الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله رضي الله عن صحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد. وصلنا في شهر الطحاوية الى الكلام عن الملائكة. صفحة اربع مئة وواحد قوله ونؤمن بالملائكة والنبيين تفضل يا ابو ناصر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد قال رحمه الله تعالى قوله ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين. ونشهد انهم كانوا على الحق المبين. قال الشارف رحمه الله هذه الامور من اركان الايمان. قال تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون. كل امن بالله ملائكته وكتبه ورسله الايات. وقال تعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب. ولكن ان البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين فجعل الله سبحانه وتعالى الايمان هو الايمان بهذه الجملة. وسمى من امن بهذه الجملة مؤمنين ما جعل الكافرين من كفر بهذه الجملة بقوله ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته حديث جبريل وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن الايمان فقال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره فهذه الاصول التي اتفقت عليها الانبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه. ولم يؤمن بها حقيقة الايمان الا اتباع الرسل واما اعداؤهم ومن سلك سبيلهم من الفلاسفة واهل البدع فهم متفاوتون في جحدها وانكارها واعظم الناس لها انكارا للفلاسفة المسمون عند من يعظمهم بالحكماء. فان من علم حقيقة قولهم علم ان انهم لم يؤمنوا بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الاخر. فان مذهبهم ان الله سبحانه وجود مجرد لا ماهية له ولا حقيقة. فلا يعلم الجزئيات باعيانها. نعم يقصد بذلك ان الفلاسفة ومن نحن نحوهم والمقصود الفلاسفة طائفة من البشر الذين يحكمون عقولهم في امور الغيب ويفترضون اوهام ويبنون على افتراضاتهم احكام ولذلك فان الفلسفة تتعلق بالغيبيات. اما ما يتعلق بعالم الشهادة فليس فلسفة. انما يدخل في العلوم التطبيقية او العلوم الطبيعية او عالم الشهادة فلذلك تميز الفلاسفة كلهم ومن سلك طريقهم بانهم يميلون الى الافكار التجريدية الخيالية والى اوهام وليس عند الفلاسفة الا اوهام. رغم انه قد يوجد من يتعلق عاطفيا بالفلسفة والفلاسفة ويظن ان عندهم شيء من الحق والحقيقة وهذا لا يمكن لان ما عند الفلاسفة نوعان نوع يتعلق ببعض الاصول والقواعد المنطقية التي تستقرأ من عالم الشهادة او التي تعرف بالبداهة الفطرة في بداهة الفطرة مثل بعض الامور الرياظية والحسابية وغيرها فهذه امور ليش الفلاسفة فيها ميزة ولم يسموا من اجلها فلاسفة. وان تعلقت بفلسفة واهتماماتهم والامر الثاني من اهتمامات الفلاسفة هو ما يتعلق بالخوظ في الغيبيات سواء الغيبيات التي جاء ذكرها او ذكر اصنافها في الكتب المنزلة كيوم الاخر والملائكة والجن وما يتعلق بالالهيات او غيرها من الغيبيات الاخرى التي افترضها الفلاسفة مجرد افتراض وتوهمه مجرد توهم مثل ما يسمونه بالعقل الفعال والعلة الاولى والعلة الثانية المدبرات السبعة وغير ذلك مما يختلفون في الكلام فيه وفي اصطلاحاته وقد يعلقون بعض اوهامهم بامور موجودة او بامور ورد ذكرها في الكتاب والسنة. الامور الموجودة كالنجوم قد يربطون بين ما يعتقد ما يرونه من اوهام وفلسفات وظنون قد يربطونه بالنجوم او بنحوها من عوالم الكون. وقد يربطونها ايضا بامور لها وجود في الكتاب والسنة اولها ذكر في الكتاب والسنة لكنها غيبية وقد يتكلم الفلاسفة بالملائكة لكن على نحو يخالف الاقرار بالملائكة في الكتاب والسنة وقد يتكلمون ايضا عن بعض احوال الروح او عن المعاد احيانا لكن على نحو يختلف كثيرا عما جاء في الكتاب والسنة اذا فالفلاسفة ليس عندهم علم ومن ادعى ذلك فعليه برهان وقد يتكلمون عن بعض العلوم الطبيعية لكن لا علاقة لها بالفلسفة. وربطها بالفلسفة انما هو من باب التجوز كما ان الفلاسفة قد يهتمون ببعض العلوم المتعلقة بالانسان كالطب او علوم النفس او غيرها فهذه علوم انسانية او طبيعية لا دخل لها بالفلسفة وقد سلك سبيل الفلاسفة دائما وفي كل وقت. وفي كل زمان وفي جميع الامم قديما وحديثا من يسمى بالعقلانية العقلانيون هم اما الفلاسفة او من دونهم ممن زعموا ان لعقولهم حكم في الغيبيات ان لعقولهم حكما في الغيبيات وهذا المنحى ظهر في الاسلام على ايدي فئات. اولها اهل الكلام فهم يحكمون عقولهم في امور الغيب وتلبيسهم اشد من تلبيس الفلاسفة. لان الفلاسفة الخلص الحادهم واضح. لكن اهل الكلام واعني بهم الجهمية والمعتزلة ومتكلمة الاشاعرة الماتوردية ومن سلك سبيلهم كالكرامية والسالمية والرافضة ومتأخرة الخوارج. فان هؤلاء كلهم ينزعون نزع الكلامية وقد اخذوا كثيرا من اصولهم الكلامية عن الفلاسفة. لكن تلبيسهم اشد من تلبيس الفلاسفة لانهم صاغوا اوهام الفلاسفة باصطلاحات الاسلامية واخضعوا اصول العقيدة خاصة في الاسماء الصفات في الاسماء والصفات وافعال الله عز وجل. وفي ما يتعلق باليوم الاخر صاغوا هذه المصطلحات والاصول بصياغة فلسفية ملبسة فلذلك دخلوا على المسلمين لاستعمالهم المصطلحات الاسلامية وعرض مذاهب الفلاسفة بقوالب ومصطلحات شرعية اما في العصر الحديث فان اصحاب هذه النزعة يتمثلون باتجاهات كثيرة تتفاوت كتفاوت المتكلمين السابقين. ما بين الغلو والافراط في تفسير الاصول الاسلامية والعقائد والغيبيات التفسيرات الالحادية وما بين التأويل وما بين نزعة التردد والتشكيك او عدم التسليم لحقائق الغيب وهؤلاء على رأسهم اصحاب الاتجاهات العقلانية الذين يفسرون كثيرا من امور العقيدة بل وحتى كثيرا من احكام الاسلام وشرائعه بتفسيرات عقلانية ويخضعون لزعمهم الاسلام لمقررات ومقدرات العقل ومنهم من تسمى بغير هذه الاسماء اي بغير العقلانيين حدثيين وان كانوا آآ يعني منهم فئات ملحدة خالصة لكن هناك فئات منهم عقلانية ايضا منهم من سمى سموا انفسهم باصحاب المعاصرة او الاتجاهات العصرانية ومنهم من لم يسمي نفسه لا بهذا ولا بذاك انما قد يدعي السنة وقد يدعي انه يسلك مسالك اهل الحق لكنه اقرب الى العقلانيين وقد يكون منهم من يحمل لواءات في الاتجاهات الاسلامية الحديثة وربما يكون من مشاهير الذين تتبعهم حركات كبرى فهؤلاء على مختلف نزعاتهم كلهم يميلون الى تجريد المعاني الغيبية والاصول الاسلامية عن حقائقها واعطاها تصورات وتفسيرات عقلية اغلبها وهمي اما قوله عن كلام الفلاسفة بانهم بان مذهبهم ان الله سبحانه وجود مجرد لا مهية له ولا حقيقة ولا حقيقة فيقصد بذلك هم لا يعتقدون ان لله وجودا ذاتيا مستقلا عن وجود المخلوقات ولذلك لما ذهبوا الى تفسير وجود الله عز وجل. وقد اقروا بمجرد الوجود واقروا المجرد لما ذهبوا الى تفسير الوجود فسروه بتفسيرات تؤدي الى انكار اسماء الله وصفاته وذاته وافعاله بل الى انكار الوجود الحقيقي الذي يتصوره العقلاء اذن فتتصورهم لوجود الله وتصور تجريدي. يجردونه من الوجود الحقيقي. فمنهم من فسره بمجرد العقل والعقل ليس ما ليس له وجود حقيقي عندهم انما هو قوة فعالة وبعضهم بس فسره بالروح. اي فسر وجود الله عز وجل بانه روح وبعضهم فسر وجود الله عز وجل بانه قوة وبعضهم فسر وجود الله عز وجل بالحلول في الخلق مسره بالاتحاد في الخلق وبعضهم فسره بوحدة الوجود وقال ان هذا الوجود كله هو الله. تعالى الله عما يزعمون وكل هذه المذاهب هي مذاهب الفلاسفة لكنها في ظهرت في المسلمين تحت شعارات وتحت الوية الفرق بمسميات اسلامية اما على ايدي فلاسفة او الباطنية او الصوفية او او بمن جمعوا بين هذه المذاهب كلها كمتأخرة الزنادقة امسال بن عربي السهروردي وابن سبعين وابن الفارظ وامثاله ولذلك لما فسروا النبوات وهذا سيأتي بشكل اوضح لما فسروا النبوات وفسروا الوحي فسروه بما يتفق مع هذه المعاني ومنهم من قال ان الوحي والنبوة انما هي اشراق من نور الوجود المثالي الى عالم المادة ومنهم من قال انها فيض ومنهم من قال انها تأتي عن طريق العقل الفعال. كما ستأتي الاشارة اليه ومن هنا جردوا الله عز وجل من الاسماء والصفات والافعال وان اقروا له بالصفات وقر بعضهم بالاسماء والصفات فانما اقر بها معاني لا تنطبق على موصوف ولا مسمى انما هي مجرد معاني دلت عليها ظواهر الكون او ظواهر المخلوقات. ولا ترجع الى موصوف موجود. نعم. فان مذهبهم ان الله سبحانه وجود مجرد لا ماهية له ولا حقيقة فلا يعلم الجزيئات باعيانها. وكل موجود وكل موجود في الخارج فهو جزئي. ولا يفعل عندهم بقدرته ومشيئته. وانما العالم عندهم لازم له ازلا وابدا. وان سموه مفعولا له. فمصانعهم ومصالحة للمسلمين في اللفظ. وليس عندهم بمفعول ولا مخلوق ولا مقدور عليه. وينفون عنه سمعه بصره وسائر صفاته. فهذا ايمانهم بالله. واما كتبه عندهم فانهم لا يصفونه فانه فانهم لا يصفونه بالكلام. فلا تكلم ولا يتكلم. المؤلف اختزل الكلام. وكانه واعتمد على ما هو اصل عند جميع المسلمين وهو ان الكتب منزلة من عند الله عز وجل وهي كلامه الكتب يعني الكتب التي انزلها الله على رسله هي كلامه. سبحانه. فبنى على ذلك ان كلامه في ان كلامهم في الكلام في كلام الله عز وجل ينطبق على الكلام في الكتب فانهم اذا انكروا الكلام الذي هو صفة الله عز وجل فانهم ينكرون ان تكون الكتب من عنده او يقولون بتفسير لا يطابق الواقع ولا يدل عليه الوحي. تفسير كون الكتب من عند الله يفسرنا احيانا بامور سيأتي ذكرها تكلم فلا تكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعال على بشر زاكي النفس طاهر. العقل الفعال عندهم مجرد افتراض يعني لو ذهبنا لنتعرف على معنى العقل الفعال عندهم وجدناه مجرد وهم وتصور. مجرد وهم وجدناه مجرد وهم وتصور ليس له حقيقة في الواقع وفعلا هم لا يعتقدون ان لمثل هذه المعاني حقيقة في الواقع وان كانوا قد قد يقولون وقد يقول بعضهم بان مثل هذه الامور كالعقل الفعال تتلبس بمخلوقات اخرى تتلبس بمخلوقات اخرى وقد ينسبونها الى النجوم والكواكب فبعضهم قد ينسب مثل هذا الاصطلاح الى اكبر الكواكب او الى اصل الكواكب او اصل النجوم كالقطب وغيره لكن كل هذه تفسيرات وهمية. المهم انهم يجردون صفات الله عز وجل عن الوجود الفعلي. وينسبون ما يحدث من امور خارقة. لا يقدر عليها البشر الى قوى غيبية او وهمية ايضا. كالعقل الفعال. والعقل الفعال يقصدون به المدبر القوة الخفية المدبرة للكون وقد يقول بعضهم بان العقل ايضا يصدر اوامره وتوجيهاته الى عقول اخرى. تحت امرة هذا العقل. وهذه العقول ايضا تتجزأ ثم تتفرع الى آآ قوى اخرى الى ما لا نهاية وقد يجعلون هذا عن طريق النجوم او عن طريق الملائكة باسمائها. او نحو ذلك. المهم ان العقل الفعال يقصدون به وجود ذهني ليس له واقع انما هو قوة متوهمة تدبر الكون متوهمة عندهم هم قد يعتقدون ان هذا العقل الفعال له وجود لكن ليس عندهم على ذلك ادلة ولا براهن. فمن هنا يبقى مجرد وهم. لان الشيء الغيبي الذي ليس عنده عليه برهان من الله عز وجل. وهو غيبي. فمن ادعاه دون دليل فلا بد ان يكون توهم واظن هذا بدا اذا قلنا ان هذا الامر او هذا الشيء غيب فلابد من احد امرين اما ان يكون هذا الغيب جاء عن طريق صحيح. وهو الوحي المنزل من الله عز وجل. فمن هنا نؤمن به ونسلم واما ان يكون مجرد توهم والتوهم لا حقيقة له لاننا نجزم قطعا بان الذين قالوا بوجود العقل الفعال لا يمكن ان اتوا لنا بدليل على وجوده انما اضطرهم اليه انكار وجود الله عز وجل الوجود الذكي. فاضطروا الى ان يؤمنوا بمدبر لهذا الكون سواء كان عقل او قوة او روح او نحو ذلك مما عبروا بها. فاذا قالوا ذلك اي بمدبر للكون وهم لا يؤمنون بالله او يؤمنون بالله ايمانا تجريديا ذكرت فانهم لجأوا بعد ذلك الى افتراض قوة سموها تدبر الكون سموها العقل الفعال نعم متميز عن النوع الانساني بثلاث خصائص. قوة الادراك وسرعته لينال العلم اعظم مما يناله غيره وقوة النفس ليؤثر بها في العالم بقلب صورة الى صورة وقوة التخييل ليخيل بها القوى العقلية في اشكال محسوسة. وهي الملائكة عندهم عادة يقصدون بها امور منها اصل الشيء. اصل الخلقة. او بتعبير المحدثين مادة الخلق. المادة الاساسية قبل ان يتجزأ الى عناصر فالاساس للخلق سواء كان مادي او قوة اخرى يعني لها تأثير في حركة الكون فان ذلك قد يعبرون عنه بالهيول او الهيولة نعم وليس في الخارج ذات منفصلة تصعد وتنزل. وتذهب وتجيء وترى وتخاطب الرسول وانما ذلك عندهم امور ذهنية لا وجود لها في الاعيان. وهذا يعني انهم ينكرون ان يكون هناك ملك اسمه جبريل ينزل بالوحي وان تكون هناك ملائكة تنزل تصعد بامر الله عز وجل او يكون لها في الكون تدبير بامر الله. ينكرون ذلك كله ويفسرون بتفسيرات تجريدية وهمية ذهنية تخييلية ويكون هذه تخيلات يعبر بها عن عن القوى المعنوية المدبرة للكون نعم. فهم اشد الناس تكذيبا به وانكارا له. وعندهم ان هذا العالم لا يخرب. ولا تنشق السماوات ولا لا تنفطر ولا تنكدر النجوم ولا تكور الشمس والقمر ولا يقوم الناس من قبورهم ويبعثون الى جنة النار كل هذا عندهم امثال مضروبة لتفهيم العوام. لا حقيقة لها في الخارج. كما يفهم منها اتباع فهذا ايمان هذه الطائفة الذليلة الحقيرة بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وهذه هي اصول الدين الخمسة. وقد ابدلتها المعتزلة باصولهم الخمسة التي هدموا بها كثيرا من الدين فانهم بنوا اصل دينهم على الجسم والعرب. الذي هو الموصوف والصفة عندهم. واحتجوا بالصفات التي هي الاعراض على حدوث الموصوف. الذي هو الجسم وتكلموا في التوحيد على هذا الاصل. فنفوا عن الله كل وصفة تشبيها بالصفات الموجودة في الموصوفات التي هي الاجسام. ثم تكلموا بعد ذلك في افعاله التي هي قدر وسموا ذلك العدل. ثم تكلموا في النبوة والشرائع والامر والنهي والوعد والوعيد. وهي مسائل الاسماء والاحكام التي هي المنزلة بين المنزلتين. ومسألة انفاذ الوعيد ثم تكلموا في الزام بذلك الذي هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عن المنكر. وضمنوه جواز الخروج على الائمة القتال فهذه اصولهم الخمسة التي وضعوها بازاء اصول الدين الخمسة التي بعث بها الرسول والرافضة بمناسبة الحديث عن الاصول الخمسة وغيرها مما تكلم به اهل الاهواء قديما ومما بدأت تظهر بعض مظاهره عند الفرق الحديثة واعني به وضع اصول او اركان للدين غير ما ورد في الشرع. فان هذا من البدع. ولذلك يجب ان يحذر طالب العلم ويحذر غيره من تسمية ما يعتقده الناس او ما يجتهدون فيه من مناهج ومن اصول وغيرها من تسميتها اصول في الدين بمعنى انا يجب الا نسمي للاسلام اركانا غير الاركان الخمسة ولا نسمي للايمان اركان غير الاركان الستة ولا نضع اصولا للدين غير ما تقرر في الكتاب والسنة. واذا اقررنا بمجمل الاصول فلا نعدها عدا على سبيل الحصر فلا يجوز مثلا لقائل ان يقول اصول الدين تنحصر في عشرين مسألة او في عشرين اصل. لان الحصر خاصة في اصول الدين لا يجوز. هذا بخلاف الامور الاجتهادية اذا كان العالم وطالب العلم يتكلم عن امور اجتهادية تتعلق بالتفريعات على العقيدة او بالاحكام فلا مانع ان يضع ضوابط للتقسيم فيقول مثلا هذا فيه عشر مسائل هذا فيه عشرة اصول هذا فيه عشر قهوة عشر قواعد الى اخره. في الامور الاجتهادية. اما فيما يتعلق باصول الدين اركان الاسلام اركان الايمان الاحسان ونحو ذلك من المصطلحات الشرعية التي عدت اصولها فلا يجوز لاحد ان يحدث شيئا زعل من انه اصول للدين. ولذلك ينبغي ان نتنبه لما احدثه الناس من مناهج يضعونها اصولا لهم هذا يضع اصولا اسمها عشرين وهذا خمسة وهذا ستة وغيرها مما تفعله الجماعات الان هذا وان كان في البداية لا يقصد به مضاهاة اصول الدين. او لا يقصد به وضع السنن غير ما جاء بالشرع. لكنه مع ذلك مع الزمن اذا بقي دون يعني تنبيه عليه وهذا في الغالب مما لا يظبط واذا اصر اصحابه على التحديد فانه فيما بعد تأتي اجيال تجعل هل هذه الاصول من اصول الدين كما فعلت المعتزلة في اصولها الخمسة كما فعلت الرافضة في اصولها والخوارج في اصولها والقدرية في واهل الكلام في اصولهم وضعوا قواعد للدين حصروها بعدد او لم يحصروها بعدد لكن جعلوها هي هي الاصل في تقرير دين اعتقادي فينبغي ان نتنبه لهذه المسألة لا يجوز ان نضع مناهج ونسميها اصول او ننسبها الى الدين بل لا نتعبد الناس باصول تتعلق بمناهج الدين او قواعده او اركانه او اصوله كما قلت ما عدا في الامور الاجتهادية التي تتعلق بالاحكام. او بالفرعيات على العقيدة بشرط ان تكون اصول او تفريعات علمية لا امور يجتمع عليها وينتمي اليها الناس وتكون بمثابة الشعارات فانها تصبح بدع فيما بعد بمعنى انه لو احدت ان احد اجتهد في امور من المسائل الاجتهادية وضع اصولا حددها او لم يحددها فانه لا ينبغي ان يدعو الناس لاعتناقها او الاجتماع عليها او ان تكون شعار لجماعة او مناهج طريقة من الطرق او اه حركة من الحركات او نحو ذلك. فان هذا في الغالب بل ولابد يؤدي مع الزمن الى التعصب لهذه الاصول وجعلها بديلا عن اصول الدين واصول الاسلام. والجماعات التي وضعت هذه الاصول سواء قديما وحديثا نجد بوظوح انها بدأت تحتكم اليه وتوالي وتعادي عليها. على تفاوت بينهم وبدأت بدأت تقرر اصول الدين ومناهج الدين على هذه الاسس التي وضعتها. وقد تنسى في غمرة الحماس في هذه الاصول اركان الاسلام واركان الايمان بل كثير من الجماعة نسيت الحديث عن اركان الايمان واركان الاسلام الا عرظا وجعل في الحديث مع الناس وفي الدعوة الى مبادئها على هذه الاصول التي وضعتها او قررت فينبغي التنبه لذلك والتنبيه عليه. نعم. والرافضة المتأخرون جعلوا الاصول اربعة التوحيد والعدل والنبوة والامامة. واصول اهل السنة تابعة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم الدين الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقدم بيان ذلك. ولهذا كانت الايتان من اخر سورة البقرة لما تضمنتا هذا الاصل لهما شأن عظيم ليس لغيرهما. ففي الصحيحين عن ابي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ الايتين من اخر سورة البقرة في ليلة وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بين جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم. لم يفتح قط الا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل الى الارض لم ينزل قط الى الا اليوم. فسلم وقال ابشر بنورين اوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك. فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة. لن تقرأ بحرف منهما الا اوتيته وقال ابو طالب المكي اركان الايمان سبعة يعني هذه الخمسة والايمان بالقدر والايمان بالجنة النار وهذا حق. بناء على ما قرره الصلة من انه لا يجوز احداث اركاننا اصول للدين غير ما ذكره الله او كرره الله عز وجل وشرعه. وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم بناء على هذا فان يجب ان نتوقف في كلام ابي طالب وامثاله في تسمية اركان الايمان بسبعة. لان اركان الستة التي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل مشتملة على مستلزماتها الاخرى التي هي بمثابة الاصول للدين. فالايمان بالله عز وجل يشمل جميع ما يتعلق الايمان بالله الايمان بذاته واسمائه وصفاته وافعاله. والامام بالملائكة كذلك والايمان بالكتب كذلك والايمان بالرسل كذلك وهكذا بقية اركان الايمان فانه لا داعي الا ان نحدث ركنا اسميه سابعا وعلى هذا فان موافقة المؤلف هنا لابي طالب المكي فيها نظر ومحل تأمل الا كان ان يقصد انه ما قال الا حق من حيث تفصيل الاركان اما اذا قصد اننا نسمي الاركان على هذا النحو نسميها سبعة ونعد هذه السبعة فلا يجوز لان الايمان بالجنة والنار في الايمان باليوم الاخر. والايمان بالقدر منصوص عليه في الحديث وقوله فيما يظهر لي يعني هذه الخمسة كأنه يشير الى الخمسة الواردة في في اية البقرة. سورة البقرة ويضيف اليها ايمان بالقدر وهذا وارد في الحديث. ثم الايمان بالجنة والنار داخل في الايمان باليوم الاخر. اذا فلا داعي الى ما سماه المكي الامام اركان الايمان سبعة. بل ينبغي اجتناب مثل هذه الالفاظ والتنبيه لها. نعم والادلة وقال ابو طالب المكي اركان الايمان سبعة يعني هذه الخمسة والايمان بالقدر والايمان بالجنة والنار وهذا حق والادلة عليه ثابتة محكمة قطعية. وقد تقدم الاشارة الى دليل التوحيد والرسالة. واما الملائكة فهم موكلون بالسموات والارض. فكل حركة في العالم فهي ناشئة عن الملائكة كما قال تعالى. ايضا هذه الكلمة مجملة قوله فكل حركة في العالم يعني فيها نوع تجوز لا شك ان الله عز وجل جعل الملائكة وظائف في العالم في الكون. وكل ذلك باذن الله ومشيئته ولا يخرج عن تدبيره وعن امره وربوبيته سبحانه لكن القول بان كل حركة في العالم فهي ناشئة عن ملائكة هذا قد يكون فيه نظر قد يكون فيه نظر لانه قد ورد في بعض النصوص ان هناك امور تحدث بهذه الاسباب ما جعله الله عز وجل من الملائكة من اعمال الملائكة الموكلين بالسموات والارض ومنها ما من يكون بقدرة الله المحضة كما ورد من ان الله عز وجل خلق ادم بيده. وخلق عيسى ابن مريم بيده وتولى كثيرا من امر انت بيده سبحانه يفيد هذا انه لم يكن عن طريق الملائكة الذين هم اسباب وموكلون بالخلق باذن الله. ثم ان هناك من الامور ما يحدث باسباب مباشرة اي يكون وجوده وخلقه باسباب جعلها الله عز وجل. وهناك ما يكون بمجرد قول الله عز وجل كن فخلق الله يكون بالفعل وبالقول ويكون ايضا بتسخير المخلوقات كالملائكة تدبير الله للعالم يكون بفعله وبقوله ويكون بيده سبحانه ويكون ايضا بتسخيره للملائكة وبامره لهم نعم. واما الملائكة فهم الموكلون بالسموات والارض. فكل حركة في العالم فهي ناشئة عن عن الملائكة كما قال تعالى فالمدبرات امرا فالمقسمات امرا وهم الملائكة عند اهل الايمان واتباع الرسل واما المكذبون بالرسل المنكرون للصانع فيقولون هي النجوم. طبعا هناك من آآ فسر بعض هذه الايات والمدبرات وكذلك المرسلات والناشرات والفارقات كل هذه والنازعات والناشطات منهم من فسر هذه بهذه الامور بالملائكة ومنهم من فسرها بامور اخرى لكنها ترجع ايضا الى ان الملائكة هي في هذه التفسيرات فمنهم من فسر بعض هذه الامور بالسحاب وبعضها بالرياح المرسلة من الله عز وجل وبعضها بامور اخرى هي من خلق الله عز وجل ومن الاسباب التي جعلها الله جعلها الله عز وجل اسبابا لحركات هذا الكون لكن هذا لا يمنع من تفسيرها بالملائكة لانه معلوم ان اذا فسرنا بعض هذه الايات بالرياح فالرياح ايضا وكل الله بها الملائكة. اذا فسرناها بالسحاب والمطر كبعضها ان الله عز وجل وكل بالسحاب والمطر طائفة من الملائكة اذا فسرناها باي نوع من انواع المخلوقات فان ذلك كله اي تسير كثير من المخلوقات راجع الى امر الله للملائكة. نعم. وقد دل الكتاب والسنة على اصناف الملائكة وانها موكلة باصناف المخلوقات وانه سبحانه وكل بالجبال ملائكة ووكل بالسحاب والمطر ملائكة. ووكل بالرحم ملائكة تدبر امر حتى يتم خلقها. ثم وكل بالعبد ملائكة لحفظ ما يعمله واحصائه وكتابته. ووكل بالموت ملائكة ووكل بالسؤال في القبر ملائكة. ووكل بالافلاك ملائكة يحركونها ووكل بالشمس والقمر ملائكة توكل بالنار وايقادها وتعذيب اهلها وعمارتها ملائكة. ووكل بالجنة وعمارتها وغراسها وعمل وعمل الالاتها ملائكة الملائكة اعظم جنود الله. ومنهم المرسلات عرفا. والناشرات نشرا. والفارقات فرقا والملقيات ذكرا ومنهم النازعات غرقا والناشطات نشطا والسابحات سبحا فالسابقات سبقا. ومنهم الصافات صفاه فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا. ومعنى جمع التأنيث في ذلك كله الفرق والطوائف جماعات التي مفردها فرقة وطائفة وجماعة. من اراد بهذا الاحتراز من وصف الملائكة بالاناث وهذا من سمات المشركين والفلاسفة والعقلانيين وغيرهم. من اهل الضلالة والبدعة فانهم قد يصفون الملائكة بالاناث فنظرا لان مثل هذه الايات وهذه الالفاظ قد تشير الى معنى التأنيث في الاشارة الى الملائكة. فاراد ان يبين ان التأنيث هنا راجع الى الجنس. لا الى الملائكة بافرادهم اه مثلا الملائكة فرق والفرق والفرقة من حيث المعنى اللغوي اه توصف طبعا الاشارة الى التأنيث وغيرها وكذلك الطوائف والطائفة في لفظها اللغوي مؤنث والجماعات في لفظها المول لغوي مؤنث فلا يعني ذلك تأنيث الملائكة ان الملائكة لا يوصفون بذلك انما هذه الالفاظ تنصرف الى جنس جماعات الملائكة. فرقها وطوائفها ونحو ذلك. نعم. ومنهم من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. وملائكة قد وكلوا بحمل العرش. وملائكة قد وكلوا بعمارة السماوات بالصلاة والتسبيح والتقديس. الى غير ذلك من اصناف الملائكة التي لا يحصيها الا الله تعالى. ولفظ الملك يشعر بانه رسول منفذ لامر مرسله. فليس لهم من الامر شيء بل الامر كله لله الواحد القهار وهم ينفذون امره لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون. هم. يخافون ربهم من فوقهم. ويفعلون ما يؤمرون هم عباد له مكرمون. منهم الصافون ومنهم المسبحون. ليس منهم الا له مقام معلوم لا يتخطاه وهو على عمل قد امر به لا يقصر. لا يقصر عنه ولا يتعداه. واعلاهم الذين عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون. ورؤساؤهم الاملاك الثلاثة جبريل وميكائيل واسرافيل الموكلون بالحياة فجبريل فجبريل موكل بالوحي الذي به القلوب والارواح وميكائيل موكل بالقطر. الذي به حياة الارض والنبات والحيوان. واسرافيل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم. فهم رسل الله في خلقه وامره وسفراؤه بينه وبين عباده من وجهه السفارة الخاصة وهي انهم وسائط الوحي وجبريل عليه السلام هو الذي جاء بالوحي الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والى سائر الانبياء ثم انهم سفراء وسفارة عامة وهي ان الملائكة تحيط عباد الله عز وجل بالرعاية والتدبير العام وبالرعاية الخاصة للمؤمنين الله عز وجل اوكل هذا الامر الى الملائكة او طوائف من الملائكة فهذا مما معنى السفارة العامة. اما السفارة الخاصة فهي الوحي الذي هو عن طريق جبريل. نعم. فهم رسل الله في خلقه وامره وسفراؤه بينه وبين عباده ينزلون بالامر من عنده في اقطار العالم. ويصعدون اليه بالامر. طبعا من السفراء الكرام الكاتب والملائكة الموكلين بالعبد الذين يتناوبونه صباح مساء. نعم قد اطت السماوات بهم وحق لها ان تئط ما فيها موضع اربع اصابع الا وملك قائم او راكب او ساجد لله. ويدخل البيت المعمور منه كل يوم سبعون الفا. لا يعودون اليه اخر ما عليهم والقرآن مملوء بذكر الملائكة واصنافهم ومراتبهم. فتارة يقرن الله تعالى اسمه باسمهم صلاته بصلاتهم. ويضيفهم اليه في مواضع التشريف. وتارة يذكر حفهم بالعرش وحملهم له وبرائتهم من من الذنوب وتارة يصفهم بالاكرام والكرم والتقريب والعلو والطهارة والقوة والاخلاص تعالى كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة العلم هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور. الذي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين امنوا. وترى متحافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم. بل عباد مكرمون. ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون. فان استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون كراما كاتبين كراما بررة يشهده المقربون لا يتسمعون الى اي الاعلى وكذلك الاحاديث النبوية طافحة بذكرهم. فلهذا كان الايمان بالملائكة احد الاصول الخمسة التي هي اركان الايمان. احسنت بارك الله فيك