المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله نحمده ونستعينه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهد الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي يا له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله قولوا صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فاني وضعت لي ولاخواني منظومة مشتملة على امهات قواعد الدين وهي وان كانت قليلة الالفاظ فهي كثيرة المعاني لمن تأملها. ولكنها تحتاج الى تعليق يوضحها. ويكشف معانيها. وامثلتها تنبه الفطن على ما وراء ذلك فوضعت عليها هذا الشرح اللطيف تيسيرا لفهمها. واسأل الله ان ينفع به يواضعه وقارئه. ويجعله خالصا لوجهه الكريم. انه رؤوف رحيم وجامع الاشياء والمفرقين اما الحمد فهو الثناء على الله بصفات كماله. وسبوغ نعمه وسعة جوده وبديع حكمته. لانه تعالى كامل الاسماء والصفات والافعال. ليس في اسمائه اسم مذموم. بل كلها اسماء حسنى. ولا في صفاته صفة نقص وعيب بل هي صفات كاملة من جميع الوجوه. وهو تعالى جميل الافعال. لان افعاله دائرة كن بين العدل والاحسان. وهو محمود على هذا وعلى هذا اتم حمد واكمله والله هو المألوف المعبود. الذي يستحق ان يؤله ويعبد بجميع انواع العبادة. ولا اشرك به شيء لكمال حمده. العلي الذي له العلو التام المطلق من جميع الوجوه علو الذات وعلو القدر وعلو القهر. الارفق اي الرفيق في افعاله فافعاله رفق على غاية المصالح والحكمة. وقد اظهر لعباده من اثار رفقه. ما يستدلون به على كماله وكمال حكمته ورفقه كما في خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام. مع انه قادر على ان مخلوقها في لحظة. وكذلك خلقه الانسان والحيوانات والنبات. على اختلاف في انواعه يخلقها شيئا فشيئا حتى تنتهي وتكمل. مع قدرته على تكميلها في في لحظة ولكنه رفيق حكيم. فمن حكمته ورفقه تطويرها في هذه الاطوار فلا تنافي بين قدرته وحكمته. كما انه يقدر على هداية الضالين ولكن حكمته اقتضت ابقاءهم على ضلالهم عدلا منه تعالى. ليس ظلما. لان اعطاء الايمان والهدى محض فضله. فاذا منعه احدا لم يعد ظالما. لا سيما اذا كان المحل غير قابل للنعم. فكل صفة من صفاته تعالى لها اثر في الخلق والامر. ولا لا ينافي بعضها بعضا. ومن فهم هذا الاصل العظيم انحلت عنه اشكالات كثيرة. في معرفة اسماء الله وصفاته. ونزل كل اسم من اسماء الله في محله اللائق به وقولي وجامع الاشياء والمفرق انه تعالى جمع الاشياء في شيء فرقها في شيء اخر. كما جمع بين خلقه في كونه خلقهم ورزقهم. وفرق بينهم في الاشكال والصور والطول والقصر والسواد والبياض. والحسن والقبح وغير ذلك من الصفات كل هذا صادر عن كمال قدرته وحكمته. ووضعه الاشياء مواضعها اللائقة بها والله اعلم. ذي النعم الواسعة الغزيرة. والحكم الباهرة كثيرة هذا بيان لسعة فضله وعطاياه الشاملة لجميع خلقه فلا يخلو مخلوق من نعمه طرفة عين. ولا سيما الادمي. فان الله فضله وشرفه وسخر له ما في السماوات وما في الارض. واسبغ عليه نعمه الظاهرة والباطنة ولا يمكن تعداد نعمه. قال تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الله لغفور رحيم. ولكنه قال رضي من شكر نعمه بالاعتراف بها والتحدث بها. وصرفها في طاعة الله. والا لا يستعان بشيء من نعمه على معاصيه. وقولي والحكم الباهرة الكثيرة يعني ان حكمه تعالى كثيرة تبهر العقول. وتتعجب منها غاية العجب. فان ان جميع مخلوقاته ومأموراته مشتملة على غاية الحكمة. ومن نظر في هذا الكون عجائبه وسمائه وارضه. وشمسه وقمره وكواكبه وفصوله وحيوانه واشجاره ونباته وجباله وبحاره. وجميع ما يحتوي عليه. رأى فيه العجائب العظيمة. ويكفي الانسان نفسه. فانه اذا نظر الى كل عضو من اه ايه علم انه لا يصلح في غير محله. ثم الصلاة مع سلام دائم على الرسول القرشي الخاتم. واله وصحبه الابرار الحائزي ما راتب الفخار. اما الصلاة من الله فهي ثناؤه على عبده في الملأ الاعلى ففيها حصون الخير والسلام فيه دفع الشر والافات والرسول من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه. والخاتم الذي ختم الله به ورسله. فلا نبي بعده. وال النبي هم اتباعه على دينه الى يوم القيامة فيدخل فيه الصحابة فيكون عطفهم عليهم من باب عطف الخاص على العام لمزيتهم وشرفهم بالعلم النافع والعمل الصالح. والتقى الكامل الذي اوسع جبلهم مفاخر الدنيا والاخرة. رضي الله عنهم. اعلم هديت ان افضل علم يزيل الشك عنك والدرن. ويكشف الحق لذي القلوب ويوصل العبد الى المطلوب. يعني ان منن الله على العباد كثيرة وافضل ما من الله على عبده به هو العلم النافع. وعلامة كون العلم نافعة ما ذكرت من النظم انه يزيل عن القلب شيئين وهما الشبهات والشهوات فالشبهات تورث الشك. والشهوات تورث درن القلب وقسوته. وتثبت البدن عن طاعات فعلامة العلم النافع انه يزيل هذين المرضين العظيمين. ويجلب للعبد في مقابلتهما شيئين وهما. اليقين الذي هو ضد الشكوك. والايمان التام الموصل للعبد لكل مطلوب. المثمر للاعمال الصالحة. الذي هو ضد للشهوات فكلما ازداد الانسان من العلم النافع حصل له كمال اليقين وكمال الارادة لا تتم سعادة العبد الا باجتماع هذين الامرين. وبهما تنال الامامة في الدين. قال تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون. ودرجات اليقين ثلاث. كل واحدة اعلى لا من الاخرى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين. فعلم اليقين كعلمنا الان والنار وعين اليقين اذا ورد الناس القيامة. وازلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين. فرأوهما قبل الدخول. وحق اليقين اذا دخلوهما وحاصل ذلك ان العلم شجرة تثمر كل قول حسن وعمل صالح والجهل شجرة تثمر كل قول وعمل خبيث. واذا كان العلم بهذه المثابة فينبغي للانسان ان يحرص كل الحرص. ويجتهد كل الاجتهاد في تحصيله. وان الاستعانة بالله في تحصيله. ويبدأ بالاهم فالاهم منه. ومن اهمه معرفة اصوله وقواعده. التي ترجع مسائله اليها. فلهذا قلت فاحرص على فهمك للقواعد. جامعة المسائل الشوارد ترتقي في العلم خير مرتقى. وتقتفي سبل الذي قد وفق. وهذه قواعد نظمتها. من كتب اهل العلم قد حصلتها. جزاهم المولى يا عظيم الاجر. والعفو مع غفرانه والبر. وهذا لان ان معرفة القواعد من اقوى الاسباب لتسهيل العلم. وفهمه وحفظه. لجمعها الى المتفرقة بكلام جامع. فصل ونية شرط لسائر العمل بها الصلاح والفساد للعمل. وهذه القاعدة انفع القواعد واجلها. وتدعو جميع ابواب العلم. فصلاح الاعمال البدنية والمالية. اعمال القلوب واعمال الجوارح انما هو بالنية. وفساد هذه الاعمال بفساد النية. فاذا صلحت النية صلحت الاقوال والاعمال. واذا فسدت النية فسدت الاقوال والاعمال. كما قال صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات. وانما لكل امرئ ما نوى. والنية لها مرتبتان احداهما تمييز العادة عن العبادة. وذلك ان الصوم مثلا هو ترك الطعام والشراب ونحوهما. ولكن تارة يتركه الانسان عادة. من غير نية التقرب الى الله في هذا الترك. وتارة يكون عبادة. فلا بد من التمييز بينهما الثاني تمييز العبادات بعضها من بعض. فبعضها فرض عين وبعضها فرض كفاية وبعضها راتبة او وتر. وبعضها سنن مطلقة. فلا بد من التمييز. ومن بالنية الاخلاص. وهو قدر زائد على مجرد نية العمل. فلا بد من نية نفس العمل المعمول له. وهذا هو الاخلاص. وهو ان يقصد العبد بعمله وجه الله لا يريد غيره فمن امثلة هذه القاعدة العبادات كلها. كالصلاة فرضها ونفلها والزكاة والصوم والاعتكاف والحج والعمرة. فارض الكل ونفله. والاضاحي والهدي والنذور والكفارات. والجهاد والعتق والتدبير. ويقال بل يسري هذا الى المباحات اذا نوى بها التقوي على طاعة الله او التوصل اليها كالاكل والشرب نوم واكتساب المال والنكاح والوطء فيه وفي الامة اذا قصد به الاعفاف. او تحصيل بلدي الصالح او تكفير الامة. وها هنا معنى ينبغي التنبه له. وذلك ان الذي يخاطب به العبد نوعان. امر مقصود فعله. وامر مقصود تركه. فاما المأمور به لابد فيه من النية. فهي شرط في صحته. وفي حصول الثواب به كالصلاة ونحوها واما ما يقصد تركه كازالة النجاسة في الثوب والبدن والبقعة. وكأداء الواجبة. فاما براءة الذمة من النجاسة اذا ازالها والديون اذا قضاها لا يشترط لها النية. فتبرأ الذمة ولو لم ينو. واما حصول الثواب عليها فلا بد فيه من نية التقرب الى الله في هذا. والله اعلم. الدين مبني في جلبها والدرء للقبائح. هذا الاصل العظيم القاعدة العامة يدخل فيها الدين كله. فكله مبني على تحصيل المصالح في الدين والدنيا الاخرة وعلى دفع المضار في الدين والدنيا والاخرة. فما امر الله بشيء الا فيه من المصالح ما لا يحيط به الوصف. وما نهى عن شيء الا وفيه من المفاسد ما لا يحيط به الوصف. فمن اعظم ما امر الله به التوحيد. الذي هو افراد الله بالعبادة وهو مشتمل على صلاح القلوب وسعتها. ونورها وانشراحها وزوالها قدرانها. وفيه مصالح البدن والدنيا والاخرة. واعظم ما نهى الله عنه الشرك في عباده سادته الذي هو فساد ومضرة في القلوب والابدان. والدنيا والاخرة. فكل خير في الدنيا والاخرة فهو من ثمرات التوحيد. وكل شر في الدنيا والاخرة فهو من ثمرة الشرك. ومما امر الله به الصلاة والزكاة والصيام والحج التي من فوائدها انشراح الصدر ونوره. وزوال همومه وغمومه. ونشاطه البدن وخفته ونور الوجه. وسعة الرزق والمحبة في قلوب المؤمنين. وفي الزكاة الصدقة ووجوه الاحسان زكاة النفس وتطهيرها. وزوال الوسخ والدرن عنها ودفع حاجة اخيه المسلم. وزيادة بركة ماله ونماؤه. مع ما في هذه الاعمال من عظيم ثواب الله الذي لا يمكن وصفه. ومن حصول رضاه الذي هو اكبر من كل شيء وزوال لسخطه. وكذلك شرع لعباده الاجتماع للعبادة في مواضع. كالصلوات الخمس والجمعة والاعياد ومشاعر الحج. والاجتماع لذكر الله والعلم النافع. لما في من الاختلاط الذي يوجب التواد والتواصل. وزوال التقاطع والاحقاد بينهم مراغمة الشيطان الذي يكره اجتماعهم على الخير. وحصول التنافس في الخيرات. واقتداء بعضهم ببعض وتعليم بعضهم بعضا. وتعلم بعضهم من بعض. وكذلك حصول الاجر الكثير الذي لا يحصل بالانفراد. الى غير ذلك من الحكم. واباح سبحانه البيع والعقود المباحة لما فيها من العدل ولحاجة الناس اليها. وحرم الربا وسائر العقود لما فيها من الظلم والفساد. والاغتناء الناس عنها. واباح الطيبات من المآكل والمشارب والملابس والمناكح. لما فيها من مصالح الخلق. ولحاجة الناس اليها ولعدم المفسدة فيها. وحرم الخبائث من المآكل والمشارب والملابس والمناكح ما فيها من الخبث والمضرة عاجلا واجلا. فتحريمها حماية لعباده وصيانة لهم لا بخلا عليهم. بل رحمة منه بهم. فكما ان عطاءه رحمة فمنعه رحمة مثال ذلك ان انزال المطر بقدر ما يحتاج اليه العباد رحمة منه تعالى اذا زاد بحيث تضر زيادته كان منعه رحمة. وبالجملة فاوامر الرب قوت القلوب وغذاؤها ونواهي داء القلوب وسمومها وكذلك المواريث والاوقاف وصايا وما في معناها مشتملة كلها على غاية المصلحة والمحاسن. ولا يمكن الحكم والمصالح في باب واحد من ابواب العلم. فضلا عن جميعه. قال ابن القيم رحمه الله. واذا تأملت الحكمة الباهرة في هذا الدين القويم. والملة الحنيفية الشريعة المحمدية التي لا تنال العبارة كما لها. ولا يدرك الوصف حسنها ولا تقترح عقول العقلاء. ولو اجتمعت وكانت على اكمل عقل رجل واحد منهم فوقها وحسب العقول الكاملة الفاضلة. ان ادركت حسنها وشهدت لها وانه ما طرق العالم اكمل منها ولا اعظم ولا اجل. ففيها الشاهد والمشهود له. والحجة والمحتج له الدليل والبرهان. ولو لم ياتي الرسول ببرهان عليها لكفى بها برهانا وشاهدا على انها ما من عند الله تعالى. وكلها شاهدة لله بكمال العلم. وكمال الحكمة الرحمة والبر والاحسان. والاحاطة بالغيب والشهادة والعلم بالمبادئ والعواقب وانها من اعظم نعم الله التي انعم بها على عباده. فما انعم على عباده نعمة اجل من ان هداهم لها. وجعلهم من اهلها وممن ارتضاهم لها وارتضاها لهم كما قال تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم يتلو عليهم اياته ويزكي ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا. وان كانوا مبين. ثم اطال الكلام في ذلك رحمه الله تعالى فان تزاحم عدد المصالح يقدم الاعلى من المصالح اذا دار الامر بين فعل احدى المصلحتين وتفويت الاخرى بحيث لا يمكن الجمع بينهما اوعي اكبر المصلحتين واعلاهما ففعلت. فان كانت احدى المصلحتين واجبة والاخرى سنة قدم الواجب على السنة. وهذا مثل اذا اقيمت الصلاة الفريضة. لم يجز ابتداء التطوع. وكذا اذا ضاق الوقت. وكذلك لا يجوز نفل الصيام والحج والعمرة وعليه فرض بل يقدم الفرض. وان كانت المصلحتان واجبتين قدم اوجبهما فيقدم صلاة الفرض على صلاة النذر ونحوها. وكالنفقة للزوجات والاقارب والمماليك. تقدم الزوجات ثم المماليك ثم الاولاد ثم الاقرب ثم الاقرب وكذا صدقة الفطر. وان كانت المصلحتان مسنونتين قدم افضلهما فتقدم الراتبة على السنة والسنة على النفل المطلق. ويقدم ما فيه نفع متعد كالتعليم وعيادة المريض واتباع الجنائز ونحوها على ما نفعه قاصر كالصلاة النافلة ونحوهما. وتقدم الصدقة والبر للقريب على غيره. ويقدم من عتق الرقاب اغلاها وانفسها. ولكن ها هنا امر ينبغي التفطن له. وهو انه قد يعرض للعمل المفضول من العوارض ما يكون به افضل من الفاضل. بسبب اقترانه بما يوجب التفضيل والاسباب الموجبة للتفضيل كثيرة منها. ان يكون العمل المفضول مأمورا به بخصوص هذا الموطن. كالاذكار في الصلاة وانتقالاتها والاذكار بعدها. والاذكار موظفة في اوقاتها تكون افضل من القراءة في هذه المواطن مع ان القراءة افضل من الذكر ومن الاسباب الموجبة للتفضيل ان يكون العمل المفضول مشتملا على مصلحة لا تكون في الفاضل. كحصول تأليف به او نفع متعد لا يحصل بالفاضل. او يكون في العمل المفضول دفع مفسدة. يظن حصولها في الفاضل. ومن الاسباب الموجبة للتفضيل ان يكون العمل المفضول ازيد مصلحة للقلب من الفاضل. كما قال الامام احمد رحمه الله تعالى انا لما سئل عن بعض الاعمال انظر الى ما هو اصلح لقلبك فافعل له هذه الاسباب تصير العمل المفضول افضل من الفاضل. بسبب اقترانها بها. وضد تزاحم المفاسد. يرتكب الادنى من المفاسد. المفاسد اما محرمة او مكروهات. كما ان المصالح اما واجبات او مستحبات. فاذا تزاحمت المفاسد فاسد بان اضطر الانسان الى فعل احداها فالواجب الا يرتكب المفسدة الكبرى. بل يفعل صغرى ارتكابا لاهون الشرين لدفع اعلاهما. فان كانت احدى المفسدتين والاخرى مكروهة. قدم المكروه على الحرام. فيقدم الاكل من المشتبه على الحرام الخالص. وكذلك يقدم سائر المكروهات على المحرمات. وان كانت المفسدتان حرام قدم اخفهما تحريما. وكذا اذا كانتا مكروهتين قدم اهونهما مراتب المحرمات والمكروهات في الصغر والكبر تستدعي بسطا كثيرا. قاعدة الشريعة التيسير في كل امر نبهوا تعسير. وذلك ان الشرع مبناه على الرأفة والرحمة والتسهيل. كما قال تعالى وما جعل في الدين من حرج. وذلك ان الامور نوعان. نوع لا يطيقه العباد فهذا لا يكلفهم الله به. والثاني يطيقونه. واقتضت حكمته امرهم به امرهم به. ومع هذا اذا حصل لهم بفعله مشقة وعسر. فلا بد ان يقع التخفيف فيه تيسير اما باسقاطه كله او تخفيفه وتسهيله. ويدخل في هذه القاعدة انواع من الفقه. منها في العبادات التيمم عند مشقة استعمال الماء. على حسب في تفاصيله في كتب الفقه. والقعود في الصلاة عند مشقة القيام في الفرض وفي النفل مطلقا وقصر الصلاة في السفر. والجمع بين الصلاتين. ونحو ذلك من رخص السفر ونحوها ومن التخفيفات ايضا. اعذار الجمعة والجماعة. وتعجيل الزكاة والتخفيفات في العبادات والمعاملات. والمناكحات والجنايات. ومن التخفيفات المطلقة قروض الكفايات وسننها. والعمل بالمظنون لمشقة الاطلاع على اليقين والله اعلم وليس واجب بلا اقتدار. ولا محرم مع اضطرار. وهاتان قاعدتان عظيمتان ذكرهما شيخ الاسلام وغيره. واتفق العلماء عليهما. فان الله فرض على عباده فرائض وحرم عليهم محرمات. فاذا عجزوا عن ما امرهم به وضعفت قدرهم عنه لم يوجب عليهم فعل ما لم يقدروا عليه. بل اسقطه عنهم. ومع هذا اذا كانت لهم اعمال قبل وجود هذا المانع. فانه يجري اجرها عليهم تفضلا منه تعالى كذلك حرم عليهم اشياء حماية لهم وصيانة. وجعل لهم في المبادرة فسحة عن المحرم. ومع هذا اذا اضطر الانسان الى المحرم جاز له فعله. فالضرورة تبيح المحظورات. كأكل الميتة وشرب الماء النجس عند الضرورة. وجواز محرم الحج وغيره عند الضرورة. ولكن يجب الا يأخذ من المحظور الا بقدر الضرورة فلهذا قلت وكل محظور مع الضرورة. بقدر ما تحتاجه اي فلا يزيد على ما تحتاج اليه الضرورة. بل اذا زالت الضرورة وجب الكف عن الباقي فيأكل من الميتة ونحوها بقدر ما يزيل الضرورة. وترجع الاحكام فلا يزيل الشك لليقين. ومعنا هذا ان الانسان متى حقق شيئا ثم شك هل زال ذلك الشيء المتحقق ام لا؟ الاصل بقاء المحقق فيبقى الامر على ما كان متحققا. فلو شك في امرأة هل تزوجها لم يكن له وطؤها لحكم التحريم. وكذا لو شك هل طلق زوجته ام لا لم تطلق. وله ان يطأها استصحابا للنكاح وكذا لو شك في الحدث بعد تيقنه الطهارة او عكسه. او شك في عدد الركعات او الطواف او السعي او الرمي ونحوه. ولا تختص هذه القاعدة بالفقه. بل الاصل في كل حادث عدمه. حتى يتحقق كما نقول. الاصل انتفاء الاحكام عن المكلفين حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك. والاصل في الالفاظ انها للحقيقة. وفي الاوامر انها عن الوجوب وفي النواهي انها للتحريم. الاصل بقاء العموم حتى يتحقق مخصص الاصل بقاء حكم النص حتى يرد الناسخ. ولاجل هذه القاعدة كان الاستصحاب حجة. وما بني على هذه القاعدة لا يطالب بالدليل. فانه مستند للاستصحاب. كما ان ادعى عليه في باب الدعاوى لا يطالب بحجة على براءة ذمته. بل القول في الانكار قوله بيمينه. ولما كانت الاحكام ترجع الى اصولها حتى يتيقن زوال الاصل احتيج الى ذكر اصول اشياء اذا شك فيها. رجع الى اصولها فقلت والاصل في مياهنا الطهارة والارض والثياب والحجارة. فالمياه وكلها بحارها وانهارها وابارها وعيونها. وجميع ما تحتوي عليه الارض من التراب والاحجار والسباخ والرمال. والمعادن والاشجار وجميع اصناف الملابس كلها طاهرة حتى يتيقن زوال اصلها بطرق النجاسة عليها. والاصل في الاوضاع واللحوم والنفس والاموال للمعصوم. تحريمها حتى فافهم هداك الله ما يمل يعني ان الاصل في هذه الاشياء التحريم حتى نتيقن الحل. فالاصل في الاضلاع التحريم والاضضاع وطأ النساء فلا يحل الا بيقين الحل. اما بنكاح صحيح او ملك يمين. وكذلك اللحوم الاصلية فيها التحريم حتى يتيقن الحل. ولهذا اذا اجتمع في الذبيحة سببان مبيح ومحرم غلب التحريم. فلا يحل المذبوح والمصيد. فلو رماه او ذبحه بالة مسمومة. او رمى فوقع في ماء او وطئه شيء يقتل مثله غالبا فلا يحل. وكذلك الاصل في المعصوم وهو المسلم او المعاهد. تحريم دمه وماله وعرضه. فلا تباح الا بحق فاذا زال الاصل اما بردة المسلم او زنا المحصن او قتل نفس او نقض المعاهد العهد حلق وكذلك اذا جنى الانسان جناية توجب قطع عضو او توجب عقوبة او مالا حل معه بقدر ما يقابل تلك الجناية. فاذا قطع عضوا او سرق ونحوه فاذا استدان وامتنع من الوفاء فيؤخذ من ما له بقدر ذلك الحق. سواء كان الدين لله او للخلق او نفقة للاقارب والمماليك والبهائم والضيف ونحوه. والاصل في عاداتنا الاباحة حتى يجيء صارف الاباحة. وليس مشروعا من الامور غير الذي في شرعنا مذكور. وهذان الاصلان ذكرهما شيخ الاسلام رحمه الله في كتبه. وذكر ان الاصل الذي بنى عليه الامام احمد مذهبه ان الاصل في العادات الاباحة فلا يحرم منها الا ما ورد تحريمه. وان الاصل في العبادة اداة الحظر. فلا يشرع منها الا ما شرعه الله ورسوله. فالعادات هي ما اعتاد الناس من المآكل والمشارب. واصناف الملابس والذهاب والمجيء والكلام. وسائر للتصرفات المعتادة. فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. اما بنص من صريح او يدخل في عموم او قياس صحيح. والا فسائر العادات حلال دليل على حلها قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا فهذا يدل على انه خلق لنا جميع ما في الارض. لننتفع به على اي وجه من وجوه انتفاع. واما العبادات فان الله خلق الخلق لعبادته. وبين في وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. العبادات التي يعبد بها وامر باخلاء لا صها له. فمن تقرب بها لله مخلصا فعمله مقبول. ومن تقرب الى الله غيريها فعمله مردود. كما قال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امر كورونا فهو رد. وصاحبه داخل في قوله تعالى ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله. وسائل امورك المقاصد. واحكم بهذا الحكم للزوائد. يعني ان الوسائل تعطى احكام المقاصد. فاذا كان مأمورا بشيء كان مأمورا بما لا يتم الا به. فما لا تتم الواجب الا به فهو واجب. وما لا يتم المسنون الا به فهو مسنون. واذا كان من عن شيء كان منهيا عن جميع طرقه ووسائله الموصلة اليه. فالوسيلة الى بواجبة كالمشي الى الصلاة للفريضة. والزكاة ونحوها. والجهاد واداء الحقوق اللازمة كحقوق الله وحقوق الوالدين والاقارب والزوجات والمماليك. فما لا تتم هذه الامور الا به فهو واجب. واما المسنون كالنافلة من الصلاة الصدقة والصيام والحج والعمرة. والمتعلقة بالخلق كحقوق الخلق المستحبة من صلة الارحام وعيادة المريض والذهاب الى مجالس العلم ونحوه. فما لا تتم هذه الا به هو مسنون كنقل الاقدام اليها ونحوه. واما المحرم فمنه الشرك الاكبر. وهو الشرك في العبادة. فيحرم كل قول وفعل يفضي اليه. او يكون وسيلة قريبة اليه ويكون شركا اصغر مثل الحلف بغير الله وتعظيم القبور. الذي لم يبلغ رتبة العبادة لانه ذريعة لعبادتها. وكذلك الوسائل الى سائر المعاصي الزنا وشرب الخمر ونحوهما. فالوسائل اليها محرمة. والوسيلة الى المكروه مكروهة وهذه القاعدة من انفع القواعد واعظمها واكثرها فوائد. ولعلها يدخل فيها ربع الدين. وقولي واحكم بهذا الحكم للزوائد الاشياء ثلاثة. مقاصد الصلاة مثلا ووسائل اليها كالوضوء والمشي. ومتممات لها كرجوعه الى محله الذي ذهب منه وقد ذكرنا ان الوسائل تعطى احكام المقاصد. فكذلك تميمات للاعمال تعطى احكامها. كالرجوع من الصلاة والجهاد والحج. واتباع الجنازة قيادة المريض ونحو ذلك. فانه من حين يخرج من محله للعبادة فهو في عبادة حتى يرى والخطأ والاكراه والنسيان. اسقطه معبود الرحمن. لكن مع الاتلاف يثبت البدل. وينتفي التأثيم عنه والزلل. وهذا من كمال جوده وكرمه تعالى. ورحمته بعباده انه لما كلف عباده باوامر يفعلونها ونواه يجتنبونها. انه اذا صدر منهم اخلال بالمأمور او ارتكاب للمحظور نسيانا او خطأ او اكراها انه يعفو عنهم ويسامحهم. لقوله صلى الله عليه وسلم عفي لامتي عن والنسيان وما استكرهوا عليه. قال ابن رجب رحمه الله في شرح الاربعين بعدما ذكر والنصوص الدالة على رفع الاثم عن المخطئ والناسي. والاظهر والله اعلم ان الناسي والمختطفون انما عفي عنهما بمعنى رفع الاثم عنهما. لان الاثم مرتب على المقاصد والنيات والناسي والمخطئ لا قصد لهما فلا اثم عليهما. واما رفع الاحكام فليس مرادا من هذه النصوص فيحتاج في ثبوتها ونفيها الى دليل اخر. والخطأ ان يقصد بفعله شيئا فيصادف فعله غير ما قصده. مثل ان يقصد قتل كافر فيصادف مسلما والنسيان ان يكون ذاكرا للشيء فينساه عند الفعل. وكلاهما معفو عنه. الى ان قال الفصل الثاني في حكم المكره وهو نوعان. احدهما من لخص اختيار له بالكلية ولا قدرة له على الامتناع. كمن حمل كرها وادخل الى مكان حلف على الامتنان من دخوله او حمل كرها. وضرب به غيره حتى مات ذلك الغير. ولا قدرة له على الامتناع. او اضجعت المرأة ثم زني بها. من غير قدرة على الامتناع. فهذا لا اثم عليه بالاتفاق. ولا يترتب عليه حنث عند الجمهور. وقد حكي عن بعض السلف كالنخاعي فيه خلاف. ثم قال النوع الثاني من اكره بضرب او غيره حتى فعل فهذا الفعل متعلق به التكليف. فانه يمكنه الا يفعل. فهو مختار للفكر لكن ليس غرضه نفس الفعل. بل دفع الضرر عنه. فهو مختار من وجه غير مختار من وجه ولهذا اختلف الناس هل هو مكلف ام لا واتفق العلماء على انه لو اكره قتل معصوم لم يصح له قتله. فانه انما يقتله باختياره. وافتداء نفسه قتله. هذا اجماع من العلماء المعتد بهم. ثم ذكر بعد هذا ان الاكراه على الاقوال معفو عنها. لا يأثم الانسان اذا اكره عليها وان الاكراه على الافعال فيه خلاف بين العلماء. انتهى كلامه رحمه الله تعالى والحاصل ان الاثم مرفوع عن هؤلاء الثلاثة. واما الضمان اذا اتلف نفسا او مالا فيضمنون. لان الضمان مرتب على نفس الفعل. سواء قصد او لم يقصد. واما اثم فمرتب على المقاصد والله اعلم. ومن مسائل الاحكام في التبع يثبتون اذا فوقع. يعني انه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا. فان من الاحكام اشياء يختلف حكمها في حال الانفراد. وفي حال التبع لغيرها. فلها حكم انفردت ولها حكم اذا تبعت غيرها. فمن ذلك في البيع لا يجوز بيع المجهول استقلالا ويجوز اذا كان تبعا لغيره. والجهالة يسيرة كاساسات الحيطان وما اختفى تبعا لما ظهر. والحشرات لا يجوز اكلها منفردة. ويجوز اكل الدود ونحوه تبعا ثمرة ونحوها. والنحل في ذبابه والطلاق لا يثبت بشهادة النساء. فاذا شهدت المرأة انها ارضعت المرأة وزوجها فسخ النكاح تبعا لقبول قولها في الرضاع العرف معمول به اذا ورد حكم من الشرع الشريف لم يحد. هذا معنى قول الفقهاء العادة محكمة. اي معمول بها. فاذا نص الشارع على حكم وعلق به شيء فان نص على حده وتفسيره. والا رجع الى العرف الجاري. وذلك كالمعروف في قوله تعالى وعاشروهن بالمعروف. وهذا الذي جرى عليه عرف الناس كذلك بر الوالدين وصلة الارحام. فكل ما يعد برا وصلة فهو داخل في ذلك وكذلك لفظ القبض والحرز والفاظ العقود كلها. يرجع فيه الى عرف الناس. ومنها هذا اذا امر حمالا ونحوه بحمل شيء من غير اجارة فله اجرة مثل عادته ويدخل في هذا تصرف الانسان في ملك غيره. واستعماله بغير اذنه. اذا جرت العادة بذلك والمسامحة كالتروح بمروحة غيره ودق بابه. ودخول ملكه ولو لم يأذن في لجريان العادة والعرف به. معاجل المحظور قبل ان هذا معنى قولهم من استعجل شيئا قبل اوانه عوقب بحرمانه. وهذا عام في احكام الدنيا والاخرة يدخل فيها مسائل كثيرة منها اذا قتل مورثه او من اوصى له بشيء او قتل العبد المدبر سيده. فانه يحرم الميراث والوصية والعتق. ومنها المطلق في مرض موته فان زوجته ترث منه ولو خرجت من العدة. وكذلك في احكام الاخرة. فمن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الاخرة. ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الاخرة وكما ان المتعجل للمحظور يعاقب بالحرمان فمن ترك شيئا لله تهواه نفسه عوضه الله خيرا منه في الدنيا والاخرة. فمن ترك معاصي الله ونفسه تشتهيها عوضه الله ايمانا في قلبه. وسعة وانشراحا وبركة في رزقه. وصحة في بدنه مع ما له من ثواب الله. الذي لا يقدر على وصفه. والله المستعان وان اتت التحريم في نفس العمل او شرطه فذو فساد وخلل هذا حكم العبادات الواقعة على وجه محرم. فان عاد التحريم الى نفس العبادة او عاد الى شرطها فالعمل باطل. مثاله الصلاة في وقت النهي. او وهو مستدبر القبلة او عليه فيه نجاسة. او وهو محدث او لم ينو او اخل بركن من اركان الصلاة او شرط من شروطها وكذلك صوم ايام النهي ونحو ذلك. فالعبادة في هذه المسائل باطلة واما ان كان التحريم لا يعود الى نفس العبادة ولا شرطها فان العبادة عبادة صحيحة مع التحريم. كالوضوء في الاناء المحرم ذهبا او فضة او مغصوبا او صلى وعليه عمامة حرير. او خاتم ذهب ونحو ذلك. فالصلاة صحيحة مع حرمة الاستعمال. ومتلف مؤذيه ليس يضمن. بعد الدفاع اذا صال عليه ادمي او حيوان او صيد في الاحرام فاتلفه دفعا عن نفسه لا ضمان عليه. ولكن يدفعه بالاسهل فالاسهل واما اذا اضطر الى صيد وهو محرم فاتلفه لضرورته فانه يضمن. ولكن لا اثم ما عليه قال ابن رجب في قواعده من اتلف شيئا لدفع اذاه له لم يضمنه ان اتلفه لدفع اذاه به ضمنه. ويتخرج عليه مسائل فذكرها. وان تفيد الكل في العموم في الجمع والافراد كالعليم. اذا دخلت العلن لفظ مفرد او لفظ جمع افادت الاستغراق والعموم لجميع المعنى. فدخولها على المفرد مثل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. والعصر ان انسان لفي خسر. الا الذين امنوا. اي كل انسان خاسر. لا يختص بإنسان دون غيره الا من استثني. وهم الذين امنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات جوارحهم وتواصوا بالحق الذي هو العلم النافع والعمل الصالح. وتواصوا بالصبر على ذلك فهؤلاء هم الرابحون. ومن فاته شيء من هذه الخصال. كان له من الخسار بحسن بما فاته. وكذلك قوله تعالى ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا. واذا مسه الخير منوعا. ان الانسان لربه لكنود. ان الانسان لظلوم كريم فار اي كل واحد من الناس هذه صفته الا من اخرجه الله عن هذه صفات المذمومة. الى صفات الخير التي هي اضدادها. ومن امثلة دخول العلى المفرد قولها على اسماء الله وصفاته. فكلما دخلت على اسم من اسماء الله او صفة من صفاته افادت جميع ذلك المعنى واستغرقته وبلغت نهايته. كالحي القيوم اي الذي له الحياة الكاملة المستلزمة لصفات الذات والقيومية الكاملة. الذي قام نفسي وقام بجميع الخلق تدبيرا. العليم الذي له العلم الكامل الشامل لكل معلوم. الرحمن الرحيم الذي له الرحمة العامة الواسعة لكل مخلوق. الغني الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه الاعلى الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه. العظيم الكبير الجليل الحميد المجيد. الذي له جميع معاني العظمة والكبرياء. والجلال والجمال والحمد والمجد. وقس على هذا بقية الاسماء والصفات. ولو لم يكن في هذه القاعدة الا هذا الموضع الشريف لكفى بها شرفا وعظمة. ومثال دخول على الجمع مثل قوله تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد. يا ايها الناس اتقوا ربكم يدخل في هذا الخطاب جميع الناس. وقوله تعالى يا يا ايها الذين امنوا يدخل فيه عموم المؤمنين. وقوله انما المشركون نجس. يدخل فيه كل مشرك. وقوله ان المسلمين والمسلمات. يعم هذه الاصناف المذكورة. وقوله صلى الله الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات. يعم كل عمل بدني ومالي عبادي او مادي والله اعلم. والنكرات في سياق النفي تعطي العموم او سياق النهي. اذا جاءت النكرة بعد النفي او جاءت بعد نهي دلت على العموم والشمول. فمثال النكرة في سياق النفي. لا اله الا ان الله نفت كل اله في السماء والارض. واثبتت الهية الله تعالى وكذلك لا حول ولا قوة الا بالله. اي لا تحول من حال من جميع الاحوال لا قوة على ذلك التحول الا بالله. وكذا قوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء. وقوله تعالى يوم لا تملك نفس لنفس شيئا يعم كل نفس وكل شيء. ومثال النكرة في سياق النهي قوله تعالى فلا تدعو مع الله الها اخر. وان المساجد لله فلا لا تدعو مع الله احدا. شامل كل احد. ولا تقولن لشيء ان اني فاعل ذلك غدا. الا ان يشاء الله كذا كما وماتوا في دان معا. كل العموم يا اخي فاسمعا من وما تفيدان العموم المستغرق لكل ما دخلا عليه. مثال من قوله تعالى الا ان لله من في السماوات ومن في الارض. من عمل صالحا من من ذكر او انثى وهو مؤمن. وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة. ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون ولمن خاف مقام ربه جنتان. ومن اتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتبع توكل على الله فهو حسبه. ومن اصدق من الله حديثا. ومن من اصدق من الله قيلا. ومن احسن من الله حكما. ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به فانما فان انما حسابه عند ربه. ومن يطع الله والرسول اولئك مع الذين انعم الله عليهم. فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار ومن يتولى يعذبه عذابا اليما. ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن. ومن يرغب سفه نفسه. الى غير ذلك من الايات وكذلك الاحاديث. كقوله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا كل كل ليلة الى السماء الدنيا فيقول من ذا الذي يدعوني فاستجيب له؟ من ذا الذي يسألوني فاعطيه. من ذا الذي يستغفرني فاغفر له. والاحاديث التي فيها من قال كذا او من فعل كذا فله كذا. يعم كل من قال او فعل ذلك ومثال ما قوله تعالى لله ما في السماوات وما في الارض وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه. وما انفقتم من شيء فهو يخلفه. وما اتاكم الرسول فخذوه هو ما نهاكم عنه فانتهوا. وما ارسلنا من قبلك من من رسول الا نوحي اليه. وما تكون في شأن وما منه من قرآن. وما لهم فيهما من شرك وما له من هم يا ظهير. فتدبر هذه الايات وما في معناها. ينفتح لك باب عظيم من ابواب فهم النصوص. ومثله المفرد اذ يضاف. فافهم عمهديت الرشد ما يضاف. يعني ان المفرد المضاف يعم عموم الجمع ويستغرق جميع المعنى. كقوله تعالى واما بنعمة ربك فحد وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. يعم كل نعمة دينية او دنيوية. وقوله سبحان الذي اسرى بعبده تبارك الذي نزل الفرقان على عبده. اشارة الى قيامه بجميع وظائفه في العبودية. ولا يتم الحكم حتى تجتمع. كل والموانع ترتفع. هذا اصل كبير وقاعدة عظيمة. يحصل بها لمن ان حققها نفع عظيم. وينفتح له باب من ابواب فهم النصوص المطلقة طالما كثر فيها الاضطراب والاشتباه. ومعنى هذا الاصل ان الاحكام لا تتم ولا يترتب عليها مقتضاها. والحكم المعلق بها حتى تتم شروطها وتنتفي موانعها. واما اذا عدمت الشروط او وجدت الشروط ولكن قام مانع لم يتم الحكم ولم يترتب عليه مقتضاه. لعدم وجود الشرط او لوجود المال فافهم هذا الموضع. ولنمثل لهذا الاصل بمثال يستدل به اللبيب على ما ورد فنقول ان التوحيد مثمر لكل خير في الدنيا والاخرة. ودافع لكل شر فيهما. ولكن لا تحصل هذه الامور الا باجتماع شروطه وانتفاءه في موانعه. فاما شروطه فهي على القلب واللسان والجوارح. اما الذي على اللسان فهو النطق بالتوحيد. وجميع اقوال الخير متممات له. واما الذي على القلب فهو اقراره وتصديقه. ومحبته للتوحيد واهله وبغضه للشرك واهله ومعرفة القلب لمعناه ويقينه به. واما الذي على الجوارح فهو انقيادها للعمل بالتوحيد. واعماله الظاهرة والباطنة. هذه شروطه واما موانعه ومفسداته فهي ضد هذه الشروط او ضد بعضها وجماع الموانع انها اما شرك واما بدعة واما معصية. فالشرك نوعان اكبر واصغر. فالشرك الاكبر يمنعه ويبطله بالكلية. والشرك الاصيل والبدعة وسائر المعاصي. تنقصه بحسبها ولا تزيله بالكلية فاذا فهمت هذا فهمت النصوص التي فيها ان من اتى بالتوحيد حصل له كذا واندفع عنه كذا انه ليس مجرد القول. وكذلك النصوص التي فيها من قال كذا او عمل كذا. انما المراد به القول التام والعمل التام وهو الذي اجتمعت شروطه وانتفت موانعه. ومن اعظم شروط الاعمال كلها الاخلاص وكونها على السنة. وكذلك الوضوء. لا يتم الا باجتماع شروط وفروضه. وانتفاء موانعه وهي نواقضه. وكذلك الصلاة لا تتم حتى توجد اركانها وشروطها وتنتفي مبطلاتها. وكذا الزكاة الصيام والحج والعمرة وسائر الاعمال. لا تتم الا بوجود الشروط وانتفاء المودة وكذلك الميراث. لا يرث الا شخص قام به شرط الارث. وهو سببه وانتفى عنه ما منعه. وكذلك النكاح وسائر العقود. لها شروط موانع قد فصلت في كتب الاحكام. وليكن هذا الاصل على ذلك. وحكمه في كل دقيق وجليل. فللدعاء شروط وموانع. وللمحبة والخوف والرجاء شروط وموانع. والله المستعان على القيام بشروط الاعمال ودفع موانعها انه نعم المولى ونعم النصير. ومن اتى بما عليه من عمل قد استحق ما له على العمل. وهذه قاعدة شريفة كثيرة الفوائد. ومعنى ان الشيء المرتب على شيء اخر لا يستحق ما رتب على عمله حتى يفعل كله وان فعل بعضه استحق بقدره. ويتخرج على هذا مسائل منها والجعالة لا يستحق المؤجر الاجرة ولا المجعول له الجعانة حتى يستوفي تأجير النفع وحتى يفعل المجعول له العمل. وكذلك سائر الشروط التي في البيع والنكاح ونحوها لا يستحق المعاوض العوض حتى يفي بجميع الشروط. ومما يدخل في في هذه القاعدة جميع العبادات. وهو ان العامل لا يستحق ما رتب عليها من الثواب الكامل حتى يفعلها كاملة. وان فعل العبادة ولم يكملها استحق من الثواب بقدر ما فعل ويفعل البعض من المأمور. ان شق فعل سائر مأموري. اذا امر العبد بامر واجب او مستحب. فاما ان يقدر عليه كله واما ان يعجز عنه كله. واما ان يقدر على بعضه ويعجز عن بعضه. فان قدر عليه كله فعله كله. وان عجز عنه كله سقط عنه فعله كله. واما ابوابه واجره فان كان له نية جازمة انه لو قدر عليه لفعله فاجره على قدر نيته وان لم يكن له نية لم يكن له شيء. وان عجز عن بعض المأمور به وقد على باقيه فعلى ما يقدر عليه منه. وسقط عنهما لم يقدر عليه. لقوله صلى الله عليه وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم. مثل ان يكون عنده ماء قليل لا يكفي لطهارته. فانه يستعمله فيما يكفي ويتيمم عن الباقي وان عجز عن غسل بعض اعضاءه لافة غسل ما يقدر عليه منها. وسقط ما عجز عنه وان عجز عن الصلاة قائما صلى قاعدا. فان عجز صلى مضطجعا. وان قدر ان يصلي بعد صلاته قائما وعجز عن القيام في بعضها. قام فيما يقدر عليه. وسقط ما عجز عنه. وكذلك في زكاة الفطر. وفي النفقة لمن تجب نفقته. يقدم نفسه ثم من اقرب فالاقرب. وافعال الحج يفعل ما يقدر عليه منها. ويستنيب في الباقي وكذلك مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. اولها باليد ثم باللسان ثم بالقلب بل جميع العبادات داخلة تحت هذه القاعدة. اذا عجز عن بعضها فعلى ما يقد عليه منها الا في الصوم ونحوه. مما ليس بعضه عبادة. فانه اذا قدر على صوم نصفه في النهار دون باقيه. لم يؤمر بالامساك الى نصف النهار. لان العبادة مجموع اليوم لا بعض والله اعلم. وكل ما نشى عن المأذون. فذاك امر ليس بالمضمون. يعني ان الانسان اذا فعل ما اذن له في فعله اما من جهة الشارع او من جهة صاحب الفعل ونشأ عن ذلك المأذون اشياء توجب الضمان لو استقلت كانت تلك الاثار هدرا غير مضمونة. ومفهوم هذا البيت اننا نشأ عن غيره المأذون فيه فانه مضمون. فما تولد عن المأذون فيه فهو تابع للمأذون فيه وما تولد عن غير المأذون فيه فهو تابع له. مثال هذا ان يقطع يد غيره فيسري ذلك القطع الى اتلاف نفسه. او بعض اعضائه. فهل تضمن تلك السراية ام لا الجواب ان كان القطع قصاصا او حدا فان سرايته هدر. وان كان القطر جناية ضمنت السرايا تبعا للجناية. وكذا لو اراد ان يمر بين يديه انسان وهو يصلي ثم دافعه حتى افضى الى اتلافه. او تلف بعضه لم يضمن. لانه مأذون له من الشارع ولو دفعه من غير اذن منه ولا من الشارع ثم تلف ظمنه من امثال هذا انه لو وطأ زوجته فعقرها. فان كانت يوطأ مثلها لم يضمن ذلك العقل لانه نشأ عن الوطأ المأذون فيه. وان كانت لا يوطأ مثلها ضمنها. ومن ذلك لو وضع حجرا في الطريق او حفر بئرا فيه. ثم تلف به انسان او حيوان. فان كان الحفر ونحوه مأذونا له فيه بان كان لنفع المسلمين لم يضمن ما تلف به. وان كان كان متعديا فيه ضمن. ومما يشبه هذه القاعدة ان الاثار الناشئة عن الطاعة مثاب عليها. ولا سيما ان كانت مكروهة للنفوس كالنصب والتعب. ورائحة الصوت الكريهة للنفوس. وان الاثار الناشئة عن المعصية تبع للمعصية. ومما في هذا ان من غضب وكان غضبه لله فصدر عن ذلك الغضب اقوال وافعال لا تجوز متأولا في ذلك مجتهدا. فانه معفو عنه. كما قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في شأن حاطب بن ابي بلتعة انه منافق افتراضه على النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الحديبية ونحوها. بخلاف من قصده متابعتها هواه والحمية لنفسه. فانه يعاقب على ما صدر عنه من الاقوال والافعال وكل حكم دائر مع علته. وهي التي قد اوجبتني شرعته يعني ان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما. اذا وجدت العلة وجد وان انتفت العلة انتفى الحكم. والعلة هي التي شرع الحكم لاجلها. ويدخل تحت هذه القاعدة مسائل كثيرة. منها ان المشقة علق عليها احكام كثيرة. من تخفيفات بالصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة. ونحوها من الاحكام. اذا وجدت المشقة حصلت التخفيفات المرتبة عليها. واذا عدمت المشقة عدمت هذه الاحكام وتفصيل المشقة معروف في كتب الفقه. ومن ذلك التكليف وهو بلوغ والعقل. علق عليه امور كثيرة من الوجوب في العبادات. وصحة العقود في المعاملات ووجوب القود في الجنايات. ووجوب الحدود والعقوبات. كلها معلقة تكليف تثبت بوجوده وتنتفي بعدمه. وكذلك التمييز والعقل والاسلام شرط لصحة جميع العبادات. لا تصح الا بها. بل جميع شروط الاحكام داخلة تحت هذا الاصل وكل شرط لازم للعاقدين. في البيع والنكاح والمقاصد ان شروطا حللت محرما. او عكسه فباطلات فاعلما وهذا اصل كبير. وقاعدة كلية في الشروط الصحيحة والشروط الباطلة. وذلك ان في جميع العقود نوعان صحيحة وباطلة. فاما الصحيحة فهي كل شرط اشترطه لهما او لاحدهما فيه مصلحة. وليس فيه محذور من الشارع. ويدخل في في هذا جميع الشروط في البيع. والشروط في الاجارة والجعالة. والشروط في الرهون والضمانات والشروط في النكاح. وغيرها من الشروط على اختلاف انواعها. فانها شروط لا هزيمة للمتعاقدين اذا لم يف احدهما بما عليه منها كان للاخر الفسخ والشرط اما لفظي واما عرفي واما شرعي. واما الشروط الباطلة فهي التي اما تحليل حرام او تحريم حلال. ويدخل فيها جميع الشروط الباطلة في البيع والاجابة والرهن والوقف والنكاح. فانها مشتملة على تحريم الحلال او تحليل الحرام ومن تأملها وجدها كذلك. تستعمل القرعة عند المبهم. من حقوق يعني ان القرعة تستعمل اذا جهل المستحق لحق من ولا مزية لاحدهما على الاخر. او حصل التزاحم في امر من الامور ولا مرجح احدهما وتحت هذه القاعدة مسائل كثيرة منها اذا تشاح اثنان في الاذى او الاقامة او الامامة في الصلاة. او صلاة الجنازة وليس احدهما اولى من الاخر. فان انه يقرع بينهما. وكذلك اذا تنازع اثنان لقطة او لقيطا او مكانا ونحوه ولا مرجح لاحدهما على الاخر. فانها تستعمل القرعة. وكذلك اذا طلق من نساء واحدة مبهمة. او معينة ثم نسيها. او اعتق من عبيده مبهما. فان انها تخرج المطلقة والمعتق بالقرعة. الى غيرها من المسائل. وان مساوى العملان اجتمعا. وفعل احدهما فاستمعا. اذا اجتمع عملان من جنس واحد وكانت افعالهما متفقة. اكتفي باحدهما ودخل فيه الاخر وذلك في مسائل منها اذا دخل المسجد وصلى الراتبة وتحية المسجد ركعتين. نوى جميع السنتين اجزأ عنهما. وكذلك سنة الوضوء اذا نوى بها الراتبة وكذلك المعتمر اذا طاف طواف العمرة اجزأه عن طواف القدوم. والقارن يكفيه لحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد. وكل مشغول فلا يشغل مثاله المرهون والمسبل. هذا معنى قول الفقهاء المشغول لا يشغل وذلك ان الشيء اذا اشتغل بشيء لم يشغل بغيره. حتى يفرغ من هذا المشغول به. وذلك لا يباع ولا يوهب ولا يرهن. حتى ينفك الرهن او يأذن المرتهن. وكذلك الموقف لا يباع ولا يوهب ولا يرهن. لاشتغاله بالوقف. وكذلك الاجير الخاص. وهو من قدر نفعه بالزمن كيوم وساعة ونحوه لعمل. لا يشغل في هذه المدة لغير من استأجره لان زمانه مستحق للمؤجر مشغول به. والدار المؤجرة لا تؤجر حتى لا تفرغ المدة بل كل مشغول بحق لا يشغل بغيره حتى يفرغ الحق عنه. والله اعلم ومن يؤدي عن اخيه واجبا له الرجوع ان نوى طالبا. معنى هذا ان كل من ادى عن غيره دينا واجبا عليه ونوى الرجوع عليه. فانه يرجع عليه. ويلزم المؤدى عنه ما اداه عنه ادخلوا تحت هذا جميع ديون الادميين. من القرظ والسلم واثمان السلع. والنفقات الواجبة الزوجات والمماليك والاقارب والبهائم. ويدخل في هذا قضاء الضامن والكفيل ما على المضمون عن هو المكفول له. ولو لم يأذن في الضمان ولا في الكفالة ولا الاداء. وهذا كله واذا نوى الرجوع فان لم ينوي الرجوع فاجره على الله. ولا يرجع على من ادى عنه وهذا ايضا كله في الديون التي لا تحتاج الى نية. فاما ما يحتاج الى نية الزكوات والكفارات ونحوها. فلا يؤدي عن غيره الا باذنه. لان هذا الاداء لا يبرئ منه لاحتياجه لنيته. والوازع الطبع عن العصيان كالوازع الشرعي بلا نكران. الوازع عن الشيء هو الموجب لتركه ومعنى هذا ان الله حرم على عباده المحرمات صيانة لهم. ونصب لهم على تركها نازعات طبيعية ووازعات شرعية. فالذي تميل اليه النفوس وتشتهيه جعل له عقوبات مناسبة لتلك الجناية. خفة وثقلا ومحلا. واما المحرمات التي تنفر منها النفوس. فلم يرتب عليها حدا اكتفاء بوازع الطبع. ونفرته عنها وذلك كاهل النجاسات والسموم وشربها. فانه لم يرتب عليها عقوبة اكتفاء بنفرة النفوس عنها. بل يعزر عليها كسائر المعاصي التي لم يرتب عليها عقوق والحمدلله على التمام. في البدء والختام والدوام ثم الصلاة مع سلام شائعي. على النبي وصحبه والتابعين حمد الله في مبدأ الامور وختامها. واستدامة ذلك الحمد من اسباب الزيادة لفضل الله وكرمه وحمد الله على الامور يوجب بركتها وزكاءها ونمائها. وحفظها من الاخرة ويوجب كمال الانتفاع بها. وانا اسأل الله بمنه وكرمه الذي تتلاشى وتضمحل في جنبه الذنوب. ان يجعل في هذه الرسالة جميع ما اشرنا اليه من هذه الفوائد. والله الموفق للصواب. تمت بقلم الفقير الى ربه عبدالرحمن بن ناصر السعدي غفر الله له جميع الذنوب. في الثامن عشر من ذي القعدة سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة والف. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا