بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال البخاري علينا وعليه رحمة الله حدثنا عبد الله بن يوسف قال اخبرنا مالك عن اسحاق بن عبدالله بن ابي طلحة ان ابا مرة مولى عقيل ابن ابي طالب اخبره عن ابي واقظ الليثي قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فاقبل ثلاثة نفر فاقبل اثنان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فاما احدهما فرأى فرجة فجلس واما الاخر فجلس خلفهم فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الا اخبركم عن الثلاثة اما احدهم فاوى الى الله فاواه الله واما الاخر فاستحيا فاستحيا الله منه واما الاخر فاعرض فاعرض الله عنه ما زلنا نحن في كتاب الصلاة وما زدنا في هذا الباب اللي هو باب الحلق والجلوس في المساجد ليستدل بها على مشروعية ذلك قوله حدثنا عبد الله بن يوسف وهو عبد الله ابن يوسف التنيسي ابو محمد الجلاعي المصري قال يحيى ابن معين اثبت الناس في الموطأ عبد الله بن يوسف القعنبي وقال ايضا ما بقي على اديم الارض اوثق منه في الموطأ يعني يريد عبدالله ابن يوسف عبدالله بن يوسف في عام ثمان عشرة ومئتين قال اخبرنا مالك هو ابو عبد الله مالك ابن انس ابن مالك ابن ابي عامر الاصبحي الحميري المدني وهو الامام الجليل امام دار الهجرة كان معروفا بالصبر والذكاء والهيبة والوقار والاخلاق الحسنة وقد اثنى عليه كثير من العلماء منهم الامام الشافعي حينما قال اذا ذكر العلماء فمالك النجم ومالك حجة الله على خلقه بعد التابعين من اقواله التي تدل على حرصه على بث سنة النبي صلى الله عليه وسلم قوله انما انا بشر اخطئ نصيب فانظروا في رأيي فما وافق السنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك انت احذر ان تقصر في مجالس حديث النبي صلى الله عليه وسلم فان هذا من الفشل وعدم نصرة حديث النبي صلى الله عليه وسلم من الفشل فخذوا به الامام مالك ايها الاخوة كان صبورا مثابرا غالب الفقر حتى باع اخشاب سقف بيته في سبيل العلم وكان يذهب في الهجير الى بيوت العلماء ينتظر خروجهم ويتبعهم حتى المسجد وكان يجلس على باب دار شيخه في شدة البرد ويتقي بردا المجلس بوسادة يجلس عليها وكان يقول لا يبلغ احد ما يريد من هذا العلم حتى يضر به الفقر ويؤثره على كل حال اي ان الانسان لابد ان يؤثر العلم على كل حال حتى ينال العلم فانك ان لم تعطي العلم كله لن يعطيك العلم بعضه وكان الامام مالك يأخذ تلاميذه بذلك فيحثهم على احتمال المشاق في طلب العلم بالقول والعمل وكان الامام مالك يعمل في نفسه ما لا يلزمه الناس. يعني لا يأخذ بالرخصة لنفسه انما يعمل بنفسه بالامر الذي هو اشد واشق وكان يقول لا يكون العالم عالما حتى يعمل في نفسه بما لا يفتي به الناس. يحتاط لنفسه ما لو تركه لم يكن عليه فيه اثم. اذا لابد للانسان ان يتورع وان يحتاط. والقاعدة لا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به لماله فيه بأس كما قال سفيان الثوري من اقوال الامام مالك علينا وعليه رحمة الله يقول ليس العلم بكثرة الرواية وانما العلم نور يضعه الله في القلوب اذا الانسان ينقي قلبه من الذنوب حتى ينال العلم والمعرفة لان الذنوب ظلمة تكون في القلب تمنع نور العلم والعلم الذي يراد به وجه الله نور يقضي على ظلمة الذنوب وقوله ايضا ينبغي للرجل اذا خول علما وصار رأسا يشار اليه بالاصابع ان يضع التراب على رأسه ويمقت نفسه اذا خلا بها ولا يفرح بالرياسات تجد الكثير من الناس لما ينال الشهادة يبحث عن المنصب ويبحث عن الوظيفة الاعلى ويبحث عن يصبح الاستاذ الفلاني والمدير الفلاني يقول فانه اذا اضطجع في قبره وتوسد التراب ساءه ذلك كله. اي الرئاسة واستخدام العلم لاجل الدنيا يسوء في القبر وملذات الدنيا جميعا لو جمعت لا تعادل ساعة في القبر توفي الامام مالك عام تسع وسبعين ومئة عن اسحاق ابن عبد الله ابن ابي طلحة واسحاق ابن عبد الله ابن ابي طلحة زيد ابن سهل الانصاري النجاري المدني. كان ثقة كثير الحديث مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة ان ابا مرة مولى عقيل ابن ابي طالب اخبره هو يزيد الهاشمي ابو مرة مولى عقيل وقيل مولى ام هانئ حجازي مشهور بكنيته وهو مدني تابعي ثقة عن ابي واقد الليثي هو الحارث ابن مالك وقيل هو ابن عوف وقيل عوف ابن الحارث ابن اسد ابن جابر قال ابن عبدالبر انه شهد بدرا وتوفي وله خمسا وثمانون سنة. طبعا ابن عذر لما ارد هذا صدره بقوله هذا هو الحديث الثاني في باب الحلق والجلوس في المسجد وقد اورده المصنف علينا وعليه رحمة الله بيان اسباب الاجتماع في المساجد واقامة الحلق فيها لتدارس علوم الشريعة وقد جاء فيه بيان فضل من سعى الى مثل هذه الامور قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فاقبل ثلاثة نفر. النفر هم الجماعة من الثلاثة الى العشرة يعني شيء لا واحدة لهم فاقبل اثنان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اي دخلوا الى المسجد لمجالسة النبي صلى الله عليه وسلم وذهب واحد انصرف ولم يدخل مع صاحبيه فاما احدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس اي رأى فسحة في الحلقة فانضم اليها وهذا هو موطن الشاهد من الحديث وهو مشروعية اقامة حلقات تدارس العلوم الشرعية في المساجد واما الاخر فجلس خلفهم اي ان الرجل الثاني لم يجد الفسحة فجلس خلف الصف حياء وادبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اي لما انتهى من كلامه قال الا اخبركم عن نفر الثلاثة اما احدهم فاوى الى الله فاواه الله التجأ الى الله رجاء نيل الاجر والثواب عدا الالتحاق بمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجازاه الله بما كان يرجو ونحن نرجو الله تعالى في مجالسنا هذه الذي نتذاكر فيها العلم نسأل الله تعالى ان يرحمنا وان يجعلنا من اهل ولايته واما الاخر فاستحيا فاستحيا الله منه يعني هو استحيا ان يزاحم الناس للجلوس فيما بينهم هكذا استحيا وهذا الحياء هو من الله سبحانه وتعالى. فجازاه الله سبحانه وتعالى وربنا جل جلاله يجزل على عطاء اكثر مما يستحقه صاحبهم واما الاخر فاعرض فاعرض الله عنه اي سخط عليه بسبب اعراضه عن مجلس اذ همت طائفتان منكم ان تفشل تفشلا باي شيء في نصرة النبي فكل من قصر في حمل حديث النبي ونصرة حديثه والدفاع عن حديث النبي فليحذر الفشل الحديث فيه فوائد وعوائد. اولا دل الحديث على فضل الاجتماع في بيوت الله تعالى لطلب العلم واستحباب التحليق في مجالس الذكر والعلم ثانيا فيه دليل على ان من سبق الى موضع فهو احق به من غيره وليس لاحد ان يقيمه منه ثالثا ان من توفيق الله للعبد ان يجعله سباقا الى الاعمال الصالحة فلا يفرط في عمل من الاعمال وان يكون حريصا على منافسة اخوانه على مثل ذلك لاننا في هذه الزنا في سباق وفي تنافس لاجل لاجل الحصول على رضا الله سبحانه وتعالى رابعا فضل سد خلل الحلقة في مجالس العلم والذكر. ويمكن قياس ذلك على ما ورد من الفضل في سد الخلل في الصلاة الجهاد في سبيل الله خامسا جواز ذكر طاعة المطيع امامه والثناء عليه من اجلها اذا امن من الفتنة وذلك لحثه على الاكثار من ذلك وعدم التفريط فيه كما يجوز ذكر معصية العاصي وانكارها عليه لردعه عنها وتحذيره من عواقبها. طبعا هذا لما يكون الانكار امام الناس هذا مقرون بالمصلحة الشرعية سادسا فيه التحذير من التفريط في الاعمال الصالحة ومن ذلك الاعراض عن ذكر الله تعالى لما في ذلك من تفويت الاجور وخسارة الحسنات نسأل الله تعالى ان يجعلنا من السباقين الى فعل الخير والطاعات هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته