في كل عصر ومصر وهذا من حقوق الطرق المشتركة. الصحيح ان المفلس اذا لم يعلم غرماؤه بفلسه ولم يحجروا اتصرف تصرفا يضرهم واعطى بعضهم وحرم اخرين انه ليس له ذلك. لان هذا ظلم محرم. فكيف هذه تنتظر حتى يعود. واما اذا لم يظن عوده فانها تعتد سنة كاملة. تسعة اشهر احتياطا عن الحمل ثلاثة للعدة القول بانها تنتظر حتى تبلغ سن الاياس ضرر عظيم عليها لا تأتي به الشريعة الحدث الكاملة ينهى الرجل عن استعماله في رفع الحدث. لا في ازالة النجاسة ولا ما خلت به لطهارة خبث. كل هذا تفريق ليس عليه دليل. ولذلك كان الصحيح ان الماء الذي خلت به المرأة للطهارة كغيره من الماء. وقد قال صلى الله عليه وسلم ان الماء لا يجنب. ولما علموا رحمهم الله ضعف هذا القول قالوا يستعمل هذا هذا الماء عند الضرورة ويتيمم. ولا حاجة من فضل الله الى هذا. بل هذا الماء طهور لا مانع فيه ولا محذور فلا يجوز التيمم الا عند عدم الماء او تعذر استعماله. وهذا ماء. فيدخل في قوله فلم تجدوا ماء كما هو داخل قولا واحدا في طهارة الخبث. ونظيره ما غمست فيه اليد بعد الاستيقاظ من نوم الليل. الصحيح فيه بانه طهور. لا مانع فيه. لانه لم يتغير بشيء نجس. ولا قال الشارع انه طاهر غير مطهر انما نهى النبي صلى الله عليه وسلم المستيقظ عن غمسها قبل غسلها. وهذا من الاداب الشرعية. فالنهي مسلم واما كونه يدل على نجاسة الماء. او كونه طاهرا غير مطهر فليس فيه ما يدل على ذلك. ودلالته على التنجيس اقرب من دلالته على سلبه الطهورية فقط. المقصود ان هذه المياه المذكورة كلها داخلة في قوله تعالى الا وانزلنا من السماء ماء طهورا. وقوله فلم تجدوا ماءا. وغيرها من عمومات ولم يرد نص صحيح صريح يخرجها عن هذا. فوجب بقاؤها على اصلها. حتى يأتينا ما يرفع هذا وهو تغير الماء بالنجاسة. فيدخل في قسم الخبيث النجس. واما الاستدلال بحديث القلتين على تنجيس ما لم يبلغ هما بمجرد الملاقاة ولو لم يتغير ففيه نظر من وجوه. احدها انه مفهوم والمفهوم لا عموم له الله عليه وسلم انما هو من كلام ابي هريرة رضي الله عنه. كما قال ذلك الامام احمد وغيره. وايضا اطالة الغرة غير ممكنة. لان اطالتها لا تكون الا بغسل شيء من الرأس مع غسل الوجه. وهذا غير مشروع اتفاقا او في محل التطهر او بالطين ونحوه لا يضره. وتغيره بغير ذلك يضر. كل هذا تفريق بين متماثلين وهو يؤيد القول الصحيح ان جميع ذلك طهور. وكذلك قولهم انما خلت فيه المرأة لطهارة والله اعلم. والصحيح انه لا يستحب اخذ ماء جديد للاذنين بعد مسح الرأس. بل ان شاء مسحهما من بلل يديه بعد مسح رأسه او اخذ لهما ماء جديدا. لانه لم يصح الحديث الذي فيه انه اخذ لاذنيه ماء خلاف ماء رأي المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا نسأله تعالى ان يعيننا على اخلاص العمل له. وان يقيم قلوبنا ويسدد السنتنا. اما بعد فانه قد تكرر قالوا من بعض الاصحاب على وضع كتاب في فقه اصحابنا من الحنابلة. على وجه يتضح به ما نختاره ونصححه من المسائل الفقهية ونشير الى شيء من مآخذها وادلتها. فلم تمكني فرصة لاداء هذا المطلب. ومضى على هذا مدة طويلة عرفت ان الوفاء ببعض المقصود اولى من تفويت جميعه. ورأيت ايضا انه يصعب علي جمع كتاب يحتوي على جميع المسائل مثل الاقناع والمنتهى والمقنع. وما تفرع عنها من قلة الحاجة الى كتاب في هذا الموضوع. اذ كتب الاصحاب كفيلة بهذا مطلب لكن لما كان كثير من الطلبة في هذه الاوقات قد انفتح لهم باب الاستدلال ورأوا لزوم ذلك وفائدته ومصلحته وكان الغالب على مسائل هذه الكتب المذكورة ولله الحمد. موافقتها للراجح والصحيح. وادلتها واضحة. ويوجد في كثير من الابواب بعض مسائل قد يكون الراجح غيرها. وقد تكرر مرورها او مرور بعضها في المباحثة والتعلم والتعليم فكان من المصلحة المهمة جدا تقييد مثل هذه المسائل. فلذلك احببت تقييد ما تيسر منها. ورأيت شرح مختصر المقنع للشيخ منصور البهوتي اكثرها استعمالا وانفعها للطلبة في هذه الاوقات. فاحببت ان اجعل هذا التعليق كالاستدراك عليه. والتنبيه على ما ذكره خصوصا ليكون تنبيها على غيره من كتب الاصحاب عموما. والله تعالى اسأله وجوه ان يجعل عملنا خالصا لوجهه موافقا لمرضاته. مثمرا للبركة والنفع الخاص والعام. انه جواد كريم وصلى الله على محمد وسلم تسليما كثيرا. مقدمة. اعلم انه يتعين على طالب العلم ان يسعى بجهده لتحقيق ما يحتاجه من العلم وتشتد اليه ضرورته. مبتدأ بالاهم فالاهم. قاصدا بذلك وجه الله. يعتقد ان درسه ومدارسته وبحثه ومباحثته. ونظره ومناظرته وتعلمه وتعليمه. طريق يوصله الى ربه. ويحتسب به ثوابه ويخرج به نفسه وغيره من ظلمة الجهل الى نور العلم. ومن تبعة الاعراض عن الواجب والمستحب الى القيام بهما وان يعلم ان العلم المشروع هو ميراث عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. فليستكثر منه ليتحقق الوراثة النبوية وان يجتهد ويحرص في كل مسألة من مسائل الدين والاحكام على تصورها وتحريرها وتفصيلها. وحدها وتفسيرها ثم يسعى في ادراك ما بنيت عليه من الدليل والتعليل الراجح لمعاني الكتاب والسنة واصولهما. فان العلم الحقيقي هو جمع بين هذين الامرين والتحقق بهذين الاصلين بحسب القدرة والاستطاعة. فاذا فعل ذلك وقصد ترجيح ما قال عليه الدليل من الاقوال المختلفة فقد وفق بسلوك طريق العلم الذي من سلكه سلك الله به طريقا الى الجنة كان سعيه مشكورا وخطأه مغفورا. وثوابه مضاعفا واجره موفورا. والله الموفق للخير. كتاب الطهارة الصواب ان الماء نوعان طهور مطهر ونجس منجس. وان الحد الفاصل بينهما هو التغير لاحد او صافه بالنجاسات والاخباث. فما تغير لونه او ريحه او طعمه بنجاسة فهو نجس منجس. وسواء كانت غير كثيرا او قليلا في محل التطهير او في غيره. للون او للريح او للطعم. سواء كان ذلك بممازجة او بغير ممازجة. واما الماء الذي اصابته نجاسة فلم تغير احد اوصافه فهو طهور. لعدم الدليل الدال على نجاسته ولدخوله في العمومات. ومن باب اولى واحرى اذا كان تغيره بشيء طاهر. ولو غلب التغير على اجزائه سواء كان يشق صون الماء عنه ام لا. فان الصواب انه طهور مطهر. لقوله تعالى فلم تجدوا ما ماء وهذا ماء وغيرها من العمومات. ولان التعليل الذي ذكره الاصحاب في قولهم ليس بماء مطلق لا يصلح ان يكون دليلا في مثل هذا الامر. وتفريقهم بينما تغير بما يشق صون الماء عنه. وما لا يشق. ان الاول لا يضر دون الثاني من الادلة على ان المسألة ضعيفة. لانه لو كان المانع صفة موجودة في الماء لم يكن فرق بين الامرين وكذلك تفريقهم بينما وضع قصدا اولى قصدا. من هذا الباب وكذلك قولهم ان تغيره في مقره او وتلك النصوص الفاظ عامة. الثاني انه لا يقاومها في الصحة والصراحة على تقدير الاحتجاج به. الثالث انه صلى الله عليه وسلم اخبر بالحال الواقعة. وانه اذا كان قلتين فانه لا يحمل الخبث. بل يضمحل خبث فيه اذا صار فيه لكثرته. فمفهومه انه اذا كان دون ذلك فان كان قليلا فانه مظنة لحمله وهو تغير احد اوصافه بالنجاسة. فان وجدت هذه المظنة رتب عليها الحكم. وهو التنجيس لم توجد فالماء باق على طهوريته. ورابعا فيه تنبيه واشارة الى ان العلة في التنجيس هو حمله الخبيث بس فوجب ان تكون هذه العلة هي الاصل في هذا الباب. وخامسا انه اذا كان المفهوم لا عموم له بل يكفي فيه في ان يعلم انه غير مساو للمنطوق. فاذا حصلت المخالفة فيه في بعض السور حصل المقصود. والصور التي تحصل فيها المخالفة فيه هو ان كثيرا من صور القليل اذا خالطته نجاسة بان اثرها فيه فحصل حمله للخبث الله اعلم. وعلى هذا القول الصحيح ينبني تطهير الماء النجس وهو بشيء واحد. زوال تغيره بالنجاسة بنزح او اضافة او تدريب او بنفسه او بغير ذلك فانه يطهر. وعلى هذا ايضا يقل الاشتباه في ولانهما تبع للرأس. والصحيح ان كل خف يمسح سواء كان مخرقا او مفتقا سواء امكن متابعة المشي فيه ام لا. بل وكذلك لو كان على قدميه لفافة جاز المسح على ذلك كله. لان المياه لان الماء النجس يعرف بتغير احد اوصافه بالنجاسة. فيبعد ان يشتبه بالطهور. وعلى هذا القول الصحيح الذي نصرناه ان الماء نوعان. طهور ونجس لا يوجد الاشتباه بالطاهر غير المطهر. لانه اذا كان لا ثبوت له فكيف يحصل فيه الاشتباه؟ والله اعلم. والصحيح في اشتباه الثياب النجسة بالطهارة او المحرمة بالمباحة. انه يتحرى ويصلي في ثوب واحد صلاة واحدة. لانه اتقى الله ما استطاع. ولم يوجب الله على العبد ان يصلي الصلاة مرتين او اكثر الا اذا اخل بالصلاة الاولى. وهذا لم يخل. وانما اشتبه عليه الامر اذا اضطر الى الصلاة في احدهما كان مأمورا بذلك بل واجبا عليه. ومن امتثل ما امر به خرج من العهدة. وفي هذه الحال تكون النية مجتمعة بخلاف ما اذا فرقها على كل ثوب بصلاة. فانها تضعف من حيث يظن العبد قوتها ويؤدي الصلاة على وجه لا يدري هل هي فريضة ام لا. كما هو الواقع. ومن باب الانية والاستنجاء والسواك الصحيح ان الدماغ مطهر لجلد ميتة المأكول. كما ثبت بذلك الاحاديث الصحيحة والصريحة. وعلى هذا تكون طاهرة تستعمل في اليابسات والماءات. والصحيح انه لا يستحب المسح ولا النتر. لعدم ثبوت الحديث في ذلك لان ذلك يحدث الوسواس. والصحيح انه لا يكره استقبال النيرين وقت قضاء الحاجة. والتعليل الذي ذكروه وهو لما فيهما من نور الله تعالى. منقوض بسائر الكواكب. وعلة غير معتبرة. وقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا اتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولكن شرقوا او غربوا. صريح في عدم الكراهة لانه نهاهم عن استقبال القبلة واستدبارها. ولم ينهاهم عن استقبال غيرها من الجهات. ولان قول ولكن شرخوا او غربوا. عام في كل وقت. واذا شرق وقت طلوعها استقبلهما. واذا غرب عند ميلانهما للغروب استقبلهما. فدل ذلك على انه لا بأس بذلك والله اعلم. والصحيح ان السواك للصائم لا يكره لا قبل الزوال ولا بعده. بل محبوب له كل وقت. كما في الحديث من خير خصال الصائم السواك. وعموم الترغيب فيه ومدحه. والامر به للصلاة وغيرها يشمل الصائم كغيره. والحديث الذي اوردوه اذا صمتم فاستاكوا ولا تستاكوا بالعشي. لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحتج به. وانما مستند من كره السواك للصائم حديث خلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك. قالوا والخلوف في الغالب يكون بعد نصف النهار فتعلق الحكم به وليس في هذا دليل على كراهة السواك. ولا تعرض له. وانما المقصود به الترغيب في الصيام وانه عند الله بهذه المنزلة العالية. ولا يدل على استحباب ابقاء الخلوف. وايضا فقد يخلف قبل الزوال ربما ان بعض الصائمين لا يحصل له خلوف اصلا. فما الفارق للكراهة؟ والمقصود ان هذا الوهم والمقصود ان هذا الوهم والاحتمال لا يزيل ما ثبت بالنصوص الصحيحة ولا يخصصها والله اعلم. واستحبابهم لقص الاظفار على وجه المخالفة فيه نظر. والاثر الذي يروى فيه من قص اظفاره مخالفا لم يرى في عينيه رمدا. باطل لا يبنى عليه حكم شرعي. وانما المستحب التيامن في كل شيء. كما ثبت به الحديث. سوى الاشياء المستقلة فانها تكرم اليمنى عن مباشرتها. كالاستنجاء والاستنثار ونحو ذلك. والصحيح ان الختان لا يجب على الانثى لعدم الامر به في حقها. ولعدم المعنى الموجود في ختان الذكر. لانه يتوصل به الى كمال طهارة والاتفاق المسلمين عليه في حق الذكر والله اعلم. ومن باب الوضوء ومسح الخفين ونواقض الوضوء الصحيح انه لا يستحب مجاوزة محل الفرض في طهارة الماء. لان الله تعالى ذكر حد الوضوء الى المرفقين والكعبين وكل الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر احد منهم انه فعل ذلك ولا رغب فيه وانما فهمه ابو هريرة رضي الله عنه من ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء. حيث قال ان امتي غرا محجلين من اتار الوضوء. وان الحلية تبلغ من المؤمن حيث يبلغ الوضوء. ففهم من ذلك انه يستحب صالة التحجيل فكان رضي الله عنه يغسل ذراعيه حتى يصل الى قريب المنكبين ويغسل قدميه حتى يشرع في الساقين. وغيره فهم من هذه الاحاديث الترغيب في الوضوء الشرعي. الذي كان رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم يفعله. وقال الائمة ان قوله فمن استطاع منكم ان يطيل غرته وتحجيله. ليس من كلام النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم رخص فيه رخصة عامة قصد بها السهولة على الخلق ونفي الحرج والمشقة. ومن المعلوم ان الخفاف خصوصا خفاف الفقراء. لا تخلو من شق او فتق. والحاجة داعية الى ذلك. ولان ترك البيان كالحاجة اليه غير جائز. وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في مسح الخفين في احاديث كثيرة. ليس ففي شيء منها اشتراط سلامة الخف من الشق والفتق. يؤيد هذا ان الخف ممنوع للمحرم الا عند الحاجة اليه. اذا لم يجد نعلين. وبالاتفاق يدخل فيه الصحيح والمخرق. فاذا كان يدخل في تحريمه على المحرم فكيف لا يدخل في المسح عليه وهو باب سهولة ورخصة. ولان المعنى الموجود في الصحيح موجود في المخرق. وكذا في اللفائف. وابلغ فان لا يكاد يستعملها الا من احتاج او اضطر اليها. فكيف يمنع من اشتدت حاجته ويرخص لمن هو اقل منه ولهذا المعنى يقوى اختيار شيخ الاسلام ان المضطر الى عدم نزع الخفين كالبريد والخائف ونحوهما انه يمسح هو ان جاوز ثلاثة ايام بلياليها. تشبيها له بالجبيرة المضطر اليها. وان مسحه في هذه الحال خير من التيمم. واما قولهم رحمهم الله في منع المسح على المخرق ونحوه. لان ما ظهر فرضه الغسل فلا المسح فهذا مسلم لو كانت الرجل لا خف فيها. واما اذا كان فيها خف فلا يسلم ان ما ظهر فرضه غسل كما لم يسلم ذلك في المسح على العمامة اذا ظهر بعض جوانب الرأس. ومجرد التعليل الذي لا نص فيه يكفي فيه عدم التسليم او معارضته بمقابله. واذا تقرر انه يمسح كل خف ونحوه. فالصحيح ان ابتداء من المسح لا من وقت الحدث. لان النبي صلى الله عليه وسلم جعل اليوم والليلة للمقيم والثلاثة للمسافر كلها مسحة. ولا يمكن ذلك الا ان يجعل الابتداء من وقت المسح. واما الحدث فانه غير مناسب جعله طول المدة وانما المناسب جعل اول الفعل الذي فيه رخصة مخالفة للاصل. وهو المسح الذي هو بدل عن الغسل واتفق اهل العلم ان طهارة الماسح طهارة كاملة لا نقص فيها. فيترتب على هذا ان الصحيح ان طهارة الماسح لا تبطل بخلع الخف الممسوح ونحوه. وانما تبطل بالحدث الذي تبطل به الطهارة. وانه لا فرق بين ان يتوضأ ويمسح فيه رأسه ثم يحلقه بعد تمام الطهارة. وبين ان يتوضأ ويمسح على خفيه ونحوهما. ثم يخلعهما بعد تمام الطهارة اه. كلتا المسألتين على حد سواء لا فرق بينهما بوجه. والصحيح ايضا ان مسح الجبيرة لا يشترط له تقدم طهارة وانه يمسح على الجبيرة سواء وضعها على طهارة او غير طهارة. فسواء كان الشد على محل الحاجة او زائدا على ذلك الا انه اذا امكنه ان يختصر الشد وجب عليه. فان العلة في المسح عليه هو الضرورة. والغالب منها ان تقع على غير طهارة. ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها اشتراط الطهارة قبلها. ولا يمكن قياسها الخفين لوجود الفروق الكثيرة بينهما المانعة من الالحاق. لان شرط القياس مساواة الفرع للاصل من كل وجه والله اعلم. والصحيح ايضا ان تمام المدة في المسح على الخفين وغيرهما لا ينقض الوضوء. وهو نظير وخلع الممسوح لكون الطهارة وقعت كاملة. والاصل بقاؤها. الصحيح ان الدم والقيء ونحوهما لا ينقض الوضوء قليلها ولا كثيرها. لانه لم يرد دليل بين على نقض الوضوء بها. والاصل بقاء الطهارة. وحديث انه صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ نهاية ما يدل عليه استحباب الوضوء لخروج القيء. لان الفعل الذي تجرد من الامر يدل على الاستحباب. ونقض الوضوء بتغسيل الميت فيه نظر. لان الحديث الوارد فيه لم يثبت. وما روي عن ابن عمر وابن عباس في امرهما من غسل الميت بالوضوء لا يتعين حمله على الوجوب. ولا يزيل الاصل الثابت في بقاء طهارة الغاسل حيث لم يحصل له ناقض. الصحيح ان جميع اجزاء الابل كالكرش والقلب والمصران ونحوهما ناقض. لانه داخل في حكمهما ولفظها ومعناها. والتفريق بين اجزائها ليس له دليل ولا تعليل. والله اعلم. ومن باب الغسل والتيمم وازالة النجاسة. الصحيح ان التثليث لا يشرع في الغسل الا في غسل الرأس. لان ذلك هو الوارد في صفة غسله صلى الله عليه وسلم فلم يثبت عنه سوى هذا. وقياس الغسل على الوضوء غير مسلم. لوجود الفارق من وجوه كثيرة والصحيح ايضا ان من عليه حدثان اكبر واصغر ونوى الاكبر وعم بدنه بالغسل انه يكفي عن اصغر ولو لم ينوه بخصوصه. لان الله قال وان كنتم جنبا فاطهروا. اي اغسلوا جميع ابدانكم ولم يأمر مع ذلك بالوضوء ولا بنيته. ولان جميع ما يجب في غسل الحدث الاصغر يجب نظيره في الاكبر وزيادة والله اعلم. واما التيمم فان الله تعالى شرعه عند عدم الماء. او تعذر استعماله وجعله قائما قام الماء عند عدمه. وهذا يقتضي ان حكمه حكم الماء في كل احواله. فعلى هذا القول الصحيح لا يشترط له دخول الوقت ولا يبطل بدخوله ولا بخروجه بل اذا تيمم الانسان لم يزل على طهارة حتى يوجد منه شيء من نواقض الطهارة. وعلى هذا اذا تيمم للنفل استباح به الفرض وما دونه. ومما يؤيد هذا القول ان الله ورسوله لما رخصا في التيمم لم يشترطا شيئا من هذه الامور بل اطلقا حكمه. فدل على ان حكمه حكم الماء في في كل شيء من دون استثناء. مع ان الحاجة داعية جدا الى بيان ذلك. لو كان كما قاله المشترطون. وهذا ايضا جار على القواعد المشهورة ان البدل له حكم المبدل وساد مسده في كل احكامه. ولذلك قال الامام احمد رضي الله عنه القياس ان التيمم كالماء او كما قال. وقولهم في الاستدلال على انه ليس كالماء انه طهارة ضرورة فتقدر بقدرها مسلم اذا اريد به انه لا يعدل الى التيمم حتى يتعذر استعمال الماء كما لا يعدل الى المحرم حتى يعدم المباح. واما كونه يدل على اشتراط دخول الوقت ونحوه فلا يدل على ذلك بعدم النص الدال عليه. ولان مقتضى هذا التعليل الذي عللوه به يقتضي انه لا يجوز ان يصلي بالتيمم الواحد الا صلاة واحدة. ويقتصر فيها على مجرد الواجبات. ثم اذا اراد صلاة اخرى تيمم وهذا معلوم الفساد واذا كان حكمه حكم الماء في كل شيء. فالصحيح انه يصح التيمم بكل ما تصاعد على وجه الارض. من تراب غبار او لا او رمل او حجر او غير ذلك لان الظاهر من حال النبي صلى الله عليه وسلم انه تيمم في في كل موضع ادركته فيه الصلاة. تراب او رمل او غيره. ولو اشترط الغبار لنقل عنه فعله. ولا لزم نقل التراب الى الارض التي يعلم انه لا يوجد فيها تراب. وايضا فقوله صلى الله عليه وسلم فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصلي فعنده مسجده وطهوره. ظاهر عمومه في كل ارض. والمقصود التعبد لله تعالى بتيمم الصعيد الطيب والطهارة الباطنة. وليس في التيمم من المقاصد الحسية شيء حتى يقال انه لا يحصر المقصود بغيره مراد وقولهم رحمهم الله تعالى يكفي تيمم الانسان على بعير او لبد او ثوب ونحوه في النفس منه شيء فان الله امر بتيمم الصعيد. وهذا ليس منه. ولم يرد فيه شيء يجب المصير اليه والله اعلم. وفي وجوب استعماله الماء القليل الذي لا يكفي المتوضئ ثم يتيمم بعده نظر. فانه لا يحصل بهذا لاستعمال رفع حدث ولا بخلاف الحدث الاكبر. فانه قد يقال انه يجب ذلك لانه يخف الحدث. ويرتفع الحدث عن المغسول والله الله اعلم. الصحيح انه لا يجب التيمم ولا يشرع عن نجاسة البدن. بل اذا اضطر الى الصلاة وعلى بدنه نجاسة يحتج الى تيمم لان الذي ورد انما هو التيمم عن الحدث الاكبر والحدث الاصغر. ولم يرد في نجاسة البدن تيمم كنجاسة الثوب والبقعة. واما قياسها على طهارة الحدث فغير صحيح. لان طهارة الخبث لا يمكن قياس على طهارة الحدث لفروق كثيرة بينهما كاشتراط النية لطهارة الاحداث وكونها معنوية وغير ذلك الصحيح ان الذي يعجز عن الطهارتين ويصلي على حسب حاله انه يصلي ما شاء من فروض ونوافل ويزيد وعلى ما يجزئ لانها كاملة في حقه لا نقص فيها. وليس للاقتصار على مجرد الواجبات نظير في العبادات يقاس عليه والله اعلم. والصحيح في غسل النجاسات كلها غير الكلب انه يكفي فيها غسلة واحدة. تذهب بعين النجاسة واثرها. فان لم تذهب زاد حتى يذهب اثرها. ولو جاوز السبع. وسواء كانت على الارض او الثياب او البدني او الاواني او غير ذلك. ويدل على هذا وجوه. منها ان جميع النصوص الواردة في غسل النجاسات مطلقة لا قيد فيها ولا عدد. وذلك يدل على ان المقصود ازالتها فقط. وان العدد فيها غير مقصود. ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بصب ذنوب او سجل من ماء على بول الاعرابي. ولم يأمر بزيادة على ذلك بكونها على الارض دون غيرها غير صحيح. اذ الفرق غير واضح. ومنها ان ازالة النجاسة من باب التروب قلة القصد تركها وازالتها دون عدد ما تغسل به. ومنها ان غسل النجاسة لا يحتاج الى نية فلا يحتاج الى عدد ومنها انها لو لم تزل بسبع غسلات وجب الزيادة على ذلك بالاتفاق. فدل على عدم اعتبار السبع فيما جعله الشارع شرطا فيه كنجاسة الكلب. واما الحديث المروي عن ابن عمر امرنا بغسل الانجاس سبعا فهذا لم يثبت ولا يصح الاحتجاج به. ومما يدل على ذلك ايضا مسألة الاستحالة. فان العلماء اختلفوا هل اذا استحالت النجاسة وانتقلت من صفة الخبث الى صفة الطيب؟ هل ذلك مطهر لها ام لا؟ بعد اتفاقهم على ان انه مطهر في بعضها. كاستحالة الخمر خل والعلقة ولدا. والماء المتغير الكثير بالنجاسة اذا زال بغير واختلفوا فيما سوى ذلك. والصحيح ان النجاسة اذا زالت باي شيء يكون بماء او غيره انها تطهر وكذلك لو انتقلت صفاتها الخبيثة وخلفتها الصفات الطيبة فانها تطهر بذلك كله. لان النجاسة دوروا مع الخبث وجودا وعدما. فكما ان الطيب اذا انقلب خبيثا صار نجسا فعكسه كذلك. وبالحقيقة الصور متفق عليها لا فرق بينها وبين الصور المختلف فيها. والله اعلم. وعلى هذا القول الصحيح فيمكن تطهير الادهان المنتجسة بمعالجتها حتى يزول الخبث الذي فيها لونه وريحه وطعمه. والصحيح ان الاستجمار مطهر للمحل بعد الاتيان بما يعتبر شرعا. للنص الصريح انه مطهر. وايضا هو من فروع هذا القول الذي رجحناه فعلى هذا يكون المني الخارج بعد الاستجمار غير نجس. وكذلك لو اصاب المحل رطوبة لم يضر ذلك والله اعلم. الصحيح الذي لا ريب فيه ان البغل والحمار طاهران في الحياة كالهر. فيكون ريقهما وعرقهما وشعرهما طاهرا. وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يركبهما كثيرا. ويركبان في زمنه. ولا يمكن تعمل لهما التحرز من ذلك. فلم يغسل ما اصابه منهما ولا امر بذلك. مع ان المشقة في وجوب غسل ما اصابه منها شديدة. والحرج منفي شرعا. وقد قال صلى الله عليه وسلم في الهرة نهى ليست بنجس. انها من طوافين عليكم والطوافات. فعلل بكثرة طوفانها ومشقة التحرز منها. ومن المعلوم ان المشقة في الحماية والبغل اشد من ذلك. وقد اعتبر الشارع المشقة في امور كثيرة من الشرع وعفا عنها. مع قيام المقتضي للمنع لاجل المشقة. وايضا الاصل الطهارة في الاشياء. والعفو عما لم يرد المنع منه. وهذا منه. واما قوله صلى الله عليه وسلم في لحوم الحمر يوم خيبر انها رجس. فنعم هو كما قال صلى الله عليه وسلم لحومها خبيثة واكلها القدور التي تطبخ فيها او تباشر لحومها نجسة. واما العرق والريق والشعر فلم يدل الحديث عليها وجه النبي صلى الله عليه وسلم امر باجتناب لحومها واخبر عن خبثها. ورخصت استعمالها وركوبها ولم يأمر بالتحرز من ذلك فهذا هو الصواب. ومن باب الحيض والنفاس الصحيح الذي لا ريب فيه هو ما دل عليه الشرع والعمل الصحيح والعادة والفطرة. ان الحيض هو دم طبيعة وجبلة. يعتاد الانثى في اوقات معلومة وينقطع عنها في اوقات معلومة. ويتفاوت ذلك قلة وكثرة. وزيادة ونقصا بحسب تفاوت طبائع النساء وما يعرض لهن من العوارض فلا حد لاقله ولا لاكثره. ولا للسن الذي يأتيها فيه. واذا زاد او نقص الدم انتقلت اليه من دون تكرار. وهذا القول هو الصواب الذي لا يمكن النساء العمل الا به. وذلك ما ذكرنا ان الحيض تابع للطبيعة. والطبيعة متفاوتة تفاوتا كثيرا. ويدل على ذلك ان النساء في وقت النبي صلى الله عليه وسلم لا يعتبرن من ذلك شيئا. فان اصابهن الدم جلسن عن الصلاة ونحوها. واذا اغتسلنا وتعبدنا حتى ان المستحاضات منهن قبل ان يعلمن الحكم كن يجلسن في جميع دمهن لانه متقرر عندهن ان الدم حيض. تبين لهن النبي صلى الله عليه وسلم انه قد يكون استحاضة واما غير المستحاضات فلم يشكل عليهن التقدم والتأخر والزيادة والنقص. ولو كان يجب على النساء اعتبار ما ذكره الفقهاء لكان في ذلك من الحرج والمشقة في العلم والعمل ما هو منفي شرعا. وربط الفقهاء بعض مسائل الحيض بالوجود معارض بنظيره. وحديث علي مع شريح في المرأة التي ادعت انها حاضت في شهر ثلاث حيض. ليس فيها فيه دلالة على ان اقله يوم وليلة. ولا ان اقل الطهر ثلاثة عشر يوما. وانما يدل اذا صح الاثر ان المرأة قد يجتمع لها في شهر واحد ثلاثة اقرأ. وذلك نادر جدا. وكذلك طلب البينة على ذلك والا فقول المرأة مقبول في حيضها وطهرها. وايضا فان دم الفساد عارض ودم الحيض اصلي. ومن من المعلوم انه اذا اشتبه الامر رجع الى الاصل. ولا يسار الى خلاف الاصل الا بدليل. وايضا فكما انه بالاتفاق لان الطهر اذا تقدم او تأخر او زاد او نقص فهو طهر صحيح تتعبد فيه المرأة فكذلك الدم. نعم الحد ذلك ما لم تصر المرأة مستحاضة. فاذا اطبق عليها الدم او كان شبيها بالمطبق علم انها مستحاضة فتعمل على عادتها او تميزها. فان لم يكن لها عادة ولا تمييز اعتبرت عادة اغلب النساء ستة ايام او سبعة ويترتب على مسألة الحيض مسألة النفاس. ان الصحيح انه لا حد لاقله ولا لاكثره. ويقال فيه فيما قيل في الحيض. ومما يدل على ضعف القول الذي اختاره الفقهاء في مسائل الحيض ان مسائله متناقضة. يحكم على المرأة في الدم بحكم الطاهرات. ثم يحكم عليها في وقت اخر بحكم الحائضات. وتارة تؤمر باغتسالين اغتسال بعد مضي يوم وليلة. واغتسال بعد الطهر. وكلاهما واجب. والاغتسال الاول مجزوم بان ما قبل له حيض. والثاني مشكوك فيه حتى تتكرر ثلاثا. ثم لا يؤمن اختلافه. فتعود المسألة بحالها هذا والدم واحد. ولا فرق بين ما قبل الاغتسال الاول والثاني. فبهذا ونحوه يعلم انه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم منه شيء. ولا شيء شبيه به. والقول اذا تناقض او فرق فيه بين صورة وصورة مع عدم الفرق اكبر دليل على ضعفه والله اعلم. والصحيح انه يجوز وطأ المستحاضة ولو لم يخف العنت. لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع عبدالرحمن بن عوف وغيره من وطأ زوجاتهم المستحاضات. ولان الاستحاضة دم عرق فلا يمنع الوطأ كدم الجروح ونحوها. ولان حكمها حكم الطاهرات في كل شيء. فكذلك في حل الوطء الله اعلم. ومن كتاب الصلاة قوله ويقضي من شرب محرما حتى زمن جنون طرأ متصلا به تغليظا عليه فيه نظر وهو مخالف للقاعدة الشرعية ان المجنون مطلقا لا قضاء عليه ما تركه زمن جنونه. والتغليط لا يكون الا بالعقوبة الشرعية. فيكفي فيه الجلد اذا شرب خمرا متعمدا عالما. قولهم لا يجوز تأخير الصلاة الا لمشتغل عن وقتها الا لناوي الجمع او المشتغل بشرطها الذي يحصله قريبا فيه نظر. فان شيخ الاسلام ابن تيمية حكى اتفاق الائمة على انه لا يحل تأخير الصلاة عن وقتها متعمدا لعذر من الاعذار غير للجهاد فان بعض العلماء اجاز تأخيرها لاجل الجهاد المشروع. وان كان جمهور العلماء لم يجيزوه في هذه الحال. واما ما سوى ذلك من الاعذار فلا يبيح التأخير. بل يصلي الانسان في الوقت بحسب قدرته واستطاعته ولا يكلف الله نفسا الا وسعها. والصحيح وجوب الاذان حتى على المسافرين للعمومات. لان النبي صلى صلى الله عليه وسلم واصحابه لم يكونوا يتركون الاذان في اسفارهم. وفي اجزاء الاذان للفجر قبل طلوع الفجر اذا لم يكن مؤذن للفجر نظر ظاهر. فان الاذان شرع للاعلام بدخول الوقت. فكيف يجوز ان يترك هذا المقصود واعظم من صلاة الفجر. بل الاذان في الوقت في الفجر اكد من غيرها من الاوقات. لتعلق الصلاة والصوم بطلوع الفجر اذا كان اهل البلد كلهم يؤذنون للفجر قبل طلوع الفجر. فباي شيء يعرفون الوقت؟ ومن ترك الاذان المشروع فلابد ان يعتاد عنه ببدعة غير مشروعة. واما الاستدلال بحديث ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن اذن ابن ام مكتوم فانما يدل على انه يجوز ان يكون بعض المؤذنين يؤذن قبل الفجر للحاجة الى ذلك ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكتفي باذان بلال وحده. ومما يدل على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا غزى قوما انتظر طلوع الفجر فان سمع اذانا كف عنهم والا اغار عليه فجعل شعار ديار الاسلام الاذان على طلوع الفجر. وهذا واضح. قوله وكذا يستحب للمؤذن اقيم اجابة انفسهما فيه نظر. والصحيح ان ذلك لا يستحب. بل يكفيهما الاتيان بجمل الاذان والاقامة. ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في اجابة المؤذن انما ينصرف الى السامعين. لا الى المؤذنين كما هو المفهوم من السياق باب شروط الصلاة. الصحيح ان وقت العصر يمتد الى اصفرار الشمس. ووقت العشاء يمتد الى نصف الليل. كما بذلك الحديث الذي في صحيح مسلم عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما. ولا يناقض ذلك حديث جبريل فانه زيادة من ثقة فتكون مقبولة والله اعلم. الصحيح ان الصلاة لا تدرك الا بادراك ركعة. لا بتكبيرة الاحرام الجماعة والجمعة والوقت بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة فيشمل جميع انواع الادراكات. ولانه لم يرد تعليق الادراك بتكبيرة بشيء من الاحاديث. وكما انه يسقط الترتيب في الفوائت بالنسيان وخشية فوات الوقت. فالصحيح انه يسقط ايضا بالجهل بالواقع او بالحكم. لان حالة الجهل كحالة النسيان او اولى. بل وبخشية فوت الجماعة لوجوبها وعدم المسقط لذلك. والصحيح ان ستر المنكبين او احدهما في الصلاة للرجل من باب تكميلها وتمامها. وانه ليس بشرط. حديث ابي هريرة لا يصلي الرجل في ثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء يفسره حديث جابر ان كان الثوب واسعا فالتحف به. وان كان ضيقا فاتزر به او فخالف بين طرفيه. ولان المنكب ليس بعورة. فستره في الصلاة من باب تكميلها كما هو وقول جمهور العلماء والقول الصحيح انه اذا صلى في ثوب نجس ناسيا او في حال الضرورة انه لا اعادة عليه بانه اتى بما يقدر عليه وسقط عنه ما عجز عنه. ولان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه. فلما كان في اثناء الصلاة خلعهما. بعدما اخبره جبريل ان فيهما قذرا. ثم بنى على صلاته. واذا كان يبني على ما مضى منها اذا لم يعلم الا بعد الفراغ كان صحتها من باب اولى واحرى. ولان اجتناب النجاسة من باب المحظور المحظور اذا فعله ناسيا لا حرج عليه فيه. فلا ابطال لانه اذا حبس في بقعة نجسة. وصلى لا يعيد قولا واحدا ولا فرق بين الثوب والبقعة. وهذا بخلاف نسيان الحدث. فانه اذا صلى محدثا ناسيا فان عليه الاعادة لانه من باب المأمور ولا تبرأ الذمة الا بفعل المأمور. ونظير ذلك الصيام اذا لم ينوه لم يصح صيامه بانه لم ياتي بالمأمور واذا نواه واكل وشرب ناسيا فليتم صومه ولا افطار لانه من باب ترك قوله الا اذا كفت منكبه وعجزه فقط فيسترهما ويصلي جالسا فيه نظر ظاهر خصوصا على القول الصحيح ان ستر المنكبين ليس بواجب. فان الصواب انه يستر الفرجين وما قرب منهما. ويدع المنكب لان هذا عورة بالاتفاق. والمنكب ليس بعورة. فقولهم القبل له بدل والمنكب لا بدل له. كلام غير معقول قل فاي شيء ينوب عن ستر القبل؟ وكأنهم لما رأوا ان القبل والدبر كل منهما يسمى فرج جعلوا احدهم نائبا عن الاخر في هذه الحال. ولا يخفى بعد هذا التعليل عن المعاني الشرعية. فقولهم في ستر المنكب ولو بثوب يصف البشرة فيه ايضا نظر. لانه اذا وجب ستره كان من جنس غيره من البدن المستور. والذي يصف البشر لا يحصل به الستر والمقصود. وقولهم ان العاري يصلي جالسا. وتعليل ذلك بانه يحصل به نوع الستار لا تطمئن اليه النفس. فان سقوط القيام في هذه الحالة يحتاج الى دليل بين. اذا كان لا بد من انكشاف العون فصلاته قائما اولى لانه يجب عليه ما يقدر عليه من واجبات الصلاة. ويسقط عنه ما يعجز عنه منها والله اعلم. ومثله اسقاط السجود عنه في هذه الحال. قوله وان كانت النجاسة بطرف مصلى متصل به صحت ان لم ينجر بمشيه. فيه نظر فانه لم يباشر النجاسة بدنه ولا ثوبه. فغاية ما يكون ان الذي باشره متعلق بشيء نجس. فليس في هذا مباشرة للنجاسة. ولا حمل لها. فإبطال الصلاة في مثل هذه المسألة لا نظير له ولا فرق في الحقيقة بين الذي ينجر بمشيه. والذي لا ينجر الا بخفة هذا وثقل هذا. وهذا غير معتبر. الاصل ان الصلاة جائزة في جميع بقاع الارض. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الارض مسجدا وطهورا. فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصلي. وهذا عام لا يخرج منه شيء الا ما صح به النقل في النهي عنه. وذلك كالحمام واعطاني الابل. والصلاة في المقبرة واليها. وكذلك الصلاة في الموضع النجس. واما قارعة الطريق والمجزرة والمزبلة اذا لم تكونا نجستين فلم يثبت به الحديث فيبقى الحكم على الاصل. وكذلك في وسط الكعبة لم يثبت الحديث في ابطال الصلاة به. فقد ثبت انه صلى الله عليه وسلم صلى فيها النفل وما ثبت في النفل ثبت نظيره في الفرض الا ما خصه الدليل واضعف ما يكون النهي عن في الصحة هذه المواضع. وتعليل ذلك بان الهواء تابع للقرار. وهم قد قالوا ان النهي عن الصلاة في هذه المواضع تعبدي التعبدي هو غير معقول المعنى. وشرط القياس والالحاق فهم المعنى. ووجوده في الملحق كان المعنيان منتفيين. كان القول في منع الصلاة في هذه الاسطحة ضعيفة. مبنيا على ضعيف. وان علل هذه مواضع كان الامر اوضح واوضح. قولهم ويعيد الاعمى العاجز مطلقا. فيه نظر. فانه اذا لم يحسن الاجتهاد ولم يكن عنده ما يقتدي به. وصلى بحسب حاله مجتهدا على اصابة القبلة. فقد ادى ما عليه. ولم يحصل منه وتقصير وانما الحاصل عجز. والعجز يعذر به الانسان. والصحيح ان المتنفل على راحلته لا يلزمه الاستقرار بال في الركوع والسجود ولا في الاحرام. لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حيث توجهت به راحلته وايضا قبلته في هذه الحال جهة سيره. ففي الحقيقة هي القبلة في حقه في جميع اجزاء الصلاة. واما مسائل النية في الصلاة الصحيح ان المصلي اذا عرض له في صلاته ما اوجب قلبها نفيا او انتقال من انفراد الى ائتمام وبالعكس ومن امامة الى اهتمام ان ذلك كله جائز. لا محظور فيه. فان جنس هذه الامور واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وصلاته صلى الله عليه وسلم وحده في الليل. ثم اتى ابن عباس فدخل عليه يدل على جواز مثل ذلك في الفرض والنافلة. لان ما ثبت في النفل فالفرد مثله الا ما خصه الدليل. والمحظور من منعه في موجود في النفل. وكذلك صلاة ابي بكر رضي الله عنه بالناس. ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء وهم يصلون فتأخر ابو بكر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم تدل على انه اذا انتقل الامام من الامامة ثم صار مأموما ان ذلك جائز. وانه اذا كان مأموما ثم صار اماما ان ذلك جائز. كما يجوز اذا كان الانسان في اول صلاة عاجزا عن ركن او شرط ثم قدر عليه في اثنائها. فانه يبني على صلاته فلا يمتنع ان يكون للمصلي حال في اول صلاته وحال في اخرها. ولا يخل ذلك بالنية. لانه لم يقطعها ولم ينتقل فيها من نفل الى فرض فالاصل ان مثل هذه المسائل لا تبطل الصلاة. فكيف وقد ورد جواز جنسها او عينها؟ والله اعلم الصحيح ان الامام له ان يستخلف المأموم ولو سبقه الحدث. ولو كان صلى محدثا او نجسا ثم ذكر لانه اذا كان لم يعلم الامام والمأموم بحدث الامام ولا نجاسته الا بعد فراغ الصلاة ان صلاة المأموم صحيحة لا اعادة عليه فاذا مضى بعضها في هذه الحال فصلاة المأموم بحالها لم تبطل. وللامام ان يستخلف من يصلي بهم ولهم ان يستخلفوا وان صلوها فرادى جاز ذلك. وايضا القول بان صلاة المأموم تبطل بصلاة الامام قول ضعيف لا دليل عليه. بل الادلة تدل على ان كل مصل لم يحصل منه بنفسه مفسد لصلاته ان صلاته صحيحة وانما تعلقت صلاة المأموم بصلاة الامام من حيث وجوب متابعته له واقتدائه فيه. لا ان افعال الامام صحتها وفسادها تسري الى صلاة المأموم. ولذلك لا تبطل صلاة الامام ببطلان صلاة المأموم قولا واحدا. وقصة عمر رضي الله عنه مع عبدالرحمن بن عوف شاهدة على ذلك. فان الظاهر ان عمر استخلفه بعدما سبقه الحدث وان عبدالرحمن بنى على صلاته لانه ان بقوا على صلاتهم وصفوفهم والله اعلم. باب صفة الصلاة صحيح استحباب رفع اليدين بعد قيامه من التشهد الاول لورود السنة الصحيحة به. والصواب ان المرأة والكلب الاسود والحمار تقطع الصلاة لحديث ابي ذر الصريح الصحيح. والصحيح ان الكلام بعد سلامه سهوا لمصلحتها او لغير مصلحتها لا يبطل الصلاة. وكذلك الكلام سهوا او جهلا في صلبها. لحديث ذي اليدين وانه تكلم هو والنبي صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعمر وكثير من المصلين. ولم يأمر احدا منهم بالاعادة. وكذلك لما سلم معاوية بن الحكم السلمي في الصلاة وشمت العاطس. ولم يأمره صلى الله عليه وسلم بالاعادة. ولان الناس غير اثم فلا تبطل صلاته. والصواب ان الانتحاب والنحنحة لا تبطل الصلاة. سواء كانت حرفان ام لا وسواء كان لحاجة ام لا. لانه لم يرد فيه ما يدل على الابطال. وقياسه على الكلام غير صحيح انه جنس اخر. ولان الكلام يبطل الصلاة. ولو لم يبن حرفين ولو كان لحاجة. وايضا حديث علي ان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان. الى ان قال وان كان في صلاة تنحنح لي. دليل على جواز ذلك والحاجة غير داعية الى نحنحته. بامكان ان ينبه بتسبيح ونحوه. قولهم ومن ترك ركنا فذكره بعد مشروعه في قراءة الركعة الاخرى بطلت الركعة التي تركه منها اقامت هذه مقامها. والقول الاخر في المسألة انه يعود فياتي بالركن المتروك وما بعده. وهذا القول اقرب الى الاصول والقواعد الشرعية. فانما فعله بعد هذا المتروك يقدر كالعدم. ومعفو عنه لكونه معذورا بالسهو. فاذا زال عذره وبان له الامر كامل مقتضى ذلك رجوعه الى ترتيبها اللازم. واما كونه يلغي ما بعد الركن وما قبله فهذا مع مخالفته للاصل لا دليل عليه. ولا نظير له شرعا. نعم اذا وصل الى محله من الركعة التي تليه فقد حصل المقصود بفعل ما بعده من الاركان. ولغى ما تقدم والله اعلم. والصحيح انه اذا قام من التشهد الاول ناسيا ولم يذكر الا بعد قيامه انه لا يرجع. ولو لم يشرع في القراءة لحديث المغيرة فيه فان استتم قائما فلا يجلس رواه ابو داوود وغيره. ولم يقل اذا شرع في القراءة. وقولهم القراءة ركن مقصود. كذلك ذلك القيام ركن مقصود. ولان بقية الواجبات اذا لم يذكرها الا بعد وصوله الى الركن الذي بعدها. فانها ولا يعود الى ركنها ليأتي بها. اصح الاقوال في شك المصلي في عدد الركعات انه يبني على اليقين وهو والاقل ان كان الشك متساويا والاقل ارجح. وانه يبني على غلبة ظنه ان كان له ظن راجح. على هذا تتنزل الاحاديث الصحيحة. حديث ابي سعيد يدل على رجوعه الى الاقل مع الشك. حديث ابن مسعود يدل على رجوعه الى ظنه. وهو كالصريح في ذلك لقوله فليتحرى الصواب. والصحيح انه لا يلزمه التشهد اذا جعل سجود السهو بعد السلام لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم. واما سجود التلاوة فان كان الصلاة فهو من جملة سجداتها واجزائها. وحكمه حكمها. وان كان خارج الصلاة فالصحيح ان حكمه حكم الدعاء وانه يجوز على غير طهارة ولغير القبلة ولا يشترط له ما يشترط للصلاة. ولا يشرع فيه للسجود ولا للرفع ولا سلام. لانه لا ينطبق عليه حد الصلاة. ولا يدخل في عموم ما يشرع له بل اشبه ما له الدعاء. ومثله سجود الشكر بل اولى. ولان ابن عمر رضي الله عنهما كان يسجد على غيره في طهارة واذا سجد الامام في صلاة السر الصحيح انه يجب على المأموم متابعته. وان كان يكره للامام قراءة سجدتي في صلاة السر وسجوده فيها. لان قول النبي صلى الله عليه وسلم انما جعل الامام ليؤتم به الى واذا سجد فاسجدوا عام. وايضا كراهية اتيان الامام بالسجدة. لا يوجب ترك المأموم متابعته الوالدة الصحيح ان سجدة صاد لا تبطل الصلاة اذا سجد بها القارئ. لان سببها القراءة المتعلقة بالصلاة الله اعلم. الصحيح في اوقات النهي ان النهي في الفجر يتعلق بصلاة الفجر لا بطلوع الفجر كما هو صريح الحديث الذي في صحيح مسلم وكصلاة العصر فان النهي فيها انما يتعلق بصلاتها لا بوقتها الصحيح جواز اعادة الجماعة اذا دخل المسجد وقت النهي وهم يصلون. سواء ادرك الاقامة او وجودهم في اثناء لقوله صلى الله عليه وسلم لا تفعلا اذا اتيتما مسجد جماعة وهم يصلون فصليا معهم انها لك ما نافلة. ولان العلة في ادراك الاقامة او ادراك ما بعدها واحدة. وهي خوف اتهام الانسان. او اجل الرغبة في الخير او لغير ذلك من المناسبات الشرعية. وتجويز ذوات الاسباب في اوقات النهي ارجح من منعها لان احاديثها عامة محفوظة. واحاديث النهي فيها تخصيصات كثيرة. لان ذوات الاسباب تفوت اسبابها بخلاف النوافل المطلقة. ولثبوت بعض ذوات الاسباب في الاحاديث الصحيحة. كالعادة وركعتي الطواف ونحوها ولان في بعض الفاظ احاديث النهي النهي عن تحري الصلاة في هذه الاوقات. وذلك انما يكون في المطلق واما المقيد فانه سببه منعه التحري لوقت النهي والله اعلم. ومن باب صلاة الجماعة وابعها. والصواب وجوب فعلها في المسجد. لان المسجد هو شعارها. ولانه صلى الله عليه وسلم بتحريق المتخلفين عنها. ولم يستفصل هل كانوا يصلون في بيوتهم جماعة ام لا؟ ولانه لو جاز فعلها في غير المسجد لغير حاجة لتمكن المتخلف عنها والتارك لها من الترك. وهذا محذور عظيم. والصحيح وان المسجد الاكثر جماعة افضل من المسجد العتيق لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ثم ما كان اكثر جماعة ولان المصلحة في كثرة الجماعة ارجح من قدم المسجد. وقولهم من صلى ثم اقيمت الجماعة سنة ان يعيدوا الا المغرب فيه نظر. لان عموم الامر بالصلاة مع الجماعة الثانية اذا ادركهم يشمل المغرب. والحكمة ايضا موجودة فيها كغيرها. وقولهم في تعليل الكراهة لان المعادلة تطوع. التطوع لا يكون بركعة. انما ينصرف الى التطوع المطلق. كما ان التطوع المطلق اولى فيه ان يسلم من كل ركعتين. الرباعية المعادة تخالف ذلك والصواب في القراءة خلف الامام انه اذا سمعه المأموم فلا يجب عليه قراءة ولا تشرع اذا لم يسمعه وجبت عليه الفاتحة سرية او جهرية. لان النصوص الامرة والانصات. انما هي مع سماع المأموم للقراءة. والنصوص الامرة بقراءة الفاتحة وغيرها. تتناول المنفرد والمأموم الذي لا يسمع لقراءة امامه. وهذا القول اعدل الاقوال في هذه المسألة. وتجتمع في فيه الادلة. قوله وما يقضيه المسبوق اول صلاته. وما ادركه مع الامام اخرها. فيه نظر. والصحيح قول الاخر وان الذي يدركه مع الامام اولها والذي يقضيه اخرها. وذلك ان قوله صلى الله عليه وسلم فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا صريح في ذلك غير محتمل. واللفظ الاخر وما لا تكن فاقدوا ليس ظاهرا ان المراد بالقضاء اول الصلاة. وانما يراد به الاتمام. فكثيرا ما يطلق القضاء بمعنى الاتمام ويؤيد هذا ان هذا هو الاصل وهو الواقع. فما الذي يخرج هذا الاصل عن حالته ويوجب انعكاس الامر ويؤيد هذا ان الانسان المصلي مأمور بالنية وتكبيرة الاحرام في اول ما يدخل مع الامام ولو كان او اولها الذي هو يقضي لوجب عليه تأخير النية والاحرام الى ما بعد سلام الامام. ويؤيد ذلك ايضا انه اذا ادرك ركعة من المغرب ثم قام ليقضي انه يصلي ركعة ويجلس للتشهد الاول ثم يتم صلاته. ولو كان الذي يقضيه اولها لفعل في الركعتين الفائتتين كما يفعل فيهما اذا صلى وحده بان يسردهما. ولا ينفع قولهم انه لو سردهما لاقتصر في المغرب على شفع وهي وتر فانه على قولهم يحصل الايتاء بالركعة التي ادرك مع الامام. لانها على ذلك القول اخر الصلاة. ويدل على ذلك ايضا ان التشهد الاخيرة لا يكون الا في اخر صلاته التي يقضيها. لا في التي ادرك مع الامام. ويلزم على قولهم انه يتشهد التشهد الاخيرة مع الامام ويقتصر على التشهد الاول فيما يقضيه. ولم يقولوا بذلك. ويشهد لهذا ان الترغيب في الاستفتاح والامر بالتعوذ انما هو في اول ما يدخل المصلي في صلاته لتحصل المصلحة المترتبة على ذلك نعم اذا فاتته ركعتان من الرباعية واراد ان يقرأ في القضاء زيادة على الفاتحة كان حسنا. وليس هذا لاجل انه اول صلاته وانما تداركا للقراءة حيث فاتته مع الامام والله اعلم. فالصحيح ان مسابقة الامام عمدا اذا كان المسابق عالما بالحال والحكم انها مبطلة للصلاة بمجرد ذلك. سواء سبقه الى ركن او بركن او ركنين. فسواء كان ذلك ركوعا او سجودا او غيرهما. سواء ادركه الامام او رجع الى بالصلاة لان النهي والوعيد يتناول هذا. وما نهي عنه بخصوص العبادة كان من مفسداتها. واما القول ان ذلك محرم والابطال يتوقف عن الصدق بركن الركوع او بركنين غيره. فهذا القول لا دليل عليه بوجهه وكما انه خلاف النص. فانه خلاف نص الامام احمد. كما صرح بذلك في رسالته المشهورة. والله اعلم والصحيح ان الاتقى والاورع في الامامة مقدم على الاشرف صاحب النسب. بل ومقدم على السن. لان الامامة كما في العلم والتقى. والنسب لا دخل له في هذا الموضع. والسن دون الورع في المرتبة. وانما يعتبر السن مع التواء في الصفات. والصحيح ان امامة الفاسق صحيحة. سواء كان فسقه من جهة الاقوال كالبدع. او من جهة الافعال لقوله صلى الله عليه وسلم يصلون لكم فان اصابوا فلكم ولهم وان اخطأوا فلكم وعليهم وقال في ائمة الجور ولان صلاة الفاسق بنفسه صحيحة فصلاة غيره خلفه كذلك. ولذلك كان الصدر الاول يصلون خلف من يكون اماما للناس في الجمع والجماعات وغيرها من ائمة الجور وممن بان فسقهم هم ومن اهل البدع لم يكونوا يمتنعون منها ولا يصلونها معهم ويعيدون. واما الحديث الذي رواه ابن ماجة ولا يؤمن فاجر مؤمنا. فهو على تقدير صحته والاحتجاج به يدل على ان البر اولى من الفاجر وانه لا يجوز تولية الفاسق امامة ولا غيرها. وهذا مسلم. ولذلك قرنه بقوله ولا اعرابي كن مهاجرا. وهذا اولوية بالاتفاق. حتى وان كان بعض الائمة كشيخ الاسلام وغيره يرون ان اصل اعتزاله الائمة الفساق. والصلاة منفردا من طريق اهل البدع والرفض. وانه مخالف لقول السلف. ثم ان هذا ظاهر في الاعتبار فان صلاة الامام والمأموم كل منهما لها كمالها وعليه نقصها وفسادها. لا تتعدى احداهما الى الاخرى فكيف وهو تصح صلاته لنفسه؟ وان كانت الصلاة تصح خلف من تجب عليه الاعادة كالمحدث الذي لم يعلم حدثه. ومن عليه نجاسة جهلها على القول الاخر. فخلف الفاسق من باب اولى واحرى. وايضا نصوص الكثيرة الموجبة لحضور الجماعة والمتوعدة على من تركها. اذا لم يوجد الا امام فاسق. فاي شيء ينسخها ويسقطها. وليس يتيسر للانسان الصلاة في جماعة في مثل هذه الحال. وايضا اذا قيل بعدم صحة خلف الفاسق. كان ذلك ذريعة الى مفسدة عظيمة. وهي التخلف عن الجماعة. بل ربما تذرع الى ترك الصلاة بالكلية كما هو الواقع. فالحق الذي لا ريب فيه ان الصلاة كالجهاد تصلى خلف كل بر وفاجر كما يجاهد مع كل امير ضرا كان او فاجرا الا انه يجب على من له الامر الا يولي الامامة الا من هو احق بها شرعا. وهذه مسألة وتلك مسألة اخرى والله اعلم. والصحيح صحة امامة العاجز عن شيء من اركان الصلاة او شيء من شروطها. اذا اتى بما يقدر عليه سواء كان امام الحي او غيره. وسواء كان كان بمثله او بغير مثله. وهذا القول الذي تدل عليه العمومات. فان قوله يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله الى اخره يشمل هذا العاجز كغيره. وكذلك صلاته صلى الله عليه وسلم جالسا. لما عجز عن القيام. دليل على جواز مثل هذه. وما كان في معناها. وتعليل ذلك انه امام الحي. وان غير امام الحي لا يجوز يجوز فيه ذلك تعليل غير مسلم. فان امام الحي كغيره من الائمة لا فرق في الحقيقة بينه وبين غيره ايضا فانه منقود بغير القيام. فان امام الحي فيها كغيره قولا واحدا. ومما يؤيد هذا القول الراجح ان العاجز عن الاركان او الشروط لم يترك في الحقيقة شيئا لازما. بل الواجب عليهما يقدر عليه فقط. وصلاة كاملة لا نقص فيها بوجه. فما الذي اوجب ابطال امامته وعدم صحتها؟ لان نفس صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة امامه الا بالمتابعة فقط. فكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت. ولاننا لو طردنا الذي علل به المانع من امامته لقلنا لا تصح امامة المتيمم الا بمثله. ولا امامة الماسح على حائط الا بمثله. ونحو ذلك من المسائل التي لا يمكن القول بها. فعلم ان القول الصواب ان الامام اذا لم يخلو شيء مما يجب عليه بنفسه ان امامته صحيحة كصلاته. وان شئت ان تقول كل من صحت صلاته بنفسه في صحت امامته بلا عكس. فقد تصح امامته ولا تصح صلاته. كالذي جهل حدثه. فعرفت ان مسألة الامام اخف واعم من مسألة صحة الصلاة والله اعلم. قوله وان علم معه واحد اعاد الكل هذا فيه نظر في حق بقية المأمومين الذين لم يعلموا. فان الصواب صحة صلاة كل مأموم لم يعلم بحدث امامه. وسواء كان الامام عالما بحدثه وتممها متعمدا او علم بعض المأمومين. فان الذي لم يعلم لم يوجد مفسد لصلاته بوجه نعم الذي علم ذلك وبقي على نية الائتمان فانه متلاعب عليه اعادة هذه الصلاة. والصحيح انه انه يجوز ائتمام المفترض خلف المتنفل لقصة معاذ رضي الله عنه انه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء الاخرة ثم يذهب الى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة وهو في الصحيح. وذلك صريح في المسألة وكذلك قصة عمرو بن سلمة الجرمي انه كان اماما لقومه وهو صبيا دل على صحة امامة المفترض بالمتنفل. ودل ايضا على صحة امامة الصبي في الفرض والنفل وكذلك بقية العمومات. واما تعليل المانعين بان المأموم اذا نوى ان صلاته فرض والامام نواها نفلة ان ذلك اختلاف يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم انما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا. فليس الامر كما ذكروا بوجهين احدهما ان مراده صلى الله عليه وسلم بالاختلاف المذكور مخالفته بالافعال كمسابقة الامام او التخلف عنه وليس مراده بذلك مخالفة النية. وبقية هذا الحديث يوضحه جدا. فانه قال فيه بعد قوله فلا تختلفوا عليه اذا ركع فاركعوا واذا رفع فارفعوا واذا سجد فاسجدوا الى اخره وهو ظاهر. والوجه الثاني انهم قد اجازوا النفل خلف فرض وهذا مخالفة له في النية. فدل على ان هذا المعنى غير معتبر. ويترتب على هذه المسألة ان الصحيح انه يصح صلاة فرض خلف فرد اخر. ولو خالفه في الاسم كالظهر خلف العصر. وبالعكس وهذا ظاهر لا دليل على المنع منه واصل الجواز. والصحيح ان وقوف المأموم على يمين الامام سنة مؤكدة لا واجب تبطل بتركه الصلاة. فتصح الصلاة عن كساري الامام مع خلو يمينه لان النهي انما ورد عن الفذية. واما ادارة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس لما وقف عن من يساره الى يمينه فانه يدل على الافضلية لا على الوجوب. كتأخيره جابرا وجبارا لما وقفا عن جانبيه الى خلفه انه نظير ادارته لابن عباس وذلك دليل الافضلية فقط. والصحيح ان وقوف الفذ خلف الصف ان كان رجلا لعذر لا بان جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز. فالمصافاة اذا قلنا انها واجبة فليست باوجب من كثير من اركان وشروطها ومع ذلك فكل من عجز عن شرط او ركن فان صلاته صحيحة اذا اتى بما يقدر عليه. وكذلك الوقوف دام الامام لعذر والله اعلم. والصحيح ان المأموم اذا امكنه الاقتداء بامامه بالرؤية او بسماع الصوت انه يصح اقتداؤه به. سواء كان في المسجد او خارج المسجد. وسواء حال بينهما نهر او طريق ام لا. لانه لا دليل على المنع ولا على التفريق. وان قدرنا ان الطريق لا تصح فيه الصلاة فلا يضر حيلولته بينه وبين امامه اذا كان موضع الذي يصلي فيه الامام لا مانع فيه. والذي يصلي فيه المأموم كذلك. ومن باب صلاة اهل الاعذار لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة المريض الا قوله يصلي المريض قائما. فان لم يستطع فقاعدا فان لم يستطع فعلى جنبه. واما صلاته بطرفه او بقلبه فانه لم يثبت. ومفهوم هذا الحديث يدل على ان الصلاة على جنبه مع الايماء اخر المراتب الواجبة. وهذا اختيار شيخ الاسلام رحمه الله. والصحيح ان المريض اذا قدر على الصلاة قائما اذا كان وحده وان حضر الجماعة صلى جالسا انه يحضر الجماعة ويصلي جالسا. لان مصالح حضور الجماعة لا يوازنها شيء من المصالح. وايضا اذا وصل محل الجماعة وصار عاجزا عن القيام لم يكن واجبا عليه. وكان الجلوس في حقه بمنزلة القيام في حق القادر فقد حصل مصالح الجماعة ولم تفته مصلحة القيام والله اعلم. قوله وتجزي الفاتحة من عجز فاتمها في انحطاطه لا من صح فاتمها في ارتفاعه. فيه نظر فانه ما دام ينهض الى القيام لم يصل بعد فرضا عليه حتى يصل اليه. وفي قراءته اياها وقت نهوضه حين يحس بنشاطه. هذا غاية ما يقدر عليه وكونه يجب عليه الصبر حتى يصل الى القيام يحتاج الى دليل. والاصل عدمه والله اعلم. والصحيح ان رخص السفر القصر والجمع والفطر والمسح ثلاثة مترتبة على وجود حقيقة السفر الذي يسمى سفرا. وسواء كان يومين او اقل لان الله ورسوله قد رتب الرخص على مجرد حقيقته ووجوده ولم يحد ذلك بمدة. وايضا فالنبي صلى الله عليه وسلم قصر في عرفة ومزدلفة ومنى. وخلفه اهل مكة يصلون بصلاته. ويقصرون كما كان يقصر. ولم يكونوا الصلاة ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يدل على تحديده بيومين. والقاعدة ان النص المطلق في كلام الله وكلام رسوله يعلق الحكم وجود حقيقته اذا لم يرد فيه حد عن الله ورسوله. واما قول ابن عباس رضي الله عنه يا اهل مكة لا تقصروا في اقل من عسفان او كما قال رضي الله عنه فانه لا يعارض ما سبق من النصوص. وايضا فان حكمة وهي المشقة التي علق الشارع عليها التخفيفات موجودة في قصير السفر وطويله. فالصحيح ايضا انه يترخص المسافر وان كان هائما او تائها لا يقصد جهة معينة او يطلب ضالة فانه يدخل في العمومات. ومثل هذا احق بالرخصة من لغيره وليس على منعه من الترخص دليل ولا تعليل لذلك ولا تعليل صحيح. والصحيح ايضا ان المسافر اذا اقام فبموضع لا ينوي فيه قطع السفر فانه مسافر. وعلى سفر وان كان ينوي اقامة اكثر من اربعة ايام. وان كان فينوي اقامة اكثر من اربعة ايام. لكونه داخلا في عموم المسافرين. ولان اقامة اربعة ايام او اقل او اكثر حكمها واحد فلم يرد المنع من الترخص في شيء منها. بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم وعن اصحابه ما يدل على الجواز فانه اقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة واقام بمكة اكثر من اربعة ايام وهو يقصر. وكذلك روي عن كثير من في هذا النوع شيء كثير. فقول المانعين انهم لم ينوا الاقامة في هذه المدة اكثر من اربعة ايام غير ظاهر ان ظاهر من تلك الوقائع انه يغلب على الظن او يجزم بنية اقامة اكثر من اربعة ايام. والله اعلم. والصحيح انه لا يشترط نية الجمع ولا نية القصر بل اذا وجد العذر المبيح للقصر والجمع جاز ذلك. ولو لم ينوى ولذلك فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل التكبير نويت الجمع ولا القصر ولا امر بذلك ولو كان شرطا لنقل نقلا خواترا مشتهرة. وايضا فليست العلة عدم النية. وانما العلة في وجود السبب المبيح للرخصة. فلا تأثير للنية في شيء من ذلك الصحيح ان جميع المسائل التي ذكرها اصحابنا في السفر في وجوب الاتمام وانه لا يجوز القصر فيها. القول الاخر انه يجوز القصر في كل صلاة رباعية وقعت في السفر سواء تم بمقيم او بمسافر او نوى القصر او لم ينوي. ومن باب لولا اذا شك او غير ذلك من المسائل فان الاصل مشروعية القصر في كل صلاة رباعية وقعت سفرا. ولا دليل يدل على وجوب الاتمام بل ولا على استحبابه والله اعلم. والصحيح جواز الجمع اذا وجد العذر ولا يشترط غير وجود العذر اموالات ولا نية. وقولهم ان معنى الجمع لا يحصل الا بالضم والاقتران غير مسلم. فانهم لم يوجبوا الموالاة في التأخير وانما معنى الجمع كون وقتي الصلاتين يصيران وقتا لكل منهما. وبذلك تحصل السهولة الموجبة للجمع والله اعلم. ومن صلاة الجمعة والعيدين الى الزكاة. الصواب ان الجمعة والجماعة تجب حتى على العبيد الارقاء. لان عامة في دخولهم ولا دليل يدل على اخراج العبيد. واما حديث طارق بن شهاب الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة الا اربعة فذكر منهم العبد المملوك. رواه ابو داوود فهو حديث ضعيف الاسناد. فطارق قد ذكروا انه لم صح سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم واصح منه حديث حفصة في سنن النسائي مرفوعا. رواح الجمعة واجب على كل محتل وهو عام في الحر والمملوك. الاصل ان المملوك حكمه حكم الحر في جميع العبادات البدنية المحضة التي لا تعلق انتهى بالمال ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في اشتراط الاربعين في الجمعة والعيدين شيء. فالصواب انه لا يشترط لهما اربعون قوله وان احرم ثم زحم واخرج من الصف فصلى فذى لم تصح صلاته. هذا بناء على ان صلاة الفذ خلف الصف لا تصح ولو لعذر. والصواب ما تقدم انه اذا صلى فذا لعذر ان صلاته صحيحة. وهذه المسألة من فروع تلك الله اعلم. واما اشتراط تلك الشروط في الخطبتين الحمد والصلاة على رسول الله وقراءة اية من كتاب الله فليس على اشتراط ذلك ذلك دليل. والصواب انه اذا خطب خطبة يحصل بها المقصود والموعظة ان ذلك كاف وان لم يلتزم بتلك المذكورات نعم من كمال الخطبة الثناء فيها على الله وعلى رسوله. وان تشتمل على قراءة شيء من كتاب الله. واما كون هذه الامور شروطا لا تصح الا بها. سواء تركها عمدا او خطأ او سهوا ففيه نظر ظاهر. كذلك كون مجرد الاتيان بهذه الاركان الاربعة من دون موعظة تحرك القلوب يجزي ويسقط الواجب. وذلك لا يحصل به مقصود فغير صحيح. الصواب ان الكلام ممنوع اذا كان يخطب ولو لم يكن في اركانها ولو شرع في الدعاء. لان الخطبة اسم لمجموع ذلك كله. واما مسألة تعدد الجمعة في البلد لغير حاجة هذا امر متعلق بولاة الامر. فعلى ولاة الامر ان يقتصروا على ما تحصل به الكفاية. وان اخلوا بهذا واما المصلون فان صلاتهم صحيحة في اي جمعة كانت سواء كان التعدد لعذر او لغير عذر وسواء ان وقعتا مع او جهل ذلك او صلى مع الجمعة المتأخرة فلا اثم عليه ولا حرج ولا اعادة. ومن قال انه يعيد في مثل فقد قال قولا لا دليل عليه فاوجب ما لم يوجبه الله ولا رسوله. واي ذنب للمصلي وقد فعل ما يلزمه ويقدر عليه وهذا القول الذي يؤمر فيه بالاعادة قول مخالف للاصول الشرعية من كل وجه. وذلك بين ولله الحمد. قوله ان من صاحبا له او حفظه بلا اذنه اي فله ذلك. وفي هذا نظر فان المسجد لمن سبق اليه بنفسه لا بنائبه الذي لا يريد ان يصلي في المكان غاية ما يكون انه يقال ان من سبق الى مكان وقصده الصلاة فيه ان له ايثار غيره. واما كونه يقدم ولده او خادمه ويتأخر هو ثم اذا حضر قام عنه فهذا لا يجوز ولا يحل له ذلك بلا شك ان صلاة العيد فرض عين. والدليل الذي استدلوا به على فرض الكفاية هو دليل على انها فرض عين. ولان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرض الناس عليها حتى يأمر باخراج العواتق وذوات القدور. وامر الحيض ان يعتزلن المصلى. ولولا رجحان على كثير من الواجبات لم يحض امته هذا الحض عليها. فدل على انها من اكد فروض الاعيان. قولهم يستحب المعتكف ان يخرج الى المصلى في ثياب اعتكافه فيه نظر فانه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان للعيد متجملا. والصحيح انه يستحب افتتاح جميع بالحمد الجمعة والعيد وغيرهما. لانه صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه انه افتتح خطبة بغير الحمد. ولقوله كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو ابتر. اي ناقص البركة وقلبه يميل الى استحباب التكبير المطلق في ايام التشريق. لان الله خصها بالامر بالذكر فيها. ولقوله صلى الله عليه وسلم ايام التشريق ايام اكل وشرب وذكر لله. ولان عمر كان يكبر في قبته فيكبر من حوله حتى ترتج منى تكبيرة والله اعلم. وقال بعض العلماء بوجوب صلاة الكسوف. لان النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وامر الناس بها. والصحيح في الكسوف حديث عائشة الثابتة في الصحيحين انه صلى في كل ركعة بركوعين وسجودين. واما ما سواه من الصفات فانه وهم من بعض الرواة كما قاله الائمة الامام احمد والبخاري وغيرهما والله اعلم. والصواب انه لا ينادى بالصلاة الجامعة الا للكسوف لا للعيدين ولا للاستسقاء. لانه لم يرد الا في الكسوف. ولا حاجة ايضا الى النداء للعيدين. ولا للاستسقاء بكون الوقت معلوما بخلاف الكسور. كتاب الجنائز قوله الا نائبا عن مسلم اي فيجزي ولو كان كافرا. وفيه نظر اذ هو طهارة تعبدية فكيف تصح من كافر من دون عذر؟ والصحيح ان الزوج يجب عليه كفن امرأته لانه من الانفاق بالمعروف ويرى الناس من المنكر ان الزوج الغني لا يلزمه كفن زوجته الفقيرة وانه وغيره من الاجانب سواء والتعليل بان النفقة مقابلة للاستمتاع. وقد فات بالموت يقال بل هو في مقابلة الزوجية. كما ان باقي حقوق الزوجية تتعلق بعد الموت كالارث ونحوه فكذلك النفقة. وايضا هذا التعليل منقود بالمريضة ونحوها ممن لا يمكن الاستمتاع بها. والله اعلم صحيح جواز الصلاة على القبر ولو بعد شهر. لانه لم يرد فيه منع والله اعلم. والصواب تحريم البناء على القبور وتجسيم وتبخيرها والجلوس والكتابة عليها. لان الوعيد الوارد في ذلك لا يقصر عن درجة التحريم. ومن كتاب الزكاة الصحيح ان الدين اذا كان على معسر لا وفاء له او على مماطل لا يقدر على الاستيفاء منه او كان المال مسروقا او ضالا او نحوه مما لا يقدر عليه صاحبه ولا ينتفع به لا زكاة فيه. ولو قبضه حتى يحول عليه الحول بعد قبضه. لان الله بحكمته شرع الزكاة في الامور النامية المقدور عليها. وهذه الاموال المذكورة لا يقدر عليها اصحابها. ولا هي معدة للنماء. وايضا فانه يجب انذار المعسر وامهاله الى ميسرة وايجاب الزكاة على الغريم في هذه الحالة يخالف هذا المقصود ويوجب عليه ان يضيق على المعسر. وايضا فاذا كانت اموال القنية المعدة لمصالح اهلها لا زكاة فيها. لكون القنية صرفتها عن السماء والكسب الذي هو اصل الاموال الزكوية فكيف تجب الزكاة في الاموال التي لا تنمي ولا ينتفع بها وهذا ظاهر ولله الحمد والصواب ايجاب الزكاة في حصة المضارب قبل القسمة. اذا بلغت نصابا لدخوله في جميع عمومات النصوص الفاظها ومعانيها فالاحاديث التي فيها ايجاب الزكاة فيمن له هذا المقدار من الذهب او الفضة او الماشية او الحبوب والثمار او غيرها بها يدخل فيها المضارب كغيره. وكذلك معانيها. فان الزكاة شرعت مواساة في الامور النامية. وحصة المضارب نامية. فكيف تسقط عنه الزكاة. فحصته قد تكون الفا او عشرة الاف او اكثر من ذلك لعلة انها لم تقسم. وانه اذا نقص المال قبل القسمة كانت وقاية لرأس المال. هذه العلة موجودة في اصل المال. وفي حصة صاحب المال. وفي جميع اموال الناس كلها تحت خطر النقص والتلف وغير ذلك من الافات. ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اسقط عنه الزكاة. بل كان صلى الله عليه وسلم يبعث عماله فيأخذون زكاة الأموال الظاهرة. ولم يكونوا يستفصلون هل فيها حصة مضارب ام لا؟ وترك الاستفصال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. وهذا التعليل الاخير احتج به من اوجب الزكاة في الاموال الظاهرة مطلقا. ولو كان صاحبها مديونا والله اعلم. الصحيح قول من قال من الاصحاب ان ابدال النصاب الزكوي بنصاب اخر زكوي لا يمنع الزكاة ولا يقطعها. سواء كان من جنسه او من جنس اخر. والتفريق بينما كان من الجنس وغيره لا دليل عليه. فحقيقة الامر لا فرق بين الامرين. ولان القول بقطعه اذا ابدله من غير جنسه يوجب فتح ابواب الحيل لمنع الزكاة. الصحيح انه يعتبر لوجوب الزكاة بقاء المال الى التمكن من الاداء. وانه اذا تلف قبل ذلك بلا تفريط لا ضمان على صاحبه. لانه لم يفرط وغاية ما يكون ان تكون الزكاة في هذا المال كالامانة التي لا تضمن الا بالتفريط. والصحيح جواز دفع زكاة العروض من العروض لان الزكاة مواساة فلا يكفلها من غير ما له. كما ان الصحيح جواز اخراج القيمة في الزكاة اذا كان في ذلك مصلحة للجهة المخرج عليها وان العقارات المعدة للكراء اذا لم توجب الزكاة في اقيامها فانها تجب في اجرتها وريعها الحال ولا يشترط ان يحول الحول على الاجرة بل تجعل كربح التجارة ونتاج السائمة. والصحيح انه لا يجزي اخراج الفطرة اذا اذا لم تكن تقتات في البلد والمحل الذي تخرج فيه. كما انه يجزئ من الحبوب والثمار غير الاصناف الخمسة اذا كانت تقتات في محلي الذي تخرج فيه لان النبي صلى الله عليه وسلم قال اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم. فذلك لا يكون الا في قوت البلد ان الله ذكر من الكفارات اطعام المساكين. وانه من اوسط ما يطعمه اهله. والفطرة اولى. ولان النبي صلى الله عليه وسلم انما نص على الاصناف الخمسة في الفطرة لكونها قوت اهل المدينة في ذلك الوقت. فالحكم يدور مع علته. والصحيح انه لا تجب وعليه فطرة من تبرع بنفقته شهر رمضان. وانما تستحب استحبابا كالنفقة والله اعلم. واذا تعذرت نفقة الانسان على من تجب عليه نفقته او امتنع ولم يكن الزامه بذلك فالقول بان الزكاة لا تجزي اليه بعيد. وتعليل الاصحاب رحمهم الله يدل على ذلك فانهم عللوا بمنعه من دفعه اليه انه يوفر ما له عن النفقة. فاذا كان لا ينفق عليه ثم يمنع من اعطائه من زكاته. فان هذا لم يدخل في كلامهم بل هذا احق بزكاته من غيره. وانما يمنع الانسان من اعطاء زكاته من في دفعها اليه احياء ماله كالاولاد والاهل الذين ينفق عليهم. وكالغريم الذي يقصد باعطائه ان يردها عليه. او يرد مقابلها او يتوفر عليه ماله لانها في هذه الحالة معاوضة لا اخراج محض. والصحيح انه اذا نوى المتصدق زكاة ودفعها للوكيل. ثم دفعها الوكيل للمعطى ان ذلك يجزي. ولو ان الوكيل لم ينوي انها زكاة سواء تأخر دفعها عن نية المتصدق او قارنها. بل لو دفع اليه زكاة وهو غائب ليخرجها عن اهلها فاخرجها وهو لا يدري انها زكاة او او صدقة ان ذلك يجزي صاحبها لان الاعمال بالنيات وهو قد نوى ولا يضر عدم نية وكيله ولا فائدة في ذلك ايضا والصحيح جواز نقل الزكاة ولو لمسافة قصر اذا كان ذلك لمصلحة. لانه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عماله تارة يفرقونها على فقراء المحل وتارة يحملونها الى النبي صلى الله عليه وسلم. ولان الله اوجب الدفع للاصناف الثمانية فاذا دفعت في احدها اجزأ ذلك مطلقا. ومن كتاب الصيام والاعتكاف. الصواب انه اذا كان ليلة الثلاثين من شعبان او قطر انه لا يجب صيام ذلك اليوم ولا يستحب. بل فطره هو المشروع. لقوله صلى الله عليه وسلم فان غم عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما. وهو صحيح صريح لا يحتمل التأويل. وما استدل به على مشروعية الصيام فانه محتمل ومحمول على هذا الصريح. والصواب ان المطالع اذا اختلفت فلكل قوم رؤيتهم. وحديث كريب عن ابن عباد وحديث قريب عن ابن عباس الذي في صحيح مسلم صريح بذلك. فان ابن عباس لم يعتبر رؤية اهل الشام. واخبر ان ذلك كامر من النبي صلى الله عليه وسلم. واما قوله صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فانه مثل قوله اذا اقبل الليل منها هنا وادبغ النهار منها هنا. وغربت الشمس فقد افطر الصائم. فقوله تعالى فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم بيت الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم اتموا الصيام الى الليل وغير ذلك من النصوص المؤقتة للعبادات في اوقات معينة تابعة لجريان الشمس والقمر. فان هذه الامور بالاتفاق تختلف باختلاف محالها. ولكل اهل محل حكمها في ليلهم وفجرهم وزوالهم وعصرهم وغير ذلك. فكذلك في رؤيتهم للهلال. وهذا واضح ولله الحمد. واذا قامت البينة في اثناء النهار برؤية هلال رمضان لزمهم الامساك قولا واحدا. فاختار شيخ الاسلام ابن تيمية انه لا يلزم قضاء ذلك اليوم وقوله قوي جدا مبني على اصل وهو ان الاحكام لا تلزم الا بعد بلوغها فهم افطروا لما ما كان في ظنهم والحكم الظاهر لهم انه ليس من رمضان. فاذا بان انه من رمضان لزمهم امساك ما بان لهم. ولم قضاء ما لم يبلغهم. يوضح هذا انهم كانوا مستعدين ناويين موطنين انفسهم على صيام جميع شهر رمضان. فاذا كان لهم بعد ذلك خطأهم في فطرهم لم يكن هذا خطأ مؤاخذين به. بل كان هذا المشروع في حقهم انهم افطروا بالحكم الشرعي وامسكوا بالحكم الشرعي. فهم لم يخالفوا حكم الشرع بوجه. ويوضح هذا ان الناس اذا اكل وشرب وهو صائم فصومه صحيح. وكذلك المخطئ على القول الصحيح. وهؤلاء ادق احوالهم ان يكونوا مخطئين. ان لم نقل مصيبين. فكيف يتم الصوم للناس والمخطئ دون المفطرين بالامر الممسكين بالامر. والناسي والمخطئ مفطرون بالعذر صائمون بالعذر اي الطائفتين اعذر واولى بعدم القضاء بل حالة المفطر قبل ان يتبين له انه من رمضان كحالة الذي يأكل ويشرب قبل قبل ان يتبين له الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر. فاذا تبين له بعد انه اكل وشرب بعد طلوع الفجر. فالصواب ان ما هو حكم الناس لا حرج عليه؟ وصيامه صحيح. لان الله جعل الناس والمخطئ حكمهما واحدا. ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه عليه وسلم انه امر المخطئ ان يقضي ذلك اليوم ويوضح ذلك ايضا ان المتأولين من الصحابة رضي الله عنهم للخيط ابيض من الخيط الاسود ظنوا انه الخيط المعروف فكانوا يأكلون ويشربون حتى يتضح لهم الخيطان ولم يأمرهم صلى الله عليه وسلم باعادة ما فعلوه. والذي كان مفطرا قبل ان يتبين له انه من رمضان ثم امسك بعد ان تبين له اعلى حالة من المتأول فان قيل يلزم على هذا ان الحائض والنفساء اذا طهرت والكافر اذا اسلم في اثناء يوم من رمضان الا ذلك اليوم بل يمسكوه فقط. قيل اما الكافر فنعم فلا يجب عليه قضاء ذلك اليوم الذي اسلم فيه. لانه لم يخاطب به قبل ذلك ولم يجب عليه حكما ظاهرا. فهو كالذي لم يعلم انه من رمضان. واما الحائض والنفساء فان الصيام واجب عليه لما حتى في حالة جريان الدم الا ان من شرط صحته انقطاع الدم وليست حالتهما كحالة المخطئ والناس فان الشارع جعل على دمهما مانعا من صحة الصيام. واوجب عليهما اذا طهرتا قضاء الصيام الواجب والله اعلم. والصحيح ان المسافر لا فيلزمه الصيام في كل احواله. ولو اليوم الذي يعلم انه يقدم فيه قبل وصوله للاقامة فان الله قال فمن كان من مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر. ولم يستثني حالة من الاحوال. ولان من علم انه يقدم في الوقت فانه ما دام في السفر يجوز له قصر تلك الصلاة وجمعها الى ما يجوز له الجمع فيه. فكذلك الصيام والاحكام المترتبة عليه السفر لا تنقطع الا بانقطاعه. قوله لكن اذا كان الكبير او المريض الذي لا يرجى برؤه مسافرا فلا فدية لفطره بعذر معتاد ولا قضاء لعجزه عنه فيه نظر ظاهر لانه مكلف فلا يسقط عنه الامران. الصيام او بدله وليس عذر السفر وعذر المرض او الكبر موجبا لاسقاط الفدية. وليس على ذلك دليل. قولهم وان قال ان كان غدا من فهو فرضي لم يضره. وان كان في اخره لانه بنى على اصل. ويضر ان قاله في اوله لانه لم يبني على اصل فيه في نظر فان هذا الذي عليه ولا يمكنه ان ينوي غير ذلك الا نية تقديرية فردية لا نية واقعة. والتفريق بين من الامرين غير وجيه فانه ان كان لا يجزئ في اوله فلا يجزئ ايضا في اخره. وان كان يجزئ في اخره وهو الصواب فكذلك يجزئ في اوله. ومما يوضح هذا انهم قالوا كل يوم عبادة مستقلة. لا يبطل ببطلان غيره ولا يصح صحة غيره. ولم يثبت من المفطرات سوى الاكل والشرب والجماع ونحوه. اذا فعل ذلك متعمدا وكذلك الحجامة. واما ما سوى ذلك ذلك فلم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. وقياسه على هذه الامور غير صحيح لوجود الفرق بينهما وشرط الحق الا يكون بين الملحق والملحق به فرق بوجهه. والا فالاصل عدم التفطير. وكذلك الصحيح ان المجامع والمجاهد يا مع ناسيا او مكرها انه لا فطر عليه ولا كفارة. لانه اذا كان الاكل الذي هو اصل المفطرات قد عفي فيه عن النسيان فالجماع كذلك. ولان الله عفا عن الناس والمخطئ مطلقا. ولان فعل المحظور في العبادة نسيانا لا يؤثر في ابطالها والله واعلم. والصحيح عدم استحباب نية الاعتكاف لكل من دخل المسجد لعدم وروده. ومن كتاب المناسك تقدم ان العبد يشارك الحرة وفي الاحكام البدنية الا ما ورد استثناؤه وتخصيصه. وكذلك قد خففت عنه العبادات المالية لكونه لا مال له. فهو كالفقير على هذا الاصل المهم الصحيح انه اذا حج بعد بلوغه ولو قبل حريته ان حجته هي حجة الاسلام. كما ان الفقير معفو عنه الحج ولا يجب عليه. فاذا تيسر له وفعله اجزأه ذلك. ولم يلزمه اعادته اذا استغنى. فكذلك هذا الرقيق اذا ادى فريضته فان ذلك يجزيه. وايضا فان الحج لم يوجبه الله ورسوله في العمر الا مرة واحدة. وذلك مجمع عليه. فيلزم على قول من يقول ان حج الرقيق لا يجزيه انه يجب في العمر مرتين. وهذا واضح. الصحيح ان النائب في الحج الفرض لا يلزم ان يكون من بلد المنوب عنه لعدم وروده. ولان الرخصة في القضاء عن الميت والمعضوب شاملة لمن كان ينشئ الحجة من بلده او من غيره. ولان الذي يجب على المنوب عنه افعال الحج فقط. واما السعي الى مكة فانه من باب ما لا يتم الواجب الا به يكون مقصودا قصد الوسائل التي اذا حصل مقصودها برئت الذمة يؤيد هذا التعليل ان المنوب عنه لو قدرنا انه سار الى نحو مكة بغير قصد الحج والعمرة ثم بدا له في اثناء الطريق نية الحج انه لا يلزمه العودة الى بلده لينشئ منها نية حج فكذلك نائبه وهذا بين ولله الحمد. الصحيح ان من فعل محظورا ناسيا فلا فدية عليه. ولو كان ازالة شعره او ظفر بل ولو كان صيدا لقوله ومن قتله منكم متعمدا. وليس في ذلك اتلاف حق ادمي. حتى يقال فيه يستوي فيه المتعمد وغيره. وانما ذلك في اموال الادميين ونفوسهم. واما في حقوق الله فانه يترتب على الاثم الله اعلم. قولهم والافضل الاحرام للحج للمحلين بمكة من تحت الميزاب فيه نظر. فان الصحابة رضي الله عنهم لم يقصدوا الاحرام رام من تحت الميزاب بل احرموا من منازلهم. الصحيح انه لا يجوز الدفع من مزدلفة قبل الفجر الا لاهل العذر. فيرخص لهم بين الفجر لانه صلى الله عليه وسلم وجمهور المسلمين مكثوا في مزدلفة الى قريب طلوع الشمس. ولم يقدم قبل الفجر الا لضعفه. فقال خذوا عني مناسككم. قولهم وله تأخير طواف الزيارة عن ايام منى. ولو غير معذور فيه نظر فان الله قال الحج اشهر معلومات. اي وقته وافعاله. فكيف يجوز تأخير اكد اركانه؟ وهو الطواف الى بعد ايام الحج ما الدليل على ذلك؟ فانه لو كان ذلك جائزا لنقل عن النبي، صلى الله عليه وسلم، او عن احد من اصحابه. ولذلك قال بعض الاصحاب لا يجوز تأخيره عن ايام التشريق. الصواب ان الرامي للجمرات وقت الرمي يستقبل الجمرة ولا يستقبل القبلة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فيجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه في جمرة العقبة والوسطى ويجعل البيت عن يمينه ومنى عن يساره في الجمرة القصوى. ومن باب الاضحية والعقيقة. الصحيح قول من قال من اهل العلم ان عضاء الاذن والقرن اجزي اذا لم يبلغ العضب منها ان يجرحها جرحا تكون به معيبة او مريضة. لان مفهوم الحديث الصحيح اربع لا تجوز في اضاحي العوراء البين عورها. والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها. والعجفاء التي لا تنقي. يدل على اجزاء ما سوى ذلك. ولان النهي عن التضحية باعظم الاذن والقرن اذا احتج به يدل على الكراهة كما امر باستشراف الاذن والقرن والله اعلم. والصحيح ان ايام التشريق الثلاثة كلها ايام ذبح للاضاحي والهدايا. لانها كلها ايام للرمي والمبيت ولا يجوز صيامها. فكذلك كلها ذبح. وفي المسند عن جبير بن مطعم مرفوعا. كل ايام التشريق ذبح الله اعلم. والصواب كراهة الفرحة والعتيرة. لان قوله صلى الله عليه وسلم لا فرع ولا عتيرة ظاهر في المنع. من الجهاد القول بان الجزية تقبل من كل كافر كتابي او غيره اصح. لان النبي صلى الله عليه وسلم اخذها من المجوس وكذلك اصحابه والمجوس مشركون. ولان اية الجزية لم تنزل الا بعدما دخل المشركون من اهل جزيرة العرب في الاسلام وصار القتال للكفار الكتابيين من اليهود والنصارى. وهذا لعله الفائدة بالتقييد في الاية بقوله ومن الذين اوتوا الكتاب ولان من مقاصد اقرارهم بالجزية لاجل ان يسمعوا كلام الله وينظروا الاسلام واهله وغير اهل الكتاب احوج الى هذا من اهل الكتاب لشدة جهلهم. الصحيح انه لا يحكم باسلام اولاد اهل الذمة بمجرد موت ابويه بدارنا. لان الظاهر وفي حالة الخلفاء الراشدين وقت الفتوحات الاسلامية انه يقع من هذا شيء كثير. ولا يلزمون اولادهم الصغار بالدخول في الاسلام ولان باقي الاولياء ينوبون عن الابوين في التربية عن دينهم. ومن البيوع الصواب قول الشيخ تقي الدين رحمه الله ان جميع العقود تنعقد بما يدل على مقصودها من الالفاظ والافعال والاحوال. فكل ما عده المتعاقدان عقدا ان عقد بأي لفظ كان ولم يزل عمل المسلمين على هذا والله ورسوله قد اباح جميع العقود الجائزة المباحة ولم في عقدها لفظا معينا. ولا تقديما ولا تأخيرا. والله اعلم. الذي يتعين القول به جواز شراء المصحف وكذلك جواز بيعه اذا لم يكن في ذلك امتهان وقلة احترام. لان الحاجة داعية جدا الى ذلك. وما كان بهذه المثابة لم يحرمه الله ولا رسوله. وقول ابن عمر رضي الله عنه وددت ان الايدي تقطع في بيعها يحمل ذلك على من كان يمتهنها ولا يحترمها. الصحيح الرواية الاخرى عن الامام احمد ان بيع الفضول وشراءه صحيح اذا اجازه من تصرف له بان تعليل المنع يزول في هذه الحالة فيبقى التصرف موقوفا. خصوصا على القول الصحيح ان تعليق العقود جائز كتعليق الكسوف والولايات وهذا هو الصواب. فان القول بان تعليق العقود غير جائز لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا قياس لابد للتعليقات من امور مقصودة تعلق لاجلها. تلك الامور لا محظور فيها. والاصل الجواز والحل في كل العقود. وما الفرق بين تعليق العقود التي يقصد بها العوض وعقود الولايات والوكالات. لا تجد بين الامرين فرقا مؤثرا. كما لا تجد فرقا انعقد العقود وحلها ويترتب على هذا القول ان الصحيح جواز قوله بعتك داري بكذا على ان تبيعني عبدك او نحوه وبكذا ولا يدخل تحت نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة بان المراد ان يعقد على شيء واحد في وقت واحد عظيم عقدين وذلك كمسائل العينة وما اشبهها. واما هذه الصور وما اشبهها فانها بمسائل التعليق اشبه وليس فيها محذور اصلا الا اذا تضمنت ظلما في احد العقدين فيمنع لاجل ذلك. الصحيح انه يجوز بيع ما فتح عنوة ولم يقسم بين الفاتحين كارض مصر والشام والعراق. ولو كان غير المساكن تكون عند المشتري كما كانت عند البائع بخراجها هذا الذي عليه عمل المسلمين قديما وحديثا. والوقف لرقبة الارض. واما البيع فانه يقع على منافعها. وما وضع فيها من من بناء وغراس وغير ذلك. ولا فائدة في المنع من ذلك. بل فيه ضرر كثير. وكذلك بيوت مكة فانه يصح بيعها واجارتها والاثار في المنع من ذلك يقابلها مثلها او اكثر منها من الاثار. ولم يزل عمل اهل مكة على ذلك من زمان طويل. الحاجة من البائع والمؤجر والمشتري والمستأجر تدعو الى ذلك جدا. وفي المنع من ذلك ضيق وحرج. وقد الله الحرج عن هذه الامة. والاشياء المستترة كالمسك في ثأرته. والفجل ونحو والفجل ونحوه في ارضه. ان كان ليس فيه غرر كنبين فالصواب قول المجوزين لبيعه. وان كان فيه غرر ظاهر فالصواب قول المانعين. لانه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر والحكم يدور مع علته. فهذه المسائل وما اشبهها مما يقال فيه انه مجهول او غير مجهول. ينظر الى تحقيقها فان تحقق فيها الغرر منعت. والا فالاصل الجواز ويدخل تحت هذا الاصل شيء كثير. يقول فيه بعض اهل العلم لا يجوز بيعه ويقول اخرون يجوز. وكلهم متفقون على العلة وهي الغرر. فان اشتبه الامر علينا على مدع له غرر البيان ويرجع فيه عند الاشكال الى اهل الخبرة والمعرفة به. قوله وان باع من الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح بان من للتبعيض وكل للعدد فيكون مجهولا هذا فيه نظر فانه لا جهالة فيه بوجه لانهما تراضا ان كل قفيز من الصبرة يقابله درهم. وسواء اخذها كلها او بعضها. فاي جهالة في هذا؟ وكذلك على الصحيح ان استثناء الدراهم من الدنانير والدنانير من الدراهم لا جهالة فيه. وهو معروف عند الناس قدر احد النقدين من الاخر فظنه سليما. فاذا بان معيبا ثبت له خيار الرد. واما الارش فهو معاوضة لا اجبار فيها الا اذا تعذر الرد في هذه الحالة يتعين الارش كسائر المتقومات. الصحيح ان البائع والمشتري اذا اختلفا هل كان العيب متقدما على البيع قوله في مسألة بيع المعلوم والمجهول. فان لم يتعذر علم مجهول بيع من معلوم صح في المعلوم بقسطه من الثمن لعدم الجهالة فيه نظر. ان عدم العلم بالمجهول وقت العقد يصير المعلوم مجهولا. وهذا محذور ظاهر فانهم يمنعون من بيع ما اهو اهون منها جهالة كما هو ظاهر؟ والصحيح ان المنع من البيع على بيع اخيه وشرائه على اخيه عام في زمن الخيار وغيرهما لعموم النهي عنهما. ولان العلة التي نهي عنها وهي احداث البغضاء بين المسلمين موجودة. ولو بعد الخيارات ربما توصل الى فسخ البيع اذا رأى الزيادة بوجه محرم. قوله في مسألة العينة وان اشتراه بغير جنسه بان باع اهو بذهب ثم اشتراه بفضة او بالعكس جاز غير صحيح. والصواب المنع في ذلك بان النقدين مقاصدهما متفقة تجويز مثل هذه الحالة فتح لمسائل العينة كما هو معروف. قوله وان جمع بين شرطين من غير النوعين الاولين كحمل الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وتفصيله بطل البيع. كما روى ابو داوود والترمذي عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك. قال الترمذي حديث حسن صحيح هذا على تفسير الشرطين في الحديث بما ذكر ولكن الصحيح ان الحديث لا يتناول هذا وانما يدخل فيه الشرطان اللذان باجتماعهما يترتب مفسدة شرعية كمسائل العينة ونحوها. كأن يبيع السلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها من مشتريها باقل منه نقدا او بالعكس فانهما في الغالب يتشاركان لفظا او مواطئة. ويؤيد هذا ان الشارع لا ينهى عن المعاملات الا ما فيه مفسدة ربا او غرر او ظلم. وهذه الشروط لا محذور فيها بوجه. كيف ينهى الشارع عنها؟ وايضا فكما انه لا مفسدة فيها بنفسها فانه لا يتذرع بها الى مفسدة. ولو قيل ان لفظ الحديث عام فتدخل فيه هذه الشروط قلنا لو اخذنا بعمومه من غير مراعاة منا لحمله على لحمله على الشروط الفاسدة لمنعنا من اجتماع شرطين من القسم الاول والثاني وذلك لا يجوز. فعلم ان الحديث انما يتناول الشرطين المتضمنين لمفسدة شرعية. والله اعلم. قوله والثالث الا ينعقد معه بيع نحو بعتك ان جئتني بكذا او رضي زيد ان يقول للمرتهن ان جئتك بحقك في محله والا الرهن لك لا يصح البيع. تقدم ان الصحيح ان تعليق العقود جائز. وهذا منها. وحديث اغلاق الرهن انصح فان معناه ان تملكه المرتهن من دون اذن الراهن وشرطه. وهذا شرط ان جاءه بحقه والا فهو له. والمؤمنون على شروطهم الا شرطا محل حراما او حرم حلالا. والصحيح ثبوت خيار الشرط في الاجارة مطلقا. وفي الصرف والسلم والضمان والكفالة لعدم المحذوذ في ذلك ومضي مدة بعض الاجارة في مدة الخيار لا يضر لتراضيهما على ذلك. فان فسخ وجب من الاجرة بحصة وكون الصرف والسلم يشترط لصحتهما التقابض لا يمنع لا يمنع من سبوت الخيار فيحصل التقابض ويصح السلم الا انهما اذا بقيا ولم يفسخا فقد حصل المقصود. وان فسخاه رجع كل بما دفعه. ولم يكن في ذلك محذور شرعي بل هذا داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم المؤمنون على شروطهم وكذلك الكفالة اذا رضي المكفول له بكفالة من شرط الخيار فيها فالحق له. فقد رضي بتوثيقه تحت الخطر. قد تلزم وقد لا تلزم. وباب التوثقات اوسع بكثير من باب المعاوضات كما سيأتي ان شاء الله في الرهن. الصحيح ان خيار الشرط وثبوت الشفعة لا يبطل بالموت. سواء طالب به من ثبت له ذلك ام لا؟ فورثته ينوبون عنه في هذا لانه من حقوقه المالية. والتركة هي مخلفات الميت من الاعيان والحقوق وهذا من الحقوق التي ثبوتها لمن بعده كثبوتها له. فاي شيء يخرجها عن هذا الاصل وهذا واضح والحمد لله. الصحيح في خيار العيب انه يخير من وجد بما اشتراه عيبا جهله بين امساكه بلا ارش او رده واخذ ثمنه الذي دفع. واما فان اختاره البائع رضي المشتري بذلك فهو معاوضة تقف على تراضيهما. والا فالقول بان المشتري يجبر البائع على انه يمسكه ويعطيه البائع ارش نقصه. قول ضعيف مخالف للمعاوضات. فان البائع انما رضي باخراجه عن ملكه الذي وقع عليه العقد والارش زيادة على ذلك. والتعليل الذي ذكره الاصحاب رحمهم الله في قولهم ان المتبايعين تراضيا على ان العوض في مقابلة المبيع فكل جزء منه يقابله جزء من الثمن. ومع العيب فات جزء من المبيع. فله الرجوع ببدن وهو الارش. كلام غير صحيح عند التأمل. فان الذي وقع عليه التراضي لم يفت منه جزء من الاجزاء. وانما اغتر المشتري وحدث عند المشتري من الاحتمال ان القول قول البائع فيحلف انه باعه سليما او انه لا يعلم به عيبا او انه انما عندك ايها المشتري لقوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من انكر والمدعي في هذه الحالة هو مشتري. وايضا الاصل السلامة في المعقود عليه. فمن ادعى خلاف الاصل فعليه الدليل. قوله واذا رده بعيب وقد كسر له ردة ورد ارش كسره. هذا ظاهر ان كان الكسر لجميعه او ازيد مما يحصل به الاستعلام. فاما كسرها بمقدار ما يحصل به استعلامها ففي وجوب ضمانه نظر ظاهر فان هذا الكسر لابد منه في حصول الكشف عليها. واذا كنا قد صححنا ملزوم الارش في امساك المعيب كما سبق. فتصحيح ثبوت الخيار في البيع. تولية وشركة ومرابحة ومواضعة. اذا بان خلاف ما اخبر به من باب اولى. وهو اصح من الزام المشتري للبيع والرجوع الى الصواب الذي لم يدخلها عليه. والله اعلم. والصحيح ان الاختلاف في عين المبيع كالاختلاف في الثمن. اذا لم يكن بينة لاحدهما تحالفا وتفاسخا ولا فرق في الحقيقة بين الثمن والمثمن والعلة واحدة. ولا ترجيح لاحدهما في احدهما دون الاخر. فتعين القول بتساويهما. فالصواب ان البائع يملك المبيع على ثمنه ولا يجبر على تسليم المبيع قبل قبض الثمن لانه لم يرضى بالبيع الا بهذه الحالة. ولو اجبر على تسليمه المبيع قبل قبض الثمن لحصل بذلك ضرر عظيم على الناس. ولتمكن الغادر من اخذ اموال الناس بهذه الطريق. وكذلك تملك حبس الشيء حتى يقبض اجرته. لان له فيه حقا ثابتا. والصحيح ان المفتاح داخل في بيع الدار بابوابها. لانه تابع للباب وان كان منفصلا فكذلك الطاحونة اما ان تدخل كلها اما ان تدخل كلها اذا لم تستثنى واما ان تخرج اذا استثنيت. واما القول بدخول التحتاني من الاحجار دون الفوقاني ففيه نظر ظاهر. والصواب انه لا يجوز بيع الثمر قبل بدو صلاحه ولا الزرع قبل اشتداد حبه لمالك الارض والاصل. لان الحديث عام والعلة عامة. واما بيعه مع الارض ومع الشجر فانه يدخل بالتبعية لوقوع العقد على الامرين بخلاف المسألة الاولى. فان العقد واقع على نفس التمرة وحدها الزرع وحده. والصحيح ان الجائحة موضوعة عن المشتري في جميع الثمار لعموم العلة التي علل بها صلى الله عليه وسلم في قوله رأيت ان منع الله الثمرة بما يستحل احدكم مال اخيه. والصحيح ان التفاوت اليسير في السلم معفو عنه. كما قال الامام احمد رضي الله عنه كل سنة يتفاوت. فبالقول اذا اسلم فيها وزنا كذلك الفواكه ونحوها. لا يضر التفاوت فيها. بل ربما كانت في التحرير مثل غيرها. وكذلك ضبط الجلود ونحوها بالمقدار ممكن. لا غرر فيه. وكذلك الاواني ونحوها. وعلى هذا يذكر من صفات السلم ما يتفاوت فيه الثمن تفاوتا ظاهرا بينا لا شيء يسيرا. واذا اسلم الى الحصاد والجذاذ ونحوهما بما يتقارب صح ذلك على الصحيح لان التفاوت فيه يسير. وهو مقصود من اسلم في الزرع والثمر. ولو عين شهرا فان قصده حصول تلك الثمرة قوله ولا يصح شرط الاردء او الاجود. هذا اذا لم يظهر من مرادهما. والعادة قصدهما من اجود ما يكون او من اردأ ما يكون. فان ظهر فهو جائز كما هو الواقع. والصحيح جواز السلم في المكيل وزنا. وفي الموزون كي لا. لحصول العلم بذلك شرعا وعرفا وعدم الغرر والجهالة الممنوعة شرعا. والصحيح جواز الاسلام في بستان ونحوه. بعدم الدليل على المنع والغالب وجود المسلم فيه منه فان قدر عارض نادر قام غيره مقامه. فالصحيح انه اذا اسلم الى اجلين فاكثر لم يجب الا بيان مقدار ما يحل في كل اجل. ولا يلزم بيان قسطه من الثمن. لان بيان مقدار المبيع ووقته هو المقصود والصحيح جواز بيع المسلم فيه لمن هو عليه كسائر الديون. وكذلك اخذ عوضه والحوالة به وعليه كسائر الديون حديث من اسلم في شيء فلا يصرفه الى غيره غير محتج به كما قال المنذري. وعلى تقدير الاحتجاج به فانه يدل على انه لا يجعل مال سلم اخر قبل قبضه وهو ظاهر. ويصح ايضا اخذ الرهن والكفيل بالمسلم فيه لعموم جواز ذلك في كل عقد فيشمل ذلك عقد السلم. ولان الحاجة للتوثقة في دين السلم ابلغ من غيرها. فكيف يرخص في غيره تمنع فيه ومن باب القرض والرهن والضمان والكفالة وغيرها. الصحيح ان المقرض اذا اجل القرض انه يلزمه الوفاء بذلك وانه لا يملك المطالبة للمقترض قبل حلول اجله. لان الله امر بالوفاء بالعقود. وامر بالوفاء بالوعد. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم اخلاف الوعد من صفات النفاق. وسائر الديون كالقرض اذا اجلها صاحبها برضاه تأجلت. والصحيح ان المقترض يرد مثل ما اقترضه سواء كان مكيلا او موزونا او غيرهما. مما له شيء يماثله او يقاربه. لان هذا هو مقتضى القرض ولان مثله يحصل فيه المقصودان. مقصود القيمة ومقصود حصول ذلك الشيء المقرض. ولان النبي صلى الله عليه وسلم ضمن احدى امهات المؤمنين لما كسرت صحفة الاخرى بصحفة مثلها. فقال اناء باناء ولانه امر عبدالله بن عمرو ان يستسلف على ابل الصدقة وجميع المتلفات حكمها كالقرض ولانه لو وجبت القيمة لكان العقد من اصله عقد معاوضة بيع بقيمته وهو مخالف لموضوعه. فان القرض عقد ارفاق. قوله واذا قال اقترض لي مائة ولك عشرة صح لانها في مقابلة ما بذله من جاهه فيه نظر. ان هذه الصورة داخلة في القرض الذي جر نفعا. وهذا وسيلة قريبة الى الربا المحض كما هو ظاهر. ومن العجائب انها اولى بالامتناع من قوله. ولو قال اضمني فيها ولك ذلك. لم يجز فما الفرق بين الامرين الصحيح الذي لا ريب فيه ان الرهن يجوز في كل عين ودين ومنفعة. وانه اذا رضي الراهن بشيء من ذلك ان الحق له فيلزم ما تراضيا عليه لانه كما قد تكون التوثيقة كثيرة جدا وقد تكون اقل من دين الانسان وقد تكون كثيرا مقبوضة فقد تكون يسيرة غير مقبوضة. فقد تكون اعيانا معينة كما قد تكون ديونا في الذمم. وقد يكون دينا ثابتا وقد يكون دينا يحتمل الثبوت وعدمه. فقد يكون منفعة وريعا. فالصواب جواز ذلك كله ولزومه بالتعاقد عليه هذا هو الذي تدل عليه عمومات النفوس ومعانيها. ويحتاج الناس اليه. ولا دليل يدل على المنع في شيء من ذلك. والغرر الذي لا سفر هو غرر المعاوضات. واما التوثيقات فانها زيادة على مجرد المعاملة. فيها مصلحة لمن له الحق. واذا كان الحق له ورضي ان تكون توثيقته ناقصة او دينا او غير مقبوضة فما الذي يمنع من ذلك؟ وعموم الامر بالوفاء بالعقود والعبود يتناول هذا وايضا فانه لو جوز للراهن ان يرهن غريمه الدين او الرهن الذي لم يقبضه ثم له ان يغدر به ويبيعه يرهنه غيره فان هذا غدر لا تأتي به الشريعة ولكن اذا اراد الغريم زيادة التوثقة بالقبض ورهن الاعيان فهذا لا السلام على ذلك ومن هنا تعلم حكمة قوله تعالى فرهان مقبوضة. فان الله ذكر للعباد اعلى الحالات التي يتوثقون بها لحقوقهم. فذكر شاهدين رجلين ثم نقلهم الى رجل وامرأتين. ومن المعلوم قبول شهادة رجل وامرأتين ولو مع وجود ولكن الرجلان اكد. بل وكذلك ثبت انه صلى الله عليه وسلم قضى في الحق بشاهد ويمين المدعي. فلا يقال ان ظاهر الاية عدم قبول ذلك. فكذلك الرهن اذا لم يقبض لا يقال انه لا يثبت. بل يقال ان الرهن المقبوض ازيد وثيقة صاحب الحق والرهن الذي لم يقبض لم تنفه الاية. واثبتته الادلة الاخر وهذا واضح. ويدل على ذلك انهم جوزوا رهن ما لا لا يجوز بيعه كرهن الثمرة قبل بدو صلاحها. والزرع قبل اشتداد حبه. فالقن دون رحمه المحرم. فعلم ان من الرهن خفيفا لا يضر فيه احتمال الغرر والجهالة وعدم الحصول. ويدل على ذلك انه بتقدير تلف الرهن او عدم حصوله لا يسقط شيء من الحق بل الحق باق لا يزول. وسر المسألة ان الرهن امر خارج عن المعاملة. لا تفتقر المعاملة اليه. بل هو من مصلحة صاحب حق وهذا بين ولله الحمد. والصواب ان عتق الراهن للعين المرهونة لا يحل. ولا ينفد سواء كان موسرا او معسرا لانه تعلق به حق المرتهن تعلقا منع صاحبه التصرف فيه قبل انفكاكه. ولان تجويز عتقه فيه مفسدة عظيمة انه لا تحصل الثقة والتوثقة برهن المماليك. لانه قد يعتقه فيكون معسرا او مماطلا. فتضيع توثيقته ويضيع حقه. ولان ان العتق قربة الى الله كالوقف. فكما لا ينفذ وقف المرهون فلا ينفذ عتقه. ولا يتقرب الى الله الا بالعبادات. لا يتقرب اليه بفعل المحرمات واسقاط الحقوق الواجبة. واذا كان صادقا قصده اعتاقه والتقرب به الى الله فليؤدي الحق الذي عليه حتى تكون المسألة لا تبعة فيها فيعتقه بعد ذلك. والصحيح جواز الزيادة في دين الرهن بان يرهنه بمائة ثم تدين منه مئة اخرى فيرهنه بالمئة الثانية كالاولى. فهذا لا محظور فيه. فقولهم في تعليل المنع المشغول لا يشغل انما هو اذا رهنه عند زيد فلا يرهنه عند عمرو. واما في الزيادة في دينه فلا بأس. وانما هو زيادة استيثاق في الدين الاخير فتقدم ان الصحيح جواز قوله ان جئتك بحقك في محله والا فالرهن لك. والله اعلم. الصحيح ان قول المرتهن والمقبول في مقدار الدين المرهون به. لان الله تعالى جعل الرهن تو ثقة بالحق. فاذا كان الدين الثابت في الذمة الفا. وقال صاحب الرهن المدين هو رهن بعشرة منها. فقال المرتهن بل هو رهن بالالف كله. فان قبلنا قول الراهن لم يحصل توثيق بالرهن بمجرده. وان قبلنا قول المرتهن حصلت التوثيقة بالحق. فكان قبول قول المرتهن هو الاولى والاحسن. خصوصا اذا ادعى الراهن ما لا يصدقه فيه العرف والعادة. الصحيح ان صاحب الحق لا يملك مطالبة الضامن حتى يعجز عن الاستيفاء من الغريم لان الضمان من التوثيقات كالرهن لا يباع الا اذا تعذر الوفاء. ولان العرف هكذا يستقبح الناس طلب الضال قبل تعذر الوفاء من الغريم الا اذا شرط. وكذا العرف ان الضامن يطالب بالحق ولو لم يتعذر فالمؤمنون عند الصحيح في الحوالة انها اذا اجتمعت شروطها وان اوجبنا على صاحب الحق انه يستحيل فيها. فان الحق لا ينتقل بل ان حصل له الوفاء ممن احيل عليه. والا رجع على صاحبه الذي عليه الدين. وان قوله صلى الله عليه وسلم مطل الغد مطل الغنم في ظلم. واذا احيل احدكم على مليء فليحتل ان هذا امر باحسان الوفاء ممن عليه الحق. وانه لا يحل له المطلب واذا كان غنيا بل يبادر بالاداء باحسان. وامر ايضا باحسان الاستيفاء. وان صاحب الحق يحسن في اخذه للحق ولا يعسر على غريمه. ومن احسانه انه اذا احاله على من له عليه دين فلا يمتنع من الاستحالة اذا لم يكن عليه ضرر فانه احسان منه بغريمه. واما كون الحديث يدل على ان الغريم بمجرد حوالته لغريمه انه يبرأ ولو افلس عليه او مطل او تعذر الوفاء منه فلا يدل على ذلك بوجه والله اعلم. ومن ابواب الصلح وغيرها الصحيح جواب الصلح عن المؤجل ببعضه حالا. لانه لا دليل على المنع ولا محذور في هذا. بل في ذلك مصلحة للقاضي والمقتضي فقد يحتاج من عليه الحق الى الوفاء قبل حلوله. فقد يحتاج صاحب الحق الى حقه لعذر من الاعذار. وفي تجويز هذا مصلحة ظاهرة خصوصا في الدين الذي على الميت اذا مات ولم يمض من الاجل الا شيء قليل. فاننا بين امرين اما ان نقول ان دينه يحل كله اذا لم يحصل توثيقة لصاحب الحق وفي هذا ظلم. لان البيع المؤجل يجعل الثمن في مقابل مسألة السلعة ومقابلة الاجل. فاذا باعه سلعة تساوي مائة بمائة وعشرين مؤجلة. ولم يمض من الاجل الا بعض وقيل بحلول المئة والعشرين كان هذا ظلما منافيا للعدل. فكان من العدل الحسن ان ينظر مقدار ما مضى من الاجل يجعل له حصته من الثمن مع الاصل ويحصل بذلك براءة ذمة الميت وحصول الحق لصاحبه من غير ظلم يدخل وعليه ولا مال يأخذه بغير حق. والامر الثاني ان يعلق دينه الى اجله وحلوله. وقد يعتري التركة في هذه مدة خطر وقد يحصل له توثقة بحقه برهن او كفيل. فهذا جائز ولكن الحالة الاولى في الغالب ارجح للطرفين وقد ورد ان بني النضير لما اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يجليهم من المدينة ذكر له الناس ان بينهم وبين الناس انسي ديونا فامرهم ان يضعوا ويتعجلوا. واما قياس المانعين لهذه المسألة بمسألة قلب الدين بالربا فهذا القياس من ابعد الاقيسة وبين الامرين من الفرق كما بين الظلم المحض والعدل الصريح. والصحيح صحة الصلح عن حق الشفعة وعن الخيار لان قوله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا او احل حراما يقول فيه كل صلح لا محذور فيه. ولا يدخل فيه ربا ولا يسقط واجبا. والصلح عن حق الشفعة والخيار كذلك. وقولهم في تعليل المنع من الصلح عنهما انهما لم يشرعا لاستفادة مال. بل للاحظ من الامرين. فنعم كذلك. ولكن قد يرضى الانسان باسقاط حقه من الشفعة او باسقاط خياره اذا بذل له مال. ولا يرضى بدون ذلك. ولم يشرعا في الاصل الا لاجل ان ينظر صاحبهما اي الامرين احظ له من جهة المال. فاذا ترجح الاسقاط بالمال المبذول فيه فهذا موافق كل القواعد والاصول ولا دليل ظاهر على المنع. والصحيح جواز اخراج الميازيد في الطرق العامة. لان هذا عمل نفذوا الظلم المحرم ولان حقوقهم كلهم تعلقت بماله فكيف يخص بعضهم فيه؟ واما الحجر من الحاكم فانه اظهار هذه الحالة لا ايجاب شيء لم يجب الا بحجره. وايضا فلو جوز له تنفيذ هذه الحال لحصل من ضرر المعاملات ما الله به عليم. وايضا فالغالب على من يفعل هذا الفعل انه يغدر الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا من غير اعلان له في حاله فكيف ينفذ الغدر البين الظاهر؟ هذا لا يكون؟ والصحيح ان الوكالة لا تنتسخ الا بعد علم الوكيل بعزله. وان تصرفه قبل علمه نافذ صحيح. لان العزل منعه من اعلامه. ولانه هو الذي غر الناس بمعاملته. وتضمينه في هذه من حالة قبل علمه من ابعد الاشياء عن الاصول والقواعد الشرعية. والصحيح ان الوكيل اذا باع باقل مما قدره له موكله انه لا ينفذ تصرفه الا بالاجازة. لان الاذن انما حصل على هذه الصفة. كما ان الصحيح ان الوكيل اذا باع او اشترى ترى باكثر من ثمن المثل او باقل من ثمن المثل مع احتياطه واجتهاده لموكله انه غير ضامن. لان الاذن حاصل ولم يحصل منه عدوان وانما حصل منه اغترار مترتب على الاذن فلا يكون ذلك من ضمانه. والصواب ان قبض الوكيل للثمن او للمثمن يرجع فيه الى العرف والعادة. فيعمل على ذلك والله اعلم. والصحيح جواز توكيله في كل وكثير او في شراء ما شاء او عينا بما يشاء. لعدم الدليل على المنع. وقولهم لانه يكثر فيه الغرر والضرر جوابه انه اختار الوكيل اختيارا مطلقا. وفوض اليه جميع التصرفات التي فيها معاوضة وانابه مناب نفسه. فهو وكما لو عدد انواع التصرفات لانه رضي بهذه الحالة واطمأن الى اختيار وكيله ولا يفعل ذلك الا لكمال ثقته به فلا مانع من هذا ولا محذور فيه. بل قد يكون في ذلك مصلحة كبيرة. قوله وان قال اقبض حقي من زيد لم يملك طلبه من وارثه هذا فيه نظر وتفصيل. فان تبين من مراده انه وكله على استحصال حقه بقطع النظر عمن يقبض منه فلا شك انه يملك قبضه من وارثه كما يملك قبضه من وكيل زيد. وان صرح ان قصده انه يقبض من زيد فقط وانه لا يرغب قبضه من وارثه فهذا لا يملكه الا باذن ظاهر. ولكن الظاهر ان مراد الموكلين هو المعنى اول وانه مطابق لقوله اقبض حقي الذي قبله. ومن ابواب الشركة والمضاربة والمساقاة والمزارعة الاجارة والجعالة ونحوها قوله فان كان بدونه لم يصح. مراده انه لا يلزم لا ان ذلك غير جائز. فان بذلك الربح المقابل لما له فلا بأس به. والصواب ان الشركة والمضاربة تصح. ولو كان رأس المال غير النقدين قروبين فانه لا مانع من ذلك والحاجة داعية الى هذا. فكما ان غير النقدين يصح ان يكون ثمنا في البيع ونحوه واجرة في الاجارة ونحوها فيصح ان يكون رأس المال الشركة والمضاربة. مع ان المشاركات اوسع من المعاوضات. والتعليل بانهما قيم المتلفات واثمان البياعات هذا في الغالب والا فقد تكون العروض قيما للمتلفات واثمانا بياعات. فعلى هذا القول الصحيح تقوم وقت العقد باحد النقدين. ويرجع الى هذا التقويم عند المحاسبة. الصحيح انهما اذا اختلفا لمن الجزء المشروط في المضاربة والمساقاة والمزارعة ان القول قول من يشهد له العرف لانه من اقوى البينات. الصحيح ان المساقات والمزارعة عقدان لازمان لدخولهما في الامر بالوفاء بالعقود والعهود ولكون المقصود منهما الكسب والعوض. وليس من عقود التبرعات او من عقود الوكالات. حتى يفسح لاحدهما في قوله ولا يشترط كون البذر والغراس من رب الارض وعليه عمل الناس هذا هو الصواب كما استدل له في في شرحه رحمه الله. الصحيح جواز اجارة الحيوان ليأخذ لبنه. لان الله اباح ذلك واجازه في الظئر والحيوان معنى ذلك ولا مانع من كون المنفعة اعيانا تستخلف شيئا فشيئا. ويكون حالها حال المنافع. فلا دليل على منع ولا يخالف ذلك قاعدة شرعية. الصحيح الرجوع الى العرف فيما على المؤجر والمستأجر. والعرف اصل كبير يرجع اليه في كثير من الشروط والحقوق التي لم تتقدر شرعا ولا لفظا. والصحيح ان الاجارة تنفسخ بكل امر يتعذر فيه استيفاء المنفعة. من موت الراكب ونحوه. ولا فرق بين مسائله في الحقيقة. والصحيح ان جير اذا عمل لغيره عملا بصناعة او حمل شيء ثم تلف ذلك المصنوع او المحمول بغير تفريط وتعد من ان له من الاجر بقدر عمله ولو لم يسلمه الى ربه. لان الاجرة مستحقة بالعمل لا بالتسليم. وبقاء الشيء المؤجر عليه. واذا كان لا يضمنه فما الذي يسقط اجرته؟ وليس من العدل ان يحمل لغيره احمالا ثقيلة من بلاد بعيدة حتى اذا قارب وصولها اخذها قطاع الطريق او سرقت ونحو ذلك ان يضيع عمل الاجير ويخيب ويتلف تعبه وتعب بهائمه مع تلف مال المؤجر. هذا لا تأتي به الشريعة اصلا. وهو قبيح في نظر الناس. وما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن. وما رأوه قبيحا كان عند الله قبيحا. وهذا واضح لا اشكال فيه بوجه ولله الحمد ومسألة الارش في المعيب لا فرق فيه بين الاجارة والبيع. والصحيح ان الاجير غير ضامن. سواء كان خاصا او مشتركا لانه من الامناء الذين لا يضمنون الا بالتعدي او التفريط. ويحمل ما ورد عن علي في تضمينهم اذا كان تعد او تفريط والا فليسوا غاصبين حتى يرتب عليهم الضمان. فالضمان مرتب على اليد والتصرف. فاذا كان اليد يدا عادية رتب عليها الضمان. واذا كان التصرف ممنوعا رتب عليه الضمان. والاجير يده غير عادية وتصرفه غير ممنوع بل مأمور به من جهة المؤجر. الصحيح جواز المسابقة على الخيل. والابل والسهام بعوض. ولو كان متسابقان كل منهما مخرجا للعوض. وانه لا يشترط محلل لانه صلى الله عليه وسلم رخص في المسابقة. واخذ في هذه الثلاثة ولم يشترط المحلل ولو كان شرطا لشرطه. وتعليلهم بقولهم في اشتراط المحلل لاجل ان يخرج عن شبه القمار تعليل فيه نظر فانه لا يشترط ان تخرج عن القمار بل هو قمار جائز. فالقمار كله ممنوع محرم شرعا الا هذه الثلاثة لرجحان مصلحتها واعانتها على الجهاد في سبيل الله. والحديث الذي ذكر فيه محلل ضعفه كثير من الائمة ولم يروا الاحتجاج به. والصحيح انه لا يشترط اتحاد المركوبين في النوع ولا القوسين في النوع بان الاذن في السبق بها يتناول ما كان من نوع واحد. وما اختلفت انواعه. بل الذي يلزم تعيينه الراكب اختلاف المقصود باختلاف الراكبين. الصحيح ان العارية المؤجلة تلزم الى ذلك الاجل. خصوصا اذا اذن في شغله بشيء ان يستضر المستعير اذا رجع فيه فلا رجوع فيه ولا اجرة. الصواب ان العارية لا تضمن الا بالشرط لدخولها في الامانات. ولان اسباب الضمان اما تعد واما تقصير عن الواجب. واما تصرف لم يؤذن له فيه. وهذا في العارية. ولان القاعدة ان ما ترتب على المأذون فانه غير مضمون. واما قول النبي صلى الله عليه وسلم لصفوانه عن ابن امية بل عارية مؤداة فليس معناه انها تضمن اذا اتلفت. وانما معناه ان على المستعير اداءها قوله على اليد ما اخذت حتى تؤديه. الصحيح ان مؤنة الدابة المستعارة على من استعارها. وهذا هو العرف الجاري ويستقبح الناس انه يحسن اليه بإعارة دابة يستعملها او يركبها ويعلفها ثم يرجع على صاحبها بالعدل ومن باب الغصب وغيره اما اذا انتقل المغصوب من حالة الى اخرى كما اذا ابعده او بنى عليه او نجر الخشب او جعل الحديد اواني فانه ظاهر انه بات على ملك المغصوب منه. واما اذا استحال بالكلية بان كانت البيضة فرخا او النوى غرسا او الحب زرعا ونحو ذلك. فان كونه باقيا على ملك صاحبه لا يظهر. بل الظاهر ان ان هذا من نوع الاتلاف. فيضمن الغاصب مثل المغصوب ان امكن والا فالقيمة. والصواب ان الغاصب يضمن نقص المغصوب في حالة كان حتى ولو كان النقص بالسعر. فان نقص السعر وغيره على حد سواء. فان السعر صفة خارجية للعين فتشبه الصفة الداخلية وايضا فلا ينبغي ان يعان الظالم على ظلمه بان يغصب شيئا يساوي مئة فتنقص قيمته لكساد فتصير قيمته خمسين. فكان صاحبه بصدد ان يبيعه بالمئة. فيقال لا يلزم الغاصب شيء من هذا هذا غير صحيح. قولهم والايدي المترتبة على الغاصب كلها ايدي ضمان. وان المغصوب منه له مطالبة من يشاء من الغاصب او من انتقل اليه المغصوب اطلاقه فيه نظر فانه ان اريد انه يأخذ عين ما له الموجود عند من وجده عنده سواء كان الغاصب او من انتقلت اليه فهذا صحيح. وان اريد انه اذا تلف تحت يد من انتقل اليه بشراء او هبة او وديعة او نحوها انه يضمن العين والمنافع لربها وهو لا يدري بانه مغصوب فانه غير صحيح. بل الصواب انه لا يضمن من لا يعلم انه مغصوب. سواء كان مشتريا او متهما او مودعا او انتقلت اليه اجرة او صداقة او عوض خلع او عارية او غيرها. لانه غير متعد ولا ظالم. فكيف يضمن المغرور المخدود الذي فعل ما له فعله شرعا. نعم الغاصب من الغاصب. والعالم بانه مغصوب هذا الذي عليه الضمان صحيح ثبوت الشفعة في ملك من عقار لم تقسم حدوده. وتطرق طرقه. وان الشريكين اذا اشتركا في بئر او طريق او نحوه من حقوق الملك انه تثبت فيه الشفعة. وهذا القول هو الذي تجتمع فيه الادلة. والصحيح ان حق الشفعة كغيره من الحقوق. لا يسقط الا بما يدل على الرضا باسقاطه. لان الشارع اثبته لدفع الضرر عن الشريك في العقار فلا يسقط ما اثبته الشارع الا بما يدل على اسقاطه من قول او فعل دال على الرضا بالاسقاط. واي فرق بين وبين سائر الحقوق. واما الاحاديث التي استدل بها اصحابنا رحمهم الله كالحديث الذي فيه الشفعة كحل العقال والاخر الشفعة لمن واثبها. فلا يثبت بها حكم شرعي. لانها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. فلا ينبغي الاحتجاج بها خصوصا لهدم حكم اثبته الشارع. وقد لا يبادر من له حق الشفعة لينظر في امره ويتروى فمعالجته في هذه الحال مخالفة لما اثبته الشارع له من الرفق. والله اعلم قوله ولا شفعة بشركة وقف وقيل تثبت الشفعة بذلك فيأخذه المستحقون للوقف او لانفسهم فان كان اصلح للوقف ولم يحصل بذلك عليه ولا على المستحقين ضرر اخذه الولي للوقف. وان لم يكن اصلح واحب المستحقون لريع الوقف اخذه على ملكهم فلهم ذلك. وهذا القول اولى. وحاجة اهل الوقف الى دفع الضرر عنهم اشد من حاجة غيرهم. لان غيرهم يتمكن من نقل الملك لغيره. وهؤلاء لا يتمكنون فكيف تثبت الشفعة لغيرهم ولا تثبت لهم؟ ولان الوقف يدخل في العموم والمعنوي فما الذي يخرجه؟ والتعليل بكونه لا يؤخذ بالشفعة وان مستحقه غير تام الملك لا يضر ولا يفرق التفريق المؤثر. وتقدم ان الصحيح ان الشفعة لا تسقط بموت من له اخذها. وان ورثته يقومون فيها مقامه قوله فان قال المشتري اشتريته بالف اخذه الشفيع به ولو اثبت البائع ان البيع باكثر من الف مؤاخذة للمشتري باقراره فان قال غلطت او كذبت او نسيت لم يقبل. لانه رجوع عن اقراره فيه نظر ظاهر فان هذا الاقرار تبين انه غلط بالبينة العادلة. وانما الذي لا يقبل رجوعه عن اقراره بحق الغير. اذا كان الحق ليس فيه مجرد الاقرار. قوله وان حدث خوف او سفر رد الوديعة الى ربها هذا اذا لم يدل الدليل على عنده فيتبع العرف في ذلك وقرائن الاحوال. قوله وان اخذ درهما من غير محرزه. ثم رده فضاع الكل ومنه وحده. وان رد بدنه غير متميز ضمن الجميع. لا يبين الفرق بين الصورتين. ولا يظهر ايجاب الضمان عليه في الجميع. بل الظاهر انه لا يضمن الا ما حصل فيه التعدي. وهو الدرهم وحده. سواء رده متميزا ام لا والصحيح ان فسخ الجعالة اذا كان من الجاعل كان للعامل حصته من المسمى لا من اجرة المثل انه لا يوجد من العمال من لا يعمل الا اذا كان المسمى اكثر من اجرة المثل. فدخل على هذا وصار شرطا وطهوا له الجاعل. فان اتمه استحقه كله. والا استحق قسط المسمى سواء وافق اجرة المثل او اقل او اكثر ومن كتاب الوقف والهبة اشترط الفقهاء رحمهم الله ان الوقف لابد ان يكون على جهة بر وقربة يدل على ان الوقف على بعض الورثة دون بعض يحرم ولا ينفذ وهو الصواب. وهو خلاف قول بعضهم في الوصية انه اذا وقف ثلث ما له على بعض ورثته انه نافذ جائز وهذا من باب الاغلاط المحضة التي لا وجه لها لانها مخالفة للشرع من كل وجه. واذا كان الوقف شرطه القربة باتفاق الفقهاء. فالوقف ممن عليه ديون يضر بها غير نافذ. ولو كان لم يحجر عليه خصوصا اذا ظهر من قرائن احواله ان قصده بوقفها تحجيرها عن غرمائه فهذا النوع لا يمكن احدا من الفقهاء المعتبرين ان يجيزه وينفذه لكونه ظلما متكررا وغدرا ظاهرة قوله فلا يصح على مجهول كرجل ومسجد ولا على احد هذين ولا على عبد ومبعد فيه فانه لا مانع من ذلك فانه اذا علم ان قصده رجل من رجال المسلمين او مسجد من مساجدهم فانه يصرفه الناظر الى من يراه اصلح من الرجال والمساجد. وكذلك الوقف على الارقاء شبيه بمسألة الهبة لهم ولان قاعدة الفرائض ان من لا يرث لا يحجب لا حرمانا ولا نقصانا. لان الحكمة في تنقيصهم للام لاجل بان يتوفر عليهم فاذا لم يكونوا وارثين لم يكونوا حاجبين والله اعلم. والصحيح ان كل جدة ادلت بجدة والرقيق يهدى له ويتصدق عليه. ويكون ذلك ايضا اعانة لسيده عليه. فالصواب صحة الوقف المذكور وهو الموافق للاصول الشرعية. قولهم في مصر في الوقف المنقطع انه يرجع الى اقارب الموقف الوارثين بقدر ارثهم والرواية الاخرى انه يصرف على الفقراء والمساكين. فان كان في اقاربه من هو كذلك كانوا احق من غيرهم وهذا هو الذي يغلب على مقاصد الموقفين للاوقاف الشرعية. واعلم ان كلام الفقهاء رحمهم الله في مسائل الوقت على الاولاد واحد الورثة من قولهم يقدم كذا او يقدم كذا انما ذلك كلام مطلق راجع الى معاني الفاضي الواقفين. ولكنه محمول على المقيد في الشرع. وفي كلام الفقهاء من انه لا يحل لاحد ان يوقف وقت يتضمن المحرم والظلم بان يكون وقفه مشتملا على تخصيص احد الورثة دون الاخرين او على حرمان من لهم حق وهذا القيد يتعين لان الله امر بالتعاون على البر والتقوى ونهى عن الظلم ونهى عن الظلم وامر العدل فكل ما خالف هذا فانه مردود على صاحبه. غير نافذ التصرف. فان العبد ليس له ان يتصرف في ماله بمقتضى شهوته النفسية وهواه. بل عليه الا يخالف الشرع ولا يخرج عن العدل. وان فعل ذلك كان ذلك باطلا بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. ومن هنا تعرف معنى قولهم ان وجدت قرينة تقتضي ارادة الاناث او حرمانهن عمل بها. وكذلك معنى قولهم ان وقف الثلث على بعض الورثة صحيح وغير ذلك مما هو ملحوظ فيه مجرد اللفظ. والصواب انه يغتفر في ابواب التبرعات ما لا يغتفر في ابواب المعاوضات بوجود الفرق بين الامرين. فعلى هذا يصح هبة المجهول. سواء تعذر علمه او لم يتعذر لانه بذل ذلك لا في مقابلة عوض على ما هو عليه. فلا مانع من صحته ونفوذه. قوله في ابراء مدينه من دينه ونحوه مما هو في الذمة. انه يسقط ولو لم يرضى من عليه الحق. فتعليلهم بانه فيسقط سواء رضي او كره. وانه لا يفتقر الى القبول. فيه نظر ظاهر. فان الانسان لا يجبر ان يكون تحت منة غيره ولا فرق في هذا الباب بين هبة الاعيان وهبة الاوصاف والديون. والصحيح ان تصرف الاب في مال ولده الذي يصح تملكه له صحيح. لانه متضمن للتملك. وقولهم في تعليل المنع ان ملك الابن عليه تام ولو كان للغير او مشتركا لم يجز تعليل غير صحيح ينافيه قوله صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك فانه يقبضه ثم يتصرف فيه. وانما المراد ان الاب في مال الولد حكمه حكم ولده. يأخذ ويبيع ويفعل كل ما لا يضر الولد. قوله فان وصى لحي وميت يعلم موته فالكل للحي. الصحيح القول الاخر ان الحي له النصف فقط كجهل موته. لانه كيف يتملك شيئا او يكون له شيء لم يملك اياه. قوله وتصح الوصية بكلب صيد وزيت متنجس وله ثلثهما ولو كثر المال ان لم تجز الورثة هذا غير صحيح. فالصواب ان له الكلب كله والزيت المتنجس كله الا ان كان قد اوصى بثلث ما له ثم اوصى بهذه زيادة على الثلث. فانه يفتقر الى اجازة باقي الورثة. وكيف لا يكون له جميع ذلك؟ وهو صاحب اموال عظيمة يوصي بغير الكلب المذكور والزيت. وتعليلهم ذلك بانه لابد من سلامة ثلثي التركة للورثة. وليس من شيء من جنس الموصى به غير ظاهر. فانه ناقص عن الاموال التي تتمول. فكيف يصحح الوصية بالمال كثير المتمول ولا يصحح الوصية بالمال الناقص. الذي لا يتمول حتى يكون له مقابل من جنسه. وهذا واضح ولله الحمد. ومن كتاب الفرائض. والصواب ان الجد لاب وان علا يحجب الاخوة مطلقا. لان الله سماه ابا. ولانه قائم بالاتفاق مقام الاب في غير ما استثني. ولان بني الاخوة بالاتفاق لا يرثون مع الاعلى ولان الله تعالى ورث الاخوة في الكلالة. وهي من لا ولد له ولا والد. فالوالد يشمل الاب والجد فليس للاخوة ميراث معهم. ولان المورثين للاخوة مع الجد ليس معهم في ذلك دليل. وهم مختلفون في كيفية في ارثهم اختلافا كثيرا. ومسائلهم معه غير منضبطة على القواعد الشرعية. فدل ذلك على ضعف القول بتوريث اخوتي مع الجد والله اعلم. والصحيح ان الاخوة المحجوبين لا يحجبون الام عن الثلث. لان قوله تعالى فان كان له اخوة المراد بهم الوارثون فكما لا يدخل فيهم المحجوب بوصف لا يدخل المحجوب بشخص لوارث انها ترث. ولا ينافي ذلك الحديث الذي رواه النخعي. انه صلى الله عليه وسلم ورث ثلاث واحدة من قبل الام واثنتين من قبل الاب لان هذا اخبار بالصورة الواقعة. ولا فرق بين ام الجد وام جد الاب وما فوقها لاستواء الجميع بالادلاء بالوارث. والصحيح انه يرد على الزوجين كغيرهما من اهل لعدم الدليل البين على ان الرد مخصوص بغير الزوجين. واما قوله تعالى واولو الارحام بعضهم اولى ببعض فانه كما لا يدل على انهم الوارثون بالفرض دون الزوجين فلا يدل على انهم المخصوصون بالرد. ويدل على كذلك ان العول الذي هو ضد الرد يتناول جميع اهل الفروض. الزوجين وغيرهم. وحالة الرد نظير حالة العول وايضا المعنى في العول والرد معنى واحد. فالعول اذا تزاحمت فيه الفروض ولم يمكن ان يكمل لكل واحد فرضه فان المسائل تعول. فالعول اذا تزاحمت الفروض ولم يمكن ان يكمل لكل واحد فرضه. فان المسائل تعوض وتنقص الفروض بمقدار الحصص. والرد اذا قلت الفروض وبقي بقية لا وارث لها الا اهل الفروض ان لم يكن عصبة فانها ترد عليهم بقدر فروضهم. وهذا واضح ولله الحمد. والصحيح ان المفقود ينتظر حتى يغلب على الظن انه غير موجود. وانه لا يحدد بتسعين سنة ولا غيرها. لعدم الدليل على التحديد. ولان قاعدة الشرعية انه متى تعذر الوصول الى اليقين رجع الى غلبة الظن في كل مسائل الدين. رجع الى غلبة الظن في كل مسائل الدين. ولان التحديد كما انه غير منقول فانه غير معقول. فانه على القول به اذا فقد من من ظاهر غيبته السلامة وكان له عشرون سنة انتظر سبعين سنة. فان كان له تسع وثمانون سنة انتظر وسنة واحدة وهذا ظاهر الفساد. ولكن تحد المسألة كنظائرها بان يجتهد الحاكم واهل الخبرة في تقدير مدة للانتظار ويختلف ذلك باختلاف الاوقات والبلدان والاشخاص. هذا الذي تطمئن اليه النفس والقلب الصحيح انه اذا مات متوارثان وجهل السابق منهما بالموت انهما لا يتوارثان. سواء حصل اختلاف بين ورثة كل منهما ام لا. لان شرط الارث تحقق حياة الوارث بعد موت مورثه. او الحاقه بالاحياء كالمفقود وهنا هذا الشرط مفقود يوضحه ان الله تعالى ذكر في المواريث ان الحي له كذا وكذا مما ترك الميت وهذه الصورة لا تدخل تحت ذلك. ولان الاصل عدم استحقاق الانسان لما لغيره حتى يعلم السبب الذي استحق به. والاثار في هذا الباب عن الصحابة رضي الله عنهم مختلفة. فوجب الرجوع الى الاصول الشرعية والالفاظ القرآنية. الصحيح ان المنافق الذي يظهر الاسلام ويبطن الكفر. ولو ظهر ذلك منه انه يتوارث هو وقرابته المسلمون. كما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم تجري عليهم احكام الاسلام الظاهرة. ويتوارثون مع قراباتهم المسلمين ولان الحكم انما هو في الدنيا على الظواهر. واما احكام الاخرة فانها على البواطن. ومن باب النكاح وتوابعه. الصحيح انه اذا علم ان غيره قد خطب لا يحل له ان يخطب حتى يأذن الخاطب او يرد. واما اذا فجهل الحال او استأذنه فسكت فانه لا يجوز له الخطبة في هذه الحال. لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى يخطب الرجل على خطبة اخيه حتى ينكح او يترك. والنهي يدخل فيه اذا جهل الحال. واذا استأذنه فسكت لان السكوت ليس بترك. وقد تقدم ان الصحيح صحة العقود بكل لفظ دل عليها. سواء كانت بيعا او ايجارة او هبة او نكاحا او رجعة او غير ذلك. فعلى هذا ينعقد النكاح بكل قول دل عليه وفهمه المتعاقدان ولم التبس عليهما وسواء كان بلفظ العربية او غيرها للقادر على العربية غير القادر كما تقدم الدليل على ذلك والصحيح ان الاب ليس له اجبار ابنته البالغة العاقلة على نكاح من لا ترضاه. لقوله صلى الله عليه وسلم تنكح الايم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن. الحديث متفق عليه وهذا عام للاب وغيره وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان جارية بكرا اتت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكرت ان اباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو الاعتبار فان الاب اذا كان لا يجبرها على بيع شيء من ماله فكيف يجبرها على بضعها الذي ضرر كراهتها اعظم من ضرر المال بكثير. والصواب المقطوع به ان العدالة ليست شرطا في الولي فيزوج فيزوج الولي الفاسق موليته. كما هو المعمول به في سائر الاوقات. ولم الشارع العدالة في ولاية النكاح. واما قولهم لانها ولاية نظرية. فلا يستبد بها الفاسق. فان ذلك في ولايات الاموال ونحوها. مما تدخله المطامع والتهم واما ولي النكاح فقل ان يوجد من لا يختار لموليته اصلح ما يقدر عليه. ولو كان من افسق الناس. وايضا ولاية النكاح بمنزلة باقي التصرفات التي تنعقد من العدل والفاسق. والله اعلم. والصحيح ان كون الزوج والزوج عفيفا عن الزنا وعفيفة عنه شرط في صحة النكاح. فلا يصح انكاح المعروف بالزنا حتى يتوب كما لا يصح نكاح الزانية حتى تتوب. كما قال تعالى الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة. والزانية لا ينكحها الا زان او مشرك. وحرم ذلك على المؤمنين. وكما قال تعالى بعدما احل المحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم فقال محصنين غير مسافحين ولا متخذي اخدان ان الزنا من احد الزوجين يفسد الفراش ويذهب مقصود النكاح ويحصل فيه من المفاسد والمضار ما يوجب اشتراط العفة والله اعلم. والصواب ان تحريم المصاهرة لا يثبت الا بالنكاح لا بالزنا والسفاح. لانه لا في لفظه ولا معناه ولا يمكن قياسه عليه بوجه انه لا يسقط خيار المعتقة تحت عبد الا باسقاط او بتمكينها مع العلم لانه حق لها ثابت لا يسقطه الا الرضا باسقاطه. ومع تمكينها مع الجهل ليس برضا قولهم ولا يثبت الفسخ بغير العيوب المذكورة كخرس وطرش وقطع يد او رجل او عضو فيه ظاهر بل الصحيح ما قاله صاحب الهدي ان النكاح يفسخ بجميع العيوب كسائر العقود. ولان الاصل السلامة فكان عدم هذه مشروطا في العقد والله اعلم. والذي يقتضيه الدليل انه اذا اسلم احد الزوجين وتأخر اسلام اخر فان اسلم المتخلف في العدة فهما على نكاحهما. وان انقضت العدة جاز للزوجة ان تتزوج. فان لم تزوج واسلم الزوج بعد ذلك وارادها واختارته ردت اليه بغير نكاح. قوله وان تزوجها على الف لها الف لابيها صحت التسمية. فلو طلق قبل الدخول وبعد القبض رجع عليها بالالف دون ابيها. وكذلك اذا شرط له وقبضه الاب ثم طلق بعد الدخول رجع عليها بقدر نصفه. الصحيح الوجه الثاني وهو انه يرجع بالصداقة او نصفه على من قبضه. سواء كان الاب او الزوجة. والصحيح ان الذي بيده عقدة النكاح هو الاب الذي له تملك من مال ولده والعفو عنه. وهو ظاهر الاية فان الخطاب للازواج بقوله وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم. اي لهن او فاعطوهن نصف ما فرضتم الا ان يحصل احد الامرين اما عفوها او عفو وليها الذي بيده عقدة النكاح. فان حصل احدهما فلا يجب عليكم ايها الازواج شيء. ولان العطف يدل على هذا المعنى. ولانه لو اراد ان الذي بيده عقدة النكاح الزوج لقال الا ان يعفون او تعفو عن جميع ما فرضتم او نحو ذلك كما هو ظاهر واضح ولله الحمد فقال الا ان يعفون او تعفوا عن جميع ما فرضتم او نحو ذلك كما هو ظاهر واضح ولله الحمد والصحيح انه لا يصح تفويض البضع بان يزوجه بشرط عدم المهر. وان المهر شرط في النكاح. لا يخلو النكاح منه ان كان مسمى وجب المسمى وان كان مسكوتا عنه وجب مهر المثل. وان كان مشروطا نفيه فالنكاح باطل. كما دل على ذلك الايات والاحاديث الكثيرة المتنوعة. ولو كان لاحد رخصة ان يتزوج من دون مهر لاسقطه صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي قال له التمس ولو خاتما من حديد. فلم يجد فزوجه على ما معه من القرآن صواب ان الوطء المحرم كالزنا لا يوجب المهر ولا يجب به عوض. وانما يضمن ما ترتب عليه من الاتلاف لانه صلى الله عليه وسلم نهى عن مهر البغي. ولانه مال في مقابلة محرم. فلم يكن حلالا بل هو سحت محرم قولهم او سلمت نفسها تبرعا فليس لها منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال. فيه نظر ظاهر بل الصواب ان لها منع نفسها حتى تقبض الصداقة الحال. سواء امتنعت او لا او سلمت نفسها على انه سيقبضها ثم امتنع من اقباضها كسائر العقود التي فيها عوض ولا فرق في الحقيقة بين النكاح وغيره. بل النكاح اقوى من سائر في وجوب المال فيه والشروط. فقولهم في تعليل ما قالوا لرضاها بالتسليم تعليل غير وجيه. فان انها لم ترضى بالتسليم مطلقا. وانما رضيت بحسب انه سيقبضها صداقها. فلما لم يقبضها كان لها الامتناع الله اعلم. والصواب انه تجب معاشرة كل من الزوجين للاخر بالمعروف. وان الطبخ والخبز وخدمة الدار نحو ذلك واجب عليها مع جريان العادة بذلك. لان هذا هو المعاشرة المعروفة. التي كانها مشروطة في العقد وكذلك الوطء وغيره يجب بالمعروف. ولا يتقدر ذلك بثلث سنة ولا غيرها. وكما ان الطعام والكسوة والمسكن يرجع فيه الى العرف. فكذلك الخدمة والوطء وغيرهما. الجميع داخل في قوله تعالى وعاشروهن بالمعروف وقوله صلى الله عليه وسلم ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. قوله ويكره الوطأ بمرأى احد او مسمعه والتحدث بما جرى بينهما الصحيح ان ذلك يحرم للنهي الشديد في ذلك. ولما يترتب عليه من المفاسد. والصحيح ان الخلع لا يحسب من الطلاق. ولو كان بلفظ الطلاق ونيته. لان الله تعالى جعل الافتداء جاء غير الطلاق وذلك عام. سواء كان بلفظه الخاص او بلفظ اخر. ولان العبرة بالمقصود والمعاني لا بالالفاظ والمباني. والصواب ان للاب خلع ابنته بشيء من مالها. اذا رأى في ذلك مصلحة لها. لان في الاب من الشفقة وله من الحق وجواز التملك والاخذ من مال ولده. ما يوجب ان يكون له الحق الاكبر في ذلك وفي غيره. والصحيح ان ولو بمحرم لا يقع طلاقه. كما لا تقع عقوده. فعباداته لاغية وعقوده لاغية. وكذلك اقراره وعلى الصحيح وطلاقه. ولان الشارع لم يعاقبه على المسكر بغير الحد. ولان القول بوقوع الطلاق يوجب عقوبة من لم يذنب وهي الزوجة ولان شرط الطلاق قصده والسكران لا قصد له. ورجح الشيخ تقي الدين ابن تيمية ان الطلاق لا يقع الا واحدة بجميع الفاظ الطلاق. ولو صرح بلفظ الثلاث او البينونة او البتة او غيرها وانه لا تقع الثانية الا بعد رجعة صحيحة. ونصر هذا القول بوجوه كثيرة جدا. من وقف على كلامه فيها لم يسعه مخالفة هذا القول لقوته ورجحانه وكثرة ادلته وضعف ما قابله. وكذلك رجح رحمه الله الله تعالى ان يمين الطلاق كسائر الايمان تدخلها الكفارة ولا تكون بمنزلة الطلاق المعلق تعليقا محضا وذكر الادلة الكثيرة من الكتاب والسنة. والاعتبار على هذا القول وانه داخل في عموم الايمان التي جعل الله لها مستحلة واطال الكلام في ذلك جدا. وانه القول الموافق للاصول الشرعية والمعاني الفقهية والالفاظ النبوية والله تعالى وانه القول الموافق للاصول الشرعية والمعاني الفقهية والالفاظ النبوية. والله تعالى اعلم. والصحيح انه اذا فعل المحلوف عليه ناسيا او جاهلا لم يحنث. لا في طلاق ولا عتاق ولا غيرهما. لان الله تعالى رفع المؤاخذة عن الناس والمخطئ من دون استثناء. ولانه لا فرق بين اليمين بالله والحلف بالطلاق والعتاق وغير لان المغلب في ذلك حق الله تعالى. والصحيح ان الرجعة لا تحصل بمجرد الوطء حتى ينويه رجعة لان الرجعة حقيقتها ترجيع زوجته المطلقة الى ما كانت عليه قبل ذلك. وهذا لا يحصل بمجرد الوطء. والصحيح ان الايلاء ينعقد باليمين بالله وبالطلاق والعتق وغير ذلك. مما يعد حنفا لعموم قوله تعالى للذين من نسائهم. الصحيح ان المرأة اذا ظاهرت من زوجها ليس عليها في الحنث الا كفارة يمين. لان الله تعالى جعل الظهار وكفارته صادرة من الرجل على المرأة. واما العكس فكما لا يسمى ظهارا فليس فيه كفارته الخاصة ولا يصح قياس المرأة في هذا الموضع على الرجل لوجود الفوارق الكثيرة بينها وبينه. قوله في الكفارة ان غد المساكين او عشاهم لم يجزه لعدم تمليكهم. فيه نظر بل الصحيح ان ذلك يجزيه. لم يجزي لعدم تمليكهم فيه نظر بل الصحيح ان ذلك يجزيه وانه داخل في قوله تعالى فكفارته اطعام وعشرة مساكين. الاية وفي قوله فاطعام ستين مسكينا. وهذا هو الاطعام الذي يعرفه العرب. واما الطعام فنهاية الامر انه ملحق به. والله اعلم. قوله وان علمت ما رفعه من رضاع او ارضاع او نحوه فلا تزال في عدة حتى يعود. فتعتد به او تبلغ سن الاياس. فتعتد عدة ايسة. هذا فيه نظر. فانه اذا غلب على الظن انه يعود كما اذا ارتفع عن المرضع مدة الرضاع فانه يغلب على الظن انه يعود بعد الرضاع صحيح ان الموطوءة بشبهة والزانية ونحوهن لا تعتد بعدة زواج بل تستبرئ استبراء الاماء بحيضة واحدة لعدم دخولهن في نصوص عدة الزوجات. ولعدم صحة قياس السفاح على النكاح. ولان للزواج عدة معان في حكمة العدة بخلاف الموطوءة وطئا محرما. انه ليس القصد الا معرفة براءة رحمها. وذلك حاصل بحيضة واحدة والصحيح انه لا يجوز للمرأة الحادة لبس الابيض الحسن. كالابريسم ونحوه. وقول المجوزين ان حسنه من اصل خلقة فرق غير مؤثر. فالتأثير انما هو الفرق بين اللباس الذي يدعو اليها ويرغب فيها. وبينما ليس كذلك ذلك من لباس المهنة. واما الالوان فلا عبرة بها. الصحيح ان الرضعة لا تسمى رضعة بمجرد اطلاق الرادع للثدي او انتقاله الى ثدي اخر بل لابد من رضعة كاملة. لان هذا هو المتبادر شرعا ولغة وعرفا. ومن كتاب النفقات وغيرها. الصحيح انها لا تسقط نفقة الزوجة عن زوجها الا بنشوزها. ومعصيتها اياه. واما حبسها وسفرها الواجب او المباح باذنه فلا يسقط نفقتها. لان الاصل وجوبها ولا مسقط لها وليست في مقابلة للاستمتاع فقط فانها تجب للمريضة ولو لم يكن استمتاعه بها. وكذلك النفساء ونحوها. واذا اختلف الزوج والزوجة النفقة فالصحيح ان القول قول الزوج اذا شهد له العرف والعادة بذلك لانه وان كان الاصل وجوب النفقة عليه انه يعارض هذا اصول اخر وظواهر كثيرة. فان الاصل ان نفقتها انما كانت من زوجها. والظاهر الذي الجزمة في كثير من ذلك يصدق قوله. فالصحيح انه يملك اجبار زوجته على رضاع ولدها بلا اجرة ما دامت في باله لان هذا هو العرف فيجب الرجوع اليه. ولان الله تعالى لم يوجب على الزوج لزوجته التي ترضع ولده غير النفقة والكسوة والله اعلم. والصحيح في مسألة الحضانة ان الترتيب الذي ذكره الاصحاب فيها وان اعتبرناه فانما ذلك اذا لم تتحقق مصلحة الطفل بغيره. فان تحققت وكان المؤخر اصلح لها او المقدم اضر عليه كان الواجب اتباع مصلحة الطفل. ويدل على هذا ان هذا الباب كله مقصوده القيام بمصالح المحضون ودفع مضاره فمع الاشتباه يقدم من كان مظنة حصول ذلك ومع التحقق يرجع الى الاصل المذكور. فالصحيح وجوب النفقة لكل لزوجة غير ناشز حتى الصغيرة والمسافرة لحاجتها باذنه ونحوهما. لان الاصل وجوب النفقة لكل زوجة كما تجب بقية احكام الزوجية. ولا نسلم ان النفقة علتها ان كان التمكين فقط. بل العلة الاصيلة كونها زوجة غير ناشز ويؤيد هذا وجوب النفقة على الزوج الصغير. وللزوجة المريضة والحائض والمحرمة ونحوهن مع ان التمكين من الوطء غير ممكن حسا او شرعا والله اعلم. وهذا احد القولين في مذهب الامام احمد والشافعي رضي الله عنهما. والصحيح ان للزوجة منع نفسها من زوجها لقبض صداقها. سواء مكنت قبل ذلك ام لا. سواء كان كان حالا او مؤجلا وحل. والزوج موسر به. لان هذا هو الاصل الثابت في جميع العقود والمعاوضات. ان احد المتعاونين اذا منع العوض فللآخر منع المعوض كالبيع والاجارة ونحوهما. ولان التعليل بقولهم لوجود تمكين الذي هو استيفاء للمعقود عليه. فانه لم يستوف الا ما مضى. واما ما يستقبل فانه الى الان لم يستوفه واما رضاها فانها لم ترضى ببقاء المهر في ذمة الزوج. وانما سلمت نفسها احسانا للظن بزوجها انه لا يمنعها فاذا ظهر خلاف ما ظنت ملكت الامتناع حتى تقبض الصداق والله اعلم. فالصحيح الرواية الاخرى عن احمد ان المرأة لا تملك الفسخ لعسرة زوجها. الا اذا وجد منه غرور لها. لان الله يقول لينفق ذو سعد من سعته. ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله. لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها فلم يجعل لزوجة المعسر الفسخ. وايضا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جواز الفسخ لاعساره. والله اعلم واختار شيخ الاسلام وجوب النفقة للاقارب ولو كان وارثا لهم يرحم. لان الله اطلق في قوله وعلى الوارث ذلك مع ان الحاجة للنفقة في الغالب اشد من الحاجة الى الارث والله اعلم. ولم يتحرر لي في الحضانة في تقديم بعض النساء على بعض ضابط تطمئن اليه النفس. الا انه يراعى مصلحة المحضون. وان من تحققت فيه واولى من غيره. وان كان ابعد ممن لا يقوم بالواجب. وهذا مراد الاصحاب بقولهم ولا يقر المحضون بيد من لا يصون ويصلحه لان كل ولاية انما يستحقها من كان اعظم يا من بالمقصود منها وكذلك الصحيح ما رجحه ابن القيم في الهدي ان الرقيق والفاسق وكذلك المزوجة خصوصا اذا رضي زوجها لهم الحضانة وانه لا يسقط حقهم منها لعدم الدليل المسقط لحقهم ولتمام مصلحة ولوجود هذه الامور في الصدر الاول. وانه لم ينقل ان اما عزلت عن حضانة اولادها لرقها او فسقها من كتاب الجنايات الصحيح ان الضابط الذي ذكره اصحابنا في قتل العمد العدوان انه القتل بما يغلب على الظن موته به انه مضطرد على عمومه لا يستثنى منه شيء. حتى ولو غرزه بابرة او شوكة في غير مقتل فخرج دم كان من شبه العمد لعدم الدليل على اخراج هذه الصورة من العموم. ولمشاركتها لسائر انواع شبه العمد الصحيح الرواية الاخرى عن الامام احمد انه كما يجب القصاص على شريك الاب وشريك الحر في قتل القن وشريك المسلم في قتل الكافر فكذلك يجب على شريك المخطئ والمقتص فغير المكلف والسبع لوجود القتل العمد العدوان ولعدم المسقط والصحيح الرواية الاخرى عن احمد التي اختارها شيخ الاسلام انه يفعل بالجاني كما فعل كما رد النبي صلى الله عليه وسلم رأس اليهودي الذي رد رأس الجارية بين حجرين. وكما اجاز الله ان يعاقب الجاني مثل ما عاقب به وفيه من تمام الردع ما هو من حكمة الشارع. قوله الا ان يكون الجرح اعظم من الموضحة فله وان يقتص موضحه وله ارش الزائد. هذا قول ابن حامد وقول ابي بكر انه يخير بين ان يقتص موضحه وقول ابي بكر انه يخير بين ان يقتص موضحه ولا يأخذ ارشا زائدا او يأخذ الدية اقرب الى الصواب. لانهم قد ذكروا انه اذا قطع الاشل طرف الصحيح فله ان يأخذ الدية او يقتص بلا ارش. واذا فقطع الجاني ممنكبه وخيف الجائفة فله ان يقتص من المرفق بلا شيء. فالظاهر انه لا فرق بين الامرين والله اعلم قوله في باب الديات فقال في المغني والشرح او بال دابته في الطريق ويده عليها لزمته ديته. وقال في المغني والشرح وصاحب الفروع وقياس المذهب لا يضمنه وصوبه في الانصاف. وهذا هو الظاهر لانه لم يتعدى بذلك والطريق المشترك له فيها حق. ولم تزل دواب المسلمين تبول في اسواقهم وطرقهم. ولا يعدون ذلك تعديا والله اعلم. والصحيح الرواية الاخرى عن الامام احمد ان الاصل في الديات الابل والباقيات ابدال عنها ويدل على ذلك امور منها رفع عمر دية الفضة في زمانه لما رخصت. ولم ينكر عليه احد من الصحابة ومنها ان التغليظ والتخفيف خاص في الابل. ومنها النديات الاعضاء والشجاج والغرة كل مقدر بالابل. فلو كان غيرها اصلا لثبتت فيه هذه الاشياء والله اعلم. وعن احمد في قطع اعضاء عبد او جراحه ما نقص من قيمته مطلقا. اختارها الموفق والشارح والشيخ تقي الدين. وغيرهم وهي الصحيحة لانه لا نص في الحاقه بالحر بالنسبة الى القيمة. ولان ديته في نفسه قيمته. فكذلك ما دون النفس لانه من جملة الاموال التي يعتاد عنها وتضمن بالاتلاف. فوجبت القيمة في النفس وما نقص منها فيما دونها والله اعلم. وعنه لا كفارة على قاتل نفسه مطلقا. ورجحه الموفق لان سياق اية الكفارة في قتل غيره ولقوله تعالى ودية مسلمة الى اهله. ولا تجب عليه الدية في قتل نفسه. ولقصة عامر بن الاكوع حين رجع اليه ذباب سيفه فقتله ولم يأمر فيه بكفارة. ومن كتاب الحدود وغيرها. الصحيح ان يؤخر للمرض الذي يرجى برؤه. كذلك للحر والبرد الذي يخاف منه التلف. لتأخير النبي صلى الله عليه وسلم الحد النفساء بعد الولادة. ولان المقصود التأديب لا اتلافه. ولان المقصود التأديب لا اتلافه. وقد امكن ان باصوات معتادة يحصل بها النكاية له ولغيره. الصحيح انها تحد اذا حملت من لا زوج لها ولا سيد. اذا لم تدع اي وتدل القرينة على ذلك وهي احدى الروايتين اختارها شيخ الاسلام رحمه الله كما دلت عليه خطبة ابو عمر بمحضر الصحابة رضي الله عنهم اجمعين. وفي عدم حد من وطأ ميتة النظر. فان وطأها اشنع من وطأ الحية شرعا وعقلا وطبعا حتى روي عن الامام احمد انه يحد حدين وذلك لتناهي قبحه وشناعته وفحشه وعن احمد لا يشترط ان يأتي الشهود الاربعة في الزنا في مجلس واحد. بل لو جاءوا في مجالس لم ترد شهادتهم الاقرار كذلك لو شهد اثنان انه وطئها في بيت واخران انه وطئها في يوم اخر او بيت اخر لانه لا الدليل على اشتراط المذكورات. والشهادة المذكورة لا يناقض بعضها بعضا. ولا تعارض فيها. بل في الاخيرتين لم يزد الامر الا شدة. الصحيح ان حد القذف لله تعالى فلا يسقط بعفو المقذوف لعموم الاية الكريمة. وهي والذي يرمون المحصنات ولعموم المصلحة في اقامته. فاختيار شيخ الاسلام في حد الخمر ان ما زاد على الاربعين ليس بواجب على الاطلاق ولا ممنوع على الاطلاق بل يكون راجعا للمصلحة. وعلى هذا القول تدل قضايا الصحابة رضي الله عنهم قوله ويحرم العصير اذا اتت عليه ثلاثة ايام ولو لم يسكر. هذا من مفردات المذهب وقول الجمهور اصح وهو انه لا يحرم حتى يغلي. ولكنه يكره اذا مضت عليه ثلاثة ايام على وجه الاحتياط كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يطعمه الخادم ونحوه. والصحيح جواز حد التعزير على عشر جلدات بحسب المصلحة والزجر والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم لا يجلد احد فوق عشر جلدات الا في حد من حدود الله ان الحد المراد به المعصية. وان الذي لا يزيد على ذلك تأديب الصغير والزوجة والخادم ونحوهم من غير المعصية والصحيح انه يقطع بسرقة العبد الكبير كما هو احد الوجهين في المذهب للعمومات وعدم المخصص وعدم ما يدل على سقوط القطع. والصحيح ايضا انه يقطع بسرقة الحر الصغير اذا كان عليه حلي او غيره اذا كان عليه حلي او غيره يبلغ نصابا للعموم ولعدم المسقط. فقولهم انه تابع لا يدل على السقوط بل قال بعض الاصحاب انه يقطع بسرقة الحر الصغير. ولو لم يكن عليه حلي وما ذلك ببعيد. قولهم اذا اذا دخل الحرز فذبح فيه شاة وقيمتها نصاب فنقصت بذبحه. ثم اخرجها فلا قطع عليه. فيه نظر ظاهر ومن العجيب قول صاحب الانصاف بلا نزاع اعلمه. والله اعلم. قولهم اذا ادعى السارق ان المسروق ملكه او اذن له فيه لم يقطع. وعنه انه يقطع بحالف المسروق منه. وهو الصواب بلا ريب. ولا يخفى ما يتضمنه القول الاول من فتح باب الشر ومناقضته للردع والزجر. والصحيح القول الذي جرى عليه صاحب المختصر في اضعاف ما في القيمة على كل من سرق من غير حرز. ولا فرق بين صوره. وقولهم ثبت في الاربعة على غير القياس غير بل هو مقتضى القاعدة الشرعية وهي انه من سقطت عنه العقوبة لمانع اضعف عليه الغرم كما في نظائره والله الله اعلم. وكذلك الصحيح ما جرى عليه في المختصر. ان قطاع الطريق اذا جنوا بما يوجب قودا في الطرق تحتم لانه اذا تحتم في النفس ففيما دونها من باب اولى. ولان المصلحة في استيفائه عامة. فالمضرة عدم الاستيفاء عامة. وهذه خاصة ما يتعين اقامته. العلل العامة لا يراعى فيها افراد المسائل النادرة كما هو معلوم قوله لا يلزمه حفظ ما له عن الضياع والهلاك فيه نظر ظاهر. بل الصواب لزوم ذلك صلى الله عليه وسلم عن اضاعة المال. ولان اضاعته سرف وتفريط خصوصا اذا كان له عائلة او عليه دين يستضر بترك حفظه. فهذا لا يمكن القول الا بلزوم حفظه وتعينه. لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ومن باب الصيد والذبائح الصواب التسوية بين النسيان والجهل في ترك التسمية على الذبائح والصيد لعدم الفارق ولان الشارع سوى بينهما في ترك المؤاخذة. قولهم وان رمى صيدا فوقع في ماء ومات لم يحل. الصواب التقصير وانه اذا جرحه جرحا غير موح فوقع في ماء كثير. يعين على قتله لم يحل. باشتراك السبب المبيح حاضر وان كان الجرح موحي او الماء لا يقتل مثله حل. لانه انفرد السبب المبيح وحده في زهوق النفس والماء لا اثر له. وتعليلهم يدل على هذا التفصيل. والصحيح ان الذكاة تحل ما ابيت حشوته او قطع حلقومه اذا ذكي وفيه حياة مستقرة. لقوله تعالى والمنخنقة والموقوذة الى قوله الا ما زكيت هذا قيد لهذه الخمسة. وهذه الصورة داخلة في العموم. واما قولهم ان وجود هذه الحياة كعدمها فهو معارض بالمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة اذا وصلت الى حال يعلم انها لا تبقى بعده. فانها تحل على المشهور من المذهب وكذلك المريضة. ولا فرق بين المذكورات في الحقيقة. قولهم وان سمى على سكين فالقاها ذبح بغيرها حل بتلك التسمية. لا ان سمى على سهم فالقاه ورمى بغيره فلا يحل. هذا فيه نظر. والصحيح استواء الصورتين في الحكم وانه اذا سمى على المذبوح والصيد كفاه ذلك. ولو اخذ سكينا اخرى او سهما اخر ان المقصود التسمية على الذكاة والصيد وقد حصل. واما تعليلهم بالفرق بين الصورتين انه في السهم لما كان يجزيه اذا رمى صيدا فاصاب غيره احتيج الى التسمية على السهم فهذا غير مفيد. لان الصيد اوسع من الذبح في ومحله وغير ذلك مما وسع فيه. فكيف تضيق فيه هذه الصورة؟ والله اعلم. ومن باب الايمان والنزول قولهم ومن لزمته ايمان موجبها واحد قبل التكفير فعليه كفارة واحدة ولو على افعال كقول والله لا اكلت. والله لا شربت. والله لا اخذت ولا اعطيت. هذه احدى الروايتين. والصحيح ان عليه كفارة بعدد الافعال المتنوعة للعمومات الدالة على ان كل فعل محلوف عليه ففيه كفارة. فظاهر العموم يقتضي ذلك قبل التكفير وبعده. وكما لو ظاهر من زوجاته بكلمات متعددة. والصحيح في جميع الكفارات انه في اطعام المساكين. ولا يلزم تمليكهم كما هو ظاهر الكتاب والسنة. فالقول الجامع في جامع الايمان الرجوع الى نية الحالف. ثم الى سبب اليمين الذي هيجها. ثم الى ما كان اقرب الى مقصد الحارث ونيته. من تعيين او لغة الشارع او العرف او اللغة وذلك بحر لا ساحل له. لانه يختلف باختلاف الاحوال والاشخاص والاماكن واللغات. والله اعلم. والرواية الاخرى عن احمد ان النذر لا ينعقد في مباح ولا محرم فلا يوجب كفارة وفاقا لجمهور العلماء اقوى من المشهور من المذهب لعدم الدليل الدال على انعقادها. والحديث الصحيح من نذر ان يعصي الله فلا يعصه. ليس فيه الامر بالكفارة وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز نذر المباح اشبه بلغو اليمين. ومن كتاب القضاء والشهادات وغير ذلك. قوله فان لم يجعل له شيء وقال اثنين لا اقضي بينكما الا بجعل جاز. والصواب انه لا يجوز. لان فيه فتح باب شر كبير من وجوه متعددة. قوله في المجتهد في مذهب امامه. يحكم ولو اعتقد خلافه قول في غاية الضعف. وهو مبني على قول ضعيف جدا. وهو لزوم المذهب باحد المذاهب الاربعة. ووجوب الاخذ بالمقدم من ذلك المذهب عند ائمتهم هذا قول لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا اجماع. بل الادلة تدل على بطلانه وهي مبسوطة في محالها من كتب اهل العلم قال شيخ الاسلام ابن تيمية ومن كان متبعا لامام فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل او لكون احدهما اعلم او اتقى فقد احسن ولم يقدح في عدالته بلا نزاع. قال وفي هذه الحال يجوز عند ائمة بل يجب وان احمد قد نص عليه وقال ايضا في التمذهب باحد المذاهب والاخذ برخصه وعزائمه فيه غير الرسول في كل امره ونهيه وهو خلاف الاجماع وتوقف في جوازه. قال الشيخ تقي الدين في مسألة تحريم الدعوة وفروعها ضعيفة لحديث الحضرمي. قوله ولا ترد اليمين على المدعي. والصحيح ان الحاكم اذا رأى ردها على المدعي فله ذلك. خصوصا اذا كان المدعي منفردا بعلم ذلك. قوله في القسمة ومن ادعى غلطا في تقاسماه بانفسهما واشهدا على رضاهما به لم يلتفت اليه. يعني ولو ببينة. الصحيح انه تقبل البينة في الغلط كما اختاره الموفق وتعليلهم برضاها غير مسلم. فانهما لم يرضيا الا على حسب التساوي والتعديل فاذا تبين خلاف ذلك ثبت للاخر رد القسمة. قوله في الشهادة لا تقبل شهادة عمودي النسب بعضهم لبعض والعدو على عدوه لانهم مظنة التهمة. الراجح في هذا قول من قال من اهل العلم انهم اذا حققت عدالتهم ظاهرا وباطنا لم ترد شهادتهم بهذه الاسباب. لان العلم اليقيني بانهم مقبول الشهادة سيعارضه الظن الذي هو التهمة. بل هو ظن ضعيف في مثل حالهم. وان كانت لم تتحقق عدالتهم ظاهرا وباطنا بل ظاهرهم فقط العدالة. ووجود بعض الاسباب المذكورة قوى قول من رد شهادتهم. والناس في هذه متفاوتة ورجح كثير من السلف ان شهادة المرأتين تقوم مقام شهادة الرجل في كل شيء حتى في والنكاح والطلاق والنسب والحدود. وهو رواية عن احمد في بعضها. وهذا القول هو الذي يقتضيه الدليل والتعليل اما الدليل فلان الله اقام المرأتين مقام الرجل وجعل شهادتهما عن شهادته في الاموال ونحوها. فقوله صلى الله عليه وسلم اليس شهادة المرأتين كشهادة الرجل؟ ولا فرق بينها وبين غيرها. واما التعليل فلان مبنى الشهادة على الحفظ والضبط والصدق. وهذا المعنى موجود في النساء كما هو موجود في الرجال. وما يقدر من نقصهن مجبور بمضاعفة العدد خصوصا اذا كثرن وصرنا معروفات بالصدق والحفظ. وهذا كلما تأمله الانسان تبين له والله اعلم. فتقدم ان الصحيح في السكران انه لا يصح طلاقه ولا اقراره. ولا غير ذلك من تصرفاته والله اعلم. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. تم بحمد الله في الثالث من صفر سنه خمس وخمسين وثلاثمائة والف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم. فقد صار على غاية ما يمكن من الاختصار لكونه اشير فيه الى مآخذ القول المنصور. اشارة لطيفة يحصل بها للفطن الوصول الى المقصود. والحمدلله رب رب العالمين. قال ذلك وكتبه الفقير الى ربه في احواله كلها. عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله بن ناصر ال سعدي غفر الله له ولوالديه ومشايخه وجميع المسلمين. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا