المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم فلكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم يخبر تعالى ان الساعة وهي القيامة اقتربت وان اوانها وحان وقت مجيئها. ومع ذلك فهؤلاء المكذبون ما زالوا مكذبين بها غير مستعدين لنزولها. ويريهم الله من الايات العظيمة. الدالة على وقوعها ما يؤمن على مثله البشر فمن اعظم الايات الدالة على صحة ما جاء به محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم انه لما طلب منه المكذبون ان يريهم من خوارقه العادات ما يدل على صحة ما جاء به وصدقه. اشار صلى الله عليه وسلم الى القمر باذن الله تعالى. فانشق فلقتين فلقتنع على جبل ابي قبيس وفلقة على جبل قعيقعان. والمشركون وغيرهم يشاهدون هذه الاية الكبرى. الكائنة في العالم العلوي التي لا يقدر الخلق على التمويه بها والتخييل. فشاهدوا امرا ما رأوا مثله. بل ولم يسمعوا انه جرى لاحد من المرسلين قبله نظيره قهروا لذلك ولم يدخل الايمان في قلوبهم ولم يرد الله بهم خيرا. ففزعوا الى بهتهم وطغيانهم وقالوا سحرنا محمد ولكن علامة ذلك انكم تسألون من قدم اليكم من السفر فانه وان قدر على سحركم لا يقدر ان يسحر من ليس مشاهدا لكم فسألوا كل من قدم فاخبرهم بوقوع ذلك. فقالوا سحر مستمر. سحرنا محمد وسحر غيرنا. وهذا من البهتان الذي لا يروج الا على اسفه الخلق واضلهم عن الهدى والعقل. وهذا ليس انكارا منهم لهذه الاية وحدها. بل كل اية تأتيهم فانهم مستعدون لمقابلتها بالباطل والرد لها. ولهذا قال وان يروا اية يعرضوا وان يروا اية يعرضوا ولم يعد الضمير على انشقاق القمر. فلم يقل وان تروها بل قال وان يروا اية يعرضوا وليس قصدهم اتباع الحق والهدى. وانما قصدهم اتباع الهوى. ولهذا قال وكذبوا واتبعوا اهواءهم كقوله تعالى فان لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون اهواءهم فانه لو كان قصدهم اتباع الهدى لامنوا قطعا واتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم. لانه اراهم الله على يديه من البينات والبراهين والحجج القواطع. ما دل على جميع المطالب الالهية والمقاصد الشرعية وكل امر مستقر. اي الى الان لم يبلغ الامر غايته ومنتهاه. وسيصير الامر الى اخره المصدق يتقلب في جنات النعيم ومغفرة الله ورضوانه. والمكذب يتقلب في سخط الله وعذابه. خالدا مخلدا ابدا وقال تعالى مبينا انهم ليس لهم قصد صحيح ولا اتباع للهدى مزدجر. ولقد جاءهم من الانباء اي الاخبار السابقة واللاحقة معجزات الظاهرة ما فيه مزدجر. اي زاجر يزجرهم عن غيهم وضلالهم. وذلك حكمة منه تعالى بالغة بالغة فما تغني النذر. اي لتقوم حجته على المخالفين. ولا يبقى لاحد على الله حجة حجة بعد الرسل فما تغني النذر كقوله تعالى ولو جاءتهم كل اية لا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قد بان ان المكذبين لا حيلة في هداهم. فلم يبق الا الاعراض عنهم والتولي عنهم. فقال بهم يوما عظيما وهولا جسيما. وذلك حين يدعو الداع اسرافيل عليه السلام الى شيء نكر. اي الى امر فظيع تنكره الخليقة فلم ترى منظرا افظع ولا اوجع منه. فينفخ اسرافيل نفخة يخرج بها الاموات من قبورهم لموقف القيامة خش عن ابصارهم اي من الهول والفزع الذي وصل الى قلوبهم. فخضعت وذلت وخشعت لذلك ابصارهم يخرجون من الاجداث اي وهي القبور كانهم من كثرتهم وروجان بعضهم ببعض جراد منتشر اي مبثوث في الارض تكاثر جدا. يقول الكافرون هذا يوم عسير مهضعين الى الداع اي مسرعين لاجابة النداء الداعي. وهذا يدل على ان الداعي يدعوهم ويأمرهم بالحضور لموقف القيامة فيلبون دعوته ويسرعون الى اجابته. يقول الكافرون الذين قد حضر عذابهم هذا يوم عسر. كما قال تعالى على الكافرين غير يسير. مفهوم ذلك انه يسير سهل على المؤمنين وازدجر لما ذكر تبارك وتعالى حال المكذبين لرسوله. وان الايات لا تنفع فيهم ولا تجدي عليهم شيئا. انذرهم وخوفهم بعقوبات الامم الماضية المكذبة للرسل وكيف اهلكهم الله واحل بهم عقابه؟ فذكر قوم نوح اول رسول بعثه الله الى قوم يعبدون الاصنام نعم فدعاهم الى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له. فامتنعوا من ترك الشرك وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا. ولم يزل نوح يدعوهم الى الله ليلا ونهارا وسرا وجهارا. فلم يزدهم ذلك الا وطغيانا وقدحا في نبيهم. ولهذا قال هنا فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون. لزعمهم ان ما هم عليه واباؤهم من الشرك والضلال هو الذي يدل عليه العقل. وان ما جاء به نوح عليه الصلاة والسلام جهل وضلال. لا يصدر الا من المجانين. وكذبوا في وقلبوا الحقائق الثابتة شرعا وعقلا. فان ما جاء به هو الحق الثابت. الذي يرشد العقول النيرة المستقيمة. الى الهدى والنور والرشد وما هم عليه جهل وضلال مبين. وقوله وازدجر اي زجره قومه وعنفوه عندما دعاهم الى الله تعالى. فلم يكفهم قبحهم الله. عدم الايمان به ولا تكذيبهم اياه. حتى اوصلوا اليه من اذيتهم ما قدروا عليه. وهكذا جميع اعداء الرسل. هذه حالهم مع انبيائهم فعند ذلك دعا نوح ربه فقال اني مغلوب لا قدرة لي على الانتصار منهم. لانه لم يؤمن من قومه الا القليل النادر. ولا قدرة لهم على مقاومة قومهم فانتصر اللهم لي منهم. وقال في الاية الاخرى رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا. فاجاب الله سؤاله انتصر له من قومه قال تعالى اي كثير جدا متتابع وفجرنا الارض عيونا فجعلت السماء ينزل منها من الماء شيء للعادة وتفجرت الارض كلها حتى التنور الذي لم تجري العادة بوجود الماء فيه. فضلا عن كونه منبعا للماء. لانه موضع النار فالتقى الماء اي ماء السماء والارض على امر من الله له بذلك قد قدر. اي كتبه الله في الازل عقوبة لهؤلاء الظالمين الطاغين. ايوه ونجينا عبدنا نوحا على السفينة ذات الالواح والدسر. اي المسامير التي قد سمرت بها الواحها. وشد بها اسرها باعيننا جزاء لمن كان كفل. تجري باعيننا اي تجري بنوح ومن امن معه ومن حمله من اصناف المخلوقات برعاية من الله. وحفظ منه لها عن الغرق ونظر وكلاءة منه تعالى. وهو نعم حفظ الوكيل. اي فعلنا بنوح ما فعلنا من النجاة من الغرق عام جزاء له حيث كذبه قومه وكفروا به. فصبر على دعوتهم واستمر على امر الله. فلم يرده عنه راد ولا صد عنه صاد كما قال تعالى عنه في الاية الاخرى قيل يا نوح اهبط سلام منا وبركات عليك وعلى امم ممن معك ويحتمل ان المراد انا اهلكنا قوم نوح وفعلنا بهم ما فعلنا من العذاب والخزي. جزاء لهم على كفرهم وعنادهم. وهذا متوجه على قراءة من قرأها بفتح الكاف ايوة لقد تركنا قصة نوح مع قومه اية يتذكر بها المتذكرون على ان من عصى الرسل وعاندهم اهلكه الله بعقاب عام شديد او ان الضمير يعود الى السفينة وجنسها. وان اصل صنعتها تعليم من الله لعبده نوح عليه السلام. ثم ابقى الله وتعالى صنعتها وجنسها بين الناس ليدل ذلك على رحمته بخلقه وعنايته. وكمال قدرته وبديع صنعته اي فهل متذكر للايات ملق ذهنه وفكرته لما يأتيه منها فانها في غاية البيان واليسر فكيف كان عذابي ونذر. كيف رأيت ايها المخاطب عذاب الله الاليم؟ وانذاره الذي الذي لا يبقي لاحد عليه حجة. ايها ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم الفاظه للحفظ والاداء ومعانيه للفهم والعلم. لانه احسن الكلام لفظا واصدقه معنى وابينه تفسيرا. فكل من اقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير. وسهله عليه. والذكر شامل لكل ما يتذكر به به العالمون من الحلال والحرام واحكام الامر والنهي واحكام الجزاء والمواعظ والعبر والعقائد النافعة والاخبار الصادقة. ولهذا كان علم القرآن حفظا وتفسيرا اسهل العلوم واجلها على الاطلاق. وهو العلم النافع الذي اذا طلبه العبد اعين عليه. قال بعض السلف عند هذه الاية هل من طالب علم فيعان عليه؟ ولهذا يدعو الله عباده الى الاقبال عليه والتذكر بقوله فهل من مدكر كذبت عدو فكيف كان عذابي ونذر ما ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس وعاد هي القبيلة المعروفة باليمن ارسل الله اليهم هودا عليه السلام يدعوهم الى توحيد الله وعبادته فكذبوه فارسل الله عليهم صرصر اي شديدة جدا في يوم نحس اي شديد العذاب والشقاء عليهم مستمر عليهم سبع ليال وثمان ايام حسوما تنزع الناس من شدتها فترفعهم الى جو السماء ثم تدفعهم بالارض فتهلكهم فيصبحون انهم اعجاز نخل من قعر اي كأن جثثهم بعد هلاكهم مثل جذوع النخل الخاوي الذي اصابته الريح فسقط على الارض. فما اهون الخلق على الله اذا عصوا امره؟ فكيف كان عذابي كيف كان عذابي ونذره؟ كان والله العذاب الاليم والنذارة التي ما ابقت لاحد عليه حجة لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟ كرر تعالى ذلك رحمة بعباده وعناية بهم حيث دعاهم الى ما يصلح دنياهم واخراهم. اي كذب وهم القبيلة المعروفة المشهورة في ارض الحجر. نبيهم صالحا عليه السلام. حين دعاهم الى عبادة الله وحده لا شريك له. وانذرهم العقاب انهم خالفوه. فكذبوه واستكبروا عليه. وقالوا كبرا وتيها. فقالوا ابشرا منا واحدة ابشرا منا واحدا نتبعه اي كيف نتبع بشرا لا ملكا منا لا من غيرنا. ممن هو اكبر عند الناس منا. ومع ذلك فهو شخص واحد. انا اذا اي ان اتبعناه وهو بهذه الحال لفي ضلال وسعر. اي انا لضالون اشقياء وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم فانهم انفوا ان يتبعوا رسولا من البشر. ولم يأنفوا ان يكونوا عابدين للشجر والحجر والصور االقي الذكر عليه من بيننا؟ اي كيف يخصه الله من بيننا وينزل عليه الذكر؟ فاي مزية خصه من بيننا؟ وهذا اعتراض من المكذبين على الله لم يزالوا يدلون به. ويصولون ويجولون ويردون به دعوة الرسل. وقد اجاب الله عن هذه الشبهة بقول الرسل لاممهم قالت رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده. فالرسل من الله عليهم بصفات واخلاق وكمالات. بها صلحوا لرسالات ربهم والاختصاص بوحيه. ومن رحمته وحكمته ان كانوا من البشر فلو كانوا من الملائكة لم يمكن البشر ان يتلقوا عنهم. ولو جعلهم من الملائكة لعاجل الله المكذبين لهم بالعقاب العاجل المقصود بهذا الكلام الصادر من ثمود لنبيهم صالح تكذيبه. ولهذا حكموا عليه بهذا الحكم الجائر. فقالوا اي كثير الكذب والشر فقبحهم الله ما اسفه احلامهم واظلمهم واشدهم مقابلة للصادقين من الناصحين بالخطاب الشنيع لا جرى ما عاقبهم الله حين اشتد طغيانهم فارسل الله الناقة التي هي من اكبر النعم عليهم اية من ايات الله ونعمة من ضرعها ما يكفيهم اجمعين. فتنة لهم اي اختبارا منه لهم وامتحانا اي اصبر على دعوتك اياهم وارتقب ما يحل بهم او ارتقب هل يؤمنون او يكفرون قسمة بينهم كل شلب محتضر. اي اخبرهم ان الماء اي ولدهم الذي يستعذبونه قسمة بينهم وبين الناقة لها شرب يوم ولهم شرب يوم اخر معلوم. كل شرب محتضر ان انظره من كان قسمته ويحظر على من ليس بقسمة له. فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر. فنادوا صاحبهم الذي باشر عقرها الذي هو اشقى القبيلة فتعاطى اي ان قاد لما امروه به من عقرها فعقر كان اشد عذاب فكانوا كهشيم المحتضر. ارسل الله عليهم صيحة ورجفة اهلكتهم عن اخرهم. ونجى الله ومن امن معه نعمة من عندنا كذلك نجزي من ولقد انذرهم بطشتنا فتمارضوا بالنذر ولقد فذوقوا عذابي ونذر ولقد اي كذبت قوم لوط لوطا عليه السلام حين دعاهم الى عبادة الله وحده لا شريك له. ونهاهم عن الشرك والفاحشة التي ما سبقهم بها من احد من العالمين. فكذبوه واستمروا على شركه وقبائحهم حتى ان الملائكة الذين جاؤوه بصورة اضياف حين سمع بهم قوم لوط جاؤوهم مسرعين يريدون ايقاع الفاحشة فيهم لعنهم الله وقبحهم. وراودوه عنهم. فامر الله جبريل عليه السلام فطمس اعينهم بجناحه وانذرهم نبيهم الله وعقوبته قلب الله عليهم ديارهم وجعل اسفلها اعلاها. وتتبعهم بحجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك للمسرفين. ونجى الله لوطا واهلكه من الكرب العظيم. جزاء لهم على شكرهم لربهم. وعبادته وحده لا شريك له فاخذناهم اخذ عزيز مقتدر. اي ولقد جاء ال فرعون اي فرعون وقومه النذر فارسل الله اليهم موسى الكليم وايده بالايات الباهرات والمعجزات القاهرات. واشهدهم من العبر ما لم يشهد عليه احدا غيرهم فكذبوا بايات الله كلها فاخذهم اخذ عزيز مقتدر. فاغرقهم في اليم هو وجنوده. والمراد من ذكر هذه القصص تحذير الناس والمكذبين لمحمد صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال اكفاركم خير من اكفاركم خير من اولئك اي هؤلاء الذين كذبوا افضل الرسل خير من اولئك المكذبين. الذين ذكر الله هلاكهم وما جرى عليهم. فان كانوا منهم امكن ان ينجوا من العذاب ولم يصبهم ما اصاب اولئك الاشرار وليس الامر كذلك فانهم ان لم يكونوا شرا منهم ليسوا بخير منهم. اي ان اعطاكم الله عهدا ومثالا في الكتب التي انزلها على الانبياء. فتعتقدون حينئذ انكم الناجون باخبار الله ووعده. وهذا غير واقع بل غير ممكن عقلا وشرعا ان تكتب برائتهم في الكتب الالهية المتضمنة للعدل والحكمة. فليس من الحكمة نجاة امثال هؤلاء المعاندين لافضل الرسل واكرمهم على الله. فلم يبقى الا ان يكون بهم قوة ينتصرون بها. فاخبر تعالى انهم يقولون يقولون نحن جميعا منتصر. قال تعالى مبينا لضعفهم وانهم مهزومون سيهزم الجمع ويولون الدبر. فوقع كما اخبر هزم الله جمعهم الاكبر يوم بدر. وقتل من حديدهم وكبرائهم ما ذلوا به. ونصر الله دينه ونبيه وحزبه المؤمنين. ومع ذلك فلهم موعد يجمع به اولهم واخرهم ومن اصيب في هذه الدنيا منهم ومن متع بلذاته. ولهذا قال ادها وامر. بل الساعة موعدهم الذي يجازون به. ويؤخذ منهم الحق بالقسط. والساعة ادهى وامر اي اعظم واشق واكبر من كل ما يتوهم او يدور بالبال ان المجرمين اي الذين اكثروا من فعل الجرائم وهي الذنوب العظيمة من الشرك وغيره من المعاصي في ضلال وسعر. اي هم ضالون في الدنيا ضلال عن العلم. وضلال عن العمل. الذي ننجيهم من العذاب ويوم القيامة في العذاب الاليم. والنار التي تتسعر بهم وتشتعل في اجسامهم. حتى تبلغ افئدتهم يوم يسحبون في يوم يسحبون في النار على يوم يسحبون في النار على وجوههم التي هي اشرف ما بهم من الاعضاء والمها اشد يشد من الم غيرها فيهانون بذلك ويخزون. ويقال لهم اي ذوقوا الم النار واسفا وهذا شامل للمخلوقات عالم العلوية والسفلية ان الله تعالى وحده خلقها لا خالق لها سواه ولا مشارك له في خلقها وخلقها بقضاء سبق به في علمه وجرى به قلمه بوقتها ومقدارها وجميع ما اشتملت عليه من الاوصاف وذلك على الله يسير. فلهذا قال كلمح بالبصر. فاذا اراد شيء في ان قال له كن فيكون كما اراد كلمح البصر من غير ممانعة ولا صعوبة. ولقد اهلكنا ولقد اهلكنا اشياعكم من الامم السابقين الذين عملوا كما عملتم وكذبوا كما كذبتم. اي متذكر يعلم ان سنة الله في الاولين والاخرين واحدة. وان حكمته كما اقتضت اهلاك اولئك الاشرار. فان هؤلاء مثلهم. ولا فرق بين الفريقين وكل صغير وكبير مستقر. اي كل ما فعلوه من خير وشر مكتوب عليهم في الكتب القدرية. اي بطل مكتوب وهذا حقيقة القضاء والقدر ان جميع الاشياء كلها قد علمها الله تعالى وسطرها عنده في اللوح المحفوظ. فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فما اصاب الانسان لم يكن ليخطئه. وما اخطأه لم يكن ليصيبه ونهر. ان المتقين لله بفعل اوامره وترك نواهيه الذين اتقوا الشرك والكبائر والصغائر. اي في جنات النعيم التي فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. من الاشجار اليانعة والانهار الجارية والقصور الرفيعة والمنازل الانيقة والمآكل والمشارب اللذيذة والحور الحسان والروضات البهية في الجنان ورضوان الملك الديان فوزي بقربه ولهذا قال فلا تسأل بعد هذا عما يعطيهم ربهم من كرامته وجوده. ويمدهم به من احسانه ومنته. جعلنا الله منهم ولا حرم خير ما عنده بشر ما عندنا