المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الثاني والاربعون في اداب وفوائد منثورة لا تدخل تحت نوع واحد انما هي بحسب ما يسمح بالبال. من الاداب الطيبة اذا حدثك المحدث بامر ديني او دنيوي الا تنازعه الحديث اذا كنت تعرفه بل تصغي اليه اصغاء من لا يعلم اعرفه ولم يمر عليه وتريه انك استفدته منه كما كان الباء الرجال يفعلونه فيه من الفوائد تنشيط المحدث وادخال عليه وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الادب. فان منازعة المحدث حديثه من سوء الادب. ومن الاداب ان تشكر من صنع اليك معروفا قوليا او فعليا او ماليا ولو يسيرا. وتبدي له الشكر. وبهذا امر الله ورسوله. وعلى هذا اتفق العقلاء ومن الاداب الطيبة الكلام مع كل احد بما يليق بحاله ومقامه مع العلماء بالتعلم والافادة والاحترام ومع الملوك والرؤساء ده بالاحترام والكلام اللطيف اللين المناسب لمقامهم. ومع الاخوان والنظراء بالكلام الطيب ومطارحة الاحاديث الدينية والدنيوية والانبساط الباسط للقلوب المزيل للوحشة المزين للمجالس. ويحسن المزح احيانا اذا كان صادقا. ويحصل فيه بهذه المقاصد مع المستفيدين من الطلبة ونحوهم بالافادة ومع الصغار والسفهاء بالحكايات والمقالات اللائقة بهم مما يبسطهم ويؤنسهم ومع الاهل والعيال بالتعليم للمصالح الدينية والدنيوية والتربية البيتية وتوجيههم للاعمال التي تنفعهم مع المباسطة والمفاكة فانهم احق الناس ببرك. ومن اعظم البر حسن المعاشرة ومع الفقراء والمساكين بالتواضع وخفض الجناح وعدم الترفع والتكبر عليهم فكم حصل بهذا من خيرات وبركات وكم حصل بضده من شر وفوات خير ومع من تعرف منه البغض والعداوة والحسد بالمجاملة وعدم الخشونة. وان امكنك الوصول الى اعلى الدرجات وهي قوله تعالى هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميد فما اكمله من مقام لا يوفق له الا ذو حظ عظيم. واحذر غاية الحذر من احتقار من تجالسه من جميع طبقات الناس وازدرائه والاستهزاء به قولا او فعلا. تصريحا او تعريضا فان فيه ثلاثة محاذير. احدها التحريم العظيم والاثم على فاعل ذلك الثاني دلالته على حمق صاحبه وسفاهة عقله وجهله. الثالث انه من ابواب اثارة الشر والضرر على نفسه. اياك كان تتصدى في مجالسك مع الناس للترأس عليهم وانت لست برئيس وان تكون ثرثارا متصدرا لكل كلام. وربما من جهلك وحمقك ملكت المجلس على الجلوس وصرت انت الخطيب والمتكلم دون غيرك. وان من الاداب الشرعية والعرفية مطارحة الاحاديث. وكل الحاضرين يكون له نصيب من ذلك. اللهم الا الصغار مع الكبار فعليهم لزوم الادب. والا يتكلموا الا جوابا لغيرهم. متى اخبرك صاحبك او غيرك انه اوقع تصرفا او عقدا او عملا من الاعمال وكان قد مضى وتم فينبغي ان تبارك له وتدعو له بالخير والبركة وتصوبه له اذا كان باعتقادك صوابا فان هذا يؤنسه ويشرح صدره. واياك في هذه الحال ان تخطئه فتحدث له الحسرة والندامة. وقد فات ادراك الا اذا كان غرضك تعليمه ونصيحته النافعة للمستقبل. واما اذا اخبرك بشيء مما سبق وهو كالمستشير لك. ولم يتم الامر فعليك في هذه الحال ان تبدي له ما عندك من الرأي وتمحض له النصيحة ففرق بينما امكن استدراكه وتلافيه وبينما ليس كذلك والله اعلم من الاداب الشرعية الوفية الطيبة تنظيف الجسد والثياب والاواني المستعملة والفرش والمجالس عن الاوساخ كلها وما يقبح مرآه. فقد