المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الشجاعة هذا الخلق العظيم قد امر الله به في ايات كثيرة وهي ايات الجهاد كلها واثنى على اهله واخبر انه طريق الرسل وسادات الخلق ونهى عن ضده وهو الجبن والفشل والخوف من الخلق في سبيل جهاد الدعوة وفي سبيل جهاد السلاح وهذا الخلق الجليل قد يكون غريزة مع العبد ويتقوى بموجبات الايمان وقد يحتاج العبد الى التمرن عليه وسلوك الطرق المعينة على ذلك فالشجاعة قوة القلب وثباته وطمأنينته في المقامات المهمة والاحوال الحرجة وكل يحتاج اليه وخصوصا الرؤساء الذين تناط بهم المهمات والامور فحاجتهم اليه ضرورية وقد دعا القرآن اليه ودعا الى كل وسيلة تعين عليه فامر بخوفه وحده والا يخشى العبد الخلق فمتى قصر العبد خوفه على الله وحده وعلم ان الخلق لن يقدروا على نفعه ولا ضره الا بمشيئة الله قوي قلبه ثم اذا توكل على الله وقوى اعتماده عليه ازدادت قوة قلبه كما قال تعالى عن خيار الخلق الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ثم اذا علم ما يترتب على القوة في الدين والشجاعة من الاجر والثواب ازدادت قوته وتضاعفت شجاعته كما نبه الله على هذه الحالة بقوله ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكلما تأمل الخلق وعرف احوالهم وصفاتهم وانهم ليس عندهم شيء من النفع ولا من النصرة والدفع وان مدحهم لا يغني عن العبد شيئا وذمهم لا يضره شيئا وانهم مع ذلك لا يريدون لك الخير الا لمصالحهم عرف ان تعليق القلب بهم خوفا وهيبة وخشية ورغبا ورهبا ضائع بل ضار وانه يتعين على العبد ان يعلق خوفه ورجاءه وطمعه وخشيته بالله وحده الذي عنده كل شيء وهو الذي يريد لك الخير من حيث لا تريده لنفسك ويعلم من مصالحك ما لا تعلم ويوصل اليك منها ما لا تقدر عليه ولا تريده ومن دواعي الشجاعة ان يعرف العبد ان الجبن مرض وضعف في القلب يترتب عليه التقاعد عن المصالح وتفويت المنافع ويسلط عليه الضعفاء ويتشبه صاحبه بالخفيرات من النساء ومن فوائد الشجاعة امتثال امر الله وامر رسوله والاتصاف باوصاف اهل البصائر من اولي الالباب ومن فوائد ذلك انه بحسب قوة القلب ينزل الله عليه من المعونة والسكينة ما يكون اكبر وسيلة لادراك المطالب والنجاة من المصاعب والمتاعب ومن فوائده انه يتمكن صاحبه من ارشاد الخلق ونفعهم على اختلاف طبقاتهم بالحكمة والموعظة الحسنة واما الجبان فانه يفوته خير كثير وتمنعه الهيبة من بركة علمه وارشاده ونصحه للعباد ومنها ان الشجاعة تنجي العبد من كثير من الشدائد وتوجب له السكينة اذا مرت النوائب والمصائب فيقابلها بما يحبه الله من الصبر والثبات واحتساب الاجر واما الجبان فانه اذا اعترته هذه الامور ان ماع وذهل مصالحه وتنوعت به الافكار الضارة فعملت معه المصائب والشدائد عملها الاليم وفوتته الخيرات والثواب الجسيم وهذا الخلق الحميد من جملة الاخلاق الفاضلة التي تتولد من هذا الخلق الجامع وهو الصبر