وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه فانت مخلوق لتستقيم على هذا الصراط لتعبد ربك بما شرع وتسير على هذا الصراط الذي رسمه لك ربك على يدي نبيه محمد عليه الصلاة والسلام ثم بعده الملائكة واولو العلم فهي شهادة عظيمة من اعظم شاهد. وعلى اعظم مشهود به وهو توحيد الله عز وجل وانه سبحانه هو المستحق بان يعبد ويعظم وانه القائم بالعدل جل وعلا بين عباده يعرفها من تأمل كتاب الله وفي السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في الاحاديث الصحيحة ما يدل على فضل العلم ايضا. وانه اعظم مطلوب اعظم ما طلبه الطالبون هو العلم النافع فذكر في هذا المقام واولو العلم فلولا انهم في المكانة العليا والمنزلة الرفيعة لما جعلهم شاهدين مع الملائكة بوحدانيته سبحانه وتعالى والادلة من القرآن الكريم على فضل العلم واهله كثيرة جدا يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين وصايا لطلاب العلم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وبعد فان احسن ما يختم به هذا الكتاب وصايا قيمة مفيدة قدمها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله الى طلاب المعهد العلمي بمكة المكرمة في الرابع عشر من شهر رجب من عام تسعين وثلاث مئة والف للهجرة بعنوان فضل طالب العلم انتقيتها من كتابه الماتع حديث المساء من الصفحة السابعة والعشرين الى الصفحة الرابعة والاربعين رغبت ان اختم بهذه الوصايا الحافلة بالمعاني العظيمة والاداب الكريمة والاخلاق الفاضلة التي هي جمال المسلم وحلي طالب العلم حيث قال رحمه الله الحمدلله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه اما بعد ايها الاخوة الكرام والابناء الاعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لما فيه رضاه. وان يكفينا جميعا شر القواطع عما يرضيه سبحانه وتعالى من المعلوم ان لقاء الاخوان فيه خير كثير كما قال بعض السلف لقاء الاخوان جلاء الاحزان ففي لقاء الاخوان والاحبة فوائد جمة وخير كثير. ومصالح متنوعة تعلمون جميعا ما في طلب العلم من الخير العظيم وما يترتب عليه من المصالح الكثيرة والعواقب الحميدة فطلب العلم الشرعي من افضل القربات ومن اعظم الطاعات وارفعها شأنا فبالعلم النافع عرف الله عز وجل وبه عبد سبحانه وتعالى بالعلم النافع عرف الحلال والحرام. عرفت فرائض الله عز وجل عرف شرعه ودينه عرف ما احب وما كره بالعلم النافع ارتفع من هداه الله ووفقه وبالجهل والانحراف ذل من ذل وانخفض من انخفض فضل العلم قال الله جل وعلا يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات وقال عز وجل شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم فاخبر سبحانه ان الملائكة واولو العلم شاهدان مع شهادته سبحانه بان له الحق وهذه الشهادة العظيمة هي اعظم شهادة في الوجود على اعظم مشهود به من اعظم شاهد هذه الشهادة بتوحيد الله عز وجل وقيامه بالعدل سبحانه وتعالى وهي صادرة من اعظم شاهد وهو الله عز وجل قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة فطلب العلم النافع الذي رأسه واساسه توحيد الله وخشيته عز وجل وتعظيم حرماته سبحانه وتعالى هذا سبيل وطريق الى الجنة لمن اصلح الله نيته وتابع بالعمل من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة فيكفي هذا شرفا وفضلا وحفزا لطلاب العلم كون عملهم سبيلا الى الجنة. هذا امر عظيم وما ذاك الا لانه يدل على الله. ويرشد الى الله ويبين لك توحيد الله وحقه سبحانه ويوجهك الى الطريق السوي الذي من سار عليه نجا ومن حاد عنه هلك وقال ايضا عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين هذا الحديث العظيم الذي رواه الشيخان في الصحيحين يدلنا على ان من علامات السعادة ومن دلائل الخير ومن براهين العاقبة الحميدة ان تكون فقيها في الدين متبصرا في الدين عارفا بشأن ربك عز وجل هذه من الدلائل العظيمة والبراهين الواضحة على ان الله سبحانه اراد بك خيرا. حيث وفقك للفقه في الدين هذا دليل عظيم وبرهان ساطع على فضل التفقه في الدين. وان المتفقه في دين الله على طريق نجاة وان الله سبحانه متى رزقه الفقه في الدين والبصيرة في الدين؟ فذلك من علامات ان الله سبحانه اراد به خيرا اما من اصيب بالجهالة والاعراض والغفلة عن الله والدار الاخرة وعن طلب العلم فذلك من علامات ان الله اراد به شرا ولا حول ولا قوة الا بالله فالاقبال على العلم والتفقه في الدين والجد في ذلك من اسباب النجاة ومن طرق السعادة ومن سبل الجنة ومن الدلائل على ان الله سبحانه وتعالى اراد بالعبد خيرا والاعراض والغفلة وعدم الرغبة في طلب العلم من علامات ودلائل ان الله اراد بالعبد شرا. ولا حول ولا قوة الا بالله ايها الابناء الكرام انكم على خير عظيم وعلى طريق نجاة اذا اصلح الله لكم النيات واتبعتم العلم بالعمل. فانتم على خير عظيم فحقيق بكم ان تفرحوا بهذا الخير حقيق بكم ان تفرحوا بهذا الخير وان تشكروا الله عليه عز وجل كون العبد يوفق لسلوك طريق نجاة وسبيل سعادة. هذا من فضل الله ومن رحمته التي ينبغي ان يفرح بها كما قال ربنا عز وجل في كتابه المبين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون فيا اخي حين وفقت لطلب العلم النافع والسير في هذا المنهاج العظيم. والسبيل الطيب القيم. فانت على خير وانت في طريق نجاة فافرح بهذا الخير فرح المغتبط فرح الشاكر طرحت دائم المواصل للطلب المسرور الحريص الذي يريد الخير والسعادة ثم انظر الى من حولك يمينا وشمالا وامام وخلف تجد اكثر الناس قد اعرضوا عن هذا العلم. وقد شغلوا بما هو ادنى. قد شغلوا بطلب الدنيا والاقبال عليها. حتى قظت قلوبهم وشغلتهم عن كل شيء واقبح من ذلك من شغل بالمعاصي والشرور والسيئات ومتابعة الهوى والاكباب على ما يضره وشغل بهذا عما ينفعه في الدنيا والاخرة واقبح من ذلك واشد والعن من كفر بالله واعرض عن دين الله ورضي بالحظ الادنى الخاسر من يهود ونصارى ومجوس وملاحدة واباحية وغير ذلك قد صدوا عما خلقوا له قد اعرضوا عن ذلك بل قد انكروه وعارضوه وسبوه فاحمد الله عز وجل ان جعلك سالما من هؤلاء لم تكن مع الذين شغلوا بالدنيا عن الاخرة ولم تكن مع الذين شغلوا بالمعاصي عن العلم النافع ولم تكن مع الكفرة المارقين الذين طبع على قلوبهم حتى رضوا بالكفر والضلالة. وخالفوا الحق واستهانوا به وذموا اهله وعابوا اهله ونفروا منهم ونفروا عنهم احمد الله على سلامتك من هذه الاشياء فيا لها من نعمة عظمى! ويا لها من منحة جسيمة من ربك عز وجل ان من عليك وهداك ويسر لك طلب العلم النافع الشرعي تسمع كل يوم قال الله قال رسوله تسمع من اساتذتك من المدرسين وتقرأ في دروسك من كلام ربك ومن كلام رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. ومن كلام اهل العلم والايمان تارة في الحديث وتارة في الفقه وتارة في القواعد العربية وما يلتحق بها من بلاغات وادب وغير ذلك وطورا في التاريخ والسيرة وطورا في غير ذلك من العلوم النافعة هذه جنة معجلة هذه جنة معجلة يا اخواني جنات ونعيم معجل لمن عقل اذا كان هناك جنات في الدنيا فهذه هي الجنات هذه هي الجنات كون العبد بين روضات العلم النافع والفنون النافعة وفوق ذلك اذا اصلح الله قلبه ورزق الاخلاص فهو في جنة في الداخل وجنة في الظاهر قلبه في الجنة لاخلاصه لله وشعوره بعظمة الله. وايمانه بالله وخضوعه لله وتلذذه بمناجاة ربه وطاعته سبحانه وتعالى. وهو مع ذلك بجسمه في فصول الدراسة وبين زملائه وبين ابائه الاساتذة في جنات ايضا وفي جنات في نعيم بين انواع الاشجار وفنون الثمار يأخذ من هذا وهذا انواع الثمار العظيمة ليست ثمار الرمان والعنب والتمر وشبه ذلك من ثمرات الدنيا ولكنها ثمار العلم النافع ثمار العلم الذي انت مأمور به وانت في اشد الحاجة اليه حتى تعرف ربك باسمائه وصفاته حتى تعرف دينه الذي انت مخلوق له انت مخلوق لدين الله انت مخلوق لتعبد ربك انت مخلوق لتطيعه سبحانه. انت مخلوق لتسير اليه في الطريق الذي رسمه جل وعلا كما قال سبحانه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقال جل وعلا وليس هناك سبيل الى ان تعرف العبادة التي انت مخلوق لها الا بالعلم النافع ان تعلمت ما قال الله ورسوله واخذته عن اهله وكنت بين الطالبين له الراغبين فيه. عرفت هذه العبارة العبادة التي انت مخلوق لها وعرفت الصراط المستقيم الذي سار عليه الانبياء قبلنا وسار عليه الصالحون قبلنا وسار عليه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. واتباعه باحسان الى يومنا هذا بالعلم النافع الشرعي تعرف هذه الامور فاحمدوا الله ايها الاخوة احمدوا الله ايها الابناء على هذه النعمة العظيمة واسألوا ربكم المزيد اسألوه المزيد عز وجل واسألوه التوفيق سبحانه وتعالى. وواصلوا الجهود اصبروا وصابروا حتى تدركوا المنى باذن الله عز وجل حاجة الناس في الدنيا الى علماء الشريعة ثم ايها الابناء الكرام لتعلموا ان الدنيا باسرها في اشد الحاجة اليكم وامثالكم الدنيا الان مملوءة بالجهال والكفار الدنيا في طولها وعرضها مملوءة بالجهال والكفار ودعاة النار فاهل الدنيا في جميع اقطارها في اشد الحاجة الى المنقذين الى الدعاة المرشدين. الى الذين يخرجونهم من الظلمات الى النور يأخذون بايديهم الى شاطئ السلامة فهم في اشد الضرورة اليكم ايها الابناء في اشد الضرورة اليكم والى امثالكم من طلاب العلم النافع من طلاب العلم الشرعي فاتقوا الله في ذلك اتقوا الله وجددوا النية الصالحة والعزم الصادق على ان تكونوا ان شاء الله قادة في الخير. ودعاة للهدى وائمة للمؤمنين في الاخذ بايديهم وايدي غيرهم من العالم الى طريق النجاة والى سبيل السعادة واياكم والهوينا واياكم والكسل واياكم والميل الى الدنيا واياكم والتثاقل عن العلم النافع فان هذه الامور هي سبب الضياع والانحطاط والحرمان من العلم ولكن شمروا عن ساعد الجد. شمروا الى طلب العلم النافع وواصلوا الليل والنهار في المعهد وفي البيت وفي الطريق وفي