منقولا الى تلك المسألة. ويسد باب فضل الله وكرمه من غير مانع ولا دليل. وايضا صاحب هذا القول يتناقض فانه يجوز اهداء الشاة الواحدة لاكثر من سبعة. ولا يجوز اهداء جملة كثيرة جدا على جواز اهداء القرب ووصول ثوابها للاحياء والاموات. وهو مذهب الامام احمد الذي لا يختلف مذهبه فيه. والمقصود انه يجب التفريق بين المسألتين. والا يجعل عدم اجزاء البدنة عن غير سبع المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد يقول العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى. في كتابه رسالة في حكم اجزاء سبع في البدنة والبقرة عن الشاة في الاهداء وغيره. بسم الله الرحمن الرحيم. لدعاء الحاجة في كثير من مقاتلي هذه المسألة كتبنا فيها ما يلي. الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فقد كثر سؤال الناس عن اجزاء البدنة والبقرة عن سبع شياه. وهل تقوم مقام السبع في كل شيء من اجزاء واهداء ام تقوم مقام السبع في الاجزاء دون الاهداء؟ فاجبت مستعينا بالله راجيا منه الهداية الظاهرة والباطنة قد ثبت في الصحيح من حديث جابر وغيره رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل والبقرة عن سبعة. كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه لا يجزي في الاضاحي الا جذع من الض او ثني المعز. ففهم اهل العلم من هذا ان جعل النبي صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة يعني انها تجزي عن سبعة اشخاص. وانها تنوب مناب سبع شياه. كما ان سبع الشياه تنوب مناب البدر والبقرة. ولم يزل هذا هو الموجود في اذهان اهل العلم. ولم يذكروا الا خلافا لاسحاق ابن راهاية وغيره رحمهم الله بان البدنة تجزي عن عشر شياه. ومقتضى هذا ان كل سبع منها قائم مقام الشرك يأتي في الاجزاء والاهداء. فكما تجزي الشاة عن واحد فيجزي سبع البدنة عن واحد. وكما يجوز اهداء الشاة في الثوابل اكثر من واحد. فكذلك سبع البدنة. وكما انه المفهوم من كلام الشارع فهو الذي تقتضيه عن الشرعية والحكمة التي جعل الشارع البدنة عن سبعة. لكثرة ثمنها وكبر جسمها. وكثرة لحمها ونفعها. وهذه الحكمة تسبق الى ذهن كل من سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم. لا يشك فيه ولا يمتري. واهل العلم ما زالوا على هذا المفهوم من كلام الشارع. ولذلك لما ذكر المجد في المنتقى حديث جابر حديث ابن عباس رضي الله عنهم وغيرهما في ذلك ترجم عليه فقال باب اجزاء البدنة عن سبع شياه. وكذلك غيره. وايضا فاجزاء البدنة والبقرة عن سبع انما معناه انها سبع اضاحي. كما جعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليس معناه ان كل واحدة من اضاحيها لا يجوز اهداؤه لاحد اكثر من واحد فهذه مسألة وتلك مسألة اخرى. فان الاخيرة هي مسألة اهداء القرب. وقد ثبت في الاحاديث الحديث الصحيحة المتكاثرة. جواز اهداء القرب. وقد قررها ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح. وذكر ادلة البدنة لاكثر من سبعة. ومع تناقض هذا القائل فليس عنده حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف في ذلك ولا قول واحد من الصحابة بل ولا قول واحد من اصحاب الامام احمد وانما نصوصهم على خلاف ذلك كما سنذكرها ان شاء الله تعالى. وقد قال ابن ابي عمر في الشرح الكبير ولا بأس ان يذبح الرجل عن اهل بيته شاة واحدة او بدنة او بقرة يضحي بها. نص عليه احمد وبه قال ما لك والليث والاوزاعي واسحاق الى اخر كلامه فصرح ان البدنة والبقرة قابلة لاهدائها لاكثر من سبعة كالشاه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن ابا بطين على سعة اطلاعه على كلام الاصحاب. لما سئل عن اهداء سبع البدنة او سبع البقرة لاكثر من واحد اجاب بانه لم ير فيها ما يدل على المنع ولا على الجواز. وان كان بعض الذين يفعلون ذلك. هذا نص فتواه. فلو كان عنده من كلام احد من الاصحاب ما يدل على المنع لذكره. ولو فهم ما فهمه بعض المتأخرين من قول الاصحاب وتجزي البدنة والبقرة عن سبعة انه سبعة اشخاص حتى في اهداء اجرها لذكر ذلك. فدل على ان الافتاء بالمنع من جواز اهداء سبع البدنة حادث. لم يعرفه الشيخ رحمه الله. وقد حرصت على البحث في هذه المسألة وراجعت ما تيسر لي مراجعته من كتب الاصحاب. فلم ارى احدا منه صرح بالمنع بل ولا هو ظاهر من عبارته. بل الذي رأيته من كلامهم في عدة مواضع التصريح بهذه المسألة وانها هي المذهب قولا واحدا. وهاك نقل كلامهم الدال على ما ذكرته ليتضح لك ويتبين لك الصواب قال في المنتهى وشرحه والاقناع وشرحه وما قبلها وما بعدها من كتب الاصحاب في اخر جزاء الصيد وتجزي البدنة والبقرة عن سبع شياه كعكسه. كما تجزي سبع الشياه عن البدنة والبقرة فانظر رحمك الله هذه العبارة. وانها تدل دلالة لا تقبل الاشتباه ان البدنة جميعها تجزي عن سبع شياه فاذا كانت سبع الشياه قد تقرر انه يجوز اهداؤها لاكثر من سبعة اشخاص فالبدنة والبقرة كذلك وكما ان هذه العبارات تدل على جملة البدنة والبقرة فانها تدل على سبعهما من باب اولى واحرى وان سبع كل منهما قائم مقام الشاة في كل شيء. ومن ذلك اذا اهدى الشاة لاكثر من واحد فانها تجزي فكذا سبع البدنة. ولو كان لا يجزي لاستثنوه من هذا العموم. كما قالوا مريدين التعمير ولو في جزاء الصيد. اشارة لما في جزاء الصيد من الخلاف. بل قد ورد حديث بهذا اللفظ ترجم عليه في التقى فقال باب ان البدنة والبقرة عن سبع شياه وبالعكس. عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم اتاه رجل فقال ان علي بدنة وانا موسر لها ولا اجدها فاشتريها فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يبتاع سبع شياه. رواه احمد وابن ماجة. ثم ذكر على هذه الترجمة حديث جابر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم امرنا ان نشترك في الابل والبقر كل سبعة منا في بدنة متفق عليه. وفي رواية في الحج والعمرة. والمقصود ان كلامهم في هذا الموضع في المختصرات متفق على هذا المعنى. وان البدنة تجزي عن سبع شياه في كل حال. فمن ادعى استثناء شيء عليه الدليل وانى له ذلك؟ الموضع الثاني قالوا في كتبهم المختصرة والمطولة الاقناع والمنتهى والمقنع وشروحها ومختصراتها وتوابعها في اخر الجنائز. واي قربة فعلها مسلم واهداها او بعضها كنصفها او ثلثها او ربعها لمسلم حي او ميت نفعه ذلك ومثلوا بالصلاة والصيام والصدقة والحج والاضحية. فمنهم من صرح بالاضحية في هذا المقام. كصاحب الاقناع ومنهم من عمم الحكم بجميع القرب. وهذا نص صريح منهم ان من اهدى اضحية سواء كانت من الغنم او من الابل او من البقر او اهدى بعضها كالنصف والثلث والربع واقل من ذلك انه يصل الى المهدى اليه وينتفع به. فلو قال في حياته هذه اضحية عني وعن والدي. وذبحها من الغنم او من البدن فحكمها واحد. وكذلك لو اهداها بعد وفاته وجعل في وصيته اضحية له ولوالديه. او غيرهما جاز ذلك ووصل اليهم الثواب. ومن قال ان اضحية الشاة تصل اليهم. واضحية البدنة وهي السبع منها او من البقرة لا يصل فقد اتى بشيء من عنده وخالف نص الاصحاب كما خالف دليل السنة لغير مستند شرعي الا ان يدعي ان الاضحية في هذا المقام لا تطلق الا على الشاة. واما سبع البدنة وسبع البقرة فلا يسمى وهذا مخالف للنص والاجماع. وهذا يبين لك ان مرادهم بقولهم في باب الاضحية والهدي وتجزي البدنة والبقرة عن سبعة انها تكون سبع اضاحي. ليس مرادهم ان سبع البدنة والبقرة في باب الاهداء والاحسان لا يهدى لاكثر من واحد. لانه لو كان هذا مرادهم لتناقض كلامهم. ولكنه ولله متفق على المراد في الموضعين. ففي باب الاضاحي والهدي يقال ان البدنة والبقرة عن سبعة سبع اضاحي لا اكثر كما دل عليه النص. وفي باب الاهداء يجوز اهداء سبعها لاكثر من واحد. كما دشات لاكثر من واحد مع انها اضحية واحدة لا تجزي الا عن اضحية واحدة. فالواجب الفرق بين البابين والا يخلط احدهما بالاخر. فيختلط الامر على صاحبه. يوضح هذا انه لو اهدى صلاة واحدة او صيام يوم واحد او صدقة بدرهم واحد او ثوبا واحدا ونحوه لاكثر من واحد لوصل اليه. فما اهل الاضحية لا تصل الا اذا كانت من الغنم. فمن نظر الى كلامهم في هذا الموضع جزم بلا امتراء ان الطريق واحد في الاضل كلها سواء شاة او سبع بدنة او سبع بقرة. الموضع الثالث في قولهم في الكتب المختصة والمطولة في الدماء الواجبة والدم الواجب شاة او جذع ضأن او ثني معز او سبع بدنة او سبع بقرة فهذا ايضا نص صريح ان من وجب عليه دم سواء كان لواحد كنفسه وابيه مثلا او لعدد كوصية واجبة فيها اضحية واحدة لعدة اشخاص انه يجزي فيها احد الامور الثلاثة. وهذا واضح ولله الحمد. الموضع الرابع كلامهم في الوقف والوصايا. فانهم صرحوا بوجوب اتباع لفظ الموصي فاذا قال الموصي في وصيته يخرج منها اضحية لوالدي ووالديهم مثلا نظرنا عند لتنفيذ هذه الوصية ما يسمى اضحية شرعية. فنجده واحدا من ثلاثة اشياء. شاة او سبع بدنة او سبع بقرة. فاذا نفذنا هذه الوصية بحسب اطلاق الشارع. وبحسب العرف الجاري وهو ان كلا من منها اضحية كنا منفذين لهذه الوصية. وخرجنا من التبعة. فاما ان نقول ان نفذناها خرجنا من التبعة وان نفذناها بسبع بدنة او بقرة لم نخرج من التبعة فهو تحكم بلا دليل والمقصود انه لا يوجد حديث صحيح ولا ضعيف ولا قول صاحب من الصحابة. ولا قول احد من الاصحاب ولا دليل المصير اليه يمنع من وصول سبع البدنة او البقرة لاكثر من واحد ويصل اذا كان من شاة. بل الادلة المذكورة على خلاف ذلك كما ذكرناها. وليس افتاء بعض المتأخرين استنادا على العبارة التي ذكرناها واجبنا عنها يوجب اهدار شيء مما تقدم. لكن حسب المفتي بذلك ان يكون معذورا. حيث ظن ان هذا هو الشرع والله عز وجل لا يضيع اجر من احسن عملا. واجتهد في اصابة الصواب. واما ان قوله يجعل رادا لما من الادلة فحاشى وكلا. وليس عذره عذرا لمن وقف على ادلة المسألة وظهرت له مآخذها. فالواجب على العبد ان يتبع الدليل حيث كان. ومع من كان كما عليه ان يحترم اهل العلم والدين. بحسب مقاماتهم في الدين فنسأل الله تعالى ان يوفقنا وجميع اخواننا المسلمين انه رؤوف رحيم. وصلى الله على محمد وسلم. قال ذلك وكتب الفقير الى الله تعالى عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله السعدي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة ونقلته من خطه رحمه الله وانا الفقير الى المولى جل وعلا محمد بن سليمان بن عبدالعزيز عزيز ال بسام في السابع والعشرين من ذي القعدة عام اثني عشر واربعمائة والف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم سلم