ايمانهم جنة اي ترس يترسون بها من نسبتهم الى النفاق. فصدوا عن سبيله بانفسهم وصدوا غيرهم ممن يخفى عليه حالهم انهم ساء ما كانوا يعملون. حيث اظهروا الايمان وابطنوا الكفر. واقسموا على ذلك المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة. وكثر المسلمون في المدينة واعتز الاسلام بها. صار اناس من اهلها من الاوس والخزرج يظهرون الايمان ويبطنون الكفر. ليبقى جاههم وتحقن دماؤهم. وتسلم اموالهم. فذكر الله من اوصافهم ما يعرفون لكي يحذر العباد منهم ويكون منهم على بصيرة. فقال قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين اذا جاءك المنافقون قالوا على وجه الكذب نشهد انك لرسول الله وهذه الشهادة من المنافقين على الكذب والنفاق مع انه لا حاجة لشهادتهم في تأييد رسوله. فان الله يعلم انك لرسوله. والله يشهد ان المنافقين ان لكاذبون في قولهم ودعواهم وان ذلك ليس بحقيقة منهم اتخذوا اوهموا صدقهم فهم لا يفقهون. ذلك الذي زين لهم النفاق بسبب انهم لا يثبتون على الايمان. بل امنوا ثم وكفروا فطبع على قلوبهم بحيث لا يدخلها الخير ابدا فهم لا يفقهون ما ينفعهم ولا يعون ما يعود بمصالحهم واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله قاتلهم الله انى يؤتكون. واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم من روائها ونضارتها اي من حسن منطقهم تستلذ لاستماعه فاجسامهم واقوالهم معجبة ولكن ليس وراء ذلك من الاخلاق الفاضلة والهدى الصالح شيء. ولهذا قال لا منفعة فيها ولا ينال منها الا الضرر المحض. وذلك لجبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم والريب الذي في قلوبهم يخافون ان يطلع عليهم فهؤلاء هم العدو على الحقيقة. لان العدو البارز المتميز اهون من العدو الذي لا يشعر به وهو مخادع ماكر يزعم انه ولي وهو العدو المبين. فاحذرهم قاتلهم الله. قاتلهم الله اي كيف يصرفون عن الدين الاسلامي بعدما تبينت ادلته واتضحت معالمه الى الكفر الذي لا الا الخسارة والشقاء واذا قيل لهؤلاء المنافقين تعالوا يستغفر لكم رسول الله عما صدر منكم لتحسن احوالكم وتقبل اعمالكم. امتنعوا من ذلك اشد الامتناع. ولووا رؤوسهم امتناعا من طلب الدعاء من الرسول. ورأيت ليتهم يصدون عن الحق بغضا له وهم مستكبرون عن اتباعه بغيا وعنادا. فهذه حالهم عندما يدعون الى طلب الدعاء من الرسول وهذا من لطف الله وكرامته لرسوله. حيث لم يأتوا اليه فيستغفر لهم. سواء عليهم نساء الله لهم ان الله لا يهدي القوم الفاسقين فانه سواء استغفر لهم ام لم يستغفر لهم فلن يغفر الله لهم. وذلك لانهم قوم فاسقون. خارج عن طاعة الله مؤثرون للكفر على الايمان. فلذلك لا ينفع فيهم استغفار الرسول لو استغفر لهم كما قال تعالى استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفض ولله خزائن خزائن السماوات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون وهذا من شدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين. لما رأوا اجتماع اصحابه وائتلافهم. ومسارعة في مرضات الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا بزعمهم الفاسد عند رسول الله حتى ينفضوا. فانهم بزعمهم لولا اموال المنافقين ونفقاتهم عليهم لما اجتمعوا او في نصرة دين الله وهذا من اعجب العجب ان يدعي هؤلاء المنافقون الذين هم احرص الناس على خذلان الدين واذية المسلمين مثل هذه الدعوة التي لا تروج الا على من لا علم له بحقائق الامور. ولهذا قال الله ردا لقولهم ولله خزائن السماوات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون ولله خزائن السماوات والارض. فيؤتي الرزق من يشاء ويمنعه من يشاء. وييسر الاسباب لمن يشاء. ويعسرها على من يشاء ولكن المنافقين لا يفقهون. فلذلك قالوا تلك المقالة التي مضمونها ان خزائن الرزق في ايديهم وتحت مشيئتهم. يقولون لان رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها اذل ولله العزة. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. ولكن ان المنافقين لا يعلمون. وذلك في غزوة المريسيع حين صار بين بعض المهاجرين والانصار بعض كلام كدر الخواطر ظهر حينئذ نفاق المنافقين. واظهروا ما في نفوسهم. وقال كبيرهم عبدالله بن ابي بن يقول ما مثلنا ومثل هؤلاء يعني المهاجرين الا كما قال القائل غذي كلبك يأكلك وقال لان رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل بزعمه انه هو واخوانه من المنافقين الاعزون. وان رسول الله ومن معه هم الاذلون والامر بعكس ما قال هذا المنافق. فلهذا قال تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. فهم الاعزاء والمنافقون واخوانهم من الكفار. هم الاذلاء ولكن المنافقين لا يعلمون. ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك. فلذلك زعموا انهم الاعزاء اغترارا بما هم عليه من الباطل. ثم قال تعالى اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله. ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون. يأمر تعالى عباده المؤمنين بالاكثار من ذكره. فان في ذلك الربح والفلاح والخيرات الكثيرة. وينهاهم ان اشغلهم اموالهم واولادهم عن ذكره. فان محبة المال والاولاد مجبولة عليها اكثر النفوس. فتقدمها على محبة الله وفي في ذلك الخسارة العظيمة. ولهذا قال تعالى ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون ومن يفعل ذلك ان يلهيه ماله وولده عن ذكر الله. فاولئك هم الخاسرون للسعادة الابدية والنعيم المقيم لانهم اثروا ما يفنى على ما يبقى. قال تعالى انما اموالكم واولادكم فتنة. الله عنده اجر عظيم. وقوله من قبل ان يأتي احدكم الموت من قبل في ان يأتي احدكم الموت فيقول ربي لولا فيقول ربي لولا اخرتني الى وانفقوا مما رزقناكم يدخل في هذا النفقات الواجبة من الزكاة والكفارات ونفقة الزوجات والمماليك ونحو ذلك. والنفقات المستحبة كبذل المال في جميع المصالح وقال مما رزقناكم ليدل ذلك على انه تعالى لم يكلف العباد من النفقة ما يعنتهم ويشق عليهم. بل امرهم باخراج جزء مما رزقهم الله الذي يسره لهم ويسر لهم اسبابه. فليشكروا الذي اعطاهم بمواساة اخوانهم المحتاجين وليبادروا بذلك الموت الذي اذا جاء لم يمكن العبد ان يأتي بمثقال ذرة من الخير. ولهذا قال من قبل ان يأتي احدكم الموت فيقول متحسرا على ما فرط في وقت الامكان سائلا الرجعة التي هي محال. فيقول ربي لولا اخرتني الى اجل قريب اي لاتدارك ما فرطت فيه. فاصدق من ما لي ما به انجو من العذاب. ويستحق به جزيل الثواب باداء المأمورات كلها واجتناب المنهيات. ويدخل في هذا الحج وغيره وهذا السؤال والتمني قد فات وقته ولا يمكن تداركه ولهذا قال ولن يؤخر الله نفسا اجلها. ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء اجلها المحتوم لها من خير وشر فيجازيكم على ما علمه منكم من النيات والاعمال