المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قصة اصحاب الكهف وهم فتية وفقهم الله والهمهم الايمان. وعرفوا ربهم وانكروا ما عليه قومهم من عبادة الاوثان قاموا بين اظهرهم معلنين فيما بينهم عقيدتهم. خائفين من سطوة قومهم فقالوا ربنا رب السماوات والارض لن ندعوا ومن دونه الها لقد قلنا اذا شططا. اي ان دعونا غيره شططا. اي زورا وبهتانا وظلما. هؤلاء ثم اتخذوا من دونه الهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين. فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا لما اتفقوا على هذا الامر وعرفوا انهم لا يمكنهم اظهار ذلك لقومهم. سألوا الله ان يسهل امرهم فقالوا ربنا اتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من امرنا رشدا فووا الى غار يسره الله غاية التيسير. واسع الفجوة. بابه نحو الشمال لا تدخله الشمس. لا في طلوعها ولا في غروبها بها فناموا في كهفهم بحفظ الله ورعايته ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا فقد ضرب الله عليهم نطاقا من الرعب على قربهم من مدينة قومهم ثم انه في الغار تولى حفظهم بقوله ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. وذلك لان لا تبلي الارض اجسادهم ثم وايقظهم بعد هذه المدة الطويلة ليتساءلوا بينهم وليقفوا في اخر الامر على الحقيقة. قال قائل منهم كم لبثت قالوا لبثنا يوما او بعض يوم قالوا ربكم اعلم بما لبثتم. فبعثوا احدكم بورقكم هذه الى مدينة فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف. الى اخر القصة. ففيها ايات بينات وفوائد متعددة منها ان قصة اصحاب الكهف وان كانت عجيبة فليست من اعجب ايات الله. فان لله ايات عجيبة وقصصا فيها عبرة المعتبرين ومنها ان من اوى الى الله اواه الله ولطف به وجعله سببا لهداية الضالين. فان الله لطف بهم في هذه النومة الطويلة ابقاء على ايمانهم وابدانهم من فتنة قومهم قتلهم وجعل هذه القومة من اياته التي يستدل بها على كمال قدرة الله وتنوع احسانه. وليعلم العباد ان وعد الله من حق ومنها الحث على تحصيل العلوم النافعة والمباحثة فيها. لان الله بعثهم لاجل ذلك. وببحثهم ثم بعلم الناس بحالهم حصل البرهان والعلم بان وعد الله حق وان الساعة اتية لا ريب فيها. ومنها الادب في اشتبه عليه العلم ان يرده الى عالمه وان يقف عندما يعرف ومنها صحة الوكالة في البيع والشراء وصحة الشركة في ذلك لقولهم ابعثوا احدكم بورقكم هذه الى المدينة انظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه. ومنها جواز اكل الطيبات والتخير من الاطعمة ما يلائم الانسان ويوافقه اذا لم تخرج الى حد الاسراف المنهي عنه لقوله فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه ومنها الحث والتحرز والاستخفاء والبعد عن مواقع الفتن في الدين. واستعمال الكتمان الذي يدرأ عن الانسان الشر. ومنها بيان رغبة بهؤلاء الفتية في الدين وفرارهم من كل فتنة في دينهم وتركهم لاوطانهم وعوائدهم في الله. ومنها ذكر ما اشتمل عليه الشر من المضاد والمفاسد الداعية لبغضه وتركه. وان هذه الطريقة طريقة المؤمنين ومنها ان قوله قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا. فيه دليل على ان هؤلاء القوم الذين بعثوا في زمانهم اناس اهل تدين لانهم عظموهم هذا التعظيم حتى عزموا على اتخاذ مسجد على كهفهم. وهذا وان كان ممنوعا وخصوصا في شريعتنا. فالمقصود بيان ان ذلك الخوف العظيم من اهل الكهف وقت ايمانهم ودخولهم في الغار ابدلهم الله به بعد ذلك امنا وتعظيما من الخلق. وهذه عوائد الله فيمن تأمل المشاق من اجله ان يجعل له العاقبة الحميدة ومنها ان كثرة البحث وطوله في المسائل التي لا اهمية لها لا ينبغي الانهماك به لقوله فلا تمارسيهم الا مرارا ظاهرا ومنها ان سؤال من لا علم له في القضية المسؤول فيها او لا يوثق به منهي عنه لقوله ولا تستفتي فيهم منهم احد حدا