المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. اذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافقة يخبر تعالى بحال الواقعة التي لابد من وقوعها وهي القيامة التي ليس لطعتها كاذبة خافضة رافعة اذا رجت الارض اي لا شك فيها لان انها قد تظاهرت عليها الادلة العقلية والسمعية. ودلت عليها حكمته تعالى خافضة رافعة اي خافضة لاناس في اسفل سافلين. رافعة لاناس في اعلى عليين. او خفضت بصوتها فاسمعت القريب ورفعت فاسمعت البعيد. اي حركت واضطربت الجبال بسا. اي فتت ثلاثة. فاصبحت الارض ليس عليها جبل ولا معلم قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتى. وكن ايها الخلق ازواجا ثلاثة. اي ان قسمتم ثلاث فرق بحسب اعمالكم الحسنة والسيئة. ثم فصل احوال الازواج الثلاثة فقال تعظيم لشأنهم وتفخيم لاحوالهم واصحاب واصحاب المشأمة اي الشمال ما اصحاب المشأمة؟ تهويل لحالهم والسابقون السابقون. اولئك المقربون. اي السابقون في الدنيا الى الخيرات هم السابقون في الاخرة لدخول الجنات. اولئك الذين هذا وصفهم المقربون عند الله في اعلى عليين في المنازل العاليات التي لا منزلة فوقها. وهؤلاء المذكورون اي جماعة كثيرون من المتقدمين من هذه الامة وغيرهم. وقليل من الاخرين وقليل من الاخرين. وهذا يدل على فضل صدر هذه الامة في الجملة على متأخريها. لكون المقربين من الاولين اكثر من المتأخرين والمقربون هم خواص الخلق. على سرور موضونة. اي بالذهب والفضة واللؤلؤ والجوهر وغير ذلك من الحلي والزينة. التي لا يعلمها الا الله تعالى متكئين عليها اي على تلك السرور. جلوس تمكن وطمأنينة وراحة واستقرار وجه كل منهم الى وجه صاحبه. من صفاء قلوبهم وحسن ادبهم وتقابل قلوبهم اي يدور على اهل الجنة للخدمة وقضاء حوائجهم ولدان صغار الاسنان في غاية الحسن والبهاء كانهم لؤلؤ مكنون اي مستور لا يناله ما يغيره. مخلوقون للبقاء والخلد لا يهرمون ولا يتغيرون. ولا يزيدون على اسنانهم ويدورون عليهم بانية شرابهم باكواب وهي التي لا عرى لها واباريق الاواني التي الهى عرى وكأس من معين اي من خمر لذيذ المشرب لا افة فيها لا يصدعون عنها اي لا تصدعهم رؤوسهم كما تصدع خمرة الدنيا رأس شاربها ولا هم عنها ينزفون. اي لا تنزف عقولهم ولا تذهب احلامهم منها. كما يكون لخمر الدنيا والحاصل ان جميع ما في الجنة من انواع النعيم الموجود جنسه في الدنيا لا يوجد في الجنة فيه افة. كما قال وتعالى فيها انهار من ماء غير اس وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وانهار كم من عسل مصفى وذكر هنا خمر الجنة ونفى عنها كل افة توجد في الدنيا اي مهما تخيروا وراق في اعينهم واشتهته نفوسهم من انواع الفواكه الشهية والجنى اللذيذ حصل لهم على اكمل وجه واحسنه. اي من كل لصنف من الطيور يشتهونه ومن اي جنس من لحمه ارادوا وان شاءوا مشويا او طبيخا او غير ذلك عين كامثال اللؤلؤ المكنون. ولهم حور عين والحوراء التي في عينها كحل وملاحة وحسن وبهاء. والعين حسان الاعين وضخامها وحسن العين في الانثى من اعظم الادلة على حسنها وجمالها اي كأنهن اللؤلؤ الابيض الرطب الصافي البهي. المستور عن الاعين والريح والشمس. الذي يكون لونه من احسن الالوان. الذي لا عيب في بوجه من الوجوه. فكذلك الحور العين لا عيب فيهن بوجه. بل هن كاملات الاوصاف. جميلات النعوت. فكل ما تأملته منها لم تجد فيه الا ما يسر الخاطر ويروق الناظر وذلك النعيم المعد لهم فكما حسنت منهم الاعمال احسن الله لهم الجزاء. ووفر لهم الفوز والنعيم اي لا يسمعون في جنات النعيم كلام لغو ولا يكون فيه لفائدة ولا كلاما يؤثم صاحبه. اي الا كلاما طيبا. وذلك لانها دار الطيبين. ولا يكون فيها الا كل طيب. وهذا دليل على حسن ادب اهل الجنة في خطابهم فيما ما بينهم وانه اطيب كلام واسره للنفوس واسلمه من كل لغو واثم. نسأل الله من فضله ثم ذكر نعيم اصحاب اليمين فقال اي شأنهم عظيم وحالهم جسيم. اي مقطوع ما فيه من الشوك والاغصان الرديئة المضرة مجعول مكان ذلك الثمر الطيب. وللسدر من الخواص الظل الظليل وراحة الجسم فيه والطلح معروف وهو شجر كبار يكون بالبادية تنضد اغصانه من الثمر اللذيذ الشهي وماء مسكوب اي كثير من العيون والانهار السارحة مياه المتدفقة اي ليست بمنزلة فاكهة الدنيا تنقطع في وقت من الاوقات وتكون ممتنعة اي متعسرة على مبتغيها بل هي على الدوام موجودة وجناها قريب يتناوله العبد على اي حال يكون انشأناهن ان شاء وفرش مرفوعة اي مرفوعة فوق الاسرة ارتفاعا عظيما وتلك الفرش من الحرير والذهب واللؤلؤ. وما لا يعلمه الا الله اي انا انشأنا نساء اهل الجنة نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا نشأة كاملة لا تقبل الفناء اي صغارهن وكبارهن وعموم ذلك يشمل الحور العين ونساء اهل الدنيا وان هذا الوصف وهو البكارة ملازم لهن في جميع الاحوال. كما ان كونهن عربا اترابا ملازم لهن في كل حال والعروب هي المرأة المتحببة الى بعلها بحسن لفظها وحسن هيئتها ودلالها وجمالها ومحبتها فهي هي التي ان تكلمت سبت العقول وود السامع ان كلامها لا ينقضي. خصوصا عند غنائهن بتلك الاصوات الرخيمة. والنغمات المطربة وان نظر الى ادبها وسمتها ودلها ملأت قلب بعلها فرحا وسرورا. وان برزت من محل الى اخر. امتلأ ذلك الموضع ومنها ريحا طيبا ونورا. ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع. والاتراب اللاتي على سن واحدة. ثلاث وثلاثين سنة التي هي غاية ما يتمنى ونهاية سن الشباب. فنسائهم عرب اتراب. متفقات مؤتلفات. راضيات مرضيات. لا زن ولا يحزن بل هن افراح النفوس وقرة العيون وجلاء الابصار اي معدات لهم مهيئات اي هذا القسم من اصحاب اليمين. عدد كثير من الاولين وعدد كثير من الاخرين باب الشمال ماء اصحاب الشمال. المراد باصحاب الشمال هم اصحاب النار والاعمال المشؤومة فذكر الله لهم من العقاب ما هم حقيقون به فاخبر انهم في سموم اي ريح حارة من حر نار جهنم يأخذ بانفاسهم وتقلقهم اشد القلق وحميم اي ماء حار يقطع امعائهم. اي لهب نار يختلط بدخان اردوا ولا كريم. اي لا برد فيه ولا كرم. والمقصود ان هناك الهم والغم والحزن والشر. الذي لا خير فيه لان نفي الضد اثبات لضده. ثم ذكر اعمالهم التي اوصلتهم الى هذا الجزاء. فقال ذلك مترفين. اي قد الهتهم دنياهم وعملوا لها وتنعموا وتمتعوا بها. فالهاهم الامل عن احسان العمل فهذا الترف الذي ذمهم الله عليه. ايوه كانوا يفعلون الذنوب الكبار ولا يتوبون منها. ولا يندمون عليها. بل يصرون على ما يسخط مولاهم. فقدموا عليه باوزار كثيرة. غير مغفورة وكانوا ينكرون البعث. فيقولون استبعادا لوقوعه او الأولون اي كيف نبعث بعد موتنا وقد بلينا؟ فكنا ترابا وعظاما. هذا من المحال قال تعالى جوابا لهم وردا عليهم. قل ان الاولين والاخرين مجموعون الى ميقات يوم معلوم اي قل ان متقدم الخلق ومتأخرهم الجميع سيبعثهم الله ويجمعهم لميقات يوم معلوم. قدره الله لعباده. حين تنقضي الخليقة. ويريد الله تعالى جزاءه على اعمالهم التي عملوها في دار التكليف هنا المكذبون. ثم انكم ايها الضالون عن طريق الهدى التابعون لطريق الردى. المكذبون بالرسول صلى الله وعليه وسلم وما جاء به من الحق والوعد والوعيد وهو اقبح الاشجار واخسها. وانتنها ريحا وابشعها منظرا. فمالئون منها البطون. والذي اوجد لهم اكلها مع ما هي عليه من الشناعة. الجوع المفرط الذي يلتهب في اكبادهم. وتكاد تنقطع منه افئدتهم. هذا العام الذي يدفعون به الجوع وهو الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. فشاربون عليه من الحميم. ف واما شرابهم فهو بئس الشراب وهو انهم يشربون على هذا الطعام من الماء ماء الحميم الذي يغلي في البطون شرب الابل الهيم اي العطاش التي قد اشتد عطشها او ان الهيم داء يصيب الابل لا تروى معه من شراب الماء. هذا الطعام والشراب نزول اي ضيافتهم يوم الدين. وهي الضيافة التي قدموها لانفسهم واثروها على ضيافة الله لاوليائه. قال تعالى الا ان الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ثم ذكر الدليل العقلي على البعث فقال اي نحن الذين اوجدناكم بعد ان لم تكونوا شيئا مذكورا. من غير عجز ولا تعب. افليس القادر على ذلك بقادر على ان ان يحيي الموتى بلى انه على كل شيء قدير. ولهذا وبخهم على عدم تصديقهم بالبعث. وهم يشاهدون ما هو اعظم منه