بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا شيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين. امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين. في باب القناعة والعفاف عن ابي عبد الرحمن معاوية ابن ابي سفيان ابن حرب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني احد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وانا له كاره فيبارك له فيما اعطيه. رواه مسلم. عن ابي عبدالرحمن عوف بن مالك الاشجعي رضي الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة او ثمانية او سبعة فقال الا تبايعون رسول الله وكنا حديث عهد ببيعة فقلنا قد بايعناك يا رسول الله ثم قال الا تبايعون رسول الله؟ فبسطنا ايدينا وقلنا قد بايعناك يا رسول الله فعلى ما نبارك قال ان تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا. والصلوات الخمس وتطيعه واسر كلمة خفية. ولا تسأل الناس شيئا. فلقد رأيت بعض اولئك النفر يسقط صوت احدهم. فما يسأل احدا يناوله اياه. رواه مسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى وعن ابي سفيان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تلحفوا في المسألة. لا تلحفوا من الالحاف وهو الالحاح. اي لا تلحوا ولا تبالغوا في السؤال. لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني احد مسألة فتخرج له مسألته يعني لا يسألني احد شيئا فاعطيه وانا كاره لاعطائه. وكراهة النبي صلى الله عليه وسلم ليس بخلا ولا شحا وانما هو لمصلحة هذا السائل لان لا يعتاد السؤال ولان لا يكثر من السؤال قال فيبارك له فيه. يعني فما اعطيه وانا كاره له لا يبارك الله عز وجل له فيه. ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها اولا تحريم المسألة من غير ضرورة. ومنها ايضا انه لا ينبغي للانسان ان يلح في السؤال لان فيه احراجا المسؤول لانه قد لا يكون معه شيء يعطيك اياه ومنها ايضا ان الانسان اذا اعطي شيئا حياء وخجلا فانه يحرم عليه ان يأخذه. لانه لم يعطى طيب نفس وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه. فمن الح على احد في مسألة واعطاه هذا المسؤول حياء وخجلا فانه يحرم على هذا السائل ان يأخذ ما اعطي انه انما اعطي حياء وخجلا لا عن طيب نفس وفيه ايضا دليل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تقويم اصحابه وهدايتهم الى محاسن الاخلاق مكارم الاداب. اما الحديث الثاني حديث عوف رضي الله عنه انهم كانوا نفر عند النبي صلى الله عليه وسلم. فقال لهم النبي عليه الصلاة السلام الا تبايعون والمبايعة هي المعاهدة والمعاقدة مأخوذة من الباع لان كل واحد من المتبايعين يمد باعه الى الاخر للمعاهدة والمبايعة. وقد كانت المبايعة في عهد النبي صلى الله الله عليه وسلم تكون مصافحة اما شرعا فالمبايعة هي تسليم النظر الى ولي الامر من غير منازعة ان يسلم الانسان النظر الى ولي الامر. بحيث ينظر في شؤون المسلمين من غير ان ينازع في ذلك والبيعة انما تكون لاهل الحل والعقد. ثم قال عليه الصلاة والسلام الا تبايعون وكررها توكيدا فقالوا قد بايعناك يا رسول الله ففيم نبايعك يعني على اي شيء نبايعك؟ فقال على ان تعبدوا الله تعالى ولا تشركوا به شيئا وهذا هو التوحيد. ومعنى ان تعبدوا الله اي ان تتذللوا له بالطاعة. حبا وتعظيما لان العبادة تطلق على معنيين. المعنى الاول على التعبد الذي هو فعل العابد ومعناها التذلل للمعبود حبا وتعظيما. فبالحب يكون الطلب وبالتعظيم يكون الهرب قال ابن القيم رحمه الله في النونية وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القضبان والمعنى الثاني من معاني العبادة انها تطلق على المتعبد به وقد فسرها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انها اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة. قال ولا تشركوا بي فيه شيئا وشيئا هنا نكرة في سياق النفي او النهي فتعم الشرك بنوعيه الشرك الاكبر والشرك والاشطر فالشرك الاكبر ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله كأن يدعو غير الله او بغير الله او ينظر لغير الله او يذبح لغير الله او نحو ذلك. والشرك الاصغر كل ما اطلق الشارع عليه الشرك الا انه لا يخرج من الملة. كالحلف بغير الله ويسير الرياء. قال والصلوات الخمس اي ان تحافظوا على الصلوات الخمس باوقاتها بان تأتوا بها بشروطها واركانها وواجباتها. وان تطيعوا ايمن والله تعالى عليكم من ولاة الامر. لقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم واسر كلمة وهذه الكلمة التي اسر بها النبي صلى الله عليه وسلم قيل انها هي طاعة ولي الامر. واسرها خوف الفتنة وقيل انها ان هذه الكلمة هي الا يسألوا الناس شيئا وانما اسرها لان ما تقدم من الوصايا وصايا اما وهذه وصية خاصة. قال والا تسألوا الناس شيئا وشيئا هنا نكرة في سياق النفي او النهي فتعم سؤال المال وسؤال غير المال. الا انه يستثنى من ذلك سؤال العلم. فان الله عز وجل امر به فقط قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة ذلك وبايعهم عليهم كان من سرعة استجابتهم رضي الله عنهم ان احدهم كان يكون على مركوبه من دابة او غيرها فيسقط سوطه او عصاه فينزل من عند دابته ولا يقول لاخيه ناولني اياه لانهم قد بايعوا الرسول الصلاة والسلام على الا يسألوا الناس شيئا. ففي هذا الحديث دليل على مسائل منها مشروعية المبايعة لولي الامر ومعناها المعاهدة والمعاقدة على ان يتولى الامر والنظر في شؤون المسلمين من غير منازعة. ومن ايضا وجوب توحيد الله عز وجل وتحريم ما يضاد ذلك من الشرك بنوعين. ومنها وجوب محافظة على الصلوات الخمس بان يحافظ عليها في اوقاتها بشروطها واركانها وواجباتها وان يؤديها مع جماعة ان كان ممن تلزمه الجماعة. وفيه ايضا دليل على وجوب طاعة ولي الامر. لقوله وان تطيعوا دعني ولي الامر. ومنها ايضا النهي عن سؤال الناس. وان من هدي الصحابة رضي الله عنهم ومما بايعوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم لا يسألوا الناس شيئا لانك بمجرد سؤالك للناس تذل نفسك تهين نفسك والناس وان اعطوك مرة فقد يحرمونك مرات. ولهذا قيل لا تسألن بني ادم لا حاجة وسل الذي ابوابه لا تحجب. الله يغضب ان تركت سؤاله. وبني ادم حين يسأل يغفر وفيه ايضا دليل على سرعة امتثال الصحابة رضي الله عنهم لما بايعوا عليه رسول الله صلى الله عليه وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد