بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين اجمعين نقل المصنف رحمه الله في كتاب الطهارة باب الحيض عن عائشة رضي الله عنها ان فاطمة بنت ابي حبيش كانت تستحب وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان دم الحيض دم اسود يعرف فاذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة. فاذا كان الاخر فتوضئي وصلي. رواه ابو داوود والنسائي ابن حبان والحاكم واستنكره ابو حاتم وفي حديث اسماء بنت عميس عند ابي داوود لتجلس في مركن فاذا رأت سفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا وتغتسل للفجر غسلا وتتوضأ فيما بين ذلك بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى باب الحيض الحيض في اللغة من حاض الوادي اذا سال واما في الشرع فهو دم طبيعة وجبلة يعتاد الانثى في ايام معلومة واعلم ان الدماء التي تصيب المرأة ثلاثة انواع واستحاضة ونفاس الحيض فهو كما تقدم طبيعة وجبلة يعتاد الانثى في ايام معلومة فليس مرضا ولهذا لما دخل النبي عليه الصلاة والسلام على عائشة بسلف وهي قد حاضت فدخل عليها وهي تبكي وقال ان هذا امر قد كتبه الله على بنات ادم واما الثاني فهو الاستحاضة والاستحاضة هي استمرار خروج الدم من المرأة بحيث لا ينقطع عنها ابدا او ينقطع اياما يسيرة المستحاضة لها حالتان الحالة الاولى ان يستمر معها خروج الدم. وان يطبق عليها خروج الدم ودليل هذه الحال حديث عائشة ان فاطمة بنت ابي حبيش قالت يا رسول الله اني استحاض فلا اطهر واما الحال الثانية وهي استمرار خروج الدم من المرأة بحيث لا ينقطع عنها الا يسيرا فدليلها حديث حملة بن جحش رضي الله عنها انها قالت يا رسول الله اني استحاض حيضة كبيرة شديدة هذا ما يتعلق بالاستحاضة واما الثالث فهو النفاس والنفاس هو الدم الذي يخرج من المرأة عقب الولادة او قبلها بيوم او يومين ومعه طلق ولا يثبت النفاس الا اذا وضعت ما تبين فيه خلق انسان فلو ان المرأة اسقطت جنينا له شهر او له شهران او شهران ونصف فان هذا الدم الذي يخرج منها لا يسمى نفاسا ولا يمنعها من الصلاة وانما الدم الذي يمنعها من الصلاة هو الذي يخرج منها عقب ما يتبين فيه خلق انسان وخلق الانسان لا يتبين الا بعد الواحد والثمانين يوما اما حديث عائشة رضي الله عنها ان فاطمة بنت حبيش قالت يا رسول الله اني استحاض فلا اطهر والاستحاضة كما تقدم اطباق او استمرار خروج الدم من المرأة بحيث لا ينقطع عنها ابدا او ينقطع يسيرا وهي من من الاول اي الذي اطبق عليها الدم اف اداء الصلاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم انما ذلك دم عرق فاذا جاءت الحيضة فدعي الصلاة فامرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها عليه الصلاة والسلام ان دم الحيض دم اسود يعرف يعني تعريفه النساء وفي رواية يعرف من من العرف وهو الرائحة. ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام من تعلم العلم ليباهي به العلماء او ليماري به السفهاء لم يجد عرف الجنة يعني ريحها وذكر عليه الصلاة والسلام علامتين اولا من حيث اللون انه اسود وثانيا من حيث الرائحة ان رائحته منتنة وهناك علامة ثالثة وهي ان دم الحيض دم ثخين. بخلاف دم الجروح فدل هذا الحديث على مسائل منها اولا ان ظاهر الحديث ان المستحاضة ترجع الى التمييز ان النبي عليه الصلاة والسلام قال ان دم الحيض اسود يعرف يعني تعرفه النساء وهذا محمول على المبتدأة واما المعتادة فانها ترجع الى العادة. لقول النبي صلى الله عليه وسلم اجلسي للمستحاضة اجلسي قدر ما وكانت تحبسك حيضتك وعلى هذا الاستحاضة اما ان تكون من مبتدأة واما ان تكون من معتادة المبتدأة هي التي طرأ عليه الحيض وبدأها الحيض المبتدأة ترجع اولا الى التمييز الصالح. فما صلح ان يكون حيضا فهو حيض وما لم يصلح ان يكون حيضا فهو استحاضة فان لم يكن لها تمييز فانها ترجع الى غالب عادة نسائها كامهاتها واخواتها وخالاتها وعماتها وغالب الحيض غالب الحيض ستة ايام او سبعة ايام كما قال النبي عليه الصلاة والسلام تحيظي في علم الله ستة ايام او سبعة ايام واما واما المعتادة وهي التي كان لها عادة سابقة ثم ثم اصابها او اصابتها الاستحاضة فترجع اولا لعادتها. لقوله عليه الصلاة والسلام اجلسي قدر ما كانت تحبسك حيضتك تجلس مدة العادة وما زاد عن العادة تعتبره استحاضة فان لم يكن لها عادة او كانت عادتها مضطربة فانها ترجع الى التمييز الصالح فان لم يكن لها تمييز فانها ترجع الى غالب عادة نسائها وهذه المراتب والقواعد تريح النساء كثيرا. فان كانت المرأة مبتدأة واطبق عليها الحيض رجعت الى التمييز. فان لم يكن تميس فغالب عادة النساء واما المعتادة فترجع الى العادة فان لم يقل لها عادة فالتمييز فان لم يكن لها تمييز فغالب عادة النساء وفي هذا الحديث ايضا دليل على ان المستحاضة لا تدع الصلاة وتصلي فلا تمنع من الصلاة ولا الصيام فتفعل ما يفعل الطاهرات واما ما جاء في رواية انها تجلس في ملكا والميركن كالطشت. فاذا علا الماء صفرة فهذا دليل على انه حيض والا فهو استحاضة وامرها ايضا ان تغتسل للظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر فدل دلت هذه الرواية على مسائل منها اولا جواز الجمع بين الصلاتين للمستحاضة اذا كان يشق عليها التطهر لوقت كل صلاة. فيجوز لها ان تجمع بين الظهرين وبين العشائين وفيه ايضا دليل على مشروعية الاغتسال للمستحاضة. لكن هذا الاغتسال ليس على سبيل الوجوب. وانما هو على سبيل الاحباب وكذلك ايضا فيه دليل على مشروعية الوضوء لكل صلاة وهذا عند جمهور العلماء واجب عليها فتتوظأ لوقت كل صلاة. فاذا ارادت ان تصلي الظهر توظأت واذا تصلي العصر توضأت وهكذا بالنسبة للمغرب وبالنسبة للعشاء وهذا كما تقدم هو مذهب الجمهور ومذهب الامام مالك رحمه الله وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية ان المستحاضة ونحوها ممن حدثه دائم لا يلزمه ان يتوضأ لوقت كل صلاة اولا لان الرواية رواية البخاري التي فيها وتوضئي لكل صلاة هذه الرواية فيها او في ثبوتها نظر ولذلك قال الامام مسلم رحمه الله في صحيحه. وفي حديث حماد حرف تركناه. ويقصد بالحرف هذه الرواية وتوضأي لكل صلاة وقد ظعفها جمع من العلماء منهم شيخ الاسلام ابن تيمية والحافظ ابن حجر والحافظ ابن رجب وهكذا النسائي ايضا ظعفها وثانيا ايضا ان من حدث ان من كان حدثه دائما كالمستحاضة ومن به سلس بول او سلس ريح لا يستفيد بهذا الوضوء شيئا لانه ربما وهو يتوضأ يخرج منه هذا الشيء. وعلى هذا فكل من كان حدثه دائما فانه لا لا يلزمه ان يتوضأ لكل صلاة. بل اذا توضأ لصلاة فانه يبقى على طهارته. ولا ينتقض وضوءه الا بناقض غير الذي هو متصف به من بول او ريح او استحاضة. وهذا القول هو الذي رجع اليه شيخنا رحمه الله ابن عثيمين اخيرا فصار يفتي به وهو ان كل من كان حدثه دائما لا يلزمه ان يتوضأ لكل صلاة ووفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد