بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه به ومن تبعه باحسان الى يوم الدين. اما بعد بالسند المتصل الى الامام البخاري علينا وعليه رحمة الله قال باب الحدث في المسجد حدثنا عبد الله بن يوسف قال اخبرنا مالك عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الملائكة تصلي على احدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث تقول اللهم اغفر له. اللهم ارحمه هكذا بور البخاري باب الحدث في المسجد اشارة منه الى منعه وساق هذا السند بسند من اصح الاسانيد ولذلك هذا اذا كان الخبر يروى باصح الاسنان فهو حري ان نجده في كتاب طرح التكذيب وهو كذلك فقال حدثنا عبد الله بن يوسف وهو التنيسي من اوثق ابن ماز في الامام مالك توفي عام ثمانية عشر ومئة ومئتين قال اخبرنا مالك وهو الامام الكبير مالك ابن انس وهذا الحديث في موطئه عن ابن زناد وهو عبدالله بن دكوان توفي عام احدى وثلاثين ومئة عن الاعرج عبدالرحمن ابن هرمز في عام سبعة عشر ومئة عن ابي هريرة الصحابي الجليل الذي حفظ لهذه الامة حديث نبيها صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الملائكة تصلي على احدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث طبعا الخبر في الموطأ برواية يحيى ابن يحيى ليثي برقم سبع وستين ومئة وجاء عقب الخبر قال يحيى قال مالك لا ارى قولهما لم يحدث الا الاحداث الذي ينقض الوضوء وهذا الكلام في الوقت يحيى الليثي والموطأ سمي موطأ لان مؤلفه وطأه للناس بما يذكره من شرحه للاحاديث وبيانه للنصوص وهذا الكلام ليس في رواية ابي مصعب الزهري عن الامام مالك والحديث جاء في رواية همام ابن منبه عن ابي هريرة وهو في الصحيفة رقم تسعة ففي رواية همام عن ابي هريرة فيه فقال رجل من حضرموت لابي هريرة وما الحدث؟ قال فتاء او ضراب ما لم يحدث يقول اللهم اغفر له. اللهم ارحم هذا هو دعاء الملائكة الحديث فيه فوائد من فوائده الفرق بين المغفرة والرحمة فالمغفرة ستر الذنوب والرحمة افاضة الاحسان ثانيا الحديث يبطل تلكم الفضيلة لمن انتظر الصلاة حتى الحدث اذا احدث الانسان فان الحدث يبطل تلكم الفضيلة لمن انتظر الصلاة حتى وان استمر جالسا. لان الملائكة تتأذى بالحذر ثالثا من اراد ان تحط خطاياه فليغتنم ملازمة مصلاه بعد الصلاة ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له فهو مرجو اجابته لقوله تعالى ولا يشفعون الا لمن ارتضى رابعا ان الحدث في المسجد خطيئة يحرم بها المحدث من استغفار الملائكة. ومن دعاء الملائكة المرجو بركته. ولذلك البخاري هنا باب حدث في السيارة لانه خطيئة. كما ان البزاق في المسجد خطير خامسا الفوائد اذا كان من وافق تأمينه وتأمين الملائكة غفر له فهذا اولى فعلى الانسان ان يحافظ على مصلاه على هذا الجلوس فهو جلوس الثمين ثالثا من من حبس نفسه على اعمال البر نال البركة لان هذا جلس في مصلاه فقد نال البركة فكل انسان يحبس نفسه على اعمال البر نال البركة فعلى الانسان ان يحمل دائما بتحصيل هذا وهنا الملائكة تصلي على احدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث هذا يدل على العموم سواء كنت في المسجد او في البيت يشمل الرجال ويشمل النساء فينبغي على الانسان ان لا يتعجل اذا ايها الاخوة من اراد ان تحط عنه الذنوب بغير الكبير تعب فليغتنم ملازمة مصلاه بعد الصلاة لاجل ان يستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له فهو مرجو اجابته لقوله تعالى ولا يشفعون الا لمن ارتفع اي لا يشفعون الا لمن ارتضى الله ان يشفع له بمعنى الملائكة لا يشفعون الا لمن استحق الشفاعة والمغفرة ايها الاخوة كما قلنا ستر الذنوب ودفع ضررها. والرحمة افاضة الاحسان وكلاهما لا غنى لنا عنهما وسيأتينا باذن الله تعالى في صحيح البخاري ايضا قوله صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا وذلك انه اذا توضأ فاحسن الوضوء ثم خرج الى المسجد لا يخرجه الا الصلاة لن ياخذ خطوة الا رفعت بها درجة وحط عنه بها خطيئة. فاذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللهم صلي عليه اللهم ارحمه ولا يزال احدكم في صلاة ما انتظر الطلب. اذا الانسان يؤجر على الصلاة في انتظارها ويؤجر على الصلاة. بعد ان ينتهي منها جالسا حابسا نفسه فهذا باب من ابواب الحسنات على المرء ان لا يضيعه وهذا يكون لمن في المسجد وكذلك لمن في البيت يجلس ينتظر الصلاة او ينتظر الصلاة من وقت الى وقت او يجلس بعد الصلاة يحبس نفسه على ذكر الله تعالى وفي هذا الحديث بيان ان من وظائف الملائكة الصلاة على المؤمنين وصلاتهم على المؤمنين قد جاء ذكرها في القرآن الكريم اذ ان الله قد اخبر ان الملائكة تصلي على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي وهم يصلون على المؤمنين ايضا. قال تعالى هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما والصلاة من الله تعالى ثناؤه على عبده في الملأ الاعلى وقد علق البخاري في صحيحه عن ابي العالية الرياحي قال وقال غيره الصلاة من الله الرحمة وقال لا منافاة بين القولين. اذا ابو العالية الرياحي ذكر بانه ان معنى الصلاة ذكر الله عبده في الملأ الاعلى ونقل عن غيره الرحمة ولا منافاة بين القولين ان ذكر الله بعبده من رحمته له اما الصلاة من الملائكة فهي بمعنى الدعاء والاستغفار ولذلك الملائكة تصلي على اجناس من الناس فتصلي على معلم الناس الخير الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدل الى الخير ولذا جاء في جامع الترمذي من حديث ابي امامة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله وملائكته واهل السماوات والارض حتى النمل في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير لان معلم الناس الخير يبث رحمة الله ويبث احسان الله الى عبيده ويبث الحياة حياة القلوب. لان الوحي فيه حياة القلوب فالملائكة تدعو لاولئك الذين يعلمون الناس الخير ايضا الملائكة يدعون للذين ينتظرون الصلاة او الذين حبسوا انفسهم على ذكر الله بعد الصلاة كما في الحديث الذي مر عندنا ثالثا الملائكة يصلون على الذين يصلون في الصف الاول فهم يبادرون بطاعة الله تعالى ويبكرون لاجل هذا وقد جاء في عن ابي داوود من حديث البراء بن عاذب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان ان الله وملائكته يصلون على الصفوف الاول وجاء عند النسائي على الصفوف المتقدمة وجاء في سنن ابن ماجة ايضا ان الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف اذا يكون الملاك يتبع اصحاب الصف الاول وكذلك على الذين يشدون الفرج بين الصفوف وفي سنن ابن ماجة من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة وكذلك الذين يتسحرون ويقومون الفريضة وكذلك النافلة فقد جاء عند ابن حبان من حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله وملائكته يصلون على المتسحرين وايضا الذي يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فان الملائكة تصلي عليه فقد اخرج الامام احمد والضيافة المختارة من حديث عامر ابن ربيعة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يصلي علي الا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي علي فليقل العبد من ذلك او ليكثر كذلك فان الملائكة تصلي على الذين يعودون المرضى لان في عيادة المريض اداء لحق المسلم وقد جاء في سنن ابي داوود من حديث علي ابن ابي طالب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من رجل يعود مريضا ممسيا الا خرج معه سبعون الف ملك يستغفرون له حتى يصبح وكان له خريف في الجنة ومن اتاه مصلحا خرج معه سبعون الف ملك يستغفرون له حتى يمسي وكان له خريف في الجنة وصلاة الملائكة على المؤمنين فيها منفعة عظيمة. فربنا يقول هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الى النور فاذا ذكر الله لعبده في الملأ الاعلى فيها منفعة عظيمة وهذه تجعل اصول دعاء الملائكة واستغفار الملائكة للمؤمنين ودعاء الملائكة مستجاب ومر معنا في اول الدرس انه من وافق تأمينه تأمين الملائكة استجيب له فما بالك بالذي تدعو له الملائكة الحافظ ابن رجب الحنبلي حينما ذكر الحديث قال قوله اللهم اغفر له اللهم ارحمه فهو مطابق لقوله تعالى والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض قال ابن حجر قيل السر فيه انهم يطلعون على افعال بني ادم وما فيها من المعصية والخذل في الطاعة فيقتصرون على الاستغفار لهم من ذلك. لان دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة ولو هذب ولو فرض ان فيه من تحفظ من ذلك فانه يعوض من المغفرة بما يقابله اذا هذا الحديث حديث عظيم يدل على منقبة عظيمة وقد تكلمنا مرارا ان الانسان حينما يعرف قيمة العمل الصالح فانه لا يفرط فيه اما من جهل قيمة العمل الصالح فانه حري ان يفرط فالحديث هذا يضخ فيه فوائد وعوائد عظيمة فمن فوائد الحديث الترغيب في الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة والجلوس في البيت انتظار الصلاة وكذلك الجلوس اقم الصلاة من الفوائد فضيلة من انتظر الصلاة مطلقا سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد او تحول الى غيره من الفوائد انه ينبغي لمن يجلس في المسجد ان يكون على طهارة وان يبتعد عن الاذى لان الحدث ممنوع داخل المس وان الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو ادم من الفوائد ان الحدث في المسجد يبطل استغفار الملائكة ويبطل دعائهم له في الحال ولو استمر جالسا من الفوائد ان الحدث في المسجد اشد من النخامة فيه لان النخامة تكفر بالدفن ولا يفهم بها صاحبها من استغفار الملائكة اما هذا فيحرم منه الانسان استغفار الملائكة ومنها يستدل به على افضلية الصلاة على غيرها من الاعمال لما ذكر من صلاة الملائكة عليه ودعائهم له بالمغفرة والتوبة فخير اعمال الناس الصلاة وقد جاء في الخبر خير اعمالكم الصلاة استقيموا واعلموا ان خير اعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء الا مؤمنا ومن الفوائد انه يستدل به على تفضيل صالح الناس في الاعمال فيما بينهم حينما يقبلون على ربهم لان الانسان حينما يحصل على دعاء الملائكة فيرفع منزلة عند الله سبحانه وتعالى ومن الفوائد ان الحدث لا يمنع الجلوس في المسجد وقد اختلف عن الفقهاء في الجلوس في المسجد للمحدث فروي عن ابي الدرداء انه خرج من المسجد فبات ثم دخل فتحدث مع اصحابه ولم يمس ماء وكذلك روي عن علي ابن ابي طالب نحو هذا وهناك من يرى ان هذا يمنع اخذا بظاهر الحديث اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان لا يحرمنا عباده الصالحين من الملائكة ومن الانس ومن الجن نسأل الله ان يرحمنا وان يرحم امة محمد اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته