ندخل في عهد قريش وحلفهم دخل ومن احب ان يدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده فعل. وبسبب ذلك لما من الناس بعضهم بعضا اتسعت دائرة الدعوة لدين الله عز وجل وصار كل مؤمن باي محل كان من تلك الاقطار يتمكن من المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم فلكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. انا فتحنا لك فتحا مبينا. هذا الفتح المذكور هو صلح الحديبية حين صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء معتمرا في قصة طويلة صار اخر امرها ان صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين. وعلى ان يعتمر من العام المقبل. وعلى ان من اراد ان وامكن الحريص على الوقوف على حقيقة الاسلام. فدخل الناس في تلك المدة في دين الله افواجا. فلذلك سماه الله فتحا. ووصف وصفه بانه فتح مبين اي ظاهر جلي وذلك لان المقصود في فتح بلدان المشركين اعزاز دين الله وانتصار المسلمين وهذا حصل بذلك الفتح. ورتب الله على هذا الفتح عدة امور. فقال تأخرت ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وذلك والله اعلم بسبب ما حصل بسببه من الطاعات الكثيرة والدخول في الدين بكثرة. وربما تحمل صلى الله عليه وسلم من تلك الشروط التي لا يصبر عليها الا اولو العزم من المرسلين. وهذا من اعظم مناقبه وكراماته صلى الله عليه وسلم. ان غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما. ويتم نعمته عليك باعزاز دينك ونصرك على اعدائك واتساع كلمتك. ويهديك صراطا مستقيما. تنال به السعادة الابدية. والفلاح السرمد وينصرك الله نصرا عزيزا. اي قويا لا يتضعضع فيه الاسلام بل يحصل الانتصار التام قمع الكافرين وذلهم ونقصهم. مع توفر قوى المسلمين ونموهم ونمو اموالهم. ثم ذكر اثار هذا الفتح على المؤمنين هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما. يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بانزال السكينة في قلوبهم وهي السكون والطمأنينة والثبات عند نزول المحن المقلقة والامور الصعبة التي تشوش القلوب وتزعج الالباب وتضعف نفوس فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال ان يثبته ويربط على قلبه وينزل عليه السكينة ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة فيستعد بذلك لاقامة امر الله في هذه الحال. فيزداد بذلك ايمانه ويتم ايقانه. فالصحابة رضي الله عنهم عنهم لما جرى ما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين من تلك الشروط التي ظاهرها انها غضاضة عليهم وحق من وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس. فلما صبروا عليها ووطنوا انفسهم لها. ازدادوا بذلك ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما. ولله جنود السماوات والارض اي جميعها في ملكه وتحت تدبيره وقهره. فلا يظن المشركون ان الله لا ينصر دينه ونبيه. ولكنه تعالى عليم حكيم. فتقتضيه حكمته المداولة بين الناس في الايام وتأخير نصر المؤمنين الى وقت اخر خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما. فهذا اعظم ما يحصل للمؤمنين. ان يحصل لهم المرغوب المطلوب بدخول الجنات. ويزيل عنهم المحظور وبتكفير السيئات. وكان ذلك الجزاء المذكور للمؤمنين. عند الله فوزا عظيما فهذا ما يفعل بالمؤمنين في ذلك الفتح المبين عليهم واما المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات فان الله يعذبهم بذلك ويريهم ما يسوؤهم. حيث كان مقصودهم خذلان المؤمنين. وظنوا بالله الظن السوء انه لا ينصر ولا يعلي كلمته وان اهل الباطل ستكون لهم الدائرة على اهل الحق. فادار الله عليهم ظنهم وكانت دائرة السوء عليهم في الدنيا وغضب الله عليهم بما اقترفوه من المحادة لله ولرسوله. ولعنهم اي ابعدهم واقصاهم عن رحمته واعد لهم جهنم وساءت نصيرا. ولله جنود السماوات والارض وكان الله عزيزا حكيما. كرر الاخبار بان له ملك السماوات والارض وما فيهما من الجنود. ليعلم انه تعالى هو المعز المذل. وانه سينصر جنوده المنسوبة اليه. كما قال تعالى وان جندنا لهم الغالبون. وكان الله عزيز اي قويا غالبا قاهرا لكل شيء. ومع عزته وقوته فهو حكيم في خلقه وتدبيره. يجري على ما تقتضيه حكمة واتقانه اي انا ارسلناك ايها الرسول الكريم شاهدا لامتك بما فعلوه من خير وشر. وشاهدا على المقالات والمسائل. حقها وباطلها وشاهدا لله تعالى بالوحدانية انفراد بالكمال من كل وجه. ومبشرا من اطاعك واطاع الله. بالثواب الدنيوي والديني والاخروي. ومنذر من عصى الله بالعقاب العاجل والاجل ومن تمام البشارة والنذارة بيان الاعمال والاخلاق التي يبشر بها وينذر فهو المبين للخير والشر والسعادة والشر والحق من الباطل. ولهذا رتب على ذلك قوله لتؤمنوا بالله ورسوله اي بسبب دعوة الرسول لكم وتعليمه لكم ما ينفعكم ارسلناه لتقوموا بالايمان بالله ورسوله. المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الامور. وتعزروه وتوقروه اي الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه. اي تعظموه وتجلوه وتقوموا بحقوقه. كما كانت له المنة العظيمة برقابكم وتسبحوه اي تسبحوا لله بكرة واصيلا. اي اول واخرة فذكر الله في هذه الاية الحق المشترك بين الله وبين رسوله وهو الايمان بهما والمختص بالرسول وهو والتوقير والمختصة بالله وهو التسبيح له والتقديس بصلاة او غيرها يد الله فوق ايديهم. فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما. هذه المبايعة التي اشار الله اليها هي بيعة الرضوان التي بايع الصحابة رضي الله عنهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الا يفروا عنه فهي عقد خاص من لوازمه ان لا يفر ولو لم يبق منهم الا القليل. ولو كانوا في حال يجوز الفرار فيها. فاخبر تعالى ان الذين بايعوك حقيقة الامر انهم يبايعون الله ويعقدون العقد معه. حتى انه من شدة تأكده انه قال يد الله فوق ايديهم. اي كانهم بايعوا الله و رفعوه بتلك المبايعة. وكل هذا لزيادة التأكيد والتقوية. وحملهم على الوفاء بها. ولهذا قال فمن نكث فلم يفي بما عاهد الله عليه. فانما يمكث على نفسه. اي لان وبال ذلك راجع اليه وعقوبته واصلة له. ومن اوفى بما عاهد عليه الله اي اتى به كاملا موفرا فسيؤتيه اجرا عظيما. لا يعلم عظمه وقدره الا الذي اتاه اياه اقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا اموالنا واهلنا فاستغفر لنا. يقولون بالسنتهن ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا ان اراد بكم ضرا او اراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا. بل ظننتم ان ينقلب الرسول والمؤمنون اليه يذ وتعالى المتخلفين عن رسوله في الجهاد في سبيله من الاعراب الذين ضعف ايمانهم وكان في قلوبهم مرض وسوء ظن بالله تعالى وانهم سيعتذرون بان اموالهم واهليهم شغلتهم عن الخروج في الجهاد. وانهم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يستغفر لهم قال الله تعالى فان طلبهم الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ندمهم واقرارهم على انفسهم بالذنب. وانهم تخلفوا تخلفا يحتاج الى توبة واستغفار. فلو كان هذا الذي في لكان استغفار الرسول نافعا لهم لانهم قد تابوا وانابوا. ولكن الذي في قلوبهم انهم انما تخلفوا لان انهم ظنوا بالله ظن السوء. فظنوا ان لن ينقلب الرسول والمؤمنون الى اهليهم ابدا. اي انهم سيقتلون ويستأصلون. ولم يزل هذا الظن يزين في قلوبهم ويطمئنون اليه حتى استحكم. وسبب ذلك امران احدها انهم كانوا قوما بورا. اي لا خير فيهم. فلو كان فيهم خير لم يكن هذا في قلوبهم. الثاني ضعف ايمانهم ويقينهم بوعد الله. ونصرهم دينه واعلاء كلمته. ولهذا قال ومن لم يؤمن بالله ورسوله اي فانه كافر مستحق للعذاب. فانا اعتدنا للكافرين سعيرا ملك السماوات والارض يغفر لمن يعذب من يشاء يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما اي هو تعالى المنفرد بملك السماوات والارض يتصرف فيهما بما يشاء من الاحكام القدرية والاحكام الشرعية والاحكام ولهذا ذكر حكم الجزاء المرتب على الاحكام الشرعية. فقال يغفر لمن يشاء وهو من قام بما امره الله به ويعذب من يشاء ممن تهاون بامر الله. اي وصفه اللازم الذي لا ينفك عنه المغفرة والرحمة فلا يزال في جميع الاوقات يغفر للمذنبين ويتجاوز عن الخطائين ويتقبل توبة التائبين وينزل خيره المدرار اناء الليل والنهار لما ذكر تعالى المخلفين وذمهم ذكر ان من عقوبتهم الدنيوية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه اذا انطلقوا الى غنائم لا قتال فيها ليأخذوها. طلبوا منهم الصحبة والمشاركة. ويقول ذرونا نتبعكم يريدون بذلك ان يبدلوا كلام الله. حيث حكم بعقوبتهم واختصاص الصحابة المؤمنين بتلك الغنائم شرعا وقدرا قل لهم لن تتبعون كذلكم قال الله من قبل. انكم محرومون منها بما جنيتم على انفسكم وبما تركتم القتال اول مرة فسيقولون مجيبين لهذا الكلام الذي منعوا به عن الخروج بل تحسدوننا على الغنائم هذا منتهى علمهم في هذا الموضع. ولو فهموا رشدهم لعلموا ان حرمانهم بسبب عصيانهم. وان المعاصي لها عقوبات دنيوية ودينية ولهذا قال قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم اولي بأس شديد تقاتلونهم او يسلمون لما ذكر تعالى ان المخلفين من الاعراب يتخلفون عن الجهاد في سبيله. ويعتذرون بغير عذر. وانهم يطلبون وجمعهم اذا لم يكن شوكة ولا قتال بل لمجرد الغنيمة. قال تعالى ممتحنا لهم قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم اولي بأس شديد. اي سيدعوكم الرسول ومن ناب منابه من الخلفاء الراشدين والائمة. وهؤلاء القوم فارس والروم ومن نحى نحوهم واشبههم تقاتلونهم او يسلمون. اي اما هذا واما هذا. وهذا هو الامر الواقع. فانهم في حال ومقاتلتهم لاولئك الاقوام. اذ كانت شدتهم وبأسهم معهم. فانهم في تلك الحال لا يقبلون ان يبذلوا الجزية. بل اما ان يدخل في الاسلام واما ان يقاتلوا على ما هم عليه. فلما اثخنهم المسلمون وضعفوا وذلوا ذهب بأسهم فصاروا اما ان يسلموا واما ان يبذلوا الجزية فان تطيعوا الداعي لكم الى قتال هؤلاء يؤتكم الله اجرا حسنا. وهو الاجر الذي رتبه الله ورسوله على الجهاد في سبيله وان تتولوا كما توليتم من قبل عن قتال من دعاكم الرسول الى قتاله يعذبكم عذابا ودلت هذه الاية على فضيلة الخلفاء الراشدين الداعين لجهاد اهل البأس من الناس. وانه تجب طاعتهم في ذلك ثم ذكر الاعذار التي يعذر بها العبد عن الخروج الى الجهاد. فقال اعان المريض حرج. اي في التخلف عن الجهاد لعذرهم المانع ومن يطع الله ورسوله في امتثال امرهما واجتناب نهيهما يدخله جنات تجري في من تحتها الانهار فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين ومن يتولى عن طاعة الله ورسوله يعذبه عذابا اليما. فالسعادة كلها في طاعة الله والشقاوة في معصيته ومخالفته لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة يخبر تعالى بفضله ورحمته برضاه عن المؤمنين اذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المبايعة التي بيضت وجوههم واكتسبوا بها سعادة الدنيا والاخرة. وكان سبب هذه البيعة التي يقال لها بيعة الرضوان لرضا الله عن المؤمنين فيها ويقال لها بيعة اهل الشجرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه. وانه لم يجيء لقتال احد وانما جاء زائرا هذا البيت معظما له. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان ابن عفان لمكة في ذلك. فجاء خبر غير صادق ان عثمان قتله المشركون. فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين وكانوا نحوا من الف وخمسمائة فبايعوه تحت الشجرة على قتال المشركين والا يفروا حتى يموتوا فاخبر تعالى انه رضيع عن المؤمنين في تلك الحال. التي هي من اكبر الطاعات واجل القربات. فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا. فعلم ما في قلوبهم من الايمان. فانزل السكينة عليهم لهم على ما في قلوبهم زادهم هدى وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله. فانزل عليهم السكينة تثبتهم وتطمئن بها قلوبهم واثابهم فتحا قريبا وهو فتح خيبر لم يحضره سوى اهل الحديبية فاختصوا وبخيبر وغنائمها جزاء لهم وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته. ومغانم كثيرة يأخذ دونها وكان الله عزيزا حكيما. ومغانم كثيرة يأخذونها اي له العزة والقدرة التي قهر بها الاشياء. فلو انتصر من الكفار في كل وقعة تكون بينهم وبين المؤمنين. ولكنه حكيم يبتلي بعضهم ببعض. ويمتحن المؤمن بالكافر وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه فعجل لكم هذه وكف ايدينا الناس عنكم ولتكون اية ولتكون اية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما. وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها. وهذا يشمل كل غنيمة غنمها المسلمين الى يوم القيامة. فعجل لكم هذه اي غنيمة خيبر اي فلا تحسبوها وحدها. بل ثم شيء كثير من الغنائم سيتبعها. واحمدوا الله اذ كف ايدي الناس القادرين على قتالكم الحريصين عليه عنكم فهي نعمة وتخفيف عنكم ولتكون هذه الغنيمة اية للمؤمنين يستدلون بها على خبر الله الصادق ووعده الحق وثوابه للمؤمنين وان الذي قدرها سيقدر غيرها ويهديكم بما يقيض لكم من الاسباب صراطا مستقيما من العلم والايمان العمل اي وعدكم ايضا غنيمة اخرى لم تقدروا عليها وقت هذا الخطاب. قد احاط الله بها اي هو قادر عليها وتحت تدبير وملكه وقد وعدكموها فلا بد من وقوع ما وعد به. لكمال اقتدار الله تعالى. ولهذا قال ولو قاتلكم الذين كفروا لو هذه بشارة من الله لعباده المؤمنين. بنصرهم على اعدائهم الكافرين. وانهم لو قابلوهم وقاتلوهم لولوا الادبار ثم لا يجدون وليا يتولى امرهم ولا نصيرا ينصرهم ويعينهم على قتالكم. بل هم مخدولون مغلوبون سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا وهذه سنة الله في الامم السابقة ان جند الله هم الغالبون يقول تعالى ممتنا على عباده بالعافية. من شر الكفار ومن قتالهم. فقال وهو الذي كف ايديهم اي اهل مكة وايديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان اظفركم عليهم. اي من بعد ما قدرتم عليهم وصاروا تحت ولايتكم بلا عقد ولا عهد وهم نحو ثمانين رجلا انحدروا على المسلمين ليصيبوا منهم غرة. فوجدوا المسلمين منتبهين فامسكوهم. فتركوهم ولم يقتلوهم رحمة من الله بالمؤمنين اذ لم يقتلوهم. فيجازي كل عامل بعمله ويدبر ايها المؤمنون بتدبيره الحسن. هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي مع لو تزينون عذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما. ثم ذكر تعالى والمهيجة على قتال المشركين. وهي كفرهم بالله ورسوله. وصدهم رسول الله ومن معه من المؤمنين. ان يأتوا للبيت الحرام زائرين معظمين له بالحج والعمرة. وهم الذين ايضا صدوا الهدي معكوفا. اي محبوسا ان يبلغ محله. وهو محل ذبحه. وهو ومكة فمنعوه من الوصول اليه ظلما وعدوانا. وكل هذه امور موجبة وداعية الى قتالهم. ولكن ثم مانع وهو وجود رجال ونساء من اهل الايمان بين اظهر المشركين. وليسوا متميزين بمحلة او مكان. يمكن الا ينالهم اذى. فلولا هؤلاء الرجال المؤمنون والنساء المؤمنات الذين لا يعلمهم المسلمون ان تطأوهم اي خشية ان تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم. والمعرة ما يدخل تحت قتالهم من نيلهم بالاذى والمكروه. وفائدة اخروية وهو انه ليدخل ففي رحمته من يشاء فيمن عليهم بالايمان بعد الكفر. وبالهدى بعد الضلال فيمنعكم من قتالهم لهذا السبب. لو لو تزيلوا اي لو زالوا من بين اظهرهم لعذبنا الذين كفروا ومنهم عذابا اليما. بان نبيح لكم قتالهم ونأذن فيه وننصركم عليهم. اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم والزمهم التقوى وكانوا احق بها واهلها وكان الله بكل شيء علي ما يقول تعالى اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية. حيث انفوا من كتابة بسم الله الرحمن الرحيم. وانفوا من لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين اليهم في تلك السنة. لان لا يقول الناس دخلوا مكة قاهرين لقريش. وهذه ونحوها من امور الجاهلية لم تزل في قلوبهم حتى اوجبت لهم ما اوجبت من كثير من المعاصي فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به. بل صبروا لحكم الله والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ولو كانت ما كانت. ولم يبالوا بقول القائلين ولا لوم اللائمين. والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها والزمهم كلمة التقوى. وهي لا اله الا الله وحقوقها. الزمهم القيام بها فالتزموها وقاموا بها. وكانوا احق بها من غيرهم. وكانوا اهلها الذين استأهلوها. لما يعلم الله عندهم وفي من الخير ولهذا قال الله امنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون. فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك يقول تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في من مدينة رؤيا اخبر بها اصحابه انهم سيدخلون مكة ويطوفون بالبيت. فلما جرى يوم الحديبية ما جرى ورجعوا من غير دخول لمكة كثر في ذلك الكلام منهم حتى انهم قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم الم تخبرنا انا سنأتي البيت ونطوف به فقال اخبرتكم انه العام قالوا لا. قال فانكم ستأتونه وتطوفون به. قال الله هنا لقد صدق الله الله رسوله الرؤيا بالحق. اي لابد من وقوعها وصدقها ولا يقدح في ذلك تأخر تأويلها شاء الله امنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون اي في هذه الحال المقتضية لتعظيم هذا البيت الحرام. وادائكم للنسك وتكميله بالحلق والتقصير وعدم الخوف. فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا. فعلم من المصلحة والمنافع ما لم تعلموا. فجعل من دون ذلك الدخول بتلك الصفة فتحا قريبا. ولما كانت هذه الواقعة مما تشوشت بها قلوب بعض المؤمنين. وخفيت عليهم فبين تعالى حكمتها ومنفعتها. وهكذا سائر احكامه الشرعية. فانها كلها هدى ورحمة. اخبر بحكم عام فقال لا وكفى بالله شهيدا. هو الذي ارسل رسوله بالهدى الذي هو العلم النافع. الذي يهدي من الضلالة ويبين طرق الخير والشر. ودين الحق اي الدين الموصوف بالحق. وهو العدل والاحسان والرحمة. وهو كل عمل صالح مزك للقلوب. مطهر للنفوس. مرب للاخلاق. معلن للاقدار. ليظهره بما بعثه الله به. على الدين كله بالحجة والبرهان ويكون داعيا لاخضاعهم بالسيف والسنان اه والذين معه اشداؤ على الكفار رحماء بينهم تراهم تراهم ركعا سجدا يبتغون سيماهم في وجوههم ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه يعجب الزرع ليغيظ بهم الكفار يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم واصحابه من المهاجرين الانصار انهم باكمل الصفات واجل الاحوال. وانهم اشداء على الكفار اي جادون ومجتهدون في عداوتهم. وساعون في ذلك بغاية جهدهم. فلم يروا منهم الا الغلظة والشدة. فلذلك ذل اعدائهم لهم وانكسروا وقهرهم المسلمون حماء بينهم اي متحابون متراحمون متعاطفون كالجسد الواحد يحب احدهم لاخيه ما يحب لنفسه. هذه معاملتهم مع واما معاملتهم مع الخالق فانك تراهم ركعا سجدا. اي وصفهم كثرة الصلاة التي اجل اركانها الركوع والسجود يبتغون بتلك العبادة فضلا من الله ورضوانا. اي هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم والوصول الى ثوابه. اي قد اثرت العبادة من كثرتها وحسنها في وجوههم حتى استنارت لما استنارت بالصلاة بواطنهم استنارت بالجلال ظواهرهم ذلك المذكور مثلهم في التوراة اي هذا وصفهم الذي وصفهم الله به مذكور بالتوراة هكذا. ومثلهم في الانس واما مثلهم في الانجيل فانهم موصوفون بوصف اخر وانهم في كمالهم وتعاونهم كزرع اخرج شطأه فازره اي اخرج فراخه فوازره فراخه في الشباب والاستواء. فاستغلظ ذلك الزرع اي قوي وغلظ. فاستوى على سوقه. جمع ساق يعجب الزراع من كماله واستوائه وحسنه كذلك الصحابة رضي الله عنهم هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس اليهم. فقوة ايمانهم واعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه. وكون الصغير والمتأخر اسلامه قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه. من اقامة في دين الله والدعوة اليه. كالزرع الذي اخرج شطأه فازره فاستغلظ. ولهذا قال ليغيظ بهم الكفار حين يرون اجتماعهم وشدتهم على دينهم. وحين يتصادمونهم وهم في معارك النزال ومعامع القتال آآ فالصحابة رضي الله عنهم الذين جمعوا بين الايمان والعمل الصالح. قد جمع الله لهم بين المغفرة التي من لوازمها وقاية الشرور الدنيا والاخرة والاجر العظيم في الدنيا والاخرة