المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحادي والاربعون والثلاثمائة الحديث الثاني عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابي هريرة وزيد ابن خالد الجهني رضي الله عنهما انهما قالا ان رجلا من الاعراب اتى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال يا رسول الله انشدك الله الا قضيت بيننا بكتاب الله فقال الخصم الاخر وهو افقه منه نعم فاقض بيننا بكتاب الله واذن لي فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قل فقال ان ابني كان عسيفا على هذا فزنا بامرأته واني اخبرت ان على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة فسألت اهل العلم فاخبروني انما على ابني جلد مائة وتغريب عام وان على امرأة هذا الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والذي نفسي بيده لاقضين بينكم بكتاب الله الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام وغدو يا انيس لرجل من اسلم الى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها فغدى عليها فاعترفت فامر بها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرجمت رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود هذا احد الفقهاء السبعة الذين اشتهروا في المدينة بالفقه وهم من اجلاء التابعين وعدهم بعضهم في بيت فقال اذا قيل من في العلم سبعة ابحر روايتهم ليست عن الفقه خارجة فخذهم عبيد الله عروة قاسم سعيد ابو بكر سليمان خارجه وقوله عن ابي هريرة وزيد ابن خالد الجهني انهما قالا ان رجلا من الاعراب اتى الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال يا رسول الله انشدك الله الا قضيت بيننا بكتاب الله الى اخره وهذا كلام لا يقال لمثل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لانه لا يقضي الا بكتاب الله وكلامه شرعا فهو المبين عن الله احكامه وانما يقال هذا الكلام لمن يتهم في حكمه ولكن لا غرابة في هذا على الاعراب كما قال الله عنهم الاعراب اشد كفرا ونفاقا واجدر واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله ولكنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم يتحمل منهم ويصبر على ما يقولون لانه كان ينزل الناس منازلهم لما جبله الله عليه من الاخلاق الكريمة ولهذا امره الله بذلك في قوله خذ العفو وامر بالعرف اي خذ ما تيسر من اخلاق الناس ونحو ذلك فقال الخصم الاخر وهو افقه منه نعم فاقض بيننا بكتاب الله واذن لي اي ان اتكلم وابين لك حالنا وجميع دعوانا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قل فقال ان ابني كان عسيفا على هذا اي اجيرا عنده يرعى ماشيته فزنى بامرأته واني اخبرت ان على ابن الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة اي ولا يرفع ابني لان لا يرجم فسألت اهل العلم اي الذين يعلمون حدود ما انزل الله فاخبروني ان ما على ابني جلد مائة وتغريب عام وان على امرأة هذا الرجم اي لان ابنه بكر والمرأة ثيبة والظاهر انهم تلقوا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لان هذا العلم حق فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والذي نفسي بيده لاقضين بينكم بكتاب الله وهذا قسم منه على هذا الحكم وقد ورد عنه القسم في قضايا كثيرة واذا تأملت تلك المواضع وجدتها كلها لائقة للقسم لان المخبر كانه شاك في ذلك الحكم والقسم مما يؤكد ذلك وفيه ان حكم الرسول حكم بكتاب الله وان ما شرعه بالسنة هو تفسير لكتاب الله وكانت دعواهما بالغنم والوليدة فلهذا قال الوليدة والغنم رد عليك اي لانه اخذها بلا عوض شرعي فهو داخل في قوله تعالى ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وكم دخل في هذه الاية من الاقسام الكثيرة فضلا عن انواعها وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام اي كما اخبره به اهل العلم وغدوياء انيس لرجل من اسلم الى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها فاعترفت فامر بها فرجمت ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها ان الذكر اذا زنا فعليه جلد مائة وتغريب عام والجلد بسوط وسط لا جديد ولا خلق ومنها ان الثيب يرجم حتى يموت ومنها انه لا بأس بالقسم على الصدق بل ربما استحب اذا كان المقام يقتضي ذلك مثل لو شك في الخبر والمطلوب تأكيده ومنها انه لا يجوز المعاوضة على تعطيل حد من حدود الله لانه يلزم اقامتها كما تقدم ومنها انه اذا عاوض على ذلك فهو باطل ويرد عليه ماله ويقام الحد وهنا قاعدة عظيمة ينبغي التنبه لها وهي ان من فعل شيئا لسبب ورتب الفعل على ذلك السبب ظانا وجوده فتبين عدم ذلك السبب ان فعله ذلك يلغى ولا يعتد به ومنها انه يجوز التوكيل في اثبات الحدود واستيفاءها فان اقامة الحدود الى الامام ولا يجوز لاحد ان عليه في ذلك فاذا وكل احدا في اثبات حد من الحدود او استيفائه ملك ذلك ومثله الامير والحاكم فانهم نواب الامام الاعظم ويستثنى الرقيق كما يأتي