ولذلك ولم يدخل الايمان في قلوبهم ولم يرد الله بهم خيرا. ففزعوا الى بهتهم وطغيانهم وقالوا سحرنا محمد ولكن علامة ذلك انكم تسألون من قدم اليكم من السفر فانه وان قدر على سحركم لا يقدر ان يسحر من ليس مشاهدا مثلكم ان يحضره من كان قسمته. ويحظر على من ليس بقسمة له. فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر صاحبهم الذي باشر عقرها الذي هو اشقى القبيلة. فتعاطى اي ان قاد لما امروه به من عقرها فعقر فكيف كان عذابي ونذره؟ كان اشد عذاب واحدة فكانوا كهشيم المحتضر. ارسل الله عليهم صيحة ورجفة اهلكتهم عن اخرهم نجى الله صالحا ومن امن معه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. اقتربت الساعة وان شق القمر تعالى ان الساعة وهي القيامة اقتربت وان اوانها وحان وقت مجيئها ومع ذلك فهؤلاء المكذبون لم مكذبين بها غير مستعدين لنزولها. ويريهم الله من الايات العظيمة الدالة على وقوعها ما يؤمن على مثله البشر فمن اعظم الايات الدالة على صحة ما جاء به محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم انه لما طلب منه المكذبون ان يريهم من خوارق العذاب ما يدل على صحة ما جاء به وصدقه. اشار صلى الله عليه وسلم الى القمر باذن الله تعالى. فانشق فلقتين فلقة على جبل ابي قبيس وفلقة على جبل قعيقعان. والمشركون وغيرهم يشاهدون هذه الاية الكبرى. الكائنة في العالم العلوي التي لا يقدر الخلق على التمويه بها والتخييل. فشاهدوا امرا ما رأوا مثله. بل ولم يسمعوا انه جرى لاحد من المرسلين قبله نظيره. فانبهروا فسألوا كل من قدم فاخبرهم بوقوع ذلك. فقالوا سحر مستمر. سحرنا محمد وسحر غيرنا. وهذا من البهت الذي في لا يروج الا على اسفه الخلق واضلهم عن الهدى والعقل. وهذا ليس انكارا منهم لهذه الاية وحدها. بل كل اية تأتي فانهم مستعدون لمقابلتها بالباطل والرد لها. ولهذا قال وان يروا اية يعرضوا ويقولوا وان يروا اية يعرضوا ولم يعد الضمير على انشقاق القمر فلم يقل وان يروا بل قال وان يروا اية يعرضوا وليس قصدهم اتباع الحق والهدى وانما قصدهم اتباع الهوى. ولهذا قال وكذبوا واتبعوا اهواءهم كقوله تعالى فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم فانه لو كان قصدهم اتباع الهدى لامنوا قطعا اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم. لانه اراهم الله على يديه من البينات والبراهين والحجج القواطع. ما دل على جميع المطالب الالهية والمقاصد الشرعية وكل امر مستقر. اي الى الان لم يبلغ الامر غايته ومنتهاه. وسيصير الامر الى اخره يتقلب في جنات النعيم ومغفرة الله ورضوانه. والمكذب يتقلب في سخط الله وعذابه. خالدا مخلدا ابدا وقال تعالى مبينا انهم ليس لهم قصد صحيح ولا اتباع للهدى ما فيه مزدجر. ولقد جاءهم من الانباء اي الاخبار السابقة واللاحقة والمعجزة الظاهرة ما فيه مزدجر. اي زاجر يزجرهم عن غيهم وضلالهم. وذلك حكمة منه تعالى بالغة بالغة فما تغن الندر. اي لتقوم حجته على المخالفين. ولا يبقى لاحد على الله حجة بعد الرسل فما تغني النذر كقوله تعالى ولو جاءتهم كل اية لا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قد كان ان المكذبين لا حيلة في هداهم فلم يبق الا الاعراض عنهم والتولي عنهم فقال وانتظر بهم يوما عظيما وهولا جسيما. وذلك حين يدعو الداع اسرافيل عليه السلام الى شيء نكر. اي الى امر فظيع الخليقة فلم تر منظرا افظع ولا اوجع منه فينفخ اسرافيل نفخة يخرج بها الاموات من قبورهم لموقف القيامة خشعن ابصارهم اي من الهول والفزع الذي وصل الى قلوبهم فخضعت وذلت وخشعت لذلك ابصارهم يخرجون من الاجداث اي وهي القبور كانهم من كثرتهم وروجان بعضهم ببعض جراد منتشر اي مبثوث في الارض كثير جدا يقول الكافرون هذا يوم عسير مهطعين الى الداع اي مسرعين لاجابة النداء الداعي. وهذا يدل على ان الداعي يدعوهم ويأمرهم بالحضور لموقف القيامة فيلبون دعوته ويسرعون الى اجابته. يقول الكافرون الذين قد حضر عذابهم كما قال تعالى على الكافرين غير يسير. مفهوم ذلك انه يسير سهل على المؤمنين ما ذكر تبارك وتعالى حال المكذبين لرسوله. وان الايات لا تنفع فيهم ولا تجدي عليهم شيئا. انذرهم وخوفهم بعقوبات الامم الماضية المكذبة للرسل وكيف اهلكهم الله واحل بهم عقابه؟ فذكر قوم نوح اول رسول بعثه الله الى قوم يعبدون الاصنام فدعاهم الى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له. فامتنعوا من ترك الشرك وقالوا لا تذرن الهتكم. ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا. ولم يزل نوح يدعوهم الى الله ليلا ونهارا. وسرا وجهارا فلم يزدهم ذلك الا عناد وطغيان وقدحا في نبيهم. ولهذا قال هنا فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون. لزعمهم ان ما هم عليه واباؤهم من الشرك الضلال هو الذي يدل عليه العقل. وان ما جاء به نوح عليه الصلاة والسلام وجهل وضلال. لا يصدر الا من المجانين. وكذبوا في ذلك وقلبوا الحقائق الثابتة شرعا وعقلا. فان ما جاء به هو الحق الثابت الذي يرشد العقول النيرة المستقيمة. الى الهدى والنور والرشد ما هم عليه جهل وضلال مبين. وقوله وازدجر اي زجره قومه وعنفوه عندما دعاهم الى الله تعالى. فلم يكفهم قبحهم الله عدم الايمان به ولا تكذيبهم اياه. حتى اوصلوا اليه من اذيتهم ما قدروا عليه. وهكذا جميع اعداء الرسل. هذه حالهم مع انبياء فعند ذلك دعا نوح ربه فقال اني مغلوب لا قدرة لي على الانتصار منهم. لانه لم يؤمن من قومه الا القليل النادر. ولا قدرة لهم على مقاومة قومهم فانتصر اللهم لي منهم. وقال في الاية الاخرى ربي لا تذر على الارض من الكافرين ديارا. فاجاب الله سؤاله وانتصر صار له من قومه قال تعالى اي كثير جدا متتابع وفجرنا الارض عيونا فجعلت السماء ينزل منها من الماء شيء خارق للعادة وتفجرت الارض كلها حتى التنور الذي لم تجري العادة بوجود الماء فيه. فضلا عن كونه منبعا للماء لانه موضع النار فالتقى الماء اي ماء السماء والارض على امر من الله له بذلك قد قدر. اي كتبه الله في الازل وقضاه عقوبة لهؤلاء الظالمين الطاغين. اي ون نجينا عبدنا نوحا على السفينة ذات الالواح والدسر. اي المسامير التي قد سمرت بها الواحها. وشد بها اسرها باعيننا جزاء لمن كان كفيل. تجري باعيننا اي تجري بنوح ومن امن معه ومن حمله من اصناف المخلوقات برعاية من الله. وحفظ منه لها عن الغرق ونظر وكلاءة منه تعالى. وهو نعم الحافظ الوكيل لمن كان كفل. اي فعلنا بنوح ما فعلنا من النجاة من الغرق العام جزاء له حيث كذبه قومه وكفروا به فصبر على دعوتهم واستمر على امر الله فلم يرده عنه راد ولا صده وعنه صاد كما قال تعالى عنه في الاية الاخرى قيل يا نوح اهبط سلام منا وبركات عليك وعلى امم ممن معك اكمل ان المراد انا اهلكنا قوم نوح وفعلنا بهم ما فعلنا من العذاب والخزي. جزاء لهم على كفرهم وعنادهم. وهذا متوجه على قراءة من قرأها بفتح الكاف ولقد تركناها اية فهل من مدكل؟ اي ولقد تركنا قصة نوح مع قومه اية يتذكر بها المتذكرون. على ان من عصى الرسل وعاندهم اهلكه الله بعقاب عام شديد. او ان الضمير يعود الى السفينة وجنسها وان اصل صنعتها تعليم من الله لعبده نوح عليه السلام. ثم ابقى الله تعالى صنعتها وجنسها بين الناس ليدل ذلك على رحمته بخلقه وعنايته. وكمال قدرته وبديع صنعته. اي فهل متذكر للايات ملق ذهنه وفكرته لما يأتيه منها فانها في غاية البيان واليسر فكيف كان عذابي ونذر. كيف رأيت ايها المخاطب عذاب الله الاليم وانذاره الذي لا يبقي لاحد عليه حجة. اي قد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم الفاظه للحفظ والاداء ومعانيه للفهم والعلم. لانه احسن الكلام لفظا واصدقه معنى وابينه تفسيرا. فكل من اقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير. وسهله عليه. والذكر شامل لكل ما يتذكر به عالمون من الحلال والحرام واحكام الامر والنهي واحكام الجزاء والمواعظ والعبر والعقائد النافعة والاخبار الصادقة. ولهذا كان القرآن حفظا وتفسيرا اسهل العلوم واجلها على الاطلاق. وهو العلم النافع الذي اذا طلبه العبد اعين عليه. قال بعض السلف عند هذه الاية هل من طالب علم فيعان عليه؟ ولهذا يدعو الله عباده الى الاقبال عليه والتذكر بقوله ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمل. وعاد هي القبيلة المعروفة باليمن ارسل الله اليهم هودا عليه السلام يدعوهم الى توحيد الله وعبادته فكذبوه فارسل الله عليهم صرصر اي شديدة جدا في يوم نحس اي شديد العذاب والشقاء عليهم مستمر عليهم سبع ليال وثمانية في ايام حسوما تنزع الناس من شدتها فترفعهم الى جو السماء ثم تدفعهم بالارض فتهلكهم فيصبحون نخل منقع اي كان جثثهم بعد هلاكهم مثل جذوع النخل الخاوي. الذي اصابته الريح فسقط على الارض فما اهون الخلق على الله اذا عصوا امره؟ فكيف كان عذابي؟ فكيف كان عذابي كان والله العذاب الاليم والنذارة التي ما ابقت لاحد عليه حجة ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟ كرر تعالى ذلك رحمة بعباده وعناية بهم حيث دعاهم الى ما يصلح دنياهم واخراهم. اي كذبت ثمود وهم القبيلة المعروفة المشهورة في ارض الحجر. نبيهم صالحا عليه السلام. حين دعاهم الى عبادة الله وحده لا شريك له. وانذر العقاب انهم خالفوه فكذبوه واستكبروا عليه. وقالوا كبرا وتيها. فقالوا ابشرا منا واحدا ابشرا منا واحدا نتبعه؟ اي كيف نتبعه بشرا لا ملكا منا لا من غيرنا ممن هو اكبر عند الناس منا. ومع ذلك فهو شخص واحد. انا اذا اي ان اتبعناه وهو بهذه الحال لفي ضلال وسعر. اي انا لضالون اشقياء. وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم فانهم انفوا ان يتبعوا رسولا من البشر. ولم يأنفوا ان يكونوا عابدين للشجر والحجر والصور االقي الذكر عليه من بيننا؟ اي كيف يخصه الله من بيننا وينزل عليه الذكر؟ فاي مزية خصه من بيننا هذا اعتراض من المكذبين على الله لم يزالوا يدلون به ويصولون ويجولون ويردون به دعوة الرسل. وقد اجاب الله عن هذه شبهة بقول الرسل لاممهم. قالت رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم. ولكن الله يمن على من يشاء من عباده. فالرسل من الله عليهم بصفات واخلاق وكمالات. بها صلحوا لرسالات ربهم والاختصاص بوحيه. ومن رحمته وحكمته ان كانوا من البشر فلو كانوا من الملائكة لم يمكن البشر ان يتلقوا عنهم ولو جعلهم من الملائكة لعاجل الله المكذبين لهم بالعقاب العاجل المقصود بهذا الكلام الصادر من ثمود لنبيهم صالح تكذيبه. ولهذا حكموا عليه بهذا الحكم الجائر. فقالوا كذاب اشر. اي كثير الكذب والشر فقبحهم الله ما اسفه احلامهم واظلمهم. واشدهم مقابلة للصادق الناصحين بالخطاب الشنيع لا جرى ما عاقبهم الله حين اشتد طغيانهم فارسل الله الناقة التي هي من اكبر النعم عليهم اية من ايات الله ونعمة يحتلبون من ضرعها ما يكفيهم اجمعين. فتنة لهم اي اختبارا منه لهم وامتحانا اي اصبر على دعوتك اياهم وارتقب ما يحل بهم او ارتقب هل يؤمنون او يكفرون ان الماء قسمة بينهم كل شلب محتضر. اي اخبرهم ان الماء اي موردهم الذي يستعذبونه قسمة بينهم وبين الناقة لها شرب يوم ولهم شرب يوم اخر معلوم. كل شرب محتضر