بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشايخه ولجميع المسلمين. امين نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكول والمشروب والملبوس وغيرها من حظوظ النفس وترك الشهوات قال الله تعالى فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا الا من تاب وامن وعمل صالحا فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى باب فضل الجوع وخشونة العيش لما ذكر المؤلف رحمه الله في الباب السابق فضل الزهد في الدنيا والرغبة عنها اعقب ذلك بهذا الباب الذي هو باب فضل الجوع وخشونة العيش والمراد بذلك ترك الترفه. وان الانسان يقتصر على ما يحتاجه من الدنيا من المآكل والمشارب والمراكب والمساكن ثم ذكر المؤلف رحمه الله الايات في هذا الباب الاية الاولى قال الله عز وجل فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا هذه الاية او هذه الايات ذكرها الله عز وجل بعد ان اثنى على انبيائه ورسله واتباعهم وانهم مما من هداهم الله عز وجل واجتباهم. وان من صفاتهم انهم يحافظون على الصلوات. ويتركون الشهوات اعقب ذلك بذم هؤلاء الذين كانوا على خلاف الانبياء والرسل واتباعهم. فقال فخلف مما بعدهم خلف اي جاء من بعدهم خلوف وقالوا من بعدهم اي من بعد الانبياء المذكورين والمراد من بعدك كل واحد منهم خلف اي عقب. والخلف بسكون اللام عقب السوء. واما الخلف بفتح اللام فهو العقب الذي يكون في الخير. فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة. اي فرطوا فيها واهملوها اما بتركها بالكلية واما بالاخلال بشيء من اركانها وشروطها وواجباتها. كان يصلي بعد الوقت او ان يفرط في شيء من اركان الصلاة من طهارة وستر واستقبال وغير ذلك واتبعوا الشهوات المراد بالشهوات هنا رغبات النفس وحظوظها المحرمة. اتبعوا الشهوات اي مال اليها وانقادوا اليها فسوف يلقون غيا فسوف يلقون ان يجدون غيا اي زيغا في الدنيا عن الحق وعذابا يوم القيامة فسوف يلقون غيا الا من تاب وامن وعمل صالحا. قالوا الا من تاب الاستثناء هنا يحتمل ان يكون استثناءا منقطعا اي لكن من تاب. ويحتمل ان يكون استثناء متصلا اي الا الذي تاب والمعنى لا يختلف الا من تاب اي رجع الى الله عز وجل من معصيته الى طاعته. وامن اي صدق بما يجب التصديق والايمان به مع القبول والاذعان والانقياد. وعمل صالحا اي عمل عملا صالحا. والعمل الصالح ما جمع وصفين او ما اجتمع فيه وصفان الاخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاولئك يدخلون الجنة اي من تاب وامن وعمل صالحا فاولئك يدخلون الجنة ان يدخلهم الله عز وجل الجنة والجنة هي الدار التي اعدها الله تعالى لعباده المتقين فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وسميت جنة لانها تجن من بداخلها لكثرة اشجارها فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا. اي لا ينقصون شيئا من اعمالهم. ومن ثوابها واجرها فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا. جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب. جنات عدن جنات بدل من قوله فاولئك يدخلون الجنة جنات عدن عدن اي اقامة. اي انهم يقيمون فيها اقامة دائمة ابدية. جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب اي ان الله عز وجل وعد عباده بالغيب اي باخباره اياهم عن هذه الجنة. ومع ذلك بها وعملوا لها لان الله تعالى اخبرهم بها وخبره سبحانه وتعالى صدق وحق وواقع لا محالة جنات عن التي وعد الرحمن عباده بالغيب. عباده جمع عباد. والعبد هو المتذلل لله عز وجل. حبا وتعظيما جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب انه كان وعده مأتيا. اي ان موعوده سبحانه وتعالى مأتي اي انه اتي لا محالة وواقع حقا وصدقا ثم ذكر سبحانه وتعالى ايضا قال لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما. اي لا يسمعون في هذه الجنات لغوا واللغو هو الكلام الذي لا فائدة فيه الا سلاما اي الا قولا سالما من الاثم ومما لا فائدة فيه. فيسلم بعضهم على بعض ويسلم عليهم الله عز وجل. والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. ولهذا قال لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما. ولهم رزقهم فيها اي عطاؤهم فيها وعشيا اي صباحا ومساء. والمراد بذلك مدى الاوقات. لان الجنة ليس فيها شمس وليس فيها ليل ولا نهار. فهذه الايات فيها فوائد منها اولا الثناء على الرسل والانبياء محافظتهم على الصلاة وترك الشهوات وفيه ايضا دليل على ذم من خالف الرسل واتباعهم تفريط بالصلاة باضاعتها واهمالها. ومنها ايضا ان ترك الصلاة كفر مخرج من الملة. لقوله الا من تاب وامن. فمفهوم الاية انه قبل ذلك ليس مؤمنا. ومعلوم ان الايمان لا ينتفي كليا الا اذا فعل الانسان مكفرا. وقد دل على ذلك اعني على كفره ادلة اخرى. منها قول الله عز فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم في الدين. فمفهوم الاية انهم اذا لم يقيموا الصلاة ولم الزكاة فليسوا باخوة لنا في الدين. والاخوة في الدين لا تنتفي الا بفعل مكفر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة. فمن تركها فقد كفر. وقال بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة وقال امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا حظ في الاسلام لمن ترك الصلاة. وقال عبد الله بن شقيق رحمه الله كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الاعمال تركه كفر غير الصلاة ومن فوائد هذه الايات ايضا ان الله عز وجل لا يظلم عباده شيئا بل يوفيهم اجورهم بغير حساب من جاء بالحسنة فله عشر امثالها. ومنها ايضا فظل الله عز وجل على عباده. حيث انه اثابهم بجنات لهم فيها ما يشتهون. ولهذا قال لهم فيها رزقهم بكرة وعشيا. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد