وعرفه المؤلف بقوله ما استقل بنفسه في الكشف عن المراد به البيان ليس على رتبة واحدة بل هو على رتب مختلفة فهناك ما هو نص طريح وهناك ما هو ظاهر للمغرب صفحة واحد وعشرون ثالث هذا ثالث والرابع الثالث صافي راح بيقول الثالث رابع الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا هو اللقاء الرابع من لقاءاتنا في شرح كتاب تيسير البيان لاحكام القرآن للامام المورع المتوفى سنة ثمانمائة وخمس وعشرين من هجرة المصطفى رحمه الله تعالى وهي مقدمة لتفسيره في احكام القرآن ولعلنا نقرأ شيئا مما في هذا الكتاب بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن والاه اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا وللمسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى القول في الاسماء المفردة اعلموا رحمكم الله تعالى ان من سنة العرب ان تسمي الاشياء المختلفة بالاسماء المختلفة بالرجل والفرس والحمار والبر والشعير لاختلاف مسمياتها ويسمي الاصوليون هذا النوع الاسماء المتباينة وتسمى الاشياء الكثيرة بالاسم الواحد فقد تكون تلك الاشياء متفقة من جميع الوجوه كالانسان والمشرك واللون والثمر وغير ذلك من اسماء الاجناس ويسمونها الاسماء المتواطئة لتواطؤها على معانيها وحكم هذا النوع اذا ورد في كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه واله وسلم ان يحمل على ما يقتضيه اللفظ فان كان اللفظ يقتضي العموم حمل عليه كقولك اقتل المشرك فيحمل على كل مشرك يهوديا كان او نصرانيا او وثنيا وان كان اللفظ يقتضي التخصيص حمل عليك قولك اقتل المشرك النصراني او اقتل المشرك او اقتل مشركا نصرانيا وقد تكون تلك الاسماء وقد تكون تلك الاشياء مختلفة معان كالبيضة. فانها تقع على بيضة الدجاج والنعام وبيضة الحديد وكالعين فانها تقع على العين الناظرة وعلى عين الذهب وعين الماي وعين الميزان. وكالجون فانه يطلق على الابيض والاسود ويسمى هذا النوع الاسماء المشتركة للشيء وضده. والدليل على ما قلناه ان الذين رووا عن العرب الاسماء المتباينة والمتواطئة هم الذين روى عنهم تسمية المتوضد المتضادة باسم واحد وهم الواسطة بيننا وبين العرب. وحكم هذا النوع ان يحمل على ما يقتضيه اللفظ فان كان النقد يقتضي التخصيص حمل عليه كما اذا قال اعطني بيضة الحرب او عينا اشتري بها متاعا او الجون الابيض. وان كان اللفظ يقتضي العموم والاطلاق كما لو قال لعبده اعطني البيض واعطني عين واعطني الجون وحمل عليه عند الشافعي رحمه الله تعالى وعدة يسيرة من الاصوليين والجمهور على خلافه فلا يصير العبد ممتثلا عنده الا اذا اتى بجميع ما يقع عليه اسم البيظة. وبجميع ما يقع عليه اسم العين والجون والدليل عليه ان الحمل على الجميع غير واللفظ يصلح له وحمل عليه بمقتضى اللغة. حمل عليها وعليكم واللفظ يصلح له صوابه حمل عليها عند الامام الشافعي والدليل عليه ان الحمل على الجميع غير مستحيل واللفظ يصلح له فحمل عليه بمقتضى اللغة نعم اذا دل العقل او الشرع على ان المراد به شيء بعينه ولم نتبينه في اللفظ كقوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون وقد دل الدليل على ان المراد واحد بعينه اما الحيض او الطهر. فهذا يكون مشكلا مجملا. لا يعرف معناه من لفظه وانما يعرف المراد منه بغيره. اما من دليل او قرينة او شاهد حال ومن سنة العرب في كلامها ايضا ان تسمي شيئا واحد بالاسماء المختلفة نحو السيف المهند والصارم والحسام. واكثر اسماء واكثر اسماء الغريب على ذلك ويسمى ما هذا الصنف؟ الاسماء المترادفة فمذهب الاصوليين واللغويين انها اسماء لمعنى واحد. وقال ثعلب ان الاسم منها واحد وهو السيف مثلا. وما بعده من اسماء صفات له باعتبارات زائدة على الاسم بكل صفة منها معنى غير معنى الصفة الاخرى. واحتج من خالف ثعلبا بانه لو كان الامر كما ذكر لما امكن ان يعبر عن شيء بغير عبارته. ولو كان ذلك كذلك لم تفهم اللغة. ولما رأيناهم يعبرون ببعضها عن بعض دل على ما قلناه. واجيب بان هذه الاسماء ليست مختلفة متباينة في الزم ما قالوا وانما في كل واحد منها معنى ليس في الاخر فمن اجل ذلك جاز التعبير ببعضه عن بعض من طريق المشاكلة والاتفاق. واختار ابو الحسين احمد ابن فارس ولا تعلم وبالغ في نصرته. ومن سنته ايضا انها تسمي الشيء باسم اذا كان متصفا بصفة. فان فقدت تلك الصفة فلا يسمى بذلك الاسم. فمن ذلك المائدة لا يقال لها مائدة حتى يكون عليها طعام والا فاسمها خوان. وكذلك الكأس لا يكون كأسا حتى يكون فيه شراب. والا فهو قدح. وكذلك القلم لا يكون القلم الا وقد بوري واصلح والا فهو انبوبة. ويحكى انه قيل لاعرابي ما القدم؟ فقال لا ادري. فقيل توهمه فقال عود قل لما من احد جانبيه كتقديم الانظار فسمي قلما ذكر المؤلف ها هنا تقسيم الاسماء اعتبار الصلة بين الاسم والمعنى الذي يطلق عليه وذكر انها على انواع النوع الاول الاسماء المتباينة بان تكون الاسماء متعددة والمسميات ايضا متعددة كل اسم يطلق على معنى فهذا يقال له متباين مثال ذلك اسد وشاة اسمان مختلفان يطلقان على معنيين مختلفين فيقال له متباين وقد مثل المؤلف بامثلة الرجل والفرس والحمار والبر والشعير اه المراد هنا انه قد اطلقت اسماء على مسميات كل اسم اطلق على مسماه على جهة الاستقلال فهذا يقال له متباين النوع الثاني اسم واحد اطلق على معان متعدية وافراد متعددة من جهة اطلاق واحد وهذا يقال له المتواطئ قالوا له المتواطئ مثال ذلك لفظة الرجل يصدق على الاول وعلى الثاني وعلى هذا وذاك وكلها تسمى باسم واحد اذا كانت متفقة في المعنى يقال لها متواطئة ومثل لها لفظة الانسان التي تصدق على زيد وخالد ومحمد وفهد سعيد وعمرو وهكذا لفظت المشرك ولفظة اللون تطلق على الازرق والاصفر والاحمر والاخضر والتمر تطلق على انواع التمر وغير ذلك من اسماء الاجناس هذه يقال لها اسماء متواطئة يعني انها متفقة في المعنى المعنى واحد الاسم واحد والمعنى واحد ولا افراد متعددة متفقة في المعنى هذا النوع من الاسماء له اربعة استعمالات في اللغة الاول ان يأتي على جهة العموم بان يكون له اداة دالة على العموم كما لو كان معرفا بالاستغراقية او كان جمعا او اسمه جنس مضاف لمعرفة او كان نكرة في سياق ان في من امثلة ذلك قولك ان قول الله تعالى ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وهنا كلمة الانسان متواطئة و قد يريد بها العموم ومثله في قوله وسارقوا والسارقة فاقطعوا ايديهما الاطلاق الثاني ان ترى ان تطلق ويراد بها الخصوص كما لو قال رأيت انسانا بحيث لم يأتي معها لفظ عام واراد شخصا بعينه كما في الاخبار عنها بخبر ماظ النوع الثالث المطلقة وهي التي تصدق على واحد من افراد ذلك الجنس على البدلية فما لو قال اكرم انسانا وهنا تصدق على فرد واحد مثل الخاص ولكنه ليس فردا معينا اللي يشمل جميع افراد الجنس يشبه العام وانما هو مطلق بحيث يصدق على اي فرد لا على سبيل التعيين والنوع الرابع الاسماء المهملة كما لو قال بعض الناس لا يحسن الادب او بعض الناس يكرم ظيفانه اضيافه وهنا قضية مهملة ليست عامة ولا خاصة ولا مطلقة فيقال له لفظ مهمل هذه الاسماء المتواطئة تحمل على ما يدل عليه تياقها والاسلوب الذي سيقت به هناك اسماء متفقة في اصل المعنى ولكنها مختلفة في تمامه وهذه يسميها بعض اهل العلم المشككة بماذا قيل لها مشككة؟ لاننا اذا نظرنا الى اصل المعنى كانت متواطئة واذا نظرنا الى تمام المعنى كانت بمثابة الاسماء المشتركة التي ستأتي معنا ومن امثلة ذلك لفظة اليد فانها تصدق على يد النملة ويد الفيل ويد الانسان هي في اصل المعنى متفقة ولكنها في تمامه مختلفة ولذلك كانت مترددة بين المتواطئة والمشتركة فقيل لها مشككة وجمهور اهل الاصول يطلقونها او يجعلونها من انواع المتواطئ النوع الرابع اسماء متعددة اسماء واحدة اسم واحد اسم واحد يطلق على معان متعددة باطلاقات مختلفة ومن امثلة ذلك لفظة المشتري فانه يطلق في مقابلة البائع ويطلق في في ويطلق على الكوكب المعروف هل هي متفقة في اصل المعنى؟ نقول لا ليست متفقة اذا مختلفة اطلاقات مختلفة ليست متفقة لا في اصل المعنى ولا في تمامه وبالتالي يقال لها اسماء مشتركة اشتركت معاني متعددة في اسم واحد فقيل لها مشتركة ومثل لها بلفظة البيظة فانها تصدق على بيضة الدجاج والنعام. بيضة الدجاج والنعام هذه مشككة وهي من انواع المتواطئ لكن هذا الاسم بيضة يطلق ايضا على بيضة السلاح بيضة وهي من الحديد وبالتالي قيل لها لفظ مشترك ومثله لفظة العين فانها تطلق على العين المبصرة وتطلق على عين الذهب وعين الماء وعين الميزان وعين الجاسوس ما حكم الالفاظ المشتركة نقول الالفاظ المشتركة ان جاء معها قرينة توضح المراد بها وانه احد المعاني عمل بالقرينة وان جاءت قرينة تدل على انه يراد بها جميع المعاني عملنا بها فاذا لم يكن مع اللفظ قرينة فماذا نعمل نقول ان كانت المعاني متظادة ولا يمكن ان يحمل اللفظ على جميعها توقفن فيها واحتجنا الى البحث عن دليل او قرينة تدل على احد المعاني مثال ذلك ما ذكره المؤلف من قوله عز وجل والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء فان لفظة قروء تصدق على الحيض كما قال ابو حنيفة واحمد وتصدق على الاطهار كما قال مالك والشافعي ولا يمكن حمل اللفظ على جميع المعاني لتقابلها وتظادها وبالتالي نتوقف فيه حتى يأتي دليل يدل على المراد به قد استدل كل واحد من اصحاب القولين بادلة لترجيح قوله كان من استدلالات ابي حنيفة واحمد حديث دع الصلاة ايام اقرائك وهناك استدلالات كثيرة لكل من القولين الراجح انه يعمل بالدليل او القرين اما الترجيح الفقهي فليس هذا بحثه نحن الان نبحث ايش تأصيل انه اذا وردنا اسم مشترك على معاني متقابلة فاننا لا نحمله على جميع المعاني ونحتاج الى دليل او قرينة توضح المراد توضح المراد به طيب اذا لم تكن المعاني متقابلة فماذا نعمل به قال الشافعي واحمد يحمل على جميع المعاني ذلك لو قال لا تقرب عيني فحينئذ هل نحمله على الباصرة ولا على الجارية ولا على الذهب قال الشافعي واحمد منه على العموم وقال اخرون نتوقف في حتى يأتي دليل يوضح المراد به اذا هذا الذي نحتاج الى الترجيح فيه ليش؟ لان الخلاف هنا في المحل الاصولي وليس في التفريع الفقهي قال المؤلف وكالجوني فانه يطلق على الابيض والاسود ويسمى هذا النوع الاسماء المشتركة وانكر قوم لا يعتد بهم هذا النوع من الاسماء وقالوا لا يوجد مشترك في لغة العرب ولانه لا يمكن ان يصدق اللفظ الواحد على معان متعددة باطلاقات اصلية مختلفة واستدل المؤلف لقول الجمهور بوجود اسماء مشتركة ان جميع المعاني التي اطلق عليها الاسم المشترك هي معاني مأثورة عن العرب ومنقولة عنهم بالتالي فيوجد نقل عن العرب في ذلك طيب اذا البحث الان في الاسم المشترك الذي يدل على معان غير متقابلة ولا متظادة هل نحمله على جميع المعاني كما قال الشافعي ومن وافقه او نحمله او نتوقف فيه حتى يأتي دليل وقرينة توضح المراد به مثال ذلك في قوله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد الكاتب والشهيد هل وقعت من هل الاية نهي عن ايقاع الظرر بهما او او ان الاية نهي لهما عن ايقاع الظرر بغيرهما واظح ولا يظار كاتب ولا شهيد هل معناها يا ايها الكاتب والشهيد لا توقع الظرر بغيرك او معناها يا ايها الناس لا توقعوا الظرر بالكاتب والشهيد هذا يقال له مشترك المعاني يمكن حمل اللفظ عليها معا ولذا قال الشافعي واحمد وجماعة نحمله على جميع المعاني فالاية قد دلت على هذه المعاني جميعا وقال اخرون لا انما تدل على معنى واحد فنحتاج الى دليل يوضح المراد بها وهذا امثلته كثيرة مثلا في قوله تعالى والله سميع عليم هل يطلق على جميع المعاني او نطلقه على احدها فقال طائفا يطلقه على ادراك المسموعات فقط بقيام الدليل عليه وقال اخرون لنطلقه على جميع المعاني فهو يدرك المسموعات ويجيب الدعوات كما في قوله لسميع الدعاء و يحفظ اولياءه من المؤمنين والمؤمنات كما في قوله انني معكما اسمع وارى ومثله في قوله والله عليم حكيم فان كلمة حكيم قد يراد بها من الحكمة بوضع الامور فيما يناسبها وقد يكون بمعنى الحكم اي ان حكمه نافذ لا يستطيع احد رده فالاول قال به المعتزلة والاخر قال به الاشاعرة واهل السنة اثبتوا الامرين معا فله الحكمة وله الحكم وكلاهما يدل عليه قوله تعالى والله عليم حكيم اذا عرفنا ان المشترك الذي يدل على معان غير متقابلة وقع الاختلاف فيه هل يحمل على جميع معانيه كما قال الشافعي ومن وافقه او نحمله على احد المعاني بعد البحث عن الدليل الذي يدل على المعنى المراد منه وقول الامام الشافعي في هذه المسألة ارجح واقوى لان العرب تستعمل الاسماء المشتركة وتريد بها جميع معانيها غير المتقابلة ويدل عليه ما ورد من تفسير قوله جل وعلا اللاتي ترغبون ان تنكحوهن في سورة النساء وقد فسرته ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها نزلت الاية في الرجل تكون عنده اليتيمة يرغب فيها لمالها وجمالها فيتزوجها ويبخسها ويبخسها مهرها ونزلت في الرجل عنده اليتيمة لا يرغب فيها بمال ولا لجمال فيزوجها من غير كفؤها ففسرت قوله ترغبون ان تنكحوهن بتفسيرين ترغبون في ان تنكحوهن وترغبون عن ان تنكحوهن ففسرت اللفظ المشترك بجميع معانيه ولهذا كان هزا القول اصوب قال المؤلف وان كان اللفظ يعني اللفظ المشترك يقتضي العموم ولاطلاق فما لو قال لي عبدي اعطني البيضة واعطني العين حمل عليها يعني على جميع المعاني عند الامام الشافعي فلا يصير العبد ممتثلا عنده الا اذا اتى بجميع ما يقع عليه اسم البيضة وبجميع ما يقع عليه اسم العين والجون استدل المؤلف على ذلك بقوله الحمل على حمل اللفظ المشترك غير متقابل المعاني على جميع المعاني امر ممكن غير مستحيل واللفظ يصلح لجميع المعاني فحمل على جميع المعاني بمقتضى اللغة الا اذا كان اللفظ يدل على معان متقابلة لا يمكن حملها على جميعها فحينئذ نحتاج الى دليل يوضح ما المراد منها واما اذا لم يكن معه دليل ولا قرينة يعني عندنا لفظ مشترك يدل على معان متقابلة ليس معه دليل ولا قرينه توضح المراد به ما المقصود من المعاني المتقابلة؟ فهذا يكون مجملا. نتوقف فيه حتى يتضح المراد منه استدل المؤلف ايظا او اتى بنوع اخر من الاسماء وهو الاسماء المترادفة وهي اسماء متعددة تطلق على معنى واحد كم عندنا من قسم عندنا اسمى متباينة وعندنا متواطئة وعندنا مشتركة وعندنا المترادفة المشككة هذي قيل لها مشككة لانها مترددة بين المتواطئ والمشترك وهي لا تخلو من ان تكون احد القسمين بعضهم يجعلها قسما خامسا وعلى كل المسألة اصطلاحية فهناك اسم اسماء متعددة والمسمى واحد يقال له الاسماء المترادفة ومثل لها المؤلف باسماء السيف والمهند والصارم والحسام فهذه كلها اسماء تطلق على مسمى واحد فيقال لها مترادفة ومثله من اسماء الاسد مثل ايش الاسد قسورة واظنفر عيدرة الى غير ذلك فمذهب الاصوليين واللغويين انها اسماء لمعنى واحد وخالفهم ثعلب فقال الاسم منها واحد احد هذه الاسماء المتعددة اسم هذا المعنى الواحد هو احد هذه الاسماء. والبقية الصفات وليست اسماء واستدل على ذلك بانها فيها معاني زائدة عن اصل المعنى وفي كل واحد من هذه الاسماء صفة تغاير الصفة الموجودة في الصفة الاخرى الصواب انها اسماء متعددة لمسمن واحد ذلك ان الاسمى يلاحظ فيها احد معاني المسمى وبالتالي تكون كلها اسماء واحدة وها قول الجمهور هو الصواب وقد اخطأ ثعلب في هذه المسألة ابن فارس حاول ان يوافق ثعلبا فيها واذا اخطأ مثله ويدل عليه قوله تعالى ولله الاسماء الحسنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في تعداد اسمائه انا محمد وانا احمد وانا الحاشر وانا العاقب الى اخر ما ورد في الحديث واحتج من خالف ثعلبا بانه لو كان الامر كما ذكر ثعلب من ان الاسم واحد والبقية صفات لما امكن ان يسمى هذا المسمى بهذه الى اسماء جميعا يعني انت عندك صفات مثل السمع والبصر هل يمكن ان اسميك السمع وهل يمكن ان اسميك البصر؟ ما يمكن فدل هذا على ان بقية الاسماء اسماء حقيقية وليست صفات يدل على هذا اننا اذا استخدمنا اي اسم من هذه الاسماء فانه يتوجه الذهن مباشرة الى ذلك المسمى ولو كانت صفات لما توجه الذهن الى المسمى بذكر الصفة بدون ذكري الموصوفة صحيح في كل واحد منها معنى زائد عن عن اصل الماهية ولكن لا ينفي ان يكون اسمه ولذلك هي تدل على المسمى اصالة جميع هذه الاسماء المتباينة تدل على المسمى اصالة وينفرد كل اسم منها بدلالته على زيادة صفة ولذا جاز ان يعبر عن بعضها ببعضها الاخر فبدل ان تقول السيف تقول المهند وبدل ان تقول المهند تقول الحسام ونحو ذلك ولذا نجد ان العرب قد تربط اسما بصفة وجودا وعدما ولذا قد يسمى الشيء باسم لوجود الصفة فاذا انتفت الصفة انتفى ذلك الاسم ومثل لها الكأس لا يسمى كأسا الا اذا كان مشتملا على الشراب والمائدة لا تكون او لا يطلق عليها هذا الاسم الا اذا كان عليها طعام والقلم قبل ان يبرى لا يسمى عندهم قلما لانهم كانوا يأخذونه يأخذون الحبر بهذا القلم بعد بريه نعم قال رحمه الله القول في البين والمشكل واعلموا رحمكم الله الكريم ان الكلام البين في لغة العرب ما استقل بنفسه في الكشف عن المراد به. وهو اسم جامع لاشياء متفقة اصول متسعة الفروع وبعضها اجلى من بعض وهي متقاربة لاستواء عند العرب وان كان بعضها اجدى من بعض. لان اقل البيان عندهم كاف وهي متفاوتة عند من يجهل لسان العرب والبيان واقع في جميع انواع الكلام من الامر والنهي والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والاطلاق والتقييد وسائر صنوف لغات العرب. ولولا خوف واضح لمثلت لكم جميع ذلك من الكتاب العزيز. ولكني