اعوذ بالله من الشيطان الرجيم نهبط منها جميعا. فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واوفوا بعهدي اوفوا بعهدكم واياي فارهبون. طيب السؤال بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله عز وجل قل نهبطوا منها جميعا اما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قوله عز وجل قلنا اهبطوا منها جميعا الضمير هنا عائد على ادم وحواء وابليس كما سبق وقوله قلنا اهبطوا الهبوط هو النزول من اعلى الى اسفل وفي قوله عز وجل هنا قلنا اهبطوا منها جميعا هذا اهباط ثان غير الاول الاهباط نوعان النوع الاول اهباط من الجنة وحينئذ ستكون الجنة التي اهبط منها اولا فوق السماء وهي وجنة الخلد والاهباط الثاني من السماء الى الارض قال قل اهبطوا منها جميعا. جميعا حال اي حال كونكم جميعا والمراد بذلك كما سبق ادم وحواء وابليس فاما يأتينكم مني هدى فاما الفاء هنا استئنافية واما مركبة او مكونة من ان الشرطية وما الزائدة وهي زاعية من حيث الاعراب ولكنها زائدة معنى. فهي تؤكد المعنى فقوله فاما يأتينكم اي فاي وقت او زمان جاءكم مني هدى فمن تبع هداي وقوله فإما يأتينكم ليأتينكم هنا هو فعل الشرط بني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد مني هدى والهدى هو البيان والارشاد والعلم وهو ما جاءت به الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام المراد بالهدى ما ما اوحاه الله عز وجل وانزله على رسله ومن ذلك القرآن كما قال تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وقال شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن وقال تعالى الف لام ميم وقال تعالى في اول سورة ال عمران الف لام ميم الله لا اله الا هو الحي القيوم. نزل نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس وقال تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله هذا القرآن هدى وبيان. وقوله فاما يأتينكم قد يقول قائل ان فيه احتمال ان فيه احتمال عدم الاتيان. يقول فاما يأتينكم يعني واما لا يأتينكم فيقال ان الله عز وجل عبر بهذا بتأكيد مجيء الهدى لان الله تعالى قال ان علينا للهدى وقال تعالى في الانسان انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا وفي قوله سبحانه وتعالى فاما يأتينكم مني هدى فيها دليل على عدم المؤاخذة والمحاسبة الا بعد اقامة الحجة بارسال الرسل وانزال الكتب وحصول الهدى والبيان كما قال الله عز وجل رسلا مبشرين ومنذرين بان لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وقال تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فلابد من انزال الحجة وحصول الحجة ولابد ايضا من فهم الحجة لقوله تعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم وفيها ايضا ان الهدى حقا هو ما كان من الله عز وجل. ولهذا قال فمن نعم. فاما يأتينكم مني هدى. فاضاف الهدى اليه قال فمن تبع هداي هذا جواب الشرط في قوله فان ان وقرن جواب الشرط بالفاء فاما يأتينكم مني هدى فمن تبع هدايا فقرن بالفاء لان الجملة اسمية والقاعدة في هذا ان جواب الشرط اذا لم اذا لم يصلح ان يكون جوابا فانه يقرن بالفاء فهمتم؟ كما قال ابن مالك رحمه الله وقرن حتما جوابا لو جعل شرطا لئن او غيرها لم ينتعل وقد جمعت المواضع التي يقرن فيها بالفاء في قول الناظم اسمية طلبية وبالجامد وبما وقد وبلا وبالتنفيس اذا متى لم يصلح جواب الشرط ان يكون جوابا وجب قرنه بالفاء الدليل قول ابن مالك يصح ان يقول دليل يقول نعم والدليل بأنه من اهل اللغة اه قال ابن مالك رحمه الله وقرن بثاء وقرن بثاء حتما يعني وجوبا جوابا لو جعل شرطا لئن او غيرها لم ينجعل لانه لا يصلح ان يكون جوابا وذكرنا ان هذه المواضع هي ما جمع الناظم في قوله اسمية طلبية وبجامد وبما وقد وبلا وبالتنفيس. سبعة مواضع وقوله فمن تبع هداي تأمل فمن تبع هداي هنا اظهر سبحانه وتعالى في موضع الاغمار. ولم يقل فاما يأتينكم مني هدى فمن تبعه ولم يقل ايضا فمن تبع الهدى وانما قال فمن تبع هداي تعظيما لهداه سبحانه وتعالى وترغيبا في لزومه واتباعه واضاف سبحانه وتعالى الهدى اليه بانه لسببين. السبب الاول انه هو الذي شرعه والسبب الثاني انه موصل اليه اذا فمن تبع هداي نقول هنا اظهار في موظع الاظمار فلم يقل بعد قوله فاما يأتينكم مني هدى فمن تبعه او قال فمن تبع الهدى بل قال فمن تبع هداي. فاولا اظهر. قال فقال فمن تبع هداي وثانيا اي ايضا ان هناك ترى الهدى اما الاظهار في موظع الاغمار ففائدته ماذا التعظيم والترغيب في اتباعه. واظافه اليه سبحانه وتعالى قال هداي بانه هو الذي شرعه ولانه موصل موصل الى اليه سبحانه وتعالى قال فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وفي سورة طه فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى وقوله فلا خوف عليهم. هذا جواب الشرط في قوله فمن تبع هداي والخوف هو الهم مما يستقبل اي فلا خوف عليهم فيما يستقبل في حياتهم وذلك بسبب ايمانهم وتوكلهم على الله عز وجل وثقتهم به ولا خوف عليهم فيما يستقبل ايضا بعد مماتهم ولا خوف عليهم اولا في حياتهم في الدنيا ولا خوف عليهم فيما يستقبل مما يكون بعد الموت من عذاب القبر واهوال القيامة وغيرها كما قال الله عز وجل الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون فلهم الامن التام في الحياة الدنيا وفي الاخرة وفي جنات النعيم قال الله تعالى وهم في الغرفات امنون. اذا فلا خوف عليهم نقول هذا الخوف يكون امنا في الدنيا وما بعد الموت من من البرزخ والبعث والجزاء. وكذلك ايضا بعد دخولهم الجنة اما في الدنيا فقال الله عز وجل الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. واما في الجنة فقال تعالى وهم في الغرفات امنون وكل هذا بسبب قيامهم بطاعة الله عز وجل وتوحيده فمن حفظ الله حفظه الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم احفظ الله يحفظك احفظ الله يحفظك ما معنى احفظ الله؟ اي احفظ حدوده وراعي حقوقهم يحفظك وحفظ الله عز وجل للعبد على نوعين النوع الاول ان يحفظه في امور دينه فيحفظه من البدع المضلة ومن الضلالات بحيث يكون مسددا موفقا في امور دينها والنوع الثاني ان يحفظه في امور دنياه لا يكلؤه ويحفظه ومن الامراض ومن اه التلف ومن عدوان احد عليه قال فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون هذا معطوف على ما قبله والحزن هو الغم. والتحسر على ما مضى. اذا الخوف يكون لما يستقبل والحزن يكون لما مضى فهمتم؟ اذا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون متى قورن بينهما فالمراد بالخوف فالخوف يراد به المستقبل. يعني لا خوف عليهم فيما يستقبل من امرهم. ولا هم يحزنون فيما مضى من امرهم. قال يحصل لهم غم ولا تحسر وقد يطلق الحزن على الخوف قد يطلق الحزن على الخوف فيراد به ما يستقبل ومن ذلك قول الله عز ومن ذلك قول قوله تعالى نعم ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر كما في الاية الكريمة قال لا تحزن ان الله معنا لا تحزن اي لا تخف مما يستقبل اذا هؤلاء الذين اتبعوا هدى الله عز وجل لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في امور دينهم وفي امور دنياهم ثم قال عز وجل والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. بعد ان ذكر الله عز وجل جزاء من اتبع هداه وهو انه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اتبع ذلك بذكر جزاء الكافرين الذين كذبوا بايات الله عز وجل وهذا هو طريق القرآن انه اذا ذكر الخير ذكر الشر واذا ذكر الترغيب ذكر الترهيب ليجمع الانسان بين الخوف والرجاء والرغبة والرهبة وهكذا ينبغي للانسان ان يكون في سيره الى الله تعالى جامعا بين الخوف والرجاء لانه اذا غلب جانب الخوف قنط من رحمة الله. ويأس من رح الله واذا غلب جانب الرجاء امن من مكر الله فهمتم ولهذا قال الامام احمد رحمه الله ينبغي ان يكون خوفه ورجائه واحدا فايهما غلب هلك صاحبه ويجعلهما كجناحي الطائر. الان الطائر وهو يطير اذا غلب الجناح الايمن اتجه لليمين. واذا غلب الجناح الايسر اتجه الى ايش باليسار فيكون خوفه ورجائه واحد. لان الانسان اذا غلب جانب الخوف والترهيب فحينئذ يقنط من رحمة الله. ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون وايضا ييأس من روح الله واذا غلب جانب الرجاء. وان الله غفور رحيم وانه سبحانه وتعالى عفو ونحو ذلك امن من مكر الله فيستملئ في المعاصي ولهذا قال الله عز وجل اعلموا ان الله شديد العقاب ها وان الله غفور رحيم قال والذين كفروا وكذبوا باياتنا الذين كفروا اصل الكفر الستر هذه المادة الكاف والراء الكاف والفاء والراء تدل على الستر والتغطية ومنه الكفر وهو وعاء طلع النخل وسمي الكافر كافرا لانه ستر وجحد ما يجب لله المعنى الشرعي مستمد من المعنى اللغوي. لان المعنى اللغوي الكاف والفاء والراء اصل واحد يدل على الستر والتغطية الكافر سمي كافرا لانه ستر وغطى وجحد ما يجب لله عز وجل فقد استكبر عن طاعته وابى ان ينقاد لشرعه وان يمتثل لامره قال والذين كفروا وكذبوا باياتنا وهذا شامل للايات الكونية والشرعية وذلك لان ايات الله عز وجل نوعان. النوع الاول الايات الشرعية وهي ما انزله الله عز وجل من الوحي على انبيائه ورسله واعظم هذه الايات القرآن اعظم اية الشرعية هي القرآن. ولهذا كان القرآن هو اعظم اية اوتيها النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى مخاطبا كفار قريش اولا يكفهم ان انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم. كفى بهذا كفى بهذا اية فهو اعظم من مما حصل من الايات من انشقاق القمر ومن الاسراء وغيرها. اذا النوع الاول من ايات الله هو الايات الشرعية والنوع الثاني الايات الكونية وهي مخلوقاته اذن هؤلاء كفروا وكذبوا باياتنا يعني كذبوا بايات الله الشرعية فلم يصدقوا بها فلم يصدقوا باخبارها ولم يطبقوا احكامها وكذبوا ايضا بايات الله الكونية فلم يستدلوا باياته الكونية على وجوب توحيده واخلاصه وقوله سبحانه وتعالى والذين كفروا وكذبوا باياتنا. الايات جمع اية والاية في اللغة بمعنى العلامة الاية لغة العلامة ومنهم قول الله عز وجل ان اية ملكه ان يأتيكم التابوت معنى اية ملكه يعني العلامة وقال عز وجل اولم يكن لهم اية ان يعلمه علماء بني اسرائيل وقال عز وجل ايضا واذا لم تأتهم باية قالوا لولا اجتبيتها الاية في اللغة بمعنى العلامة. والذين كفروا وكذبوا باياتنا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. اولئك اشار اليهم والمراد بذلك الذين كفروا وكذبوا بيئة الله اشار اليهم باشارة البعيد تحقيرا لشأنهم تحقيرا لشأنهم يا عيني فالاشارة للذين كفروا وكذبوا بايات الله. باشارة البعيد تحقيرا لشأنهم يقول اولئك اصحاب النار اصحاب اي اصحاب النار اي ساكنوها والملازمون لها كملازمة الصاحب لصاحبه والنار اعاذنا الله واياكم والسامعين منها. النار هي الدار التي اعدها الله تعالى للكافرين فيها من العذاب والنكال ما لا يخطر على البال وهي موجودة الان. كما قال عز وجل واتقوا النار التي اعدت اعدت اي هيئت اعدت للكافرين يقل اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. وجملة هم فيها خالدون. جملة حالية اي حال كونهم خالدين فيها وهذا الخلود خلود مؤبد خلود مؤبد وقد ذكر الله عز وجل ابدية النار والخلود فيها في ثلاث ايات من القرآن لا رابع لها ذكر الله عز وجل ان الكفار مخلدون في نار جهنم ابدا في ثلاث ايات. الاية الاولى في سورة النساء قال الله عز وجل ان الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا الا طريق جهنم خالدين فيه ابدا وقال عز وجل والانعام. والاية الثانية في سورة الاحزاب قال الله تعالى ان الله لعن الكافرين واعد لهم سعيرا خالدين فيها ابدا والاية الثالثة في سورة الجن ومن يعصي الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها ابدا هذه ثلاث ايات تدل على ابدية النار وان كان هناك ايات تدل على معنى ذلك لكنها ليست صريحة لقوله تبارك وتعالى وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم وقال عز وجل لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون لكن قد يقول قائل لا وما هم بخارجين منها وهو ما هم بخارج من النار يعني مؤقتا لكن هذه الايات الثلاث صريحة في ابدية النار وان الكفار مخلدون فيها ابد الابدين ويأتي ان شاء الله تعالى الكلام على فوائد نتقدم من الايات في الدرس القادم والله اعلم