المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم فلكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. وكتاب مستور والبيت المعمور. والسقف المرفوع يقسم تعالى بهذه الامور العظيمة المشتملة على الحكم الجليلة على البعث والجزاء للمتقين والمكذبين. فاقسم بالطور الذي هو الجبل الذي كلم الله عليه نبيه موسى ابن عمران عليه الصلاة والسلام واوحى اليهما اوحى من الاحكام. وفي ذلك من المنة عليه وعلى امته ما هو من ايات الله العظيمة ونعمه التي ايقدر العباد لها على عد ولا ثمن؟ يحتمل ان المراد به اللوح المحفوظ الذي كتب الله به كل شيء ويحتمل ان المراد به القرآن الكريم الذي هو افضل كتاب انزله الله محتويا على نبأ الاولين والاخرين وعلوم السابقين واللاحقين. وقوله في رق اي ورق اي مكتوب مسطر ظاهر غير خفي. لا تخفى حاله على كل عاقل بصير والبيت المعمور. وهو البيت الذي فوق السماء السابعة. المعمور مدى الاوقات بالملائكة الكرام. الذي كل يوم سبعون الف ملك. ويتعبدون فيه لربهم. ثم لا يعودون اليه الى يوم القيامة. وقيل ان البيت المعمور هو بيت الله الحرام المعمور بالطائفين والمصلين والذاكرين كل وقت. وبالوفود اليه بالحج والعمرة. كما اقسم الله به في قوله هذا البلد الامين وحقيق ببيت افضل بيوت الارض الذي قصده بالحج والعمرة احد اركان الاسلام ومبانيه العظام التي لا يتم الا بها. وهو الذي بناه ابراهيم واسماعيل. وجعله الله مثابة للناس وامنا. ان يقسم الله به. ويبين من عظمته فيما هو اللائق به وبحرمته اي السماء التي جعلها الله سقفا للمخلوقات وبناء للارض تستمد منها انوارها ويقتدى بعلاماتها ومنارها. وينزل الله منها المطر والرحمة وانواع الرزق اي المملوء ماء. قد سجره الله ومنعه من ان يفيض على وجه الارض. مع ان مقتضى الطبيعة ان يغمر وجه الارض ولكن حكمته اقتضت ان يمنعه عن الجريان والفيضان. ليعيش من على وجه الارض من انواع الحيوان. وقيل ان المراد المسجور الموقد الذي يوقد نارا يوم القيامة فيصير نارا تلظى ممتلئا على عظمته وسعته من اصناف العذاب. هذه الاشياء التي اقسم الله بها مما يدل على انها من ايات الله وادلة توحيده. وبراهين قدرته وبعثه الاموات. ولهذا قال ان عذاب ربك لواقع اي لابد ان يقع ولا يخلف الله وعده وقيله ما له من دافع يدفعه ولا مانع يمنعه. لان قدرة الله تعالى لا يغالبها مغالب. ولا يفوتها هارب ثم ذكر وصف ذلك اليوم الذي يقع فيه العذاب فقال اي تدور السماء وتضطرب وتدوم حركتها بانزعاج وعدم سكون. وتسير الجبال سيرا. اي تزول عن اماكنها وتسير كسير السحاب. وتتلون كالعهن المنفوش. وتبث بعد ذلك حتى تصير مثل الهباء. وذلك كله لعظم هول يوم القيامة ياما وفظاعة ما فيه من الامور المزعجة والزلازل المقلقة التي ازعجت هذه الاجرام العظيمة. فكيف بالادمي الضعيف فويل يومئذ للمكذبين والويل كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف. ثم ذكر وصف المكذبين الذين استحقوا به الويل. فقال الذين هم في خوض يلعبون. اي خوض في الباطل ولعب به. فعلومهم وبحوثهم بالعلوم الضارة المتضررة طمنتي للتكذيب بالحق والتصديق بالباطل واعمالهم اعمال اهل الجهل والسفه واللعب بخلاف ما عليه اهل التصديق والايمان من العلوم من نافعة والاعمال الصالحة. يوم يدعون الى نار جهنم اي يوم يدفعون اليها دفعا ويساقون اليها سوقا عنيفا. ويجرون على وجوههم ويقال لهم توبيخا ولوما. هذه النار التي كنتم بها تكذبون. فاليوم ذوقوا عذاب الخلد الذي لا يبلغ قدره. ولا يوصف وامره افسحر هذا ام انتم لا يحتمل ان الاشارة الى النار والعذاب كما يدل عليه يقل اية اي لما رأوا النار والعذاب قيل لهم من باب التقريع اهذا سحر لا حقيقة له؟ فقد رأيتموه؟ ام انتم في الدنيا لا تبصرون اي لا بصيرة لكم ولا علم عندكم بل كنتم جاهلين بهذا الامر. لم تقم عليكم الحجة. والجواب انتفاء الامرين. اما كونه سحر فقد ظهر لهم انه احق الحق واصدق الصدق المخالف للسحر من جميع الوجوه. واما كونهم لا يبصرون فان الامر بخلاف ذلك فالحجة الله قد قامت عليهم ودعتهم الرسل الى الايمان بذلك. واقامت من الادلة والبراهين على ذلك. ما يجعله من اعظم الامور المبرهة كانت الواضحة الجلية ويحتمل ان الاشارة بقوله افسحر هذا ام انتم لا تبصرون الى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق والصراط المستقيم. اي هذا الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم سحر ام عدم بصيرة بكم؟ حتى اشتبه عليكم الامر وحقيقة الامر انه اوضح من كل شيء واحق الحق. وان حجة الله قامت عليهم لا تصبروا سواء عليكم انما تجزون ما كنتم تعملون. اصلوها ايدخلوا النار على وجه تحيط بكم وتستوعب جميع ابدانكم وتطلعوا على افئدتكم. فاصبروا او لا تصبروا سواء عليكم اي لا يفيدكم الصبر على النار شيئا ولا يتأسى بعضكم ببعض ولا يخفف عنكم العذاب وليست من الامور التي اذا صبر العبد عليها هانت مشقتها وزالت شدتها. وانما فعل بهم ذلك بسبب اعمالهم الخبيثة وكسبهم. ولهذا قال انما ما كنتم تعملون. لما ذكرت على عقوبة المكذب ذكر نعيم المتقين ليجمع بين الترغيب والترهيب فتكون القلوب بين الخوف والرجاء. فقال ان المتقين لربهم الذين سقوا سخطه وعذابه بفعل اسبابه من امتثال الاوامر واجتناب النواهي. في جنات اي بساتين قد اكتست رياضها من الاشجار الملتفة والانهار المتدفقة والقصور المحدقة والمنازل المزخرفة ونعيم وهذا شامل لنعيم القلب والروح والبدن فيما اتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم. فاكهين بما اتاهم ربهم اي معجبين به متمتعين على وجه الفرح والسرور بما اعطاهم الله من النعيم الذي لا يمكن وصفه. ولا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين فوقاه ربهم عذاب الجحيم فرزقهم المحبوب ونجاهم من المرهوب لما فعلوا ما احبه الله وجانبوا ما يسخطه ويأباه. كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون كلوا واشربوا اي مما تشتهيه انفسكم من اصناف المآكل والمشارب اللذيذة. هنيئا اي متهنئين بتلك المآكل والمشارب على وجه الفرح والسرور والبهجة والحبور. بما كنتم تعملون اي نلتم ما نلتم بسبب اعمالكم الحسنة واقوالكم المستحسنة متكئين على سرر مصفوفة. الاتكاء هو الجلوس على وجه التمكن والراحة والاستقرار. والسرور هي الارائك المزيفة الصيانة بانواع الزينة من اللباس الفاخر والفرش الزاهية. ووصف الله السرر بانها مصفوفة. ليدل ذلك على كثرتها وحسن تنظيمها واجتماع اهلها وسرورهم بحسن معاشرتهم ولطف كلام بعضهم لبعض. فلما اجتمع لهم من نعيم القلب والروح والبدن ما لا يخطر بالبال ولا يدور في الخيال من المآكل والمشارب اللذيذة والمجالس الحسنة الانيقة لم يبقى الا التمتع بالنساء اللاتي لا يتم سرور بدون فذكر الله ان لهم من الازواج اكمل النساء اوصافا وخلقا واخلاقا. ولهذا قال وهن النساء اللواتي قد جمعن من جمال الصورة الظاهرة وبهائها ومن الاخلاق الفاضلة ما يوجب ان بحسنهن الناظرين ويسلبن عقول العالمين. وتكاد الافئدة ان تطيش شوقا اليهن. ورغبة في وصالهن والعين الاعين مليحاتها التي صفا بياضها وسوادها الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم كل امرئ بما كسب رهين. وهذا من كمام نعيم اهل الجنة ان الحق الله بهم ذريتهم الذين اتبعوهم بايمان. اي الذين لحقوهم بالايمان الصادر من ابائهم. فصارت الذرية تبعا لهم بالايمان ومن باب اولى اذا تبعتهم ذريتهم بايمانهم الصادر منهم انفسهم. فهؤلاء المذكورون يلحقهم الله بمنازل ابائهم في الجنة وان لم يبلغوها جزاء لابائهم وزيادة في ثوابهم. ومع ذلك لا ينقص الله الاباء من اعمالهم شيئا ولما كان ربما توهم متوهم ان اهل النار كذلك يلحق الله بهم ابناءهم وذريتهم اخبر انه ليس حكم الدارين واحدا فان النار دار العدل. ومن عدله تعالى الا يعذب احدا الا بذنب. ولهذا قال فكسب رهين. اي مرتهن بعمله فلا تزر وازرة وزر اخرى. ولا يحمل على احد ذنب احد. هذا اعتراض من فوائد ازالة الوهم المذكور. وقوله وامددناهم اي امددنا اهل الجنة من فضلنا الواسع ورزقنا العميم بفاكهة من العنب الرمان والتفاح واصناف الفواكه اللذيذة الزائدة على ما به يتقوتون. ولحم مما يشتهون من كل ما طلبوه واشتهته انفسهم من لحم الطير وغيرها يتنازعون فيها كأسا اي تدور كاسات الرحيق والخمر عليهم. ويتعاطونها فيما بينهم. وتطوف عليهم الولدان المخلدون باكواب واباريق وكأس. اي ليس في الجنة كلام لغو وهو الذي لا فائدة فيه ولا تأثيم. وهو الذي فيه اثم ومعصية. واذا انتفى الامران ثبت الامر الثالث. وهو ان كلامهم فيها سلام طيب طاهر مصر للنفوس مفرح للقلوب يتعاشرون احسن عشرة ويتنادمون اطيب المنادمة ولا يسمعون من ربهم الا ما يقر اعينهم ويدل على رضاه عنهم ومحبته لهم. ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم ويطوف عليهم غلمان لهم اي خدم شباب من حسنهم وبهائهم يدورون عليهم بالخدمة وقضاء ما يحتاجون اليه. وهذا يدل على كثرة نعيمهم وسعته وكمال راحتهم عن امور الدنيا واحوالها قالوا في ذكر بيان الذي اوصلهم الى ما هم فيه من الحبرة والسرور. انا كنا قبل اي في دار الدنيا في اهلنا مشفقين اي خائفين وجلين. فتركنا من خوفه الذنوب واصلحنا لذلك العيوب فمن الله علينا بالهداية والتوفيق ووقانا عذاب السموم. اي العذاب الحر الحرة الشديدة حره انا كنا من قبل ندعوه ان يقينا عذاب السموم ويوصلنا الى النعيم. وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة. اي لم نزل نتقرب اليه بانواع القربات وندعوه في سائر الاوقات فمن بره بنا ورحمته ايانا انالنا رضاه والجنة ووقانا سخطه والنار. يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ان يذكر الناس مسلمهم وكافرهم لتقوم حجة الله على الظالمين ويهتدي بتذكيره الموفقون وانه لا بقول المشركين المكذبين واذيتهم واقوالهم التي يصدون بها الناس عن اتباعه مع علمهم انه ابعد الناس عنها. ولهذا عنه كل نقص رموه به فقال فما انت بنعمة ربك اي منه ولطفه بكاه اي له رأي من الجن يأتيه باخبار بعض الغيوب التي يضم اليها مئة كذبة ولا مجنون فاقد للعقل. بل انت اكمل الناس عقلا وابعدهم عن الشياطين واعظمهم صدقا واجلهم واكملهم. وتارة يقولون فيه انه شاعر يقول الشعر. والذي جاء به شعر والله يقول وما علمناه الشعر وما ينبغي له. نتربص به المنون اي ننتظر به الموت فسيبطل امره ونستريح منه قل لهم جوابا لهذا الكلام السخيف. تربصوا اي انتظروا بي الموت فاني معكم من المتربصين. نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده او بايدينا. ام تأمرهم احلامهم بهذا؟ ام هم قوم اي اهذا التكذيب لك؟ والاقوال التي قالوها هل صدرت عن عقولهم واحلامهم؟ فبئس العقول والاحلام التي اثرت ما اثرت وصدر منها ما صدر. فان عقولا جعلت اكمل الخلق عقلا مجنونا. واصدق الصدق واحق الحق وباطلا. لهي العقول التي ينزه المجانين عنها. ام الذي حملهم على ذلك ظلمهم وطغيانهم؟ وهو الواقع. فالطغيان ليس له حد يقف عليه فلا يستغرب من الطاغي المتجاوز الحد كل قول وفعل صدر منه لا يؤمنون. ام يقولون تقولا اي تقول محمد القرآن. وقاله من تلقاء نفسه فلو امنوا لم يقولوا ما قالوا ان كانوا صادقين انه تقوله فانكم العرب الفصحاء والفحول البلغاء. وقد تحداكم ان تأتوا بمثله. فتصدق او تقروا بصدقه وانكم لو اجتمعتم انتم والانس والجن لم تقدروا على معارضته والاتيان بمثله. فحين اذ انتم بين اما مؤمنون به مهتدون بهديه واما معاندون متبعون لما علمتم من الباطل هم الخالقون. وهذا استدلال عليهم بامر لا يمكنهم فيه الا التسليم للحق. او الخروج عن موجب العقل والدين وبيان ذلك انهم منكرون لتوحيد الله مكذبون لرسوله. وذلك مستلزم لانكار ان الله خلقهم. وقد تقرر في العقل مع الشخص ان الامور لا تخلو من احد ثلاثة امور. اما انهم خلقوا من غير شيء اي لا خالق خلقهم. بل وجدوا من غير ايجاد ولا موجد وهذا عين المحال. ام هم الخالقون لانفسهم؟ وهذا ايضا محال؟ فانه لا يتصور ان انفسهم فاذا بطل هذان الامران وبان استحالتهما تعين القسم الثالث ان الله الذي خلقهم. واذا تعين ذلك ان الله تعالى هو المعبود وحده الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح الا له تعالى. وقوله الارض بل لا يوقنون ام خلقوا السماوات والارض وهذا استفهام يدل على تقرير النفي اي ما خلقوا السماوات والارض فيكونون شركاء لله. وهذا امر واضح جدا. ولكن المكذبين لا يوقنون. اليس عندهم علم تام ويقين يوجب لهم الانتفاع بالادلة الشرعية والعقلية اي اعند هؤلاء المكذبين خزائن رحمة ربك؟ فيعطون من يشاؤون ويمنعون من يريدون. اي فلذلك حجروا على الله ان يعطي قوة عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. وكأنهم الوكلاء المفوضون على خزائن رحمة الله. وهم احقر واذل من ذلك فليس في ايديهم لانفسهم نفع ولا ضر ولا موت ولا حياة ولا نشور. اهم يقسمون رحمة ربك؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا اي المتسلطون على خلق الله وملكه بالقهر والغلبة ليس الامر كذلك بل هم هم العاجزون الفقراء ام لهم سلم يستمعون فيه؟ اي الهم اطلاع على الغيب واستماع له بين الملأ الاعلى فيخبرون عن امور لا يعلمها غيرهم. فليأتي مستمعهم المدعي لذلك بسلطان مبين. وانى له ذلك؟ والله تعالى عالم الغيب والشهادة فلا يظهر على غيبه احدا. الا من ارتضى من ان يخبره بما اراد من علمه. واذا كان محمد صلى الله عليه وسلم افضل الرسل واعلمهم وامامهم. وهو المخبر بما اخبر به من توحيد الله ووعده ووعيده. وغير ذلك من اخباره الصادقة. والمكذبون هم اهل الجهل والضلال والغي والعناد. فاي المخبرين احب بقبول خبره خصوصا والرسول صلى الله عليه وسلم قد اقام من الادلة والبراهين على ما اخبر به ما يوجب ان يكون خبره عين اليقين واكمل الصدق وهم لم يقيموا على ما ادعوه شبهة. فضلا عن اقامة حجة. وقوله البنات ولكم ام له البنات كما زعمتم ولكم البنون فتجمعون بين المحذورين. جعلكم له الولد واختياركم له انقص الصنفين فهل بعد هذا التنقص لرب العالمين غاية او دونه نهاية ام تسألهم يا ايها الرسول اجرا على تبليغ الرسالة؟ فهم من مغرم مثقلون. ليس الامر وكذلك بل انت الحريص على تعليمهم تبرعا من غير شيء. بل تبذل لهم الاموال الجزيلة على قبول رسالتك والاستجابة لامرك ودعوتك وتعطي المؤلفة قلوبهم ليتمكن العلم والايمان من قلوبهم. عندهم الغيب فهم يكتبون فهم يكتبون ما كانوا يعلمونه من الغيوب. فيكونون قد اطلعوا على ما لم يطلع عليه رسول الله. فعارضوه وعاندوه بما عندهم من علم وقد علم انهم الامة الامية الجهال الضالون ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي عنده من العلم اعظم من غيره انبأه الله من علم الغيب على ما لم يطلع عليه احدا من الخلق. وهذا كله الزام لهم بالطرق العقلية والنقلية على فساد قولهم. وتصوير بطلانه باحسن الطرق واوضحها واسلمها من الاعتراض. وقوله ام يريدون بقدحهم فيك وفيما جئتهم به؟ كيدا يبطلون به دينك؟ ويفسدون به امرك فالذين كفروا هم المكيدون. اي كيدهم في نحورهم ومضرته عائدة اليهم. وقد فعل الله ذلك ولله ولله الحمد فلم يبق الكفار من مقدورهم من المكر شيئا الا فعلوه. فنصر الله نبيه ودينه عليهم. وخذلهم وانتصر منهم انهم اله غير الله سبحان الله عما يشركون لهم اله غير الله. اي الهم اله يدعى ويرجى نفعه؟ ويخاف من ضره؟ غير الله تعالى لا يشركون. فليس له شريك في الملك ولا شريك في الوحدانية والعبادة. وهذا هو المقصود من الكلام الذي سيق لاجله. وهو بطلان عبادة ما سوى الله. وبيان فسادها بتلك الادلة القاطعة. وان ما عليه المشركون هو الباطل. وان الذي ينبغي ان يعبد ويصلى له ويسجد ويخلص له دعاء العبادة ودعاء المسألة هو الله المألوه المعبود. كامل الاسماء والصفات كثير النعوت الحسنة والافعال جميلة ذو الجلال والاكرام والعز الذي لا يرام. الواحد الاحد الفرد الصمد الكبير الحميد المجيد. وان يرون يقول تعالى في ذكر بيان ان المشركين المكذبين بالحق الواضح قد عتوا عن الحق وعسوا على الباطل وانه لو قام على الحق كل دليل لما اتبعوه ولخالفوه وان يروا كسفا من السماء ساقطا. اي لو سقط عليه من السماء من الايات الباهرة كسف. اي قطع كبار من العذاب يقول سحاب مركوم اي هذا سحاب متراكم على العادة. اي فلا يبالون بما رأوا من الايات. ولا يعتبرون بها. وهؤلاء لا دواء الا العذاب والنكال. ولهذا قال فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي وهو يوم القيامة الذي يصيبهم فيه من العذاب والنكال. ما لا يقادر قدره ولا يوصف امره كيدهم شيئا ولا هم ينصرون. يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا. اي لا قليلا ولا كثيرا. وان كان في الدنيا قد يوجد منهم كيد يعيشون به زمنا قليلا. فيوم القيامة يضمحل كيدهم. وتبطل مساعيهم ولا ينتصرون من عذاب الله ان للذين ظلموا عذابا دون ذلك. ولكن اكثرهم لا يعلمون. لما ذكر الله عذاب الظالمين في القيامة. اخبر ان لهم عذابا دون عذاب يوم القيامة. وذلك شامل لعذاب الدنيا بالقتل والسبي والاخراج من الديار ولعذاب البرزخ والقبر. اي فلذلك اقاموا على ما يوجب العذاب وشدة العقاب ومن الليل فسبح وادبار النجوم ولما بينت حال الحجج والبراهين على بطلان اقوال المكذبين. امر رسوله صلى الله عليه وسلم الا يعبأ بهم شيئا. وان يصبر لحكم ربه القدري والشرعي اي بلزومه والاستقامة عليه. ووعده الله بالكفاية بقوله فانك باعيننا اي بمرأ منا وحفظ. واعتناء وامره ان يستعين على الصبر بالذكر والعبادة. فقال اي من الليل ففيه الامر بقيام الليل او حين تقوم الى الصلوات الخمس بدليل قوله اي اخر الليل ويدخل فيه صلاة الفجر. والله اعلم