اذكر لكم اية واحدة من الكتاب العزيز. ومن تهى اليه فهمي ليستدل بها على امثالها ان شاء الله الله تعالى قال الله تبارك وتعالى فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعت ثم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن اهله حاضرين مسجد حرام. واتقوا الله واعلموا ان الله شديد العقاب. فيقول جمعت هذه اي انواع من البيان وبعض هذه الانواع اجلى من بعض. فاجلاها بيان العدة التي اوجبها الله من الثلاث والسبع. وكان الامر بينا مفهوما ان تبعه اذا ضمت الى الثلاث كانت عشرا. فزاد الله سبحانه في البيان تأكيدا ثان لدفع توهم ايجاب احد العدتين. وان الاخرى تطوع. فقصدت تأكيده في البيان ولم يقصد تعليم العرب العد. اذ لم يزالوا يعرفون ان الثلاثة الى ضمت الى السبع كانت عشرا ويليه في البيان ترتيب الهدي على التمتع والصيام على فقدان هدي فان ترتيب الجزاء على الشرط بين في نساء العرب وان تخلف في بعض الاحوال كما في قوله على فان طلقها فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجع ان ظن ان يقيما حدود الله. وتراجعهما جائز وان ظن الا يقيما حدود الله. ولكن ان الشرد خرج على غالب الوجود فان المتفارقين لعلة لا يجتمعان مع وجودها غالبا ويليه في البيان تخصيص هذا الحكم المذكور لغير الحاضري المسجد الحرام. فانه بين في لسان عرب ان الالف واللام يقتضيان التخصيص. وبين ان ان ذلك اشارة الى الحكم المرتب على قوله فمن تمتع بالعمرة الى الحج من وجوب الهدي والصيام عند العجز. ويليه في البيان التعميم في كل من تمتع بالعمرة فانه بين في لسان العرب ان من تصلح للعموم والاستغراق. ولولا صلاحية استغراقه لما حسن تخصيصه بغير الحاضر المسجد الحرام وهذا من العام الذي اريد به الخاص ومن الصنف الذي يبين اخره اوله. ويليه في البيان تخصيص ثلاثة ايام بالحج لقوله تعالى فصيام ثلاثة ايام في الحج فهذا بين ظاهر في لسانهم وان كان فيه شيء من لطيف الاستعارة وعلى ذلك اكثر كلام العرب. وقد قال به الشافعي رحمه الله تعالى ما دام يجوز الصيام الا بعد الاحرام بالحج وحمله ابو حنيفة رحمه الله تعالى على اشرف الحج وجوز الصيام قبل الاحرام بالحج وكذلك في قوله تعالى الحج اشهر ومعلومات وقول الشافعي رحمه الله تعالى ابين واقرب الى مقتضى حقيقة اللغة. وقول ابي حنيفة محتمل ولكنه خلاف البين وابعد من الحقيقة لما فيه من في ادمار. وفي الاية مباحث اخر وسنعيد الكلام عليها حين اتكلم على الاحكام ان شاء الله تعالى وبه العون والعصمة اراد المؤلف هنا ان يوضح ان دلالة الكلام ينقسم قسمين دلالة واضحة بينة ودلالة صفية تحتاج الى ما يبينها من غيرها ومن امثلة ذلك في قوله تعالى واتوا حقه يوم حصاده فان الحق هنا غير معلوم المقدار ولا معلوم الصنف فهذا كلام مجمل سماه المؤلف مشكل احتاجي الى ما يوضحه يبينه والقسم الثاني من اقسام الكلام البين يعني الواضح الذي يكون المراد منه معروفا عند سامعه هذا النوع هو الاصل في الايات القرآنية وفي الاحاديث النبوية والنوع الاول وهو المشكل او المجمل لابد ان يضم الى دليل اخر ليوضح المراد منه ولا يمكن ان يكون هناك مجمل لم يتضح المراد به في نصوص اخر ومن انواعه ما ذكر في قوله تعالى هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واوخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وهم يردون المتشابه الى المحكم ليتضح لهم المراد منه اذا في الايات القرآنية والاحاديث ما هو مجمل اذا نظرنا الى الدليل وحده لكنه مبين في نصوص اخرى ما حكم هذا المجمل يتوقف في معناه حتى يأتي الدليل الموضح للمعنى المراد منه اما النوع الثاني وهو المبين المراد به الذي يتضح المراد منه بنفسه والظاهر منه ما هو منطوق ومنه ما هو مفهوم ولذا ليس المبين على رتبة واحدة بل هو مختلف الرتب وبعضها اجلى من بعض بمتقاربة الاستواء عند العرب لان اقل البيان عند العرب يكفي ولا يلزم ان يصل الى اعلى درجات البيان وهذا البيان قد يكون نصا بان يكون قطعي الدلالة على مدلوله نسميه صريحا من امثلته اسناء الزوات والاعداد فهذه واضحة نص وهناك ما هو ظاهر يحتمل ان يراد به خلاف ظاهر مدلوله ولكنه بالاصل يحمل على الظاهر على المعنى الظاهر. ولا يصرف عنه الا بدليل وهنا اختلاف بين الاصوليين في الصريح هل هو على رتبة واحدة كما قال الاكثر او هو متراتب او هو متفاوت الرتبة كما قال الحنفية وبعض الحنابلة ويستفاد من هذا فيما يتعلق التعارض والترجيح بين الالفاظ وهكذا من انواع المدلول الظاهر هو الذي يدل على معنى مع احتمال غيره وهو ينقسم الى قسمين منطوق مثل الامر والنهي والعموم والاطلاق ومفهوم مثل الايماء والتنبيه دلالة الاقتضاء وقد اورد المؤلف هنا شيئا من انواع الظاهر قال والبيان واقع في جميع انواع الكلام يعني كأن لفظة البيان تشمل ما هو ظاهر الدلالة ولا يلزم ان يكون نصا قاطعا من امثلة ذلك الامر كقوله واقيموا الصلاة واتوا الزكاة والنهي كقوله ايش لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل والحقيقة وهي اللفظ الدال على المعنى الذي واطلقه عليه العرب ومن امثلته قولك الاسد تريد به الحيوان المفترس وهكذا قد يطلق على المجاز بمثل قولك رأيت اسدا يخطب تريد رجلا شجاعا وهناك من ينفي وجود المجاز ويقول انتم يا من اثبتم المجازر نظرتم الى الكلمة المجردة اسد فقلتم استعملت في غير ما وضعت له والعرب لا تستعمل اللفظ مفردا وانما تستعمله مع قرائنه وبالتالي اسدا يخطب هو حقيقة في لغة العرب على الرجل الشجاع وليس مجازا فيه فهم نظروا الى اللفظة بقرائنها ومن امثلته العموم في قوله يا ايها الناس والخصوص في مثل قوله يا ايها النبي وهكذا في الاطلاق كقوله فتحرير رقبة وفي التقييد كقوله فتحرير رقبة مؤمنة وسائر الصنوف لغات العرب ومثل المؤلف لهذا بقوله فمن تمتع بالعمرة الى الحج قوله من اسم موصول متضمن للشرطية يفيد العموم لانه من الاسماء المبهمة وقوله تمتع بالعمرة الى الحج استعملت في الاستعمال الشرعي والتمتع بان يأتي بهما في سفرة واحدة قال فما استيسر من الهدي اي فيجب عليه ما استيسر من الهدي وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بان المراد به سبع بدنة او شاة قال فمن لم يجد يعني الهدي فالصيام يعني فيجب عليه قيام ثلاثة ايام في الحج قال في الحج بعضهم قال يعني في اشهر الحج بعضهم قال في احرام الحج وبعضهم قال في تمتع الحج ثلاثة اقوال اذا كنا في اشهر الحج جاز ان تصام هذه الثلاثة الايام من اول شهر شوال واذا قلنا في احرام الحج وما يقول به بعض المالكية قالوا يحرم من اول العشر ويصوم في هذه العشر باحرامه ومن قال في تمتع الحج قال هذه الايام تكون بعد اداء العمرة وقبل اداء الحج وقوله تلك عشرة كامل هذا نص اراد التأكيد على العدد لئلا يدخلها شيء من التأويل فيزيلها عن معناها وقوله زلك يعني وجوب الهدي عند طائفة واخر قالوا التمتع لمن لم يكن اهله حاضر المسجد الحرام المسجد هنا الالف واللام فيه للعهد واتقوا الله واعلموا هذه اوامر قد جمعت هذه الاية انواعا من البيان فاجلاها يعني ان اوضحها بيان العدة التي اوجبها الله لفاقد الهدي فيصوم ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجع ثم قال تلك عشرة كاملة هذا زيادة في التأكيد والتوضيح من اجل رفع توهم ايجاب احد العدتين واستحباب الاخرى ثم يليه في البيان ترتيب الهدي على التمتع في قوله فما استيسر من الهدي وترتيب الصيام على فقدان الهدي فان من عادة العرب ان ترتب جواب الشرط على فعله تقول ان اتيتني اكرمتك وهذا سائغ في لغات العرب وبين في لغاتها وان كان في هناك بعض الاحوال وجد تخلف للجواب عن الشرط باسباب معينة فلا فهذا التخلف انما كان لدليل خاص قارن الكلام والا فان الاصل ترتب الجزاء والجواب على فعل الشرط واما ما ذكر من التمثيل بقوله فان طلقها يعني الطلقة الاولى والثانية فلا جناح عليهما ان يتراجعا. يعني ان يراجع الزوج زوجته ان ظن ان يقيما حدود الله فان طلقها يعني الزوج الثاني هذا رجل تزوج امرأة وطلقها ثلاث طلقات حينئذ فلا تحل له من بعده حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها الزوج الثاني فلا جناح عليهما يعني على المرأة وزوجها الاول ان يتراجعا اي ان يعقد عقدا جديدا. لان الطلقات الثلاث قد ارتفعت ثم قال ان ظن ان يقيما حدود الله يعني ظن كل واحد منهم انه حتى يؤدي الحقوق الواجبة بمقتضى عقد الزوجية هذا الشرط بعض اهل العلم يقول هو شرط تكميلي وليس شرطا يراد به اعمال مفهوم المخالفة بعضهم يقول ايش الشروط على نوعين شرطا مقيد وشرط كاشف قال ويليه تخصيص الحكم المذكور اللي هو وجوب الهدي في حق المتمتع لغير الحاضر المسجد الحرام وقوله المسجد الالف واللام هنا عهدية بتختص بالمسجد المعهود فبالتالي يكون تخصيصا وتقييدا العموم الوارد في قوله فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي واشار الى وجود العموم في قوله فمن تمتع فانها من الاسماء المبهمة ويدلك على انه افاد العموم ورود الاستثناء والتخصيص منه لقوله ذلك لمن لم يكن اهله حاضر المسجد الحرام فالمقصود ان البيان للالفاظ في لغة العرب ليس على رتبة واحدة بل انه على مراتب متعددة بعضها اقوى من بعضها الاخر و نلاحظ هنا ان البيان قد يكون في ذات اللفظ وقد يكون في لفظ مقارن له وقد يكون فيه خطاب مستقل قوله جل وعلا ان تذبحوا بقرة ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة وقولك تذبحوا بين بنفسه وقوله بقرة وظحها وبينها ما بعدها بقوله لا فارظ ولا بكر عوان بين ذلك. صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قال ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث فهذا بيان لها ومرات قد يكون بيانا مرافق لللفظ كما في قوله فتحرير رقبة مؤمنة فصيام شهرين متتابعين هذا ما يتعلق ب فصل البيان ولعلنا نترك المشكل او المجمل الذي سماه المؤلف المشكل ليوم اخر فيه اشارة الى المبحث السابق بي دلالة اللفظ المشترك على جميع معانيه هل لان بعض اهل اللغة قال ان اهل اللغة قد يريدون اعماء المعنى في كلامهم فهل هذا مقصود كما قال سيبويه فهل هذا مقصود او ليس بمقصود؟ لعلنا نتركه الى لقاء ات باذن الله عز وجل اسأل الله جل وعلا ان يوفقني واياكم لكل خير وان يجعلني واياكم من الهداة المهتدين فما نسأله سبحانه ان يصلح الاحوال وان يرزقنا الفهم الصحيح لكتابه ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ان لم يا الله نلتقي متى تسعة جماد الاول بارك الله فيكم ووفقكم لكل خير وجعلني الله واياكم الهداة المهتدين اليوم واضح