بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد موعدنا هذا اليوم مع صحيح الامام البخاري وشرح الحديث الحديث الاول بعد الاربع مئة قال البخاري حدثنا عثمان قال حدثنا جرير عن منصور عن ابراهيم عن علقمته قال قال عبدالله صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ابراهيم لا ادري زاد او نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله ما حدث في الصلاة شيء قال وما ذاك قالوا صليت كذا وكذا فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم فلما اقبل علينا بوجهه قال انه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ولكن انما انا بشر مثلكم انت كما تنسون فاذا نسيت فذكروني واذا شك احدكم في صلاته فليتحرى الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين هذا الحديث هو برقم اربع مئة وواحد قال فيه البخاري حدثنا عثمان وهو عثمان ابن ابي شيبة عام تسع وثلاثين ومئتين وهو اخو ابو بكر ابن ابي شيف هو اخو ابي بكر ابن ابي شيبة وابو بكر اوثق منه واكثر فضة وعثمان ثقة من الثقات صنف المسند وله كتب اخرى وقالوا في ترجمته انه كان يقع منه التصحيح في القرآن وهذا غير مستبعد عن من انشغل بالحديث فقط وفاته حظ من كتاب الله تعالى ونحن قد اصابنا من ذلك شيء فنسأل الله ان يغفر لنا ما سلف من تقصيرنا قال حدثنا جرير وهو جرير ابن عبد الحميد ابن قر الظبي المتوفى عام ثمان وثمانين ومئة وهو ثقة من الثقات عن منصور وهو منصور ابن المعتمر وهو ثقة توفي عام اثنتين وثلاثين ومئة عن ابراهيم وهو ابراهيم بن يزيد النفعي المتوفى عام ست وتسعين ومئة ان علقم وهو ابن وقاص الليثي توفي عام خمس وسبعين قال قال عبد الله وهو عبد الله ابن عباس وهو احد من علم القرآن الكريم علما عظيما حتى انه قال ما من اية في كتاب الله الا اعلم اين نزلت وفيما نزلت وهنا يقول علقمة قال قال عبد الله اي عبد الله ابن مسعود واهل الكوفة اذا قالوا قال عبد الله فالمراد عبد الله ابن مسعود صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ابراهيم ابراهيم الرابع عن قبله لا ادري زاد او نقص هذا كبت من ابراهيم فلما سلم اي النبي صلى الله عليه وسلم فلما سلم في صلاته قيل لهم يا رسول الله احدث في الصلاة شيء؟ قال وما ذاك قالوا صليت كذا وكذا فثنى رجليه واستقبل القبلة وانتبه هنا واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم فلما اقبل علينا بوجهه قال انه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به النبي صلى الله عليه وسلم يخبر الصحابة انه لو حدث شيء او جد شيء من الوحي فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبر الصحابة انه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ولكن انما انا بشر مثلكم. انت كما تنسون اي انه بشر من البشر يعتريه ما يعتري البشر فاذا نسيت فذكروني اي اذا طرأ علي النسيان فذكروني بما نتي واذا شك احدكم في صلاته فليتحرى الصواب فليتم عليه اي عليه ان تحفظ الصواب ويجتهد في معرفة الصواب فيعمل بالصواب ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين قلنا بانه لا ادري زاد او نقص اي لا اعلن هل زاد النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ان نقص وهذا الكلام من كلام ابراهيم وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال لهم وما ذاك؟ اي ما الذي حدث وهو سؤال من لم يشعر بما وقع منه ولا يقين عنده به ولا غلبة ظن اي انه قد حصل عليه صلى الله عليه وسلم النسيان وقوله صلى الله عليه وسلم لو حدث في الصلاة شيئا من زيادة او نقصان عن طريق الوحي لان نسبتكم به اين خبرتكم به والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ظنينا بالوحي وانما كان يبلغ رسالات الله تعالى لنبأتكم به اي لخبرتكم وقوله انت كما تنسون اي يقرأ علي النسيان كما يقرأ عليكم ولكن في غير ما يجب التبليغ اي لا ينسى النبي صلى الله عليه وسلم امرا قد امر بتبليغه وقوله فليتحرى بحذف الالف المقصورة اي فليجتهد لان هذه اللام لا بالامر ويتحرى فعل مضارع مجزوم بلام الامر وعلامة جزمه حذف الالف المقصورة ومعنى فليتهرى اي فليجتهد وليطلب الصواب وهو اليقين هذا الحديث ايها الاخوة اورده ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري المسمى بفتح الباري وقال المقصود من هذا الحديث ها هنا ان من سهى في صلاته وسلم وهو ناس ثم ذكر بعد كلامه فانه يسجد للسهو ويستقبل القبلة فان سجود السهو من تمام الصلاة ولو كان بعد السلام فهو جزء من الصلاة فيشترط له استقبال القبلة ثم قال ابن رجب ويؤخذ من ذلك انه لا يسجد للتلاوة ولا ولا للشكر الا الى القبلة وهذا على قول من اعتبر الطهارة لذلك وهم جمهور المسلمين حقيقة هذا القول هو القول الصحيح واما من لم يعتبر طهارة له كما سيأتي باذن الله تعالى فانه لا يوجب استقبال القبلة له وكذلك صلاة الجنازة وقد حثي عن بعض المتقدمين كان يرى انها دعاء فلا يشترط لها الوضوء. فقيل له فتفعل الى غير القبلة فرجع عن قوله والتحري ايها الاخوة الذي امر به النبي صلى الله عليه وسلم حتى يجري الانسان صلاته على الاجتهاد التحري القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول في رواية في صحيح مسلم فينظر احرى ذلك الى الصلاة اذا ايها الاخوة هذا الحديث من الاحاديث المهمة يبين لك الشرك الذي يقرأ على الانسان في صلاته والشرك هو التردد بين الامرين المحتملين ومن شك بعد السلام فلا يلتفت الى هذا الشك كمن صلى الظهر واتمها ثم شك بعد الانتهاء من الصلاة فصلاها ثلاثا ام اربعة فلا يلتفت الى هذا الشك الا بدليل ويقين والا كان فتحا لباب الوسوسة والزيادة في العبادة ثالثا من شك في اثناء الصلاة فانه لا يخلو من حالتين الاولى ان يمكنه التحري والترجيح بغلبة الظن فيمن فيعمل بما غلب على ظنه ويسجد للسهو بعد السلام والدليل ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى فزاد او نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله احدث في الصلاة شيء؟ قال لا قال وما ذاك؟ قالوا صليت كذا وكذا فثنى رجليه وسلم وسجد سجدتين ثم سلم فلما اقبل علينا بوجهه قال انه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ولكن انما انا بشر انما انا بشر مثلكم انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكروني واذا شك احدكم في صلاته فليتحدى الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين والحالة الاخرى ان لا يغلب على ظنه احد الامرين فيبني على الاقل. ويسجد قبل السلام كمن صلى الظهر وشك اثناء صلاتي اصلاها ثلاثا ام اربعا ولم يترجح لديه شيء فانه يبني على الاقل وهو الثلاث ويأتي بركعة ثم يجلس للتشهد ويسجد للسهو قبل ان يسلم والدليل على ذلك ما رواه ابو سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا شك احدكم في صلاته فلم يدري صلى ثلاثا ام اربعة فليفرح الشركة وليبني على ما استيقظ ثم يسجد سجدتين قبل ان يسلم فان كان صلى خمسا شفعن له صلاته وان كان صلى اتماما لاربع كانتا ترغيما للشيطان ومعنى ترغيما للشيطان اي اغاظة واذلالا ورد ورده ردا خفيفا المراد به للتدليس على المصلي لما يفعل الانسان فعلا ترغيبا للشيطان حتى يقوي في نفسه مسألة المحاربة للشيطان فالانسان يحارب الشيطان بفعل الطاعات والعبادات وهذا الحديث ايها الاخوة فيه فوائد ومن فوائده ان سجود السهو واجب على من سهى في صلاته بزيادة او نقص او شرك في الاركان والواجبات ومن فوائده مشروعية التكبير لسجود السهو. قال ابن الملقن يشرع التكبير من سجود السهو وهذا مجمع عليه ثالثا اذا تكررت له في الصلاة فانه يكفيه سجود السحر مرة واحدة فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك للتشهد الاول والجلوس له ولم يكرر سجود السهو ولذلك قال العلماء فيه دليل على عدم تكرار السجود عند تكرار السهو لانه قد ترك الجلوس الاول والتشهد معا واصطفى لهما بسجدتين رابع الفوائد اذا كانت جزء السهو بعد السلام فيشرع له سلام اخر بعد بعده وهو الراجح من قولي العلماء لظاهر حديث ابي هريرة وحديث عمران ابن حصين وحديث عبد الله ابن مسعود خامسا من شك في صلاته فعليه ان يتحرى الصواب اولا فان ترجح له احد الامرين عمل به ومن وان لبث رجح له شيء بنى على اليقين وهو الاقل وهذا تدل عليه الاحاديث الواردة من حديث عبدالله بن مسعود وحديث ابي سعيد وحديث عبدالرحمن ابن عوف ثالثا هل يكون سجود السهو قبل السلام ام بعده وهذا الامر حصل فيه خلاف بين العلماء على اقوال وهي اقوال متعددة والراجح ان الانسان ان يأخذ ما حصل له نحو ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم فاذا حصل له السهو ينظر في سجوده صلى الله عليه وسلم كيف سجد فيسجد على نحو سجود النبي صلى الله عليه وسلم اذا هذا الحديث ايها الاخوة من الاحاديث فيه قوة وفيه معنى وفيه مغفرة وامر الصلاة من اهم الامور ولذلك جاءت الشريعة الاسلامية بتفصيل امورها ورعاية احوال الناس فيها فعلى الانسان ان يتفقه في الصلاة وان يحاسب على ما فيها من اعمال وعلى ما فيها من قراءة فاذا قرأ الانسان جعل قلبه وقالبه مع الايات القرآنية لا يفتر عنها ولا يجفل عنها بل انه يتعلمها تعلما حقيقيا حتى لا يفوت من لا يفوت منها شيء فلا بد للانسان من ان يفهم هذا الامر وعلى الانسان ان يكون عامرا لمساجد الله تعالى قائما على طاعته ملتزما شريعته راعيا امانة الله لاجل ان يكون الانسان في ولاية الله وفي ظمان الله وفي كفالة الله والصلاة ممن يعظم الولاية لله تعالى وفي كتاب الفرقان بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان فوائد وفرائض وعوائد مهمة لا يستغني المسلم عن مراجعتها فالشقي في نفسه لا يهب السعادة لغيره وكل من تعاطى السحر فهو شقي فكيف يليق لعاقل ان يذهب اليهم للاسف الشديد ايها الاخوة نرى الناس قد عموا وضموا وتجده يصلي ويصوم وتجده يذبح القرابين لغير الله تعالى ويذهب الى السحرة ويستعمل الخرز وغيرها لاجل البركة وهذا خطر كبير وشر مستطير فعلى الانسان ان يراقب ربه فان الذي يراقب الله لا يجرؤ على مخالفة شيء من امره او ارتكاب ادنى شيء من نواهيك استعظاما لجنابك ووقوفا عند حدوده واستشعارا لمحاسبته وعقابه العاجل والاجل وحياء منه ان يصيبه وهو يعلم سره وعلانيته وايضا ايها الاخوة الانسان يعلم بان الله مطلع على كل شيء. وان الله محاسب على كل شيء فلا يغفلن الانسان عن طاعة الله وعن امر الله تعالى وربنا جل جلاله ييسر اسباب المعصية ابتلاء وامتحانا للعباد. كما قال تعالى وما انزل على الملكين بباب لهاروت وماروث وما يعلمان من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فيعلم الانسان ان كل ما اصابه او اهمهم لا يرفع الا بامر الله تعالى ولا يرفع الا بقدر الله سبحانه وتعالى فعلى الانسان ان يتوب الى ربه ومولاه وان يحسن اعماله وان يستبصر الامور التي جعلها الله بين ايدينا امتحانا واختبارا فنعمة النظر ايها الاخوة نعمة كبيرة ونعمة السمع نعمة عظيمة. فهذه النعم علينا ان نحفظها وان نحافظ عليها وان نستعملها في مرضات نفديها حتى يكون الانسان شاكرا لربه ومولاه فيحلف الانسان على اداء شكر الله تعالى وعلى العمل بطاعة الله سبحانه وتعالى حتى ينجو في هذه الدنيا وينجو في البرزخ وينجو في الاخرة وربنا قال ان ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده في الخذلان يا اخي الكريم ان يتركك الله لنفسك وشهوتك ويترك الله للشيطان ولاعدائك فيا عباد الله تولوا الله سبحانه وتعالى يتولاكم ربكم واعلموا انتم في الاشهر الحرم وهي اشهر ينبغي على المسلم ان يعظم فيها معصية الله تعالى وهي اشهر عظيمة ينبغي على الانسان ان يعظم فيها الحسنات فيأتي بالحسنات ويجعل همه الاكبر تزكية النفس فمن الحكمة في هذه الاشهر ان الانسان يجتهد بها تاركا المعاصي متقربا الى الله تعالى بالترك والفعل حتى ينال رضا الله ورحمة الله. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرحمنا ويرحم امة محمد اجمعين