ان كنت من الصادقين. تدمر كل شيء بامر ربها فاصبحوا لا يرى الا بساكنهم. كذلك نجزي تدمر كل شيء تمر عليه من شدتها ونحسها. فسلطها الله عليهم سبع ليال وثمانية اهذا الا اساطير الاولين. لما ذكر تعالى حال الصالح البادر لوالديه. ذكر حال عاق وانها شر الحالات. فقال والذي قال لوالديه اذ دعواه الى الايمان بالله واليوم الاخر. وخوفاه الجزاء ايجب داعي الله فليس بمعجز في الارض وليس له من دونه اولياء. اولئك بك في ضلال مبين. ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الارض. فان الله على كل شيء قدير. فلا يفوتك هارب ولا يغالبه مغالب. وليس له من دونه اولياء. اولئك في ضلال مبين واي ضلال ابلغ من ضلال من نادته الرسل. ووصلت اليه النذر بالايات البينات والحجج المتواترات. فاعرض واستكبر المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم فلكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. حا ميم تنزيل الكتاب هذا ثناء منه تعالى على كتابه العزيز وتعظيم له. وفي ضمن ذلك ارشاد العباد للاهتداء بنوره والاقبال على تدبر اياته واستخراج كنوزه ولما بين انزال كتابه المتضمنة للامر والنهي ذكر خلقه السماوات والارض فجمع بين الخلق والامر. الا له الخلق والامر؟ كما قال تعالى الله وهو الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن. وكما قال تعالى ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده ان انذروا انه لا اله الا انا فاتقون. خلق السماوات والارض بالحق. فالله تعالى هو الذي خلق المكلفين وخلق مساكنهم وسخر لهم ما في السماوات وما في الارض. ثم ارسل اليهم رسله وانزل عليهم كتبه. وامرهم ونهاهم. واخبرهم ان ان هذه الدار دار اعمال وممر للعمال. لا دار اقامة لا يرحل عنها اهلها. وانهم سينتقلون منها الى دار الاقامة والقرار وموطن الخلود والدوام. وانما اعمالهم التي عملوها في هذه الدار. سيجدون ثوابها في تلك الدار كاملا موفرا قامت على الادلة الدالة على تلك الدار واذاق العباد نموذجا من الثواب والعقاب العاجل. ليكون ادعى لهم الى طلب المحبوب والهرب من المرهوب ولهذا قال هنا ما خلقنا السماوات والارض وما بينهما الا بالحق اي لا عبثا ولا سدى بل يعرف العباد عظمة خالقهم فيهما ويستدل على كماله ويعلم ان الذي خلقهما على عظمهما قادر على ان يعيد العباد بعد موتهم للجزاء. وان خلقهما وبقائهما مقدر الى اجل مسمى. فلما اخبر بذلك وهو اصدق القائلين واقام الدليل وانار السبيل. اخبر مع كذلك ان طائفة من الخلق قد ابوا الا اعراضا عن الحق وصدوفا عن دعوة الرسل فقال واما الذين امنوا فلما علموا حقيقة الحال قبلوا وصايا ربهم وتلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالانقياد والتعظيم ففازوا بكل خير. واندفع عنهم كل شر. قل ارأيتم ما تدعون من دون الله اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبلها اي قل لهؤلاء الذين اشركوا بالله اوثانا واندادا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. قل لهم مبينا عجز اوثانهم وانها لا تستحق شيئا من العبادة. اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السماوات هل خلقوا من اجرام السماوات والارض شيئا؟ هل خلقوا جبالا؟ هل اجروا انهارا؟ هل نشروا حيوان هل انبتوا اشجارا؟ هل كان منهم معاونة على خلق شيء من ذلك؟ لا شيء من ذلك باقرارهم بانفسهم فضلا عن غيرهم فهذا دليل عقلي قاطع على ان كل من سوى الله فعبادته باطلة. ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال ائتوني بكتاب من قبلها هذا الكتاب يدعو الى الشرك او اثارة من علم موروث عن الرسل يأمر بذلك. من المعلوم انهم عاجزون ان يأتوا عن احد من الرسل بدليل ان يدل على ذلك بل نجزم ونتيقن ان جميع الرسل دعوا الى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به. وهي اعظم ما يؤثر عنهم من العلم قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وكل رسول قال لقومه اعبدوا الله ما لكم من اله غيره فعلم ان جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل. وانما اعتمدوا على ظنون كاذبة واراء كاذبة وعقول فاسدة. يدلك على فسادها استقراء احوالهم. وتتبع علومهم واعمالهم. والنظر في حال من افنوا اعمارهم هل افادهم شيئا في الدنيا او في الاخرة؟ ولهذا قال تعالى لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعاءهم غافلون. واذا حشر الناس وكانوا بعبادتهم كافرين. ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. اي مدة مقامه في الدنيا لا ينتفع به بمثقال ذرة آآ هم غافلون. لا يسمعون منهم دعاء ولا يجيبون لهم نداء. هذا حالهم في الدنيا. ويوم القيامة يكفرون بشركهم. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء يلعن بعضهم بعضا. ويتبرأ بعضهم من بعض. واذا تتلى عليهم اياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين اي واذا تتلى على المكذبين اياتنا بينات بحيث تكون على وجه لا يمترى بها ولا يشك في وقوعها وحقها لم تفيدهم خير من قامت عليهم بذلك الحجة. ويقولون من افكهم وافترائهم للحق لما جاءهم هذا سحر مبين. اي ظاهر لا شك وهذا من باب قلب الحقائق. الذي لا يروج الا على ضعفاء العقول. والا فبين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. وبين السحر من المنافاة والمخالفة اعظم مما بين السماء والارض. وكيف يقاس الحق الذي علا وارتفع ارتفاعا على الافلاك وفاق بضوئه ونوره به نور الشمس وقامت الادلة الافقية والنفسية عليه. واقرت به واذعنت اولوا البصائر والعقول الرزينة. بالباطل الذي هو السحر الذي لا يصدر الا من ضال ظالم خبيث النفس خبيث العمل. فهو مناسب له وموافق لحاله. وهل هذا الا من البهرجة؟ ام يقول هو اعلم بما تفيض كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم. ان يقولون افتراه اي افترى محمد هذا القرآن من عند نفسه فليس هو من عند الله. قل لهم ان افتريته فالله علي قادر وبما تفيضون عالم فكيف لم يعاقبني على افتراء الذي زعمتم؟ فهل تملكون لي من الله شيئا ان ارادني الله بضر او ارادني برحمة كفى به شهيدا بيني وبينكم. فلو كنت عليه لاخذ مني باليمين ولعاقبني عقابا يراه كل احد. لان هذا اعظم انواع الافتراء لو كنت متقولا. ثم دعاه الى التوبة مع ما صدر منهم من معاندة الحق ومخاصمته. فقال اي فتوبوا اليه واقلعوا عما انتم فيه يغفر لكم ذنوبكم ويرحمكم فيوفقكم للخير ويثيبكم جزيل الاجر قل ما كنت بدعا من الرسل اي لست باول رسول جاءكم حتى تستغربوا رسالتي وتستنكروا دعوتي فقد تقدم من الرسل والانبياء من وافقت دعوتي دعوتهم. فلاي شيء تنكر رسالتي؟ وما ادري ما يفعل بي ولا بكم؟ اي لست الا بشر ليس بيدي من الامر شيء. والله تعالى هو المتصرف بي وبكم. الحاكم علي وعليكم. ولست الاتي بالشيء من عندي فان قبلتم رسالتي واجبتم دعوتي فهو حظكم ونصيبكم في الدنيا والاخرة. وان رددتم ذلك علي فحسابكم على الله وقد انذرت ومن انذر فقد اعذر. وشهد ان الله لا يهدي القوم اي اخبروني لو كان هذا القرآن من عند الله وشهد على صحته الموفقون من اهل الكتاب الذين عنده من الحق ما يعرفون انه الحق. فامنوا به واهتدوا فتطابقت انباء الانبياء واتباعهم النبلاء. واستكبرتم ايها الجهلاء اغبياء. فهل هذا الا اعظم الظلم واشد الكفر؟ ان الله لا يهدي القوم الظالمين ومن الظلم الاستكبار عن الحق بعد التمكن منه واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم ومن قبله كتاب وهذا كتاب لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين. اي قال الكفار بالحق معاندين له ورادين لدعوته. لو كان خيرا ما سبقونا اليه اي ما سبقنا اليه المؤمنون. اي لكنا اول مبادر به وسابق اليه. وهذا من البهرجة في مكان. فاي دليل يدل على ان علامة الحق سبق المكذبين به للمؤمنين. هل هم ازكى نفوسا؟ ام اكمل عقولا؟ ام الهدى بايديهم ولكن هذا الكلام الذي صدر منهم يعزون به انفسهم بمنزلة من لم يقدر على الشيء ثم طفق يذمه. ولهذا قال واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم اي هذا السبب الذي دعاهم اليه انهم لما لم يهتدوا بهذا القرآن وفاتهم اعظم المواهب واجل الرغائب. قدحوا فيه بانه كذب. وهو الحق الذي لا شك فيه ولا ارتراء يعتريه الذي قد وافق الكتب السماوية خصوصا اكملها وافضلها بعد القرآن. وهي التوراة التي انزلها الله على موسى اماما ورحمة ان يقتدي بها بنو اسرائيل ويهتدون بها فيحصل لهم خير الدنيا والاخرة وهذا القرآن كتاب مصدق للكتب السابقة شهد بصدقها وصدقها بموافقته لها. وجعله الله لسانا عربيا ليسهل قوله ويتيسر تذكره. لينذر الذين ظلموا انفسهم بالكفر والفسوق والعصيان. ان استمروا على ظلمهم بالعذاب الوبيل. ويبشر المحسنين في عبادة الخالق. وفي نفع المخلوقين بالثواب الجزيل في الدنيا والاخرة وبذكر الاعمال التي ينذر عنها والاعمال التي يبشر بها. ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. اي ان الذين اقروا بربهم وشهدوا له بالوحدانية والتزموا طاعته وداموا على ذلك. واستقاموا مدة حياتهم فلا خوف عليه من كل شر امامهم. ولا هم يحزنون على ما خلفوا ورائهم اولئك اصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون اولئك اصحاب الجنة اي اهلها الملازمون لها. الذين لا يبغون عنها حولا ولا يريدون بها بدلا خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون. بما كانوا يعملون من الايمان بالله للاعمال الصالحة التي استقاموا عليها وكره حملته امه كرها ووضعت ثلاثون شهرا وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي قال ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي الا والدي وان اعمل صالحا ترضى واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين. هذا من لطفه تعالى بعباده وشكره للوالدين. ان وصى الاولاد وعهد اليهم ان يحسنوا الى والديهم بالقول اللطيف. والكلام اللين وبذل المال والنفقة وغير ذلك من وجوه الاحسان. ثم نبه على ذكر السبب موجب لذلك فذكر ما تحملته الام من ولدها. وما قاسته من المكاره وقت حملها. ثم مشقة ولادتها المشقة الكبيرة ثم مشقة الرضاع وخدمة الحضانة. وليست المذكورات مدة يسيرة ساعة او ساعتين. وانما ذلك مدة طويلة. قدرها ثلاث ثلاثون شهرا للحمل تسعة اشهر ونحوها. والباقي للرضاع. هذا الغالب ويستدل بهذه الاية مع قوله والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين ان اقل مدة الرضاع ستة اشهر. لان مدة الرضاع وهي سنتان اذا سقطت من الثلاثين شهرا بقي ستة اشهر مدة للحمل اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي. حتى اذا بلغ اشده اي نهاية قوته شبابه وكمال عقله وبلغ اربعين سنة. قال ربي اوزعني اي الهمني ووفقني. ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي. اي نعم الدين ونعم الدنيا وشكره بصرف النعم في طاعة مسديها وموليها. ومقابلته منته بالاعتراف والعجز عن الشكر. والاجتهاد في الثناء بها على الله. والنعم على الوالدين نعم على اولادهم وذريتهم. لانهم لابد ان ينالهم منها ومن اسبابها واثارها خصوصا نعم الدين. فان صلاح الوالدين بالعلم والعمل من اعظم الاسباب لصلاح اولادهم ان اعمل صالحا بان يكون جامعا لما يصلحه سالما مما يفسده. فهذا العمل الذي يرضاه الله اقبله ويثيب عليه واصلح لي في ذريتي لما دعا لنفسه بالصلاح. دعا لذريته ان يصلح الله احوالهم. وذكر ان صلاحهم يعود نفعه وعلى والديهم لقوله واصلح لي اني تبت اليه من الذنوب والمعاصي ورجعت الى طاعتك. واني من المسلمين. اولئك الذين نتقبل عنهم احسن اولئك الذين ذكرت اوصافهم الذين نتقبل عنهم احسن ما عملوا وهو الطاعات. لانهم يعملون ايضا غيرها. ونتجاوز عن سيئاتهم في جملة اصحاب الجنة. فحصل لهم الخير المحبوب وزال عنهم الشر والمكروه. وعد الصدق الذي كانوا يوعدون. وعد الصدق الذي كانوا يوعدون اي هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد صادق من اصدق القائلين الذي لا يخلف الميعاد. والذي قال لوالديه اف لكما اتعدانني ان اخرج وقد خلت القرون من قبلي. وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله وهما يستغيثان الله لك امن وهنا يستغيثان الله ويلك امن ان وعد الله حق. فيقول من هذا اعظم احسان يصدر من الوالدين لولدهما. ان يدعواه الى ما فيه سعادته الابدية وفلاحه السرمدي. فقابلهما باقبح مقابلة فقال اف لك ما. اي تبا لك ما جئتما به. ثم ذكر وجه استبعاده وانكاره لذلك فقال اتعدانني ان اخرج من قبري الى يوم القيامة. وقد خلت القرون من قبلي على التكذيب. وسلفوا على الكفر. وهم الائمة المقتدى بهم لكل كفور وجهول ومعاند. وهما اي والداه يستغيثان الله عليه ويقول ان له ويلك امن. ايبذلان غاية جهدهما ويسعيان في هدايته اشد السعي. حتى انهما من حرصهما عليه انهما يستغيثان الله استغاثة الغريق. ويسألانه سؤال الشريق ويعذلان ولدهما ويتوجعان له يبين ان له الحق فيقول ان وعد الله حق. ثم يقيمان عليه من الادلة ما امكنهما. وولدهما لا يزداد الا عتوا ونفورا. واستكبارا عن الحق وقدحا فيه. فيقول ما هذا الا اساطير الاولين اي الا من قول من كتب المتقدمين. ليس من عند الله ولا اوحاه الله الى رسوله. وكل احد يعلم ان محمدا صلى الله الله عليه وسلم امي لا يكتب ولا يقرأ ولا تعلم من احد. فمن اين يتعلمه؟ وانى للخلق ان يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا اولئك الذين حق عليهم القول في امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس انهم كانوا خاسرين. اولئك الذين بهذه الحالة الذميمة حق عليهم اول اي حقت عليهم كلمة العذاب في جملة امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس على الكفر والتكذيب فسيدخل هؤلاء في وسيغرقون في تيارهم. والخسران فوت رأس مال الانسان. واذا فقد رأس ماله فالارباح من باب اولى واحرى. فهم قد فاتهم الايمان ولم يحصلوا على شيء من النعيم. ولا سلموا من عذاب الجحيم اعمالهم وهم لا يظلمون ولكل من اهل الخير واهل الشر درجات مما عملوا. اي كل على حسب مرتبته من الخير والشر ومنازلهم في الدار الاخرة على قدر اعمالهم. ولهذا قال بان لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها. فاليوم تجزون يذكر تعالى حال الكفار عند عرضهم على النار. حين يوبخون ويقرعون. فيقال لهم اذهبتم طيباتكم في الدنيا حيث اطمأننتم الى الدنيا واغتررتم بلذاتها ورضيتم بشهواتها. والهتكم طيباتها عن السعي لاخرتكم وتمتعتم تمتع الانعام السارحة فهي حظكم من اخرتكم فاليوم تجزون عذاب اي العذاب الشديد الذي يهينكم ويفضحكم بما كنتم تقولون على الله غير الحق. اي تنسبون الطريق الضالة التي انتم عليها الى الله والى حكمه. وانتم كذبة في ذلك. اي تتكبرون عن طاعته فجمعوا بين قول الباطل والعمل بالباطل والكذب على الله بنسبته الى رضاه والقدح في الحق والاستكبار عنه اشد العقوبة واذكر الا تعبدوا ان الله اني اخاف عليكم عذاب يوم عظيم اي واذكر بالثناء الجميل. اخا عاد وهو هود عليه السلام. حيث كان من الرسل الكرام الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة الى دينه وارشاد الخلق اليه. اذ انذر قومه وهم عاد بالاحقاف. اي في منازلهم المعروفة بالاحقاف. وهي الرمال الكثيرة في ارض اليمن وقد خلت النظر من بين يديه ومن خلفه فلم يكن بدعا منهم ولا مخالفا لهم قائلا لهم فامرهم بعبادة الله الجامعة لكل قول سديد وعمل حميد ونهاهم عن الشرك والتنديد. وخوفهم ان لم يطيعوه العذاب الشديد. فلم تفد فيهم تلك الدعوة قالوا اجئتنا لتأفكنا عن الهتنا اليس لك من القصد ولا معك من الحق الا انك حسدتنا على الهتنا فاردت ان تصرفنا عنها وهذا غاية الجهل والعناد به ولكني اراكم قوما تجهلون. قال انما العلم عند الله فهو الذي بيده ازمة الامور ومقاليدها وهو الذي يأتيكم بالعذاب ان شاء وابلغكم ما ارسلت به اي ليس علي الا البلاغ المبين. ولكني اراكم قوما تجهلون فلذلك صدر منكم ما صدر من هذه الجرأة الشديدة. فارسل الله عليهم العذاب العظيم. وهي الريح التي دمرتهم واهلكتهم لهذا قال ريح فلما رأوه اي العذاب عارضا مستقبل اوديتهم اي معترضا كالسحاب قد اقبل على وديتهم التي تسيل فتسقي نوابتهم ويشربون من ابارها وغدرانها. قالوا مستبشرين هذا عارض ممطرنا. اي هذا السحاب سيمطرنا. قال تعالى بل هو ما استعجلتم به. اي هذا الذي جنيتم به على انفسكم. حيث قلتم فاتنا بما ايام حسوما فترى القوم فيها صرعى كانهم اعجاز نخل خاوية. بامر ربها اي باذنه ومشيئته واصبحوا لا يرى الا ساكنهم. قد تلفت مواشيهم واموالهم وانفسهم. كذلك نجزي القوم المجرمين بسبب جرمهم وظلمهم. هذا مع ان الله تعالى قد ادر عليهم النعم العظيمة. فلم يشكروه ولا ذكروه. ولهذا قال ولقد مكناهم فيما ان مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة. فما اغنى اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ولقد مكناهم فيما ان مكناكم فيه اي مكناهم في الارض يتناولون طيباتها ويتمتعون بشهواتها وعمرناهم عمرا يتذكر فيه من تذكر ويتعظ فيه المهتدي. اي ولقد مكنا عادا كما يا هؤلاء المخاطبون اي فلا تحسبوا ان ما مكناكم فيه مختص بكم وانه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئا بل غيركم اعظم منكم تمكينا فلم تغني عنهم اموالهم ولا اولادهم ولا جنودهم من الله شيئا. واجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة. اي لا قصور في سمعهم ولا ابصارهم ولا اذهانهم. حتى يقالوا انهم تركوا الحق جهلا منهم. وعدم تمكن من العلم به. ولا خلل في عقولهم ولكن التوفيق بيد الله. وذلك بسبب بانهم يجحدون بايات الله الدالة على توحيده وافراده بالعبادة كانوا به يستهزؤون. اي نزل بهم العذاب الذي يكذبون بوقوعه. ويستهزئون بالرسل الذين حذروهم منه ولقد اهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الايات لعلهم يرجعون. يحذر تعالى مشركي العرب فهم باهلاك الامم المكذبين الذين هم حول ديارهم بل كثير منهم في جزيرة العرب كعاد وثمود ونحوهم. وان الله تعالى لهم الايات اي نوعها من كل وجه. لعلهم يرجعون عما هم عليه من الكفر والتكذيب. فلما لم يؤمنوا اخذهم الله اخذ عزيز مقتدر ولم تنفعهم الهتهم التي يدعون من دون الله من شيء. ولهذا قال هنا بل ضلوا عنهم وذلك افكهم وما كانوا يفترون. فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا الهة ان يتقربون اليهم ويتألهونهم لرجاء نفعهم وما كانوا يفترون. بل ضلوا عنهم فلم يجيبوهم ولا دفعوا عنهم. وذلك افكهم وما كانوا يفترون فمن الكذب الذي يمنون به انفسهم حيث يزعمون انهم على الحق وان اعمالهم ستنفعهم فضلت وبطلت وان صرفنا فلما حضروه قالوا انصتوا كان الله تعالى قد ارسل رسوله محمدا صلى الله وعليه وسلم الى الخلق انسهم وجنهم وكان لابد من ابلاغ الجميع لدعوة النبوة والرسالة فالانس يمكنه عليه الصلاة والسلام دعوتهم وانذارهم. واما الجن فصرفهم الله اليه بقدرته. وارسل اليه نفرا من الجن يستمعون القرآن ايها الصى بعضهم بعضا بذلك فلما قضي وقد وعوه واثر ذلك فيهم ولوا الى قومهم منذرين. نصحا منهم لهم واقامة ان حجة الله عليهم وقيدهم الله معونة لرسوله صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته في الجن يهدي الى الحق والى قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى لان كتاب موسى اصل للانجيل لبني اسرائيل في احكام الشرع. وانما الانجيل متمم ومكمل ومغير لبعض الاحكام. مصدقا لما بين يديه يهدي هذا الكتاب الذي سمعناه الى الحق وهو الصواب في كل مطلوب وخبر والى طريق مستقيم موصل الى الله والى جنته. من العلم بالله وباحكامه الدينية واحكام الجزاء فلما مدحوا القرآن وبينوا محله ومرتبته. دعوهم الى الايمان به فقالوا يا قومنا اجيبوا داعي الله امنوا به يغفر لكم من ذنوبكم. يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم يا قومنا اجيبوا داعي الله اي الذي لا يدعو الا الى ربه. لا يدعوكم الى غرض من اغراضه ولا هوى. وانما يدعوكم الى ربكم ليثيبكم ويزيل عنكم كل شر ومكروه. ولهذا قالوا يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب واذا اجارهم من العذاب الاليم فما ثم بعد ذلك الا النعيم. فهذا جزاء من اجاب داعي الله ولم يروا ان الله الذي خلق السماوات والارض ولم يعي بخلقهن بقادر. بقادر على ان ان يحيي الموتى بلى انه على كل شيء قدير. هذا استدلال منه تعالى على الاعادة بعد الموت. بما هو ابلغ منها وهو انه الذي خلق السماوات والارض على عظمهما وسعتهما واتقان خلقهما من دون ان يكترثا بذلك ولم يعي القهن فكيف تعجزه اعادتكم بعد موتكم؟ وهو على كل شيء قدير اليس هذا بالحق؟ قالوا بلى وربنا. قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون يخبر تعالى عن حال الكفار الفظيعة. عند عرضهم على النار التي كانوا يكذبون بها. وانهم يوبخون ويقال لهم اليس هذا فقد حضرتموه وشاهدتموه عيانا. قالوا بلى وربنا فاعترفوا بذنبهم وتبين كذبهم سوق العذاب بما كنتم تكفرون. اي عذابا لازما دائما كما كان كفركم صفة لازمة منها بلاغ فليهلك الا القوم الفاسقون. ثم امر تعالى رسوله ان يصبر على هدية المكذبين المعادين له والا يزال داعيا لهم الى الله وان يقتدي بصدر اولي العزم من المرسلين. سادات الخلق اولي العزائم والهمم العالية الذين عظم صبرهم وتم يقينهم فهم احق الخلق بالاسوة بهم والقفو لاثارهم والاهتداء بمنارهم فامتثل صلى الله عليه وسلم لامر ربه. فصبر صبرا لم يصبره نبي قبله. حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة. وقاموا جميعا بصده عن الدعوة الى الله وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة. وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعا بامر الله مقيما على جهاد اعداء الله صابرا على ما يناله من الاذى. حتى مكن الله له في الارض واظهر دينه على سائر الاديان. وامته على الامم صلى الله عليه وسلم تسليما. وقوله ولا تستعجل لهم. اي لهؤلاء المكذبين المستعجلين للعذاب؟ فان هذا من جهلهم وحمقهم فلا يستخفنك بجهلهم ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على ان تدعو الله عليهم بذلك. فان كل ما هو ات قريب وكأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا في الدنيا الا ساعة من نهار فلا يحزنك تمتعهم القليل وهم سائرون الى العذاب الوبيل بلاغ اي هذه الدنيا متاعها وشهواتها ولذاتها بلغة منغصة ودفع وقت حاضر قليل او هذا القرآن العظيم الذي بينا لكم فيه البيان التام بلاغ لكم وزاد في الدار الاخرة ونعم الزاد والبلغة. زاد يوصل الى دار النعيم. ويعصم من العذاب الاليم. فهو افضل زاد يتزوده الخلائق واجل نعمة انعم الله بها عليهم. فهل يهلك بالعقوبات الا القوم الفاسقون اي الذين لا خير فيهم وقد خرجوا عن طاعة ربهم ولم يقبلوا الحق الذي جاءت به الرسل واعذر الله لهم وانذرهم فبعد ذلك اذ يستمرون على تكذيبهم وكفرهم نسأل الله العصمة