت لها ولما كان مثلها. او اولى منها كالحمر والبغال. وما دونها في الخلقة كالفأر ونحوه. وقال تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض. الاية فعلل ترتيب احكام الحيض عليه بوجود الاذى. فكلما وجد الاذى الذي هو دم الحيض ترتبت عليه احكام الحيض كلها. وكلما فقد الاذى لم يثبت منها شيء. وقال تعالى وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغار او لامستم النساء فلم تجدوا ما ان فتيمموا. فتيمموا صعيدا طيبا. فعلل الى التيمم باحد علتين اذا وجد احدهما جاز التيمم. احدهما فقد الماء. والثاني وجود الضرر باستعماله. اي اي ضرر يكون مع وجوده فمتى فقد الماء او وجد الضرر عدل المتطهر الى التيمم. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا يقبل الله صلاة احدكم اذا احدث حتى يتوضأ. فعلل عدم قبول الصلاة بالحدث. وهو الذي جعله الشارع ناقضا للوضوء وهي نواقض الوضوء المعروفة. فالحدث وجوده يمنع من صحة الصلاة. وارتفاعه بالطهارة يوجب صحتها. اي مع بقية الشروط كما ذكرنا في الاصل الثامن. وقال تعالى ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. فالحل دائر مع وجود وصف الطيب والتحريم مع وصف الخبث لا يتخلف كل منهما عن وصفه. وقد امر الله بالعدل والقسط والاحسان والصلاح والخير ونحوها حيث تحققت هذه الاوصاف تحقق الامر. كما نهى عن الظلم والفساد والشر ونحوها. فحيث وجدت اوصافها تحقق النهي ومن ذلك نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر وعن الغش. فحيث وجد في المعاملة احد هذين الوصفين ثبت التحريم. وحيث انتفى الامران حكم الغرر والغش وامثال هذه العلل التي توجد في كل باب من ابواب الفقه. ونكتفي من الامثلة بما ذكرنا لحصول المقصود والله اعلم ومن ذلك العصير اذا تخمر صار خمرا محرما نجسا. فانزال تخمره بنفسه عاد خلا طاهرا حلالا. وكذلك الماء المتغير بالنجاسة نجس فاذا زال تغيره عاد طاهرا. ومثله مال غيري لا يحل الا بطيب نفسه. فمتى طابت نفسه باي طريق جائز فهو وحلال ومتى لم تطب نفسه فهو حرام لحق الغير. ومثله المحجور عليه لفلس او سفه فما دام السبب موجودا فالحجر باقي فاذا زال السفه ووفى المفلس الغرماء زال الحجر واشياء كثيرة جدا على هذه الطريقة حكمها دائر مع علتها وجودا القاعدة التاسعة والخمسون النكرة في سياق النفي او النهي او الشرط تفيد العموم. ويدخل في هذا الاصل الجامع امثلة كثيرة من الكتاب والسنة. وكلام المتكلمين فيترتب عليه احكامها. مثال ذلك قوله تعالى يوم لا تملك نفس لنفس شيئا. فهذه ثلاث نكرات في سياق النفي. فيقتضي العموم. وانه اي نفس وان عظم قدرها عند الله لا تملك لاي نفس وان عظم اتصالها بها شيئا من المنافع او دفع المضار قليلا كان او كثيرا. ومثال النهي ولا تدعو مع الله الها اخر. ومثال الشرط قوله تعالى وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفضله. شملت الشرط والنفي. ويدخل في الاحكام في شروط الواقفين وشروط الحالفين وشروط الطلاق والعتق وفي النفي والنهي في هذه الابواب. وفي الجعالة ونحوها. فاذا قال من عمل لي او بابا او نحوه فله كذا ثبت الجعل للمجعول له اذا عمل ما ذكر. القاعدة الستون من وما والف واي ومتى يدل كل واحد منها على العموم. وكذلك المفرد المضاف يدل على العموم. وامثلتها من الكتاب والسنة كثيرة جدا ومثال ذلك في الاحكام اذا قال من عمل هذا العمل او اي احد عمله او متى عملته او العامل له له كذا وكذا. فاي احد عمله استحق ذلك؟ واذا قال الواقف في شروط وقفه هذا وقف على ولدي او ولد فلان شمل الاولاد الذكور والاناث واولاد الاولاد. وان قال على المساجد شمل كل مسجد. او على من اولادي او اولاد فلان فكل من اتصف بالفقر استحق. واذا قال زوجتي طالق وعبدي حر وله متعدد من زوجات وعبيد ولم ينوي معينا ولا مبهما شمل الزوجات كلهن. والعبيد كلهن لانه مفرد مضاف واذا كانت هذه الادوات تفيد العموم والشمول لكل ما دخل في لفظها فمن باب اولى واحرى الالفاظ الصريحة في العموم مثل كل وجميع وعامة وكافة وما اشبهها. والله اعلم. وصلى الله على محمد وسلم وهذا اخر القسم الاول من هذه رسالة وهو الاصول والقواعد الجامعة للمسائل المتفرقة في ابوابها. القسم الثاني في الفروق بين المسائل الفقهية الشرعية. اصل هذه المسائل ان تعلم ان الشارع لا يفرق بين المتشابهات من كل وجه. بل لا بد فيها من فوارق معنوية واوصاف متفاوتة اوجبت الفرق. فاذا وجد مسألتان قد فرق بينهما وحكم لكل واحد بحكم مباين للاخرى فان كان ثم فارق صحيح ومعنى موجب للفرق والا فاعلم ان الفرق سوري والفروق الصورية ضعيفة جدا. ولهذا الاصلي الكبير امثلة كثيرة. نذكر منها ما نستحضره. منها ما ذكره العلماء رحمهم الله في الفرق بين فرض الصلاة ونفلها. فان الاصل اشتراك الفرض والنفل منها في الاحكام. وقد فرق بينهما بفروق ثابتة شرعية. ومنها ان النفل يصح من الجالس القادر على القيام بخلاف الفرض وانه يصح على الراحلة في السفر الطويل والقصير. ويجوز فيه الشرب اليسير. والفرض بخلاف ذلك. وذلك يعود الى سهولة النفل والترغيب في الاكثار منه. ومنها اشتراط ستر احد المنكبين في الفرض دون النفل للرجل البالغ. وهذا الفرق ضعيف عدم ثبوت الفرق بينهما في هذا الموضع شرعا. فان الامر بستر احد المنكبين يعم الفرض والنفل في حق الرجال. مع ان الصواب ان ستر المنكب من باب التكميل لا من باب الوجوب. ومنها تجويز النفل داخل الكعبة دون الفرض. ولكن فيه نظر فان ما ثبت في النفل ثبت في الفرض والفرق الذي ذكره الفقهاء وهو انه في الفرض لابد ان يستدبر شيئا منها موجود في النفل. ومن الفروق الضعيفة المنع من ائتمام المتنفل بالمفترض مع ثبوته ثبوتا لا ريب فيه. وقصة معاذ وغيرها شاهدة بذلك. وتعليلهم باختلاف النية موجود في ائتمام المتنفل بالمفترض. والاختلاف المنهي عنه الاختلاف في الافعال. ومن الفروق الصحيحة تجويز قطع النفل لحضور الفرض. وانه لا يصح يصح ابتداء نافلة بعد اقامة الفريضة. وانه لا يجوز ان يشتغل بالنافلة مع ضيق الوقت عن الفريضة. وانه لا تقضى النوافل اذا سورة الفوائت الفرائض وما اشبه ذلك فان القصد من ذلك واحد وهو الاهتمام بالفرائض. ومن الفروق الصحيحة ما ذكروه في الفرق بين صلاة الجمعة وصلاة العيدين. وهي عدة فروق قد فصلتها في كتاب الارشاد. ومن الفروق الصحيحة بين صيام الفرض والنفل ان الفرض ولابد له من نية موجودة ليل الصيام والنفل يصح بنية من النهار. بشرط الا يفعل شيئا من المفطرات. ومنها انه لا يصح صوم النفل ممن عليه فرض الصيام. ومنها انه يصح صيام ايام التشريق للمتمتع والقارن الذي تعذر عليه الهدي دون قضاء رمضان وغيره لان الله عين الثلاثة ان تكون في الحج فوقتها محصور. ومن الفروق بين النوافل ان الصلاة والصيام وغيرهما يجوز قطع نفلها الا الحج والعمرة. فمتى احرم بالحج او العمرة؟ وجب عليه الاتمام. ومن الفروق الضعيفة تفريقهم بين الجاهل والناسي والمتعمد في اتلاف الشعر والاظفار وفي اللبس للمخيط وتغطية الرأس والطيب. وان الاخيرات يعذر فيهما الجهل والنسيان. وازالة الشعر وتقليم الاظفار تجب عليه فيه الفدية مطلقا. وعللوه بانه اتلاف. والذين لم يفرقوا قالوا المقصود من الجميع واحد. وهو حصول الترفع بالمذكورات وهي كلها مستويات في ذلك. والشعور والاظفار لا قيمة لها. وايضا انما الاتلاف الذي يستوي فيه الاهل وغيره في حقوق الادميين كاتلاف النفوس والاموال. وهذه الحق فيها لله متمحض. فاذا كان معذورا بالاجماع غير اثم فكذلك الفدية وبهذا ايضا تعرف ضعف الفرق بين جماع المعذور بجهل او نسيان وغير المعذور. كما هو المشهور من المذهب والتفريق بين المعذور وغيره هو الاولى كما اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وغيره في مسألة فطر الصائم وافساد الحج والعمرة وغيرها. وبه ايضا يعرف ضعف عدم التفريق بين المتعمد وغير المتعمد في قتل الصيد. وان في الجميع الجزاء كما هو مذهب الجمهور. مع ان الاية الكريمة نتنصت على المتعمد نصا صريحا في قوله ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من نعم وكذلك تجويز النبي صلى الله عليه وسلم لرعاة المواشي وسقاة زمزم ان يجمعوا رمي ايام التشريق في اخر يوم. دليل على لان غيرهم لا يساويهم في ذلك. والمتأخرون من الحنابلة رحمهم الله جعلوا الجميع واحدا. وانه لا بأس ان يجمع الرمي في اخر يوم ولو لم يكن معذورا وفيه نظر. واما قولهم ومن وجبت عليه بدنة اجزأته بقرة ولو في جزاء الصيد فالصواب في ذلك قول الاخر وان جزاء الصيد يتعين فيه المثل لظاهر النص. ولان فيه شائبة عقوبة بخلاف بقية