ورد الحديث ان الله نظيف يحب النظافة. ينبغي تخير الاصحاب. اهل الدين والعقل والادب ثم الامثل فالامثل فالمرء على دين خليله وعقله وادبه فلينظر من يخالل. وعلى العاقل ان يرمق احوال الناس كما رآهم انتقدا عندهم من العادات والاخلاق والكلام والافعال تركه. وان لم يخالف عرفهم للامور الشرعية. وما رآه محمودا من هذه الاشياء فعله. وحينئذ ينتفع بمخالطة الناس وتعرف ما يحمدونه من العوائد وما يذمونه. وكل هذا بشرط الا يكون في الفعل او تركي محظور شرعي فان كان محذور شرعي تعين تقديم الامر الشرعي على كل عادة وعرف. وقد علمنا بالتتبع والاستقرار ان كل عرف خالف الشرع فانه ناقص مختل. وهذه قاعدة مطردة لا تنتقض من الغلط الفاحش الخطر. قبول قول ناس بعضهم في بعض ثم يبني عليه السامع حبا وبغضا ومدحا وذما. فكم حصل بهذا الغلط امور صار عاقبتها الندامة وكم اشاع الناس عن الناس امورا لا حقائق لها بالكلية اولها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور وخصوصا من عرفوا بعدم بالاتي بالنقل او عرف منهم الهوى. فالواجب على العاقل التثبت والتحرز وعدم التسرع. وبهذا يعرف دين العبد ورزانته عقله. اياك والاصغاء الى قول النمام فتصدقه. ثم اياك ان تبني على كلامه ما يضرك. ثم اياك ان تبدي له ما لا تحب اطلاع مع احد عليه. فان فعلت فلا تلومن الا نفسك. وابتعد غاية البعد عنه مهما امكنك. فان كان لا بد منه ولن يسلم احد من هذا اصنع منه غير واثق بكلامه ولا مؤسس عليه ولا تعطيه من الكلام الا الذي توطن نفسك على اشاعته وظهوره واخز من من هذا النوع ما تخشى مغبته وتخشى ان يزاد فيه وينقص. كن حافظا للسر ومعروفا عند الناس بحفظه. فانهم اذا عرفوا منك هذه اللفض اليك باسرارهم وعذروك اذا طويت عنهم سر غيرك الذي هم عليه مشفقون. وخصوصا اذا كان لك اتصال بكل واحد من المتعادين فان الوسائل لاستخراج ما عندك تكثر وتتعدد من كل من الطرفين. فاياك اياك ان يظفر احد منهم بشيء ان من ذلك تصريحا او تعريضا. واعلم ان للناس في استخراج ما عند الانسان طرقا دقيقة ومسالك خفية. فاجعل كل احتمال وان بعد على بالك ولا تؤت من جهة من جهاتك فان هذا من الحزم. واجزم بانك لا تندم على الكتمان. وانما الضرر والندم في العجلة التسرع والوثوق بالناس ثقة تحملك على ما يضر. الاصل والميزان في هذا وغيره قوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله اليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت متفق عليه. العاقل من اغتنم الفرص فانها تمر مر السحاب. كما قال صلى الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك النظر الى العواقب معونة عظيمة في سهولة الاعمال النافعة. وفي الاحتراز مما يخاف ضرره فان العواقب الطيبة يسهل على العبد كل يوصل اليها وان كان شاقا لما يرجو من الثمرة. من بذل المجهود في السعي في الامور النافعة واستعان بالمعبود عليها تاه من ابوابها ومسالكها ادرك المقصود. فان لم يدركه كله ادرك بعضه. وان لم يدرك منه شيئا لم يلم نفسه ولم يذهب سدى وخصوصا اذا ثابر على العمل ولم يتضجر وقل من جد في امر تطلبه واستصحب الصبر الا فاز بالظفر تم والحمد لله رب العالمين بخط عبدالله بن سليمان بن عبدالله السليمان نقله من خط مؤلفه في العشرين من رجب سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة صلى الله على محمد وسلم تسليما