المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يرفع الله الذين امنوا منكم يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. والله هذا تأديب من الله لعباده المؤمنين. اذا اجتمعوا في مجلس من مجالس في مجتمعاتهم واحتاج بعضهم او بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس. فان من الادب ان يفسحوا له تحصيلا لهذا المقصود. وليس ذلك حرر للجالس شيئا فيحصل مقصود اخيه من غير ضرر يلحقه هو. والجزاء من جنس العمل فان من فسح فسح الله له ومن وسع لاخيه وسع الله عليه. واذا قيل انشزوا اي ارتفعوا وتنحوا عن مجالسكم لحاجة تعرض فانشزوا. اي فبادروا للقيام لتحصيل تلك المصلحة فان القيام بمثل هذه الامور من العلم والايمان. والله تعالى يرفع اهل العلم والايمان درجات. بحسب ما خصهم الله به من العلم الايمان والله بما تعملون خبير فيجازي كل عامل بعمله ان خيرا فخير وان شرا فشر. وفي هذه الاية فضيلة العلم وان زينته وثمرته التأدب بآدابه والعمل بمقتضاه. يا ايها الذين امنوا اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة. ذلك خير لكم يأمر تعالى المؤمنين بالصدقة امام مناجاة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تأديبا لهم وتعليما وتعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم. فان هذا التعظيم خير للمؤمنين واطهر. اي بذلك يكثر خيركم واجركم. وتحصل لكم الطهارة من الادناس التي من جملتها ترك احترام الرسول صلى الله عليه وسلم والادب معه. بكثرة المناسب التي لا ثمرة تحتها فانه اذا امر بالصدقة بين مناجاته صار هذا ميزانا لمن كان حريصا على الخير والعلم فلا يبالي بالصدقة لم يكن له حرص ولا رغبة في الخير. وانما مقصوده مجرد كثرة الكلام. فينكف بذلك عن الذي يشق على الرسول. هذا في الواجد للصدقة. واما الذي لا يجد الصدقة فان الله لم يضيق عليه الامر. بل عفا عنه وسامحه واباح له المناجاة بدون تقديم صدقة لا يقدر عليها. ااشفق ان تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فان لم تفعلوا وتاب الله عليكم فاقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الله ورسوله. والله خبير بما تعملون. ثم لما رأى تبارك وتعالى شفقة المؤمنين ومشقة الصدقات عليهم عند كل مناجاة سهل الامر عليهم ولم يؤاخذهم بترك الصدقة بين يدي المناجاة وبقيت تعظيم للرسول والاحترام بحاله لم ينسخ. لان هذا الحكم من باب المشروع لغيره ليس مقصودا لنفسه. وانما المقصود هو الادب مع الرسول اكرام له وامرهم تعالى ان يقوموا بالمأمورات الكبار المقصودة بنفسها فقال فاقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الله ورسوله. فاذ لم تفعلوا اي لم يهن عليكم تقديم الصدقة. ولا يكفي هذا فانه ليس من شرط الامر ان يكون هينا على العبد. ولهذا قيده بقوله وتاب الله عليكم. اي عفا لكم عن ذلك فاقيموا الصلاة اركانها وشروطها وجميع حدودها ولوازمها واتوا الزكاة المفروضة في اموالكم الى مستحقيها وهاتان العبادتان هما ام العبادات البدنية والمالية. فمن قام بهما على الوجه الشرعي فقد قام بحقوق الله وحقوق عباده. ولهذا قال بعده اطيعوا الله ورسوله وهذا اشمل ما يكون من الاوامر. ويدخل في ذلك طاعة الله وطاعة رسوله. بامتثال اوامرهما واجتناب نواهيهما وتصديق ما اخبر به والوقوف عند حدود الله. والعبرة في ذلك على الاخلاص والاحسان. ولهذا قال بما تعملون. فيعلم تعالى اعمالهم وعلى اي وجه صدرت فيجازيهم على حسب علمه بما في صدورهم الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم اعد الله لهم عذابين شديدا انهم ساء ما كانوا يعملون تعالى عن شناعة حال المنافقين الذين يتولون الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم. ممن غضب الله عليهم ونالوا من لعنة الله اوفى نصيب وانهم ليسوا من المؤمنين ولا من الكافرين. مذبذبين بين ذلك. لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء. فليسوا مؤمنين ظاهرا وباطنا لان باطنهم مع الكفار ولا مع الكفار ظاهرا وباطنا. لان ظاهرهم مع المؤمنين. وهذا وصفهم الذي نعتهم الله به. والحال انهم يحلفون على ضده الذي هو الكذب. فيحلفون انهم مؤمنون وهم يعلمون انهم ليسوا مؤمنين. فجزاء هؤلاء الخونة الفجرة الكذبة ان الله اعد لهم عذابا شديدا. لا يقادر قدره ولا يعلم وصفه تعامل بما يسخط الله ويوجب عليهم العقوبة واللعنة لهم عذاب مهين. اتخذوا ايمانهم جنة اي ترسا ووقاية. يتقون بها من لوم الله ورسوله والمؤمنين. فبسبب ذلك صدوا انفسهم وغيرهم عن سبيل الله. وهي الصراط الذي من سلكه افضى به الى جنات النعيم. ومن صد عنه فليس الا الصراط الموصل الى الجحيم فلهم عذاب مهين. حيث استكبروا عن الايمان بالله والانقياد لاياته. اهانهم بالعذاب السرمدي. الذي لا يفتر عنهم ساعة ولا هم ينظرون لن تغني عنهم اموالهم ولا اولادهم من الله شيئا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. لن تغني عنهم اموالهم ولا اولادهم من الله شيئا. فلا تدفعوا عنهم شيئا من العذاب ولا تحصل لهم قسطا من الثواب. اولئك اصحاب النار الملازمون لها الذين لا يخرجون منها وهم فيها خالدون. يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون انهم على شيء ومن عاش على شيء مات عليه فكما ان المنافقين في الدنيا فكما ان المنافقين في دنيا يموهون على المؤمنين ويحلفون لهم انهم مؤمنون. فاذا كان يوم القيامة وبعثهم الله جميعا حلفوا لله كما حلفوا للمؤمنين ويحسبون في حلفهم هذا انهم على شيء. لان كفرهم ونفاقهم وعقائدهم الباطلة. لم تزل ترسخ في اذهانهم شيئا فشيئا. حتى ثم ظنوا انهم على شيء يعتد به ويعلق عليه الثواب وهم كاذبون في ذلك. ومن المعلوم ان الكذب لا يروج على عالم الغيب والشهادة استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله اولئك حزب الشيطان وهذا الذي جرى عليه من استحواذ الشيطان الذي استولى عليهم وزين لهم اعمالهم وانساهم ذكر الله وهو العدو المبين الذي لا يريد بهم الا الشر. انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير. اولئك يا حزب الشيطان انا ان حزب الشيطان هم الخاسرون. الذين خسروا دينهم ودنياهم وانفسهم واهليهم ان الذين الله ورسوله كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز هذا وعد ووعيد وعيد لمن حاد الله ورسوله بالكفر والمعاصي انه مخذول مذلول لا عاقبة له حميدة ولا راية له منصورة ووعد لمن امن به وبرسله واتبع ما جاء به المرسلون. فصار من حزب الله المفلحين ان لهم الفتح والنصر والغلبة في الدنيا الاخرة وهذا وعد لا يخلف ولا يغير. فانه من الصادق القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء يريده. لا تجد قوما بالله واليوم الاخر من حاد الله ورسوله ولو كانوا اباءهم ولو كانوا اباءهم او ابناء اولئك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها حزب الله الا حزب الله هم المفلحون. يقول تعالى لا تجدوا قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يودون من حاد الله ورسوله اي لا يجتمع هذا وهذا. فلا يكون العبد مؤمنا بالله واليوم الاخر حقيقة. الا كان عاملا على مقتضى الايمان ولوازمه من محبة من قام بالايمان وموالاته. وبغض من لم يقم به ومعاداته. ولو كان اقرب الناس اليه. وهذا هو الايمان على حقيقة الذي وجدت ثمرته والمقصود منه واهل هذا الوصف هم الذين كتب الله في قلوبهم الايمان اي رسمه وثبته وغرسه غرسا. لا يتزلزل ولا تؤثر فيه الشبه والشكوك وهم الذين قواهم الله بروح منه اي بوحيه ومعونته ومدده الالهي واحسانه الرباني. وهم الذين لهم الحق الحياة الطيبة في هذه الدار ولهم جنات النعيم في دار القرار. التي فيها كل ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين وتختار. ولهم اكبر النعيم افضله وهو ان الله يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم ابدا. ويرضون عن ربهم بما يعطيهم من انواع الكرامات ووافر المثوبات. وجزيل ورفيع الدرجات بحيث لا يرون فوق ما اعطاهم مولاهم غاية ولا فوقه نهاية. واما من يزعم انه يؤمن بالله واليوم الاخر وهو مع ذلك مواد لاعداء الله. محب لمن ترك الايمان وراء ظهره. فان هذا ايمان زعمي لا حقيقة له. فان كل امر لا بد له منه برهان يصدقه فمجرد الدعوة لا تفيد شيئا ولا يصدق صاحبها