من هذا الذي وصله التحريم وبلغها التحريم ثم عاد قال ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. فهذا تحذير شديد من هذا الفعل ولما ذكر الله الانفاق في سبيله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال تعالى الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بانهم قالوا انما البيع مثل الربا واحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وامره الى الله ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون لما رغب تعالى في الانفاق في سبيله بما فيه من التعاون والتكافل بين للمسلمين وحذر مما يناقض ذلك وهو الربا فقال الذين يتعاملون بالربا ويأخذونه لا يقومون يوم القيامة من قبورهم الا مثلما يقوم الذي به مس من الشيطان فيكون من قبره يخبط كما يخبض من به صرع في قيامه وسقوطه ذلك بسبب انهم استحلوا اكل الربا ولم يفرقوا بين الربا وبين ما احل الله من مكاسب البيع فقالوا انما البيع مثل الربا في كونه حلالا فكل منهما يؤدي الى زيادة المال ونمائه فرد الله عليهم وابطل قياسهم واكذبهم وبين انه تعالى احل البيع لما فيه من نفع عام وخاص وحرم الربا لما فيه من ظلم واكل لاموال الناس بالباطل بلا مقابل فمن جائته موعظة من ربه فيها النهي والتحذير من الربا فانتهى عنهم وتاب الى الله منه فله ما مضى من اخذه للربا لا اثم عليه فيه وامره الى الله فيما يستقبل بعد ذلك ومن عاد الى اخذ الربا بعد ان بلغه النهي من الله وقامت عليه الحجة فقد استحق دخول النار والخلود فيها وهذا الخلود في النار المقصود به من اكل الربا مستحلا له او المقصود به البقاء الطويل فيها فان الخلود الدائم فيها لا يكون الا للكفار اما اهل التوحيد فلا يخلدون فيها اذا هذه الاية الكريمة ايها الاخوة فيها التحذير من الربا وان الله سبحانه وتعالى قد حرم الربا بان في الربا الظلم للناس وجعل الناس طبقتين طبقة عليا وطبقة سفلى والربح احله الله تعالى لما فيه الغنم بالغرم والخراج بالضمان اما الربا فاحدهما يربح والاخر يخسر فقال تعالى محذرا من الربا مشبها صاحب الربا فقال الذين ياكلون الربا اي يأكلونها في الدنيا وعبر عنهم بالاكل لان غالب المنافع المالية للاكل وفيه تبخيس لشأن الدنيا لان الناس تعمل لاجل ان تأكل فكان الانسان اصبح يأكل ولا يعتذر ونحن بحمد الله نأكل ونشرب وينبغي ان نحمد الله على الاكل والشرب ونعتمر وان لا يكون اكلنا وشرابنا كما تأكل الحيوانات بل علينا ان ننظر فيه نظر اعتبار فقال تعالى الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس هذا يعتبر انه قد اكل الربا وامتلأ فيه بطنه يخرج من قبره وبطنه ملأى فحينما يمشي يمشي ويسقط يمشي ويسقط ثم قال تعالى بين سبب ذلك بانهم قالوا انما البيع مثل الربا. هؤلاء جمعوا مع هذه الجريمة. اكثر الربا جريمة اخرى وهو انهم قد يعني افتر بي حليته انما البيع مثل الربا فرد الله عليهم واكذبهم فقال واحل الله البيع وحرم الربا فالبيع حلال والبيع له حكمة وفيه ربح وخسارة ثم بين ربنا على من تعامل بهذا قبل التحريم وقبل نزول قال فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف لا يحاسب عما مضى وامره الى الله اي حسابه على الله. ومن عاد واخذ الربا بين الفرق بينهما في الجزاء فقال يمحق الله الربا ويربي الصدقات. والله لا يحب كل كفار اثيم يهلك الله المال الرباوي ويذهبه اما حسا بثلفه ونحو ذلك او معنى بنزع البركة منه ويزيد الصدقات وينميها بمضاعفة ثوابها فالحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف الى اضعاف كثيرة ويبارك في اموال المتصدقين. والله لا يحب كل من كان كافرا عنيدا مستحلا للحرام متماديا في المعاصي والاثم اذا هذا تحذير شديد فربنا يقول يمحق الله الربا ويربي الصدقات وهذا فيه حث على الصدقات التي تدل على صدق ايمان العبد وتحذير من الربا الذي فيه ظلم الناس وفيه الاعتداء على حق الله قال والله لا يحب كل كفار اثيم. هذا غاية التحذير لان هذا الذي يرابي قد كفر نعمة الله تعالى وغطاها ثم قال تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات واقاموا الصلاة واتوا الزكاة لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ان الذين امنوا بالله واتبعوا رسوله وعملوا الاعمال الصالحة وادوا الصلاة تامة على ما شرع الله واتوا زكاة اموالهم لمن يستحقها لهم ثوابهم عند ربهم ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من امورهم ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا ونعيمها على ما فاته من الدنيا ونعيمها اذا ربنا يقول ان الذين امنوا وعملوا الصالحات فامنوا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا ثم ادى ثمرة الايمان وهو العمل الصالح الصالح الصالحات التي تصلح بها حياة الانسان وحياته في البرزخ وحياته يوم القيامة فيصلح لان يدخل الجنة واقاموا الصلاة اقامتها بشروطها واركانها وسننها وخشوعها وخضوعها واتوا الزكاة قرن مع الصلاة الزكاة لان في ذلك تذكيرا بالاخلاص لله والاحسان لعبده وهما علامة سعادة العبد ان يكون مخلصا لربه محسنا لعبيد الله قال في ذلك ربنا لهم اجرهم اي لهم الاجر العظيم ثم بين ان هذا الاجر عنده قال عند ربه فهو عند الله تعالى لا ينفد ولا يزول ولا يتغير ولا يتبدل قال ولا خوف عليهم يعني لا يخافون هؤلاء ولا هم يحزنون فيما ولا يحزنون على ما مضى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين يا ايها الذين امنوا بالله واتبعوا رسوله خافوا الله بان تمتثل اوامره وتجتنب نواهها واتركوا المطالبة بما بقي لكم من اموال ربوية عند الناس. ان كنتم مؤمنين حقا بالله وبما نهاكم عنه من الربا الانسان لما يدعي الامام الايمان له ما يصدقه وهو امتثال الاوامر. والانتهاء عن النواهي ثم قال تعالى فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم. لا تظلمون ولا تظلمون فان لم تفعلوا ما امرتم به فاعلموا واستيقنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم الى الله وتركتم الربا فلكم قدر ما اقرصتم من رؤوس اموالكم لا تظلمون احدا باخذ زيادة على رأس مالكم ولا تظلمون بالنقص منها ثم قال تعالى وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة وان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون وان كان من تطالبونه بالدين معسرا لا يجد سداد دينه فاخروا مطالبته الى ان يتيسر له المال. ويجد ما يقضي به الدين وان تتصدقوا عليه بترك المطالبة بالدين او اسقاط بعظه عنه خير لكم ان كنتم تعلمون فضل الله فضل ذلك عند الله واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون وخافوا عذاب يوم ترجعون فيه جميعا الى الله وتقومون بين يديه ثم تعطى كل نفس جزاء ما كسبت من خير او شر لا يظلمون بنقص ثواب حسناتهم ولا بزيادة العقوبة على سيئاتهم وهذه الاية ايها الاخوة اخر اية نزلت من كتاب الله تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله في عمل الانسان جميع الايام لاجل هذا اليوم لاجل ان ينجو به لان الانسان اذا نجى في يوم القيامة نجا فيما بعده واذا هلك يوم القيامة هلك فيما بعده قال ثم توفى كل نفس ما كسبت. الانسان يعمل ثم يوفى جزاءه يوم القيامة ان خيرا فخيرا وان شرا فشر وهم لا يظلمون فربنا جل جلاله لا يظلم احدا مثقال حبة. وان كان يسيرا ابدا من فوائد الايات من اعظم الكبائر اكل الربا ولهذا توعد الله تعالى اكله بالحرب وبالمحق في الدنيا والتخبط في الاخرة الالتزام باحكام الشرع في المعاملات المالية ينزل البركة والنماء فيها فضل الصبر على فضل الصبر على المحشر والتخفيف عنه بالتصدق عليه ببعض الدين او كله. طبعا هذا من افضل الاعمال ان الانسان يقرض الاخرين ومن افضل الاعمال ان الانسان يصبر عليهم ومن افضل الاعمال ان الانسان يضع عنهم بعض الدين او جميع الدين فان الانسان يضل بظن الله يوم القيامة هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته