بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد موعدنا هذا اليوم مع شرح صحيح الامام البخاري والحديث الثالث والتسعين بعد الثلاث مئة وما زلنا في باب استقبال القبلة. قال الامام البخاري قال ابن ابي مريم اخبرنا يحيى ابن ايوب قال حدثنا حميد قال حدثنا انس عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال علي ابن عبد الله حدثنا خالد ابن الحارث قال حدثنا حميد قال سألت ميمون ابن ثياه انس ابن مالك قال سيدنا ميمون ابن الدياء انس ابن مالك قال يا ابا حمزة ما يحرم دم العبد وماله فقال من شهد ان لا اله الا الله واستقبل قبلتنا فصلى صلاتنا واكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليهما على المسلم اذا هذا الحديث ايها الاخوة من الاحاديث المهمة قد كرره الامام البخاري في هذا الكتاب كما مر عندنا في في الحادي والتسعين مادة ثلاثمئة والثاني والتسعين بعد الثلاث مئة استاذ وتسعين بعد الثلاث مئة وسبحان الله هو حديث واحد وقد شرحناه في شرحنا هذه الاحاديث في ثلاث دول فنسأل الله ان جميعا في طاعته هنا قول البخاري قال ابن ابي مريم يحيى ابن ايوب البخاري ذكره بهذه الصيغة بعض الناس يظنها انها معلقة ولكن البخاري اذا ذكر عن شيوخه هذه الصيغة المشابه للتعليق فهي ليست تعليقا انما هو اسناد وقد بينت ذلك مفصلا في كتاب ابرام صنعة الحديث وذكرت الادلة على ذلك ولم اتي بشيء جديد انما ذكرت قول اهل العلم في ذلك والعراق يقول اما الذي لشيخه عزا فالشذي عنعتذر المعازف لا تشغل ابن حزم المخالف فالحديث اذا من الاحاديث المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سائق البخاري هذه الروايات ليزلزل على فوائده وسعيد بن الحكم هو ابن محمد ابن سالم المعروف ابن ابي مريم الجمحي ابو محمد المصري ولد عام اربع واربعين ومئة فتوفي عام اربع وعشرين ومئتين وهو من الطبقة العاشرة وهم كبار الاخرين عن سبع الاسباب خرج له البخاري ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. قال عن الحافظ ابن حجر ثقة ثقة فقيه ثقة فقيه وقال عنه الذهبي في الكاشف الحافظ قال ابو حاتم ذكر وفي السير سواء هو الحافظ والعلامة الفقيه محدث الديار المصرية ابو محمد سعيد ابن الحكم ابن محمد ابن سالم الجمحي مولاهم المشرف هنا قال اخبرنا يحيى ابن ايوب وهو يحيى ابن ايوب الغاشقي ابن العباس المصري وهو من الطبقة السابعة وهم كبار الاتباع التابعين توفي عام ثمان وستين ومئة. روى له البخاري ومسلم ومداود والترمذي والنسائي وابن ماجة وقال عنه الحافظ ابن حجر صدوق ربما اخطأ وعند الذهب يقال احد العلماء صالح الحديث قال ابو حاتم ما يحج به وقال النسائي ليس بالقوي ابدا مذكور في كتابه كشف الايهام قال حدثنا حميد وهو حميد بن ابي حميد الطويل وهو ثقة قال حدثنا انس ابن مالك وهذا تصريح بالسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال علي ابن عبد الله ايضا البخاري ذكر هذا عن شيخه علي ابن المدينة وهو الى الاتصال قال حدثنا خالد ابن الحارث قال حدثنا حميد اخر الى حميد قال فعلا ميمون ابن زياح انس ابن مالك قال يا ابا حمزة ما يقرب دم العبد وماله فقال من شهد ان لا اله الا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا واكل ذبيحتنا وهو المسلم له مال المسلم وعليه ما على المسلم وسبق في الدرس السابق اننا نقلنا قول الغزالي حينما قال والذي ينبغي ان يميل المحصل اليه الاحتراز من التكفير ما وجد اليه سبيلا فان استباحة الدماء والاموال من المصلين الى القبلة المبرحين بقول لا اله الا الله محمد رسول الله خطأ والخطأ في ترك الف كافر في الحياة اهون من الخطأ في سفك محكمة من دم مسلم اذ هذا الحديث مسند ايها الاخوة وهو حديث صحيح وساقه البخاري لان فيه تصريح حميد من انس والبخاري لم يعلقه كما دعمه الشيخ شعيب الارنوط حينما قال بتخريجه وعلقه البخاري يحيى ابن ايوب عن حميد به وعنده سماعه من انس وقال اخرجه البخاري معلقا تسميه ثلاثة وتسعين هكذا قال الشيخ حفظه الله وختم لنا وله بالصالحات والشيخ يحفظه الله له اجتهاداته الخاصة وكذلك الشيخ الالباني رحمة الله عليه في مختصره لصحيح البخاري برغم اثنتين وثمانين قالوا في رواية معلقة عن حميد قال سأل ميمون ابن سياح انس ابن مالك قال يا ابا حمزة وما دم العبد وماله فقال من شهد ان لا اله الا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا واكمل ذبيحتنا فهو المسلم له مال مسلم وعليه ما على المسلم. فالصحيح ان هذا الرواية ليست معلقة قال ابن رجب مقصود البخاري بهذا تصحيح رواية حميد عن انس المرفوعة لاجل تأشيد الرفع اذا ابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولاجل ان حميد قد صرح بالسماع من انس والحقيقة لا يضر عدم تسليحه ما اذ عن نفسه لكن هنا فيه فائدة باعتبار انه قد جاء في بعض الطرق ذكر الرواية ميمون ابن سي يعلم يقول ابن رجب وقد نازعه في ذلك اسماعيل وقال انما تبعها حميد من نيمون هكذا قال عن اسماعيل والاسماعيلي يحاول ان يتتبع البخاري ثواب او بنحوه قال ابن رجب رحمه الله وقد دل هذا الحديث على ان الدم لا يعصم بمجرد الشهادتين حتى يقوم بحقوقهما واتي بحقوقهما الصلاة فلذلك يخصها بالذكر وفي حديث اخر اضاف الى الصلاة الزكاة وذكر استقبال القبلة اشارة الى انه لابد من الاتيان بصلاة المسلمين المشروعة في كتابهم ان ننزل على نبيهم وهي الصلاة الى الكعبة والا فمن صلى على بيت المقدس بعد نسخه في اليهود او الى المشرق في النصارى فليس بمسلم ولو شهد بشهادة التوحيد فلم تؤمن بلدة او محلة وكانت من المسلمين الا كان لها ما للمسلمين وعليها ما على المسلمين دون ادنى فرق بل كان المسلمون يولون على اهل الارض المفتوحة امراءهم الذين كانوا عليهم قبل دخول الاسلام ثم قالوا في هذا دليل على عظم موقع استقبال القبلة من الصلاة فانه لم يكثر من شرائع الصلاة غيرها كالطهارة وغيرها وذكره وذكره اكل ذبيحة المسلمين في اشارة لانه لابد من التزام جميع شرائع الاسلام الظاهرة ومن اعظمها اكل ذبيحة المسلم وموافقتهم في ذبيحتهم فمن امتنع من ذلك فليس بمسلم ثم قال ابن رجب يرحمه الله وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتحن احيانا من يدخل في الاسلام وقد كان يرى في دينه الاول امتناع من اكل بعض ذبيحة المسلمين لاطعامه ما كان امتنع من اكله ليتحقق بذلك من اسلامه وروي انه عرض على قوم كانوا يمتنعون في جاهليتهم من اكل القلب ثم دخلوا في الاسلام واكل القلب وقال ان اسلامكم لا يتم الا باكله فلو اسلم يهودي واقامه ممتنعا من اكل ذبائح المسلمين كان ذلك دليلا على عدم دخول الاسلام في قلبه وهذا الحديث يدل على انه لا يطير بذلك مسلما ويشهد بذلك قول عمر في من اسلم من اهل الامطار وقدر على الحج ولم يحج انه يضرب يضرب عليهم الجزية قال وما هم بمسلمين وهذا الحديث ايها الاخوة يؤكد على مسألة الذمة وهي مسألة في غاية الاهمية كذلك المسلم له ذمة الله ورسوله الذمة العهد وهو اشارة الى ما عاهده الله ورسوله الى المسلمين بالكشف عن دم المسلم وماله وقوله صلى الله عليه وسلم فلا تذكر الله في ذمته اي لا تغدروا بمن له عهد من الله ورسوله فلا بالضمان بل اوفوا بالعهد. يعني حذر النبي من عدم الايفاء بالضمان والاسفار مأخوذ من قولهم اخبرت فلانا اذا غدرت به ويقولون غفرته اذا حميته وفي الحديث فائدة عطف الصلاة واستقبال القبلة المسلم عن الشهادتين فيه بيان تحقيق القول بالفعل وتأثير امره فكأنه قال اذا قالوها وحققوا معناها بموافقة الفعل لها تكون محرمة لدمائهم واموالهم وانما خصت هذه الثلاثة من بين سائر الاركان وواجبات الدين بكونها اظهرها لكونها اظهرها واعظمها واسرعها علما بها اذ في اليوم الاول من صلاته وطعامه غالبا بثلاث نحو الصوم فانه لا يظهر الامتياز بيننا وبينهم منهم ونحو الحج فانه قد يتأخر الى شهور وسنين وقد لا يجب عليه اصلا الحديث فيه فوائد يعني منها بيان تحريم دم المسلم بالتزام الشرائع الاسلام الا بحق الاسلام ومن هذي الحين وما المسلم الا في حق الاسلام ومنها ان امور الناس مهمولة على الظاهر الباطن فمن اظهر شعائر الدين اجريت عليه احكام اهله ما الم يظهر منهم خلاف ذلك فاذا دخل رجل غريب في بلد من بلاد المسلمين بدين او مذهب في الباطن غير انه غير ان عليه زي المسلمين امن على ظاهر امره على انه حتى يظهر قناة ذلك ومن فوائده فيها تعظيم القبلة وانها من فرائض الصلاة والصلاة اعظم قربات الدين بعد الشهادتين فمن ترك القبلة متعمدا فلا صلاة له ومن لا صلاة له فلا دين له ومن فوائد الحديث ان استقبال القبلة شرط للصلاة مطلقا الا في حالة الخوف لادلة قد جاءت الشريعة بها ومن فوائد حديث انه من جملة الشواهد على اسلام الشيخ ذبيحة المسلمين وذلك لان طوائف من الكتابيين والوثنيين يتحرجون من اكثر المسلمين ومنها ان من دخل في الاسلام له من الحقوق ما للمسلمين. وعليه من الواجبات ما عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم لهم مال المسلمين وعليهم ما علينا وفي هذا الحديث ايها الاخوة مسألة مهمة جدا وهو ان الاسلام لم تكن منه حرب واحدة ابدا من اجل استعباد الناس او حصر الناس او اذية الناس ولا من اجل سريغة خيراتهم واحتلال بلادهم. وانما كان الجهاد في سبيل الله لاجل اعلاء كلمة الله تعالى ولاجل اخراج الناس من ظلمة الجهالة الى نور الحق واليقين وقد تجشر المسلمون في سبيل هداعة الناس واخراجهم من الظلمات الى النور الكثير من الصعاب منها الجهاد في سبيل الله اذا ما احسن اثرهم على الناس واقبح اثر الناس عليهم وجيوش المسلمين التي كانت تخرج في سبيل الله كانت تخرج لاخراج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد كما قال جعفر ابن ابي طالب ولاجل اخراج من جور الانظمة القائمة الى عدل الاسلام الحق فلم يكن جهاد المسلمين لاستعباد الناس ابدا ولا للعلو بالباطل ابدا ولا بسرقة خيرات بلادهم ابدا وهذه مسألة مهمة اننا نفرح التأريخ من اجل ان نطبق هذا الامر ولاجل ان لا نوقع الناس بالخطأ على دين الله تعالى والانسان يتحمل مسؤولية كبرى بين يدي الله تعالى ان ساعد فعلا جر على جر على على الدين بسببه فيحذر الانسان ان يفعل فعلا يؤذي الناس الاذية بهذا الامر وسبحان الله العظيم كثرت القصور في بلاد مسلمين كثرة لم نعهد مثلها في حياتنا من قبل وكثير ممن حمل السلاح يدعي انه ينصر الدين وهو في الاصل يسفك الدماء بغير حق وهذه الاحاديث النبوية وهذه الروايات المصطفوية تبين لك الطريق المستقيم الذي نسأل الله ان يهدينا اليه في الصلوات الخمس ولا يمكن مع ذلك على الانسان ان لا يجزع ولا يمل من النصح والارشاد والتوجيه ووجد ما يأتي الانسان يهمد ويلمس فعليه ان ينصح ويسعى لاحياء النفوس وايضا ثمة مسألة مهمة ايها الاخوة اذكر بها في هذه الباب انه قد كثر الموت فينا وفي المسلمين وكذلك السفر عن البلاد الى بلاد بعيدة وفي ذلك مفارقة الاحباب ولما سئل امام الحرمين لماذا السفر قطعة من العذاب؟ قال لان فيه مفارقة الاحباب علينا ان نعلم ان الامر الذي قد اجبرنا عليه ثم صرنا اليه مكرهين انه رحمة من الله تعالى لان الانسان لا يعلم كيف يغرف من الاجر في المحن ووالله لو كنا نعلم ذلك لما تمنينا زوال الكرب فكرب عاجل في الدنيا يغدق جنة وحريرا. وجمالا وحضورا ابد الاباء وهذه الشدائد ايها الاخوة عسى الله ان يرفعها اذا جاءت يستثمرها الانسان بقول الحمد لله رب العالمين ويستقبلها بالرضا ويستقبلها بشكر نعم ليس من شرط الصبر استحلاء البلاء لكن على الانسان ان يعلم ان اختيار الله له خير من اختياره لنفسه ويسعى للانسان ان يصلح فيما بينه وبين الله ويصلح ما بينه وبين الناس وعلى الانسان ان يصلح سريرته وعلانيته وان يجعل همه الاكبر اما الاخرة فمن تم بالاخرة شفاه الله امر الدنيا والاخرة ورأينا خسارات عظيمة لكن اعظم الخسارة هي ان تكفر طاعة الله واعظم خسارة هي خسارة الاخرة ان تخسر جنة عرضها السماوات والارض فلا يكون لك فيها مكان فعليك ايها الاخوة الكريم ان تغتنم الاوقات اذ هي ذلك الى الله تعالى في رحلة ثم احذر ما توسوس به شهوات النفس وتسوله واياك ان تكون عبدا لشهوتك بل الكل مجاهدا لنفسك وهواك واعلم ايها الاخ الكريم ان القرآن الكريم نعمة هي اعظم النعم وعلى العباد ان يؤدوا شكر هذه النعمة بالتلاوة والاتقان والعمل بهذا الكتاب وعلى الانسان ان يكون مجاهدا في طاعة الله مجاهدا لنفسه وهواه حتى يلقى الله مجاهدا في تعلم العلم والعمل به والتعليم عاملا به متفانيا في نشره وتعليمه وبثه لماذا؟ لان درجة علم هي درجة ما بعدها درجة وايضا الانسان لا يترك النصيحة لاخوانه ولا يترك التوجيه لهم ويسعى الانسان غاية السعي في رب الاخرين بما يستطيع رصده من اي شيء. فلا تقصر في فرصة من الفرص ومن امل فيك خيرا او اراد منك خيرا واستطعت ان تقوم بذلك فاياك ان ترده خائبا فاشق شيء على النفوس الذكية ان يأمل فيك انسان شيء ثم لا يجده عندك واعلموا ان قضاء الحوائج من اعظم الاعمال وان ادخال السرور الى قلوب المؤمنين من اعظم الاعمال ولا تنسوا الايتام والارامل فقد كثر التيهيم والترميل والتهجير نسأل الله العافية ثم نبتت نابتة اخرى وصارت تفجر البيوت وتحطم الدور وتنتقم ممن قد فعل نحو هذا الفعل فلا بد للانسان ان يكون له تأثير على اخرين هو نصح لهم وحينما تحصل مثل هذه لا يصح للانسان ان يجعل نفسه كالنائم كانه لا يدري ما حوله بل يجب على كل انسان ان يسعى لدفع الظلم ورفعه بالطريقة المنكرة وبالطريقة الشرعية والنصح يستطيعه كل واحد هذا وبالله التوفيق