المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الحدود قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب الحدود الحد لغة المنع والحدود اصطلاحا عقوبات مقدرة شرعا على معاص لتمنع من الوقوع في مثلها وهذه الحكمة في الحدود ذكروها مع الحد والحدود نعمة من الله تعالى فان كثيرا من الناس لا يمنعهم من فعل المعصية الا اذا علموا انه يقام عليهم الحد الذي امر الله به الحدود تردع عن فعل المعصية فاذا فعلت المعصية واقيمت الحدود ارتدع من اقيم عليه الحد فلا يعود الى فعله وارتدع غيره لان لا يفعل به كما فعل بهذا والحدود حق لله تعالى فاذا بلغت الامام وجب اقامتها وحرمت حينئذ الشفاعة فيها ومن شفع حينئذ فهو ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما ورد لعن الله من حالت شفاعته دون حد من حدود الله وورد اذا بلغت الحدود فلعن الله الشافع والمشفع وفي اقامة الحدود صلاح العالم وفي عدم ذلك خراب الديار وفساد العالم ولا فرق في ذلك بين الشريف والوضيع فالحدود حق لله تعالى لا يجوز تركها كما تقدم ان القصاص حق للادمي وقد ندب الله تعالى الى العفو عن ذلك كما تقدم ما لم يكن مرجح للقصاص الاربعون والثلاثمائة الحديث الاول عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال قدم ناس من عقل او عرينة فاجتووا المدينة فامر لهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بلقاح وامرهم ان يشربوا من البانها وابوالها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واستاقوا النعم فجاء الخبر في اول النهار فبعث في اثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فامر بهم فقطعت ايديهم وارجلهم وسمرت اعينهم وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون قال ابو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد ايمانهم وحاربوا الله ورسوله رواه البخاري ومسلم اجتويت البلاد اذا كرهتها وان كانت موافقة واستوبأتها اذا لم توافقك قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس قدم ناس من عقل او عرينة شك من احد الرواة وقد ورد ان بعضهم من عكل وبعضهم من عرينة وقوله فاجتووا المدينة اي كرهوها واستوخموها فتورمت لحومهم وانتفخت بطونهم لانهم استنكروا البلاد بعد البرية وكانت المدينة فيها حمى عظيمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان ينقل الله حماها الى الجحفة فنقلها الله تعالى وبقي فيها بقية يسيرة وقوله فامر لهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بلقاح اي من ابل الصدقة وامرهم ان يشربوا من البانها وابوالها فانطلقوا اي وفعلوا ما امرهم به من ذلك فلما صحوا اي برئوا من المرض قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واستاقوا النعم فجاء الخبر في اول النهار فبعث في اثارهم اي من يطلبهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فامر بهم فقطعت ايديهم وارجلهم اي من خلاف كما امر الله تعالى وسمرت اعينهم اي احمية المسامير بالنار وفضخت بها اعينهم لانهم فعلوا ذلك بالراعي وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون اي تركوهم يعضون حجارة الحرة فهذه اشنع القتلات على الاطلاق والعياذ بالله لان فعلهم اشنع الافعال ولهذا قال ابو قلابة فهؤلاء سرقوا اي النعم وقتلوا اي الراعي وكفروا بعد ايمانهم اي ارتدوا لان الايمان لم يدخل قلوبهم كما قال تعالى عن الاعراب قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان ما نفي قلوبكم الاية والا فمن دخل الايمان قلبه لم يرض به بديلا ولهذا قال هرقل في جواب اسئلته لابي سفيان وسألتك هل يرتد احد منهم سخطة لدينه فزعمت ان لا وكذلك الايمان اذا خالطت بشاشته القلوب وقوله وحاربوا الله ورسوله اي قطعوا الطريق وورد ذكر الحرابة لله ورسوله في موضعين من القرآن احدهما في قطاع الطريق في قوله انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الاية الثاني في اكل الربا في قوله فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم الاية ففي هذا الحديث حد قطاع الطريق وقد ثبت ذلك بالكتاب والسنة ففي الكتاب قوله تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الاية وفي السنة هذا الحديث ومن نظر الى ظاهر الاية ظن ان عذابهم على وجه التخيير ولكن قد فسر الاية حبر الامة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما فقال ان قتلوا واخذوا المال قتلوا حتما وصلبوا ولو عفا ولي المقتول لان الحق لله تعالى وان قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وان اخذوا المال ولم يقتلوا قطعت ايديهم وارجلهم من خلاف اي تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ولا تقطع اليد والرجل من جانب واحد لان القصد تأديبهم لا اتلافهم وان لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا وانما اخاف السبيل نفوا من الارض اي بان يشردوا فلا يتركون يأوون الى بلد حتى تظهر توبتهم وهذا معنى الاية والمراد منها لان افعالهم مختلفة كما ترى فجعل العقاب على قدر الظلم ومن فوائد هذا الحديث مشروعية استعذاب الهواء واجتناب الوخام لاجل حفظ الصحة ومنها ان الرجوع الى ما اعتاده الانسان معين على حفظ صحته فاذا ترك ما اعتاد فعله فمرض بسبب ذلك فدواؤه ان يرجع الى عادته ولهذا امرهم ان يرجعوا الى عادتهم ومنها مشروعية التداوي ومنها ان ابوال الابل والبانها اذا خلطا كانا دواءا نافعا خصوصا للمرض المتأثر من الوخام واستنكار الاغذية ومنها ان بول الابل طاهر ومثلها كل ما يؤكل لحمه من الحيوانات لانه ورد ان الله تعالى لم يجعل دواء امتي فيما حرم عليها وايضا فلو سلم انه امرهم بالتداوي به لاجل الضرورة والا فهو محرم للزم ان يأمرهم بغسل اثره في افواههم عند ارادة الصلاة فالصحيح ان بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر ومنها ان الصلب كما يحصل بربطه على خشبة في مجمع الناس حتى يشتهر امره فانه يحصل بالقائه في الارض في مجمع الناس وتركه يومين او ثلاثة حتى يشتهر امره