بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولجميع المسلمين. نقول الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب فضل الزهد في الدنيا وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الدنيا في الاخرة الا مثل ما يجعل احدكم اصبعه في اليمه فلينظر بما ترجع رواه مسلم. وعن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كنفيه فمر بجدي اسك ميت فتناوله فاخذ باذنه ثم قال ايكم يحب ان هذا له بدرهم؟ فقالوا ما نحب انه لنا بشيء وما نصنع به. قال تحبون انه لكم؟ قالوا والله لو كان حيا كان عيبا انه فكيف وهو ميت؟ فقال فوالله لا الدنيا اهون على الله من هذا عليكم. رواه مسلم قوله كنفيه اي جانبيه والاشك الصغير الاذن. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما الدنيا في الاخرة او بالنسبة للاخرة الا مثل ما يجعل احدكم اصبعه في اليم فلينظر بما يرجع هذا تمثيل وتشبيه للرسول صلى الله عليه وسلم تشبيه له الحياة الدنيا بالنسبة للاخرة فقوله ما الدنيا يعني ما نعيمها وما زمانها. بالنسبة للاخرة الا مثل ان يضع احدكم اصبعه او في اليم يعني في البحر فينظر بما يرجع والحقيقة انه لا يرجع الا بشيء قليل. وهو ما لصق باصبعه بعد ان وضع اصبعه في هذا البحر فهذا الحديث يدل على بيان حقارة الدنيا وانها بالنسبة للاخرة لا شيء. فهي كما لو وضع الانسان اصبعه في اليم يعني في البحر فينظر ماذا يرجع. لا يرجع الا ما علق باصبعه. فهذا دليل على ان الدنيا مهما حصل فيها من النعيم ومن اللذة ومن ومن زخرف الحياة الدنيا فانها بالنسبة للاخرة لا شيء. فعلى الانسان ان يزهد فيها وان لا يركن اليها وان يحرص على الحياة الدائمة على الحياة الباقية وهي الحياة الاخرة اما الحديث الثاني حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بالسوق بجدي اسك ميت والجدي هو ولد المعز او الذكر من المعز واسك قيل مقطوع الاذنين وقيل صغير الاذنين. وهو ميت. فاخذه فتناوله النبي صلى الله عليه وسلم فرفع وقال لمن في السوق من على جانبيه ايكم يحب ان يكون هذا له بدرهم؟ فقالوا والله ما نحب ذلك يا رسول الله وما نصنع به لانه ميت لا ينتفع به فهو نجس ميت. فقال ايكم ايكم يحب ان يكون له هذا؟ يعني بلا شيء. فقالوا والله ما نحب ان يكون لنا هذا وكيف نصنع به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم فوالله ما الدنيا بالنسبة للاخرة الا مثل هذا وهذا يدل على حقارة الدنيا وانها بالنسبة لله عز وجل لا شيء. ولهذا جاء في الحديث في حديث سهل بن سعد عن الساعي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو عجلت الدنيا جناح بعوضة عند الله ما سقى منها قط شربة ماء وفيه ايضا دليل على ان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم انه كان يغشى الناس في اسواقهم وفي مجامعهم ليدعوهم الى الله تعالى ويعظهم ويعلمهم. وربما وجد خللا في بياعاتهم ارشدهم وعلمهم وربما كان عندهم سؤال فسألوه فكان من هديه عليه الصلاة والسلام الحرص على دعوة الناس وعلى موعظتهم وعلى بالله تعالى وفيه ايضا من الفوائد دليل على ان لمس النجاسة ان مس النجاسة اذا لم يكن ثم رطوبة من الماس او من الممسوس فانها لا تنجس. فالانسان اذا لمس بيده او باي عضو من اعضائه لمس شيئا نجسا ولم تكن هناك رطوبة فان ذلك لا ينجس. ولهذا من القواعد المقررة عند الفقهاء رحمهم الله ان اليابسات ليس بينها نجاسة وفي هذا ايضا دليل على بيان حقارة الدنيا. وان الانسان ينبغي له ان يزهد فيها والا يركن اليها. وكيف فيركن اليها وهي دار فانية. دار زائلة. فمهما اعطي فيها من النعيم فان هذا النعيم وهذا الزخرف سوف يزول اما ان تزول انت عنه واما ان يزول عنك. فعلى المرء ان يحرص على الاستزادة والاستكثار من الاعمال الصالحة التي تكون ذخرا له عند الله تعالى والاخرة خير وابقى. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد