المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثامن والاربعون والثلاثمائة الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها ان قريشا اهمهم امر المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالوا ومن يجترئ عليه الا اسامة ابن زيد حبوا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فكلمه اسامة فقال اتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال انما اهلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد ويم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وفي لفظ كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بقطع يدها رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة ان قريشا اهمهم امر المخزومية التي سرقت الى اخره اي كبر عليهم وطلبوا امرا يتوصلون به الى ترك قطعها لانها من اكبر قبائل قريش فان بني مخزوم قبيلة كبيرة من اشرف قبائل قريش وعظمائهم واكثر صناديد اهل مكة من بني مخزوم فلهذا شق عليهم اقامة الحد عليها وطلبوا درء الحد عنها فطلبوا وسيلة يستشفعون بها الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكانت العادة قد جرته ان يستشفع الى الانسان باقرب الناس اليه واحبهم له وكان احب الناس الى رسول الله من امته اصحابه على قدر مراتبهم ومن احبائه اسامة بن زيد بن حارثة فهو حب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابن حبه اي يحبهما رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فان زيدا اول الامر تبناه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما تقدم حتى نزل قوله تعالى ما كان محمد ابا احد من رجالكم وقوله ادعوهم لابائهم الاية فنسب الى ابيه واسامة كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم محبة عظيمة فلهذا توسلوا به الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالوا ومن يجترئ على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا اسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يتدللوا على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويسأل منه ترك حدها فقالوا له كلم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فكلمه فغضب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غضبا لله تعالى فقال اتشفع في حد من حدود الله وقد تقدم التحذير من الشفاعة في الحدود بعد بلوغها وان الله ورسوله لعن الشافع والمشفع هذا بعد ظهورها وبلوغها الامام واما قبل ان تبلغ الامام فهل ينبغي ان يستر الانسان على من وجده يفعل معصية او يشفع فيه الى من اراد ان يرفعه الصحيح انه ينظر الى المصلحة فان كان رفعه اصلح رفعه وان كان الستر عليه اصلح ستر عليه وقوله ثم قام فاختطب الى اخره كانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا وقع امر يحتاج الى التنبيه عليه خطب الناس وبين لهم الحق وهذا من تبليغه ونصحه فنشهد بالله لقد بلغ البلاغ المبين صلى الله عليه وعلى اله وسلم وجزاه عن امته افضل الجزاء قوله انما اهلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيه الضعيف اقاموا عليه الحد كما تقدم في الزنا مثل هذا وهذا من تغييرهم لحكم الله وحدوده فلهذا اهلكهم الله بفعلهم ثم نبه على ما يجب فعله من العدل بين الناس في الاحكام شريفهم ووضيعهم قريبهم وبعيدهم غنيهم وفقيرهم في صفة الحد وعدده وغير ذلك فلا يدرأ عن الشريف او يقام عليه بعض الحد او يقام عليه خفية فهذا من فعل من غيروا حكم الله فاهلكهم الله بما اكتسبوا فقال ويم الله وهذا قسم منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاجل التأكيد لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها اي مع شرفها وفضلها وقربها منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلا يمنع ذلك من ترك اقامة الحد عليها ولكن حاشا سيدة نساء العالمين من ذلك الفعل وقوله في اللفظ الاخر كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده الى اخره اختلف العلماء هل يقطع جاحد العارية ام لا مذهب الائمة انه لا يقطع قالوا لانه خائن وليس بسارق وفي ذلك نظر ومذهب الامام احمد انه يقطع لهذا النص ولانه لا فرق بينه وبين السارق بل فعله اولى لان الشارع امر بالاحسان وبذل المعروف وقد امتثل المعير امر الشارع في ذلك وجحد العارية سبب لقطع الاحسان بين الناس وهذا هو الصحيح واجاب الائمة الثلاثة عن هذا الحديث بان هذه المرأة كانت تسرق وتجحد العارية فقطعها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لسرقها لا لجحدها العارية وهذا التأويل مخالف لظاهر اللفظ ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها تحريم الشفاعة في الحدود بعد بلوغها الامام ومنها وجوب العدل بين الناس كما تقدم ومنها وجوب قطع جاحد العارية كالسارق على الصحيح