المسجد وعند لقاء الاخوان وعند لقاء الاساتذة. وفي كل مكان كل واحد يكون حريصا على العلم مع زميله ومع استاذه في اي مكان. ومع كتبه في بيته وفي اي مكان واذا حضرتم الدروس فاحضروها بقلوب واعية قلوب راغبة في الحق قلوب تريد الفائدة تريد العلم تريد البصيرة تريد الهدى المسلمون في كل مكان يتطلعون اليكم والى امثالكم ويعلقون عليكم الامال العظيمة بعد الله بالاخذ بايديهم الى شاطئ السلامة في توجيههم الى الخير في ارشادهم الى اسباب النجاة في شرح المبادئ والمذاهب الهدامة لهم حتى يحذروها وحتى يبتعدوا عنها في فضح الطرق التي يسلكها اعداء الله من اليهود والنصارى والملاحدة فطلاب العلم النافع عليهم مسؤولية عظيمة وعليهم واجب عظيم هم مسئولون امام هذه التيارات الجارفة من الباطل والشر والالحاد مسؤولية طالب العلم في توجيه الناس وانقاذهم على اهل العلم من طالب واستاذ عليهم مسؤولية عظيمة وعليهم واجب عظيم في انقاذ الامة مما اصابها من البلاء. ومما نزل بها من البلاء من شيوعية واشتراكية وقومية واباحية ويهودية ونصرانية وغير ذلك من انواع الضلالات وانواع الشرور ثم هؤلاء الناس الذين هم اعداء الله واعداؤكم عندهم نشاط مستمر وعندهم تركيز وعندهم عناية وعندهم تكاتف وعندهم بذل اموال وعندهم تضحيات كلها في سبيل الباطل كلها ليخرجوا الناس من النور الى الظلمات ليخرجوا الناس من طريق السعادة الى طريق الشقاء ليخرجوا الناس من طريق الهدى الى طريق الضلال. ليخرجوا الناس من طريق الجنة الى طريق النار ليصدوهم عن الهدى ليسيروا بهم الى الجحيم الى الهاوية ومع هذا عندهم هذا النشاط العظيم والتكاتف والبذل والتضحية. والسر والجهر في كل شيء عندهم عناية سرية وجهرية وتكاتف وتضحية وغير ذلك ولعل كثيرا منكم يعرف ذلك ولا ريب ان هذا يوجب علينا ان نتكاتف وان نتعاون وان نضحي اكثر مما عملوا اذا كانوا يعملون بهذا العمل وهم في طريق النار وهم على الباطل فنحن اولى بخير مما عملوا واكثر مما عملوا واشد. في طريق الحق وسبيل الحق نحن اولى بهذه الجهود واولى بهذا النشاط واولى بهذا التكاتف واولى بهذه التضحيات اولى واولى واولى لاننا في سبيل الحق وهم في سبيل الباطل ايها الابناء الكرام ان طلب العلم النافع يحتاج منا الى جهود يحتاج منا الى تضحية يحتاج منا الى صبر والمسؤولية عظيمة امامكم. والواجب عظيم ونحن معكم ليس هذا خاصا بكم ولكن امامكم امر عظيم. امامكم ميدان واسع ومجال. والامة تنتظركم ونحن معكم وقد فعلنا بعض الشيء ونحن على الطريق نحن واياكم فالواجب الجد والواجب النشاط والواجب مواصلة الجهود والواجب مشترك على الكهول والشباب والشيب وعلى كل انسان عنده عقل وعنده شيء من معرفة عليه بقدر قدرته وطاقته فالواجب مشترك على الجميع. لا اخصكم به. ولكن عليكم واجب عظيم ومسؤولية عظيمة امامكم تحقيق امال الامة فيكم واعدوا لها وشمروا واجتهدوا لعلكم تؤدون الواجب ولعلكم تنقذون الامة من شاطئ الهلاك الى شاطئ السلامة من الظلمات الى النور من ايدي الشياطين الى النجاة والسعادة وهذا يحتاج منكم الى امور اوصيكم بها واحثكم عليها الاول النشاط المتواصل والجد المتواصل والحذر من الكسل والتثاقل عن طلب العلم واوصيكم بالنشاط المتواصل والجد المتواصل في كل وقت وفي كل مكان. واوصيكم بالحزم الامر الثاني اوصيكم ايضا بالابتعاد عن مشابهة النساء بالابتعاد عن الرفاهية الزايدة والتنعم الزايد واوصيكم بالحزم والقوة والنشاط والرجولة الكاملة والحذر من الميوعة ومشابهة النساء في كل شيء في الملابس وفي المشي وفي الكلام وفي كل شيء كونوا رجالا بالمعنى الصحيح رجالا مجتهدين رجالا اقوياء عندهم من القوة والحزم والخشونة والنشاط والصبر ما عندهم حتى تدركوا ما عند الله عز وجل واياكم وكل ما ينتقد على طالب العلم في اخلاقه وصفاته الظاهرة. اياكم وذاك اياكم والاخلاق المنتقدة والصفات المنتقدة التي تضعف الثقة بكم وتسيء الظن بكم وتجعلكم موضع الحديث بين الناس عليكم بالصفات الحميدة والاخلاق الكريمة والنشاط المستمر والجد في طلب العلم والمسارعة الى كل خير والابتعاد عن كل خلق مشين في الظاهر والباطن الامر الثالث اوصيكم بالنية الصالحة فالنية الصالحة اساس لكل خير واوصيكم بالنية الصالحة ان تقصدوا بهذا العلم وبهذا الطلب وجه الله عز وجل تقصدوا بهذا العلم ان تنقذوا انفسكم من الجهالة وان ترشدوا غيركم من ابناء جنسكم عليكم بالنية الصالحة اياكم وقصد الدنيا والوظائف والحظ العاجل كما هو الواقع من بعض الناس ومن كثير من الناس لا عليكم بالهمة العالية والنية الصالحة والقصد الشريف قوموا بهذا العمل وبهذا الجد وبهذا النشاط اقصدوا به وجه ربكم اقصدوا به الله والدار الاخرة اقصدوا ان تنقذوا انفسكم من الجهالة وان تنقذوا اخوانكم في الدنيا من الجهالة والضلالة لا تكن الهمة ضعيفة عليكم بالنية العظيمة والقصد الصالح والعزم الصادق والهمة العالية تقصدون بطلبكم وجهادكم وجه الله عز وجل وان تنقذوا انفسكم من الجهالة وان تعرفوا حق الله عليكم وتعملوا به. وان تعرفوا ما نهى الله عنه فتتركوه وتبتعدوا عنه وتقصدوا مع ذلك ان تنقذوا الناس وان تعلموا الناس وان ترشدوا الناس من ابناء اوطانكم وغيرهم حتى تكونوا دعاة وهداة للحق ومنقذين للبشرية مما هي فيه من الباطل. هذا هو الطريق الصحيح اما ان يقصد بهذا الطلب الوظيفة لان تكون استاذا تأخذ معاشا راتبا او لان تكون مديرا او كاتبا او كذا او كذا فهذا قصد سيء وهذه همة الدنيا لا تليق بطالب العلم فالدنيا حاصلة لك ولغيرك اذا اخذت باسبابها حصلت ولكن الامر العظيم ان تكون في مقام الانبياء هذا الامر العظيم ان تكون في مقام الانبياء داعيا الى الله مرشدا الى الله تخرج الناس من الظلمات الى النور تعلمهم حق الله تبين لهم حدود الله تحذرهم من محارم الله توقفهم عند حدود الله هذا المقام العظيم. مقام الانبياء وهم خير الناس وافضل الناس الانبياء وافضل الناس بعد الانبياء من سار على طريق الانبياء في الجد والعمل الصالح والاخلاص لله وطلب العلم النافع والعمل به جاء في الحديث الذي رواه ابو داوود وغيره بسند جيد عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام انه قال من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه الا ليصيب به عرضا من الدنيا. لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ولا حول ولا قوة الا بالله وعرف الجنة يعني ريحها. هذا وعيد عظيم ويروى عنه عليه الصلاة والسلام من طلب العلم ليجاري به العلماء او ليماري به السفهاء او يصرف به وجوه الناس اليه ادخله الله النار ولا حول ولا قوة الا بالله ومن كان عنده نية منحرفة فيسأل ربه اصلاحها ولا يضعف عن العلم بل يطلب ويجتهد ويسأل ربه اصلاح نيته قال بعض السلف واظنه سفيان اما الثوري واما ابن عيينة طلب العلم للدنيا او قال طلب العلم لغير الله. فابى ان يكون الا لله فالعبد اذا سار على الطريق واجتهد يسر الله امره واعانه على الاخلاص فاذا وجد العبد من نفسه شيئا من الميول الى الدنيا في طلبه للعلم فليجتهد في طلبه في اصلاح نيته وجهاد نفسه. حتى تستقيم النية لله وحده سبحانه وتعالى ولا يقف عن العلم ولا يضعف ولكن يجتهد في اصلاح النية والاخذ بنفسه وجهادها حتى تستقيم على النية الصالحة الامر الرابع الاقبال على الدروس والعناية بالدروس كلها لا ترضوا بالادنى لا ترضى بنمرة اي درجة لا ترضى بنمرة الدنيا لا عليك بالهمة العالية. احرص على ان تكون حائزا على النمرة العالية. هكذا يكون طالب العلم الحريص. يبذل ويجتهد في حصول الدرجة العليا والوصف الاعلى. مهما امكن ومهما استطاع هذا الامر الرابع مهم كثير من الناس لا يبالي اذا ادرك النجاح. ولو الدرجة الدنيا فلا بأس عليه ولا يضره ذلك ولا يبالي هذا من ضعف الهمة وقلة النشاط لا ترضى بهذا عليك بالهمة العالية والجد والنشاط والمواصلة في كل وقت من غير ان تهلك نفسك لا فاربأ بنفسك اربأ بنفسك وارفق بها ولكن جاهد حسب الطاقة وحسب الامكان من دون الاضرار بنفسك فالنفس هي المطية النفس مطية لابد من مراعاتها فالمنبت لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى فلا بد من رعاية النفس ولابد من اعطائها بعض حقها. حتى تقوى وحتى تسير ولكن المراد من هذه الوصية حفظ الوقت والنشاط المقدور عليه. والجهاد المقدور عليه المتواصل حتى تدرك باذن الله الحظ الاعلى والدرجة العليا الامر الخامس اوصيكم ايضا ان تكون العناية بالعلوم الدينية والمواد الدينية كالحديث والعقيدة والفقه ومصطلح الحديث واصول الفقه تكون لها العناية الخاصة العناية الكبرى مع الجد في الجميع. والحرص على جميع المواد كلها كما تقدم لكن يكون للعلوم الدينية العناية الكبرى لان بها تمتاز على غيرك تستطيع التوجيه بها لغيرك بها تعرف حكم الله عز وجل على الوجه الاكمل فخص علوم الدين بمزيد عناية خص علوم الدين بمزيد عناية واعلاها واعظمها علم العقيدة. التوحيد توحيد الله في ربوبيته وفي الوهيته وفي اسمائه وصفاته هذا قسم عليك بالعناية به. اعتني به كثيرا وادرسه كثيرا. واياك والتساهل بهذا الامر كثير من الناس تساهلوا بهذا الامر فصاروا قضاة ومدرسين وهم لا يعرفون العقيدة السلفية لا يعرفون العقيدة الصحيحة تساهلوا في الاصل في علم العقيدة وتهاونوا باعطائه حقه من الدراسة والتمحيص وازالة الشبه فصاروا دكاترة وهم صفر في العقيدة صاروا دكاترة لا مجرد مدرسين. بل دكاترة اخذوا الشهادة العليا والماجستير والدكتوراة. وهم صفر في عقيدة صفر ما يعرف شيئا في العقيدة تجدهم على عقيدة الجاهلية من عبادة القبور والتعلق بالاموات لانهم ما درسوا العقيدة كما ينبغي ولا درسها لهم اساتذتهم الذين اخذوا عنهم فخرجوا صفرا في هذا الباب فاذا حرم طالب العلم من العقيدة فاي شيء بعده اي شيء عنده بعد ذلك فخص العقيدة بعناية خصوها بمزيد عناية مع الاساتذة وفي المتون التي بايديكم خصوها بمزيد عناية ومطالعة ومذاكرة والسؤال والاستكشاف عن الشبه وعن ردها حتى تمتاز بذلك وحتى تتخرجوا ان شاء الله وانتم في غاية من البصيرة في العقيدة السلفية العقيدة في باب توحيد العبادة. وفي باب اسماء الله وصفاته. اما توحيد الربوبية فالجاهلية تعرفه ولكن لابد ايضا من دراسته حتى نعرفه على بصيرة كثير من الناس ما عرف حتى توحيد الجاهلية كثير من الناس وهم مدرسون ما عرفوا حتى توحيد الجاهلية توحيد ابي جهل ما عرف فعليكم ايها الابناء الكرام عليكم بالعناية بالدروس الدينية. وعليكم بالعقيدة خاصة. اولوها بمزيد عناية في البيت والمسجد والطريق ومع الاستاذ ومع الزملاء حتى تعرفوا ما هناك من شبه. وحتى تعرفوا الرد عليها وكشفها. ولا سيما في هذا العصر عصر الالحاد والاباحية. عصر الشيوعية والاشتراكية عصر الملاحدة المشبهين الضالين عصر اتباع لينين ومارس انتم في اشد الحاجة الى ان تعرفوا هذه العقيدة الصحيحة. وما يلبس به اعداء الله وفيما تردون عليهم في شبه وشرهم وهذا المقام مقام عظيم فاوصيكم ايها الابناء الاعزاء بالعناية بالدروس مطلقا وبالدروس الدينية خاصة وبالعقيدة بالاخص اوصيكم بان تعنوا بها اعظم عناية واوصي اخواني الاساتذة بان يعنوا بها اعظم عناية اوصي اخواني الاساتذة ان يعنوا بالدروس الدينية وبالعقيدة. واوصيهم جزاهم الله خيرا بان يعنوا بها غاية العباد ويعطوها حقها من العناية معكم حتى تتخرجوا ان شاء الله من بين ايديهم وقد درستموها وهضمتم هضما كاملا وامامكم باذن الله الكليات ايضا فيها خير كثير ولكن ارجو الا تخرجوا من هذا المعهد الا وقد حصلتم على الخير الكثير والدراسة الوافية عن العقيدة والعلوم الدينية والعلوم الاخرى كالعربية وملحقاتها الامر السادس اتباع العلم بالعمل يجب ان يكون على بالنا وهو العمل هذه الامور كلها وسيلة. والمقصود العمل ايها الابناء فاوصيكم بالعمل اوصيكم بالعمل بالعلم كونوا مهتمين بالعمل اعظم من اهتمامكم بالعلم كلما عرفتم شيئا من الحق فبادروا اليه سارعوا اليه كونوا طلبة علم عاملين لا طلبة علم مفاخرين. او تقصدون امرا اخر من امر الدنيا. لا ولكن كونوا طلبة علم عاملين موجهين مرشدين. ولو انكم في حال الطلب اعملوا وعلموا ووجهوا لا تحقروا انفسكم عن التعليم والتوجيه والارشاد. لان هذا من الحق الذي عليكم وهو هو من العمل فكلما تعلمت فعلم وارشد. ولو انك في الابتدائي اذا عرفت خيرا فعلمه الناس واعمل به اولا وعلمه الناس اسمعوا الله يقول جل وعلا ينكر على قوم من بني اسرائيل اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب. افلا تعقلون يدلنا على ان الانسان اذا عرف الحق ودعا الناس اليه ولم يعمل به فهذا خلاف العقل. خلاف العقل ليس صاحبه عاقلا فاوصيكم ايها الابناء بان تهتموا بالعمل وان تجتهدوا بالعمل كلما عرفتم شيئا بادروا بالعمل به. والله يزيدكم به هدى فالعمل بالعلم من اعظم الاسباب في المزيد من العلم. وفي توفيق الله للعبد وفي هدايته له جل وعلا كما قال سبحانه وتعالى والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم فاذا اهتدى العبد واستقام على امر الله زاده الله هدى وتقوى قال بعض السلف من عمل بما علم اورثه الله علم ما لم يعلم فيا اخواني العمل امره عظيم وهو المقصود في هذه الدنيا وهو الوسيلة للجنات فاذا تعلمتم وعملتم فهذا هو المقصود في الدنيا وهو سبب السعادة في الاخرة فالعلم والعمل هما طريق النجاة هما سبب السعادة هما طريق المنعم عليهم قال الله عز وجل اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم اجمع علماء التفسير ان المنعم عليهم هم الذين عرفوا الحق وعملوا به وهؤلاء هم المنعم عليهم الذين عرفوا الحق وتبصروا وعملوا بالحق هؤلاء هم المنعم عليهم وهم الرسل واتباعهم. كما قال الله جل وعلا ومن يطع الله والرسول فاولى اولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فاوصيكم ايها الابناء بالعمل اولا بالاخلاص لله هذا رأس العلم في كل اعمالكم في صلاتكم صومكم جهادكم علمكم امركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وتعليمكم الناس اوصيكم بالاخلاص لله هذا هو معنى شهادة ان لا اله الا الله وان يكون العبد في اموره كلها مخلصا لله عابدا له وحده سبحانه وتعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا واوصيكم بالاخلاص لله في اعمالكم كلها ثم بعد ذلك الجد في الاعمال الاخرى واعظمها الصلاة اعظم شيء بعد التوحيد الصلاة فاوصيكم بالصلاة وان تكونوا مثالا عاليا في الصلاة. يقتدى بكم ويتأسى بكم اذا ظهر اثر العلم عليكم بالعمل تأسى بكم الناس واحسنوا بكم الظن فاوصيكم بالعمل ومن العمل العناية بالصلاة والحرص عليها. والمحافظة عليها في الجماعة والمسارعة اليها حين تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح وحث الناس على ذلك وترغيبهم في ذلك وهكذا ما بعد ذلك من الاعمال من الزكاة اذا عنده مال. صيام رمضان اذا حضر والمحافظة عليه حج الفريضة اذا حضر بر الوالدين صلة الرحم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غير هذا مما امر الله به ورسوله فاوصيكم ايها الابناء بالعمل واوصيكم بالجد والعلم والعمل. واوصيكم بالعناية بالدروس والاقبال عليها واوصيكم بالمثابرة التامة والعناية التامة والتشمير الدائم المتواصل وحفظ الاوقات. فالاوقات عزيزة. فاحفظوها واعمروها بالعلم والمذاكرة تعاون وسؤال الاساتذة عما يشكل عن اخلاص وعن نية صالحة لا عن تعنت ولا عن المفاخرة بالفهم. لا ولكن عليكم بالنية الصالحة في سؤالكم وفي مذاكرتكم كونوا على نية صالحة القصد الفائدة لا المفاخرة ولا اظهار الجد في الفهم ولكن كل واحد يقصد من مذاكرته ومن سؤاله لاخيه او لاستاذه او غير ذلك يقصد المزيد من العلم لا ليقول الناس انه جيد او يفهم. لا ولكن يقصد العلم يقصد الفائدة هذا واسأل الله عز وجل ان يوفقنا جميعا لما يرضيه وان يهدينا جميعا صراطه المستقيم. وان يصلح ولاة امرنا. وان يهديهم صراطه المستقيم. وان يصلح حال المسلمين جميعا في كل مكان ويمنحهم الفقه في الدين وان يولي عليهم خيارهم ويجعلنا واياكم من دعاة وانصار الحق انه جواد كريم وقد اطلت عليكم بعض الاطالة فارجو المسامحة وصلى الله وسلم على رسولنا ونبينا محمد وعلى اله واصحابه نسأل الله جلت عظمته ان يتغمد شيخنا وامامنا في فردوسه الاعلى. وان يجمعنا واياه في مقعد صدق عند مقتدر اللهم اغفر لشيخنا وامامنا وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين. واغفر لنا وله يا رب العالمين كما نسأله سبحانه ان يوفق علماء المسلمين الى ما فيه صلاح العباد والبلاد وان يحفظ علماء السنة في كل مكان. ويرفع رايتهم ويكبت شانئهم وحاسدهم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة