اتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه. ان الله ابالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. خطبة في ووفق من اختارهم فاعطاهم ايمانا ويقينا وعلما وحباهم من فضله عرفتانا وفقها وفهما. واشهد ان لا لا اله الا الله وحده لا شريك له. وان محمدا عبده ورسوله. الذي انزل عليه وقل رب زدني علما عليه ان يستدرك بفعله ما فات. ومن كان مصرا على شيء من المعاصي فليتب الى ربه ويستغفره قبل الاخذ بالاقدام ومن كان بينه وبين احد مظلمة في دم او عرض او مال فليخرج منها وليتحلله قبل ان يتعذر الوفاء المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله مجموع الخطب في المواضيع النافعة. الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم. اما بعد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس خطبا عامة وخطبا خاصة. وخطبا راتبة في الجمع والاعياد ونحوها وخطبا عارضة بحسب الاسباب والدواعي. وقد كانت خطبه كلها دعوة الى الله والى صراطه وتوضيحا للاصول النافعة والاعمال الصالحة. وترغيبا في اصناف الخيرات والاحسان الى المخلوقات. وترهيبا من الاعمال الضارة والاخلاق السيئة. وكان الغالب على خطبه الاختصار والاقتصار على ما يحصل به المقصود ويقول ان طول صلاة الرجل وقصر خطبته مأنة من فقهه. فاطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة. وكانت قواعده على نوعين نوع يعظ الناس وعظا مطلقا يرغب في الخير ويرهب من الشر ويشوق الى ما اعد الله طائعين من الكرامة. ويحذرهم ما اعد الله للعاصين من الاهانة. ليثير في القلوب الايمان والرغبة في الخير رهبة من الشر ونوع من وعظه يفصل ما يحتاج الناس الى تفصيله. ويوضحه لهم توضيحا. فالنوع الاول وعظيم غاظ وتذكير. والنوع الثاني تبيين وتعليم وتفصيل. وكان يراعي في كل وقت وحال ما يحتاج الناس الى بيانه وكان لا يتكلف السجع ولا التعمق. بل جل قصده صلى الله عليه وسلم ابلاغ المعاني النافعة اوضح العبارات واقصرها. ولقد اوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم. وكان يردد اللفظ او المعنى حسبما يحتاج المقام الى ترديده. وهذا اولى ما اعتمده الخطيب. ولا بأس مع ذلك بمراعاة تحسين الالفاظ من غير تكلف. ولما كنت في خطابة كنت انشئ جهد طاقتي خطبا على هذه الطريقة. مراعيا لاحوال الناس والوقت. فاحببت ان اقيدها هنا فالضياع ورجاء الانتفاع. ولهذا تقع هذه الخطب منثورة غير مرتبة على الاشهر. وارجو الله تعالى ان يجعل على عملنا خالصا لوجهه الكريم. موافقا لمرضاته نافعا لعامله وغيره. انه جواد كريم تحتوي على شرح بعض الاسماء الحسنى على وجه الاختصار والتنبيه. الحمدلله ذي الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين ان الرب الذي ربى جميع خلقه باصناف النعم والتدبير والتقدير. وربى اولياءه بتيسير لليسرى واصلاح احوالهم واخراجهم من الظلمات الى النور. الاول الذي ليس قبله شيء. الاخر الذي ليس بعده شيء. الباطن الذي ليس دونه شيء الظاهر الذي ليس فوقه شيء. وهو اللطيف الخبير. لطف عليم خبير. فاخرج الخبايا والخفايا. وما اضمرته السرائر واكنته الصدور ولطف باصفيائه فاوصلهم الى المنازل العالية والكرامات الغالية باسباب وطرق وهم لا يشعرون ولطف لهم فقدر امورا خارجة عن قدرهم وارادتهم فيها. رفعتهم وهم لا يعلمون. الكبير العظيم الذي له الكبرياء والعظمة والجلال والمجد. فتعالى عن الند والنظير. وسبحان الله عما يقول الظالمون مما ينافي عظمته وكبريائه علوا كبيرا قال الله تعالى وقل الحمدلله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك. ولم يكن له ولي من من الذل وكبره تكبيرا. القدوس السلام السالم من كل عيب ونقص. الذي ملأت مهابته وعظمته قلوب العارفين به المذعنين لكبريائه. الخاضعين لجلاله. الملك المالك للعالم العلوي والسفلي. فهو المدبر لهم باحكامه القدرية والشرعية والجزائية بعدله وفضله وحكمته. واتقان نظامه. الرحمن الرحيم. الرؤوف الكريم. الذي وسعت كل شيء وغمر جميع المخلوقات بالاءه وفضله وانعامه. وخص المؤمنين برحمته فهداهم الى الصراط المستقيم واوصلهم بذلك الى السعادة الابدية والفلاح السرمدي في دار النعيم. الحميد الذي له المحامد كلها والمدائح لما له من صفات الكمال ولما اوصله الى خلقه من العدل والافضال والعطاء المتنوع واصناف النوال. الواحد الاحد المتفرد بالوحدانية وهو الكمال المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات. فليس له فيها مثيل ولا شريك في جميع الموجودات. الصمد الذي قصدته المخلوقات في حاجاتها وفزعت اليه في مهماتها وملماتها لعظمته وسؤدده وسعة اوصافه. التي انتهت اليها الغايات والنهايات الغني بذاته عن جميع مخلوقاته. فكل الخلق فقير اليه في جميع حالاته. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الشكور العفو عن السيئات الصبور. مولى النعم على الطائع وعلى العاصي الكفور. واشهد ان محمدا عبده ورسوله اعرف الخلق بالله واتقاهم واكرمهم وافضلهم في كل وصف حميد وكل عمل مبرور وسعي مشكور. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه وللجد في طاعة مولاهم والاخذ بعزائم الامور. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان الله خلقكم معرفته وعبادته والقيام بحقوقه وطاعته. فتعرفوا اليه في الرخاء يعرفكم في الشدة. وتوددوا اليه بذكره والتحدث بنعمه والاحسان الى خلقه. يحببكم ويكشف عنكم كل شدة ومشقة. واعلموا انه معكم حيثما كنتم. يسمع كلامكم ويرى سياتكم وسكناتكم. ويطلع على جميع احوالكم. فاستحيوا من ربكم ان يراكم حيث نهاكم. او يفقدكم حيث امركم. فمن حاسب نفسه في الدنيا والزمها طاعة الله وردعها عن معصيته. وجاهدها على ذلك. وجد ذلك عند الله مدخرا. ومن ضيعها ما لها؟ فلا يلومن الا نفسه. اذا تبين له عمله فظيعا محضرا وظهر خسرانه اذا ربح المتقون. وشقاؤه اذا سعي المؤمنون وخيبته اذا فاز المفلحون. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المسلمين. من كل ذنب فاستغفروه. انه هو الغفور الرحيم خطبة في الاشارة الى التوحيد ووجوب الشكر. الحمد لله المعروف باياته وصفاته المشكور على عطاياه وهباته تفرد بالربوبية والخلق والتدبير. وتوحد بالكمال فليس له سمي ولا مثيل ولا نظير. وتفرد بالالوهية فهو المولى ونعم النصير. فهو الاله المستحق لغاية الحب وكمال الخضوع والتعظيم. وله نهاية الاكبار والاجلال والتمجيد ليس لنا مرجو ولا مدعو سواه. ولا نقصد في جميع حوائجنا ومهماتنا الا اياه. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. فاياه نعبد واياه نستعين. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله. المؤيد بالحق المبين. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وعلى التابعين لهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الناس اعبدوا ربكم واتقوه. واعلموا ان اصل ذلك واساسه ان اخلصوا له العمل وتوحدوه فتعتقدوا من صميم قلوبكم ان الله ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين. وتفردوه بانواع العبودية وتخلصوا له جميع شرائع الدين. فتوجهوا بقلوبكم لربكم حبا وخوفا ورجاء. فلا ترجوا غيره ولا تدعو سواه ولا تلتفتوا الى احد من المخلوقين فانهم لن يغنوا عنكم شيئا ولن ينقزوكم من عذاب الله. فكما تفرد بخلقكم ورزقكم وتدبيركم في جميع الامور فليكن هو معبودكم ومقصودكم ومدعوكم في كل قليل وكثير. فان الخلق كلهم فقراء الى الله لا لانفسهم نفعا ولا ضرا. ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وان الله هو الغني بذاته. المزدي فضله على جميع مخلوقاته السعيد من قصده في جميع مهماته وملماته. الشقي من اعرض عنه وعلق قلبه بمخلوقاته. اما رباكم بنعمه صغار وكبارا ووالى عليكم فضله وخيره مدرارا. اما عطف عليكم الاباء والامهات. اما غمركم بفضله ودفع عنكم الكربات اما عافاكم واغناكم واغناكم؟ اما اعطاكم جميع ما سألتموه وتعلقت به امانيكم ومناكم؟ اما عصيتموه مرارا فستراكم ولو شاء لفضحكم واخزاكم. اما تتابعت منه اسباب العقوبة ثم دفع عنكم ووقاكم. فكم له عليكم من الخيرات ما لا يعد ولا يحصى وكم وقعكم من شرور لا تحد ولا تستقصى. خيره على الدوام اليكم نازل. وشركم في كل وقت اليه صاعد. يتحبب اليكم بالنعم مع كمال غناه عنكم. وتتبغضون اليه بالمعاصي. مع شدة فقركم واضطراركم اليه. ايها الناس من اقبل على الله تلقاه ومن بعيد ومن ترك شيئا لاجله اعطاه من فضله المزيد. ومن انزل به حوائجه وتوكل عليه كفاه واعطاه كل ما يشتهي ويريد ومن اتقاه جعل له من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب. وهو الولي الحميد. فاستحيوا ربكم وتوبوا اليه واسلموا له وانيبوا اليه. واياكم ان تستعينوا بنعمه على معاصيه. او تقيموا مصرين على شيء من معاصيه. اعان الله واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته. ووفقنا للاخلاص والمتابعة والنصح لعباده. والجد في عبادته. قال الله تعالى هو اصدق القائلين يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم خطبة في بعض شمائل النبي صلى الله عليه وسلم. الحمد لله الذي من على المؤمنين. اذ بعث في رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الذي ارسله بالهدى ودين الحق. ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. واقسم كما في كتابه ان رسوله لعلى خلق عظيم. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الذي وفى مقام العبودية الكاملة حقه. ولم يزل ذلك حتى اتاه اليقين. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فيا ايها الناس اتقوا الله تعالى واقتدوا باخلاق نبيه الكاملة التامة. واعرفوا ما جبله الله عليه من اخلاقي الفاضلة واتسوا بشمائله وسيره العالية. فبذلك يزداد ايمانكم وتزكو به اخلاقكم وتتم اعمالكم. فانه صلى الله عليه وسلم كان اكمل الخلق ادبا. واجود الناس واشجع الناس واصبر الناس على انواع الاذى والمحن. وكان خلقه القرآن يتخلق بآدابه ويسارع الى ما حث عليه. وكان اسمح الناس واطيبهم نفسا. لا يواجه احدا بما يكرهه وقد يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويتفقد اصحابه. ولا يأنف من المشي مع الارملة والمسكين والعبد حتى يقضي قضي حاجتهم. وكان اعدل الناس واحلمهم واعفهم. واشدهم تواضعا. واسكنهم من غير كبر. وابلغهم من غير تطول احسنهم بشرى لا يهوله شيء من امور الدنيا. وكان يكرم اهل الفضل ويتألف اهل الشرف ويصل رحمه وجيرانه ويقبل اعتذار من اعتذر اليه ويمزح ولا يقول الا حقا. وكان يكثر الذكر ويعرض عن اللغو. وكان لا ينتقم لنفسه الا ان تنتهك حرمات الله. وما خير بين امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما. فيكون ابعد الناس عنه. وكان اوسع الناس صدرا واصدقهم له بهجة واوفاهم ذمة والينهم عريكة واكرمهم عشرة. من رآه بديهة هابه. ومن خالطه معرفة احبه وكان يقول لا يبلغني احد عن احد شيئا اكرهه. فاني احب ان اخرج اليكم وانا سليم الصدر. وكان يحسن الحسن ويقويه ويشجع عليه ويقبح القبيح ويهيه وينفر عنه. كان دائم البشر في جلسائه. سهل الخلق لين الجانب ليس بفضل ولا غليظ. لا يذم احدا ولا يتطلب عوراته. كان اذا تكلم اطرق جلسائه كان على رؤوسهم الطير. واذا سكت تتكلموا وكان اذا بعث احدا في امر من الامور قال بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا. وكان يحلب شاته ويخدم نفسه وكان احب الطعام اليهما كثرت عليه الايدي. وكان لا يستأثر بشيء مما يجيء على كثرته. ويقتصر من ملبسه ونفقته مسكنه على ما تدعو اليه ضرورته ويزهد فيما سواه ولم يعرف له زلة ولا حفظ له هفوة. وكان مجلسه مجلس حلم حياء وخير وامانة. لم يزل على الاخلاق العالية والحكمة السامية حتى اقام الدين ومحق الوثنية والباطل. والف بين امم كعادية وازال الضغائن من قلوبهم واحل فيهم الفضائل والعلوم النافعة والاعمال الصالحة. بعثه الله بشيرا ونذيرا وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا. فاكمل الله به الدين واتم به النعمة على المؤمنين. وشرح له صدره. ووضع عنه وزره ورفع له ذكره. وجعل الذلة والصغار على من خالف امره. رزقنا الله واياكم محبته. وعرفنا قدره واحيانا على سنته واماتنا على ملته. وحشرنا في زمرته. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لقد جاءكم رسول من عزيز عليه ما عنتم. حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على التوبة الحمد لله الملك الوهاب العفو الغفور التواب الذي خضعت لعظمته الرقاب وذلت لجبروته وكبريائه الصعاب ورجع اليه بالتوبة والاستقالة كل موفق اواب. وشرد عن بابه كل مسرف مرتاب. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الذنب وقابل التوب شديد العقاب. ذو الطول لا اله الا هو عليه توكلت واليه ما تاب. واشهد ان محمدا عبده ورسوله نبي الرحمة وفاتح ابواب المتاب. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. الذين فتحوا القلوب بالعلم والايمان. والبلدان السيف والسنان. فوق الله بهم من الشر والعذاب. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا الاقامة على المعاصي والذنوب فانها تسخط علام الغيوب وتوجب خزي الدنيا والاخرة. وتسلب النعم الباطنة والظاهرة. فتوبوا اليه جميعا ايها لعلكم تفلحون. واتقوه في جميع احوالكم لعلكم ترحمون. واقرنوا لذلك ندما على ما مضى وفات. وعزما على ترك الذنوب فيما تستقبلون من الاوقات. وعملا صالحا تنال به السعادة والكرامات. فمن كان منكم تاركا لحق من حقوق الله الا من الاعمال. فبادروا شبابكم قبل هرمكم وصحتكم قبل سقمكم. وفراغكم قبل شغلكم. وحياتكم قبل موتكم وقد وعد المولى الكريم بالمغفرة لمن اتى باسبابها واجتنب الردى. فقال واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى. وقال على لسان نبيه المصطفى يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار. وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم. فانتم رحمكم الله في جميع الاوقات مضطرون الى المغفرة والرحمة. من عالم الخفيات رحمكم الله طرقها واسبابها. والهاجئ بالاستغفار والتوبة. فكم من توبة قبلها الكريم؟ وكم من دعوة اجابها؟ فهو سميع لمن ناداه وناجاه. وهو المجيب لدعوة الداعي اذا دعاه. وهو الذي لا يخيب رجاء من رجاه. فمنكم الدعاء توبة ومن الله الاجابة. وعليكم اخلاص الاعمال وتكميلها. وعلى الله القبول والاثابة. فتح الله لي ولكم اقفال القلوب وغفر لنا كل ذنب وحوب. وانالنا واياكم من كرمه وجوده. كل مطلوب. قال الله تعالى قل يا عبادي الذين على انفسهم. لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا. انه هو الغفور غفور رحيم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. خطبة في وجوب النصح في المعاملة. والترهيب من البخس والغش الحمد لله الذي خلق الخلق ليعبدوه. وادر عليهم الارزاق ليحمدوه. وشرع لهم دينا كاملا. وشرعا وافيا بمصالح الدين والدنيا ليتبعوه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له في الوهيته وربوبيته. ولا مثيل له في عظمة والصفات واشهد ان محمدا عبده ورسوله المؤيد بالبراهين الدالة على صدقه وكماله واوضح الايات. الذي حرم على امته الخبائث واحل لهم الطيبات. من المآكل والمشارب والملابس والمكاسب. وانواع المعاملات. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى اله واصحابه اولي الفضائل والكرامات. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى. واعلموا انه لا تتم التقوى الا باتباع شرعه في العبادات والمعاملات. بان توقعوها على الوجوه الشرعية والطرق الصحيحة المرضية. وقد اوجب الشارع في الدين عموما وفي المعاملات خصوصا الصدق والبيان. ونهاكم عن الغش والخديعة والكتمان. فقال الدين النصيحة الدين نصيحة الدين النصيحة. قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم قال من غشنا ليس منا فمن كتم عيبا في سلعته او غش في حرفته او صنعته او دلس في ثمنه او مثمنه او كذب في لاظهار وصف يرغب وهو على غير صفته فقد تبرأ منه سيد المرسلين. واخبر انه ليس من المسلمين في تركه واجبا من واجبات الدين. وقال صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. فان صدقا وبينا بورك لهما فيه في بيعهما وان كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. فقد اخبر ان الصدق والبيان واجب للمعاملة موجب للبركة وان الكذب والكتمان محرم ماحق للبركة. فكيف يليق بالمسلم المصدق للرسول ان يتجرأ على خلاف ما امر به ام كيف يقدم على ما يضره في دنياه واخرته؟ وقال لا يحل لمسلم باع من اخيه بيعا الا بينه. ومن باع عين لم يبينه فلم يزل في مقت الله. ولم تزل الملائكة تلعنه. فاتقوا الله عباد الله واياكم ان تختاروا مقت الله وغضبه وعقابه ولعنة ملائكته بحطام يسير من الدنيا ممحوق البركة ما حق لنا لما خالطه وحل به فمن فعل ذلك بخسران الدنيا والاخرة. وراجع بالصفقة الخاسرة غير الرابحة. قد رأيتم باعينكم كيف كثرت الخيانات. وقلت امانات وكثر الغش في المعاملات. فحل بسبب ذلك بالخلق المثلات. وتوالت عليهم العقوبات والنكبات. امرني البركات قد انتزعت واضمحلت. والنعم قد تناثرت وتولت. والنقم قد تتابعت واستمرت. والقطيعة قد كثرت وشاعت والخديعة قد انتشرت وذاعت. والغش قد ابتلي به اهل الحرف والمكاسب والمعاملون. وبذلك تفسد الامور فانا لله انا اليه راجعون. واعلموا ان وعد الله ورسوله حق لا ريب فيه. وان الخير والبركة وتيسير الرزق ونموه في النصح. لا غش فيه وان القليل مع تقوى الله من ذلك كثير. وان عاقبة المتقي الناصح حلول البركة والخير الغزير. وان من اخذ اموال الناس يريد اداءها. اداها الله عنه. ومن اخذها يريد اتلافها. اتلفها الله. وان الجزاء من جنس العمل. وكما تدين سودان من الله علي وعليكم بالقيام بحقوقه وحقوق خلقه. واوسع علينا من كرمه وواسع رزقه. قال سبحانه ومن قائد واخلاق واعمال نافعة. الحمد لله الذي من على المؤمنين بصلاح دينهم ودنياهم. وزكاهم بالعلوم النافعة والعقائد الصالحة وجعل اكرمهم عنده اتقاهم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام. والنعم الجسيمة العظام واشهد ان محمدا عبده ورسوله الداعي الى دار السلام. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه البررة الكرام مصابيح الظلام وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى بتصديق اخباره واتباع مراضيه. وزكوا نفوسكم بترك ما يسخطه من مناهيه. واعلموا ان صلاح القلوب هو اساس الصلاح. وتزكيتها بالبر وترك الرذائل هو مقدمة الفلاح بصلاح بواطنكم وظواهركم. وتقربوا بذلك اخلاصا وتعبدوا لفاطركم. فاول ذلك ان تقولوا امنا بالله ما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط. والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم. لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون بهذه الاصول معرفة وتصديقا. واتخذوا الانقياد والاذعان لطاعة الله لكم رفيقا. فاحبوا مولاكم لما له من صفات الكمال ولما يغزوكم به من نعمه ولازموا الرجا لفضله وكرمه. والخوف من عدله وعقوبته ونقمه. واستعينوا بربكم على صلاح دينكم ودنياكم وقووا اعتمادكم وحسن ظنكم به. وسلوه الا يخيب رجاكم. واعلموا ان الاعمال بالنيات. فاقصدوا اعمالكم رضا ربكم وطلب ثوابه. واتركوا ما نهى عنه حذر سخطه وعقابه. واقيموا الصلاة الخمس بحقوقها وشروطها. وادوا زكاة واليكم لمستحقيها. وصوموا رمضان. وحجوا البيت الحرام. فمن لم يقم بذلك لم يكن له ايمان ولا اسلام. وعليكم ببر الوالدين دين وصلة الارحام والاحسان الى الجيران وابناء السبيل والمساكين. والحلو على جميع الخلق. ان الله يحب المحسنين واياكم والكذب والغيبة وقول الزور. واجتنبوا الحقد والحسد ومنكرات الامور. واياكم وظلم العباد في الدماء والاعراض والاموال وعليكم بالانصاف والعدل في جميع الاحوال. فمن طهر قلبه من الاخلاق الرذيلة والزمه الاخلاق الجميلة. كان ذلك عنوان سعادته ومنشور سيادته. ومن غلبت عليه الغفلة عن ربه والجفاء ترحل عنه الخوف لله والرجاء. وامتلأ بمساوئ الاخلاق القبيحة وترك ما يجب عليه من الصدق والنصيحة فليبشر بخسارة الدنيا والاخرة وزوال النعم الباطنة والظاهرة. بسم الله بسم الله الرحمن الرحيم والذين هم عن اللغو معرضون. والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواق او ما ملكت ايمانهم غير ملومين. فمن ذلك فاولئك هم العادون. والذي اين هم لاماناتهم وعهدهم راعون. والذين هم على صلاتهم حافظوا اولئك اولئك هم الوارثون. الذين يا ريثونا الفردوس هم فيها خالدون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في حث الاغنياء على الاحسان والفقراء على الصبر الحمد لله الذي ضمن للمتقين في مرضاته اجرا عظيما وخلفا. وتوعد الممسكين في اموالهم واحوالهم عطبا وتلفا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. اله عم بجوده جميع البريات. وقد يمسك احيانا بعض فضله عن بعض خلقه لاسرار وحكم بالغات. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. الذي قال الله فيه لقد جاءكم رسول من من انفسكم عزيز عليهما عنتم. حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. اللهم صل على محمد على اله واصحابه. اولي الفضل والبر والتكريم وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان الله تليكم بالضراء ليظهر صبركم. وبالسراء ليثبت شكركم. فقوموا بعبادة ربكم في الحالتين. لتفوزوا بالفلاح وسعادة الدارين ايها الفقير العاجز اجعل الصبر لك شعارا واحتساب الاجر وانتظار الفرج لك دثارا ليكون ما حصل لك من الثواب خير اعظم مما فاتك وما اصابك من المشقة يخففه صبرك ورجائك وارتقابك. ايها الغني الذي عنده فضل في رزقه وماله عد على اخيك المعدم ببرك وترفق لحاله. فالراحمون يرحمهم الله ويعوضهم الخلف العاجل والبركة والاجر والاحسان قال تعالى وهو اصدق القائلين وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين. وقال صلى الله عليه وسلم ما من صباح يوم الا وينزل ملكان من السماء يقول احدهما اللهم اعطي منفقا خلفا ويقول الاخر اللهم اعطي تلف وقال ما نقصت صدقة مالا بل تزيده. فانت ايها المؤمن لا شك واثق بوعد الله الملك الوهاب وقد وعدك الاجر على النفقة ومضاعفة الثواب. وان يدفع عنك بذلك البلاء وانواع العقاب. ويخلف ما انفقت بالبركة في الاعمال والاموال ويفتح لك من رزقه وفضله ما يصلح لك به الحال والمآل. فكن بوعده اوثق منك بوعد المخلوقين راجيا لكرامة كل وقت وحين. فالقليل من الانفاق مع الاخلاص يكون كثيرا. ويعطي الله صاحبه مغفرة واجرا كبيرا. ففي الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم قال ومن تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله الا الطيب فان الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي احدكم فلوة حتى تكون مثل الجبل. وقال ولا من المعروف شيئا. وقال صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة. وقال ايما مسلم كسا مسلما ثوبا على كساه الله من خضر الجنة. وايما مسلم اطعم مؤمنا على جوع اطعمه الله من ثمار الجنة. وايما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم. قال تعالى ان الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله. انه غفور شكور. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم خطبة في العفو والاعراض عن الجاهلين. الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. وعلى عفوه ومغفرته ستره المرخى فكم له علينا من بر وتكريم وكم اسدى الينا من خير عميم وكم هدانا الى الصراط المستقيم اما علينا القبيح واظهر الجميل اما اطعمنا من جوع وكسانا من عري؟ واضر علينا الرزق الجزيل. احمده على ما اولانا وهدانا واشكره على ما تفضل به علينا واغنانا واغنانا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام اشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الانام ومصباح الظلام. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه الكرام. وعلى التابعين لهم باحسان وتاب عليهم كل فضل واكرام. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى وتخلقوا وبكل خلق جميل. ونزهوا نفوسكم عن كل خلق رذيل. فان العبد لا يزال يترقى باخلاقه العالية. ويتربى بادابه سامية حتى يصل الى اعلى الدرجات ولا يزال يسفل في اخلاقه وينزل في ادابه حتى يهبط الى اسفل الدرجات خذوا رحمكم الله بما وصاكم به الملك الحق المبين. فقد جمع لكم مكارم الاخلاق في قوله خذ العفو وامر بالعرف واعرض وعن الجاهلين فامرنا ان نأخذ من اخلاق الناس على اختلاف طبقاتهم ما عفا منها وما سهل وتيسر. وان نغض الطرف عما تعذر منها او شق او تعسر فنعفو عمن ظلمنا ونعطي من حرمنا ونغفر لمن اساء الينا ونقبل اعتذار من اعتذر الينا وان نوقر الكبير ونرحم الضعيف والصغير ونحسن المعاملة والصحبة مع النظير والا نكلف الناس فوق ما يطيقون ولا نطالبهم بما يشق عليهم وما منه يضجرون وينفرون. بل نأخذ صفو اخلاقهم وندع كدرها. ونثني على خيرها وحسنها ونعرض عن قبيحها وسيئها. وامرنا ان نأمر بالعرف. وهو المعروف شرعا وعرفا وعقلا. المستحسن في الفطر قولا فعلا فنأمر غيرنا بالايمان بالله ورسوله وطاعة الله ورسوله. والقيام بحقوق الله وحقوق عباده. وان نعرض عن مقابلة بجهلهم ومناقشة الحمقى في قولهم وفعلهم. فمن قام بذلك بحسب قدرته واستطاعته فقد نال الفلاح. وفاز فمن الله بكرامته. قال الله تعالى ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن. فاذا الذي بينك وبين انه عداوة كانه ولي حميم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. خطبة في الحث على القناعة. الحمد اله اللطيف بعباده فيما يجري به المقدور. المدبر لهم بحكمته وعلمه في الميسور والمعسور. والمفاضل بينهم في الزنا والعقل والعافية والدين. وفي جميع الامور ليبلوهم ايهم احسن عملا. وهو العزيز الغفور. فسبحان الله احاط علمه بالبواطن والظواهر والضمائر. فعلم ما تحتوي عليه من سيء النيات وحسنها وصفاء السرائر. فيسر كل لما خلق له واعده لما هيئ له وجعل ايرادات القلوب تدعو الى ما يشاكلها من اقوال اللسان واعمال الظواهر. واشد اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الاول الاخر الباطن الظاهر. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. المؤيد بالبرهان الباهر الحق الواضح والسلطان القاهر. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. اولي العزائم العالية والمناقب والمفاخر وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم ورزقكم وعافاكم. والذي اطعمكم وسقاكم وكساكم واواكم. والذي ارشدكم الى صلاح دينكم ودنياكم. الا وان التقوى لا تتم الا بشكر نعم الله. والرضا بما قسم الله والقناعة كل القناعة بما يسر الله. فان القناعة من اجل الطاعات المقربة لعلام الغيوب. وانها كنز لا ينفد وذخر لا يفنى وغنى بلا مال. وعز بلا جنود ولا رجال. فليس الغنى عن كثرة الاموال والاعراض. ولا بالاكباب على الشهوات مفسدة للقلوب بانواع الاسقام والامراض. وانما الغنى غنى النفس بما قسم الله. وطمأنينتها الى ذكر الله. فمرنوا الله نفوسكم على القناعة بسلوك طرقها واسبابها. وعودوها الرضا والسكون. واتوا البيوت من ابوابها. فانظروا الى من هو دونكم كن في العافية والعقل وضيق الارزاق. ولا تنظروا الى من هو فوقكم. لان لا تزدادوا نعمة الخلاق. فالمعافى في بدنه وسمعه بصره وعقله ينظر الى من ابتلي بشيء منها. والمبتلى بشيء من ذلك ينظر الى من هو اعظم منه ابتلاء. فانه ما من مصيبة تصيب العبد الا ويوجد اكبر منها. فالغني يتأمل المعسر الفقير الذي لا يجد من قوته وكسوته وضرورات الا الشيء اليسير والمعسر الفقير متى التفت وجد من هو افقر منه ومن هو عادم للفتيل والقطمير والمسلم المبتلى بانواع الامراض والاسقام يحمد الله على سلامته من الكفر وموبقات الاثام. فما من بلوى يبتلى بها المؤمن في بدنه او حبيبه او ماله الا وهي خير له واولى. اذا اقترنت بالقيام بالصبر والثناء والشكر للمولى. ومن يستعفف يعفه الله. ومن يستغني يغني الله. ومن يتصبر يصبره الله. وليس الغنى عن كثرة العرض. وانما الغنى غنى القلب. ولقد افلح من هدي للاسلام وكان عيشه كثافة وقنعه الله بما اتاه. ومن اصبح وله بيت يؤويه ومؤنة في يومه وليلته تكفيه. فكأن ما حيزت له الدنيا بحذافيرها. وقد اكتفى بكفايته عن كثرة اموالها وقناطيرها. من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة. ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. خطبة في التعاون على البر والتقوى. الحمدلله الذي فاوت بين عباده في الصفات وجميع الامور. فمنهم طائع وعاص ومنهم شاكر منهم كفور ومن الله على خيارهم بان جعلهم مفاتيح للخير مغاليق للشرور. فسبحان من له الحكمة البالغة والنعمة السابقة صيغة في المشروع والمقدور. وتبارك من جعل لكل شيء سببا. ولكل مقصود طريقا ومذهبا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له في الربوبية والالهية. ولا ند له في المحبة والتعظيم والعبودية. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الانبياء والمرسلين وامام الخلق وقائد الغر المحجلين. اللهم صل على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين. وعلى اصحابه الذين هم صفوة العالمين. وعلى التابعين لهم باحسان الى يوم الدين. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى. واعلموا ان الله بحكمته جعل الخير والشر في خزائن. فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير. مغلاق للشر. وويل لمن كان مغلاقا للخير مفتاحا للشر. فكونوا رحمكم الله مفاتيح للخير والقربات. لتكونوا مباركين اينما كنتم وتنالوا الخير وعلو الدرجات. وقوموا بالنصيحة بالرفق والحكمة لكل من تخالطونه. وبشروا ولا تنفروا وابذلوا كل ما في وسعكم من المساعدة القولية والفعلية في الخير والمعونة. فمن رأيتموه راغبا في حضور المساجد الصلوات مؤديا الزكاة قائما بما عليه من النفقات بارا بوالديه وصولا لارحامه موفيا بعهده وحسنه معاملته ووفائه وذمامه فعاونوه على ذلك. رجاء الاجر وشجعوه واشرحوا له مصالح ذلك وثمراته العاجلة والآجلة وبشروه فان النفوس تقوى وتنشط بالبشرى. وذلك من باب التعاون على البر والتقوى. ومن رأيتم فيه في حقوق الله وحقوق العباد او تهاونا بانتهاك الشر والفساد. فادعوه الى الخير بالحكمة واليسر والسداد. اما علمتم ان من اعان مقبلا او رد شاردا او ايقظ كسلانا او انهض قاعدا او كان على الخير معينا ومساعدا كان له مع اجره خاص مثل اجور من نبههم وذكرهم من غير ان ينقص من اجورهم شيء. ولان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم واعلموا ان احق الناس بهذا الامر منكم اهلكم واولادكم. ومن يتصل بكم من اتباعكم واحفادكم. فعلموهم الخير ورغبوهم فيه وحذروهم من الشر بذكر مضاره ومساوئه. واعلموا ان حسن التربية والتقويم للاهل والاولاد خير لهم وانفع من اعطائهم نفائس الاموال والعتاد وافضل ما نحل الوالد والولي لمن يتولاه ان يحسن اداب واخلاقه وان يحضه على طاعة مولاه. فبهذا يتسلسل الخير والبر وينمو الاحسان ويحصل الاجر الكثير للمذاكرة فكر والمذكر من الرحمن الرحيم. فيا من اهمل اهله واولاده ويا من له عليه ولاية قد فاتك الخير الكثير. وحصلت فعلى الاثم والخسارة في البداية والنهاية. اما علمت ان الله انما امر بالقيام بحق الوالدين والدعاء لهما. لما لهما من الحق الشفقة والبر والتربية النافعة. مكافأة لهما وتيسيرا. وقال تعالى اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما افتي ولا تنهرهما. وقل لهما قولا كريما. واخفض لهما جناح كل من الرحمة. وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. كيف يطمع المهمل لهم في برهم ونفعهم في الحياة وبعد الممات لقد اخطأ ظنه فهيهات ان يحصد الزارع غير ما زرع هيهات قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا قو ان انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة. عليها ملائكة غلاظ شداد. لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. خطبة فيما يشرح الله به الصدر الحمد لله الذي شرح صدور المؤمنين بالطاف بره والائه. ونور بصائر المتقين بمشاهدة حكم شرعه وبديع صنع التأمل في اياته. والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها. واغفل قلوب المعرضين عن النذر والايات المتبعين اهواء النفوس وفتنة الشهوات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. باسمائه وافعاله وصفاته وان محمدا عبده ورسوله اشرف خلقه وخير برياته. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه مدى توالي غدواته الزمان وروحاته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان سعادة الدنيا والاخرة مقرونة بصلاح القلوب ونعيمها وانشراحها. وزوال همومها وغمومها واتراحها. فالزموا طاعة الله ورسوله تدركوا هذا المطلوب. واذكروا الله كثيرا. الا بذكر الله تطمئن القلوب. اما علمتم ان الاقبال على الله رغبة ورهبة وانابة اليه. في جميع النوائب اعظم سبب ينال به انشراح الصدور. وطمأنينة النفوس. وادراك المقاصد الجليلة والغايات. وان الاعراض عن الله باب على الشهوات. نار تلظى في القلوب وخسران وحسرات. وان السعي في طلب العلم النافع مع النية الصالحة. من اجل قاعات وبه تزول الجهالة والضيق. وجميع الامور المعضلات. وان نتنوع العبد في السعي لنفع المؤمنين. بقوله او فعله او جاهه او ماله اكبر معين على مصالح الدنيا والدين. فمن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته. ومن نفس من مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. ومن تواضع لله رفعه. ومن تكبر وتجبر وضعه وقسمه. ومن عفا عن اخيه عفا الله عنه. ومن تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته. ومن تتبع الله عورته فضحه في جوف بيته ان اصلاح الباطن سبب صلاح الظاهر. وان الله مطلع على الضمائر والسرائر. فاصلحوا قلوبكم بالنية الصالحة وصدق الاخلاص والنصيحة لعباد الله ومحبة الخير لهم تنال الفوز والفلاح والخلاص. قال الله تعالى للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير ولنعم دار المتقين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. خطبة فيما يتبع الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك. وخلق كل شيء فقدره تقديرا. وتبارك الذي الفرقان على عبده. ليكون للعالمين نذيرا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. وكفى به وليا ونصيبا واشهد ان محمدا عبده ورسوله بعثه الله رحمة للعالمين. وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا. اللهم على محمد وعلى اله واصحابه. السالكين اقوم الطرق واهدى السبل. واعدلها وابلغها سهولة وتيسيرا. وسلم تسليما اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد. يتبعه اهله وماله وعمله. فيرجع اهله وماله ويبقى عمله. فاثر رحمكم الله الصاحب الدائم نفعه على صاحب لا ينفع ولا يدوم نفعه. وعضوا بنواجذكم على الاعمال الصالحة المقربة الى رب العالمين. فمن جعل اهله واولاده وماله وشهواته. غايته المقصودة وضالته المنشودة. تمتع بذلك قليلة ثم اورثه حزنا طويلا. فانك لابد ان تفارقه وعليك التعب ولغيرك مغنمه. وعليك تبعته وهمه وشقاؤه فمن قدم اهله وماله على عمله فاتته الثلاثة سريعة. ومن اثر عمله الصالح انتظم الاهل والولد والمال والعمل وابتهج بعمله في الدنيا وصار نعم المؤنس له في قبره. اذ فارقه الاهل والخلان ثم لازمه احسن ملازمة حتى ليصل به الى اعلى غرف الجنان. الا وان العمل اقل الاصحاب الثلاثة كلفة ومؤونة. واكبرها مصلحة. وابركها معونة انه اعظمها نفعا واحسنها وقعا. وخيرها شفعا. وذلك ان العبد اذا صحت نيته وحسن قصده فيما عند الله. وقال قام بحسب استطاعته بتقوى الله فادى الفرائض واجتنب المناهي واستقام على ذلك الى اخر العمر المتناهي لم يفته التمتع بالاهلي والمال. وكانت حياته حياة هناء. واغتبط بما اوتيه من اهل ومال. وجعل ذلك فرصة للتقرب الى ذي العظمة فهذا اذا اكتسب واشتغل بضيعته وماله فكسبه يحتسبه للقيام بواجب نفقته ونفقة عياله. واذا انفق منه فنفقته يرجو خلفها عاجلا. وذخرها يوم مآله. والمال الصالح نعم العون للرجل الصالح. فانه يقيم به الواجب الدينية المالية. ويستغني به عن التشوف والسؤال لاحد من البرية. فكم اقيم بالمال من واجبات ودفع به من وسدت به حاجات. وكم حصلت به الفة وانحلت عداوات؟ وكم وصل به ارحام؟ وتعطف به على مساكين جيران وايتام وكم اقيمت به المشاريع الدينية وكملت به المصالح الدنيوية والاخروية. فمن حفظ الله وحافظ على واجتنب محارمه واتقاه حفظه الله في اهله وماله ودينه ودنياه. ومن ضيع الله نسيه فانساه نفسه وانفرطت عليه مصالحه وحضره خسرانه وشقاه. وفقني الله واياكم لما يحبه ويرضاه. وجعلنا ممن اعتصم بحبله بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. خطبة في ان الجنة حفت بالمكاره والنار بالشهوات. الحمد لله الذي جعل لكل شيء طريقا وسببا ووفق اولي الالباب لطرق الخيرات. فلم يرتضوا بغيرها بدلا ولا بسواها مسلكا ومذهبا. وخذل المعرضين عن الهدى فقادتهم شهوات الغي الى الردى. وصعبت عليهم النفس الامارة بالسوء. مسالك الخير وطرق الهدى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له في الوهيته ولا في ربوبيته. ولا ند له في اسمائه وصفاته وسعة علمه وحكمته وشمول رحمته اشهد ان محمدا عبده ورسوله خير بريته. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى اله واصحابه واتباعه على وسنته وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا غضب الله وعقابه. وابتغوا رضوانه وفضله وثوابه. وتعرضوا لكل سبب ان يعينكم على الوصول الى هذا المقصد الاسمى. واستعينوا بالله على دفع الدوافع والعوائق السوء. وسلوا ربكم الهدى والتقى والعفاف والغنى. واعلموا ان الجنة محفوفة بالمكاره والنار محفوفة بالشهوات. فمتى صبرتم على ما تكرهون؟ نلتم ما تحبون. ومتى نهيتم النفوس عن هواها وجاهدتموها عن معصيتها لمولاها. فقد سعيتم في حصول نعيمها وسرورها ومناها. فقد افلح من بطاعة ربه زكاها وقد خاب من بمعصية الله قمعها ودساها. فدربوا نفوسكم على الخير وعودوها ورغبوها فيما اعد للطائعين الصابرين وشوقوها وناقشوها على الصغير والكبير وحاسبوها. فان المؤمن لا يزال مع نفسه في ترغيب وترهيب وملاطفة ومحاسبة وتدريب حتى تحيا ويلين قيادها ويزول صعبها ويحصل مرادها وتسقى شجرة الايمان في قلب صاحبها فتؤتي اكلها كل حين باذن ربها. فمن حاسب نفسه في هذه الدار والزمها الانابة والتقوى والاكثار من الاستغفار. وتفكر في نعم الله و المدرار واكثر من ذكر الله اناء الليل والنهار. فاز بالنجاح والملك الكبير في دار القرار. ومن اهمل نفسه وضيع وقته الندم والحسرة والخسارة. ومن تعب قليلا استراح طويلا. ومن اطلق لنفسه في الشهوات مراحها فقد اشقاها واتعبها والله وما اراحها فلا يدرك ما عند الله من الخير والمنى والامان الا بالجد بطاعة الله وترك الكسل والتواني. قال تعالى جاءت الطامة الكبرى. يوم يتذكر الانسان ما سعى. وبرزت الجحيم لمن يرى اما من طغى واثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى. واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على الجمعة والجماعة. الحمد لله الذي شرع الشرائع وحد الحدود واوضح احكام وفرض الفرائض واوجب الواجبات لينال العباد بها اعلى المقامات في دار السلام. وتوعد من ضيعها بخزي الدنيا باب الاخرة وجعله ناقص الايمان والاسلام. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الملك القدوس السلام. واشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الانام. ومن هو في مقامات العبودية على الكمال والتمام. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه خير الخلق بعد النبيين وسادات الانام. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى. واعلموا ان الله فرض فرائض فقوموا بها ولا تضيعوها. وحرم اشياء صيانة لكم فلا تنتهكوها. الا وان افرض الفروض بعد الايمان اقامة الصلاة بشروطها واركانها وحقوقها. ومن اعظم حقوقها وواجباتها حضور الجمعة والجماعة. فلا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الاخر ان يتهاون بحضورهما. فمن ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه. وقد هم صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة عليهم ولم يرخص في تركها للاعمى الذي لم يجد قائدا يلازمه. افلا يستحيي ربه من عافى الله بدنه واوسع اعليه في رزقه وهو لا يهتم بما اوجب الله عليه. من حضور الجماعة والجمعة ولو عرض له طمع او حاجة دنيوية لبادرها فحقوق الله قد تهاون بها وضيعها واغراضه وشهواته قد عض عليها بالنواجذ وما اهملها. افليس هذا عنوان الشقاء واكبر اسباب الهلاك والردى. اما والله لو علم المضيع للجمعة والجماعة ماذا عليه من الاثم والعقوبة؟ وماذا فاته من الاجر الخير والمثوبة لعرف انه قد خسر دينه ودنياه. وانه لا يستنقذه من ذلك الا ان يقلع ويتوب الى مولاه. فيا من اثر الكسل والنوم على الصلاة والخيرات. اذكر ما توعد الله المضيعين لها من اليم العقوبات. وما اعد للمحافظين عليها من عظيم الكرامات ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات. فان من غدا الى المسجد او راح اعد الله له نزول في الجنة كلما غدا او راح. قال تعالى في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه. يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. واقام الصلاة وايتاء الزكاة. يخافون يوما يتقلب فيه القلوب والابصار ليجزيهم الله احسن ما عملوا ويزيدهم من فضله. والله يرزق من يشاء بغير حساب. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. خطبة في الترغيب في كسب الحلال. الحمد لله المتكفل بارزاق جميع العبيد الذي هدى الادمي الى تحصيل الرزق بالاسباب المتنوعة من سهل وشديد. وقريب وبعيد. نحمده على ما له من الكمال والافضال وهو الحميد المجيد. ونشكره على نعمه المتوفرة. راجين منه الفضل والمزيد. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. المبدئ المعيد الفعال لما يريد. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الرسل واكمل العبيد. اللهم وصلي على محمد وعلى اله واصحابه واتباعه السالكين صراط العزيز الحميد. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واجملوا في طلب الرزق في الحلال ولا تجاوزوا ما احله الى ما حرمه. فتقع في الخسار والنكال. واعلموا ان السعي في طلب الرزق للقيام بواجبات النفس الاهل والعيال من افضل الاعمال الصالحة واجل الخصال. وان خير الاسباب على الاطلاق سبب مباح. يعين العبد على طاعة الملك الرزاق فقد بورك لك ايها المؤمن في كسب تقوم به في سهولة وراحة ولا يقطعك عن واجب ولا عن جمعة وجماعة فقد سئل الله عليه وسلم عن الكسب الطيب فقال عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور. فاذا من الله على المتكسب بالنصح والصدق وترك الغش والكتمان وشاب ذلك بالسماحة والصدقة والاحسان. بارك الله في عمله وسعيه ورزقه. وجعله موفقا سعيدا في مساجده وطرقه. فقد قال صلى الله عليه وسلم رحم الله عبدا سمحا اذا باع سمحا اذا اشترى سمحا اذا قضى سمحا اذا وقال يا معشر التجار ان البيع يحضره اللغو والحلف. فشوبوه بالصدق. وقال البيعان بالخيار ما لم يتفرق فان صدقا وبين بورك لهما في بيعهما. وان كذبا وكتم محقت بركة بيعهما. وقال اتقوا الله واجمعوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق. ان تطلبوه بمعصية الله فانه لا يدرك ما عند الله الا بطاعته. فمن اقوى الاسباب لحصول الرزق وبركته لزوم تقوى الله وحسن النية في المعاملات. والنصح وصلة الرحم والاحسان الى المخلوقات. قال تعالى من يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب. وقال صلى الله عليه وسلم من احب ان يبسط له في رزقه وينسأ له في اثره فليصل رحمه. فطوبى لعبد جمع الله له بين صلاح دينه ودنياه. فاستعان بكسبه وماله على طاعة مولاه ويل لمن جعل الدنيا اكبر همه ومبلغ علمه وغاية مناه. فشتت الله عليه شمله وفرق عليه امره وفاته رشده حضره شقاه. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم ما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في بر الوالدين وصلة الارحام. الحمد لله الرؤوف الرحيم واسع العليم ذي الفضل العظيم والاحسان العميم. نحمده على ما اولانا من النعم ونشكره على ما دفع من النقم. ونستغفره ونتوب اليه ونعول في جميع امورنا عليه. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. ذو الجلال والاكرام. وان محمدا ورسوله سيد الانام ومصباح الظلام. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه. المرتقين في الخير الى اعلى مقام اما بعد ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم ورزقكم واعطاكم. والذي من عليكم بالنعم كلها. واختاركم من بين الامم واصطفاكم واعلموا انه لا تستقيم لكم التقوى حتى تقوموا بواجبات الحقوق. وتدعوا ما زجركم الله عنه تسلموا من القطيعة والعقوق. الا وان بر الوالدين وصلة الارحام منجاة للعبد من شرور الدنيا والاخرة. وموصلة الى دار السلام ان الصلة تصل الارزاق والاعمار والقطيعة توجب سخط الله وقطع العمر والرزق والخزي والبوار. قال النبي صلى الله عليه وسلم رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين. وقال صلى الله عليه وسلم من اصبح مطيعا لله في والده اصبح له بابان مفتوحان الى الجنة. وان كان واحدا فواحد. فقال رجل وان ظلماه وان ظلماه وان ظلماه. قال صلى الله عليه وسلم كل الذنوب يغفر الله منها ما يشاء الا عقوق الوالدين. فانه يعجل صاحبه في الحياة قبل الممات. وقال صلى الله عليه وسلم من احب ان يبسط له في رزقه وينسأ في اثره فليصل لرحمه. وقال صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش. تقول من وصلني وصله الله. ومن قطعني قطعه الله وقال لا يدخل الجنة قاطع رحم. وقال رجل يا رسول الله هل بقي منبر الوالدين شيء ابرهما به بعد موته قال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل الا بهما واكرام صديقهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان العبد ليموت والده او احدهما. وانه له ما عاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله بارا. فطوبى لعبد عرف ما لوالديه من العطف والحنو والاشفاق. وما ابدياه من التربية والاحسان والانفاق. فرأى من نعم الله عليه ان ادركهما او احدهما فتمكن من بهما واحسن اليهما ببدنه وخدمته وماله. وتحرى رضاهما وتجنب سخطهما في جميع احواله. وتلطف لهما في وافعاله. وقرت عيون والديه ببره واحسانه. ونال بذلك فضل ربه وابتهج برضوانه. فيا سعادة البار الواصل رحم بطول العمر وصلاح العمل وبركته وسعة الرزق. ويا خيبة القاطع ما اعظم ظلمه واوبق اثمه واولاه وبالعقوبة والمحق. اما تذكر رحمة الاباء والامهات وما قاسته الام من ثقل الحمل وكرب الولادة وانواع المشقات اسهرت ليلها واتعبت نهارها. وكم منعتها راحتها وازعجت قرارها. واذا نابك الالم لازمت احزانها واكدارها للاب عليك من احسان وانعام. وكم له عليك من اياد جسام. اما كرر عليك النفقة والكسوة وغذاك باطيب الطعام اما تربيت بنعمته صغيرا وتقلبت بمعروفه كبيرا. وانت لا تملك فتيلا ولا نقيرا. اما علمك الكتابة واقرأك القرآن وبذل لك ما له وبدنه في تهذيبك وتأديبك. واحسن اليك غاية الاحسان. افيجمل بك ان تقابل الاحسان بغير الاحسان ام يليق بمن له عقل ودين ان يستبدل ذلك بالقطيعة والعدوان. قال سبحانه وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا. اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما. فلا تقل لهما اف ولا وقل لهما قولا كريما. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر حكيم خطبة في الجمع بين الخوف والرجاء. الحمد لله العزيز الحكيم السميع العليم. غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب للقول لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. فلا يرغب اليه ولا يرهب الا منه ولا يخشى سواه. ولا يرجى غيره في الحال والمآب. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله. الذي رغب امته في الثواب وحذرهم من العقاب. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. خير ال وافضل اصحابه. ومن تبعهم باحسان الى يوم المآب وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا انه لا صلاح للقلوب والاعمال. الا يكون العبد خائفا راجيا. مشفقا طامعا راغبا راهبا. وان من غلب عليه الخوف لم يؤمن عليه اليأس والقنوط من رحمة الله ومن استولى عليه الرجاء خشي عليه العجب والادلال والامن من مكر الله. ومن كان خوفه ورجاءه معتدلين فقد استقام سيره وسلك الطريق الموصلة الى الله. فاطمعوا غاية الطمع في فضله واحسانه. وعلقوا قلوبكم ببره ولطفه وكونوا خائفين من عدله وعقوبته وهوانه. خاشعين لعظمته وعزه وسلطانه. فاذا نظرتم الى رحمته فضله المتنوع ونعمه الخاصة والعامة. انفتح لكم باب الرجاء والطمع في دوام فضله وتمام احسانه ونواله وتأملتم ما انتم عليه من الظلم والتقصير. اوجب لكم الخوف من عقوبته ونكاله. واذا تلمحتم صفات الجاحدين لله الكثيرين بايات الله المكذبين لرسل الله. الساعين في محاربة دين الله. وان الله عافاكم من احوالهم. ومن عليكم بالايمان بالله ورسوله. والتزام طاعة الله ورسوله. استبشرتم وحمدتم الله على هذه النعمة العظمى. التي لا يقاومها شيء من النعم. ورجوتم الله ان يتمها عليكم. بالتوفيق للقيام بشرائع الدين. والثبات على ذلك الى ان يأتيكم اليقين. ثم اذا رأيتم انفسكم متخلفين عن رتب السابقين. مقصرين غاية التقصير عن احوال المتقين. او جبلكم الخوف والخشية من رب العالمين. فرأيتم التفريط ملازما لكم في جميع احوالكم. والنقص مستوليا عليكم في اقوالكم وافعالكم والذنوب واقعة منكم في ليلكم ونهاركم. وذلك يدعوكم الى التوبة والاستغفار. وملازمة الندم والخوف والانكسار وان تفتقروا الى ربكم غاية الافتقار. لعل ربكم ان يفتح لكم من رحمته ابوابا. وينهج لكم الى مراضيه وكرامته اسبابا فان رحمة الله قريب من المحسنين. وعفوه مكتوب للمتقين. وابواب التوبة والمغفرة مفتوحة للتائبين قال سبحانه ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب المعتدين. ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها ودعوه خوفا وطمعا. ان رحمة الله قريب من المحسنين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة مقدمة الاستسقاء. الحمد لله الملك المجيد الفعال ما يريد له الحكمة البالغة فيما يبدئ ويعيد. وله الحمد الكامل والغنى التام وهو الحكيم الرشيد. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له في خلقه ورزقه وتدبيره. ولا معين له في خفضه ورفعه وعطائه ومنعه وتقديره. واشهد ان محمدا عبده ورسوله وخليله المبعوث بالحكمة والقرآن. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. والتابعين لهم باحسان وتابع عليهم بركاتك ورحمتك ما دامت الاوقات والازمان وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى فان تقواكم تنجي من الكروب والشدائد. وان طاعته توجب الخير والسعادة وكثرة الفوائد والعوائد. واعلموا ان ربكم هو الجواد الكريم الغفار وان يد الله ملأى من الخيرات سحاء الليل والنهار. لكنه مع نعمه واياده السابغة. له الحكم في تدبير خلقه والحكم البالغة. يبتليهم بالسراء لعلهم يشكرون. وبالشدة والضراء لعلهم يتوبون ويستغفرون. ويقلعون عن ذنوبهم والى ربهم في كل امورهم يرجعون. فتوبوا الى ربكم من ذنوب منعتكم من نزول الغيث والخيرات. ومن جرائم انطلقت عنكم كثيرا من البركات. وتعطفوا على فقرائكم بالرحمة والاحسان. فان الجزاء من جنس العمل. وهل جزاء الاحسان الاحسان. واعلموا ان افضل العبادة انتظار الفرج من الرب الرحيم. وقوة الرجاء والطمع في فضله العظيم. فاجعلوا وجاء ربكم نصب اعينكم وقبلة قلوبكم. فانه نعم المولى والمرتجى لمغفرة ذنوبكم وكشف كروبكم. واياكم ان يملك قلوبكم اليأس من رح فضله وافضاله. او تظنوا به غير ما يليق بجلاله وكماله. فانه لم يزل بالكمال موصوفا. وبالبر الجود والكرم معروفا. اليس هو الذي خلق فسوى وقدر فهدى؟ واخرج بفضله المرعى واغنى واقنى. اما اوصى فاليكم رزقه وانتم اجنة في بطون الامهات. وتابع عليكم بره في جميع الاوقات. وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون. واذا كان يوم كذا فاخرجوا متخشعين متضرعين الى المصلى. لتسألوا ربكم ان يزيل عنكم الشدة والبلوى. وقدموا بين يدي ذلك توبة نصوحا من جميع الذنوب. واخرجوا من مظالم العباد ليعطف علام الغيوب. وليقدم كل واحد منكم ما تيسر من الصدقة والاحسان على المحاويج من الاقارب والمساكين والجيران فما منا معشر الحاضرين احد بمعذور سواء كان غنيا او متوسطا او عنده بعض الميسور فليتصدق الغني من طوله وسعته وليخرج من دونه على حسب مقدرته. قال تعالى لينفق ذو سعة من سعته. ومن قدر عليه رزقه فلينفق انفق مما اتاه الله. لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها. سيجعل الله بعد عسري يسرا. فاتقوا النار ولو بشق تمرة او بعض درهم او متاع. قال سبحانه فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. فما وبمنسي ولا مهمل ولا مضاع. قال سبحانه وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله وخيرا واعظم اجرا. واستغفروا الله ان الله غفور رحيم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة الاستسقاء. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا اله الا الله وحده لا شريك له. يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. الحمد لله غافر الخطيئات وكاشف الشدات وفارج الكربات ومجيب الدعوات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. المتكفل بارزاق جميع المخلوقات وما من دابة في الارض الا على الله رزقها. ويعلم مستقرها ومستودعها في قعر البحور ومفاوز الفلوات. فيوصل اليها ما تحتاجه من الارزاق والاقوات. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله. سيد المرسلين امام المتقين اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه والتابعين باحسان الى يوم الدين. نستغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو ونتوب اليه. ونعول في امورنا كلها عليه. اما بعد ايها الناس اتقوا الله وتوبوا اليه. وانكم قد نكرتم جدب وغلاء اسعاركم واستخار المطر عنكم. وقد علمتم انه لا ينزل الغيث الا الرحيم الرزاق. ولا يكشف الشدة والبلع الا الملك الخلاق وهو الرب الذي تحمد اليه جميع المخلوقات. وتفزع اليه الخليقة في المهمات والملمات. في كشف ورحمته شدتها ويزيل بلطفه واحسانه ضرورتها. ويدفع باحسانه شقائها. فليس لكم رب يغنيكم سواه ولا اله لكم يرجى الا اياه. وهو الذي يجيب المضطر اذا دعاه. فاذا سألتم معشر المؤمنين ماذا تعتقدون ان يفعل بكم الرب الرحيم. وما ظننتم ان يعاملكم المولى الكريم. فقولوا لا نظن بربنا الاكل جميل. ولا نعتقد ونأمل منه الا كل كل خير جزيل. اليس هو الذي ساق الينا الارزاق ونحن اجنة في البطون واخراجنا من تلك المضايق والظلمات. من يقول شيء يكون فيكون. الم يجعل لنا العينين واللسان والشفتين؟ الم يجري لنا الغذاء في مجار لطاف الى الثديين؟ ويهدي بفضله الى طريقي النجدين. اما ربانا بنعمته صغارا وغمرنا بكرمه كبارا. واعطانا نعما غزارا. اما وكانت الكروب فكشفها وازالها. اما حلت الجذوب فابدلها بالخصب واحالها. اما اطعمنا وسقانا وكسانا؟ اما جعل كان المساكن واوانا وكفانا. اما خولنا من اصناف فضله واغنانا. فنعمه علينا لا تحصى واياديه لا تعد ولا فهو الذي يأتي بالخير والحسنات. وهو الذي يدفع السوء والسيئات. فكم قصدناه في ضروراتنا وحاجاتنا فقضاها وكم طلبنا منه ما لا غنى لنا عنه فجبر قلوبنا وارضاها. فليس لنا رب سواه فندعوه ولا لنا ملجأ غيره فنا ونرجوه. ولا لنا راحم غير ارحم الراحمين. فهو ارحم بنا من اولادنا ووالدينا. وانفسنا ومن الناس اجمعين فوالله لولا الذنوب ومضارها. ووالله لولا الجرائم والعيوب واثارها وانهمرت علينا من السماء امطارها. ولا قدرنا غيثها ومدرارها. ولكن ربنا حكيم حليم. رؤوف رحيم. يمنع عنا احيانا ليذيقنا بعض الذي عملنا لنرجع بالتوبة اليه. ويؤدبنا كي نستقيله وندعوه ونرجوه. ونتوكل عليه. فنسألك اللهم في مقامنا هذا توبة نصوحة تمحو بها عنا الذنوب ومغفرة تكشف بها عنا الكروب ورحمة تجلب لنا بها الخيرات والبركات اللهم انا نستغفرك انك كنت غفارا. فارسل السماء علينا مدرارا. استغفر الله العظيم ونتوب اليه. نستغفر الله ربا رحيم ونتضرع اليه. استغفر الله الملك الكريم ونلجأ في كل امورنا اليه. اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريض غدقا مجللا سحا دائما طبقا يا رب العالمين. اللهم اسقنا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين. اللهم قنا غيثا تحيي به البلاد وتنتعش به العباد ويكون قوتا حاضرا ومستقبلا للحاضر والبادر. اللهم ان بالعباد من والضنك والجهد ما لا نشكوه الا اليك. اللهم انبت لنا الزرع وادر لنا الدرع. واسقنا من بركات السماء واخرج لنا من بركات الارض. اللهم يا من بيده خزائن الرحمة والارزاق. ويا من لا يرجى سواه لدفع الكروب وازالة الملمات والمشاق. يا من عم برزقه الطائعين والعاصين. وغمر بجوده وكرمه جميع العالمين. زد علينا برحمتك واحسانك. وتفضل علينا بغيثك ورزقك وامتنانك. وفرج عنا ما نحن فيه من الشدة. وارفع عنا كل مكروه ومشقة انت الغني المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات. ونحن الفقراء المضطرون اليك في جميع الحالات. اللهم ارحمنا رحمة تكشف بها اضطرارنا وتزيل شدتنا وترخص اسعارنا وتصلح بها احوالنا وتعمر ديارنا ان منعتنا فمن ذا الذي يعطينا وان رددتنا فمن ذا الذي يجيبنا ويكفينا فلم تزل فواضلك تغمرنا وتكفينا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا اغفر لنا اخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا. ربنا انك رؤوف رحيم. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه وسلم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم خطبة بعد نزول الغيث والرحمة. الحمد لله الواسع الجواد. الرؤوف بالعباد. الذي شمل لطفه وكرمه المتحاب والساكن والحاضر والبادىء يغني ويفقر ويعز ويذل ويعطي ويمنع ويقبض ويبسط ويغفر الذنوب والعصيان. وسبحان من يسأله اهل السماوات والارض. كل يوم هو في شأن. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب. ذو الطول لا اله الا هو اليه المصير واليه المآبى محمدا عبده المرتضى ورسوله المجتبى. وحبيبه المصطفى سيد ولد ادم وسلالة معد بن عدنان. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. ذوي المناقب الجميلة والاخلاق الحسان. اما بعد ايها الناس اتقوا ربكم واشكروه. واعرفوا نعم واعترفوا بها واذكروه. واعلموا ان الشكر قيد وثبات للنعم الموجودة. وجلب للنعم المفقودة. فكلما جدد لكم ربكم نعمة واحسانا فجددوا حمدا له وثناء عليه وشكرا. اما كنتم في اول عامكم هذا ممحلين ازلين من رحمته قنطين وقد اعترى كثيرا من الناس اليأس ووطنت نفوسها على الفقر والكرب والافلاس. وكل هذا بما قدمت ايدي الناس. ليذيق بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. وليؤدبهم لعلهم يستقيلون من ذنوبهم ويستغفرون. ويلحون في الدعاء ويجأرون ويتضرعون. فبينما القلوب بين الخوف والرجا والقلق والطمع في فضل الكريم المرتجى. اذ انشأ لكم من غيثه وفتح لكم من رحمته ابوابا. فعم بغيثه سهل الارض وحزنها. وكشف به الكروب ورفع من القلوب خوفها حزنها فاصبحتم برزقه مستبشرين. وبخيره وموائد بره فرحين. ولمستقبل وقتكم راجين. ولاثار من حياة البلاد والعباد مؤملين. فاشكروا ربكم شكرا كثيرا. وسبحوه بكرة واصيلا. وسلوا ربكم ان يبارك لكم فيه ويجعله صيبا نافعا. وان يكون ما بعده تابعا له وشافعا. وان يكون معونة لكم في امور الدنيا والدين انه ارحم الراحمين. واجود الاجودين. وهو تعالى الذي ليس لجوده حد ولا مقدار. وانما يمنع عباده احيانا لحكم عظيمة واسرار. فيجمع لعباده في ذلك خمسة اشياء من حكمه. اذ جاءهم وتأديبهم ليرجعوا اليه بالتوبة والضراعة وتكفير خطاياهم ومغفرة ذنوبهم بما يصيبهم من الشدة والفاقة والحاجة وتفريج كروبهم حين الخير والاحسان. وتعريفهم بربهم وما له من الحمد الكامل. والحجة البالغة والرحمة والامتنان. وقيامه بعبوديته في السراء والضراء. فيكونون شاكرين صابرين. معرضين عن غيره واليه مقبلين خاضعين فضله ومعروفه طامعين. جعلني الله واياكم ممن اذا اعطي شكر. واذا ابتلي صبر واذا اذنب تاب واستغفر قال سبحانه وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على العلم. الحمد لله الذي فاوت حكمته بين المخلوقات ورفع المؤمنين الذين اوتوا العلم درجات. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. كما لا تستوي الانوار والظلمات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. في الوهيته وربوبيته وماله من الاسماء الحسنى وكامل الصفات. واشهد ان محمدا عبده ورسوله خلاصة الخلق واكمل البريات. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه الذين فضلهم الله بالعلم النافع والاعمال الصالحات وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله الله تعالى وذلك بمعرفة الحق واتباعه ومعرفة الباطل واجتنابه. واعلموا ان طلب العلم فريضة على كل مسلم مكلف وان على العبد ان يعرف الحق والباطل ويتعرف. فان الله امر بالتعليم والتدبر والتذكر والسؤال. والنبي صلى الله عليه وسلم حث امته. الا سألوا اذ لم يعلموا فانما شفاء العي السؤال. ويجب على كل احد ان يتعلم ما لا يستغنى عنه ومن امر دينه وما يحتاجه في عباداته ومعاملاته. ليصير على بينة من ايمانه ويقينه. ويتعلم التوحيد واصول الايمان وشرائع الاسلام. فلا يستقيم الفرع الا اذا تم الاساس واستقام. وتعلموا من العبادات ما يصلحها ويكملها وما ينقصها ويفسدها. ومن المعاملات والعقود ما يقومها ويصححها. وما يبطلها. فان الجهل ظلمة والعلم نور وضياء. والجهل فداء قاتل والعلم حياة ودواء وشفاء. وحاجة الناس الى العلم اعظم من حاجاتهم الى الطعام والشراب. يعرف الحلال الحرام واحكام ربهم في الذهاب والاياب. وكما ان السعي في طلب العلم الضروري لاتباع الاوامر واجتناب المنهيات من الواجب فانه من اجل القربات وافضل الطاعات. والانشغال به افضل من نوافل الصوم والصلاة. فانه من الجهاد في سبيل الله الذي هو رأس العبادات. لا سيما في هذه الاوقات التي كثر فيها الجهل والجهلاء. وقل فيها العلم والعلماء دعا بهم داعي الموت والفناء. فالداعي منهم لا ينزع. والذاهب منهم لا يرجع. ولا يخلفه من يقوم مقامه. فيلتئم الخرق هو يقمع كذلك يموت العلم بموت حامليه. ويفقد بفقدان اهله ومعلميه. ولا يعرف قدر العالم الا بعد ارتحاله ولا تعرف شدة الحاجة اليه الا بعد انتقاله. لكن اهل العلم رضي الله عنهم يذهبون وتبقى اثارهم تموتون وتحيا اخبارهم. اجسامهم مفقودة وافعالهم وصفاتهم ومناقبهم الجميلة في القلوب موجودة. تجردوا طول حياتهم للتعلم والتعليم. وانفقوا نفائس اعمارهم في نفع الخلق. رجاء لرضا الرب الكريم. فشكر الله لهم ولم يزل لاولياء شكورا ونشر لهم لسان صدق بين عباده محبة وثناء ودعاء لهم وشكورا. مات غيرهم فطويت صحائف حسناتهم ولا ينقص منها ولا يزاد. والعلماء ما دام ينتفع بعلمهم واثارهم. فهم في اجر ورفعة وازدياد. فاذا حشر الناس ارتبطوا بعلمهم وما اسلفوه يوم يقوم الاشهاد. فاعرفوا رحمكم الله قدر العلم واثاره الحميدة. وثابروا على تعلمه والازدياد من انواره المفيدة. فانه ينور القلوب والابصار. ويوجب الاجر والقرب من الملك الغفار. ولازموا مجالس العلم والعلماء ان الله يباهي بهم اهل السماء في الملأ الاعلى. ويشهدهم انه قد غفر لكل حاضر لمجلس الذكر من مستمع ومتعلم انهم القوم لا يشقى بهم جليسهم. ولو جاء لحاجة ولم يكن قصده التعلم. فكونوا عالمين او متعلمين او مستمعين سائلين ولا تكونوا الخامس المعرض فتصبحوا هالكين. كيف يليق بالعبد ان يعرض طول عمره عن حضور الخير وطلبه ولا يزال في تعب الدنيا وفي نصبها. وفي ذهابه ومنقلبه يحسن امور دنياه. وهو غافل عن العلم الذي يقربه الى مولاه فما اخسر عبدا في امور دنياه من اعرف الناس واحذقهم. وفي امور دينه من ابلادهم واجهلهم. قد جعل الدنيا اكبر همه وما بلغ علمه وغاية مناه. واعرض عن العلم الذي فيه صلاح دينه ودنياه. امن هو قانت اناء الليل ساجدا قائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر اولو الالباب. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في العلم الحمد لله الذي وسع كل شيء رحمة وعلما. وقضى بشرعه على المكلفين. ومن احسن منه قضاء وحكما اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. الذين هم ابر الخلق قلوبا. واغزرهم علوما واكملهم حزبا وعزما وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا ربكم واعلموا رحمكم الله ان طلب العلم من اعظم واجبات وانه شفاء للعي. وسلامة من جميع الافات. وان من اراد الله به خيرا فقهه في الدين من لم يرد به خيرا اعرض عن طلبه فاصبح من الخاسرين. فان الله فرض عليكم فرائض لا تتمكنون من ادائها الا بتعلم احكامها. ولا تدركون سلوك الطريق المستقيمة الا بالتمييز بين حلالها وحرامها. وعلى كل عبد معرفة ما يهتدي به الى الصواب. وحاجة العبد الى العلم اعظم من حاجته الى الطعام والشراب. الا وان الاشتغال من اجل الطاعات وافضل الحسنات المذهبة للسيئات. فان مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعلمه وتعليمه ودراسته توجب رضا رب العباد. فقد قال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة. وما جلس قوم مجلس ذكر الا حفتهم الملائكة. ونزلت عليهم سكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده. وقال اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا وما رياض الجنة يا رسول الله. قال حلق الذكر. افيحسن بالحازم ان يزهد في رياض فيها من العلوم والمعارف. كل زوج بهيج ويستبدل بها مجالس اللغو واللهو وكل امر مريج. ايرضى المؤمن ان يكون في امر دنياه من احذق في الحاذقين وفي امر دينه من الهمج الرعاع الذين لا يعرفون شيئا من امور الدين. لقد اختار الادنى الخسيس على حظي الاعلى النفيس ورضي بمشاركة البهائم. وزهد في خصال اهل المكارم. فوالله لمسألة يسمعها احدكم قم فيفهمها ويعمل بها خير له من الدنيا وما فيها. ولحضوركم في مجالس الذكر خير لكم وان من مجالس لا فائدة فيها. فان العلم خير من المال. العلم يحرسك وانت تحرس المال. العلم يؤنسك في حياتك وفي قبرك ويوم نشرك. والمال يملأ قلبك هما وغما. ويكون وزرا على ظهرك. العلم يقربك من رب العالمين ويوصلك الى اعلى عليين. ويكون نورا لك تمشي به في الظلمات. وحرزا لك يقيك من الافات مهلكات. به تفرق بين الكفر والايمان. وبه تميز بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان. وبه تخرج عن اوصاف وفي الاراضي للجهال. وبه تعرف الحق والحرام والحلال. وبه تعرف كيف تصلي وتصوم وتتعبد. وكيف تبيع وتشتري وتعامل وتنكح وتأكل وتشرب. وتقوم وتقعد. والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وانابوا الى الله لهم البشرى فبشر عباد. الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه. اولئك الذين حين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب. بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم. خطبة في القيام الحقوق. الحمد لله الذي بقدرته انشأ الاشياء واوجدها. وبارادته باين بين المخلوقات في الصفات وميزها وخصصها بحكمته احكم الاحكام. واتقن ما صنعه على احسن نظام. واكمل حالة وابدعها. فسبحانه من وسع كل شيء رحمة علما واعطى كل شيء خلقه ثم هداه الى مصالحه. واسبغ على عباده عطاء جما. واشهد ان لا اله الا الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي تفرد بكل كمال. وقصدته المخلوقات في جميع الاحوال. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. الذي خصصه وفضله باشرف الخصال. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. خير صحب وال. اما بعد. ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان الله اوجب لبعضكم على بعض حقوقا متنوعة بحسب القرب والاتصال. ووعدكم على القيام بافضل ثواب واجل نوال. فامر الاولاد ببر الوالدين كما وصى الوالدين بحق الاولاد. واوصى الاقارب فيما بينهم بالبر والصدق والاحسان كما حث على حقوق الجيران والاصحاب والاخوان. والزم كل واحد من الزوجين معاشرة الاخر بالمعروف وامر الناس بالقسط في المعاملة وعدم البخس والتطفيف. فمن قام بهذه الحقوق واكملها فقد ارتقى اعلى الدرجات وافضلها ومن تهاون بها واهملها فقد خسر دينه ومروءته ونسي مصالح نفسه وضيعها. الا فاستعينوا ربكم على القيام بما عليكم مع احتساب الاجر والثواب. ونافسوا باكتساب اعلى الاخلاق واكمل الاداب. وليعن من له الحق الاخر بالاغضاء عن التقصير والا يرهقه من امره الشيء العسير. فان التفريط ملازم للانسان. ومن الذي يكمل ويسلم من النقصان؟ فرحم الله والدا كان اولاده على بره بتحمل بعض تفريطهم. والعفو عن شيء من تقصيرهم وتعظيم احسانهم اليه وشكره. وما اعظم من اغضى عن هفوة الزوجة والصديق والجار والقريب. فلقد اخذ من مكارم الاخلاق باكمل حظ واوفر نصيب. وما اولى العبد اذكاره من قرينه خلقا ذميما ان يلحظ ويرضى في مقابلته خلقا كريما. فبذلك تدوم الصحبة والوصلة وبذلك تحصل الراحة والالفة والمودة وينقطع النزاع. اما اذا كلف كل واحد منهما الاخر بتكميل مراده بصعوبته وشدته. ولم يرضى الا بحصول جميع مطالبه. وتكميل كل رغبته. فلابد ان يبوء بالفشل والخيبة والخسران وينتهي الامر بدوام النزاع والفرقة والحرمان. فالحازم من داوى العلة بما يناسبها ويلطفها ويطفيها. والجاهل الاحمق من قاومها بالعنف والمشقة فكأنه في فعله ينميها ويقويها. وفقني الله واياكم لمكارم الاخلاق ومحاسنه الاعمال واعاننا على القيام بحقوقه وحقوق ذوي الحقوق. والاصحاب والجيران والال. قال سبحانه ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم خطبة في استقبال رمضان بما يناسبه. الحمد لله الذي جعل مواسم الخيرات نزلا لعباده الابرار. وهيأ لهم فيها من اصناف نعمه وفنون كرمه كل خير غزير مدرار. وجعلها تتكرر كل عام ليوالي على عباده الفضل. ويحط عنه الذنوب والاوزار. احمده ان جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد التيقظ والشكر والادكار. واشكره ان جعل شهر رمضان افضل المواسم الكريمة التي تضاعف فيها الاعمال وتربح بضائع التجار. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له العزيز الغفار واشهد ان محمدا عبده ورسوله النبي المختار اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه البررة الاطهار. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد. واتقوا ان الله خبير بما تعملون. ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم. اولئك هم الفاسقون واعلموا انه قد اظلكم شهر عظيم. وموسم مبارك كريم. جعل الله صيامه احد اركان الاسلام. وندب الى قيامه فمن اكملها ايمانا واحتسابا تم له دينه واستقام. به يغفر الله الذنوب ويحط الاوزار. وفيه تربح بضائع المتقين قرار سوق المتجرين وغنيمة المفلحين وسرور العابدين. وفرصة التائبين المنيبين. من صامه وقامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من الذنوب. ومن اجتهد فيه بالخيرات. فقد ظفر باوفر حظ واكمل نصيب. فاحمدوا ربكم الذي احياكم وابقاكم حتى بلغكموه. واسألوه ان يعينكم على القيام بحقوقه حتى تتموه وتستكملوه. واستقبلوه نصوح صادقة وانابة الى الله في جميع اوقاته متواصلة. فقد فاز عبد عرف قدره فغمره بانواع القربات ما بين صيام وصدقة وقراءة وذكر وصلاة. فاستقبله فرحا به مسرورا. مستعينا بربه على صيامه وقيامه نال منه فضلا كبيرا. واعلموا انه كلما عظمت المشقة بالحر والجوع والظمأ. وترك المألوفات. عظم الاجر والثواب ولهذا اختصه الله لنفسه من بين سائر العبادات. فمن صام لله في يوم صائف شديد ظمأه. سقاه الله من الرحيق المختوم من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه ووجده مدخرا عند الحي القيوم. فيا ايها المؤمن التارك لشهواته على شدتها ومش ابشر وقد سعيت في راحة نفسك وسعادتها. اما علمت ان الله يجزي الصابرين اجرهم بغير حساب. وان الصيام من اجل انواع الصبر بلا شك ولا ارتياب. فيا طالبا للخيرات هذه اوقاتها. ويا منتظرا لنفحات الكريم وطرق الرحمة قدمت نفحاتها. ويا حريصا على التوبة هذا زمانها. ويا راغبا في الطاعة والانابة هذا ابانها. فاكثروا فيه ذكر الله وقراءة القرآن والتوبة والاستغفار. واعمروا اوقاته بطاعة الملك الغفار. فالسعيد من عرف شرف اوقاته فاغتنمها. والشقي المحروم من ضيعها واهملها ولقد رغم انف امرئ ادرك رمضان فلم يغفر له لتفريطه وتضييعه وطوبى لمن ظفر فيه بالمغفرة والرحمة لحسن صنيعه. قال سبحانه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبل اليكم لعلكم تتقون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم لرمضان ايضا. الحمد لله الذي جعل شهر رمضان افضل شهور العام. واختصه بوجوب الصيام. وحث فيه على الطاعات ليصل المجد بها الى اكمل حالة وارفع مقام. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الملك القدوس السلام واشهد ان محمدا عبده ورسوله اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان. اللهم صل على محمد الذي بعث ليتم مكارم الاخلاق ويهدي للتي هي اقوم من الخير والبر والاحسان. وعلى اله واصحابه واتباعه في كل عصر واوان وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا نعمة الله عليكم في هذا الشهر الكريم. ولقد امدكم فيه بكل خير وفضل فتح الله لكم به ابواب الخيرات. وضاعف لكم فيه الاجور والبركات. فيه تستنير بالتعبدات المساجد. ويخشع فيه الراكع والساجد. فيه تطمئن القلوب وتنشرح الصدور. فيه تستقيم الاحوال وتتم الامور. وقد مضى يا قوم كثير منه فمن منكم تفقد صيامه؟ ومن منكم اغتنم الفرصة فبادر بالطاعات اوقاته وايامه؟ ومن منكم تفقد المساكين والجيران والقرابات ومن منكم اخرج ما عليه من الزكاة وشفعها بالاحسان والصدقات. ومن منكم ترك الغيبة والنميمة والحقد والرياء. ومن مرتدى بالصدق والاخلاص والبر والحياء. من منكم صلى التراويح بقلوب نقية وافئدة طاهرة وهمم عليا. لتكون كن نورا وايمانا وبرهانا وحصنا من العذاب وامانا. فمن كان منكم كذلك فليبشر بالخير والثواب. ومن ليس كذلك فلا الا نفسه اذا فاته الثواب وحل عليه العقاب. فحاسبوا انفسكم هل انتم من المحسنين في عبادة الله؟ المحسنين عباد الله فطوبى لكم عند ذلك بجنة عرضها الارض والسماوات. فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من الافراح واللذات والمشتهيات. ام انتم من المسيئين المقصرين؟ فيا حسرتاه لكم فقد اتعبتم انفسكم عبثا واجعتم بطونكم سدى. وضيعتم اوقاتا ثمينة. يغفر الله فيها الذنوب العظيمة. ويجزل فيها المواهب الجسيمة. فكيف يرضى مؤمن حازم ان يمر عليه هذا الشهر الكريم. والمغنم الجسيم. فيخرج منه صفر اليدين. قد خسر جميع الصفقتين. يقول عند تعذر التلافي يا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله. يا ندمي على ما فوت من طاعة الله. يا اسفي كيف الشهر بل العمر ولم اتب من ذنبي. وكيف رضيت بالاعراض والغفلة ولم اتب الى ربي؟ ام كيف قدمت حظوظ نفسي وشهواتي؟ ولم نقدم عملا صالحا لحياتي. يا ليتني حفظت صيامي واتقنت صلاتي. يا ليتني عصيت الشح والشيطان. فاخرجت زكاتي يا ويلتى لقد صار ما لي طوقا من العذاب في عنقي. وقد صفح صفائح من نار يكوى بها جنبي وظهري وجبهتي. كلما اذا احميت واعيدت في النار علي. وكلما رجوت الفرج شدد العذاب علي. فاليوم ليس لي شافع يشفع ولا مال وولد رحيم ينفع ولا دعاء ولا طلب ولا غوث يسمع. قد تقطعت بي الاسباب واشتد علي العقاب. وغضب علي رب الارباب والذنب في الحقيقة ذنبي فليس لي حجة ولا عذر عند ربي. فكم منعت خيري من الاقارب والجيران؟ وكم قسى قلبي؟ فاعرضت عن جائع وعريان. وكم رأيت معسرا فلم اخفف عسرته. وكم عاينت مضطرا فلم افرج كربته. وكم شكى الي المسكين الشرد فلم اهون شدته ولم اعد لهذا اليوم العظيم عدته. وكم اعطاني ربي ووسع علي فبذلته في شهواتي وحظوظي ولم اقم بما علي من واجباتي وفروضي. وواليت عدوي فاشقاني واهواني وارداني. وعصيت وليي فواشي حزني ويا عظيم خسراني. وكل هذا وما هو اعظم منه سيلقاه المفرطون. فابتدروا رحمكم الله الفرصة قبل فواتها معشر المسلمين وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون. واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في فضل العشر الاخير من رمضان. الحمد لله الذي فضل عشر رمضان الاخيرة. واودعها الفضائل والمفاخر والمزايا الكثيرة. واعطى فيها هذه الامة ما لم يعطي غيرها من المواهب الشهيرة وخصها بليلة لا يساويها شيء من ليالي الدهر. ليلة القدر خير من الف شهر. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له في الملك والتدبير ولا ند له في الحب والتعظيم والتأليه. فهو نعم المولى ونعم النصير. واشهد ان محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. وللجد في طاعة المولى والتشمير اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى. وتعرضوا في هذه العشر المباركات لنفحات المحسن الكريم. فتوبوا الى ربكم توبة نصوحة لعل الله ان يمحو كل ذنب عظيم. واعمروا اوقاتها في طاعة المولى الرحيم. تحرروا ليلة القدر في جميعها. وخصوصا في فان من قامها ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. فما اجلها من ليلة لراغبيها وقصادها فاستقبلوا كل في ليلة من ليالي العشر بنية صالحة. وعزيمة الى فعل الخير صادقة. وقوموا لياليها طالبين للخير المقصود. واحضروا قلوبكم للتدبر عند تلاوة كلام الملك المعبود. واجتهدوا في احسان العمل واكماله. واخشعوا في الركوع والسجود. وابتهلوا الى ربكم بكثرة التضرع والالحاح في السؤال. وقد وعد الداعين بالاستجابة والاسعاف بالنوال. واكثروا فيها من الاستغفار والتوبة اللهج بذكر الكبير المتعال. واكثروا من قولكم في الصلاة وخارجها. اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني. اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وتقبل مني. فاعلموا ان من حكمة الله ورحمته بكم ان اخفى عنكم غيبها لتكثروا من عمل المقرب اليه. وتنال الاجور الكثيرة والحظوة لديه. وان من احسن نيته وقصده وطلبها محتسبا. فلابد ان يناله من خيرها فما من مؤمن ولا مؤمنة الا وله نصيب بحسب حاله من نفحاتها وبرها. فما من الله بها على هذه الامة الا اعطيهم من فضلها العميم. ولا دعاهم الى الاجتهاد في الطاعة الا ليرفع منازلهم في جنات النعيم. فلو علم العبد ببعض ما فيها من من الثواب لجد في طلبها. ولو باشر قلبه ما فيها من الاسرار والمعارف لاستحلى المشقة في نصبها. ليلة تخشع القلوب ويغدق فيها الرب على عباده كل خير ومطلوب. فيها يقبل على المولى كل عبد منيب. ويأخذ من مولاه باوفر حظ واكمل نصيب. فيها تغفر الذنوب والاوزار. ويكتب كل ما يجوز على العبد في عامه من خير وشر وطاعات واوزار بسم الله الرحمن الرحيم. والكتاب المبين في ليلة مباركة ان المنذرين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على صدقة الفطر. الحمد لله الخلاق الواحد المتفرد بالتدبير والاختيار والارزاق واشهد ان لا اله الا الله الرب العظيم. وان محمدا عبده ورسوله النبي الكريم. اللهم صل على محمد وعلى اله اصحابه وتابعيهم على الصراط المستقيم وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله والتمسوا من العمل ما يحبه ويرضاه لعلكم ترحمون. واجتنبوا ما يسخطه ويكرهه لعلكم تتقون. عباد الله هذا شهر رمضان قد تقارب تماما وتصرمت لياليه الفاضلة وايامه. فمن كان منكم محسنا فيه فعليه بالاكمال والاتمام. ومن كان مقصرا فليختم بالتوبة والاستدراك. فالعمل بالختام. واعلموا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرض صدقة الفطر على الذكر والانثى والحر والعبد والصغير والكبير صاعا من بر او اقتن او تمر او زبيب او شعير. وامر ان تؤدى قبل صلاة العيد وكان الصحابة وهم النهاية في المسابقة والفضائل يؤدونها قبل العيد بيوم او يومين. فطهروا صيامكم باخراج رغبة في اتباع النبي الكريم واغتناما لاجرها العظيم. وحسنوها وكملوها ولتكن من اطيب اموالكم التي تجدون فلن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون. ولا تيمموا الخبيث وهو الرديء منه تنفقون. فكيف ترضون لربكم ما ليس انفسكم ترضون فمن فهم ما في زكاة الفطر من المنافع والحكم والاسرار وما توجبه من الثواب وتحطه من الاوزار لم في اختيار الاجود وتحسينها. ولم يطع الشح في العدول الى رديئها ودونها. فان الله وقف عليها الفلاح. والنبي صلى الله عليه وسلم جعلها من الفرائض العامة لعظيم ما تحتوي عليه من الصلاح. فهي من اجل القرب الى رب العالمين. ومن افضل ما حض عليه سيد المرسلين وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث والنقصان وترقيع لما حصل في الصيام من النقص وكفارة للعصيان. وهي من جملة شكر نعمة الله بالتوفيق لصيام رمضان. وتزكية للنفوس من الاخلاق الرذيلة. وتحلية لها بالاخلاق الجميلة. وفيها اغناء للفقراء في ذلك اليوم الكريم. الذي يتكرر على المسلمين بالخير والسرور والفضل العميم. وهي شكر لنعمة الله بسلامة الاديان والابدان وفداء وكفارة لنوع الانسان. فكيف تشح النفس باخراج الطيب شكرا لنعمة المنان. او كيف يطيع الشح وعدوه الشيطان. فالمؤمن الموفق يحمد ربه حيث اقدره على اداء هذه الفريضة الجليلة. فيختار لها من اجود ما له ما يدرك به جور الجزيلة يرى من نعمة الله عليه ان جعل يده هي العليا. حيث علق به جميع من يحبونه من المسلمين. ليحوز تراهم من غير ان ينقص من اجرهم شيء. ويزداد بذلك الايمان ويكمل الدين. وانت ايها المخرج عنه عليك ان تحمد الله اذا كنت عاجزا عنها فاوجبها على من لك عليه لا عليك. وعليك ان تشكر من قام بها وتدعو له في حياته وبعد مماته فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخلاق. فاي معروف اجل من معروف من ادى عنك فريضة تزكي بدنك واخلاقك وتطهر صيامك ويكمل بها اسلامك. واياكم ان تضعوها في غير مستحقها الفقير المحتاج. فمن اعطاها من يعرف انه غير محتاج لم يجزئه هذا الاخراج. ومن علم من نفسه انه غير محتاج فانه لا يحل له الاخذ. فان اخذها فهي حرام ولا تفرغ الصلاة وانتم لم توصلوها الى مستحقيها. او وكيله الذي وكله في قبضها. فمن اداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة. ومن اداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. قال سبحانه قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه به فصلى بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة لعيد الفطر. الله اكبر الله اكبر. الله اكبر. الله اكبر. الله اكبر. الله اكبر. الله الله اكبر الله اكبر الله اكبر الحمد لله الذي له الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا والالات والنعم العظمى. خلق المخلوقات بقدرته فاتقنها. وشرع الشرائع بحكمته فاكملها واحسنها. وسهل لعباده طائعين طرق الخيرات لينيلهم من فضله الوان الكرامات. وجعل مواسم الاعياد موردا للبر والجود. واغدار العطايا والهبات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. في الوهيته وربوبيته. وما له من سعة النعوت الصفات تفرد بالوحدانية والقدرة والبقاء. وتوحد بالعظمة والجلال والمجد والعز والكبرياء. وملأت رحمته اقطار الارض والسماء. الله لا اله الا هو له الاسماء الحسنى. واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله رحمة العالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد اجمعين. افترض على العباد الايمان به ومحبته وتعزيره وتوقيره والقيام بحقوقه وسد الى جنته كل طريق فلم يفتح لاحد الا من طريقه. وشرح له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره فتح برسالته اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا. فبلغ الرسالة وادى الامانة وعبد الله حتى اتاه اليقين. فما بقي خير الا دل امته عليه. ولسوء الا حذرهم منه. فصلى الله وملائكته هو انبياؤه وصفوة خلقه عليه. وعلى اله وصحبه ومتابعيهم الى يوم الدين. وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز عظيما. واذكروا نعم الله عليكم بهذا الدين القويم. والشرع الكامل المستقيم. والرسول المصطفى الكريم. واحمدوا ربكم جعل لكم عيدا عظيما وموسما جليلا كريما. يتميز عن اعياد الكفار بنوره وبهائه. ويختص بخيره ومصالحه وبركاته والظاهرة فاذا فرغتم من الطواف فصلوا ركعتين خلف المقام. ثم عودوا الى البيت والحجر بالاستلام. اخرجوا الى السعي من باب الصفا حين سعي العمرة بالتمام والوفاء. وقولوا ان الصفا والمروة من شعائر الله عيد عظيم مبني على التوحيد والايمان. قائم بالاخلاص والتمجيد والثناء والشكر للرحمن. عيدنا اهل الاسلام والايمان ليس فيه ولله الحمد شيء من شعائر الشرك والكفران. عيد الافطار عيد الفرح والاستبشار. عيد يملأ القلوب فرحا وسرورا ويتلألأ في الافطار فيه بهاء وضياء ونورا. عيد يذكر المؤمنون فيه نعم مولاهم ويرشدهم الى صلاح دينهم ودنياهم. عيد جعل الله فيه للمسلمين مقصودين عظيمين. احدهما وهو المقصد الاجل الاكبر انهم يحمدون الله على القيام بما فرض عليهم من الصيام. وما من به من الطاعات والقيام. الموصلة لهم الى دار السلام فيشكرون الله حيث وفقهم لاتمام صيامه وقيامه. وما تفضل عليهم من الطاعات في لياليه وايامه. فيغدون فيه الى المصلى المكبرين رافعين اصواتهم بالتكبير والتهليل لربهم خاضعين. مبتهلين فيه بسؤال الكريم وملحين. راجين ذلك فضل ربهم ومغفرته ورحمته ومؤملين. قد فرحوا بتكميل صيامهم وقيامهم واستبشروا وطلبوا من ربهم العتق من النار والقبول وتمام النعمة. وطمعوا بذلك وانتظروا. وهو خير من امله المؤملون. وطمع في فضله الطامعون المقصود الثاني الفرح بما اباحه الله واطلقه لعباده من التمتع بالطيبات. من المآكل والمشارب والملابس النعم المتنوعات امرهم بالصيام فامتثلوا راغبين وصبروا. واباح لهم الفطر فحمدوا ربهم على فضله وشكروا. الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله والله اكبر الله اكبر ولله الحمد. واعرفوا رحمكم الله نعم الله عليكم وفضله في هذا اليوم السعيد. فانه اليوم الذي يفيض الله فيه على المؤمنين سوابغ نعمائه. ويعمهم بواسع عطاءه ويوالي عليهم جوده وامتنانه. ويعمهم بفضله واحسانه. تفضل عليهم بالتوفيق لصيام هذا الشهر وقيامه. ووفقهم نوعي في معاملته وتلاوة كلامه. ولم يزل يوالي عليهم بره حتى اتموه واكملوه. ثم دعاهم للخروج الى هذه الصلاة ليعظموه ويشكروه. ومد لهم موائد البر والفلاح. ليسبقوا اليه ويدركوه. لما انعم عليهم بهذه النعم العظيمة الاء الجسيمة خرجوا في هذا اليوم الكريم يطلبون من ربهم الرحيم ان ينجز لهم ما وعدهم وان يتم عليهم من نعمه به ابتداهم فيغفر زلاتهم ويجزل هباتهم. وان يتقبل منهم الصيام والصلاة. ويضاعف لهم الحسنات ارفع لهم في غرفة الجنة عالي الدرجات. وان يغني فقيرهم ويجبر كسيرهم. ويجود على معسرهم ويتجاوز عن موسرهم وان يا جماعة شملهم ويصلح ذات بينهم. وان يوفقهم لجميع الخيرات وترك المنكرات. فاحسنوا ظنكم بربكم واطمع غاية الطمع في فضله العظيم. واشكروه على ما اولاكم وهداكم. وما ساقه اليكم من مواسم الخيرات واعطاكم واكثروا من ذكره والثناء عليه. واخلصوا له العمل. لتنالوا جزيل ما لديه. واياكم ان تقابلوا هذه النعم بضدها. فتبوء بمحقها وضدها. اعاد الله علي وعليكم من بركات هذا العيد. وامننا واياكم من فضائح يوم الوعيد. وجعل مواسم الخيرات لنا مربحا ومغنما. واوقات البركات والنفحات لنا الى رحمته طريقا وسلما. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحج. الحمد لله الذي فرض الحج لبيته الحرام قال قصده مكفرا للذنوب والاثام. ولم يرض لمن اكمله وقام بحقوقه جزاء الا الفوز برضوانه في دار السلام ان جعل هذا البيت مثابة للناس وامنا. وجعل افئدة من الناس تهوي اليه محبة وشوقا. فهم يترددون اليه ويزدادون لهفا عليه وتوقى. فقلوبهم على الدوام تحن اليه. وعاجزهم يتأسف لانقطاعه عن الوصول اليه سبحان من دعا عباده لحج بيته الحرام. ليصبغ عليهم جزيل الاحسان. واوفر الانعام فاقبلوا اليه من كل فج عميق رجالا وركبانا وتركوا لاجله اولادا واهلا واوطانا واقدانا. وبذلوا نفوسهم واموالهم. يبتغون فضلا من الله ورضوانا. ليشهدوا منافع لهم فيها صلاح دينهم ودنياهم. ويحضروا مشاهد يدركون بها مأربهم ومناهم تبارك الذي من عليهم وهداهم واوفدهم الى كرامته وحذاهم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. في وربوبيته وصفاته وافعاله. وهو المنفرد بانعامه على الخلق وافضاله. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اصحابه واله. وعلى التابعين له في اقواله وافعاله. وجميع احواله. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى وقوموا بما اوجب الله عليكم من حج بيته وقصد حرمه. وارغبوا فيما يفضيه على قصاد بيته من جوده وكرمه. ومن الفضائل والمواهب المتنوعة والنوافل. قال تعالى ومن اصدق من الله قيلا. وقال سبحانه ولله على الناس حج في البيت من استطاع اليه سبيلا. ومن كفر فان الله غني عن العالمين. وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال قال ان الله فرض عليكم الحج فحجوا. وسئل اي العمل احب الى الله؟ قال ايمان بالله. قيل ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور. وقال من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق. خرج من ذنوبه كيوم ثم ولدته امه. وقال صلى الله عليه وسلم العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة وقال صلى الله عليه وسلم تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب الا الجنة. وقال صلى الله عليه وسلم الحجاج والعمار وفد الله. ان دعوه اجابوا وان استغفروه غفر لهم. وقال صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عرفة فان الله ينزل الى السماء الدنيا. فيباهي بهم الملائكة فيقول انظروا الى عبادي اتوني شعثا غبرا. ضاجين من كل فج عميق. اشهدكم اني قد غفرت لهم. فتقول الملائكة فيهم فلان يرهق وفلان وفلانة. قال يقول الله اني قد غفرت لهم. فما من في يوم اكثر عتيقا من النار من يوم عرفة. وما رؤي الشيطان اصغر ولا احقر ولا ادحر ولا اغيظ من يوم عرفة فذاك الا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظائم. الا راغب في مشاركة الوافدين لبيت الله الى هذه الكرامات احسان الا مشتاق الى تلك المشاعر العظيمة؟ وما يعطي الله فيها من الخيرات واجابة الدعوات والامتنان. الا تارك محبوبات لمحبة الرحيم الرحمن. فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه في غرف الجنان. فما اعظم الاسف على من يشاهد الراحلين الى بيت الله. وهو مقيم مع المتخلفين. وما اشد الحرمان على من فاتته الارباح في مواقف البركات اصبح من الخاسرين. يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله. ومن يفعل ذلك فاولئك اولئك هم الخاسرون. وانفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي احدكم الموت. فيقول ربي لولا تأخرتني الى اجل قريب. فاصدق واكن من الصالحين. ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء آآ آآ اجلها والله خبير بما تعملون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم خطبة في الحج ايضا. الحمد لله الذي اوجب حج بيته في العمر مرة على من استطاع اليه سبيلا واوجب المغفرة والجنة لمن حجه فلم يرفث ولم يفسق. وقام بحقوقه اجمالا وتفصيلا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. كلمة عليها قيام الدين والملة. وعليها اسس الجهاد وشرعت القبلة. ولاجلها دعا الرب عباده في حج بيته الحرام يغفر ذنوبهم ويتمم عليهم الفضائل والانعام. واشهد ان محمدا عبده ورسوله اعظم داع لقصده هذا البيت الكريم. وافضل ساع الى مراض الرب الرحيم. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. والتابعين فلهم باحسان الى يوم الدين وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان من اعظم حقوق الاسلام حج هذا البيت العتيق قال تعالى واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج جين عميق فلا يتم اسلام العبد حتى يقوم بهذا الفرض العظيم. حيث جعل الله اسلام العبد المستطيع. متوقفا على تكميل والتتميم وجعله طريقا الى حصول المغفرة والوصول الى جنات النعيم. وقد جعل الله هذا البيت مثابة للناس اليه كل كعام يترددون ولا يقضون منه اوتارهم ولا ما كانوا يريدون. فهم بالاحرام والتلبية يعجون وبانواع الاذكار والادعية وتبرعات وتلبية متعلقة بالقلب واللسان. وعلى نفقات مالية وذبح للقربان. وعلى ترك للمألوفات والمحبوبات التي من تركها لله عوضه الله خيرا منها في دار الكرامات. فما ظنك بعبادة تستغرق من عمر العبد زمانا طويلا في تلك المشاعر يلهجون. وحول بيت ربهم يطوفون ويسعون ويتقربون. ولحوائج دينهم ودنياهم يطلبون ويسألون وبمراضي مولاهم ومحبوباته يقومون. ولدماء القربان والهدايا يشجون. وبالخشوع والخضوع والانكسار يضجون باحسان الكريم يرجون ويأملون. وهو الذي لهذه المشاعر دعاهم. ومن عليهم ووفقهم وهداهم. وهو الذي اوفدهم بتوفيقه وحداهم. افتظن مع هذا ان يخيب رجاهم؟ ام تحسبه يرد سؤالهم ودعاهم؟ فحاشى جود اكرم الاكرمين وارحم الراحمين وخير الغافرين. فانهما اوفدهم ووفقهم للقيام بهذا النسك الجليل. الا ليغمرهم بفضله الجزيل ولاحظتهم الى الوصول الى تلك العرصات الا لينوع لهم اصناف العطايا والكرامات ولا امرهم بالدعاء والاستجابة الا رتب على ذلك القبول والاجابة والاثابة. فبالله لو دعاكم ملك من ملوك الدنيا للوفود اليه. ليهب لكم شيئا من حطام الدنيا ويقربكم اليه. ولو ذكر لكم موضعا قريبا او بعيدا. تربح فيه البضائع وتستفيد. فسارعتم الى ذلك مشاة بانا ولتسابقتم اليه زرافات ووحدانا. مع قلة حاصل ما يحصل لكم وفنائه. وتعب كل منكم وعناءه ومشقته وشقائه. والرب قد دعاكم ليحسن قراكم ويكرمكم مثواكم. ويغفر ذنوبكم ويزيل شقاكم اجزل لكم الخيرات. ويحقق رجاكم ويصلح لكم دينكم ودنياكم. وانتم عن هذه المطالب الجليلة معرضون. وفي المصالح والمنافع الحقيقية زاهدون. فكيف لا يخجل من يسابق الى الوفود الى المخلوقين؟ من التخلف عن الوفود الى رب العالمين وقد وعدكم وهو لا يخلف الميعاد. وضمن لكم منافع الدنيا والاخرة. وخيره ليس له نفاذ. وامركم ان تشهدوا منال لا تستغنون عنها وفوائد جسيمة انتم مضطرون ومفتقرون اليها. فيا فوز المسابقين الى هذه الخيرات والكرامات ويا اسف المفرطين حين يتحقق الخسران عليهم وتنتابهم الحسرات. وفقني الله واياكم الى الوصول الى حرمه واجزل لي ولكم من موائد جوده وكرمه. قال سبحانه ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك وهدى للعالمين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحج كذلك. الحمد لله الذي جعل الوفود لبيته حاطا للذنوب والاوزار. موجبا لرضى الله ودخول دار القرار منجيا من المهالك وعذاب النار. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له العزيز الغفار. واشهد ان محمدا عبده ورسوله النبي المختار اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه البررة الاطهار وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى على مهندين الاسلام مبني على خمس. شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام. ومن استطاع السبيل فلم يحج فاسلامه وايمانه ودينه فيه اختلال. وهو اعظم جرم حرما من الزاني والسارق وشارب الخمر والمختان. قال عمر رضي الله عنه لقد هممت ان ابعث الى هذه الامصار رجالا. فمن وجدوا عنده سعة للحج فلم يحج. فليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين. وكيف يكون العبد عنده اسلام وهو يسمع داعي الحج قد اسمع القريب والبعيد. وتوعد التاركين له بالعقوبات الصوارم. واكده غاية التأكيد فجعل قصده متمما للاسلام مؤديا لفرد من اعظم فروض الاسلام. حاطا للذنوب والاوزار والاثام موجبا لدخول داره القرار مخرجا للعابد من نعت الفجار الى صفة الابرار. قد جعله الله موسما ومثابة للناس. يطلبون فيه من الله حاجاتهم ويلجأون اليه في مهماتهم وملماتهم. ويتنوعون فيه بانواع العبادات واصناف البر والقربات. وموائد امد اهالي وفود بيته وحرمه يفيض عليهم من الوان جوده وكرمه. فهم متعبدون خاضعون لربهم في مقاماته وعرصاته في ارجائه وجهاته مقيمون لذكر ربهم والثناء عليه في تلك المشاعر العظام. بانواع التسبيح والتحميد والتهليل التكبير للملك العلام. ليملأ قلوبهم امنا وايمانا وصدقا واخلاصا وايقانا. والحج ليس له نظير من العبادات امشابه من القربات فحسبكم من عبادة مبنية على الايمان والاخلاص والتوحيد مشتملة على التلبية والخضوع والخشوع للولي الحميد محتوية على عقائد وارادات نافعة قلبية. وعلى اعمال صالحة بدنية وعلى اذكار من عقهم فقد باء بغضب من الله وربما قيض له من يعقه وقت كبره وحاجته. وذلك بما قدمت يداه الوزن يومئذ الحق. فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم عوضوا عن ذلك اجرا عظيما وثوابا جزيلا. فهو في عبادة من حين يخرج من بيته ومقره ومثواه حتى يصل منتهى سيره ثم يعود الى مبتداه فهو في عبادة ان قام او قعد او مشي او ركب او استيقظ او نام او سار في سفره او اقام او كان في فكر او دعاء او صلاة او في راحة او غفلة او سبات. ولا فرق بين كونه سائرا في الطريق او واصلا الى البيت العتيق وفي عشرة الصاحب والملازم والرفيق. فكل ما هو فيه من جميع احواله فهو متقرب به الى مولاه راج لنواله. قال سبحانه سبحان ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصبوا ولا مخمصة في سبيل الله. ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو ميلا الا كتب لهم به عمل صالح. وفقني الله واياكم للجد وحسن القصد في طلب رضوانه غمرنا بجوده واحسانه. قال تعالى واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر. يأتين من من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم. ويذكروا اسم الله في ايام معلومات. على ما رزقهم من بهيمة الانعام بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحج ايضا الحمد لله الولي الحميد الفعال لما يريد. الذي خضعت له الرقاب وذلت له جميع العبيد. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا نديد وان محمدا عبده ورسوله سيد الرسل وخلاصة العبيد. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه اولي الاخلاق الفاضلة القول السديد ومن تبعهم باحسان الى يوم الوعد والوعيد وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله الملك العلام وبادروا الى حج بيته الحرام واغتنموا ما فيه من الاجور العظيمة ومغفرة الذنوب والاثام. اما علمتم ان الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة تهويا في الفقر والذنوب. ويوجب كل خير من ذي الكرم والمنة. اتدرون ما هو الحج المبرور؟ هو الذي جمع بين الاخلاص والمتابعة. الاخلاص للمعبود والمتابعة للرسول. اما الاخلاص فان يقصد العبد بحجه وجه ربه وطلب رضوانه. والفوز بمغفرته وثوابه وجنانه. فيكون العبد محتسبا في همه ونصبه ونفقاته راجيا للثواب في حله وترحاله وسعيه وخطواته. عالما انه في عبادة متصلة من خروجه من وطني بل من شروعه في استعداده وجمع آلاته فهو في عبادة في جميع حركاته وسكناته الى ان يرجع الى مقره حائزا للسلامة القبول والغنيمة الرابحة ومضاعفة حسناته. واما المتابعة للرسول فان يقتدي به في حجه وعمرته في اقواله وافعاله. فانه قال خذوا عني مناسككم. وهذا شامل لجميع احواله. وقد امر اصحابه الذين لم يسوقوا الهدي ان يحرموا بالعمرة. متمتعين بها الى الحج وعندما يأتي احدكم الميقات فليغتسل ويتنظف ويتطيب ثم ليتجرد من اللباس المعتاد ويلبس ازارا ورداء ابيضين نظيفين ثم اذا صلى الصلاة الحاضرة نوى الاحرام بالعمرة متمتعا بها الى الحج. فيقول على وجه الاخلاص والتعظيم والخضوع للمالك العظيم لبيك عمرة ثم ليهل بالتلبية والتوحيد. لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هذه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم. فلا يزال احدكم يلبي بها. وكلما كرر التلبية عدة مرات ذكر فيها نسكه لبيك عمرة. ثم اعلموا ان المقصود من كشف الرأس ولبس الاحرام ونزع المخيط هو الانكسار والذل والانابة للرب المحيط. فليكن الخشوع ملازما لكم في ظاهركم وباطنكم وفي اقوالكم وافعالكم. الاهلال بالتلبية شعاركم واثار الذل من هيئة الاحرام وصفته خيركم والخشوع والخضوع ملء قلوبكم. والطمع في مغفرة الله ورحمته واجره غاية مطلوبكم. وعند وصولكم ودخولكم للمسجد الحرام فارفعوا قلوبكم واكفكم واصواتكم للملك العلام. قائلين اللهم انت السلام ومنك السلام. تباركت يا ذا الجلال والاكرام اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما ومهابة وبرا. وزد من عظمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا. الحمد لله رب العالمين. ثم اسرعوا في طواف العمرة خاشعين. واستلموا الحجر الاسود مقبلين قائلين. بسم الله الله اكبر اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم قول ما ينبغي ان يقال في الطواف والسعي وسائر المناسك ان يكثر من ذكر الله والتسبيح والتحميد والتكبير فانما شرعت جميع المناسك لاقامة ذكر الملك الكبير وليدعو احدكم بما احب من خير الدنيا والاخرة. فان الله يسبغ على عباده في تلك المشاعر والمواقف النعم الباطنة اه وقفوا على الصفا والمروة مستقبلي القبلة. وكبروا الله وهللوه ثلاثا. وقولوا لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله له الحمد وهو على كل شيء قدير. لا اله الا الله وحده صدق وعده ونصر عبده. وهزم الاحزاب وحده. كرروا ذلك ثلاثا ثم انزلوا ماشين متضرعين. ساعين بين الميلين الاخضرين. بنبيكم مقتدين. ثم احلقوا وقصروا عند الفراغ والتمام. راجين من ربكم القبول والمغفرة وحسن الختام. وبهذا قد تمت عمرتكم فالبسوا ثيابكم واحمدوه وسلوه ان يغفر لكم ويجزل ثوابكم. ثم فلا تزالون بحلكم مستمتعين. حتى يكون يوم التروية فتخرج الى منى وعرفات بالحج محرمين. واقفين في تلك المشاعر داعين مستغفرين متممين لنسككم قاضين تفثكم ببيت ربكم مطوفين. تسألون ربكم ان يجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا وعملا مقبولا واجرا موفورا. قال سبحانه الحج اشهر معلومات. فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وما تفعلوا من خير يعلمه الله. وتزودوا فان خير الزاد التقوى اتقون يا اولي الالباب. ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم. فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام. واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الين ثم افيضوا من حيث افاض الناس. واستغفروا الله ان الله غفور رحيم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحج ايضا. الحمد لله الملك الغفار الرحيم الكريم الستار. ذي الفضل والكرم والخير المدرار. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له في الخلق والاختيار نظير له في صفات العظمة ونعوت الاقتدار. اشهد ان محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه البررة الاخيار وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى فقد دعاكم مولاكم الى ما فيه منافعكم ومنامكم. دعاكم الى ام القرى ليجزب لكم الضيافة والقرى. دعاكم الى امكنة عظيمة ومشاعر كريمة. يسبغ عليكم نعمه العميمة. فطوبى لمن استجاب فاجابوا داعي الله. ولقد بلغ كل منهم غاية مناه. هانت عليهم في جانب رضا ربهم المشقات. وبذلوا في طاعته نفائس اموال وجزيل النفقات. واحتسبوا الاجر وجزيل الحسنات. قصدوا ربا كريما حسيبا. واموا الها قريبا مجيبا. وقفوا في تلك مشاعر خاشعين ورفعوا اكف الافتقار اليه متضرعين. واسبال العبرات متذللين. يقولون يا ربنا لقد تعاظمت منا المعاصي والذنوب وتراكمت علينا النقائص والعيوب. وتوالت على قلوبنا الغفلات فامرضتها. وقيدت نفوسنا الشهوات فاهلكتها نحن يا مولانا في عفوك طامعون. ولخيرك وكرمك وجودك مؤملون. فنحن الفقراء اليك. الاسرى بين يديك. ان قطعتنا ان يصلنا وان اعرضت عنا فمن يقبلنا ويتقبلنا وان منعتنا فمن يعطينا وان لم تغفر لنا وترحمنا فمن الذي يرحمنا ويكفينا ليس لنا رب سواك فندعوه. ولا لنا مولى غيرك فنأمله ونرجوه. ولا لنا ملجأ ولا منجا ولا ملاذ نلتجئ اليه وندعوه ليك نفزع في مهماتنا وملماتنا واليك نضرع في قضاء حاجاتنا. لم تزل الائك تتكرر علينا على الدوام. ولا زالت الطافك تدفع عنا البلايا والاسقام. فكم قصدناك في حاجة فقضيتها؟ وكم فزعنا اليك في شدة فكشفتها؟ وكم لجأنا اليك في مهمة فسهلتها او يسرتها ها نحن واقفون بين يديك. رافعون اكف الضراعة والابتهال اليك. اللهم فارحم خضوعنا واقبل خشوعنا واجبر قلوبنا بنا اغفر زنوبنا وهللنا يا مولانا مطلوبنا. فهم في كرم الكريم طامعون. يرجون من ربهم ان يعطيهم فوق ما يأملون. ويعيد لهم من شرور انفسهم وسيئات ما كانوا يعملون. هذه حال ضيوف الله ووفوده. وقولهم في سيدهم ومضيفهم يرجون جوده. فلو ليتهم في تلك المواقف وقد خضعت منهم الرقاب. وعنت قلوبهم ووجوههم لرب الارباب. قد تنوعت مآربهم ومطالبهم هاينت غايتهم ومشاربهم. والله لا يتبرم بالحاح الملحين. ولا يبالي لكثرة اسئلة السائلين. لا يشغله سمع صوت مذنف عن صوت داع وراج لكرم الكريم. ولا تغلطه المسائل على كثرتها. ولا تكرثه الحوائج على عظمتها. قال سبحانه واذ اذا سألك عبادي عني فاني قريب. اجيب دعوة الداع اذا دعان. فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في فضل الصحابة. الحمد لله الذي فضل اصحاب رسوله محمد بالعلم والعمل وسائر الفضائل. وحماهم من مساوئ الاخلاق وموبقات الرذائل. احمده على كمال ونعوته وخيره الكثير. واثني عليه باحاطة علمه وسعة رحمته. وبديع حكمته في تفضيل والتشريع والتقدير. واشهد انه لا هو حقا المعبود صدقا فلا شريك له في ربوبيته ولا نديد له في الوهيته ولا سمي له ولا كفؤ ولا نظير. واشهد ان محمد محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه البررة الاتقياء النبلاء الاخيار. اما بعد ايها الناس تتقوا الله واطيعوه. واعرفوا قدر اصحاب نبيكم وما وصفهم الله به من المناقب. وعلو المراتب فان محبتهم واعتقاد ما اتاهم الله من الفضائل داخل في الايمان بالله ورسوله. فانهم الواسطة بين الامة وبين نبيها في نقل الشرع والدين. نقلوا الشريعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا. وبلغوها لكافة الامة تبليغا كاملا. ومقالا فصلا. وفتحوا القلوب بالعلم والايمان كما فتحوا البلاد بالسيوف والسنان. فوصل الخير باسبابهم لاول الامة واخرها. ونشروا الاسلام في مشارق الارض ومغاربها. وكانوا هم الغاية في العلوم النافعة والاخلاق العالية والاداب السامية والاعمال الصالحة وهم النهاية في البصيرة وحسن السياسة والاراء صائبة وقد وصفهم الله باكمل الصفات. فقال محمد رسول الله. والذين معه رحماء بينهم. تراهم ركعا سجدين يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة. ومثلهم في الانجيل كزبر اخرج شطأه فازره. فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه والزرعان يغيظ بهم الكفار. وعد الله الذين امنوا وعملوا فوصفهم بالشدة على الكافرين والرحمة للمؤمنين منين وذلك عنوان على كمال محبتهم وموافقتهم لرب العالمين. وانهم مع قيامهم بحق العباد فهم قائمون بحقوق الله في ظاهرة باقام الصلاة وفعل الخيرات. وباطنا بحسن النية وابتغاء الفضل من الله والرضوان والكرامات. وبالخضوع والخشوع الذي اثر في وجوههم بعد تأثيره في القلوب وانهم في التواد والتناصح والتآلف والاجتماع على دينهم والقيام به على غاية المطلوب. وقال صلى الله عليه وسلم مبينا كمال ايمانهم وصدق ايقانهم واخلاصهم ووفور فضلهم. لو انفق احدكم مثل توحد ذهب ما بلغ مدة احدهم ولا نصيفه. وكيف يبلغ الغير مبلغهم؟ وقد سبقوا الى كل خير وفازوا بصحبة الرسول شاهدوا المعجزات ومحكم التنزيل. وجاهدوا في الله حق جهاده. وكان الايمان في قلوبهم كالجبال الرواسي. ولهم من الفضائل والسوابق افاقوا به جميع الامم. دانيهم والقاصي ولهم من المنن على الناس ما يوجب عليهم محبتهم واعتقاد فضلهم ونشر محاسنهم والسكوت عما جرى بينهم. وان السابقين الاولين منهم افضل ممن بعدهم. وكل لو وعد الله الحسنى فيشهدون بالجنة لجميعهم خصوصا اهل بدر وبيعة الرضوان. واخص من ذلك العشرة الكرام وذوي الاحسان. وان زوجات نبيهم هات المؤمنين في الاحترام والمحبة. واعتقاد ما لهن من الفضل المبين. وانهن زوجات نبيهن في الدنيا والاخرة. ولهن المقامات العالية والفضائل الفاخرة. ويقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. ويقول سبحانه وما لكم الا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والارض لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل. اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا ومن بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى. والله بما تعملون خبير. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في صلة الرحم والاقارب. الحمد لله الذي جعل صلة الرحم منساءة في العمر مثرات في المال. ووصل الواصلين من بره وكرمه في الحال والمآل. وقطع القاطعين في اعمارهم وارزاقهم. وانما الجزاء من جنس الاعمال. فسبحان من جعل عباده متفاوتين في الاخلاق والفعال. متباينين في البر والصلة وفي جميع الخلال. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الكبير المتعال. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. سيد الرسل وافضل العالمين في صفات الكمال. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه خير صحب واشرف ال وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم. واطيعوا ذا امركم. وصلوا رحمكم تدخلوا جنة ربكم. واعلموا ان للاقارب حقوق اتفاقا لازمة على المتقين. وان القيام بها من اعظم ما يقربكم الى رب العالمين. وكلما اشتد القرب وزاد الاتصال. صار الحق اكبر الثواب بالقيام به افضل عند الكريم ذي الجلال. اما علمتم ان الله كرر الامر عليكم بالاحسان الى الاقارب رحمة من الله. وان القاطع بعيد حاله زبيبتان يطوقه يوم القيامة. ثم يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه. ثم يقول انا مالك انا كنزك. وما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها الا اذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فاحمي عليها في نار جهنم من الرحمة ملعون في كتاب الله. وانه لا يدخل الجنة قاطع رحم. فمن قطعها قطعه الله. اما علمتم ان الصلة بركة في الاعمال الارزاق والاموال وفسحة في الاجال. موجبة لمحبة الاهل والال. وانه لا يتم ايمان عابد الا بصلة ارحامه واقاربه. وان فاصلة قد فاز من ربه بفضله وثوابه فطوبى للواصلين برضا الله وكرمه ونواله وما احقهم بعلو الدرجات ونيل الكرامات في عاجل الامر ومآله. ايها الواصل هنيئا لك. ايها القاطع بعدا لك. ايها الواصل هنيئا لك بطاعة الله ورسوله فوزك بثواب ربك ورضوانه وادراك مأموله. ايها القاطع خيبة لك بمعصية الله ورسوله. والوزر الثقيل. وما اخسر صفقتك بحقد الخير الجزيل تصل الصديق وتقطع القريب. وتدني البعيد وتقصي النسيب. فلا القريب حصل على برك في المقال والافعال. ولا الصديق على ثقة في بقاء الصحبة وحسن الاتصال. فابعد الله اخلاقا بهذه المثابة ولا بارك في اموال واحوال قد حرمت منها القرابة السعيد من مقت القطيعة والعقوق. والزم نفسه بالقيام بجميع الحقوق. فاصبح سالما في دينه مرضيا في اخلاقه وادابه. محبوب في اهله وارحامه وانسابه. قال سبحانه واتي ذا القربى حقه والمسكين وبنى السبيل. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الاحسان الى البهائم. الحمد لله الذي كتب الاحسان على كل شيء شيء من المخلوقات وحرم الاضرار والاساءة بالادميين والحيوانات. المجازي بالاحسان احسانا وبالاساءة عقوبة وهوانا اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. ايمانا به وتسليما وايقانا وطاعة لامره وانقيادا لشرعه واذعانا. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله اكمل الخلق خلقا واعظمهم رحمة وشفقة واحسانا. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه الذين كانوا للحق حق انصارا واعوانا وعلى الاخوة الدينية والشفقة الايمانية اخوانا. اما بعد ايها الناس واتقوا الله الذي تساءلون والارحام. ان الله كان عليكم رقيبا. واتقوا ظلم البهائم وما ملكت ايمانكم. ان الله كان عليكم حسيبا فالراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء. الله الله عباد الله فيما ملكت ايمانكم مما سخر لكم من بهيم قيمة الانعام فانها وصايا وامانات في اعناقكم. فلابد ان يسألكم عنها الملك العلام. فان انتم قمتم بكفايتها ورعيتم حق رعايتها ولاحظتموها بالاعلاف والاكرام. اثابكم مولانا بالاجر الكثير. وبارك لكم في كدها واتم عليكم الانعام وان انتم اجعتموها وحملتموها فوق طاقتها. ولم تراعوا فيها العهد والذمام فان لها ربا سيأخذ لها حقها. وما للعباد بظلام. الا فاتقوا ظلمها فان الظالم لها يعاقب بالضر والمحق. وتنزع منه البركة وتعسر احواله ويضيق عليه الرزق. اما رأيتم من اكرم بهائمه وخاف الله فيها كيف اكرمه الله بالخير ونماه وصب عليه الرزق واصلح له دينه ودنياه اما تشاهدون الظالمين لبهائمهم في شقاء في معيشتهم وضنك في احوالهم وتعسر في امورهم وما ادخر لهم من العقوبة اعظم وما فاتهم من الخير اكثر فانه من لا يرحم لا يرحم. فرحم الله عبدا عرف نعمة الله في تسخيرها لمصالحه. فاكرمها ولم يهنها ولم يحملها فوق ما تطيق ولم يجعها ولم يلعنها. ويا خيبة من كفر نعمة الله بها فاجاعها وشتمها واذاها. اما علمتم ان ذلك ظلم متضاعف. ولعنة يعود عليه شقاها. فالله قد سخرها لحملك وحمل اثقالك. واخراج ماءك وقضاء مآربك واشغالك وتفضل بها عليك للكد عليك وعلى عيالك. ثم انت مع ذلك تكفر هذه النعمة بقلة الشكر والاهانة لها. والتجويع والتعذيب. فمن قام على هذه الحال فليبشر بالخيبة والخسار والتدبيب. فقد عذبت في النار امرأة في هرة حبستها واجاعتها عذابا شديدا فكيف حال من جوع هذه البهائم التي اكد الشرع حقها عليكم تأكيدا. قال سبحانه للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير. ولنعم دار المتقين. بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات الذكر الحكيم خطبة في معنى الكيس. الحمدلله الذي فاوت بين عباده في النقص والكمال. ويسر من اراد به خيرا لاحسن سارع الى الخيرات فادرك المغانم. بادر السعي لنيل مطالبها النفيسة. لا تجد المتقي الا مشتغلا بفرائض الله عما يكرهه الله. قد كف بطنه وفرجه عن الحرام. وصان لسانه عن اللغو والشتم وجميع الاثام. ان وقع في الاخلاق والاقوال والاعمال. وخذل المعرضين عن ذكره فارتكسوا ووقعوا في اسوأ الاحوال. فسبحان من له الحكمة في اقضيته. بحيث جرت اقداره على اكمل نظام واحسن موقع ومنوال. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو العظمة والكبرياء والجلال. من له الاسماء الحسنى الحسنى والصفات العليا ونعوت الجلال والجمال. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل الرسل في جميع الصفات والخلال. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه والتابعين لهم في العقائد والاقوال والافعال وسلم تسليما. اما بعد يا ايها الذين امنوا اتقوا الله تنظر نفس ما قدمت لغد. واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون. فحسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم وقابلوا بين صالحها وسيئها. قبل ان توزنوا فان الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني. فمن حاسب نفسه واجتهد في ازالة ما فيه من الاخلاق الرذيلة وجاهدها للتحلي بالاخلاق الجميلة فقط قام بحقوق ربه جاهدا مجتهدا. وسلك سبيل الهدى وكان في سبيله مقتصدا تائبا من ذنوبه معترفا بعيوبه راجيا من ربه قبل اولى توبته وادراك مطلوبه ساعيا في بر والديه وصلة ارحامه والقيام بحق معلميه قائما بحق جيرانه واخوانه ومعامليه متحريا الصدق والبر والاحسان لا يزال لسانه رطبا من ذكر الملك الديان. سليم القلب من الرياء والكبر والحسد والحقد والهوى. حافظا للسانه من الغيبة والنميمة والكذب والفحش والزور والبذاء. مخلصا في اعماله لا يريد بها سوى ثواب ربه ورضاه. محسنا في اتباعه نبيه مقتديا بسنته وهداه فهذا هو الكيس الذي ادرك الفوز واغتنم الفلاح. والعاجز من اخلد الى الكسل او البطالة واتباع الشهوات ففاتته المتاجر والارباح فهذا احمق جاهل تمنى على الله الفوز بالجنات. وهو قد اعطى نفسه هواها وترك الاعمال الصالحات ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات. فذاك حياته حياة خير وسرور. وفي قبره قد افترش ديباجة والتحف بالنور وفي حشره قد سبق واخذ الى الرب الغفور. وحين وصوله الى تلك المساكن الطيبة الانيقة والديار تتلقاهم الملائكة من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقب الدار. والاخرون حياتهم حياة هم وغم وكسل وشقاء. وموتهم حزن وهلاك وردى. ومقامهم في اضيق مكان وعذاب سرمدا. فما ابعد الفرق بين الفريقين. وما اشد التباين بين طريقين لا يستوي اصحاب النار واصحاب الجنة. اصحاب الجنة هم الفائزون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحض على الزكاة. الحمد لله الذي جعل الزكاة احد اركان الاسلام. ووعد ان اخرجها كاملة موفرة خالصة. الخلف العاجل والنعيم المقيم في دار السلام. واوعد من منعها او منع بعضها بعقوبة الدنيا والاخرة والعذاب الاليم في دار الالام. فهو الذي انعم على عباده بالاموال الجزيلة وفرض عليهم فيها زكاة منمية للاموال اخلاقي الجميلة مطهرة من الاخلاق الرذيلة اعطاهم الشيء الكثير. وطلب منهم لانفسهم الشيء اليسير. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. واشهد ان محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه الذين بذلوا جهدهم في طاعة الملك الكبير وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان اكاة من افرد الفرائض واوجب الواجبات. وانها مقرونة في عدة ايات مع الصلاة. فكما ان من لا يصلي او يصلي صلاة ناقصة فقد قلب الاسلام والدين. فمن لا يزكي او يزكي بعض ما له دون بعض. فقد استحق العذاب المهين. فقد قال تعالى في حق المانعين ولا يحسبن ان الذين يبخلون بما اتاهم الله من فضله هو خيرا لهم. بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة وقال سبحانه والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله. فبشرهم بعذاب اليم. يوم يحمل ما عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون. وقال صلى الله عليه وسلم من اتاه الله مالا فلم يؤدي زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا اقرع بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت اعيدت في يوم كان مقداره خمسين الف سنة. وما خالطت الزكاة مالا قط الا اهلكته. فاتقوا الله عباد الله وادوا زكاة اموالكم كاملة موفرة. فقد اعطاكم ربكم الخير الكثير. وطلب منكم اخراج الشيء اليسير وهو العشر او نصف العشر من الثمار او ربع العشر من الذهب والفضة والاموال المعدة للربح والاتجار. فمن اداها محتسب اذا تم ايمانه ونمى ماله وزكت اخلاقه وحصل له الفوز بدار القرار. ومن بخل بها فقد كفر بنعمة الله وباء بسخط من الله اه ومأواه جهنم وبئس القرار. اذا منعت زكاة مالك فاين اسلامك؟ واذا بخلت بما اعطاك الله احاطت بك خطاياك واثامك نتابع عليك مولاك النعم وانت تبارزه بالعظائم وتشتكي ممن منعك حقك وانت في الحقيقة المسرف الظالم واحتسبوا رحمكم الله الله اخراجها سواء اخرجتموها بانفسكم او اخذها منكم الولاة. ومن كانت عنده اموال متنوعة قد اعدها للبيع والشراء. فعليه اذا حال الحول الا يستقصي في تقويمها. ولا يعتبر ما اشتراها به. بل ينظر الى قيمتها وقت اخراجه الزكاة. ومن كانت له ديون عند او مضاربات فعليه ان يخرج عن اصلها ومكسبها وفائدتها. فان جهل مقدار ما كسبت فعليه ان يحتاط حتى يعلم براءة ذمته وذلك ولله الحمد على ما اعطاك ربك شيء يسير. وما في ذلك من الاجر والثواب والثمرات النافعة خير كثير. من الله علي اليكم بالقيام بشعائر الدين. هدانا لسلوك مسالك اهل الصبر واليقين. واجارنا بكرمه من العذاب المهين. قال سبحانه يا ايها والذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الارض. بارك الله لي ولكم في القرآن عظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على تربية الاولاد. الحمد لله الذي وهب لعباده من اصناف في نعمه خيرا كثيرا واقر اعينهم بالاولاد الذكور والاناث لينالوا فوائد كثيرة وبرا غزيرا. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وكفى بربك هاديا ونصيرا. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله الى الناس كافة بشيرا ونذيرا. وداعيا الى والله باذنه وسراجا منيرا. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الناس اتقوا الله لعلكم ترحمون واطيعوا الله ورسوله لعلكم تفلحون. واشكروه على انعامه بالقيام بحقها. وراعوها حق رعايتها. لان لا تزول عنكم النعم زوال بركتها وبمحقها. الا وان من اجل نعمه عليكم ان وهب لكم الاولاد فاحسنوا تربيتهم ليكونوا قرة عين لكم في الدنيا يقوم الاشهاد فعلموهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم. وغذوا ارواحهم بالاخلاق الفاضلة. فبذلك يحصل خيرهم ويزول شقاهم بالصلاة وعلموهم كيفيتها بالرفق واللين. والزموهم كل ما يستطيعون من شرائع الدين. وعودوهم الصدق والبر والاحسان مكارم الاخلاق وكفوهم عن المفاسد والاقوال السيئة ومعاشرة الفساق. فالموفق لا يزال مع اولاده في حث على الخير وترهيب وزاجر عن الشر وترهيب وتربية عالية وتأديب. حتى يرى من فلاحهم ما تقر به عينه في الحياة. وبعد الممات وفي المشهد ايها المغيب، اتحسب ان تربية الاولاد خاص بتربية الاجسام بالطعام والشراب. انما التربية النافعة تربية القلوب على ما يحبه المالك الوهاب ايها الاباء الكرام اذا اردتم صلاح اولادكم في حاضرهم ومستقبلهم فاياكم والشدة عليهم والضغط على اراداتهم وافكارهم كارهم فان الشدة تميت الافكار وتحدث الخلل في العقل والهمة. ربما ادت الى الانفجار والعقوق الضار. فما اولاكم ان تعودوا اولادكم المشاورة والمشاركة في الاراء النافعة. حتى يصلوا الى الاستقلال. وما احقكم باطلاق ارادتهم في تدبيرهم لبعض الشؤون والاحوال وانتم في ذلك تراقبون اعمالهم وترشدونهم الى الصواب واخلاق الاخيار وتشجعونهم اذا سلكوا الطرق النافعة وتركوا المضار ايها الاباء الموفقون اليس من اكبر نعم الله عليكم ان تروا اولادكم بحسن تربيتكم. قد احسنوا ادارة دينهم ودنياهم فصاروا من الاخيار اليست هذه التربية خيرا لهم وانفع من المال والعقار والانصار. اليس الاولاد الذين بلغوا بالتربية الصالحة كمال الاحوال قد اقرت اعين والديهم بهم واكتسبوا السرور في الحال والمآل. اليس الواحد من هذا الصنف يفوق من غيره العدد الكثير؟ فهنيئا لمن لاحظ بالحكمة وسلوك الطرق النافعة في رفعتهم مع الرفق والتيسير. ويا ويح من اهمل اولاده او شدد في امرهم فافضى بهم الى الخسائر والتغيير فصار سروره فيهم حزنا. وربحه خسرانا. وانقلب ما يؤمله من صفائهم وما يرجي من نفعهم غما كدرا وعدوانا انا يسعى المسكين في تنمية غرسه وزرعه وامواله. وهو مفرط في تنمية فلذة كبده. وجوهر روحه محل نفسه وموضع ثقته واماله لبئس ما قدم لنفسه من ثمرات سعيه ونتائج اعماله. قال سبحانه يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة خطبة في بعض جزاء المحسنين والمسيئين. الحمد لله الذي بحكمته وحمده قامت الارض والسماوات وبرحمته وجوده شمل جميع المخلوقات. وبواسع فضله وتمام عدله جاز المحسنين باحسانهم والمسيئين باساءتهم وعصيانهم. وبتدقيق لطفه واحاطة علمه. علم ما احتوت عليه سرائر الصدور. واطلع على الخفايا خبايا وما في باطن الارض من حيوان وحبوب وبذور. واليه المنتهى في الخلق والرزق والتدبير وجميع تصاريف الامور. واشهد قال لا اله الا الله وحده لا شريك له في حكمه وحكمته واحكامه. ولا نديد له في ربوبيته والهيته ونقده وابرامه ان محمدا عبده ورسوله ارسله رحمة للعالمين. وبشيرا للمتقين ونذيرا للمجرمين. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا لا يظلمون. انظروا ما قدمتم ليوم لا تجزي نفس عن نفس شيئا. ولا تجزون الا ما كنتم تعملون. يوم الحاقة والقارئ والواقعة يوم الراجفة والزلازل المتتابعة تذهل فيها المراضع عما ارضعت وتجزى النفوس بما كسبت. يوم تنسف فيه الجبال قال وتكع فيه الرجال وتؤخذ الكتب بالايمان والشمال. وتترادف فيه قلاقل الاهوال. وتشهد فيه الجوارح والاوصال ويصير الباطن ظاهر والسر علانية. والمستور مكشوفا والمجهول معروفا. يوم يحصل فيهما في الصدور. ويبعثر ويخرج اخرج ما في القبور وتجري احكام الرب هناك على القصور والنيات. كما جرت احكامه في هذه الدار على ظواهر الاقوال والحركات يوم تبيض فيه وجوه اهل السنة والجماعة. وتسود وجوه اهل البدعة والفرقة والاضاعة. فابيضوا وجوه الطائعين وتسود وجوه العاصين جيرمين تبيض وجوه اهل الايمان والاخلاص والتوحيد. وتسود وجوه اهل الشرك والرياء والنفاق والتنديد. يوم تبيض وجوههم بما في قلوب ابهى من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله الصدق والانابة للكبير المتعال. وتسود وجوههم بما في قلوب اصحابها من الغل والحقد والخديعة والكاذب والمكر والاحتيال. تبيض وجوه المحافظين على الصلاة والزكاة. الحافظين لالسنتهم وفروجهم والجوارح تود وجوه المضيعين لفرائض الله. المنتهكين لاعراض عباد الله. اهل الغيبة والنميمة والاخلاق السيئة القباح. قال سبحانه اما الذين اسودت وجوههم ما كفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب فيما كنتم تكفرون. واما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة هم فيها خالدون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في مقارنة الاخيار. الحمدلله الذي وفق من اختارهم لمقارنة اهل الخير صلاح وانالهم باخلاقهم ومحبتهم الفوائد الكثيرة والارباح. وخذل المعرضين عن منافعهم وقيض لهم قرناء السوء فقط قادوهم الى الاعمال القباح. وصدوهم عن مكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال. وقد توهموا النجاح. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة مستمرة في الغدو والرواح. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الذي دل امته على كل خير وفلاح اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه الذين من الله عليهم بكمال التقى وحسن الخلق والسماح وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان. واستعينوا على تحقيق هذا الكمال بقرناء الخير والبعد عن قرناء السوء والعصيان. فقد قال صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. وقال صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح كحامل المسك. اما ان يحذيك اما ان يحذيك واما ان تجد منه رائحة طيبة. ومثل الجليس السوء كنافخ الكير ما يحرق ثيابك واما ان تجد منه رائحة خبيثة. الاوان افضل المكاسب واجل الفوائد اكتساب القرناء الاخيار. وان من اعظم المصائب وارذل المعايب مصاحبة الاراذل والاشرار. الاوان المرء يعتبر ويقاس بجليسه. ويكون صلاحه وفساده وكماله ونقصه بحسب قرينه وانيسه فاغتنموا رحمكم الله صحبة اهل الدين والرأي والمروءات. الذين ينزهون نفوسهم عن النقائص والدنيات. فان تتربى باقوالهم وافعالهم. وان الكمال ينمو بالاقتداء بهم في محاسن اعمالهم. فان لم تجدوا من استوعب صفات الكمال فعليكم امثل فالامثل من الرجال. فان القرين الصالح يعلمك اذا جهلت ويذكرك مصالحك اذا نسيت. ويسليك اذا اصابتك المصائب يقويك ويثبتك عند المخاوف والنوائب. ويحضك على الخير بحسب قدرته واستطاعته. ويأمرك بامتثال امر الله وطاعته ويحثك على بر للوالدين وصلة الارحام. وعلى الاحسان الى جارك والشفقة على الفقراء والمساكين والايتام. ويبدي لك النصح في جميع الامور. ويهديك رشاد ويدلك باقواله وافعاله واخلاقه على طرق الصلاح. ويذودك عن الفساد ويحفظك في حضرتك ومغيبك ويدعو لك في حياتك وبعد دفنك وتغيبك. ففي مقارنة هؤلاء فليتنافس المتنافسون. ولفوائد صحبتهم وثمرات اخلاقهم. فليجتهد العاملون الاوان في القرين السوء فساد الدين والاخلاق والاداب. وفي صحبته الخسارة والنقص والتباب. يزهد قرينه في كل كل خلق جميل ويدعوه الى كل خلق رذيل. ان رآك مريدا للخير ثبتك ونهاك. وان عرض لك سوء ساعده عليك وارداك وان نهضت الى خير ومكرمة اقعدك. وان بعدت عن شر حاولك اليه وقربك. فانت منه في كل وقت في انحطاطك وهوان ومالك الى الضر والشر والخسران. قال سبحانه الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على اداء الديون عنك وعن والديك. الحمد لله الذي من على من شاء من عباده فوفقهم للقيام بالواجبات وسلمهم من الشرور والتبعات والموبقات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. في جميع الكمالات. وان محمد عبده ورسوله اشرف المخلوقات. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه واتباعهم في الاقوال والافعال والاعتقادات وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله. واعلموا ان من اعظم خصال التقوى اداء ما عليكم من الحقوق اللازمة. والاجتهاد في تبرئة ذممكم بهمم حازمة. الاوان حقوق الخلق اثقل حمل يحمله الانسان. وان اشتغال الذمم بديونهم موجب العقوبة والهوان. فادوا ما عليكم ما دمتم متمكنين في مدة الامهال. قبل ان يكون استيفاء غرمائكم لحقوقهم من صالح الاعمال فيا حسرة المثقلين بديون الخلق ما اعظم خسارهم. ويا فضيحة من تعلقت به غرماءه في يوم تشكو فيه الخليقة بافتقارهم ويا ندامة من فرط في حياته فمات قبل وفائنا عليه من الديون. اما علم ان روحه معلقة بدينه في قبره فيا خسران صفقة المغبون. اما سمع بان مطل الغني ظلم؟ الظلم ظلمات يوم القيامة. اما علم ان كل وقت يمضي عليه فانه في ازدياد من الشر والهلاك والندامة. فمن اخذ اموال الناس يريد ادائها اداها الله عنه. ومن اخذها يريد اتلافها اتلفها الله. واعلموا رحمكم الله ان من ابر البر للوالدين ان توفوا دينهم على التمام. وان ذلك مقدم على كل شيء لعل الله ان يخفف عنكم وعنهم الذنوب والاثام. كيف ترضى لوالديك ان يصيرا بقبرهما في دينهما محبوسا حسين وانت مغتبط في حياتك مسرور قرير العين. كيف يقر للعاقل قرار ولم يفك من الاسر والديه؟ ام كيف توافق انسانيتها ولم يبذل لهما ما هو قادر عليه. يا عجبا له! اما تسببا في ايجادك وربياك صغيرا؟ اما بذل كل ما في وسعهما في الحنو عليك حتى صرت كبيرا. ثم بعد ذلك لا تسمح لنفسك بقضاء دينهما ولا تنقاد ربما كان معظم الدين الذي تحملاه في النفقة عليك وعلى العائلة والاولاد. اما علمت ان منبر والديه بره اولاده ورضي عنه مولاه ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الامانة ورعايتها. الحمد لله الذي عرض الامانة على المخلوق اوقات فنقصت وتكفل بحملها الانسان. فضعف اكثر الناس عن القيام بها. نداء الجهل والظلم والعدوان. ووفق في الالباب للقيام بها في السر والاعلان. فرقاهم بذلك الى اكمل حالة وارفع مكان. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والاحسان. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. افضل رسول بعث الى الانس والجان. اللهم صل على محمد وعلى اله اصحابه والتابعين لهم باحسان وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله ان كنتم مؤمنين. وحققوا ايمانكم بالقيام بالامانة ان كنتم انتم صادقين. اتدرون ما هي الامانة التي عرضها الله على الجبال والارض والسماوات؟ فابين ان يحملنها لما فيها من المشقات والتبعات وحملها الانسان متكفلا بما فيها من الحقوق والواجبات. هي تصديق الله ورسوله وطاعة الله ورسوله. والقيام بحقوق الله وحقوق العباد والجد والاستعداد بالاعمال الصالحة ليوم التناد. واعلموا انه كما يدخل في الامانة الفرائض والعبادات فانها تشمل القيام بحقوق الخلق. وكل المعاملات. فمن عامل الناس بالصدق والنصح وتوضيح الامور والبيان. فهو الامين السالم من الظلم والعدوان. ومن غشهم ومكر بهم وخادعهم فهو الخائن الذي يبوء بالخيبة وبالخسران. ومن كان متواليا على وقف او ومال يتيم فحفظه واصلحه ونماه. اصلح الله امر دينه ودنياه. ومن تولى قسمة او تقويما او شهادة او وساطة بين العباد تعادل في ذلك فاز بالثواب والخير والسداد. ومن حاب صديقا او قريبا واتبع هواه. فقد علمتم ما على الخائن في عاجل امره وعقباه. واعلموا ان الشركاء متى سلكوا طريق الصدق والامانة كان الله معهم بالعون والتسديد. ومتى خان احدهم صاحبه خرج الله من بينهما فحل بهم النقص والتنكيد. وان اتقان الاجير عمله من مراعاة الامانة. وان اتقان الاجير عمله من مراعاة الامانة وان من توانى او اهمل فهو الحري بوصف الخيانة. الاوان من الامانة حفظ المجالس والاسرار. فمن اذاع سر اخيه هو خائن هاتك للاستار. فاياك ان تستهين بسر ابداه لك من رآك اهلا لسره وثوقا بامانتك. فتفشيه لصديق او غيره فان ذلك عنوان على خيانتك. فاي عقل وادب لمن لم يحفظ ما استؤمن عليه. واي امانة لمن اذا بدا له طمع سارع اليه واي امانة لمن لم يؤمن على الاهل والمال. ومن لا يبالي بالحقوق الواجبة معتذرا بكاذب المقال. واي امانة لمن استنصحه اخاه اخوه فلم ينصح له. واي امانة لمن رأى الحق مع خصمه فالتوى عنه ولم ينقد له. واي امانة للغشاشين في البيع والشراء والصناعات لقد سقطوا على درجة الاعتبار والشرف ووقعوا في اقذر المهلكات. ايها الراضي لنفسه بسمات الخائنين. الزاهد سفه عن صفات الامناء المتقين. تالله لو كان لك عقل لزجرك عن سفاسف الامور ورذائلها. ولعلمت ان شرف الدنيا والاخرة مقرون بالامانة ورعايتها. وان الخائنين لهم موقف عند الله ترجف منه القلوب. ولهم مقامات فظيعة ملآنة بالاهوال والكروب. حين يعض الظالم على يديه اذا تبين له حقيقة ما كان عليه. قال سبحانه والذين هم لامانة وعهدهم راعون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على الاصلاح. الحمد لله الذي امر بالتعاون على الخيرات. ونهى عن التفرق والاختلاف والمشاحنات. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. فاطر الارض والسماوات. واشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الرسل واكمل المخلوقات. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه اولي الفضائل والكرامات وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله واصلحوا ذات بينكم. واطيعوا الله ورسوله او ان كنتم مؤمنين. وقوموا بالنصيحة بين عباد الله فان الله لا يضيع اجر المحسنين. قال تعالى لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما. وقال صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بافضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة اصلاح ذات البين. فان فساد ذات البين هي الحالقة. لا اقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. فرحم الله امرأ رأى بين اثنين عداوة فقام بتقريب بعض بعضهم الى بعض بالتآلف والاصلاح. ويا ويح من اغرى بين الناس فلقح العداوة وغذاها. بالتفريق بين المتصافيين وراح اما علمتم ان من اصلح بين الناس اصلح الله باله؟ ومن فرق بينهم فرق الله امره وشتت احواله. فطوبى لمن كان مفتاحا للخير من انطلاقا للشر وويل لمن كان مفتاحا للشر مغلاقا للخير. اما سمعتم بان النمام عليه العقوبة الشنيعة يوم البعث والنشور فانه ينقل الكلام بين الناس. فيحدث البغضاء ويوغر الصدور. يجيء النمام الى قلوب متآلفة متفقة فيفرقها والى صدقات وصلات بين الناس فيمزقها. قد انسلخ من اعمال اهل الصلاح المصلحين. ورضي لنفسه ان يكون من المفسدين الا وان المصلحين بين عباد الله لهم الرتب السامية. والمحل الاعلى. وقد حازوا الشرف والاجور الكثيرة ورضى المولى. يأتون الى المتباعدين فيقربونهم. والى الذين فرقتهم الاغراض الدنيئة فيؤلفون بين قلوبهم ويجمعونهم. فلله ضرهم ما افضل ما لهم وما ارفع مكانهم واكمل احوالهم. فكم حصل بسعيهم المشكور من خيرات وبركات؟ وكم اندفع بعملهم المبرور من شرور ومفاسد وافات. وكم طمعوا من ضغائن واحن؟ وكم اخمدوا باصلاحهم ولطفهم من شرور وفتن. فيا فوزهم بمكارم الاخلاق. ويا سعادتهم عند لقاء الملك الخلاق. ويا فلاحهم اذا اكرموا بجنات النعيم. ووقوا من عذاب الجحيم. فتمت لهم حينئذ العيشة الراضية في جنة عالية. قطوفها دانية. وقيل لهم كلوا واشربوا هنيئا بما اسلم نفتم في الايام الخالية. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في امراض القلوب وادويتها. الحمدلله الذي جعل لكل داء دواء ولكل سقام ومرض طبا وشفاء. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الواحد الاحد. الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا احد. واشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل الرسل والانبياء وامام الشفعاء والشهداء والاصفياء. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه الكرماء الاتقياء وسلم تسليما اما بعد ايها الناس اتقوا الله واعلموا ان اصل الخير صلاح القلوب وشفاؤها. حصول هدايتها وكمالها وزكاؤها. الا وان تمرض اعظم مما تمرض الابدان. فاجتهدوا في دوائها وتزكيتها. فانها موضع نظر المنان. فكيف تهملون السعي لادوية امراض قلوبكم وانتم لطبيب امراض الابدان تبذلون نفائس اموالكم. وعافية قلوبكم وسلامتها تثمر الفوائد الدينية اخروية وبها يحصل الفوز والسعادة الابدية. الا وان اصل امراض القلوب اما جهل وشكوك وشبهات. فدواء ذلك بالجد في العلوم نافعة في جميع الاوقات. فان الجهل اعظم الداء. والعلم يبرئه فتحصل العافية والشفاء. واما مرض شهوات يميل القلب بمرض ارضه الى محبة المعاصي وارتكاب المحارم. فدواء ذلك بتذكر ما على العاصين من العقوبات الصوارم. الاوان علامة هذا المرض ان يرى صاحبه ميالا الى ما يسخط علام الغيوب. وان دواء ذلك بالاستغفار والانابة والتوكل والاقلاع عن الذنوب. الا وان الكبر او الرياء من اعظم امراض القلوب المترامية الى الهلاك. وان دواء ذلك بالتواضع وخفض الجناح والسلامة من الاشراك. الاوان اجاب المرء بنفسه وتيهه لمن اعظم الامراض المهلكات. ودواء ذلك ان تعرف نفسك بالجهل التام والعجز والنقص وجميع فمن عرف ان اوله نطفة مذرة واخره جيفة قذرة. وهو بين ذلك يحمل العثرة كيف يزهى ويعجب كبر ومن عرف انه مملوك فقير في كل احواله كيف يطغى ويتجبر الا وان الحسد من اعظم الامراض المسرعة في احراق سنات فان الحاسد ساخط لنعم الله. محب للشر على عباد الله كاره للخيرات. الا وان دواء الحسد ان تمرن نفسك على نصح المؤمنين في كل احوالك. والا تبغي على المحسود لا باقوالك ولا بافعالك. الاوان من الامراض المهلكة الغل والحقد على المسلمين ولا دواء لذلك الا محبة الخير لهم في امور الدنيا والدين. خطبة في تيسير الجمع بين امور الدنيا والدنيا الحمد لله الذي بعث محمدا بصلاح الدارين. وجعله اماما وقدوة للعالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين واشهد ان محمدا عبده ورسوله الى الناس اجمعين. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه واتباعهم الى يوم الدين وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان الله تعالى خلقكم لمعرفته وعبادته. واسبغ عليكم النعم لتستعينوا بها على طاعته. وشرع لكم طريقا تدركون به مصالح دينكم ودنياكم. وتفوزون بجميع مطالبكم في اولاكم واخراكم. فقوموا بما امركم الله به بهمم صادقة ونيات صالحة. اتركوا المحرمات. ومن اقترف سوءا فليبادر الى الاستغفار والتوبة الماحية. الا وان غفلتكم عن مصالح انفسكم تفوت عليكم اوقاتا ثمينة نتائجها الحرمان والخسران. وان الحازم العاقل ينظم اوقاته فلا ينسى نصيبه من دنيا ولا من طاعة الملك الديان. فكثير منكم ولله الحمد يود الخير ولكن يفوت عليه الوقت سبهللا. ويحب ان يكون له طيب من الطاعات. ولكن تغلبه نفسه تثاقلا وكسلا. فلو ان احدكم اذا اصبح افتتح نهاره بقراءة وفهم وتدبر شيء من القرآن استعمل اوراد الصباح والمساء واكثر من ذكر ربه في السر والاعلان. وانتهز الفرصة في المبادرة الى المسجد في اول وقت الصلاة ففعل ما يسره الله له من صلاة وذكر وقراءة وانتظار للعبادات وجعل له وردا من صلاة الليل ولو قليلا في اي وقت من الاوقات لو ان احدكم عود نفسه ذلك لحصل خيرا كثيرا. ونال اجرا كبيرا. ومع هذا فهل ترى هذا العمل اخل بشيء من صالح دنياك وراحتك. او فوت عليك شيئا من اغراض معيشتك. وهل فقدت بهذا شيئا من مهم حاجتك؟ ام هذا الترتيب عون لك عليه هذه الامور ومغنم تنال به الارباح والاجور. فوازن رحمك الله بين هذا الامر الذي ترى نفسك قادرة عليه. وتراها ميسرة سيرة مقربة لك الى مولاك. مدنية اليه وبين تفويتها غفلة وكسلا عن المأمور. هل حصل لك بالتفويت زيادة انس وسرور وهل وفر لك حصول منفعة او دفع شيء من الشرور؟ لا والله لا يتم لمؤمن سرور في دنياه حتى يرى انه ادرك كحظا وافرا ونصيبا من طاعة مولاه. وانظر الى افراد موفقين رتبوا في الخير اوقاتهم. واخذوا نصيبا مباركا من طاعة الله ادركوا راحاتهم. فهل فاتهم مما يتنافس فيه الناس شيء؟ ام حصل لهم بهذا العمل كل شيء؟ فلم ينفرد الناس عنهم بغرض من راضي ولا لذة من اللذات. بل شاركوهم في جميع المصالح. وفاتوهم بنيل المكارم والقربات. يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله. ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون. خطبة في نعمة برفع الجراد. الحمدلله الذي وعد الراضين باقضيته اعظم الثواب. ووفى الصابرين على ما اصابهم اجرهم بغير حساب اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الكريم الوهاب ذو الحكمة البالغة والاسرار الساطعة. التي يفهمها حق الفهم اولوا الالباب الباب اشهد ان محمدا عبده ورسوله الذي انزل عليه افضل كتاب. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه واتباعهم من كل محسن اواب وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان الله يبتليكم بالمحن والمصائب. ليكفر خطاياكم وينبئكم على عنايته بكم في دفع ما يهمكم ويعنيكم. قال تعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين. الذين اذا اصابتهم مصيبة طيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من رب بهم ورحمة واولئك هم المهتدون. فقد سمعتم ما قص الله عليكم وانه لابد ان يبتليكم بشيء من هذا هذه الامور وبشر الصابرين بالخيرات والمغفرة والثواب والاجور. فتأملوا هذا الجند الضعيف من الجراد. كيف يرسله الله تتلف كثيرا من الثمار. ليعرف العباد ان الله ذو عزة وعظمة واقتدار. وان الخلق في غاية العجز وشدة الحاجة والافتقار ومع ذلك فمن قابل ما اصابه من النقص بالصبر ورجاء الاجر والاحتساب. وقال اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها اجره الله فيها واخلف له خيرا منها وهو الكريم الوهاب. فالخلق خلقه والملك ملكه له ما اخذ وله ما ابقى. وله ما صنع وله ما اعطى. فان كان قد ابتلى بنقص شيء من الثمار فقد ابقى لعباده كثيرا من الخيرات والنعم الغزار. فمن قام بوظيفة الصبر عند النوائب. كان ما اعطاه الله من الاجر افضل مما فاته من المطالب. ومن جدد عند كل مصيبة حمدا استرجاعا وصبرا. جدد الله له صلاة ورحمة وهداية وطمأنينة وبرا. ومن احدث جزعا وتسخطا على المقدور عفت مصيبته وازدادت فجيعته وفاته الخير والسرور. ثم احمدوا ربكم فان هذا الجند على كثرته لو سلط عليكم لما ابقى ومن زروعكم وثماركم باقية. ولكن الله سلم وخفف ولطف ولم تزل الطافه بعباده من الشرور واقية. فكل مصيبة دون ما مصيبة الدين مآلها الزوال. وما من محنة الا اذا قارنتها بما هو اعظم منها. رأيتها في صغر واضمحلال. فالعاقل الصبر والتسليم. ويرضى بتقدير العزيز العليم. ويعلم ان الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها. ويغضب الرحمن ويرضى الشيطان ويوهن النفس ويضعفها. ومن صبر على ما اصابه من قليل او كثير اقلعت عنه المصائب وهو كريم. ومن جزع وتضجر سلا سلوى البهائم وهو الاحمق اللئيم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات ذكري الحكيم خطبة في الزجر عن البخس والمعاملات المحرمة. الحمدلله الذي من على من شاء من عباده بالورع عن الحرام وخذل من شاء فتجرأ على الذنوب والاثام. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام. واشهد ان محمد عبده ورسوله سيد الانام. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه الكرام. وسلم تسليما. اما بعد. ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان اكرم الخلق عند الله اورعهم واتقاهم. وان من لا يبالي بالمكاسب المحرمة كان شرهم واشقاهم. قال تعالى وهو اصدق القائلين ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاقا لهم اولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. واخبر النبي صلى الله عليه وسلم واعلموا ان اكرم الخلق عند الله اورع ان من حلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان واوجب له النار وحرم عليه الجنة. فيا عجبا لمؤمن بالله واليوم الاخر يسمع هذه العقوبات العظيمة على من تجرأ على اهل لاموال المسلمين. وتوسل اليها بالايمان الفاجرة والخصومات الكاذبة. ثم يصر مستكبرا كان لم يسمعها. فبشرها هذا بالعقوبات المتتابعة. يبيع دينه الذي هو مادة السعادة الابدية بعرض يسير من الدنيا الدنية. يعامل الناس ثم اذا ظهر له طمع خانه ويحلف على نفي ما عليه من الحقوق الواجبة. ولا يراقب ربه ولا يراعي الامانة. يتجارى به الكلف اب والطمع حتى يخون في النقير والقطمير. ويطفف المكيال والميزان. ويبخس الناس اشياءهم بما يستطيعه ولو بالشيء اليسير اما علم ان المعاملات الجائرة اهلك الله بها قوم شعيب بعذاب يوم الظلة. وان من لم يتب منها فقد اوجب الله له غضبه وعقابه وحرم عليه الجنة ورماه بالقلة. اما علم ان الحرام يستدرج صاحبه؟ ثم في اخر امره يمحقه محقا. وان المكاسب الخبيثة مع ما علا صاحبها من الاثم. فان البركة تنزع عنها حقا وصدقا. فوالله ان المكاسب الطيبة ليصلح الله بها الاحوال وان الورع عن الحرام لهو خير للعبد في الحال والمآل. وان التاجر الصدوق يسعى في طاعة مولاه. ويعلم وانه لا خير له في مكاسب تمحق دنياه واخراه. قد وثق بوعد ربه انه قال ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وكفاية الله للعبد اقوى من كل سبب. قد اكتفى بحلال ربه عن حق حرامي وبالمكاسب الطيبة عن المكاسب الخبيثة الموجبة لعقوبته واثامه. قد انزل الله البركة في رزقه وكسبه. واحرز وحسن المعاملة والشرف وطمأنينة قلبه. يقول لا بارك الله في رزق يدخلني في معاملات غير نافعة. وكيف ارضى ذهاب ديني وشرفي وابواب الرزق الحلال واسعة. هذا قد جمع الله له خير الدارين. وسلم من الصفقة الخاسرة. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في التحذير عن فاحشة الزنا الحمد لله الذي حرم الفواحش الظاهرة والباطنة. واوجب لاصحابها عقوبات مستقبلة وعقوبات راهنة. واشهد ان لا اله الا الله الملك العظيم الرؤوف الرحيم. وان محمدا عبده ورسوله النبي الكريم. والامام المصطفى العظيم. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه ومن سلك سبيله على الصراط المستقيم وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا ربكم واحذروا ما يوجب سخطه وعقابه ودار الفواحش فانها تحرمكم خيره وثوابه. الا وان فاحشة الزنا تقسم الاعمار وتخرب الديار وتوجب المقت والدمار وتحل اهلها دار الشقاء والبوار. فاحشة تذهب بهاء الوجه بعد ذهاب الدين. وتنزله من الاخلاق الرذيلة الى اسفل سافلين. وتوجب له البعد من رحمة ارحم الراحمين. فاحشة تسود لها الوجوه والقلوب. ويبتلى صاحبها بالهموم والغموم والفقر والشدائد والكروب. وينزع عنه الايمان حين يزني حتى يقلع ويتوب. فاحشة من اكبر الاسباب لسوء خاتمة ومن اعظم الطرق للعقوبات المتراكمة. يضيق على صاحبها قبره حتى تختلف اضلاعه. وذلك بما قدمت يداه وللزناة والزواني في البرزخ تنانير من نار. ولهب يرفعهم ثم يخفضهم من اعلاه الى ادناه. يستغيثون من شدة فلا يغاثون. ويسألون تخفيف العذاب فلا يجابون. قد اشتدت عليهم المصائب والكربات وانساهم سوء العذاب ما اسلفوا من استمتاع والشهوات. فيا ويلهم ما اشد شقاهم. ويا مصيبتهم حين فاتهم الخير وحضر هلاكهم ورداهم ويا فضيحتهم بين الخلائق اذا اسودت وجوههم وشقوا. ويا ويلهم ماذا حصل لهم من الشر؟ وماذا لقوا؟ فيا من تلطخ بشيء من هذه القاذورات. تب الى ربك توبة نصوحا ما دمت في مدة الامكان. واحذر من الاقامة على ما يسخط المولى من الاصرار على العصيان. فنسألك اللهم ان تحفظنا وذرياتنا من الفواحش والذنوب. وان تغفر لنا كل ذنب وخطأ وحور وان تقيانا بلطفك من الشدائد والكروب. وان توصلنا الى كل مطلوب. قال سبحانه ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات الذكر الحكيم خطبة في فضل غرس النخل. الحمدلله الذي غرس شجرة الايمان والاخلاص في قلوب المتقين من العباد سقاها ونماها بالاعمال الصالحة المثمرة للخير والرشاد. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. ولا كفو ولا مضاد ان محمدا عبده ورسوله سيد الرسل وخلاصة العباد. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه احق الناس واولاهم بكل خير على الاستقامة والسداد. وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان طرق الخير كثيرة فابتدروها. وان بعض اعمالي تجمع مصالح الدارين لكثرة منافعها. فاغتنموها. فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ما من مسلم غرس غرسا او يزرع زرعا فيأكل منه انسان او طير او بهيمة الا كان له صدقة وما سرق منه له صدقة. وانما الشارع في غرس النخل والاشجار لما فيها من الخير والنعم الغزار. فانه يشترك في الانتفاع بها بنو ادم وسائر الحيوانات وترتزق بها الطيور والحشرات. وكثير من المخلوقات. ومن انتفع بشيء منها في حياة الانسان. وبعد مماته فهو خير واجر وحسنات. سواء حصل بقصده واختياره وهو افضل الحالات. او حصل بغير اختياره. وانه لا يؤجر على ذهابه في الاختلاف والسرقات. والنخلة شجرة مباركة لا يزال نفعها متجددا على الدوام. وهي فوائد في حال وجودها وفي حال تلفها ينتفع بجريدها وسعفها وليفها وحطبها مدى الايام. فاذا اثمرت تضاعف نفعها لجميع الانام. فاذا خرجت من اكمامها فانها لا تزال تتساقط فتأكلها الخشاش والدواب والانعام. واذا نضج ثمرها شرع الادميون في اكله بسرا زهوا ورطبا وتمرا. فيكون فاكهة وقوتا حاضرا ومدخرا. لطفا من الله وذخرا. فبيت لا تمر فيه اهله جياع ايت فيه التمر قد اطمئنوا الى فضل الله وانتفعوا به غاية الانتفاع. وكل عام تتكرر منها هذه المنافع الى ان تسقط فهي شجرة مباركة طيبة تؤتي اكلها كل حين باذن الولي الحميد. وهي من الامور التي تنفع صاحبها. ولماذا يأتي من قبله ولعامة المنتفعين. ومن غرسها محتسبا كان له اجرها. ابقاها او ورثها او كان من البائعين فان الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة. صانعه وبائعه وراميه. والله ذو الفضل العظيم. فان وقفها على بر وقربة فذلك الثواب المضاعف والاجر الجسيم. يتلاشى صاحبها تحت اطباق الثرى. وصحيفة حسناته في نمو وازدياد تنقطع اعمال المكلفين. وهي لا تنقطع لانها عين جارية من كرم رب العباد. فحقيق بشجرة هذا نفعها يتنافس فيها المتنافسون وان يحتسب الاجر والثواب في غرسها المحتسبون. فكم من طيور وحشرات تغذت بثمارها؟ وكم من انسان اقتال اتى بها على طول السنين وتكرارها. وكم ورثها انسان فارتفق بها ورثته الاغنياء والفقراء مددا طويلة. وكم وقفها محتسب فطاقت على الاعمال الجليلة. وكم ذي عمل ضئيل حبسها فصارت له ذخرا. نمت بها الاعمال. وانتفع بخيرها في الحال فقال الم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر خطبة في ايام جداد السمار. الحمد لله الذي اخرج لعباده الثمار اللذيذة الشهية من يابس الغصون. وفجر فلهم من ينابيع الارض الابار العزبة والانهار والعيون. ويسر لهم الارزاق والنعم لعلهم يشكرون. وامرهم ان يتحدثوا بنعمه الاء لعلهم يفلحون. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الذي اذا اراد شيئا قال له كن فيكون. وله الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الصادق المأمون. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه واتباعهم في كل حركة وسكون. وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله وتحدثوا بنعم الله. واذكروا الاء الله فان بنعمه والتحدث بها من اعظم ما يقرب الى الله. وقد امركم ان تنظروا بابصاركم وبصائركم الى ما تفضل به عليكم من النخل وقت اثمارها وايناعها. وان تشكروه على ما يسره من منافعها وخيرها وامتاعها. وان تعتبروا بهذا الطلع النضيد الذي جعله الله رزقا للعباد وما فيه من المنافع العاجلة والاجلة للحاضر والبادئ. وان الذي اخرج ثمارها من يابس الاشجار لابد ان يحيي الموتى يجازيهم باعمالهم وهو كامل القوة والاقتدار. اما ترون قنوانها دانية يتناولها الناس من غير مشقة ولا اكتراث عامة النفع للخلق وخصوصا الملاك والحراث اليست هذه النعم مما تضطركم الى شكر من تفضل بها على العباد. اليس من شكرها ان تؤتوا حقها وقت الجذاذ كما تؤتون حق الزروع يوم الحصاد. فمن لم يؤد زكاتها فما شكرها بل كفرها. ولم بارك له فيها ان صرفها او ابقاها او ادخرها. اما سمعتم باصحاب الجنة الذين اقسموا ليصرمنها مصبحين. وتواصوا بالا يطعموا منها الفقير ولا المسكين. ففجعهم الله باشجارهم وثمارهم فاتلفها. فاصبحوا نادمين. ان في قصتهم وقضيتهم لآيات للمعتبرين. وان من جذ ثماره وبنى امره على الشح وحرم منها المساكين. فانه سيحرم خير الدنيا والدين. وان من شكر نعمة الله فاعطى حقها وجاد منها على السائلين والمحتاجين. فان الله يدفع عنه الافات وينزل البركات ويعطيه اجر المحسنين. قال سبحانه فاخرجنا منه خضرا تخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من اعناب والزيتون والرمان تشابها متشابها وغير متشابه. انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه. ان في ذلك ايات لقوم يؤمنون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم خطبة في تقوى الله وبيان علاماتها. الحمدلله الذي احاط بكل شيء رحمة وعلما. واتقن ما صنعه وابدعه عما شرعه احسانا وحكما. تفرد بالكمال المطلق من كل الوجوه. فهو المحمود المقصود في جميع الحوائج. فكل مخلوق يأمله ويرجوه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. ولا مثل ولا نظير. وليس له كفو ولا ولد ولا صاحب هبة ولا وزير تبارك من عظمت صفاته وكثرت خيراته. وتعالى من عمت اهل السماوات والارض الائه وهباته اشهد ان محمدا عبده ورسوله الذي اصطفاه على العالمين وجعله اماما وسيدا للاولين والاخرين. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه واتباعه الى يوم الدين وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله فان تقوى الله وصية الله اه للاولين والاخرين. وبها الفوز والقرب من رب العالمين. الا وان التقوى ان تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو وان تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله. الاوان المتقي لما سكن قلبه خوف الله وخشيته ترك المحارم والمآثم. ولما رغب فيما عند الله سارع الى الخيرات فادرك المغانم. ولما رأى الدنيا سرعة تقلبها باهلها. لم يعلق قلبه بشهواتها الخسيسة. ولما علم ما في الاخرة من النعيم المقيم. ولما رغب فيما عند الله بادر الى التوبة منها. وان مالت نفسه الى المعاصي صرفها وصدف عنها. بارا بوالديه وصولا لارحامه منصفا في معاملته موفيا بعهده وذمامه. طريقته كظم الغيظ والعفو والاحسان. وخليقته حسن المعاشرة والقيام قاموا بحقوق كل انسان ان اصابته المصائب الفادحة صبر عليها صبر الكرام. وان نالته السراء والنعم لم يبطر واشتغل بشكري ذي الفضل والانعام. حشو قلبه الانابة التامة والنصح للعباد. نقي من الغل والحقد والكبر والاخلاق والفساد لسانه رطب من ذكر الله. واعضاءه بكل خير تنفعل وتنقاد. فيا متنكبا طريق التقوى. لابد ان تصبح من نادمين حتى تقول لو ان الله هداني لكنت من المتقين. ولو رجعت الى الدنيا لكنت من المحسنين. يا حسرتاه على كما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين. هيهات ذهبت اللذات وبقيت التبعات. وتقطعت قلوب العاصين من الفوائد وشدة الحسرات. فلا اعتذارهم مسموع ولا نافع. وليس لهم عمل منقذ ولا حميم شافع. قد حيل بينهم وبين ما مشتهون ولم يغن عنهم ما كانوا به يتمتعون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات الذكر الحكيم خطبة في حقوق الزوجية. الحمد لله الذي جعل اداء الحقوق سببا لصلاح الاحوال. وتوعد من اخل بواجبها بالعقوبة الشديدة والنكال. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. ذو العظمة والجلال. واشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الرسل كامل الخصال. اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه وللفضائل والافضال وعلى التابعين له باحسان بالعقائد والاقوال والافعال. وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان لكل واحد من الزوجين على الاخر حقوقه. من وفق للقيام بها فهو من المتقين. ومن اهملها وضيعها كان من الظالمين. فلزوجة على زوجها ان ينفق ويكسوا ويقوم بلازمها بحسب الحال. وان يحسن عشرتها ويتحمل هفوتها فانها ناقصة. فمن اين لها الكمال؟ فمن قصر في نفقة او عشرة فقد بخسها حقها. ومن عاملها بشراسة الاخلاق وبذائة اللسان فقد ظلمها وما انصفها عليك بالعدل بين الزوجات في النفقة والكسوة وكل ما تملك. فاما محبة القلب وما يتبعها فلا يكلف الله نفسا الا وسعها فمن لم يعدل بين زوجاته جاء يوم القيامة شقه مائل. والمقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن باحسانهم وعدلهم الشامل وعلى الزوجة ان تقدم طاعة زوجها بالمعروف على طاعة الابوين والقرابات. ولا يحل لها ان تمتنع او تتثاقل عما يجب عليها لزوجها في جميع الحالات. هل تعتقد ان قيامها بحقه هو افضل القربات. فقد قال صلى الله عليه وسلم لو كنت امرا احدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها من عظم حقه عليها. فللرجال عليهن درجات اليس لها ان تأذن في بيته ولا تخرج منه الا باذنه ورضاه. وعليها الاجتهاد في حفظ ما له. تدبير النفقة بالمعروف طالبة رضاه وان تشكر لزوجها احسانه وكده ومسعاه. فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله. وينبغي ينبغي ان يصبر عليها ولو كرهها. فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. فربما رزق منها ولدا صالحا او انقلبت الكراهة محبة. وكان الله على ذلك قديرا. اعلموا رحمكم الله ان ابغض الحلال الى الله الطلاق ففيه من المضار والنقصان. ولما يحدثه من تشتت شمل العائلة. وخراب الدور والاوطان. الا ان الجأت الضرورة اليه ولم يجد الزوج محلا للصبر يلجأ اليه. فقد ابيح له ان يفارقها بمعروف واحسان. فيطلقها لعدتها حلقة واحدة وهي طاهر بغير وقاع ولا غشيان. فمن طلقها وهي حائض او في طهر وطئ فيه ولم يثبت وقد عصى ربه واطاع الشيطان ووقع طلاقه وباء باثمها. ومن اوقع عليها ثلاث طلقات فقد اتخذ ايات الله سيندم حيث لا تنفعه الندامة. وسيضيق الله عليه اشد الضيق. فلا يلومن الا نفسه الامارة بالسوء اللوامة يا ايها الذين امنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها. ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن الى ان يأتينا بفاحشة مبينة. وعاشروهن بالمعروف. فان كرهتموهن عسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر حكيم خطبة في الاشارة الى هجرة النبي ووفاته. الحمدلله الذي من على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته. ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. اشهد ان لا اله لا اله الا الله وحده لا شريك له. الملك الحق المبين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. سيد المرسلين وامام المتقين. وقائد الغر المحجلين اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين. وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واذكروا نعمته عليكم بالنبي الكريم. وكيف تنقلت به الاحوال في طاعة الرب الكريم؟ فقد بعثه الله على رأس اربعين من عمره الشريف والارض قد ملئت من الكفر والشرك والاخلاق الرذيلة. فدعا الخلق الى توحيد الله والاحسان الى خلقه والى كل خصلة جميلة. فلقي من الناس خصوصا من قومه الاذى المبين. فقاومهم وصابرهم مصابرة اولي العزم من المرسلين. وصدع بامر الله لا يخشى احدا من العالمين. فاستجاب له عدة افراد من الموفقين. وتكالب على عداوته ورد دعوته كل جبار من المتكبرين. ومكروا به وارادوا قتله. فمكر الله الله له وهو خير الماكرين. فاختفى في الغار هو وصاحبه ثلاثا والله معهما. بالحفظ والنصر والتأييد. وهاجر الى المدينة رعاية الولي الحميد وسمع بهجرته من كان في المدينة من المؤمنين المهاجرين والانصار فكانوا يخرجون لتلقيه كل يوم حتى تعالى النهار فلما كان يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الاول اذا هم برسول الله قد رمقته منهم الابصار. فاحتفلوا اعظم سالم بقدومه فرحين مستبشرين. واطافوا به من جميع الجوانب محفين معظمين. ولطاعته وكمال الانقياد له مستجيبين وكل قبيلة من قبائل الانصار تعرض عليه النزول عندها. هلم يا رسول الله الى العدد والعدة وهو يقول دعوا الناقة فانها مأمورة بامر الولي الحميد. فبركت في موضع مسجده فازعجها واثارها. ثم التفتت يمينا وشمالا فرجعت الى مبركها الاول وقررت قرارها فاختط هناك مسجده الكريم وبناه. وعمل مع المسلمين في بنيانه راجيا رضا مولاه. ثم بنى مساكن زوجته في جوار مسجده. لتكون مسكنه ومثواه. فلم يزل الله يشرع له الشرائع حتى اكمل له الدين. واتم به النعمة على المؤمنين اختاره مولاه للالتحاق بالرفيق الاعلى من قربه وجواره. فمرض في غرة ربيع الاول وكان ثاني عشرة يوم هجرته وولادته ويوم وفاته. فانزعج المسلمون لهذه المصيبة الفادحة. وحق لهم الانزعاج. ورفع اهل الشرك والشر رؤوسهم واقبلت الفتن والشرور كالامواج. فثبت الله المسلمين بابي بكر الصديق وقواهم. فقاوموا المرتدين والمفسدين حتى دعبعوهم وانهكوا قواهم. وارجعوهم الى الاسلام وشرائعه. وادخلوهم من الباب الذي منه خرجوا. وقاموا مقام نبيهم في نصر دينه حتى سروا بقوة الاسلام وابتهجوا. والقوه الى من بعدهم غضا طريا سالما من البدع والاكدار. فعلينا ان نشكر الله على هذه النعم وعلى ما يسره من اسرار الاقدار الا تنصروه فقد نصره الله. اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين حين اذ هما في الغار. اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. فانزل الله سكينته عليه. وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا. والله عزيز حكيم. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة وعظية. الحمد لله الذي ايقظ قلوب المؤمنين في الوعظ والتذكير. وانالهم من كرمه واحسانه الفضل الكبير. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. البشير النذير والسراج المنير. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه للجد والتشمير وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى وتأملوا ما انتم فيه من الحياة الدنيا. كيف تصرمت اوقاتها وفنيت لذاتها. واضمحل نعيمها وشهواتها. وبقيت على العاصين والمفرطين تبعاتها وحسراتها. فبينما اهلها في غدارة عيشهم يتمتعون وفي انواع اللذات والشهوات يتنعمون. وفي غفلتهم وغيهم يعمهون. وفي سكرتهم يتخبطون. وعن اخرتهم وعمى امامهم معرضون اذ حلت بهم المثلات بغتة وهم لا يشعرون. وتوالت عليهم الفجائع فما اغنى عنهم ما كانوا يكسبون يتمنون الرجوع الى الدنيا وهيهات لهم الرجوع. ويودون ان يردوا ليتداركوا خللهم. وان لهم التوبة والنزول قد حيل بينهم وبين ما يشتهون. تراكمت عليهم كربات الموت. وفوات ما كانوا يحبون. وذهاب ما كانوا يجمعون فلو رأيتهم وقد بدلوا بالضنك والضيق بسعة فسيح الرحاب. قد تناولوا بعد حلاوة العز والشرف مرارة الهوان والعذاب وقد اغتبت الطائعون بالروح والريحان وجزيل الثواب. وانتم لابد ان تصيروا الى ما اليه صاروا. وتسيروا طوعا او كرها الى الطريق الذي فيه ساروا. فاستعدوا رحمكم الله بزاد ينفعكم في ذلك السفر المخيف المزعج. واعلموا انه لا يفيدكم مجرد تاني ولا يسعدكم العمل البهرج فلابد ان تسألوا ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا اجبتم المرسلين؟ فان كان جوابكم يا ربنا اننا لم نعبد سواك ولم نرجو نخشى وندعو الا اياك ولم نسلك سبيلا غير سبيلك. ولا اقتدينا وتأسينا باحد غير رسول فهنيئا لكم وبشراكم بالنجاة من العذاب. ويا فوزكم بجزيل الاجر والثواب. ان كان الجواب بغير الصواب منكم الامال وعميت عليكم الانباء وتقطعت بكم الاسباب. قال سبحانه يوم لا ينفع مال الا من اتى الله بقلب سليم. سليم من الشر والشك والشرك والشقاق. سليم من الغش والحقد ومساوئ الاخلاق. ممتلئ بالنصيحة للعباد. والانابة الى قال سبحانه ثم قدمت لغد. واتقوا الله. ان الله خبير بما لا تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم ان انفسهم اولئك هم الفاسقون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفع واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في الحث على تحقيق الايمان وتكميله. الحمدلله الذي جعل الايمان اس قائل واعلاها واكمل الخصال الحميدة واجلها وازكاها. به تزكوا الاحوال وبه تدرك الامال. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا لا شريك له. اقرارا بمعناها وتصديقا وانقيادا لمقتضاها. واخلاصا بها وايقانا وتحقيقا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله افضل داع الى الايمان واعلى مؤسس لقواعد الايقان. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه والتابعين لهم باحسان وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى. واعلموا ان اصل التقوى ان تتحققوا بحقوق الايمان. وان تقوموا بلوازمه التي بها الرحمن. فان للايمان عقائد لابد ان تعتقدوها. وله اعمالا ظاهرة وباطنة لا يتم لكم الايمان حتى تسلكوها تصدقوا رحمكم الله واعترفوا بكل ما اخبر الله به ورسوله اجمالا وتفصيلا. واستسلموا الى ربكم اخلاصا وانابة ومحبة وتعظيما وتبجيلا. وفوضوا اموركم جميعها اليه. وقوموا بشكره وذكره والتوكل عليه. فلن يذوق عبد طعم الايمان حتى يرضى به ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا. ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب مما سواهما. وان يحب المرء لا يحبه الا لله. وان يكره ان يرجع الى الكفر بعد ان انقذه الله منه. كما يكره ان يقذف في النار. المؤمن هو من تحقق بكمال اليقين وصدق الاخلاص. وصحة الطوية. ومن انبعثت نفسه بالاعمال الصالحة اخلاقي الفاضلة والاقوال المرضية. المؤمن من امتلأ قلبه من محبة الرسول فقدم قوله على كل احد. واتبعه واقتدى به ونصر ما جاء به ونصح لما شرعه فصار بذلك من انصاره واحبابه. المؤمن من احب للمؤمنين من الخير ما يحبه لنفسه وكره لهم من الشر ما يكرهه لنفسه. المؤمن من تواضع وخفض جناحه للمؤمنين. فجعل كبيرهم بمنزلة ابيه وصغيرهم بمنزلة والنظير بمرتبة اخيه. المؤمن من امنه الناس على دمائهم واعراضهم واحتمل ما يلقاه من اذيتهم وجفوتهم واعراضهم المؤمن الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده لصحة ايمانه وامانته. وسلموا من غشه وخديعته وخيانته. المؤمن هو التائب من الاثم والعصيان والفسوق. ومن هو مجتهد في بر القريب والجار والصاحب. قائم بالحقوق. ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا بالفاحش ولا بذيء اللسان. وليس المؤمن من لا يأمن جاره بوائقه. ولا يأمن من غائلته وغشه من عامله او رافقه. ليس فالمؤمن من تسخط اقدار الله بقلبه او فعله او لسانه. ولا شكر ربه على فضله وكرمه واحسانه. المؤمن من برئ من الكذب في الوعد والمخاصمة والفجور. معرض عن السباب واللغو وقول الزور. فطوبى لعبد صدق ايمانه بالقول والعمل. وويل لمن ادعى الايمان فخالف ظاهره باطنه. فخاب وانقطع منه الامل. انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم. واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا فادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. اولئك هم المؤمنون حقا اه لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في التذكير بنعم الله واثار الغيث. الحمدلله الذي بسط لعباده النعم الواسعة والخيرات. وادر عليهم الارزاق والاحسان والمبرات نحمده على ما له من كمال الاسماء وعظمة الصفات. ونشكره على ما تفضل به من الفضائل والفواضل والهبات. ونسأله ويوفقنا لشكر الائه. وان يعيذنا من شرور انفسنا ومن نقمه وبلائه. ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. في الوهيته وربوبيته ومجده وعظمته وبهائه ولا معين له في رزقه وتدبيره ومنعه وعطائه. ونشهد ان محمدا عبده ورسوله خير خلقه واشرف انبيائه. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه. وكل من احسن في اتباعه واقتفائه وسلم تسليما. اما بعد وبعد ايها الناس اتقوا الله تعالى فان تقوى الله خير مدخر وزاد. واشتغلوا بشكر نعمه فانه كلما شكر ابقى نعمه وبارك فيها وزاد فكم تفضل عليكم مولاكم بنعم سابغة واياد ومنن جسيمة متتابعة. الم يتفضل عليكم بالهداية للاسلام والايمان الم يؤتيكم جميعا النعم الدينية ويتمها عليكم بعافية الابدان. وسعة الارزاق والامن في الاوطان. الم يعطكم الاسماع الابصار والافئدة والعقول. الم يبين لكم طريق الخير وطريق الشر؟ ويؤتكم كل مأمول وسول. اما يسر لكم من اسباب الرزق كل طريق تتمكنون به من الكسب والاعتياش. اما نوع لكم المنافع الضرورية والكمالية. وزينكم بالرياش. اما انزل لكم من فضله مطرا وسحابا. فروى به اودية وسهولا وهضابا. اما اخرج لكم من الوان النباتات كل زوج كريم. فانتشرتم به راكعين بفضل ذي الفضل العظيم. متمتعين منتفعين بخيره العميم. ازال الله به عنكم النحوس والاقدار. وبلغكم المنى وانالكم الاوتار وراحت عليكم انعامكم تزداد سمنا قد امتدت منها الخواصر وامتلأت الدروع. وهانت مؤنة السقي على اهل النخيل والاشجار وقد انزل لعباده البركة في جميع الاصول والفروع. فكم لله من نعمة في هذا الغيث الغزير؟ وكم تعلق به كل مضطر وانتفع به الغني والفقير. فهذا يرعى ويرتع انعامه في رياض الربيع. وهذا يحش فيدخر لحاجته ويحلب ويبيع وهذا قد تيسر له مشتراه بعد العدم والفقدان. وهذا قد ملأ منازله علفا. مستعدا به لمستقبل الزمان. وهذا يتفرج ويبتهج على الازهار والرياض المعشبات. وهذا يطرب من فنون الاشكال والاغصان الناعمات. فيعتبر ويستدل بذكره على وحدانية مبدعها وما له من سوابغ الهبات والكرامات. ان الذي احياها بعد الهمود والدثور قادر على احياء ما في القبور للحساب والنشور ومن اياته انك ترى الارض خاشعة. فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت. ان الذي احياها لمحيي موتى انه على كل شيء قدير. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم خطبة في الحث على الصبر. الحمد لله الذي وعد الصابرين اجرهم بغير حساب. وجعل لهم العواقب الحميدة في هذه الدنيا ويوم المآاب واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. الرحيم التواب الكريم الودود الوهاب. واشهد ان محمدا عبده ورسوله الذي انزل عليه الحكمة وفصل الخطاب. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه صفوة الصفوة ولب الالباب وسلم تسليما اما بعد ايها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا ان الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجثمان. فمن لا صبر له فليس له يقين ولا ايمان وقد امر الله بالاستعانة بالصبر والصلاة على جميع الامور. واخبر ان الصابرين لهم الدرجات العالية والخير والاجور. فقال مخبرا عن اهل دار القرار والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقب الدار. فان سألتم عن حقيقة الصبر فانه حبس النفس والزامها ما يشق عليها ابتغاء وجه الله. وتمرينها على طاعة وترك المحارم وعلى الاقدار المؤلمة رضا بقدر الله. فمن عرف ما في طاعة الله من الخير والسعادة هان عليه الصبر والمداومة عليها وما من معصية الله من الضرر والشقاء. سهل عليه ارغام النفس والاقلاع عنها. ومن علم ان الله عزيز حكيم ان المصائب بتقدير الرؤوف الرحيم اذعن للرضا ورضي عنه الله وهدى الله قلبه للايمان والتسليم. فيا من انتابته الامراض وتنوعت عليه الاوصاب. اذكر ما جرى على ايوب وكيف اثنى الله عليه بالصبر وحصول الزلفى حيث قال انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب. ويا من فقد سمعه او اخذ الله عينيه. اما علمت ان الله لا يرضى بعوض سوى الجنة لمن صبر حين يؤخذ حبيبتيه. ويا من فجع باحبته وقرة عينه واولاده واقدامه. اما علمت ان من حمد واسترجع بنى الله له بيت الحمد في دار كرامته. وكان زيادة في ايمانه وثقلا في ميزانه. وان من مات له ثلاثة من الولد او اثنان او واحد فصبر واحتسب. كان له حجابا له من النار. ورفعه له في دار القرار. اما سمعت ان من صبر على الفقر والجوع والخوف. ونقص الاموال والانفس والثمرات. فان له البشارة بالهداية والرحمة من ربه. والثناء والصلوات امن اصيب بالام وجروح وامراض تعتري بدنه وتغشاه. اما سمعت قوله صلى الله عليه وسلم لا يصيب المؤمن من هم ولا لا غم ولا اذى. حتى الشوكة يشاكها الا كفر الله بها من خطاياه. عجبا لامر المؤمن. ان امره كله له خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك الا للمؤمن. فعليكم قم بالصبر على ما اصابكم والاحتساب. فان ذلك يخفف المصيبة ويجزل لكم عند ربكم الثواب. الا وان الجزع يزيد في المصيبة ويحبط الاجر ويوجب العقاب. فيا سعادة من رضي بالله ربا. فتمشى مع اقداره بطمأنينة قلب وسكون. وعلم ان الله ارحم بك من والديه فلجأ اليه وانزل به جميع الحوائج والشؤون. قال سبحانه ولنبلونكم بشيء من الخوف جوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين. الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة. واولئك هم المهتدون. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. خطبة في تربية البنات تربية نافعة. الحمد لله الرؤوف الرحيم. القوي العزيز الحكيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الفضل العظيم. واشهد ان محمدا عبده ورسوله النبي الكريم. اللهم صل على محمد وعلى اله واصحابه واتباعه على الصراط المستقيم وسلم تسليما. اما بعد ايها الناس اتقوا الله وقوموا بما استرعاكم مولاكم واحسنوا ولاية من تولونه يصلح لكم دنياكم واخراكم. فمن احسن الى عباد الله وقام بتقويم من تحت يده احسن الله اليه. ومن ربى غيره ورقاه في صفات الكمال اثابه مولاه وقربه اليه. قال صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته حتى قال والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها فحضوا رحمكم الله نساءكم على اصلاح ما تحت ايديهن من من الاولاد والبنات. وعلى القيام بحسن التربية حتى يقمن بما عليهن من الواجبات. فاول ذلك واولاه تعويدهن الجميلة والمحافظة على الصلاة وعلى حفظ الجوارح عن المحرمات وصيانة اللسان. والحث على الاقوال الطيبة والاكثار من ذكر الملك الديان وان يلزمنهن حسن تدبير البيوت والقيام بكل عمل شريف. وعلى تعليم الطبخ والخبز وخدمة البيت التنسي والتنظيف وعلى الخياطة وملاحظة الاولاد والصغار. وحثهن على التصافي والتآلف وفعل الاسباب التي تزيل الشحناء مقدار فان في ذلك شرفا ورفعة واجرا عند الملك الغفار. وذلك اصل صلاح الاسرة وعليه التأسيس والمدار يرتقين بهذه التعاليم الشريفة الى مراتب الكمال المجيدة. ويتعودن الاعمال النافعة المفيدة ويسلمن من مضار الكسل والبطالة التي تضر بالاجسام وتطفئ نور العقل وتمنع من الحزم وحسن الاهتمام. فمتى تربت الانثى على الاعمال البيتية واحسنت خدمته وبرعت في التدبير فاقت نظائرها ولو كن اجمل منها وصارت موضع الاعجاب والاستحسان والتقدير ونفعت وانتفعت في عاجل الامر وعقباه. وحصل لوليها بها غاية منيته ومناه. ومتى كانت الانثى كسلانة لا تحسن خدمة البيوت. ولا تقوم بشيء من الاعمال صارت مهينة ذليلة مهملة غاية الاهمال. يا عجبا لنا لو كان لاحدنا دابة لتعب في تعليمها وتقويمها. لينتفع بها اذا هو اقتناها. ويزداد ثمنها عند بيعها وشراها. ومع ذلك نهمل من تحت ايدينا من البنات والقرابات وندع ما نفعه عائد الينا في جميع الحالات. ونزعم ان اكرام الانثى توفيرها عن العمل وهو من اعظم الاهانات. وانما اكرام تمرينها على القيام بالشؤون والمهمات. فكم بين ان ترى انثاك خرقاء لا تحسن شيئا من الاعمال كسلانة لا تنفعك ان ابقيتها ولا تجملك وتنفع غيرك اذا خرجت من بيتك وزوجتها. وبين ان تراها قوية عارفة بالاعمال حازمة. قائمة بجميع ما يحتاج اليه فيه مستعدة ملازمة. قامت بامور البيت واغنتك عن القريب والبعيد. وان زوجتها جملتك وصرت مسرورا اطمئن الخاطر سالما من التنكيد. يتنافس الخطاب في الحصول على مثلها. ويتمنى كل عاقل ان له زوجة او بنتا على شكلها وما بين احدكم وبين ذلك الا الاجتهاد في التعليم والتقويم. واصل ذلك وتمامه توفيق العزيز العليم. قال سبحانه الذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما. قال الشيخ رحمه الله تم ما قصدنا جمعه من الخطب النافعة المحتوية على اهم المواضيع الجامعة للعقائد والاخلاق والاداب الدينية والدنيوية باوضح اسلوب وابين العبارات المناسبة للوقت. على يد كاتبها وجامعها الفقير الى الله. عبدالرحمن ابن ناصر بن عبدالله السعدي غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين. وصل اللهم على محمد وعلى اله واصحابه وسلم