المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثاني والخمسون والثلاثمائة الحديث الثاني عن ابي موسى رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اني والله ان شاء الله لا احلف على يمين فارى غيرها خيرا منها الا اتيت الذي هو خير وتحللتها رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي موسى اني والله ان شاء الله لا احلف الى اخره سبب هذا الحديث هم قوم ابي موسى الاشعري فانهم اتوا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليحملهم في غزوة تبوك ولم يكن عنده شيء يحملهم فردهم وكان قد اشتغل واهتم فالحوا عليه فحلف لا يحملهم فاتاه بعد ذلك مال فاستلحقهم وحملهم فقيل له يا رسول الله انك قد حلفت فقال اني والله ان شاء الله الى اخره قوله فارى غيرها خيرا منها الى اخره ضابطه اذا حلف على ترك واجب او مستحب او فعل محرم او مكروه فيجب الحنت او يستحب تبعا لما حلف عليه وفي هذا الحلف على ترك حملهم وحملهم من افضل القربات لانه من الجهاد في المال وهذا امتثال منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لامر الله تعالى حيث قال ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا الاية فلم يمنعه يمينه من فعل الخير وقوله وتحللتها اي كفرت وقيل ان التحلة اخراج الكفارة قبل الحنف واذا اخرجها بعد الحنث فهي كفارة وهذا من كرم الله وفضله على هذه الامة فان الكفارة من خصائص هذه الامة ولهذا لما حلف ايوب على ضرب امرأته وكانت امرأة صالحة فافتاه الله ان يضربها بضغث وهو الاعواد المجتمعة اما من الشماريخ او غيرها فخفف الله عنه ولو كانت الكفارة مشروعة لهم لامره بها ولم يأمره بضربها بالضغث فان قيل هل يأثم الحانث ام لا فالجواب ان نوى ان يكفر والتزم ذلك لم يأثم بالحنث وان لم ينوي التكفير اثم بالحنث وينبغي ان يعلم هنا ما هي اليمين التي يجب بالحنث بها كفارة وما هو لغو اليمين قال تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذ ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فلا تجب الكفارة الا في اليمين التي عقدها وهي التي يقصد تأكيد الفعل بها او الترك فهذه هي التي تجب فيها الكفارة واما لغو اليمين هو الذي يجري على لسانه من غير قصد لعقد اليمين كقوله في عرض كلامه لا والله وبلى والله فهذه لا يجب فيها كفارة واختلفوا فيما اذا حلف على غيره ولم يقصد الحث او المنع وانما قصد اكرامه مثل ان يحلف عليه ان يتقدم الى مجلس ونحو ذلك مما يقصد به الاكرام فالمذهب انه يجب بالحنث به كفارة لانه كالتأكيد وعنه انه لغو لا يجب بالحنث به كفارة وهو الصحيح واما حليفه على غيره لقصد الحث او المنع ففي الحنث به كفارة وهذا من المواضع التي اقسم فيها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفيه تأكيد هذا الامر حيث اقسم عليه والا فهو الصادق المصدق ومجرد كلامه حجة من دون قسم وفيه انه ينبغي لمن حلف على امر مستقبل ان يستثني كما يأتي