الاحكام. فان السهولة فيها بينة واضحة. ومن الفروق الصحيحة الثابتة شرعا الفرق بين ترك المأمور سهوا او جهلا. فلا تبرأ الذمة الا فعله وبين فاعل المحظور وهو معذور بجهل او نسيان. فانه يعذر وتصح عبادته. وذلك في الصلاة اذا ترك الطهارة او السترة ناسيا او جاهلا ونحوها فعليه الاعادة. وان صلى وقد نسي نجاسة على ثوبه او بدنه فصلاته صحيحة. وكذلك الصيام والحج والعمرة وبقية العبادات اذا ترك فيها المأمور لابد من فعله او فعل بدله. واذا فعل المحظور فهو معذور. فلا حرج عليه ولا اعادة ولا بدل. واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية وطرده في كل المسائل. اما المشهور من المذهب فانهم لم يستقر لهم قرار فتارة يفرقون وتارة يجمعون ويجيبون على الجميع القضاء. فجمعوا بين من صلى محدثا ناسيا او جاهلا ومن صلى وعلى ثوبه او بدنه نجاسة وقد نسيها او جهلها. فاوجبوا الاعادة على هذا وهذا. وكما فرقوا وجمعوا بين من نسي وهو صائم فاكل وشرب فلا يبطل صيامه. ومن جهل الامر او الحكم. والصحيح ان الحكم فيهما واحد. ومن الفروق الضعيفة تفريق من فرق من الفقهاء بين مخالطة الطاهرات للماء وتغييرها له بينما وضع قصدا وما وضع لغير قصد. او بمقره او بممره وانه يسلبه طهورية في الاول دون الثاني. والصحيح ان الحكم فيهما واحد وان الماء باق على طهوريته حتى تغيره النجاسة. وان تفريقه المذكور يدل على ضعف القول من اصله. لانه تفريق بين متماثلين. فكلها قد غيرها الطاهر تغييرا ممازجا. ومن الفروع الضعيفة كراهة السواك للصائم بعد الزوال لا قبله. والصحيح استحبابه للصائم قبل الزوال وبعده كما هو ظاهر الادلة. ولم يصح حديث يدل على الفرق والله اعلم. ومن الفروق الضعيفة تفريقهم بين البيع والاجارة. وان العيب في المبيع موجب للرد او الارش والعيب في الاجارة موجب لخيار الرد دون الارش. ويحق لابن نصر الله رحمه الله ان يقول والفرق بينهما عسر وقد تعبنا في الفرق كيف لم يحصل؟ والصواب ان الجميع حكمها واحد في الارش وفي الرد. ونظير هذا تفريقهم بين الوصية وبين وقف البيت ونحوه بعد موته وانه لا يرجع في الثاني دون الاول. والصواب ان الجميع حكمه حكم الوصية. فله الرجوع في كل منهما قبل موته اذا لم يكن ما ومن الفروق الضعيفة الفرق بين العقود. فلا يصح تعليقها الا الوكالات والولايات وبين الفسوخ فانه يصح تعليقها. والصواب ان العقود كلها كالفسوخ يصح تعليقها. ولا فرق بينها. والنصوص الصحيحة تشمل الجميع. وايضا لا مانع يمنع من الجميع ان الاصل ان الشروط المقصودة للمتعاقدين او المتفاسخين معتبرة ما لم تدخل اهلها في محذور شرعي. ومن اهم الشروط التعليقات فانها تقصد قصدا صحيحا. ومن الفروق الضعيفة في الاب ان له التملك من مال ولده ما شاء بشروطه دون ابراء غريم ابنه ابراء نفسه من حق ولده وليس له ان يخالع ابنته بشيء من مالها. فالصواب استواء هذه الامور. بل ان كثيرا منها احق من التملك من ما له كخلعها من زوجها المسيء لعشرتها من مالها لمحض مصلحتها. ومن الفروق الضعيفة ايجاب بعض المعروف من الخدمة الزوج دون بعض. فارجاع الجميع الى المعروف من غير فرق هو اللازم. وان على كل واحد من الزوجين من الحقوق للاخر ما جرى به العرف عادت من مثله لمثلها. والعرف اصل كبير ترجع اليه كثير من الاحكام والعقود والفسوخ. ومن ذلك انعقاد العقود كلها بكل قول او فعل دل على عقدها وانتساخها كذلك. فمن فرق بين لفظ ولفظ او عقد وعقد مع استواء الجميع في الدلالة ففرقه ضعيف غير معتبر. ومن الفروق الصحيحة التفريق بين شروط الموقفين والموصين ونحوهم. ان ما وافق منها الشرع اعتبر وما خالفه الغي فالمسلمون على شروطهم الا شرطا احل حراما او حرم حلالا. وهذا القول مطرد في كل الشروط كما اختاره شيخ الاسلام ابن ابن تيمية رحمه الله. واما الاصحاب فان كلامهم في بعض الشروط الذي يخالط هذا الاصل فيه نظر وهو ضعيف جدا. ومنه تسوية الجد الاخوة في باب المواريث ضعيف جدا مع تناقضه. والصواب المقطوع به تقديم عصوبة الاصول وهم الاب والجد. وان علا على صوبة فروعهم كالاخوة والاعمام وبنيهم. وهو الاصل المحكم في كل الابواب. كما فصل ذلك في غير هذا الموضع. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين شروط الاشياء والشروط فيها. فشروطها هي مقوماتها التي لا تتم ولا تصح الا بها. واما الشروط فيها فهي امور خارجة عن نفس العقود. وانما يشرطها احد المتعاقدين لغرض له خاص. وهي تثبت مع الشرط اذا كانت صحيحة وهي الشروط التي لا تدخل في محرم ولا تخرج عن واجب. ويجب اعتبارها. فالمسلمون على شروطهم. واحق الشروط ان يوفى فيما استحلت به الفروج. فكلها حق يجب الوفاء بها. خصوصا الشروط في النكاح. ومن الفروق الضعيفة تفريقهم بين دين وغيره من الديون. وان دين السلم لا يجوز المعاوضة عنه مطلقا. ولا اخذ الوثيقة به ولا غير ذلك مما ضيقوه. وغير يجوز ذلك. والصواب ان دين السلم وغيره في الحكم واحد. فجميع المعاوضات التي لا محظور فيها والتوثيقات تجوز فيه كما لا تجوز في غيره ومن الفروق الصحيحة تفريقهم في العقد اذا انفسخ لظهور مبطل ومفسد. فيتبعه ما تعلق به من وثائق وزيادة عوض ونحو ذلك. واذا فسخاه باختيارهما فان الفسخ يختص به وتبقى التوابع على حالها حتى يحلوها. ومن الضعيفة تفريقهم بين الشهادة ومجرد الاخبار. وانه لابد ان يقول الشاهد في حقوق الادميين اشهد بكذا او كذا. ولا يكفي اخباره. والصواب ان الاخبار الجازم هو الشهادة بعينها. ومن الفروق الصحيحة تفريقهم في ابواب كثيرة بين اقرار الانسان على نفسه في مال او حق من الحقوق فيقبل ويلزم به. وبين اقراره على غيره فلا يقبل. لان الاول بينة قوية والثاني دعوة مجردة. ومن الفروق التي فيها نظر تفريقهم بين قول الوكيل اقبض حقي من فلان. فلا يملك قبضه ومن وارثه وبين قوله اقبض حقي الذي عليه او قبله. فيملكه والظاهر استواء الامرين. لان العرف لا يكاد يفرق وبين مثل هذه الالفاظ وهكذا كل ما كان في معنى ذلك. ومن الفروق الضعيفة بين قولهم ان الوكالة عقد جائز عقدها احلها واجازتهم الوكالة الدورية فانها تنافي هذا الامر العام. والصواب ان الدور في العقود والفسوخ لا يعتبر بل يعتبر العقد بذاته ان كان لازما فلازم او جائزا فجائز. وتدوير العقود والفسوخ اذهاب لروحها ومقاصدها. ومن الفروق الضعيفة قولهم اذا قال المدعي ليس لي بينة واحضرها لم تقبل لانه مكذب لها. واذا قال لا اعلم لي بينة ثم احضرها قبلت لانه لم يكذبها فاقامتها لا تنافي قوله. والصواب انه اذا اتى بالبينة العادلة الشرعية قبلت. سواء نفاها او او لم ينفها لانه انما نفى في الحقيقة العلم بها. فقد يكون عالما بها او نسيها. وقد تكون شهدت في حالة لا يعلمها. فكلامه ان كما هو اخبار عن الحالة التي يستحضرها والله اعلم. ومن الفروق الضعيفة قولهم ان اتفق الزوجان على ان العدة قد انقضت ثم بعد ذلك تنازع الزوجان فقال الزوج كنت راجعتك قبل انقضاء العدة. فقالت انما ذلك بعد انقضائها. وانه ان سبق كلامي قدم قوله وان سبقت هي قدم قولها هذا ضعيف. ولا يرجح تقديم احدهما بالكلام قوله. وانما المرجح الحال الواقعة فالعدة قد انقضت باتفاقهما وهو يدعي انه قد راجع قبل ذلك. فعليه البينة. والا فالقول قولها سواء سبقها بالكلام او سبقته. ومن الفروق الضعيفة جدا تفريقهم بين حق الشفعة اذا مات الشفيع قبل المطالبة. وخيار الشرط كذلك وان وارثه لا يملك الشفعة ولا الخيار وبين بقية الحقوق والخيارات وانها تثبت للوارث مطلقا. والصواب ان كارثة يقوم مقام مورثه في كل الاشياء. ومن الفروق الضعيفة قولهم وله اخذ الجعل على اقتراضه له بجاهه لا على كفالته والاولى المنع في الصورتين لما في ذلك من الاخطار. وتفويت مقاصد القرض والوثيقة ومن الفروق الضعيفة تفريقهم بين عارية الارض للزرع وعارياتها للدفن او السفن للحمل ان له الاجرة منذ رجع في الزرع. والصواب الذي لا شك فيه انه ليس له اجرة في الزرع لانه الذي اذن له وغره. ومن الفروق الضعيفة تفريقهم بين عتق العبد المرهون انه ينفذ دون التصرف بوقف الرهن وبيعه وغير ذلك من التصرفات فلا تنفذ. والصواب عدم نفوذ العتق مطلقا حتى يأذن المرتهن. لما في ذلك من ابطال حق مسلم ولان العتق قربة فلا يتقرب الى الله بفعل محرم. ومن الفروق الضعيفة جعل الفقهاء رحمهم الله الامور الوجودية الاغلبية فرقا فاصلا واحدا محرزا لكثير من الاحكام الشرعية التي اطلقها الشارع. مثل اقل سن تحيض له المرأة واكثرها واقل الحيض واكثره واكثر مدة النفاس واقل السفر واكثر الحمل. وان من لم يبلغ من الذكور عشر سنين ولم ابلغ من النساء تسع سنين لم تتعلق الاحكام بوطئه ووطئها. وما اشبه هذه المسائل وانما القول المستقيم الذي يدل عليه دليل وتتناوله النصوص الشرعية بظاهرها. تعليق الاحكام بتحقيق وقوعها. وانه متى وجد الشيء الذي علق الشارع الحكم عليه وجب تحقق الحكم الشرعي. فمتى وجد الدم في اوقاته حكمنا انه حيض؟ ومتى زاد او نقص لم يتغير الحكم ومتى وجد مطلق السفر حكمنا بتعلق الاحكام السفرية عليه. كالقصر والفطر والجمع وغيرها. ومتى وجد الحمل وتحقق وانه في البطن لم تزل المرأة حاملا ومحكوما بحملها حتى تضع. ولو مضى اكثر من اربع سنين. ومتى وطأت من لها دون تسع سنين او وطئ من له اقل من عشر سنين تعلقت احكام الوطء بذلك الجماع سوى الاحكام المتعلقة بالبلوغ. فان انهما الى الان لم يبلغا حتى يوجد السبب الذي يحكم الشارع لصاحبه بالبلوغ. وكذلك متى تحققت عدالة الشخص وصار مرضيا عند الناس صار شاهدا معتبرا. ولو لم توجد فيه الصفات التي اعتبرها الفقهاء التي لا تكاد تجتمع في شخص. وباعتبارها تضيع الحقوق ونكون اذا اعتبرنا اعتباره عند الناس عاملين بقوله تعالى ممن ترضون من الشهداء. ومن الضعيفة التفريق بين العبد والحر. في ان الجمعة والجماعة لا تلزم العبد. وانه لو حج وهو عبد بالغ ثم اعتق يلزم ان يعيد حجة الاسلام مع انه اذا حج وهو معسر لا يلزمه الحج اجزأه بالاتفاق. فظاهر النصوص وعمومها مساواة العبد للحر في الاحكام البدنية التي وظفها الشارع على المكلفين. الذين هو منهم. وبهذا قال طائفة من العلماء ماء اما الجمهور فانهم لا يوجبون عليه جمعة ولا جماعة. ولا يكتفون بحجه بعد بلوغه عن حجة الاسلام الاحكام المالية فالفرق بين العبد والحر ظاهر. لان العبد لا مال له تتعلق به زكاة او كفارة او قيمة متلف او غير ذلك من من الواجبات التي تتعلق بمن له مال والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة التفريق بين الذكر والانثى في ايجاب الجمعة والجماعة والجهاد البدني على الذكر دون الانثى وفي تنصيف الميراث والدية والعقيقة والشهادة واختصاص الرجال بالولايات. فهذه الفروق تابعة للحكمة وتعليق الاحكام بحسب اهلية المحكوم عليهم وكفائتهم وحاجتهم. كما ان من الحكمة مساواة الانثى للذكر في احكام التكليف والتصرفات والتملكات وغيرها لتساويهما في الاسباب والمسببات. ومن الفروق الصحيحة تفريقهم بين الطلاق او العتاق ونحوهما الى جزء ينفصل كالشعر والظفر فلا يثبت. والى جزء متصل فيثبت للجملة كلها. ولا بعض لكن قولهم من خلع بعضها وجزء منها لم يصح الخلع ضعيف. فان التفريق في هذا بين الخلع والطلاق ضعيف واما التصرفات الاخر كالبيع والاجارة والشركات والوقف والهبة ونحوها فيصح تبعيضها ووقوعها من بعض الشيء دون بقيته والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة الفروق التي ذكروها بين الهبة والوصية. والفروق التي بين العطية في مرض الموت والوصية. فان العطية في حال الصحة على وجه العدل ثابتة كلها في وقتها قليلة او كثيرة. ولو استوعبت جميع المال. والوصية لا لا تثبت الا بالثلث فاقل لغير وارث. وتشارك العطية الوصية في هذا المعنى وتفارقها في ان العطية تلزم من حينها. ويقدم فيها الاول فالاول مع التزاحم. ولا يملك المعطي الرجوع فيها بعد القبض المعتبر. والوصية لا تلزم ولا تثبت الا بالموت. وله الجوع قبل الموت ويساوى فيها بين المتقدم والمتأخر. لانها لا تثبت الا بالموت. وتثبت دفعة واحدة. وايضا العطية يثبت من حينها لكنه مراعى. والوصية لا تثبت الا بعد الموت. هذه ثابتة مبنية على الاصول الشرعية كما هو معروف مفصل ومن الفروق الضعيفة جدا بل الخارقة للاجماع تجويز الفقهاء وقف المريض مرض الموت المخوف على بعض ورثته الى اذن الباقين. فان هذا القول هو عين الوصية للوارث الذي نص الشارع على بطلانه واجمع العلماء عليه. ومن الفروق الثابتة بالنص والاجماع التفريق بين قتل العمد العدوان الذي يوجب ما اختاره الولي من القصاص او الدية وقتل الخطأ وشبه العمل الممتنع فيه القصاص الذي يوجب الدية فقط الا ان عفي له عنها. وهذا موافق غاية الموافقة للحكمة المصلحة قال تعالى ولكم في القصاص حياة. وكذلك في الاطراف الا انه اذا لم تكن المماثلة امتنع القصاص. وتعينت جدية وذلك في مسائل عديدة. ومن الفروق الصحيحة التفريق بين الاعضاء المغسولة في الوضوء في شرع فيها التكرار. والممسوحة كالرأس سوى الخفين والخمار والعمامة فلا يشرع فيها التكرار. لبناء الممسوحات على السهولة. ولذلك جعل المسح في التيمم في بعض عضويه بدلا من غسل الجميع ومن الفروق الضعيفة تفريقهم في طهارة التيمم وطهارة الماء. حيث حكموا على طهارة التيمم باحكام ضيقة كاشتراط دخول الوقت وبطلانها بخروجه. وانه من تيمم لنفل لم يستبح الفرض ونحوها. والصواب ان طهارة التيمم قائمة مقام طهارة الماء في كل شيء. كما اقامها الشارع وكما هو مقتضى القياس. كما قاله الامام احمد رحمه الله. ومن الفروق التفريق في طهارة الحدث الاكبر وطهارة الحدث الاصغر. حيث اوجبوا في الطهارة الكبرى ايصال الماء لباطن الشعور وظاهرها مطلقة والحدث الاصغر انما يجب فيه ايصالها للباطن اذا كان الشعر خفيفا. واما الكثيف فيكفي فيه الظاهر. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين السجود على حائل من اعضاء السجود فلا يجزئ. وعلى حائل مما يتصل بسترة الانسان فيكره الا لعذر وبحائل منفصل فلا يكره والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين اجزاء الحيوان الطاهر اذا مات بغير تزكية شرعية وانها ثلاثة اقسام قسم طاهر على كل حال. وهو الشعر والصوف والوبر والريش. لانها منفصلات لا فضلات ولا يحلها الموت. وقسم نجس على كل حال محرم. وهو اللحوم والشحوم باختلاف انواعها. وما يتبعها من الاعصاب وكذلك العظام. لانه يحلها الموت. وتكون هذه الاجزاء بعد الموت خبيثة. قسم نجس يطهره الدماغ. وهو الجلد كما ثبتت به النصوص. ولان الدماغ يزيل ما فيه من الخبث. كما قسم الشارع الحيوانات بالنسبة الى الحل والحرمة الى ثلاثة انواع قسم حلال طيب حيا وميتا. وهو حيوانات البحر وكذلك الجراد. وقسم حرام لا ينفع فيه زكاة ولا غيرها وهو كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطيور والخبائث كما هو مفصل في الاطعمة. وقسم يحل بشرط التزكية الشرعية وهو الانعام الثمانية وما يتبعها من حيوانات البر المتنوعة والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين الدماء التي يأكل منها صاحبها التي تجب الصدقة بها كلها. ان دم الاضاحي والعقائق ودماء الانساك كالتمتع والقران والهدي المستحب كلها منها ويهدى ويتصدق. واما الدماء التي سببها فعل محظور او ترك واجب فانه تجب الصدقة بها. لانها تجري مجرى الكفارات وتلك مجراها مجرى العبادات المحضة. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين المغالبات التي لا تحل مطلقا لا بعوض ولا بغيره كالنرد والشطرنج التي هي شر. وشرها اكثر من نفعها. والتي تحل مطلقا بعوض وغير عوض. كالمسابقة على الخيل والابل والسهام لانها تعين على الجهاد وقوام الدين. والتي يفرق فيها بين العوض فلا تحل والا حلت. وهي باقي المغالبات لان الحكمة في ذلك بينة واضحة. ومن الفروق الصحيحة الفرق بينما تثبت فيه الشفعة من الشركة في العقارات التي لم تقسم كثرة ضرر المشاركة فيها ودوامه وبين المشتركات الاخر التي لا شفعة فيها لقلة ذلك وقصر زمنه. ومن الفروق الصحيحة الفرق بينما لا تصح فيه الوكالة كحقوق الله المحضة وحق الادمي الذي يتعين فيه صاحبه. وبينما تصح فيه الوكالة من حقوق الاداب وحقوق الله التي تدخلها النيابة التي القصد الاعظم منها حصولها بقطع النظر عن الفاعل والمباشر. وهذه حكمة بينة واضحة ومن الفروق الصحيحة الفرق بين اليمين الذي تحله الكفارة الذي مقصوده الحث او المنع او التصديق او التكذيب وبين النذر الذي يتعين الوفاء به. الذي هو الزام المكلف نفسه طاعة لله مطلقة او معلقة على حصول نعمة حصلت او دفع نقمة اندفعت فان الملزم نفسه طاعة لله تعالى لا تبرأ الذمة الا باداء هذا الواجب الذي التزمه. فالطاعة فيه مقصودة بخلاف اليمين. وبهذا الفرق فرق شيخ الاسلام بين التعاليق المحضة في الطلاق التي اذا وجدت وقع الطلاق وبين الطلاق المعلق على امر يقصد المنع منه او الحث عليه ان الاخير عنده يجري مجرى اليمين. لوجود رح اليمين فيه ومعناه والله اعلم وبهذا الفرق بعينه فرق الاصحاب بين انواع النذر الجارية مجرى اليمين كنذر اللجاج والغضب ونحوها فيكفر كفارة يمين وبين النذر الاصيل التي تقصد فيه الطاعة قصدا. الداخل في قوله صلى الله عليه وسلم من نذر ان يطيع الله فليطعه فانه يتعين الوفاء به ولا يجزي عنه كفارة ولا غيرها. والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين حين ايقاع التحريم على الزوجة بلفظ التحريم او الظهار او غيرها. ففيه كفارة ظهار وبين تحريم غيرها من سرية وطعام وشراب وكسوة وتكليم ودخول بيت. وغير ذلك ففيه كفارة يمين. لان معناه معنى اليمين بل هو يمين بغير بلفظ الحلف ومن الفروق الصحيحة الثابتة بالنص الفرق بين لغو اليمين وهي اليمين التي لم يقصدها الحالف بل جرت على لسان من غير قصد او الحلف على امر يعتقده كما قال. ثم تبين بخلافه فلا كفارة في ذلك ولا اثم. وبين اليمين المن عقدت على امر مستقبل مقصود ففيه الكفارة اذا حنث بفعل ما حلف على تركه او ترك ما حلف على فعله كما فرق النص ايضا بين الامر بالحنف تارة اذا كان الحنث خيرا بفعل واجب او مستحب او ترك منهي عنه وبين النهي عن الحنف اذا الامر بالعكس والتخيير فيما سواهما وحفظها اولى. وهي داخلة في قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم وفي قوله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأتي الذي هو خير ومن الفروق الضعيفة تفريق الاصحاب بين الحنف جاهلا او ناسيا. حيث قالوا يحنث في طلاق وعتاق دون اليمين بالله الاول بحق الادمي. والصواب التسوية وانه لا يحنث في الجميع. والفرق الذي ذكروا فيه نظر فان الحق لله ايضا ليس في ذلك اتلاف لمال. وانما فيه ازالة لحق الحالف. في الغالب هو الذي له الحق الاكبر فيه. ومن الفروق التي تتصيد في تتبع كلام الاصحاب ان الالفاظ الصريحة في الطلاق ونحوه لا تحتاج الى نية ولا يقبل صاحبها حكما اذا ادعى انه اراد خلاف ما صرح به. والالفاظ المحتملة احتمالا بينا لغير المفهوم الظاهر منها يقبل صاحبها حكما لان احتمال ارادته قوي. والالفاظ التي تحتمل خلاف المفهوم احتمالا مرجوحا لا يقبل صاحبها حكما. ولكنه يدين وهل الاولى للمرأة ان تدين زوجها في مثل هذه الامور او ترفعه للحاكم؟ الاولى النظر الى القرائن فان علمت صدقه او غلب على ظنها ذلك فالواجب عليها او الاولى انها تدينه وتتركه لدينه. وان كان الامر بالعكس فعليها ان ترفعه الى الحاكم الذي يحكم عليه بما جزمت ان ارادته لخلافه غير صحيح. لان الوسائل لها احكام المقاصد. ومن الفروق الصحيحة تفريقهم بين المسائل التي يخير فيها الانسان بين امرين فاكثر. بين تخيير تتبع فيه المصلحة الظاهرة. وذلك مثل الولايات على اليتامى والاوقاف والامانات. فان الوالي عليه سلوك طريق المصلحة. وبين المخير لمصلحته والسهولة عليه كالكفارات والديات فيتبع ما سهل عليه وخف على نفسه لان القصد من ذلك التخفيف والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة بين مسح الجبيرة ومسح الخفاء والعمامة والخمار انها تكون في الحدث الاكبر والاصغر. ويمسح عليها كلها الى خلعها او برء ما تحتها. ولا يشترط لها على الصحيح تقدم الطهارة على الرواية الاخرى. وانها عزيمة لابد منها. واما مسح الخفين والعمامة والخمار فخاص بالحدث في الاصغر ومدته محددة. للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة ايام بلياليها. ويشترط لها تقدم الطهارة بالماء ويكفي مسح اكثر ظاهرها. وهي رخصة له ان يمسح وله ان يخلع. ويطهر ما كان مستورا. ومن الفروق الصحيحة بين ازالة الاقباث فتزول نواها المزيل او لم ينوها. لانها من اقسام التروك التي القصد منها تركها وازالتها. وذلك حاصل بنية وبغير نية وبين رفع الاحداث فلابد لها من نية كما فرقوا بين العبادات المالية كالزكاة والكفارات والنذور ونحوها تشترط لها النية وبين النفقات واداء الديون. فتبرأ الذمة اذا حصلت ولو لم ينوي. لكن الاجر والثواب فيها مرتب على النية لبراءة ذمته والقيام بواجبه. والتقرب الى الله بذلك. وكما فرقوا ايضا بين العبادات والعادات من جهتين احداهما ان العبادات لابد ان يكون الشارع شرعها ايجابا او استحبابا. ومن تعبد بغير ما شرعه الله ورسوله فهو مبتدع والعادات الاصل فيها الاباحة. فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. والثانية ان العبرة في العبادات بالنية بما في ظن المكلف والمعاملات العبرة فيها بما في نفس الامر فلو تصرف تصرفا ظنه صحيحا فبان غير صحيح لم ينفعه ظنه ولو تصرف تصرفا صحيحا. وهو يظنه غير صحيح نفذ التصرف. لان الشارع رتب التصرفات على وجود بابها وطرقها بقطع النظر عن نية المتصرف. وان كانت نيته تؤثر فيها من وجه اخر بحسب ما قصده المتصرف اليه. ومن الفروق الصحيحة ان النجاسة ثلاثة اقسام مغلظة كنجاسة الكلب والخنزير التي لا بد فيها من سبع غسلات احداها بتراب ونحوه ومخففة كنجاسة بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يكفي نطحها. وكذلك قيئه وكذلك يعفى عن بالدم اليسير ونحوه. ومتوسطة وهي باقي النجاسات. يكفي فيها على الصحيح ان تزول باي شيء. وباي عدد. اما المشهور من فلا بد فيها من سبع غسلات الا اذا كانت على الارض فيكفي فيها غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة وطعمها وريحها وكذلك من الفروق الصحيحة تفريقهم في الدماء وانها ثلاثة اقسام. دماء نجسة لا يعفى عن قليل منها ولا كثير. وهي من الحيوانات النجسة. ودماء طاهرة مطلقة. وهي من الحيوانات المأكولة اذا ذبحت. فالباقي في اللحوم والعروق ونحوها طاهر على كل حال. والثالث ما عدا ذلك فهو نجس يعفى عن اليسير منه. وهو الذي لا يفحش كثرة والله اعلم ومن الفروق الصحيحة ان الحج والعمرة يصحان من الطفل الذي لم يميز كما دل عليه النص. لان نية وليه تقوم مقامه منيته ولانه يحضر مواضع المناسك كلها. فهذا المستطاع في حقه واما ما سواهما من العبادات فيشترط لها التمييز لان مبناها على النية ولا تتأتى النية الا من مميز. ومن الفروق الصحيحة ان عورة الصلاة ثلاثة اقسام. غليظة وهي عورة المرأة المكلفة الحرة فكلها عورة الا وجهها. وخفيفة وهي عورة الذكر الذي دون عشر سنين فهي العورة وحدها ومتوسطة وهي ما عدا ذلك من السرة الى الركبة للرقيقة مطلقا. وللحرة التي دون البلوغ. ومن بلغ عشرا فما فوقها والله اعلم. كما فرقوا في عورة النظر ان الحرة البالغة الاجنبية لا يجوز النظر الى شيء منها من بدنها حتى شعرها المتصل من غير حاجة. الطفلة التي دون السبع لا حكم لعورتها. ومن دون البلوغ من الاجنبيات. وذوات المحارم المطلقة وعند الحاجة او الضرورة يجوز النظر لدعاء الحاجة الى ذلك والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة ان اللباس ثلاثة اقسام وهو الاصل في جميع انواع الاكسية التي لم يرد منع من الشارع عنها. وقسم حرام على الذكور والاناث. مثل المغصوب والتشبه الكفار وتشبه كل واحد من الرجال والنساء بالاخر. وقسم حرام على الذكور حلال للنساء. مثل الحرير والذهب والفضة الله اعلم. ومن الفروق الصحيحة ان الحركة في الصلاة على اربعة انواع. حركة مبطلة وهي الحركة الكثيرة المتوالية عرفا لغير بضرورة وحركة مكروهة وهي الحركة اليسيرة لغير حاجة. وحركة مباحة وهي اليسيرة لحاجة والكثيرة للضرورة وحركة مأمور بها كالتقدم والتأخر في صلاة الخوف. وكالحركة للتقدم اليسير للصف الفاضل او لتعديل الصف ونحو ذلك. ومن ذلك ان التكبير في الصلاة ثلاثة اقسام. قسم ركن وهو تكبيرة الاحرام وتكبيرات الجنازة كلها وقسم مستحب. وهي تكبيرة المسبوق الذي ادرك امامه راكعا. ينبغي له ان يكبر للركوع. والباقي من التكبيرات وجبات يجبرها سجود السهو. ومن الفروق الصحيحة ان المار بين يدي المصلي على ثلاثة اقسام. قسم يبطل الصلاة وهو الاسود وكذلك المرأة والحمار على الصحيح. وقسم ينقص الصلاة ولا يبطلها. وهو مرور من عدا المذكورات. وقسم لا بأس انتبه وهو المرور بين يدي المصلي عند زحمة الطائفين والمار بين يدي المصلين في المسجد الحرام. ومن الفروق الصحيحة قسموا موقف المأموم خلف امامه الى اربعة اقسام. موقف واجب وهو وقوف الرجل الواحد. فيجب ان يكون عن يمين الامام. وموقف مستحب وهو وقوف المأمومين اثنين فاكثر خلف الامام. ووقوف المرأة خلف الرجل وموقف مباح. وهو وقوف المرأة مع الرجل ووقوف المأمومين اثنين فاكثر عن يمينه او عن جانبيه. ووقوف ممنوع وهو وقوف الرجل خلفه او خلف الصف مع القدرة على المصافة. وكذلك على المذهب وقوفه عن يسار امامه اذا كان وحده والله اعلم ومن الفروق الصحيحة تفريق الشارع بين ايجاد الزكاة في الانعام الثمانية بوجود شروطها لكمالها وكمال منافعها وكثرتها وبينما لا يوجب فيه زكاة من انواع الحيوانات كالخيل والبغال والحمير والطيور. ونحوها لقلتها غالبا. ولعدم وجوب جميع المنافع التي في الانعام الثمانية. الا اذا كانت عروض تجارة فحينئذ قد اعدت وهيئت للنماء. وكذلك التفريق بينما تجب فيه الزكاة من الحبوب والثمار المدخرة. اذا بلغت نصابها الشرعي لكمال النعمة فيها دون بقية الخضر والفاكهة انها دون ذلك في كل شيء. وكذلك التفريق في الامتعة والاثاثات ونحوها المعدة للتجارة. فتجب فيها الزكاة اذا بلغت قيمتها اصابة دون الاشياء المعدة للقنية المصروفة عن النماء. وكذلك على الصحيح التفريق بين الديون التي في ذمم الموسرين فتجب فيها الزكاة. لانها مال في الحقيقة وهي في قوة الموجودة عند الانسان دون الديون التي في ذمم المعسرين او التي لا يقدر على استخراجها. فانها ليست بمنزلة الاموال الحقيقية. ولا تفيد صاحبها ولا تغنيه فضلا عن كونها غير وكذلك التفريق بين من يعطي من الزكاة لحاجته. فلابد ان يكون فقيرا او محتاجا. وبين من يأخذ لحاجة الناس اليه فيعطى ولو كان غنيا. ومن الفروق الصحيحة التفريق بين تصرفات المكره بغير حق. وانها غير صحيحة ولا تفيد ملكا لا غيره والمكره بحق كالذي يكره على الواجب عليه. فانه اكراه بحق والتصرف فيه صحيح. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين الداخل في ملكه الذي يحتاج الى حق توفية. فلا يصح تصرفه فيه كالمكيل والموزون والمزروع والمعدود. والموصوف قبل وجود الكيل والوزن والعدد والزرع والوقوف على الوصف. وبينما لا يحتاج الى حق توفية كالمعينات المتميزات. فيصح التصرف فيها قبل قبضها. وكذلك الضمان وعدمه فما احتاج الى حق توفية وتلف قبل قبضه فهو من ضمان البائع. وكالثمار اذا اصابتها جائحة والمبيع الذي منعه البائع من القبض بغير حق. فكلها من ضمان البائع. وما عدا ذلك من ضمان المشتري. ومن الفروق التفريق بين الاملاك التي ليست بحيوانات ولا تعلق بها حق الغير. فلا يجبر صاحبها على تعميرها. وبينما تعلق به حق الغير فيجبر على مجاراة شريكه فيها كتعمير المشتركات والحيطان التي بين الجيران ونحوها. فمن امتنع مما يجب عليه من التعمير لاجبر عليه ومن الفروق الضعيفة تفريقهم في جميع ابواب الولايات والاستحقاقات انها لجميع العصبة من القرابات الا الولاية المالية فانها للاب وحده. ثم بعده تنتقل للحاكم يقولون لان الاموال محل الاطماع. فباقي الاولياء يخشى من ولايتهم. والصواب ان هذا الباب كغيره واذا شرطنا ان الولي لابد ان يكون عدلا مرضيا زال المحظور الذي يخشى منه. ويقال ما للاقارب من الحنو والشفقة يقتضي ان ولاية المالك غيره من الولايات. بل اولى والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة ان قول جميع الامناء مقبول في دعوى التلف الممكن اما مسألة دعوى الرد فمن قبض منهم المال لمصلحة تعود اليه لم يقبل قوله في الرد ولا ببينة. ومن قبض الشيء لمصلحة صاحبه فهو محسن وما على المحسنين من سبيل. فقوله مقبول بيمينه. ومن ذلك قولهم من ادى عن غيره دينا واجبا ناويا الرجوع فانه يرجع وان نوى التبرع لم يرجع. ومن الفروق الصحيحة تفريقهم بين الاجارة والجعالة. بان الاجارة عقد لازم على عمل معلوم مع معين والجعالة عقدها جائز. والعمل قد يكون معلوما وقد يكون مجهولا. وتكون مع معين ومع غير معين. وايضا الجعالة اوسع من الاجارة فتجوز على اعمال القرب دون الاجارة. ولا يستحق العوض في الجعالة حتى يعمل جميع العمل. واما الاجارة فيها تفصيل ان كان المانع من جهة المؤجر فلا شيء له. وان كان من جهة المستأجر فعليه كل الاجرة. فتجب فيها الزكاة اذا بلغت قيمتها نصابا وان كان بغير ذلك وجب من الاجرة بقدر ما استوفى والله اعلم. ومن الفروق الضعيفة تفريق الاصحاب رحمهم الله بين الشفعة فتجب المبادرة بطلبها. فان تأخر بعد العلم ولو يسيرا بطلت. واما بقية الحقوق فلا يسقطها الا ما يدل على اسقاطها من قول او فعل. والصواب ان الشفعة كغيرها لان الشارع اثبتها للشفيع واجمع العلماء عليها. فاي دليل يدل على سقوط الا رضا الشفيع باسقاطها قولا او فعلا. والاحاديث التي استدلوا بها كلها ضعيفة. لا تقوم بها حجة كالحديث الذي فيه الشفعة لمن واثبها الشفعة كحل العقال فظاهر النصوص الصحيحة عدم اعتبار ما قالوه من وجوب المبادرة جدا. نعم لا يضر الشريك المشتري بتأخير الاختيار كما لا يضر الشفيع بدفعه كدفع الصائل. ومن الفروق الصحيحة جعلهم اللقطة ثلاثة اقسام. ما لا يجوز التقاطه مطلقة كالذي يمت من صغار السباع كالابل ونحوها. وما يجوز التقاطه ويملك في الحال. وهو ما لا تتبعه همة اوساط الناس كالاشياء الطفيفة. وما يجوز التقاطه بشرط تعريفه حولا كاملا. فان لم يعرف ملكه الملتقط وهو باقي المال. ومن الفروق الصحيحة قولهم الولد يتبع اباه النسب وامه في الحرية او الرق. وفي الدين خيرهما وفي النجاسة وتحريم الاكل اخبثهما. ومن الفروق قولهم الطفل قبل التمييز عند امه وبعد التمييز يخير الغلام بين ابويه. وتكون الانثى عند ابيها. وبعد البلوغ يكون الغلام مستقلا. والانثى عند ابيها حتى يتسلمها زوجها. وهذا التقديم اذا كان المقدم اهلا للحضانة والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة تفريقهم بين وكيل فلا تشترط له العدالة لانه نائب لجائز التصرف وموكله يراقبه في اعماله. وبين الولي لليتيم والمجنون مناظر الوقف فاشترطوا عدالته لانها ولاية يجب فيها العمل بالاصلح. ومن جهة اخرى قالوا الوكيل لا يكون الا جعل له الموكل والولي على اليتيم لا يأكل ان كان غنيا. ويأكل الفقير الاقل من اجرة مثله وعمله. وناظر الوقف يأكل بالمعروف ولو كان غنيا. وفرقوا في النفقة على الوقف بين الحيوان فتجب نفقته على كل حال. اما من الجهة المعينة له او في اجرته او يباع بعضه للنفقة على الباقي. وبين العقارات فلم يوجبوا عمارتها الا مع شرط الوقف. وقال شيخ الاسلام في مثل هذا تجب عمارة الوقف على حسب البطون. وفرقوا بين العقود الباطلة والفاسدة في بابين. باب الحج والعمرة فاوجبوا المضي في الفاسد ويقضيه بعد ذلك وفي باب النكاح فلا يصح انكاح من نكحها فاسد حتى يطلقها او يفسخها للاختلاف فيه. واما الابواب تجعل الباطل والفاسد واحدا. الكل لا يصح ولا يفيد الملك والتصرف. وكذلك فرقوا في الفسوخ المتفق على اثباتها فلا تحتاج الى حاكم والفسوخ المختلف فيها تحتاج الى حاكم. ليزول النزاع والاشتباه والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة التفريق بين القذف بالزنا بانه يوجب الحد ثمانين جلدة. لكونه يقدح في العرض قدحا قد لا يتمكن المقذوف من ازالته وبين القذف بما هو اعظم منه من الكفر واليهودية والنصرانية بانه يوجب التعذير لكون المقذوف معروفة حاله ويتمكن ومن تكذيب من رماه. وكذلك التفريق بين رمي زوجته بالزنا اذا لم يقم اربعة شهداء ان يدفع عنه الحد او التعذير لعانه لان ذلك دعوة مشوبة باقرار على نفسه لكون الضرر الاكبر عائدا عليه. وبين رمي غيرها فلا ينفع فيه اللعان من الفروق الصحيحة التفريق بين الذبائح والصيود بتوسيع طرق حلها لعدم القدرة عليها. ولهذا حلت باصابتها في اي موضع من بدنها وبصيدها بالطيور والكلاب والفهود المعلمة بشروطها. واعتبر هذا المعنى في الحيوانات الاهلية اذا نفرت وصارت الوحشية صار لها حكمها. وعكسها الوحشية ان كانت مقدورا عليها لم تحل الا بالذبح في محل الذبح. كالاهلية. رعاية للقدرة وعدمها والله اعلم. ومن الفروق بين المفتي والقاضي ان القاضي يبين الاحكام الشرعية ويلزم بها. والمفتي يبين فقط مفتي يفتي في المسائل المتنازع عليها وفي غيرها. ولنفسه ولغيره. القاضي لا يقضي الا لفصل النزاع. ولا يقضي لنفسه ولا من لا تقبل شهادته له. والقاضي لا يقضي بعلمه الا فيما اقر به في مجلس الحكم. وفي عدالة الشهود وفسقهم والمفتي بخلاف ذلك وحكم القاضي يرفع الخلاف وافتاء المفتي لا يفيد رفع الخلاف. ومن الفروق الصحيحة الفرق بين قسمة التراضي وقسمة الاجبار وان ما لا ضرر فيه ولا رد عوض يجبر الشريك اذا امتنع من القسمة. واما ما فيه ضرر او رد عوض فلا يجبر الممتنع ولكن الضرر يزال بالبيع او التأخير او المهايئة. ومن الفروق الصحيحة بين البيع والاجارة ان البيع واقع على الاعيان بمنافعها والاجارة على المنافع. ولا يصح بيع الحر ولا بيع الوقف من غير ضرورة. والاجارة بخلاف ذلك. والبيع يدخله الربا الفضل والاجارة لا يدخلها الربا. فيصح استئجار حلي الذهب او الفضة بمثله او اقل او اكثر باجارة مقبوضة او غيره غير مقبوضة ومن الفروق عند الاصحاب رحمهم الله بين ايقاع طلقتين فاكثر بين المدخول بها وغير المدخول بها. ان العدد اذا وقع دفعة واحدة او في دفعات مرتبط بعضها ببعض انه يقع العدد المذكور عليهما. واذا كان بخلاف ذلك وقع بالمدخول بها العدد المذكور وبانت غير المدخول