المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قصة ذي القرنين وكان ذو القرنين ملكا صالحا وقد اعطاه الله من القوة واسباب الملك والفتوح ما لم يكن لغيره. فذكر الله من حسن سيرته ورحمته وقوة ملكه وتوسعه في المشارق والمغارب ما يحصل به المقصود التام من سيرته ومعرفة احواله. ولهذا قال ويسألونك عن ذي القرنين قل ساتلو عليكم منه ذكرا. اي من بعض اخباره. ومن المعلوم ان ما قصه الله في كتابه هو احسن وانفع ما يقص على العباد. فاخبر انه اعطاه من كل شيء سببا. يحصل به قوة الملك وعلم السياسة وحسن التدبير. والسلاح مخضع للامم وكثرة الجنود وتسهيل المواصلات وجميع ما يحتاجه. ومع ذلك فقد عمل بالاسباب التي اعطيها. فما كل احد يعطى الاسباب النافعة ولا كل من اعطيها يتبعها ويعمل بها. اما ذو القرنين فانه تم له اما ذو القرنين فانه تم له الامران اعطي سببا فاتبع سببا. فغزا بجيوشه الجرارة ادنى افريقية واقصاها. حتى بلغ البحر المحيط الغربي. فوصل الى محل اذا طابت الشمس وجدها تغرب في عين حمأة. اي رآها في رؤية العين كانها تغرب في البحر. البحر لونه اسود كالحمئة. والقصد انه وصل الى حيث منتهى الخف والحافر من بلاد افريقية. ووجد في ذلك المحل وتلك الاقطار قوما. منهم المسلم والكافر. منهم المسلم والكافر والبر والفاجر بدليل قوله قلنا يا ذا القرنين اما ان تعذب واما ان تتخذ فيهم حسنا. اما ان القائل له نبي من انبياء الله او احد العلماء او ان المعنى انه بسبب قدرته كان مخيرا قدرا. والا فمن المعلوم ان الشرع الا يسوي بين الامرين المتفاوتين في الاحسان والاساءة. فقال اما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه تعذبه عذابا نكرا. واما من امن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى. وسنقول له من امرنا يسرا. وهذا يدل على عدله وانه ملك صالح وعلى حسن تدبيره. ثم اتبع سببا اي ثم عمل بالاسباب التي اوتيها. بعدما اخضع اهل المغارب رجع فتح الارض قطرا قطرا حتى وصل الى مطلع الشمس من بلاد الصين وشواطئ البحر المحيط الهادي. وهذا منتهى ما وصل اليه الفاتحون وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا. اي لا ستر لهم عن الشمس لا ثياب ينسجونها ويلبسونها ولا بيوت يبنون ويأوون اليها اي وجد هؤلاء القوم الذين في اقصى المشرق بهذه الصفة والوحشية بمنزلة الوحوش التي تأوي الى الغياض والغيرات والاسراب منقطعين عن الناس وكانوا في ذلك الوقت على هذه الحالة التي وصف الله. والمقصود من هذا انه وصل الى ما لم لم يصل اليه احد ثم كرر راجعا واتبع سببا يمكنه من مناهج البلاد وتخضيع العباد قاصدا نحو الشمال. حتى اذا بلغ بين السدين اي بلغ متوسطا بين السدين الموجودين منذ خلق الله الارض. وهما سلاسل جبال عظيمة شاهقة متواصلة من تلك الفجوة. وهو الى البحار الشرقية وهو الريع الى البحار الشرقية والغربية. وهي في بلاد الترك على هذا اتفق المفسرون والمؤرخون وانما اختلفوا هل هي سلاسل جبال القفقاس ام دون ذلك في اذربيجان؟ ام سلاسل جبال الطاي ام الجبال المتصلة بالسور الصيني في بلاد من غليا؟ وهو الظاهر؟ وعلى الاقوال كلها فوجد عند تلك الفجوة التي بين سلاسل هذا هذه الجبال قوما لا يكادون يفقهون قولا من بعد لغتهم وثقل فهمهم للغات الامم. قالوا يا ذا القرنين ان يأجوج ومأجوج يفسدون في الارض وهم مم عظيمة من نسل يافث ابن نوح من العناصر التركية وغيرهم كما هو مذكور مفصل من احوالهم ومشروح من صفاتهم. فهل نجعل لك خرجا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا؟ قال ما مكني فيه ربي اي من القوة والاسباب دار طير فاعينوني بقوة. اي ان هذا بناء عظيم يحتاج في الاعانة عليه الى مساعدة قوية في الابدان. اجعل بينكم وبينهم ردما ولم سدا لان الذي بنى فقط هو تلك الثنية والريع الواقعة بين السدين الطبيعيين اي بين سلاسل تلك الجبال. فدبرهم على كيفية ذاته وبنيانه فقال اتوني زبر الحديد. اي اجمعوا لي جميع قطع الحديد الموجودة من صغار وكبار. ولا تدعوا من موجود شيئا واركموه بين السدين ففعلوا ذلك حتى كان الحديد تلولا عظيمة موازنة للجبال. ولهذا قال حتى ساوى بين الصدفين اي بين الجبلين المكتنفين لذلك الردم قال انفخوا حتى اذا جعله نارا قال اتوني افرغ عليه قطرا. اي امر بالنحاس فاذيب بالنيران وجعل يسيل بين قطع الحديد فالتحم بعضها ببعض وصارت جبلا هائلا متصلا بالسدين فحصل بذلك المقصود من عيث يأجوج ومأجوج ولهذا قال فما اسطاعوا ان يظهروه ان يصعدوا ذلك الردم وما استطاعوا له نقبا. قال هذا رحمة من ربي. اي ربي الذي وفقني لهذا العمل الجليل والاثر الجميل ورحمكم اذ منعكم من ضرر يأجوج ومأجوج بهذا السبب الذي لا قدرة لكم عليه. فاذا جاء وعد ربي جعله دكا بهذا العمل والحيلولة بينكم وبين يأجوج ومأجوج مؤقت الى اجل. فاذا جاء ذلك الاجل قدر الله للخلق من اسباب القوة والقدرة صناعات والاختراعات الهائلة ما يمكن يأجوج ومأجوج من وطء بلادكم ايها المجاورون. بل من وطأ مشارق الارض ومغاربها واقطارها كما قال تعالى حتى اذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. اي من كل مكان مرتفع. سواء مثل هذه السدود والبحار وجو السماء. ينسلون اي يسرعون فيها غير مكترثين. ولا حاجز يحجزهم. فلفظة من كل حدب تشمل جميع المواضع والاقتار سهلها وصعبها منخفضها ومرتفعها. وانما نص الله على المرتفعات بان السهول والاماكن المنخفضة من باب باولى واحرى. وقد ورد في صفاتهم احاديث في الصحيحين تؤيد ما في هذه الايات من صفاتهم. واورد اصحاب السير والتواريخ الاول من صفات وهيئاتهم اثارا لا خطام لها ولا زمام. شوشت افكار اكثر الناس ومنعتهم من الاستدلال بالايات القرآنية والاحاديث الصحيحة النبوية وتطبيقها على الواقع. فعليك بلزوم ما دل عليه الكتاب والسنة. ودع ما سوى ذلك فان فيه الهدى والرشد والنور