التي عليها محمد صلى الله عليه وسلم واتيانه بهذا الكتاب برهان قوي يضطر اليه الناظر انه حق وما احتوى عليه حق وانه لا سبيل له الى ذلك الا بالوحي والرسالة ثانيا انه صدق جميع الكتب وجميع ما اخبرت به الرسل فجميع ما في كتب الله من التوحيد والصفات وما اخبرت به الرسل عن ذلك فما جاء به محمد يصدق ذلك ويوافقه ويشهد له مع ما هو عليه صلى الله عليه وسلم من الوصف المذكور ثالثا ان هذه الاسماء الحسنى والصفات العليا التي اخبر بها عن الله كلها متصادقة يصدق بعضها بعضا ويناسب بعضها بعضا حيث دل كل معنى منها على الكمال المطلق بكل وجه وبكل اعتبار الذي لا كمال فوقه بل لا يمكن عقول العقلاء ان تتصور معنا واحدا من معاني تلك الاوصاف المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الاشارة الى ما في القرآن من براهين التوحيد توحيد الالوهية والعبادة لما كان توحيد الباري اعظم المسائل واكبرها وافرضها وافضلها وحاجة الخلق اليه وضرورتهم فوق كل ضرورة تقدر فان صلاحهم وفلاحهم وسعادتهم متوقفة على التوحيد نوع الله الادلة والبراهين على ذلك وكانت ادلته واضحات وبراهينه ساطعات فمن اوضح ادلته واجلاها الاستدلال على ذلك باعتراف الخلق برهم وفاجرهم الا شرذمة ملحدة معطلة للبارئ فالخلق كلهم مسلمهم وكافرهم قد اعترفوا بان الله هو الخالق وما سواه مخلوق وهو الرازق ومن سواه مرزوق وهو المدبر وما سواه مصرف مدبر وهو المالك وما سواه مملوك فهذا يدل اكبر دلالة على انه لا يستحق العبادة سواه ولهذا يستدل به على المشركين ويأخذهم باعترافهم كقوله قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون سيقولون لله قل افلا تذكرون قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل افلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون سيقولون لله قل فانى تسحرون وايات كثيرة جدا فيها هذا المعنى. لانه برهان واضح ينقل الذهن منه باول وهلة بان من هذا شأنه وعظمته انه هو المنفرد بالوحدانية المستحقة للعبودية واخلاص الدين له ومن براهين التوحيد اخباره في عدة ايات ان جميع ما يعبد من دونه مخلوق فقير عاجز لا يستطيع نفعا ولا دفعا ولا جلب خير لعابده ولا وقاية شر ولا ينصر من عبده ولا انفسهم ينصرون ومن كان بهذه المثابة فمن السفه والحمق الجنوني عبادته وخوفه ورجائه وتعليق القلوب به وانما يجب تعليق القلوب بالغني المطلق الذي ما بالعباد من نعمة ولا خير الا منه ولا يدفع المكاره الا هو وهذا ايضا برهان اخر انه لا يأتي بالحسنات الا هو ولا يدفع السيئات الا هو وهو الذي يجيب المضطرين وينقذ المكروبين ويكشف السوء عن المضطهدين وهو الذي جعل لعباده الارض قرارا واجرى لهم فيها انهارا وجعلها مهادا مهيئة لجميع مصالحهم ومنافعهم وانزل من السماء ماء فانبت به حبا ونباتا وجنات الفافا وانبت به حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وابا متاعا لكم ولانعامكم وهو الذي يطعم عباده ويسقيهم واذا مرضوا يشفيهم وهو الذي يحيي ويميت واذا قضى امرا قال له كن فيكون وهو الذي يطعم ولا يطعم ويجير ولا يجار عليه ويغيث ولا يغاث وهو الذي خلق الانسان وعلمه الكتابة والبيان وعلم القرآن وجعل الشمس والقمر والكواكب للمصالح المتنوعة والحسبان والسماء رفعها ووضع الميزان وامر عباده ان يسلكوا طريق العدل ولا يطغوا في الميزان وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون منه حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وهو الذي سخر لعباده جميع ما في السماوات والارض واسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة واتاهم من كل ما سألوه بلسان المقال ولسان الحال وهو الذي جعل لهم الليل لباسا والنهار معاشا. ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا وهو الذي جعل لهم السمع والابصار والافئدة والقوى الظاهرة والباطنة وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر وهو الذي بيده الملك والحمد وبيده الخير ويعز ويذل ويعطي ويمنع ويقبض ويبسط وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو اهون عليه وله المثل الاعلى وهو الذي جعل لعباده الانعام فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب وتحمل اثقالهم الى بلد لم يكونوا مبالغيه الا بشق الانفس والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وهو الذي اوحى الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون الايات وهو الذي خلق لكم من انفسكم ازواجا وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات وهو الذي جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جنود الانعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم اقامتكم ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا ومتاعا الى حين وهو الذي خلق لكم من الجبال اكنانا وجعل لكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا تتزينون به وهو الذي جعل لكم المساكن كفاتا احياء في الدور وامواتا في القبور الم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين الم نخلقكم ماء مهين. فجعلناه في قرار مكين الى قدر معلوم. فقدرنا فنعم القادرون الم يتفضل بما هو اعظم من ذلك بالنعم الدينية والاخروية التي هي السبب في السعادة الابدية الم يمن على المؤمنين بالاسلام والايمان ويبعث فيهم رسولا يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون الم يوضح لهم الصراط المستقيم ويكمل لهم الدين ويمن عليهم بالهداية التامة بداية التعليم والتفهيم والارشاد وهداية التوفيق والعمل والانقياد الم يخرجهم من ظلمات الجهل الى نور العلم ومن ظلمات الكفر الى نور الايمان ومن ظلمات المعاصي الى نور الطاعة ومن ظلمات الغفلة الى نور الانابة اليه وذكره الم ييسرهم لليسرى ويجنبهم العسرى الم يحبب اليهم الايمان ويزينه في قلوبهم ويكره اليهم الكفر والفسوق والعصيان ويجعلهم من الراشدين فضلا منه ونعمة والله عليم حكيم الم يعصمهم من موبقات الاثام ويحفظهم من فتن الشكوك والشبهات والاوهام الم يفتح لهم ابواب التوبة والرحمة ويأمرهم بالاسباب التي يدركون بها رحمته وينجون بها من عقابه الم يجعل الحسنة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة والسيئة بواحدة ومآلها العفو والصفح والغفران وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى الم يكن جانب فضله وكرمه ورحمته في جميع الامور سابقا وغالبا ان رحمتي سبقت غضبي وفي لفظ غلبت فللرحمة السبق والاحاطة والسعة ولها الغلبة بحيث يضمحل معها اسباب العقوبة اما تقدم في الحسنات والسيئات وان العبد لو افنى عمره في المعاصي ثم في ساعة واحدة قبل ان يغرغر تاب واناب غفر له كل ذلك وابدل سيئاته حسنات وان ادنى مثقال حبة خردل من ايمان يمنع الخلود في النار. وان الكفار والفجار واصناف العصاة يبارزون المولى بالمخالفات والعظائم وهو يعافيهم ويرزقهم ويدر عليهم النعم ويستعتبهم ويعرض عليهم التوبة ويخبرهم انهم ان تابوا عفا عنهم وغفر لهم حتى اذا ماتوا وهم كفار ولم يكن فيهم من الخير مثقال ذرة واللهم ما تولوا لانفسهم ورضوا لها من الشقاء الابدي واذا كان جميع ما فيه الخلق من النعم والافراح والمسرات اسبابها ومسبباتها الظاهرة منها والباطنة الدينية والدنيوية كلها من الله وهو الذي تفضل بها من غير سبب منهم فان حصل بعض الاسباب الواقعة من الخلق التي ينالون بها نعمه ورحمته فتلك الاسباب هو الذي اعطاهم اياها فمنه كل شيء محبوب وجميع الشرور والمكاره هو الذي دفعها ويسر دفعها فمن كان هذا شأنه العظيم وخيره الجسيم اليس هو الذي يستحق ان يبذل له خالص العبودية وصفو الوداد واحق من عبد واولى من ذكر وشكر فتبا لمن اشرك به من هو مضطر اليه في كل احواله فقير في جميع اموره ومن براهين التوحيد ما يصف الله به الاوثان ومن عبد من دونه من النقص العظيم وانها فاقدة للكمال وربما كانت فاقدة ايضا للاقوال والافعال وانها لا تخلق ولا ترزق باعتراف عابديها وليس لها ملك ولا شريكة في الملك وليس لها مظاهرة لله ولا معاونة بوجه