كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين الاختلاط بين الرجال والنساء من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه ويطلع عليه من اخواني المسلمين وفقني الله واياهم لفعل الطاعات وجنبني واياهم البدع والمنكرات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد فمن واجب النصح والتذكير ان انبه على امر لا ينبغي السكوت عنه بل يجب الحذر منه والابتعاد عنه وهو الاختلاط الحاصل بين بعض الجهلة في بعض الاماكن والقرى مع غير المحارم لا يرون بذلك بأسا بحجة ان هذا عادة ابائهم واجدادهم وان نياتهم طيبة فتجد المرأة مثلا تجلس مع اخي زوجها او زوج اختها او مع ابناء عمها ونحوهم من الاقارب بدون تحجب وبدون مبالاة ومن المعلوم ان احتجاب المرأة المسلمة عن الرجال الاجانب وتغطية وجهها امر واجب. دل على وجوبه الكتاب والسنة واجماع السلف الصالح قال الله سبحانه وتعالى وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن وقال تعالى واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن وقال تعالى يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن. ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين. وكان الله غفورا رحيما والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة قالت ام سلمة رضي الله عنها لما نزلت هذه الاية خرج نساء الانصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن اكسية سوداء يلبسنها وفي هذه الايات الكريمات دليل واضح على ان رأس المرأة وشعرها وعنقها ونحرها ووجهها مما يجب ستره عن كل من ليس بمحرم لها وان كشفه لغير المحارم حرام ومن ادلة السنة ان النبي صلى الله عليه وسلم لما امر باخراج النساء الى مصلى العيد قلنا يا رسول الله احدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم لتلبسها اختها من جلبابها رواه البخاري ومسلم فهذا الحديث يدل على ان المعتاد عند نساء الصحابة الا تخرج المرأة الا بجلباب فلم يأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج بغير جلباب وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء متنفعات بمروطهن. ثم يرجعن الى بيوتهن ما يعرفهن احد من الغلس وقالت لو ان رسول الله رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو اسرائيل نساءها فدل هذا الحديث على ان الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون واكرمها على الله عز وجل. واعلاها اخلاقا وادابا. واكملها ايمانا واصلحها عملا فهم القدوة الصالحة لغيرهم وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله فاذا حاذونا سدلت احدانا جلبابها على وجهها من رأسها فاذا جاوزونا كشفناه رواه احمد وابو داود وابن ماجة ففي قولها فاذا حاذونا تعني الركبان سدلت احدانا جلبابها على وجهها دليل على وجوب ستر الوجه لان المشروع في الاحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفا واذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الاجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة منها الفتنة التي تحصل بمظهر وجهها. وهي من اكبر دواعي الشر والفساد ومنها زوال الحياء عن المرأة وافتتان الرجال بها فبهذا يتبين انه يحرم على المرأة ان تكشف وجهها بحضور الرجال الاجانب ويحرم عليها كشف صدرها او نحرها او ذراعيها او ساقيها ونحو ذلك من جسمها بحضور الرجال الاجانب وكذا يحرم عليها الخلوة بغير محارمها من الرجال وكذا الاختلاط بغير المحارم من غير تستر فان المرأة اذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة. لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة في الرجال وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عظيم وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم استأخرني فانه ليس لكن ان تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى ان ثوبها ليتعلق به من لصوقها ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن فيحرم على المرأة ان تكشف وجهها لغير محارمها بل يجب عليها ستره كما يحرم عليها الخلوة بهم او الاختلاط بهم او وضع يدها للسلام في يد غير محرمها وقد بين سبحانه وتعالى من يجوز له النظر الى زينتها بقوله وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن. ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن او ابائهن او اباء بعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن او بني اخوانهن او بني اخواتهن او نسائهن او ما ملكت ايمانهن او التابعين غير اولي الاربة من الرجال او الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون اما اخو الزوج او زوج الاخت او ابناء العم وابناء الخال والخالة ونحوهم فليسوا من المحارم وليس لهم النظر الى وجه المرأة ولا يجوز لها ان ترفع جلبابها عندهم لما في ذلك من افتتانهم بها فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اياكم والدخول على النساء فقال رجل من الانصار يا رسول الله افرأيت الحمو قال الحمو الموت. متفق عليه والمراد بالحمو اخو الزوج وعمه ونحوهما وذلك لانهم يدخلون البيت بدون ريبة. ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها وعلى ذلك لا يجوز لها ان تكشف لهم عن زينتها. ولو كانوا صالحين موثوقا بهم لان الله حصر جواز ابداء الزينة في اناس بينهم في الاية السابقة وليس اخو الزوج ولا عمه ونحوهم منهم وقال في الحديث المتفق عليه لا يخلون رجل بامرأة الا مع ذي محرم والمراد بذي المحرم من يحرم عليه نكاحها على التأبيد لنسب او مصاهرة او رضاع كالاب والابن والاخ والعم ومن يجري بمجراهم وانما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم في الفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لا يخلون رجل بامرأة فان الشيطان ثالثهما رواه الامام احمد باسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة ان ذلك عادة اهلهم او اهل بلدهم فعليهم ان يجاهدوا انفسهم في ازالة هذه العادة وان يتعاونوا في القضاء عليها والتخلص من شرها محافظة على الاعراض وتعاونا على البر والتقوى. وتنفيذا لامر الله عز وجل ورسوله وان يتوبوا الى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها وان يجتهدوا في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه. ولا تأخذهم في نصرة الحق وابطال الباطل لومة ولا يردهم عن ذلك سخرية او استهزاء من بعض الناس فان الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف عقابه. ولو خالفه في لذلك اقرب الناس واحب الناس اليه ولا يجوز اتباع الاهواء والعادات التي لم يشرعها الله سبحانه وتعالى لان الاسلام هو دين الحق والهدى والعدالة في كل شيء وفيه الدعوة الى مكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال. والنهي عما يخالفها والله المسئول ان يوفقنا وسائر المسلمين لما يرضيه وان يعيذنا جميعا من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا انه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء