عن معاذة بنت عبدالله قالت سألت عائشة رضي الله عنها فقلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت احرورية انت فقلت لست بحرورية ولكني اسأل فقالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة نعم هذه معاذة بنت عبد الله ما سالت عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها فقالت ما بال الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة هذا دليل على انه كان متقررا عندهم ان الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة كمعاذة استشكلت هذا لان الخوارج لان الخوارج يرون انها تقضي الصلاة. يرون ان الحائض تقضي الصلاة فلما سألتها سألت معاذة عائشة من ذلك ظنت انها من الخوارج لانهم هم اللي يسألون عن مثل هذا السؤال احرورية انت؟ يعني هل انت من الخوارج سمي الخوارج بالحرورية نسبة الى مكان يقال له حرورا في ارض العراق قريبا من الكوفة اجتمعوا فيه لما خرجوا على امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لما خرجوا عليه اجتمعوا في هذا المكان الذي يسمى حرورة فنسبوا اليه وقيل لهم الحرورية وتوسع في هذا اللقب في كل خارجي وان لم يكن من اهل حرورة صار سمة للخوارج والخوارج هم الذين يخرجون عن طاعة ولي الامر الخوارج هم الذين يخرجون عن طاعة ولي الامر ويشقون العصا ويعتقدون كفر مرتكب الكبيرة التي دون الشرك يكفرون المسلمين العصاة وهذا من الغلو والتطرف في دين الله عز وجل ولعدم فقههم لعدم فقههم في دين الله عز وجل فوقعوا فيما وقعوا فيه بسبب التشدد والغلو وبسبب عدم الفقه في دين الله وعدم الرجوع الى اهل العلم لانهم يتهمون اهل العلم يتهمون اهل العلم بالتقصير والمداهنة والتساهل فلا يرجعون اليهم هذه صفتهم في كل زمان هذه صفتهم في كل زمان صفة الخوارج انهم يتشددون ويتنطعون في دين الله انهم ليس عندهم علم ولا فقه ولا يرجعون الى اهل العلم بل يحتقرون اهل العلم انهم يكفرون المسلمين الذين ارتكبوا شيئا من الكبائر التي دون الشرك انهم لا يرون طاعة ولي امر المسلمين هذه هذه مسائلهم التي خالفوا فيها المسلمين اختلف العلماء فيهم هل هم كفار او هم ليسوا كفارا وانما هم فساق على قولين لاهل العلم من العلماء من يكفرهم لان النبي صلى الله عليه وسلم لما وصفه قال يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون اليك والقول الثاني انهم ليسوا كفارا وانما يضللون ويفسقون ولا يصلون الى حد الكفر لانهم يتأولون تأويلا فاسدا ظنوا انه صحيح فيدرأ عنهم الكفر لانهم من اكثر من اكثر الناس صلاة وعبادة وتلاوة للقرآن يصومون النهار ويصلون الليل ويكثرون من تلاوة القرآن ومن ذكر الله. ولكنهم ابتلوا بهذا الشذوذ هذه المصائب اجتمعوا في هذا المكان وكانوا عددا كثيرا فارسل اليهم امير المؤمنين علي رضي الله عنه عبدالله بن عباس حبر الامة ترجمان القرآن ارسله اليهم ليتفاهم معهم ذهب اليهم وجلس معهم واستمع الى شبهاتهم واجاب عنها فرجع منهم ستة الاف رجعوا الى الصواب وتابوا الى الله عز وجل. والبقية تعنتوا واصروا على ما هم عليه فقاتلهم امير المؤمنين علي رضي الله عنه ومن معه من الصحابة والمسلمين في وقعة النهروان وقتل منهم مذبحة عظيمة وكان هذا من مناقب علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لان الرسول صلى الله عليه وسلم اخبر ان ان في قتلهم خير خير لمن قتلهم فكان هذا من مناقب علي رضي الله عنه وتحققت فيه بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم في من يقتل الخوارج فقتلهم رضي الله تعالى عنه واراح المسلمين من شرهم الا انهم لا يزال يخرج منهم فئات وفي تفرقوا ايضا في البلاد وصار لهم محلات معروفة ولا يزال هذا المذهب يخرج شيئا فشيئا على المسلمين من باب الفتنة والشر فهو مذهب متوارث نسأل الله العافية. فيجب على المسلم ان يعرف هذه المذاهب الباطلة من اجل ان يتجنبها ولا يقع فيها. ولا تروج عليه لان عندهم شبهات اذا لم يكن عند الانسان معرفة وبصيرة قد تنطلي عليه فيجب على المسلم انه يتعلم امور العقيدة ويتعلم امور الفرق الضالة شبهاتها والرد عليها حتى يكون على بصيرة. هؤلاء هم الخوارج لما سمعت هذا السؤال حرورية انت لان عائشة رضي الله عنها فهمت انها تعترض انها تعترض بهذا السؤال وتقول لماذا يعني لماذا الله جعل الحائض تقضي صيام ولم يجعلها تقضي الصلاة؟ مع ان كلا منهما ركن من اركان الاسلام والصلاة الصلاة اكد من الصيام. فلماذا كانها تعترظ على الله سبحانه وتعالى وهذا شأن الخوارج انهم يعترظون على احكام الله عز وجل فعائشة فهمت انها تسأل سؤال استنكار بينما هي تسأل سؤال تفقه وليست تسأل سؤال استنكار ولذلك قالت لا لست حروريا ولكني اسأل يعني لست ارى رأي الخوارج ولكني اسأل من باب التفقه في دين الله عز وجل؟ فاجابتها عائشة بالحديث فاجابتها بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت كنا نحيض على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة فالمسألة مسألة اتباع المسألة ليست مسألة فكر وعقل وانما هي مسألة اتباع وهكذا كان الامر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. كان يأمرنا ان نقضي الصلاة ان نقضي الصيام ولا يأمرنا ان نقضي الصيام واستدلوا بهذا على ان الصحابي اذا قال كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم او كنا نترك كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا له حكم المرفوع الى الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه قاعدة اصولية اذا قال الصحابي كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم او كنا لا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا له حكم الرفع لان هذا من باب التقرير يسمونه التقرير لان السنة اما قول واما فعل واما تقرير فهذا من التقرير يعني ان الله اقر النساء على ذلك ولو كان يجب عليهن قضاء الصلاة لامرهن بذلك فعائشة اجابتها بالدليل ولم تقل لها لان الصلاة كذا وكذا فلم يؤمر بقضائها وانما اجابتها بالدليل وهذا اقطع للخصم اذا اجبت بالدليل فانك سددت على الخصم ان يعترض اما اذا اجبت برأيي فاذا اجبت برأيي فربما يعارضك الخصم برأي اخر فاذا ذكرت الدليل انسد الباب وليس لاحد ان يعتذر فهذا من فقه عائشة رضي الله عنها قد ذكر العلماء ان الحكمة في كون الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ان الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات بخلاف الصيام فانه لا يتكرر ولو امرت بقضاء الصلاة لشق ذلك عليها بينما الصيام لا يشق عليها لانه لا يتكرر فهذا هي الحكمة في كون الحائض تؤمر بقضاء الصيام ولا تؤمر بقضاء الصلاة فهذا الحديث فيه مسائل المسألة الاولى فيه ان من سأل سؤال تعنت فانه يعنف عليه ان من سأل سؤال تعنت لا سؤال تفقه فانه يعنف عليه ان عائشة عنفت عليها قالت لها احرورية انت هذا من باب التعنيف ثانيا فيه ان الحائض تقضي الصيام فقط ولا تقضي الصلاة. وفي هذا رد على الخوارج الذين يرون انها تقضي الصلاة مع الصيام وفيه دليل على ان الصحابي اذا قال كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا له حكم مرفوع الى الرسول صلى الله عليه وسلم ويحتج به على انه حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفي الحديث دليل على التنفير عن مذهب الخوارج والتحذير منهم فان عائشة رضي الله عنها قالت لها احرورية انت هذا من باب الاستنكار لمذهب الخوارج والتنفير منه وكذلك كل مذهب باطل فانه يجب التحذير منه والتنفير عنه وهذا من باب النصيحة للمسلمين ولا يقال انا بحرية الرأي مثل ما يقال الان وسماع الرأي الاخر كما يقولون. لا نحن لا نسمع الا لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ما نسمع للرأي الاخر. الدين ليس بالرأي الدين انما هو تلقي واتباع وليس للارى فيه دخل واذا اختلف الناس في الاحكام فاننا نأخذ ما يقوم عليه الدليل ولا نأخذ بما يقول فلان يقولون لا وش ميزة هالعالم تاخذ برأيه واذا ما تاخذ برايه نقول له الميزة الدليل من كان معه الدليل اخذنا بقوله دون تحيز لاحد او دون تحيز لاحد وانما نأخذ بمن معه الدليل وليس المسألة حرية رأي او رأي اخر او كما يقال لماذا تأخذون قول العالم فلان وتتركون العالم الفلاني وكلهم علماء. فنقول نحن لسنا بمكلفين باخذ اقوال العلماء. وانما نحن مكلفون بالاخذ بالدليل من غير تحيز لاحد وانما غرضنا الدليل والاتباع من غير اننا نميل مع من نحبه او من نهواه او من يوافق رأيه رغبتنا لان بعضهم يريد ان يأخذ ما يوافق هواه ورغبته ويقولها ما هو قايل به فلان يكفي هل فلان رسول؟ هل الله امرك بهذا الله امرك ان تتبع رسوله صلى الله عليه وسلم فاذا اتبع فاذا ظهر الدليل فلا قول لاحد حتى لاكابر الائمة يقولون اذا صح الحديث يقول الشافعي اذا صح الحديث فهو مذهبي ويقول اذا خالف قولي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي عرض الحائط ويقول رحمه الله اجمع المسلمون على ان من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له ان يدعها لقول احد ويقول الامام مالك رحمه الله اوكلما جاءنا رجل اجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدل هؤلاء ويقول رحمه الله كلنا راد ومردود عليه الا صاحب هذا القبر ويقول الامام احمد رحمه الله عجبت لقوم عرفوا الاسناد وصحته يذهبون الى رأي سفيان والله تعالى يقول فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. الامام ابو حنيفة وهو اول اقدم الائمة الاربعة يقول اذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين واذا جاء الحديث عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين واذا جاء الحديث عن التابعين فنحن رجال وهم وهم رجال الائمة الاربعة وغيرهم من العلماء المحققون يقدرون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. ولا يأخذون بما يخالفها مهما كان القائل به ولا يتبعون اهواءهم ورغباتهم وانما يتبعون الدليل ولو خالف ولو خالف اهواه ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن المسألة مسألة اتباع وهذه عائشة ام المؤمنين تقول كنا نحيض على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء من الذي يأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم ونؤمر كالصحابي اذا قال كنا نؤمر بكذا او ننهى عن كذا فهذا له حكم الرفع كنا نؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة اجابت رضي الله عنها بالدليل ولم تجب بالرأي ما اجابت بالرأي وانما اجابت بالدليل. هكذا يجب على العلماء فهذا حديث عظيم وفيه فوائد عظيمة. يجب على المسلم انه يتأملها هي وغيرها من الاحاديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فسيجد فيها من الفقه العجب العجاب وكل يؤتيه الله من الفقه والعلم ما