المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قصة يونس عليه السلام وهو من انبياء بني اسرائيل العظام. بعثه الله الى اهل نينوى من ارض الموصل. فدعاهم الى الله تعالى فابوا عليه ثم كرر عليهم الدعوة فابوا. فوعدهم العذاب وخرج من بين اظهرهم ولم يصبر الصبر الذي ينبغي ولكنه ابق مغاضبا لهم. وهم لما ذهب نبيهم هم لما ذهب نبيهم القيت في قلوبهم التوبة الى الله والانابة بعدما شهدوا مقدمات العذاب. فكشف الله عنهم العذاب. والظاهر ان يونس علم انكشاف العذاب عنهم. واستمر في ذهابه عنهم ولهذا قال تعالى وذا النون اذ ذهب مغاضبا. وقال تعالى اذ ابق الى الفلك المشحون. فركب في سفينة موقرة من الركاب والاحمال. فلما توسطوا البحر فت على الغرق ودار الامر بين ان يبقوا جميعا فيها فيهلكوا وبين ان يلقوا بعضهم بمقدار ما تخف السفينة فيسلم الباقون اختاروا الاخيرة لعدلهم وتوفيقهم. فاقترعوا فاصابت القرعة اناسا منهم. ومنهم يونس عليه السلام ولهذا قال فساهم فكان من المدحضين. اي المغلوبين في القرعة فالقوا فابتلعه حوت في البحر ابتلاعا. لم يكسر له عظما ولم يمضغ له لحما. فلما صار في جوف الحوت في تلك الظلمات نادى لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. فامر الله الحوت ان تلقيه بالعراء. فخرج من بطنها كالفرخ المنعوت من البيضة في غاية الضعف والوهن. فلطف الله به انبت عليه شجرة من يقطين واظلته بظلها الظليل حتى قوي واشتد. وامره الله ان يرجع الى قومه فيعلمهم ويدعوهم فاستجاب له اهل بلده مائة الف او يزيدون فامنوا فمتعناهم الى حين وفي هذه القصة عتاب ليونس عليه السلام اللطيف. وحبسوه في بطن الحوت ليكون كفارة واية عظيمة وكرامة ليونس ومن نعمة الله عليه انه استجاب له هذا العدد الكثير من قومه فكثرة اتباع الانبياء من جملة فضائلهم وفيها استعمال القرعة عند الاشتباه في مسائل الاستحقاق والحرمان اذا لم يكن مرجح سواها. وفي عمل اهل السفينة هذا العمل دليل على القاعدة المشهورة انه يرتكب اخف الضررين لدفع الضرر الذي هو اكبر منه ولا ريب ان القاء بعضهم وان كان فيه ضرر فعطب الجميع اذا لم يلقى احد اعظم. وفيها ان العبد اذا كانت له مقدمة صالحة من ربه قد تعرف الى ربه في حال الرخاء ان الله يشكر له ذلك ويعرفه في حال الشدة بكشفها بالكلية او تخفيفها ولهذا قال في قصة يونس فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون وفيها ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم دعوة اخي ذي النون ما دعا الا فرج الله عنه. لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. وفيها ان الايمان ينجي من الاهوال والشدائد لقوله تعالى. وكذلك نن انجي المؤمنين. اي اذا وقعوا فيها لايمانهم