المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله التوكل على الله والاستعانة به خلق جليل يضطر اليه العبد في اموره كلها دينيها ودنيويها لانه وان كان الله تعالى قد اعطى العبد قدرة وارادة تقع بها افعاله الاختيارية ولم يجبره على شيء منها فانه لا حول له ولا قوة الا بالله فاذا اعتمد بقلبه اعتمادا كليا قويا على ربه في تحصيل وتكميل ما يريد فعله من امور دينه ودنياه ووثق به اعانه وقوى ارادته وقدرته ويسر له الامر الذي قصده وصرف عنه الموانع او خففها وتضاعفت قوة العبد وازدادت قدرته لانه استمد واستراح من قوة الله التي لا تنفد ولا تبيد والتوكل الحقيقي يطرد عن العبد الكسل ويوجب له النشاط التام على الامر الذي توكل على الله به ولا يتصاعد شاقا ولا يستثقل اي عمل ولا ييأس من النجاح وحصول مطلوبه عكس ما يظنه بعض المنحرفين الذين لم يفهموا معنى التوكل او فهموه لكن انكار القدر والقضاء صرفهم عن الحق فحسبوا ان التوكل يضعف الهمة والارادة واساءوا غاية الاساءة حيث ظنوا بربهم الظن السوء فان الله امر بالتوكل في ايات كثيرة واخبر انه من لوازم الايمان ووعد المتوكلين الكفاية وحصول المطلوب واخبر انه يحبهم وانه لا يتم الدين الا به ولا تتم الامور الا به فالدين والدنيا مفتقرات الى التوكل قال تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين فاعبده وتوكل عليه فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت على الله توكلنا ومن يتوكل على الله فهو حسبه اياك نعبد واياك نستعين وللتوكل فوائد عظيمة منها انه لا يتم الايمان والدين الا به وكذلك لا تتم الاقوال والافعال والايرادات الا به ومنها ان من توكل على الله كفاه فاذا وعد الله عبده بالكفاية اذا توكل عليه علم ان ما يحصل من الامور الدينية والدنيوية واحوال الرزق وغيرها بالتوكل اعظم بكثير مما يحصل ان حصل اذا انقطع قلب العبد من التوكل ومنها ان التوكل على الله اكبر سبب لتيسير الامر الذي توكل عليه وتكميله وتتميمه ودفع الموانع الحائلة بينه وبين تكميله ومنها ان المتوكل على الله قد علم انه اعتمد في توكله واستند الى من جميع الامور كلها في ملكه وتحت تصريفه وتدبيره ومن جملتها فعل العبد فكلما فترت همته وضعف نشاطه امده هذا التوكل بقوة الى قوته وقد وثق بكفاية ربه والوثوق والطمع في حصول المطلوب لا شك انه من اعظم الاسباب الباعثة على الاعمال المرغبة فيها وهذا امر مشاهد معلوم ومنها ان المتوكل على الله حقيقة قد ابدى الافتقار التام الى ربه وتبرأ من حوله وقوته ولم يعجب بشيء من عمله ولم يتكل على نفسه لعلمه انها ضعيفة مهينة سريعة الانحلال بل لجأ في ذلك الى ربه مستعينا به في حصول مطلوبه وهذا هو الغنى الحقيقي لانه استغنى بربه وكفايته وهو مع ذلك قد ابدى غاية المجهود فتبين ان التوكل لا ينافي القيام بالاسباب الدينية والدنيوية بل تمامه بفعلها بقوة صادقة وهمة عالية معتمدة على قوة القوي العزيز