من الوجوه وليس الله محتاجا اليها ولا الى غيرها بل هو الغني الحميد والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ولا ينصرونهم ولا انفسهم ينصرون ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ان الذين تدعون من دون الله عباد امثالكم ادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين الهم ارجل يمشون بها ام لهم ايدي يبطشون بها ام لهم اعيني يبصرون بها ام لهم اذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدوني فلا تنظرون افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى مثل الذين اتخذوا من دون الله اولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وان اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون الى غير ذلك من الصفات الناقصة التي وصف الله بها كل ما عبد من دونه وهي معلومة حتى عند العابدين لها ولكنهم يزعمون الزعم الباطل انهم يريدون ان تشفع لهم او تقربهم اليه زلفى وهذا القصد الخبيث اعظم مبعد لهم عن الله فانه لا يتقرب اليه الا بما يحب. ولا يتوسل اليه الا بالايمان والتوحيد الخالص والاعمال الخالصة لوجهه ومن تقرب اليه بالشرك لم يزدد منه الا بعدا وبذلك قطع الصلة بينه وبين ربه فاستحق الخلود في النار وحرم الله عليه الجنة ومن براهين التوحيد ايامه بين عباده واكرامه للرسل واتباعهم الذين قاموا بتوحيده وان جاؤهم من الشرور والعقوبات واحلاله المثلات بالامم المشركة بالله المستكبرة عن عبادة الله المكذبة لرسل الله لما حذرهم وانذرهم واقام عليهم الحجج المتنوعة والايات المفصلة على توحيده وصدق رسله فكذبوا فاوقع بهم انواع العقوبات المتنوعة فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون ام خاتمة ذلك ما نصر به خاتم رسله محمدا صلى الله عليه وسلم حين بعثه بالتوحيد الخالص والنهي عن الشرك فقاومه اهل الارض الاقربين منهم والابعدين ومكروا في نصر باطلهم وابطال الحق الذي معه المكرات العظيمة فخذلهم الله ونصر نبيه واتباعه النصر الذي لا مثيل له ان في ذلك لاية على ان دين الله الذي هو التوحيد والايمان هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل وان رسوله هو الصادق الامين. وان جميع من عاداه لفي اعظم الغي والضلال والشقاء ومن البراهين على التوحيد وعلى صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو داخل في الايمان بالله ورسوله والايمان بالغيب ما قصه الله في كتابه من الغيوب الماضية والحاضرة والمستقبلة التي لا تزال تحدث شيئا فشيئا طبق ما اخبر به القرآن فمن ذلك ما اخبر به عن تفاصيل الوقائع الماضية في قصص الرسل في انفسهم ومع اقوامهم من اتباعهم واعدائهم تفصيلا ليس لاحد طريق الى تحصيله الا الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ونهاية ما عند خواص اهل الكتاب من تلك التفاصيل نتف وقطع لا يحصل منها قريبا مما يحصل بالقرآن ولهذا يخبر في اثناء هذه القصص ان اتيان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بها دليل على رسالته كقوله بعدما ذكر قصة موسى مبسوطة وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الى موسى الامر وما كنت من الشاهدين ولكنا انشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت فاويا في اهل مدينة تتلوا عليهم اياتنا ولكن ولكنا كنا مرسلين وما كنت بجانب الطور اذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما لتواذر قوما ما اتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون اي انه لا سبيل لك الى معرفة هذه الامور بتلق عن احد ولا وصول لذلك الا من جهة الوحي الذي اوحاه اليه وكذلك ذكر الله هذا المعنى في اخر قصة يوسف المطولة في قوله وما كنت لديهم اذ اجمعوا امرهم الاية وفي قصة مريم وزكريا وما كنت لديهم اذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم وما كنت لديهم اذ يختصمون فكل هذا يدل اكبر دلالة على رسالتي وصحة ما جاء به من التوحيد حيث جاءتهم هذه الامور المفصلة بطريقة لا سبيل اليها الا بالوحي ومثل ذلك خبره عن الملائكة والملأ الاعلى وقصة ادم وسجود الملائكة له بعد تلك المراجعات فقال ما كان لي من علم بالملأ الاعلى اذ يختصمون واعظم من ذلك كله واجل اخباره صلى الله عليه وسلم عن الرب العظيم وقصه لصفاته العظيمة مفصلة بحيث جاء هذا القرآن بما لم يأتي به كتاب قبله واخبر عن الله اخبارا عظيمة عجزت قدر الاولين والاخرين ان يأتوا بما يقاربها او بما ينقضها او ينقض بعضها فجميع الكتب السماوية المنزلة على الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين جميع ما فيها من الخبر عن الله فانه في القرآن وفي القرآن زيادات عظيمة وتوضيحات تدل اكبر دلالة على ان من جاء به امام الرسل وسيد الخلق وان هذا القرآن مهيمن على ما قبله من الكتب وان كل حق قاله وتكلم به احد من الخلق فهو في ضمن القرآن فان قيل فكيف تجعلون هذا البرهان الذي هو الخبر عن الله وعن كماله ونعوت جلاله من براهين رسالة محمد وادلة التوحيد وانتم في مقام التكلم مع الموافق والمخالف والمعترف برسالة محمد صلى الله عليه وسلم والمنكر لها وذلك من امور الغيب التي لا يعترف بها الا كل مؤمن. وانتم تريدون جعله برهانا يسلم بصحته حتى المخالفون المنكرون لرسالته اذا سلكوا طريق الانصاف والاعتراف بالحقائق الثابتة التي يسلمها جميع العقلاء المعتبرين قيل في الجواب عن هذا الايراد هذا البرهان يتضح وينجلي بامور منها ان الذي جاء به رجل امي لا يقرأ ولا يكتب وقد نشأ بين اميين لم يجالس احدا من اهل العلم ولم يدرس كتابا ولم يزل على هذه الحال حتى جاء بهذا الكتاب الذي معظمه هذه الاخبارات الجليلة المتناسبة المحكمة فبمجرد النظر الى هذه الحالة فهذا اكبر دليل على انها حق وان من جاء بها هو رسول الله حقا رابعا ان اثارها ومتعلقاتها في الوجود والخلق والامر مشهودة محسوسة فاثار ما اخبر به من العظمة والملك والسلطان واثار ما اخبر به من العلم المحيط والحكمة الواسعة واثار ما اخبر به من الرحمة والجود والكرم واثار ما اخبر به من اجابة الدعوات وتفريج الكربات وازالة الشدات واثار ما اخبر به من كمال القدرة ونفوذ الارادة وكمال التصرف والتدبير الى غير ذلك مما اخبر به عن الله فان اثاره تلك في الوجود مشهودة لكل احد لا ينكرها او يتوقف فيها الا مكابر فهو يخبر صلى الله عليه وسلم عن غيب محكم يشاهد الخلق من اثاره ما يدلهم دلالة قاطعة على ذلك خامسا هذه النعوت العظيمة التي اخبر بها عن الله لا يمكن التعبير عن اثار معرفتها في قلوب العارفين بها من التعظيم والاجلال الذي ليس له نظير ومن الود والسرور والابتهاج الذي لذات الدنيا بالنسبة اليه اقل من قطرة بالنسبة الى البحر وهم خلق لا يحصي عددهم الا الذي خلقهم وهم علية الخلق وخلاصة الوجود واكمل الناس اخلاقا وادابا. وارجحهم عقولا واصوبهم الا وقد اتفقوا على هذا الامر العظيم ليس اتفاقا علميا فحسب بل هو اتفاق اعتقادي علمي يقيني وجداني ضروري فهذا الاتفاق الذي ليس له نظير وهو من اثار ما اخبر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن ربه من الكمالات من اعظم البراهين على صدق رسالته وصحة ما جاء به من التوحيد الخالص فان قلت قد يتفق طوائف من الخلق على بعض الامور التي ليست بحق ويكثرون جدا وقد اتفق العقلاء على ان ذلك ليس دليلا على صوابهم ان لم يكن لهم بذلك برهان الجواب ان الامر كذلك ولكن ما ذكرنا من اتفاق اهل المعرفة بالله لا يشبهه شيء من تواطؤ الطوائف واتفاقها كما ذكرنا انه مبني على العلم اليقيني والبرهان الوجداني والاثار الجميلة الجليلة التي لا يمكن ان تقع خطأ او عن غير بصيرة وهم بهذا الوصف الذي ذكرنا ولهذا قال تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم فذكر شهادة اولي البصائر من الانبياء والعلماء الربانيين على التوحيد وانها من اعظم البراهين عليه وكذلك اخبر عن الملائكة والجنة والنار وتفاصيل ذلك بامور يعلم انه لا يمكن ان يأتي بها الا نبي مرسل موحا اليه من الله بذلك فمعارف الخلق وعلومهم تقصر غاية القصور عن بيان بعض ذلك ولكنها رحمة الله وهدايته لعباده بعثها على يد خاتم الرسل واكملهم رسالة وحظهم من هذه الرحمة بحسب نصيبهم من هذه الهداية واما الغيوب الحاضرة والمستقبلة الدال كل واحد منها على صدقه وحقية ما جاء به فكيف بجميعها فكيف اذا انضمت الى براهين رسالته التي لا تحصى اجناسها فضلا عن افرادها فمن ذلك ما في القرآن من وعده لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ان يتم الله امره وينصره ويعلي دينه ويظهره على الدين كله ويخذل اعداءه ويجعلهم مغلوبين مقهورين اذلين وهذا كثير جدا مثل قوله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون والله متم نوره ولو كره الكافرون وينصرك الله نصرا عزيزا وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ان الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين الى غير ذلك من الايات التي اخبر بها بهذه الامور العظيمة والاوعاد الصادقة التي وقعت طبق ما اخبر الله به ازداد بذلك المؤمنون ايمانا ولهذا يذكر تعالى نعمته في قوله تذكيرا لعباده المؤمنين واذكروا اذ انتم قليل مستضعفون في الارض تخافون ان يتخطفكم الناس فاواكم فاواكم وايدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون وكذلك قوله يا ايها النبي قل لمن في ايديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم وقد فعل ذلك وقوله لرسوله والمؤمنين وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه الاية وقد فعل واخبر ان صلح الحديبية فتح مبين مع ما فيه من تلك الشروط التي كرهها اكثر المؤمنين ثم تبين لكل احد بعد ذلك انه فتح مبين فيه من المصالح للاسلام والمسلمين ما لا يمكن احصاؤه ومن ذلك قوله يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله الاية وقد وقع ذلك كله واخباره انه سيتوب على كثير من ائمة الكفر وينصر عباده عليهم كقوله قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزهم وينصركم عليهم وينصركم عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء وقوله ليس لك من الامر شيء او يتوب عليهم وقوله عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم وقد فعل ذلك وقوله تعالى سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم وقد قالوا ذلك وقوله فسيكفيكهم الله والله يعصمك من الناس اليس الله بكاف عبده واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين انهم يكيدون كيدا واكيد كيدا فمهلي الكافرين امهلهم رويدا وقد اوقع بهم مصداق ذلك من الاخذات ما اوقع وقوله وللاخرة خير لك من الاولى اي كل حالة متأخرة من احوالك خير لك من سابقتها ومن تتبع سيرته واحواله صلى الله عليه وسلم وجد ذلك عيانا كل وقت خير مما قبله في العز والتمكين واقامة الدين الى ان قال له في اخر حياته اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وقال تعالى الف لام ميم غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين وقد وقع ذلك كما اخبر وقال تعالى وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون وسيعلم الكفار لمن عقب الدار وهذا وعيد بان عواقبهم ستكون وخيمة فوقع طبق ما اخبر وقوله فستبصر ويبصرون بايكم المفتون وقد ابصر كل احد انهم هم المفتونون وقوله فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا سيجعل الله بعد عسر يسرا وقد يسر الله الامور بعد عسرها ووسعها بعد ضيقها وشدتها وقوله وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا الايات وقد فعل وله الحمد ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون وقال تعالى قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم اولي بأس شديد تقاتلونهم او يسلمون وقد دعوا لذلك في وقت ابي بكر وعمر والخلفاء والملوك الصالحين وقوله انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد وكان حقا علينا نصر المؤمنين اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير وقوله لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امنين محلقين امنين محلقين رؤوسكم ومقصرين. الاية وقوله سيقول المخلفون الاية وقوله سيحلفون بالله لكم اذا انقلبتم اليهم لتعرضوا عنهم فاعرضوا عنهم وقد قالوا ما ذكر الله انهم سيقولونه وقوله تعالى ام يقولون نحن جميعا منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر وقد وقع ذلك في بدر بعد هذا الكلام ومن ذلك قوله تبت يدا ابي لهب وتب ما اغنى عنه ما له وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد وقوله ذرني ومن خلقت وحيدا الى قوله ساصليه سقر الايات فاخبر عن ابي لهب وامرأته وعن هذا الوحيد بصلي النار ومن لازم ذلك بقاؤهم على كفرهم وتكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم فوقع وبقوا على ذلك حتى هلكوا وقوله انا كفيناك المستهزئين فوعده بكفايته اياهم فاوقع بهم العقوبات المتنوعة وهي معروفة بين اهل السير وقوله لما ذكر مكر رؤساء الكفر جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب وقوله فدرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون وقوله في ايات التحدي فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار فاخبر انهم لن يفعلوا في المستقبل فلم يفعلوا وكذلك في تحدي اليهود قل ان كانت لكم الدار الاخرة عند الله خالصة من دون الناس خالصة من دون فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ولن يتمنوه ابدا الاية فلم يقع منهم التمني في وقت التحدي الذي دل عليه السياق وقوله تعالى اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا فاخبره بعدة اشياء قبل وقوعها بمجيء نصر الله والفتح ودخول الناس في دين الله افواجا وانه عند ذلك قد حان اجلك وقربت وفاتك فاختم حياتك الشريفة بالتسبيح والحمد والاستغفار وقوله ان شانئك هو الابتر اي مقطوع الذكر الجميل مقطوع من الخير ووقع ذلك وقوله قل هل تربصون بنا الا احدى الحسنيين ونحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده او من عنده او بايدينا فتربصوا انا معكم متربصون وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وقل رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وقد فعل تعالى ذلك وقوله تعالى قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا وهذا خبر منطبق على مخبره في جميع الاوقات وقوله انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وهذا شامل لحفظ الفاظه ومعانيه بحيث لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وحفظه مشاهد محسوس وقوله يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم وقد فعل ذلك وقوله واية لهم انا حملنا في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وهذا شامل لخلق ما لا يعلمه العباد في تلك الاوقات الماضية مما لم يشاهدوا له نظيرا فيدخل فيه جميع المخترعات التي حدثت والتي تحدث الى يوم القيامة من المراكب البرية والبحرية والهوائية وما خلقه وعلمه الانسان بواسطة الكيمياء والكهرباء من المخترعات المدهشة ونقل الاصوات والانوار من الاماكن الشاسعة في اسرع وقت وهذا من الايات والبراهين التي دل عليها القرآن حيث لا يحدث حادث جليل او حقير كبير او صغير الا وفي القرآن تصريح به او ادخاله في عموم او مفهوم وانه لم يأتي ولن يأتي علم صحيح ولا حادث حقيقي ينقض شيئا من ادلة القرآن فانه تنزيل من حكيم محيط علمه بكل شيء نفذت ارادته ومشيئته في كل شيء وقوله تعالى قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم او يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض وقد وقعت القنابل المهلكة والديناميت الناسف لمن باشره او قرب منه والدخان الخانق وما اشبه ذلك وهذا ينطبق على موصوفه غاية الانطباق وفيه التنبيه على حدوث الالات المقربة للمواصلات كما بسطنا ذلك في مواضع اخر فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم وقد ذكر الله التنادي بين اهل الجنة واهل النار مع البعد المفرط والتراء وقد اظهرت المكتشفات الكهربائية والكيماوية مصداق ذلك بعدما كان كثير من المكذبين يسخرون باخبارات الرسل في هذا الباب ويستبعدونها فاظهر الله في هذه الاوقات من البراهين ما يكذب المكذبين الجاحدين وهذا من مصداق قوله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق فلم يزل يري عباده ويحدث لهم من البراهين الدالة على صدق الرسل وان ما جاءوا به هو الحق وما خالفه هو الباطل ولكن ابا المباهتون المكابرون الا عتوا ونفورا ومن ذلك قوله تعالى وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وقوله علم الانسان ما لم يعلم فهذه المنافع التي علمها الله الانسان فلم يزل يفرعها الانسان ويرقيها حتى وصلت الى ما وصلت اليه وهو جاد في طريقه في تنمية الصناعات والمخترعات وذلك كله داخل في تعليم الله له والهامه وايجاده تبارك وتعالى المنافع والقوى في مخلوقاته الله تعالى هو الذي اوجد فيها القوى الصالحة لايجاد المخترعات النافعة منها والله هو الذي علم الانسان ذلك وذلك من اياته في الافاق وفي النفوس الدالة على ان ما جاء به الرسول حق وان لم يهتد لذلك اكثر الخلق ضلالا عن الادلة الحقيقية او عن وجه دلالتها او لقيام عقائد باطلة صارفة وصادفة عن الحق ومن ذلك اخباره ان سنته في خليقته في نظام العالم وفي الاسباب والمسببات والجزاء بالحسنى وبالسوء واحدة لا تتغير ولا تتبدل وهي كلها جارية على مقتضى الحكمة التي يحمد عليها وهذا مشاهد شرعا وقدرا وقد يري عباده تعالى انه يغير بعض المخلوقات عن نظامها المعتاد ليعرف العباد انه المتفرد بالقدرة والتصرف وان جميع الحوادث خاضعة لمشيئته وقدرته وان ما اخبرت به الرسل من امور الغيب كلها حق ولكن ابى الجاحدون الا ان ينكروا ما كان الله اخبر به على السنة رسله مما كانوا الان يعقلونهم نظيره فانقلب عليهم الامر وقلب الله قلوبهم كما لم يؤمنوا به لما جاءهم واستكبروا بعقولهم على الحق ومن اعظم علوم الغيب التي اخبر بها القرآن وابداها واعادها انه اخبر انه لا سبيل الى صلاح البشر وسعادتهم وفلاحهم في الدنيا والاخرة الا باتباع هذا الدين والاخذ بارشاده وهدايته وهذا امر لا يستريب فيه احد فان هذه الامة في عصر الخلفاء الراشدين والملوك الصالحين لما كانوا مهتدين بعلمه وارشاده وتربيته الخاصة والعامة صلحت دنياهم كما صلح دينهم وصاروا المثل الاعلى في القوة والعزة والعدل والرحمة وجميع الكمالات المستعد لها البشر ثم لما ضيعوا هدايته العلمية والعملية تحللوا وانحلوا ولم يزالوا في نقص وضعف وذلة حتى يراجعوا دينهم ثم في مقابلة ذلك من العجب العجيب الذي ليس بغريب ارتقاء الامم الاخرى في هذه الاوقات في الصناعات المدهشة والاختراعات الخارقة المعجزة والقوة الضخمة انهم لم يزدادوا بها الا شقاء حتى صارت حضارتهم التي يعجبون بها ويخضع لها غيرهم مهددة كل وقت بالتدمير العام وجميع ساستهم وعلمائهم في حيرة عظيمة من تلافي هذا الخطر ولن يتلافى الا باتباع ما جاء به القرآن والاسترشاد بهدي محمد صلى الله عليه وسلم الجامع بين العلم والعمل والعدل والرحمة والحكمة ومصلحة الروح والجسد واصلاح الدين والدنيا والاخرة فالعلوم المادية والقوة المادية المحضة ضررها اكثر من نفعها وشرها اكثر من خيرها حيث لم تبنى على الدين الحق وانظر بعينك ترى العجائب فهذا الارتقاء المادي الذي لم يشاهد العالم له نظيرا اذ خلا من روح الدين هو الحبوط والهبوط الحقيقي والدنيا الان كلها في خطر مزعج لا يعلم مدى ضرره وفظائعه الا الله تعالى ومن براهينه التي وقعت مطابقة للواقع والحس والتجارب انه اخبر انه ايات لاولي الالباب لقوم يعقلون ولاولي النهى وهي ايات كثيرة تبين ان اهل العقول وارباب البصائر بقدر ما اعطوا من هذه النعمة الكبرى من العقل الرصين واللب الكامل والرأي الصائب يكون حظهم من هدايته وارشاداته والانتفاع به فتأمل هداة هذه الامة وائمتها ومرشديها هل تجد اكمل منهم عقولا والبابا واصوب اراء وتأمل هل يوجد مسألة اصولية او فروعية في هذا الدين قد شهد احد من العقلاء المعتبرين على فسادها او نقصها وكل من قدح في شيء منها بين بالبراهين المعترف بها بين العقلاء ان الخلل في عقله ولبه وفهمه او في قصده وارادته واذا اردت تفصيل هذه الجملة العظيمة فاقرأ كتاب العقل والنقل لشيخ الاسلام والمسلمين ابن تيمية وكيف برهن بالبراهين العقلية على ضعف عقول القادحين في شيء من هذا الدين وان ما زعموه عقليات جهليات وخرافات وقد تحدى الباري جميع الناس ان يأتوا بمثله او ببعضه او بعشر سور او بسورة من مثله وهذا هو عين هذه المسألة ومن ذلك ما ذكر الله من احكامه لكتابه وانه لا يأمر الا بكل معروف وصلاح ولا ينهى الا عن المنكر والفساد وقد استمرت له هذه الاوصاف الجليلة في كل وقت وزمان وجرت ارشاداته الجميلة صالحة لجميع الاوقات والاحوال والاشخاص فليرنا المنكرون حكما واحدا من احكامه مخالفا لهذا الوصف الذي اخبر به حين انزاله وتحقق تحققا لا ينكره الا مباهت او مقلد له فهو الذي يصلح لكل وقت ولا يصلح الامم اصلاحا حقيقيا سواه وقد اكمل الله به الدين واتم به النعمة وقد تحقق هذا بتكميله العقائد والاخلاق والاعمال والاحوال كلها والدنيا والدين وكل قصور وتقصير حاصل في كل وقت فلفقده او نقصه وهذه الجمل والاصول العظيمة نتحدى بها جميع البشر وانه جاء بجميع المحاسن والمصالح الظاهرة والباطنة ونهى عن القبائح والمضار الظاهرة والباطنة فليأتوا بمثال واحد صحيح مخالف لهذه الاصول التي اسسها القرآن وجعلها قواعد يهدي بها البشر على توالي الزمان هذا اشارة لطيفة في اخبار القرآن عن امور محسوسة مشاهدة بالابصار قد وقعت طبق ما اخبر به اما اخباره بما تفعله هداية القرآن في القلوب والارواح والاخلاق ووجود مخبره كما وصف فاكثروا من ان يذكر واعظم من ان يذكر ويعرفه اولو الالباب والبصائر والاهتداء التام بهدايته العلمية والعملية وهم ازكى الناس واعدل الخلق شهادة وشهادتهم عن علم ويقين ووجدان وحق يقين فمن ذلك اخباره انه يهدي بكتابه من اتبع رضوانه سبل السلام وقال والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فمن جمع بين هذين الوصفين وهما الاجتهاد التام وبذل المجهود مع حسن القصد لطلب رضوان الله هداه السبيل الموصلة اليه والى دار كرامته وحصول الهداية العلمية وهي العلم النافع والهداية الفعلية هداية التوفيق لاتباع الحق لازمة للاجتهاد وحسن القصد لا تتخلف عنهما فمن عدمت هدايته او ضعفت فلفقدهما او فقد احدهما او ضعفهما وقال تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون وهذا مشاهد لاهل البصائر ان من جمع بين الايمان الصحيح والعمل الصالح وهو ما يحبه الله ويرضاه ان الله سيحييه في هذه الدار حياة طيبة واصل الحياة الطيبة طيب القلب وراحته وسروره والقناعة والرضا عن الله فلو كان المؤمن الصادق في اضيق عيش لكانت هذه الحياة الطيبة حاصلة له بوعد الله الصادق الذي لا يخلف الميعاد وقال تعالى الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب وحصول طمأنينة قلوب المؤمنين الصادقين بذكر الله والانس به وعبادته امر لا يمتري فيه احد من اهل الذوق والوجد وما يجده اهل الاحسان الصادقون من ذوق حلاوة الايمان وحقائق اليقين والانس بذكر الله والطمأنينة به والاحوال الزكية والشواهد المرضية على ما اخبر به الرسول اجل واعظم من كثير من البراهين الحسية فانهم وصلوا في هذه الامور الى حق اليقين الذي هو اعلى مراتب اليقين والحق وقال تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه فقد تكفل الله بهداية القلوب لكل مؤمن صادق الايمان وانما يكون مؤمنا حقا اذا حقق اصول الايمان وكان ايمانه بالمأمورات يطلب منه امتثالها وبالمنهيات يقتضي خوفه تركها وايمانه بالقضاء والقدر يعلم ان المصائب من عند الله العزيز الحكيم الرحيم فيرضى بذلك ويسلم وهذا امر معلوم لاهل الايمان الصحيح ومن ذلك جميع ما نذكره في دلالة القرآن على الاخلاق الجميلة الحميدة والامر بها ونهيه عن الاخلاق الرذيلة فهذا من براهين التوحيد والرسالة وصحة جميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم