اشاعة ثبوت امر شرعي ينبني عليه العمل. وما اعظم فائدة هذا واجل عائدته المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فتوى في حكم الاعتماد على اصوات المدافع ونحوها في ثبوت الاوقات وما يتعلق بذلك سؤال هل يصوغ البناء على سماع اصوات الرمي بالمدافع والبواريد ونحوها في الاخبار بدخول الاشهر وخروجها ويصام على ذلك ويفطر او يفرق بين صيام رمضان فيبني عليها وبين الفطر منه فلا يبني عليها الرجاء الافادة عن ذلك وبيان المأخذ فيه الجواب وبالله التوفيق الامر المهم الذي يراد اعلانه واشاعته والاخبار به على وجه العموم يسلك فيه كل طريق يحصل به هذا المقصود فتارة ينادى فيه على وجه التصريح به او الاجمال وتارة يعبر عنه بالاصوات التي لها سريان ونفوذ الى المحال البعيدة وتارة بغير ذلك مما يحصل به هذا المقصود ولم يزل هذا دأب الناس قديما وحديثا. على هذا مجتمعون وبالعمل به في الامور الدينية والدنيوية متفقون وقد اقرهم الشارع عليه بل وردت اصول من شرعه تدل عليه. فكل ما دل على الحق والصدق والخير الصحيح مما فيه صلاح دين العباد فان يقبله ويأمر به ويحث عليه. فالشارع لا يرد خبرا صحيحا باي طريق وصل. ولا ينفي حقا باي دلالة ظهر خصوصا اذا استفاض ذلك الخبر واحتفت به القرائن المتنوعة فاستمسك بهذا الاصل الكبير فانه نافع في مسائل كثيرة ويمكن ان تطبق عليه كثيرا من الجزئيات والانواع والافراد الواقعة والتي ستقع. ولا يقصر فهمك عنه فيفوتك علم كثير وربما ظننت ان كثيرا من الاشياء التي لا تجد لها تصريحا في كلام الشارع بدع لا يعتمد عليها ولا يعول في الامور عليها فتخالف الشرع والعقل والفطرة بل لا تتمكن من العمل الا بسلوك ذلك الاصل الشرعي فاذا فهمت هذا الاصل فقد علم وتقرر ان اهل البلد الذين يجرون على الاحكام الشرعية في صومهم وفطرهم وعباداتهم وعندهم قاض شرعي متى ثبت عندهم بالطريق الشرعي ثبوت صيام رمضان او وجوب الفطر منه لم يدرى عن هذه الطريقة التي ثبت فيها الحكم الشرعي الا من مباشرها من قاض ومن اطلع على حكمه وعاينه. والباقي من اهل القطر بل من اهل البلد انما ما يصل اليهم الخبر بما يثبت به الخبر من اشاعة وقالة يتناقلونها فيما بينهم او نداء ينادون به او يرمون ببواريد او مدافع ليصل الخبر الى القريب والبعيد. فهذا عمل متصل في قرون هذه الامة معمول به من غير نكير من احد فعلم بهذا انه من الامور المجمع عليها. المتفق على العمل بها. وتخلف العمل في بعض افرادها لمانع في الخبر لا لضعف في هذه الطريق وايضا فان الاستفاضة في الاخبار من جملة الطرق الشرعية التي تفيد صدق مخبرها. حتى ان الفقهاء رحمهم الله جعلوا شهادة الشاهد تارة تبنى على ما يراه ويسمعه وتارة تبنى على ما يستفيض بين الناس من الامور التي يتعذر ويتعسر وقوفه على نفس الحقيقة وتارة تبنى على ما يستفيض بين الناس من الامور التي يتعذر ويتعسر وقوفه على نفس الحقيقة. فيبني على ما استفاض ويشهد به وقد ذكروا لذلك امثلة كثيرة ومن المعلوم ان الاستفاضة الحاصلة بالنداء او الرمي المذكور ابلغ من كثير من الاستفاضات خصوصا وقد ايد ذلك شواهد الحال. واحتفت به القرائن الكثيرة التي تدل دلالة يقينية بثبوت الخبر من العادة المضطردة والعرف الذي جرى عليه الناس في بث هذه الاخبار مع قرينة الاشتباه في الوقت ثبوتا وعدم ثبوت مع ان هذه الامور رسمية لا يتجرأ عليها احد من العامة الا باذن من الحكام واولياء الامر القابضين على زمام الحكم فمتى عرفت الواقع في ذلك لم يبق عندك ريب في افادة هذا الخبر المترجم عنه والمعبر عنه بالرمي لليقين وانه استفاض استفاضة ايدته القرائن الكثيرة وان كان في اخبار الاحاد اذا احتفت به القرائن افادت اليقين فكيف بالاخبار المستفيضة المؤيدة من الحكام ومما يدل على ذلك انه لما تراود المسلمون في اول الامر بامر يعرفون به وقت دخول الصلاة فمنهم من قال نضرب ناقوسا كناقوس النصارى. ومنهم من قال نضرب بوقا ومنهم من قال نوقد نارا ومنهم من قال نبعث من ينادي في الاسواق بذلك فاختار الله ولله الحمد لهم الاذان المعروف. والمقصود من هذا انه متفق على ان هذه الامور يحصل بها العلم للناس بدخول وقت الصلاة. بعضها اصوات تسمع وبعضها اشياء وترى كالنار التي توقد. فعلم ان هذه الامور قد تقرر عندهم حصول المقصود بها. ولكنهم يبحثون ايها اولى وانسب ومثل ذلك لا يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم. فلو كانت هذه الامور او بعضها لا يحصل بها العلم والمقصود فود عند الاتفاق عليها لاخبرهم بذلك وكذلك الاذان الذي اختاره الله لهم. هو من هذا السبيل فان المؤذنين يكبرون ويثنون على الله. ويدعون الى الفلاح الصلاة على وجه العموم. وهذا بمنزلة قولهم وهذا بمنزلة قولهم للناس اعلموا ان الوقت الفلاني قد دخل والوقت الفلاني قد دخل فاتفقوا اما على الاعتماد على اذان المؤذنين في دخول اوقات الصلوات وفي الصيام فطرا وامساكا. ومسألة ضرب المدافع تعي ونحوها في الخبر عن ثبوت الشهر في دخوله وخروجه اولى من ذلك وابعد من الخطأ واقرب الى الصواب. لان المؤذن ربما اغتر فاخطأ وقت وضرب المدافع والبواريد ونحوها لا يكون الا بعد الثبوت الذي لا تردد فيه. والتروي من الخبر والثبوت عند اولياء الامر الذين يتولون الاحكام الشرعية. فالتحقيق في الخبر اتم والغلط ابعد من غيره يؤيد هذا ان من قواعد الشريعة ان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. وما لا يحصل تمام الشيء الا به فهو ومن الشيء ومتى ثبتت هذه الاحكام الشرعية عند اولياء الامر وجب عليهم ان يبثوها على الناس بحسب قدرتهم ويخبروا بها الناس ليصوموا ويفطروا. ومن المعلوم ان ضرب المدافع ونحوها ابلغ من مجرد نداء المصوتين بثبوت الشهر يحصل بها الخير للقريب والبعيد. فاقل الاحوال فيها انها مستحبة. والقاعدة الشرعية تقتضي وجوبها اذا الاقطار ولم يحصل المقصود الا بها. هذا من جهتها في نفسها. واما المخبرون والمبلغون فيها فانه يتعين عليهم العمل بمضمون ما دلت عليه في الصيام وفي الفطر ودخول الاوقات وغيرها ومما يدل على ذلك ان الاخبار بالرمي ونحوه عما تقرر عليه الامر بمنزلة الترجمة الصحيحة عما دلت عليه وهي ترجمة يفهمها كل احد لانها تترجم لانها تترجم عن معنى يتفق عليه اولو الامر والحكام من الناس. ويعرفه الناس كلهم معرفة لا يشكون في المراد منه وما كان هكذا فالشريعة تقرره وتأمر به ولا ترده وان كانت الترجمة في الجملة متفقا على العمل بها في امور كثيرة فكيف بهذا الامر الذي قد اشترك في معرفة معناه وصف الناس وعوامهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قد امر بتبليغ الشريعة وحث على ذلك بكل طريق. والتبليغ انواع كثيرة ومن ذلك اذا ثبت الحكم الشرعي في ثبوت رمضان او شوال تعين على اولي الامر تبليغ ذلك للناس. ليقوموا امر الله وامر رسوله في الصيام وفي الفطر وكلما كان الطريق للتبليغ اقوى واكمل واعم كان اولى من غيره وكان داخلا في تبليغ الاحكام الشرعية فدخل في هذا تبليغهم بالاصوات والرمي والبرد السريعة وغيرها. ما اذا قام به اولو الامر. فقد ادوا ما وجب عليهم ووجب اجرهم على الله ووجب على الرعية العمل بذلك وطاعة الله ورسوله والشكر وطاعة الله ورسوله والشكر لاولي الامر على ما فعلوا. ومما يدل على ذلك ان الاخبار بالرمي ونحوها تقع محررة منقحة يندر جدا ان يقع بها غلط او مخالفة للواقع والناس قد عرفوا واصطلحوا على انها اذا وقعت فانما تكون بعدما ثبتت عند الحكام ثبوتا لا تردد فيه ولا اشتباه وان ذلك ابلغ من شهادة الشهود التي تحتمل الغلط وغير ذلك مما يوجب عدم اليقين بمخبرهم. وبهذه الوجوه والمآخذ تعرف ان اخبار البرق اذا كان رسميا صادرا من مقر الحاكم الشرعي الذي لا يبرق بالصيام والفطر الا بعد ثبوته عند الحاكم الشرعي انه يتعين الاخذ به. وانما المانع منه اذا كان الخبر غير مثبوت. او من محل لا حاكم فيه فيتثبت في خبره فالمآخذ السابقة كلها تستدل لها على قبور يستدل لها على قبول التيليوغراف اللاسلكي والبرقي كما تقدم تقريره ولانه اذا كان رسميا فهو محرر منقح لا يدخله الوهم ولا الغلط ولا التقول. ولا يمكن احد ان يتقول على اولي الامر. وهو ابلغ من الرمي بالمدافع والبواريد ونحوها. ولهذا يعتمد الناس عليه في امور دنياهم الدقيقة في امور دنياهم الدقيقة والجليلة مع وقوع الغلط في بعض الاحوال. واما البرقيات الرسمية فلا فلا يستريب احد في صدق خبرها وقبول مخبرها. واذا كانت صناعتها واسبابها قد حدثت في الازمنة المتأخرة لم يكن كن ذلك مانعا ولا شبهة في صدقه المعلوم عند كل احد واذا كان الناس يعتمدونها في الامور الدينية كالوكالات والولاية في النكاح وغيرها. وموت الزوج وثبوت الميراث والعدة والاحداد والعمل بمقتضاه في اخراج الزكوات وانتقال الديون وتحويلها وغير ذلك مما لا يحصى. فما المانع من ذلك ففي ثبوت الاشهر الموجبة للفطر والصيام التي احتف بها من القرائن والضبط والتحرير ما لا يوجد في غيرها. وهذا واضح ولله الحمد. فالشارع لا يرد خبرا صادقا وانما يأمر بالتثبت فيه وانما يأمر بالتثبت في خبر الفاسق ومن لا يوثق بخبره. ومما يدل على هذا فان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من اكبر واجبات الدين وذلك نوعان اما وعظ للمعرضين والمعارضين واما تعليم وارشاد الجاهلين وهذا النوع قسمان اما تعليم لما جهله الناس من الامور الشرعية الاصولية والفروعية واما اخبار بما تثبتت به الاحكام الشرعية وفائدة هذا القسم تنفيذ الحكم الشرعي وحصول العمل به. فكل خبر عن الحكم الشرعي الذي قد عرف الناس حكمه ولم يعملوا عن ثبوته فهو داخل في هذا النوع ولم يعلموا عن ثبوته فهو داخل في هذا النوع فمن هذا بث ما ثبت من الفطر والصيام وما جهل وقوعه البعيد بالاصوات والرمي والبرقيات وما اشبهها من كل ما يفيد