المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الثالث والثلاثون في ان النية اساس الاعمال وبها صلاحها. قال تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه دون فضلا من الله ورضوانا. وقال صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فاخبر ان صلاح الاعمال وفسادها بالنيات وانه يحصل للعبد من الثمرات والنتائج بحسب نيته. ومعلوم ان جميع العبادات لا تصح الا بالنية بان ينوي ذلك العمل ويميز بين العادة والعبادات وبين مراتب العبادات. ثم لابد مع ذلك ان يكون القصد منها والغرض وجه الله وثوابه. وينبغي للعبد في العبادات ان يكون له فيها نية مطلقة عامة ونية خاصة مقيدة. فاما النية العامة فانه يعقد بقلبه هي عزما جازما لا تردد فيه ان جميع ما عمله من الاعمال الاعتقادية والبدنية والمالية والقولية والمركبة من ذلك مقصود بها وجه الله والتقرب اليه وطلب رضاه واحتساب ثوابه والقيام بما فرضه واحبه الله لعبده وانه عبد مطلق يتصرف تصرف العبد المملوك فهذه النية العامة التي تأتي على عقائد الدين واخلاقه واعماله الظاهرة والباطنة ينبغي ان انتهى في قلبه كل وقت وحين. لتقوى وتتم. ويكمل الله للعبد ما نقص من عمله. وما اخل به واغفله من حقوق العباد. لعل الله الله تعالى يجزيه على تلك النية الشاملة للدقيق والجليل من عمله اجرا وثوابا. ثم بعد تحقيق هذا الاصل الكبير الذي هو اساس الاعمال ينبغي للعبد ان يتعبد لله باخلاص في كل جزء من اعماله. فيستحضر بقوله ان عمله لله متقربا به اليه. راجيا ثواب من الله وحده لم يحمله على ذلك العمل غرض من الاغراض سوى قصد وجه الله وثوابه. ويسأل ربه تعالى ان يحقق له الاخلاص في كل بما يأتي وما يذر وان يقوي ايمانه ويخلصه من الشوائب المنقصة. وبهذه النية الصادقة يجعل الله البركة في اعمال العبد. ويكون يطير منها افضل من الكثير من عمل ما خلا قلبه من هذه النية. ثم اذا عرضت له العوارض المنقصات كالرياء وارادة تعظيم الخلق. فليبادر بالتوبة الى الله ويصرف قلبه عن هذه العوارض المنقصة لحال العبد التي لا تغني عنه شيئا ولا تنفعه نفعا عاجلا ولا اجلا ثم اذا حقق النية في العبادات فليغتنم النية في المباحات والعادات فليجعلها بالنية الصالحة عبادة او قريبة منها. وذلك بامرين احدهما ان ينوي ان كل مباح يشتغل به من اكل وشرب وكسوة ونوم وراحة وتوابعها يقصد به الاستعانة على طاعة لا القيام بواجب النفس والاهل والعائلة والمماليك. ويقول اللهم ما رزقتني مما احب من عافية وطعام وشراب ولباس مسكن وراحة بدن وقلب وسعة رزق. فاجعل ذلك خيرا لي ومعونة لي على ما تحبه وترضاه. واجعل سعيي في تحصيل القوت وبعه اداء للامر وقياما بالواجب واعترافا بفضلك ومنتك علي. فاني اعلم ان الفضل فضلك والخير خيرك. وليس لي حول ولا قوة ولا اقتدار على شيء من منافعي ودفع مضاري الا بك. فيتقرب الى ربه بالاستعانة بالله في ذلك. وبالاعتراف بنعمه ويقصد القيامة بالواجب وباحتساب الاجر والثواب حتى يتحقق بمعنى قوله صلى الله عليه وسلم انك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا اجرت عليها حتى ما تجعله في في امرأتك. وقوله صلى الله عليه وسلم الساعي على الارملة والمسكين ان كالمجاهد في سبيل الله واحسبه قال وكالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر. ثم مع هذه النية العامة التي تحيط بجميع مباحاته وعاداته فليستحضر عند ذلك كل جزء من اجزاء عاداته لتلك المقاصد الجليلة ليكون قلبه على الدوام لافتا الى ربه منيبا اليه متعبدا. ويكون اشتغاله بذلك الجزء من عاداته مصحوبا بحسن القصد. ليتم له الاجر وتحصل له معونة من الله وينزل الله له البركة ويكون مباركا اينما كان. وليجاهد نفسه على ذلك فانه لا يزال يمرنها حتى تألف الخير وترغب فاذا ذهب الى دكانه نوى مباشرة البيع والشراء المباح. وقصد الصدق والنصح في بيعه وشرائه. وفعل ما يسهل عليه من محاباة واحسان الى من يعامله. وتجنب الغش بكل انواعه ونوى بذلك كله قوام نفسه وعائلته ومن له حق عليه. وسأل ربه ان يبارك له في معاملته. وكذلك اذا باشر حرثه او صناعته او مهنته التي يتعاطاها فليستصحب النية الصادقة استعن ربه في حركاته كلها ويرجو رزقه وبركته فان الرجاء وانتظار الفضل من الله من اجل عبادات القلب واكبر الاسباب بركة هذه النية الصادقة الصدق والتوكل على الله. وليعلم العبد ان الله مسبب الاسباب وميسرها. فاياك ان تعجب بنفسك اذقك وذكائك فان هذا هو الهلاك وانما الكمال ان تخضع لربك وتكون مفتقرا اليه مضطرا اليه على الدوام. ثم انه لابد ان تكون الامور على ما تحب تارة وعلى ما تكره اخرى. فاذا جاءتك على ما تحب فاكثر من حمد الله والثناء عليه وشكره. لتبقى لك نعم وتنمو وتزداد واذا اتتك على ما تكره فوظيفتك الصبر والتسليم والرضا بقضاء الله وتدبيره لتكون غانما في الحالة كاين في يسرك وعسرك ومن هذا ما ذكرناه بقولنا