بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا شيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى. في كتابه رياض الصالحين في باب القناعة والعفاف عن سمرة ابن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المسألة كد يكد بها الرجل الا ان يسأل الرجل سلطانا او في امر لا بد منه. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اصابته فاقة فانزلها بالناس لم تسد فاقته. ومن انزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل او اجل رواه ابو داوود والترمذي وقال حديث حسن. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى وعن سمرة من الجندب رضي الله عنه ان صلى الله عليه وسلم قال المسألة كد يكد بها الرجل وجهه. المسألة اي سؤال الناس اذ جاءهم من المال كد اي اتعاب. كد يكد بها الرجل وجهه. اي يذهب رونقه وجماله لانه اذا سأل الناس اذل نفسه واذهب ماء وجهه الا ان النبي عليه الصلاة والسلام استثنى فقال الا ان يسأل سلطانا او في امر لا بد منه. فهذا الحديث يدل على مسائل منها اولا ذم سؤال الناس واستجدائهم. وعن ان ذلك مذهب لماء وجهه ورونقه وجماله. لانه اذل نفسه واهانها. ومنه ايضا فضيلة التعفف وان الانسان ينبغي له ان يتعفف عما في ايدي الناس وان يصبر على ما قدر الله عز وجل عليه من الفقر. ومنها ايضا جواز سؤال السلطان او السؤال عند الحاجة. لان النبي صلى الله عليه وسلم لم استثنى من ذم المسألة استثنى مسألتين. المسألة الاولى ان يسأل السلطان وهو الامام الاعظم ومن له السلطة العليا في الدولة او من ينوب ويقوم مقامه. وذلك لان سؤال السلطان لا منة فيه وثانيا انه يسأل حقا له في بيت المال. والمسألة الثانية ان تنزل به حاجة او فاقة كما لو لزمه دين او تحمل حمالة او خسر في تجارته فاضطر الى ان يسأل الناس وان يستجريهم ففي هذه الحياة قال لا حرج عليه فيه. فما سوى هاتين المسألتين تكون المسألة مذمومة. اما الحديث الثاني حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اصابته فاقة اي حاجة وفقر وشدة وضيق في العيش. فانزلها ناس اي طلب من الناس ان يعينوه وركن اليهم وتوكل عليهم من دون الله عز وجل. من اصابته وفاق فانزلها بالناس فانه لا تسد فاقته. يعني ان الناس لن ينفعوه ولن تسد فاقته. ومن انزلها بالله عز وجل بحيث انه لما نزلت به هذه الشدة وهذه الفاقة فوض امره الى الله وتوكل عليه سبحانه وتعالى مع فعل الاسباب فان الله عز وجل يوشك ان يرزقه عاجلا او اجلا. وذلك لانه فوض امره الى الرزاق العليم. وفوض امره الى الله عز وجل ووثق به فان الله عز وجل عند حسن ظن عبده به وقد قال الله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. ففي هذا الحديث دليل على مسائل منها او اولا ذم الركون الى الناس والاعتماد عليهم والثقة بهم. وان الواجب على المرء اذا نزل به امر سواء كان ذلك من الامور المالية ام من الامور النفسية ام من الامور المتعلقة بالطب او غير ذلك من نوائب الدهر ان ينزلها بالله عز وجل وذلك بان يلجأ الى الله تعالى اولا التوكل عليه والانابة اليه وان يفوض جميع اموره اليه. وثانيا ايضا ان يرغب ان يلهج الى الله تعالى بالدعاء. فيدعو ربه عز وجل والله تعالى قد امر عباده بدعائه ووعدهم باجابته. فقال عز وجل واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. وقال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون مع العبادة سيدخلون جهنم داخرين. فيفوظ امره الى الله ويلجأ الى الله عز وجل بالدعاء مع فعل الاسباب فلابد ان يفعل الاسباب. لان حقيقة التوكل على الله تعالى هي ان يفوض امره الى الله تعالى وان يثق به مع فعل الاسباب. هذا هو حقيقة التوكل على الله ان يفوظ امره الى الله تعالى مع فعل الاسباب النافعة. فمن اعتمد على غير الله عز وجل فقد طعن في كفاية ومن اعتمد على الله تعالى ولكنه لم يفعل الاسباب النافعة المباحة فقد طعن في حكمة الله لان الله تعالى جعل لكل شيء سببا. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد