المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الخمسون. ايات الرسول صلى الله عليه وسلم هي التي يبديها الباري ويبتديها واما ما ابداه المكذبون له واقترحوه فليست اياته وانما هي تعنتات وتعجيزات. وبهذا يعرف الفرق بينها وبين الايات وهي البراهين والادلة على صدق الرسول وغيره من الرسل وعلى صدق كل خبر اخبر الله به وانها الادلة والبراهين التي يلزم من فهمها من فهمها على وجهها صدق ما دلت عليه ويقينه وبهذا المعنى ما ارسل الله من رسول الا اعطاه من الايات ما على مثله امن البشر واما ما اتى الله محمدا صلى الله عليه وسلم من الايات. فهي لا تعد ولا تعد. من كثرتها وقوتها ووضوحها ولله الحمد. ولم يبق لاحد من الناس بعدها عذر. فعلم بذلك ان اقتراح المكذبين لايات يعينونها ليست من هذا القبيل. وانما مقصودهم بهذا انهم وطنوا انفسهم على دينهم الباطل وعدم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فلما دعاهم الى الايمان واراهم شواهد الايات ارادوا ان يبرروا ما هم عليه عند عند الاغمار والسفهاء بقولهم ائتنا بالاية الفلانية. والاية الفلانية ان كنت صادقا وان لم تأتي بذلك فلا نصدقك فهذه طريقة لا يرتضيها ادنى منصف. ولهذا يخبر تعالى انه لو اجابهم الى ما طلبوا لم يؤمنوا لانهم وطنوا انفسهم على الرضا بدينهم وعرفوا الحق ورفضوه. وايضا فهذا من جهلهم في الحال والمآل. اما الحال فان هذه الايات التي تقترح وتعين. جرت العادة على ان المقترحين لها لم يكن قصدهم الحق. فاذا جاءت ولم يؤمنوا عوجلوا بالعقوبة الحاضرة. واما المآل فانهم جزموا جزما. لا تردد فيه انهم اذا جاءت امنوا وصدقوا وهذا قلب للحقائق. واخبار بغير الذي في قلوبهم فلو جاءتهم لم يؤمنوا الا ان يشاء الله تعالى. وهذا النوع ذكره الله في كتابه عن المكذبين في ايات كثيرة جدا. بقولهم لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا. وقولهم واننا نزلنا عليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم. وحشرنا عليهم كل شيء قبولا. وايضا اذا تدبرت الاقتراحات التي عينوها. لم تجد لم تجدها في الحقيقة من جنس البراهين. وانما هي لو فرض الاتيان بها تكون شبيهة بآيات الاضطرار التي لا ينفع الايمان معها ويصير شهادة. وانما الايمان النافع هو الايمان بالغيب. فكما انه المنفرد بالحكم بين عبادي في اديانهم وحقوقهم. وانه لا حكم الا حكمه. وانه وان من قال ينبغي او يجب ان يكون الحكم كذا وكذا فهو متجرأ على الله على حرمات الله واحكامه. فكذلك براهين احكامه لا يتولاها الا هو. فمن اقترح شيئا من عنده فقد ادعى مشاركة الله في حكمه ومنازعته في الطرق التي يهدي ويرشد بها عباده. ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او قال اوحي الي ولم يوحى الي شيء مثل ما انزل الله