المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي بسم الله الرحمن الرحيم. لا اقسم بهذا البلد وانت حل بهذا البلد ووالد وما ولد تعالى بهذا البلد الامين الذي هو مكة المكرمة. افضل البلدان على الاطلاق. خصوصا وقت حلول الرسول صلى الله عليه وسلم في ووالد وما ولد. اي ادم وذريته. والمقسم عليه قوله يحتمل ان المراد بذلك ما يكابده ويقاسيه من الشدائد في الدنيا وفي البرزخ ويوم يقوم الاشهاد وانه ينبغي له ان يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد. ويوجب له الفرح والسرور الدائم. وان لم يفعل فانه لا يزال يكابد العذاب الشديد اذا ابد الاباد ويحتمل ان المعنى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم واقوم خلقه يقدر على التصرف والاعمال الشديدة ومع ذلك فانه لم يشكر الله على هذه النعمة العظيمة. بل بطر بالعافية وتجبر على خالقه. فحسب بجهله وظلمه ان هذه الحالة ستدوم له. وان سلطان تصرفه لا ينعزل. ولهذا قال تعالى ويطغى ويفتخر بما انفق من الاموال على شهوات نفسه. اي كثيرا بعضه فوق بعض. وسمى الله تعالى الانفاق في الشهوات والمعاصي اهلاكا. لانه لا ينتفع المنفق بما انفق. ولا يعود اليه من انفاقه الا الندم والخسار والتعب والقلة. لا كمن انفق في مرضات الله في سبيل الخير. فان هذا قد تاجر مع الله اضعاف اضعاف ما انفق. قال الله متوعدا هذا الذي يفتخر بما انفق في الشهوات. اي ايحسب في فعله هذا ان الله لا يراه ويحاسبه على الصغير والكبير. بل قد رآه الله وحفظ عليه اعماله ووكل به الكرام كاتبين لكل ما عمله من خير وشر. ثم قرره بنعمه فقال للجمال والبصر والنطق. وغير ذلك من المنافع الضرورية فيها. فهذه نعم الدنيا. ثم قال في نعم الدين وهديناهن نجدين اي طريقي الخير والشر بينا له الهدى من الضلال والرشد فمن الغي فهذه المنن الجزيلة تقتضي من العبد ان يقوم بحقوق الله. ويشكر الله على نعمه والا يستعين بها على معاصيه ولكن هذا الانسان لم يفعل ذلك. وما ادراك ما العقبة فك رقبة. فلا اقتحم العقبة اي لم يقتحمها ويعبر عليها. لانه متبع لشهواته. وهذه العقبة شديدة عليه. ثم فسر هذا العقبة بقوله فك رقبة اي فكها من الرق بعتقها او مساعدتها على اداء كتابتها. ومن باب اولى فكاك الاسير المسلم عند الكفار. اي مجاعة شديدة بان يطعم وقت الحاجة اشد الناس حاجة يتيما ذا مقربة او مسكينا ذا متربة يتيما ذا مقربة اي جامعا بين كونه يتيما فقيرا ذا قرابة او مسكينا ذا متربة. اي قد لزق بالتراب من الحاجة والضرورة الذين امنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة. ثم كان من الذين امنوا اي امنوا بقلوبهم بما يجب الايمان وعملوا الصالحات بجوارحهم من كل قول وفعل واجب او مستحب. وتواصوا بالصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى اقدار الله المؤلمة بان يحث بعضهم بعضا على الانقياد لذلك. والاتيان به كاملا منشرحا به الصدر. مطمئنة به النفس وتواصوا بالمرحمة للخلق من اعطاء محتاجهم وتعليم جاهلهم والقيام بما يحتاجون اليه من جميع الوجوه ومساعدتهم على المصالح الدينية والدنيوية. وان يحب لهم ما يحب لنفسه. ويكره لهم ما يكره لنفسه. اولئك الذين قاموا بهذه الاوصاف الذين وفقهم الله لاقتحام هذه العقبة. لانهم ادوا ما امر الله به من حقوقه وحقوق عباده وتركوا ما نهوا عنه. وهذا عنوان السعادة وعلامتها والذين كفروا باياتنا بان نبذوا هذه الامور وراء ظهورهم فلم يصدقوا بالله ولا امنوا به ولا صالحا ولا رحموا عباد الله عليهم نار مقصدة اي مغلقة في عمد ممددة قد مد من ورائها لان لا تنفتح ابوابها حتى يكونوا في ضيق وهم وشدة. والحمد لله