بها بالطلقة الاولى. وصادفتها الطلقات الاخر وقد بانت فلم يقعن عليها. والالفاظ المتعددة التي ذكروها فكلها تدخل تحت هذا الضابط. ومن الفروق المهمة نفع التأويلات في الايمان وعدم نفعها. فاتفقوا على نفعها للمظلوم والمحتاج اليه فيها وعلى عدم نفعها للظالم واختلفوا في نفعها لغير الظالم الذي لا يحتاج اليها. فالمشهور عند الاصحاب نفعها. وعند شيخ الاسلام لا في هذه الحالة لانها تشبه التدليس. وتوهم الكذب وتسيء ظنون الناس بصاحبها والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة التفريق بين من له حق سببه ظاهر كالضيف والزوجة للنفقة فله ان يأخذ من مال صاحبه اذا امتنع من الواجب. لانه لا ينسب الى خيانتي حينما كان اذا كان السبب غير ظاهر فلا يحل له الاخذ من ما له لانه لا ينسب الى الخيانة. ومن الفروق الصحيحة اسقاط الصلاة والصيام والحج من غير المكلف من الصغير والمجنون. لعدم التكليف الذي هو شرط للتكاليف التي هذه العبادة امها. وايجاب الزكاة عليهم. وكذا كفارات لانها من الحقوق المالية التي يستوي فيها من له قدرة مالية من مكلف وغيره. ويشبه هذا ايجاب الضمان على المكلفين وغير المكلفين في اتلافات النفوس والاموال لربط الحكم بسببه الموجب للضمان. ومن الفروق الصحيحة ان القدرة على التكسب غنى يمنع صاحبه اخذ الزكاة لحاجته ويوجب عليه فيه قضاء الدين والنفقات الواجبة. لان الواجب قد تقرر عليه ولا سبيل الى ادائه الا لاكتساب المقدور عليه. وليس ذلك بغنى يوجب الحج لانه مما لا يتم الوجوب الا به. والاول مما لا يتم الواجب الا به ففرق بين الامرين ومن الفروق الصحيحة ان العبد المملوك اذا كان للتجارة تجب فيه زكاة الفطر وزكاة المال لوجود السببين الملك والتجارة والذي لغير التجارة تجب فيه زكاة الفطر وحدها لانفراد سبب الملك وحده. وهكذا كل حكم له سببان فاكثر مستقلان اذا وجد ترتب عليهما مقتضاهما. واذا انفرد احدهما ترتب عليه حكمه كالذي يوجد فيه سببان فاكثر من الاسباب التي يستحق بها الاخذ من الزكاة او الوقوف او الوصايا. او يجب عليه في كل منهما واجب والله اعلم. ومن الفروق عند الاصحاب في مسائل الاشتباه. فترى امروه باجتناب الجميع كما اذا اشتبه ماء نجس بطهور او ماء مباح بمحرم للطهارة. وتارة امروه بالتحري وترجيح ما يظنه مباحا كما اذا اشتبه المآن المذكوران عند الاضطرار الى الشرب. وكما اذا اشتبهت القبلة على المسافر وحده. وتارة امروه بسلوك طريق الاحتلال الثياب المشتبه نجسها او محرمها بطاهرها او مباحها. واختار الشيخ فيها التحري. واذا اشتبه على المصلي وشك في عدد الركعات او الطوافات او نحوها بنى على الاقل وهو اليقين. ولو غلب على ظنه الاكثر خلافا لشيخ الاسلام. فانه يبني عنده على غالب ظنه واذا اشتبه على الانسان كم ترك من صلاة او صيام واجب فعليه الاحتياط. وان يبرئ ذمته فيؤدي ما به يتيقن براءتها. لانه واجب مقر عليه فلا يخرج من العهدة الا بيقين. بخلاف الامور التي يشتبه على العبد هل وجبت عليه ام لا. فالاصل عدم الوجوب ولو سلك العبد الطريق الاحتياطي كان حسنا. واذا اشتبه هل طلق او لا او هل طلق واحدة او اكثر بنى على العصمة؟ وانه لم يطلق اذا شك في نفس الطلاق. وعلى اقل اذا شك في العدد وعلى عدم وجود الشرط الذي علق عليه اذا شك في وجوده. لان الاصل في ذلك كله ثبوت الزوجية حتى يوجد يقين او يزيل بعضها. وهي الاصل بقاء ما كان على ما كان. وانه لا يرفع الشك اليقين. واذا اشتبهت اخته باجنبيات وجب الكف عن الجميع. وكذلك اذا اشتبهت ميتة بمزكاه. ما لم يبلغ مبلغا يضمحل معه المحرم كاشتباه اخته ونحوها باهل بلد بذبائح المصر. فان المحرم هنا يتلاشى. واذا اختلط المال الحلال بالحرام على وجه لا يتميز فقيل يجتنب الجميع وهو ضعيف وقيل يخرج مقدار الحرام منه ويحتاط ان شك في كثرته ويطيب له الباقي وهو الصواب. فان هذا النوع خبثه لمكسبه واشتباه الميتة بالمزكاة الحرام خبثه لذاته وبين الامرين فرق ظاهر. ومن الاشتباه الاشتباه في مقدار مال الشركاء من المال المشترك فمتى تعذر معرفة ما لكل منهم قسم بينهم بعددهم؟ وكذلك اذا اعترى المال المشترك زيادة او نقص ولم ندري اي الاموال التي تزاد او تنقص كان ذلك على نسبة الاملاك. واذا اشتبه علينا مصرف المستحقين لريع الوقف ونحوه قسم بالتسوية بين المستحقين الا اذا كان عادة وعرف جار فانه يجري على ما هو عليه. لان الاصل انه موافق لشرط الواقف. واذا اشتبه الولد وادعاه اثنان فاكثر ولم ترجيح بفراش ونحوه عرض معهم على القافة. فمن الحقته القافة به لحقه وان الحقته بالجميع لحقهم. واذا علم ان العين احد اثنين ولا مرجح لواحد منهما اقرع بينهما. فمن خرجت له القرعة كان له. وكذلك لو طلق احدى زوجتيه او اعتق احد عبديه عليه اخرج المشتبه بالقرعة. والقرعة لها مدخل كبير في كثير من المشتبهات والمطلقات والمعتقين. والاقرارات التي لم يتضح الترجيح لاحدها على الاخر. وكل هذا من العدل الذي لا يمكن غيره. الاشياء التي علم استحقاق الكل فيها طريقها القسمة كما تقدم الاشياء التي علم انها لاحدهم دون الاخر او واقعة على احد الشيئين دون الاخر طريقها القرعة. وصور الاشتباه كثيرة نبهنا على اصولها وصور منها والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة ان من صلى في ثوب حرير او ذهب او فضة من الرجال لم تصح صلاته من صلى في عمامة حرير حرم عليه وصحت صلاته. ومن توضأ بماء مغصوب لم يصح وضوءه. ومن توضأ في اناء محرم صح وضوءه مع التحريم. ومن فعل محرما في صلاته فان كان من مبطلات الصلاة المعروفة فسدت صلاته. وان كان من المحرمات الاخر صحت. وكذلك الصيام اذا فعل مفطرا فسد صيامه. واذا فعل محرما غير المفطرات صح صيامه مع التحريم. وهذه المسائل مرجعها الى ان التحريم اذا عاد الى نفس العبادة او شرطها اخل بها وفسدت. واذا عاد الى امر خارج عنها صحت والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة التفريق بين سترة صلي وسترة المتخلي وسترة الجار. ان سترة المصلي يكفي فيها ولو عصا او خط يخطه بين يديه. وسترة المتخلي لا بد ان ده سترة اسافله عورته وما يتبعها. واما سترة الجار فلا بد ان تمنع المشارفة وهي على الاعلى من الجارين. فان استوى اشترك وفرقوا بين الخارج من بدن الانسان ان البول والغائط نجس لا يعفى عن قليله. والدم والقيح والصديد والقيء نجس يعفى عن يسيره وما سوى ذلك فهو طاهر. ومن جهة اخرى الخارج من السبيلين ناقض للوضوء مطلقا. والخارج الكثير النجس غيرهما ناقض ايضا دون يسير وما سوى ذلك فغير ناقض. وقسموا شعور بدن الانسان الى ثلاثة اقسام. قسم تحرم ازالته وهو شعر اللحية وشعر رأس الانثى من غير ضرورة وشعر الحاجب واهداب العينين. وقسم يشرع ازالته وهو شعر الشارب والابط والعانة. وقسم يباع وهو باقي الشعور. وفرقوا بين مس المرأة بشهوة وبغير شهوة فنقضوا بالاول الوضوء وحرموا ذلك على الصائم. وعلى المحرم بحج حج او عمرة بخلاف المس بغير شهوة. كذلك يحرم مس غير الزوجة والسرية بشهوة. وفرقوا بين الخارج من الذكر منه نجس لا يعفى فعن يسيره ويوجب غسله ونقض الوضوء به وهو البول. ومنه نجس ينقض الوضوء ويوجب غسله وغسل الذكر والانثيين منه وهو المذي. ومنه طاهر يوجب الغسل وهو المني. وفرقوا بين نجاسة البدن. فاوجبوا لها التيمم عند تعذر غسلها دون نجاسة الثوب والبقعة فليس عنهما تيمم. والصحيح اختيار شيخ الاسلام ان النجاسات كلها لا تيمم عنها. وانما يتيمم عن الاحداث النجاسات في عدم ورود النص بها. قياس بعضها على الحدث دون بعض فيه نظر. وانما الواجب ازالة النجاسة والبعد عنها بحسب الامكان واذا فعل ذلك فعبادته صحيحة والله اعلم. وفرقوا بين تطهير الخمرة اذا انقلبت خلا والعلقة اذا صارت حيوانا طاهرا والماء المتغير بالنجاسة اذا زال تغيره انها تطهر بالاستحالة من الخبث الى الطيب دون غيرها. شيخ الاسلام يعمم ذلك في كل شيء استحال من الخبث الى الطيب انه يطهر والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة ان الجنين له ثلاثة احكام. واحد حكم يتعلق بنفخه الروح فيه وهو السقط الذي لا يصلى عليه حتى يتم له اربعة اشهر. لانه ابتداء نفخ الروح. ومثل ذلك العقيقة لانه قبل ذلك جمال وحكم يتعلق به اذا ولد حيا حياة صحيحة. وهو الميراث وملك المال في وصية ووقف ونحوها. ثلاثة وبقية الاحكام كالنفاق والعدة والاستبراء وما تصير به امة ام ولد ونحوها تتعلق بتخليقه ولو خلقة خفية. والله اعلم. ومن الصحيحة ان تصوير ذات الارواح لا يحل وتصوير الاشجار والقصور والمراكب ونحوها جائز. وفرقوا بين المشهود عليه بينما يقبل فيه رجلان او رجل وامرأتان او رجل ويمين كالاموال ونحوها. وبينما يقبل فيه رجلان فاكثر كالقصاص والحدود غير الزنا. وبينما يقبل فيه ثلاثة رجال وهي من ادعى الفقر بعد الغنى ليأخذ من الزكاة. وبينما لا يقبل فيه الا اربعة وهو الزنا. وبينما يقبل فيه الواحد من رجل او امرأة وهو شخص شهر رمضان واخبار الديانات والفتاوى وبينما تقبل فيه شهادة المرأة واحدة. وهو ما لا يطلع عليه الا النساء غالبا. وبينما يقبل فيه قول طبيب واحد او بيطار واحد وهو داء الادمي والدواب ونحوها. وذلك بحسب الاثار الواردة في هذا الباب. وبحسب الحكم المترتبة على ذلك التحديد والله اعلم. ومن الفروق الصحيحة في اوقات النهي عن النوافل كلها الا سنة الفجر قبلها. واعادة جماعة اقيمت وركعتي الطواف وسنة الظهر اذا جمع واذا دخل المسجد والامام يخطب وصلاة الجنازة ولو نافلة. واختلف في ذوات الاسباب فمنهم من منعها وهو المشهور في المذهب ومنهم من اجازها. ومن الفروق الصحيحة ان الارض والاماكن كلها يصلى فيها الا المقبرة والحمام واعطانا الابل والنجسة والمغصوبة والحش. وزادوا في المشهور من مذهب الامام احمد المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق واسطحتها. والفرد في او في الكعبة. القول الاخر اقرب الى الصواب وهو الذي تدل عليه الادلة الصحيحة انها تصح فيها. وفرق الاصحاب بين الاقامة التي تقطع تقع احكام السفر للمسافر بين من ينوي الاقامة الجازمة في موضع اكثر من اربعة ايام فتقطع في حقه رخص السفر وبين من ينوي اقل او لا يدري المدة فيترخص. والصواب القول الاخر انه ما دام مسافرا فانه يترخص حتى ينقطع سفره. لانه ليس لنا مناسبة ثالثة لا مقيم ولا مسافر. بل الناس اما مقيم فلا يترخص او مسافر فيترخص. واثبات قسم ثالث لا دليل عليه ومن الفروق الصحيحة ان المواشي من الانعام الثمانية ثلاثة اقسام. واحد قسم فيه زكاة ماشية اذا بلغ نصابه الشرعي. وهي المعدل للدر والنسل والتسمين. وقسم فيه زكاة عروض وهي المعدة للتجارة والبيع والشراء. فتعتبر قيمتها وقسم لا زكاة فيه وهي ما عدا ذلك كالمعدة للعمل والاستعمال. ونظير هذا التقسيم العقارات من البيوت والدكاكين والمثقفات ونحوها. وكذلك ونحوه ما اعد منها للبيع والشراء ففيه زكاة عروض يقوم اذا حال الحول فيزكى عن قيمته. وما اعد للكرى والاستغلال فالزكاة في فعله يضمه المزكي الى ما عنده من اموال التجارة. وما اعد للسكنة والاستعمال فلا زكاة في عينه ولا فعله ومن الفروق الصحيحة ان المال الزكوي خمسة اقسام. قسم يجب فيه ربع العشر وهو النقدان وعروض التجارة. وقسم يجب فيه نصف العشر وهو الحبوب والثمار المدخرة التي تسقى بمؤنة. وقسم يجب فيه العشر وهو الذي يسقى بلا مؤنة. وقسم يجب فيه الخمس وهو الركاز الحق بالزكاة الحاقا. وقسم الواجب فيه مقدر شرعا لا مشاع. وقد فصلت انصباؤها ومن الفروق الصحيحة استعمال الذهب والفضة على ثلاثة اقسام. قسم يحرم على الذكور والاناث وهي الاواني والالات ونحوها لاشتراك الجميع في المعنى الذي حرمت لاجله. وقسم حلال للاناث حرام على الذكور. وهو اللباس المعتاد لحاجة الانثى الخاصة ولغير ذلك من حكم وقسم يحل حتى للذكور. وهو لباس الحرير وما استعمل للضرورة او لربط الاسنان ونحو ذلك. وقسم الاصحاب الاقارب الى قسمين اصول وفروع لهم احكام يختصون بها ومن عاداهم يشتركون مع غيرهم. فمما يختص به الاصول والفروع انه لا تدفع الزكاة اليهم ولو كانوا فقراء. وغيرهم من الاقارب يجوز دفعها للمستحقين الا من يرثه المزكي على المذهب وعلى القول الصحيح الصواب جواز اعطائهم. ومنها ان الاصول والفروع لا تقبل شهادة الانسان لهم ولكنها تقبل عليهم. ولا يحكم لهم الحاكم بخلاف باقي الاقارب. ومنها ثبوت المحرمية بين الاصول والفروع على كل حال من دون تفصيل. واما الباقون من فلا تثبت المحرمية الا لفروع الابوين وان نزلوا. وفروع الاجداد والجدات الادنين فقط. ومنها ان الوكيل والوصي والناظر للوقف يمتنع من البيع والشراء ونحوها على اصوله وفروعه مطلقا لمكان التهمة دون بقية اقاربه اذا لم يكن مانع. ومن وجوب النفقة للمعسرين من اصوله وفروعه مطلقا. واما سواهم فبشرط ان يكون وارثا لهم. وقسم الاصحاب المكلف الذي في رمضان الى ثلاثة اقسام. واحد قسم له الفطر وعليه القضاء. وهو المريض مرضا يرجى برؤه وكذا المسافر. وقسم له الفطر عليه الكفارة لكل يوم مسكين مد بر او نصف صاع من غيره وهو المريض مرضا لا يرجى برؤه والكبير الذي لا يطيق الصوم وقسم لا قضاء عليه ولا كفارة. وهو هذا الاخير اذا كان مسافرا. قالوا لوجود السببين والصواب في هذا الاخير ان عليه الكف لظاهر النصوص. وثم قسم رابع وهو الحامل والمرضع اذا افطرتا خوفا على ولديهما فعليهما القضاء. وعلى وليهم كفارة لفطرهما لاجل الولد والله اعلم. وقسموا المكلفين الذين يوجه اليهم فرض الحج الى اربعة اقسام. قادر مستطيع بدنه وماله فيجب عليه السعي اليه فورا. وعاجز ببدنه وماله فلا يجب عليه ما دام كذلك. وعاجز ببدنه قادر بماله فعليه ان ينوب من يحج ويعتمر عنه قرب او بعد. وعاجز بماله قادر ببدنه. فلا يجب عليه الا اذا كان قريبا اقل من مسافة القصر. وقسموا البيع المعيب الى خمسة اقسام. قسم يخير المشتري فيه بين الرد والارش وهو الاصل وقسم يتعين فيه الارش وهو اذا ما تعذر الرد. وقسم يخير المشتري بين الرد او الامساك بلا ارش. وهو بيع ربوي بربوي من جنسه وقسم يذهب على البائع اذا كان البائع عالما بالعيب وكتمه تدليسا على المشتري. حتى تلت قبل الرد فانه يذهب على الباب ويرجع المشتري بجميع الثمن. وقسم لا رد فيه ولا ارش وهو ما اذا علم المشتري بالعيب قبل الشراء فانه قد دخل على بصيرة وقسموا بيع الثمرة قبل بدو صلاحها الى قسمين. واحد قسم لا يجوز وهو الاصل. وقسم يجوز وهو بيعها مع اصلها تبعا وبيعها بشرط القطع في الحال لزوال علة المنع وبيعها لمالك اصلها. والرواية الاخرى اصح بعدم المنع في هذه الاخيرة لدخولها في العموم وعدم المعارض. ومثل ذلك بيع الزرع قبل اشتداد حبه فيه هذه الاقسام الثلاثة. وقسموا المتلفات الى قسمين. مثلي وهو المكيل والموزون فقط ففيه ضمان المثل. وقيل وهو الصحيح ان المثلي اعم من ذلك ما له مثل او مقارب من مكيل او موزون او مزروع او معدود او ما اشبه ذلك واختاره شيخ الاسلام. ومتقوم وهو ما عدا ذلك ففيه القيمة. وقسموا الاشياء الى قسمين. قسم لا لا يتم الا بالقبض كبيع الربويات بعضها ببعض. اتفق الجنس او اختلف اذا اتفقا في علة الربا التي هي الكيل. او الوزن. فلابد من قبض العوضين بالمجلس وكذلك السلم. لابد من قبض رأس مال السلم قبل التفرق من مجلس العقد. وكذلك الرهن لا يلزم عند الاصحاب الا وفيه قول قوي بلزومه مطلقا وهو الصحيح. والهبة لا تتم الا بالقبض. وتقدم انه لا يصح التصرف فيما يحتاج الى حق توفيته الا بالقبض. ولا ينتقل الضمان من البائع الى المشتري الا بالقبض. وكذلك قالوا لا يتم للاب التملك من مال ولده الا القبض مع القول او النية وفيه خلاف قوي تقدم. ومن قبض اللقطات لم يبرأ من ضمانها الا بتعريفها او بدفعها الى الامام او ردها الى مكانها باذن الامام. وما عدا ذلك من الاشياء فان القبض فيها ليس بشرط والله اعلم. وقسموا ما يتعلق الدقيق من ضمانات الاموال الى اربعة اقسام. قسم يتعلق بذمة سيده قليله وكثيره. وهو ما اذن له فيه. وقسم يتعلق برقبة العبد وهو جناياته واتلافاته. فيخير سيده بين فدائه بالاقل من قيمته او عرش الجناية والاتلاف. او يسلمه للمجني عليه وقسم يتعلق ايضا برقبته على المشهور. وهو تصرفاته التي يلزم فيها مال. وعلى القول الصحيح هذا القسم يتعلق بذمته كالقسم من رابع ديون العبد التي بلا اذن السيد فتتعلق بذمته قولا واحدا يتبع بها بعد عتقه والله اعلم. وقسم الاصحاب اسباب الضمان الى ثلاثة اقسام. الاول يد متعدية كالغاصب ونحوه. فيضمن بتلف الشيء عنده او اتلافه فرة ام لم يفرط ويضمن نقصه. والثاني اتلاف بغير حق عمدا او خطأ ففيه الضمان على المكلف وغيره. والثالث تلف الامانات عند المؤتمنين. اذا في حفظها او تعدوا فيها. ولا فرق في الاتلاف بين المباشر والمتسبب على وجه العدوان والله اعلم. وقسم الاصحاب الغرس والبناء في ارض الغير اذا رجعت الارض الى اصحابها الى محترم والى غير محترم. فغير المحترم غرس الغاصب وبناؤه. فيخير صاحب الارض بين الزامه بقلعه ونقده مع ضمان النقص والاجرة مدة بقائه بيده. وبين تملكه بقيمته. فتقوم الارض مغروسة ومبنية. وتقوم خالية منهما فما بينهما فهو القيمة وبين ابقائه باجرة المثل الا ان يختار الغاصب القلع مع الضمانات المذكورة للنقص من كل وجه واما القسم المحترم فهو غرس المستأجر اذا تمت مدة الاجارة. وغرس المستعير ونحوهم مما ايديهم غير ظالمة. بل مأذون لهم بعوض او او بغير عوض فهنا ليس لصاحب الارض قلعه ولا نقضه بلا اذن صاحبه. لكنهما يتفقان على تأجيره وابقائه باجرة المثل او صاحب الارض له. والخيانة في هذين الامرين لصاحب الارض. او يختار صاحبه قلعه ونقضه بلا تضمين نقص الا شرط بقاؤه او كان بقاؤه لازما كالوقف فليس لصاحبه قلعه. واصل هذا كله الحديث الصحيح ليس لعرق ظالم حق هذا حد فاصل ان العرق الظالم ليس له حق في الارض فليس له حق الابقاء بلا اذن ربها. ومفهومه ان من ليس بظالم له حق الابقاء. لكن في حالة فيها الرفق به وبصاحب الارض. وحيث كان صاحب الارض صاحب الاصل كانت الخيرة بيده في اختيار التملك او الابقاء اجرة ومن الفروق الصحيحة تقسيمهم الولاية والوكالة على الاموال والحقوق الى ثلاثة اقسام. الاول وكيل وولي خاص كالذي يباشر الموكل والموصي توكيله وتوصيته. فعمله وتصرفه مقصور في دائرة ما اذن له فيه. والثاني وكيل وولي عام وهو الامام والحاكم وكيل من لا وكيل له ولا ولي من القاصرين والغائبين والمتغيبين. وولي الاوقاف التي لا ناظر لها لها خاص وولي من لا ولي لها في النكاح. الثالث وكيل وولي اضطرار وهو في كل حالة يضطر فيها الى تولية. فان لم يفعل ترتب عليه ضياع المال وفواته. كمن مات في محل لا وصية له ولا حاكم. كبارية وبحر ونحوها. فعلى من حضره جبر ما تركه حفظه وبيع ما الاصلح بيعه حتى يصل الى وارثه او وصيه. وكحفظ المال الذي ان تركه ضاع. وان تولاه ان على اهله فيتعين عليه حفظه وايصاله الى اهله باجرة او تبرعا. فالوكيل الخاص تصرفه تبع لاذن المقصور على ما اذن له له فيه والعام تصرفه شامل لكل ما فيه مصلحة والضروري مقصور على مقدار الضرورة. ومن الفروق والتقاسيم الصحيحة تقسيم بالاضافة الى اصحاب فروض لهم نصيب مقدر لا يزيد الا بالرد ولا ينقص الا بالعول. وعاصب له نصيب غير مقدر. وذوي ارحام يتفرعون على اصحاب الفروض والعصبات ويدلون بهم ويرثون ميراثهم. وتقسم العصبات الى عاصم من نفس وهم جميع ذكور القرابة المدلون بانفسهم او بمحض الذكور. وان من انفرد منهم اخذ المال كله. ومن كان مع صاحب فرض له ما فضل عنه. واذا استغرقت الفروض التالية تساقط وانه اذا وجد اثنان من العصبة فاكثر قدم الاقرب جهة ثم الاقرب منزلة ثم الاقوى. ومع التساوي من كل وجه ان يشتركون والى عاصم بالغير هن البنات وبنات الابن والاخوات لغير ام مع اخوتهن يعصبونهن فيكون للذكر مثل حظ الانثيين فيما ورثوه. وعصبة مع الغير وهن الاخوات لغير ام مع البنات او بنات الابن يأخذن ما بقي بعدهن. وان اخواتي مع اخوتهن ثلاثة اقسام. قسم للذكر مثل حظ الانثيين وهم المذكورون. وقسم الذكر والانثى سواء وهم الاخوة لام مع اخواتهم وذوي الارحام. وقسم يختص به الذكر وهم من عداهم من اولاد الاخوة لغير ام. والاعمام وهم اولادهم الولاء وتقسيم الحجب الى ثلاثة انواع. محجوب بالوصف بان يتصف المحجوب بصفة تمنعه من الميراث كالقتل والرق واختلاف دين ومحجوب بالشخص حجب نقصان وهذان القسمان يتأتى دخولهما على جميع الورثة ومحجوب بالشخص حجب حرمان. وهذا يدخل على جميع الورثة الا الزوجين والابوين والولدين للصلب. وهذه الجمل قد فصلت ووضحت في المواريث. ومن التقاسيم الصحيحة تقسيم العتق الى اربعة اقسام. احدها العتق بايقاعه بلفظ من الفاظ العتق والتحرير الصريحة او الكناية المقترنة بالنية او القرينة الثاني العتق بالفعل بان يمثل برقيقه بجدع او تحريق او تقريق عضو من اعضائه فيعتق عليه بهذا الفعل. الثالث العتق بالملك. فاذا ملك ذا رحم محرم بالقرابة عتق عليه. الرابع بالسرايا وهو ان يعتق جزءا من رقيق له فيه شيء فيسري الى بقيته ان كان موسرا. ويغرم حصة شريكه. وان كان معسرا فقيل يعتق كله. ويستعي العبد بالمعروف وهو الصحيح والمشهور في المذهب انه لا يعتق نصيب الشريك في هذه الحال. بل يبقى حقه رقيقا. وهذا هو المبعد الذي بعض احكامه بحسب ما فيه من الحرية والرق. ومن التقاسيم الصحيحة تقسيم المماليك الى اقسام بحسب الاسباب. رقيق وقن عبد مطلق وهو الذي لم يوجد فيه من اسباب العتق شيء. وهذا الاصل في المماليك. ومدبر وهو الذي علق سيده عتقه بموته فان مات السيد وهو على ملكه عتق من ثلثه. وام ولد وهي الجارية التي ولدت من سيدها ما فيه سورة ولو خفيت. وحكمها انها في حال حياة سيدها يملك سيدها منافعها منافع الخدمة ومنافع الاستمتاع دون التصرف فيها بنقل الملك ببيع او هبة او او نحوها. وبعد موت سيدها تعتق من رأس ما له. ومكاتب وهو الذي اشترى نفسه من سيده بنجوم مؤجلة. فما دام كذلك كما لك اكسابه ومنافعه. فان ادى لسيده او لمن قام مقامه من وارث او مشتر عتق. وان عجز عن الاداء عاد الى الرق ومعلق عتقه على صفة. ان وجدت وسيده حي عتق من رأس المال ان كان صحيحا. وان كان مريضا مرض الموت المخوف عتق ومن ثلثه والله اعلم. ومن التقاسيم الصحيحة تقسيم الصداق الى مسمى والى مهر المثل والى متعة. فالمسمى ما سمي من عوض من مال وديون ومنافع واغتفرت فيه الجهالة اليسيرة. قالوا لان العوض في النكاح مقصود لغيره. واما مهر المثل ففي سور لم يسمى لها صداق ولمن نفي صداقها ولمن سمي له مهر فاسد وهو انواع كثيرة. واما المتعة الواجبة فلمن طلقت قبل الدخول لها المتعة بحسب يسار الزوج واعساره. واما نصف المهر المسمى فلمن طلقت قبل الدخول وبعد تسمية المهر. واما متعة المستحبة فلكل مطلقة والله اعلم. وكذلك تقسيم المهر الى ثلاثة اقسام. تارة يسقط اذا كانت الفرقة من قبل الزوجة قبل الدخول او فسخ لعيبها قبل الدخول وتارة يستقر اذا حصل الدخول او الخلوة او الموت وتارة يتنصف اذا كانت الفرقة قبل الدخول من قبله او قبل اجنبي. ومن الفروق والتقاسيم الصحيحة تقسيم الاجابة الى الدعوات ثلاثة اقسام. احاديث تجب الاجابة اليها وهي وليمة العرس خاصة بشروطها. والثاني تكره. وهي وليمة المأتم الذي يصنعه اهل الميت للناس. لان انه مكروه والاجابة اليه كذلك. والثالث باقي الدعوات. فالاجابة اليها مستحبة حيث لا عذر والله اعلم. ومن الصحيحة ان الطلاق يكره من غير حاجة وهو الاصل. ويحرم في الحيض او في طهر وطئ فيه. او بالثلاث. ويجب على اذا ابى الفيئة ولمن تركت العفة او اصرت على ترك الصلاة. ويسن اذا طلبت منه لتضررها بالبقاء معه. ويباح اذا اليه من غير ضرر عليها. وتبين المرأة من الزوج اذا كمل الطلاق والثلاث. واذا كان على عوض. وفي النكاح الفاسد. واذا اذا كان قبل الدخول واذا انقضت عدة الرجعية قبل الرجعة. والرجعية هي التي طلقت دون الثلاث بعد الدخول في نكاح صحيح بغير علم عوض ومن التقاسيم الصحيحة والفروق تقسيم العدد الى انواع. الحامل عدتها وضع الحمل بفراق الحياة والوفاة. والمتوفى بغير حمل اربعة اشهر وعشر. والمفارقة في الحياة بعد الدخول ثلاثة قروء. وهي الحيض فان لم تحض او ايست فثلاثة اشهر واما المرتفع حيضها قبل اليأس وامرأة المفقود فمتفرعة عن هذه العدة بحسب ما هو مفصل في الفقه. ومن التقاسيم صحيحة تقسيم الاحداد الى واجب ومباح وحرام. فالواجب للمتوفى عنها زوجها مدة العدة. والمباح على كل ميت من ثلاثة ايام يا من فاقل والمحرم ما عدا ذلك كما دلت على ذلك نصوص السنة وكلام الاصحاب هنا فيه خلل لا يمكن تطبيقه على القواعد الصحيحة ومن التقاسيم الصحيحة تقسيم الزوجات الى من تجب لها النفقة وهي كل زوجة في حبال زوجها او قد طلقها طلاقا رجعيا قبل انقضاء عدتها او كانت حاملا مطلقا. ومن لا تجب لها وهي الناشز والمطلقة البائن بغير حمل. وكذلك عند الاصحاب من لا يوطأ مثلها كبنت دون تسع وظاهر الادلة وجوبها فانه وان كان لا يمكن وطؤها فان بقية الاستمتاعات حاصلة بها فبأي شيء تسقط نفقتها وهي زوجة. واما نفقة القريب فيشترط لها شرطان. غنى المنفق وفقر المنفق عليه. ويكفي هذان الشرط في الاصول والفروع. ويزاد في غيرهم ان يكون المنفق وارثا للمنفق عليه بفرض او تعصيب. وهذه النفقات تتبع العرف والكفاية وكذلك نفقة المماليك من الادميين والبهائم. ومن الفروق المتنوعة بين النكاح وبين سائر العقود ما يزيد على عشرين فرقا قد في كتاب الارشاد. ولنقتصر على هذه الامثلة من الفروق والتقاسيم. مع ان المتأمل يدرك اكثر من ذلك والله اعلم والله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم. قال ذلك الفقير الى ربه عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله السعدي. غفر الله له ولوالديه لجميع المسلمين فرغ منه في الثاني والعشرين من ربيع الاول سنة خمس وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة