فاذا الاية تحتاج الى تقدير وقوله فمن كان منكم مريضا فاخذ من شعره او كان به اذى فاخذ من شعره فحينئذ تجب عليه فدية من صيام او صدقة او نسك فهذا اللفظ لا يتطابق مع ما في الخارج فاننا نجد ان اناسا يقع لهم خطأ وان كما في قوله وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ وقد يقع منهم الفعل الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل يا ايها المرسلين اما بعد فهذا لقاء جديد من لقاءاتنا في قراءة كتاب تيسير اذا البيان لاحكام القرآن فقيه المزيعي رحمه الله ابن نور الدين المتوفى سنة خمس وعشرين وثمانمائة اذ قدم بتفسيره في مقدمة تأصيلية وقد قرأنا عددا او شيئا من مبادئها فيما مضى ولعلنا ان نواصل الحديث في ذلك بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا وللمسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى واختلف علماؤنا في مسائل الاولى الاسماء الاسلامية كالصلاة والزكاة والصوم والحج والمؤمن والفاسق وقال بعضهم هي بينة وقال بعضهم هي مشكلة لانهم لم يكونوا يعرفونها والحق انها مشكلة عند مصادمة الخطاب الاول لاهل الزمن الاول بينة في الزمن الاخير عند استقرار بيان الشرع ثانيها قوله تعالى واحل الله البيع وحرم الربا والربا في لسانهم الزيادة. وقال بعض اهل العلم الاية بينة وليست مشكلة. لان البيع معقول في اللغة فيحمل على كل ما يصلح له. ولا يترك بعضه الا بدليل يدل على انه ربا او منهي عنه. وقال بعضهم هي مجملة لان الله تعالى احل البيع وحرم من الربا والربا هو الزيادة وما من بيع الا وفيه زيادة فافتقر الى بيان ما يحل منها مما يحرم. والذي اراه الصواب ان شاء الله وانما تكون خاصة بمن هلك شعره قوله ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك وتعالى ان لفظ البيع غير مشكل فانه معلوم عند العرب وعليه جرت عادتهم وقامت به دنياهم. واما لفظ الربا فمشكل الاشتباه عليهم. وان كانت حقيقة وضعه معروفة عندهم لانهم علموا ان الله لا يأمرهم بترك جميع البيوعات والزيادات. لان الله تبارك وتعالى لا يأمرهم بما فيه هداكم وتركوا معاشهم وهدموا دنياهم. فعلموا الا كل بيع ومبادلة. وعلموا حقيقة المنهي عنه انه الزيادة وعلموا ان المراد بعض الزيادة دون بعض. ولم يعرفوا على اي صفة تحريمها ولا مبلغ حدها. ولهذا بين النبي صلى الله عليه وسلم اعيان الربا وبين صفته وشرائطه في مقام واحد. ولفظ واحد متصلا به في اثره ولو كان بينا لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم الى بيانه لهم. واما البيع فلم يبينه كذلك. وانما بين مظره ومفسداته منفصلة وذلك اما بتخصيص وذلك اما تخصيص لعمومه او تقييد مطلقه او تبيين لشرطه تعرفها الاعيان التي علقت تحرير او التحريم عليها كقول الله جل وعلا حرمت عليكم الميتة والدم وقوله تعالى حرمت عليكم امهاتكم فقال بعضهم هي مجملة لان الاعيان لا توصف بالتحديد والتحريم وانما توصف بذلك افعالنا وافعالنا غير مذكورة وهي متنوعة وليست وليس على ما لا يحرم منها ولا ما يحل دليل الخصوم يبينه ومنهم من قال انها ليست بمجملة بل هي بينة وهو الصابع ان شاء الله تعالى. فانه بين في لسان العرب انهم اذا قالوا مثل ذلك في الاعيان فمن ما الممنوع المحرم والا الامر المقصود المنتفع به من تلك العين؟ فلو قال حرمت عليكم هذه الفرس عقد منه ان المراد تحريم الركوب واللحم لا تحريم البيع. وكذلك اذا قال حرمت عليكم الميتة عقد منه ان المراد تحريم اكلها الذي هو مقصود منها. ولم يعقد منه غير ذلك ونقول لهذا القائل هل ترى العرب لما خاطبهم الله تعالى بهذه الاية لم يعرفوا مراد الله تبارك وتعالى فاحتاجوا الى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بيان ذلك الشيء المحرم كلا بل عقدوا عن الله تعالى مراده وعلموا انه اراد تحريم نكاح امهاتهم وبناتهم. فمن قال انهم لم يعقلوا مراد الله تعالى في هذا الخطاب فقد جهل العرب بلغتهم وانما هذا من اوضح البيان عندهم ان شاء الله تعالى. رابعها الخطاب الذي يتضمن نفيا واثباتا في الاعيان. كقول النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وكقوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح الا بولي مرشد وشاهدي عدل فقال بعضهم هي مجملة مشكلة لان الذي نفاه هو العمل والنكاح. وذلك موجود مشاهد والشرع لا ينفي المشاهدات. فدل على ان النفي صفة غير مذكورة ولم تبين تلك الصفة وكان مشكلا. وقال بعضهم هي بينة غير مشكلة. وهو الصواب عندي ان شاء الله تعالى. فان المتكلم اذا قصد بالنفي شيء متنوعا حمد نفضه على ما يليق بقصده. فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس قصده الا التشريع والبيان. فاذا نفى شيئا حمل على ما قصده وهو التشريع. فكأنه قال لا عمل في الشرع الا بالنية ولا نكاح في الشرع الا بولي مرشد وشاهد عدل. ويكون نفيه على عمومه. فاذا وجدناه اعتبر ذلك الامرا منفيا مع عدم الصفات المذكورة كما اذا اعتبر عملا بغير نية واعتد به جعلناه تخصيصا لعمومنا فيه. خامسها قوله صلى الله عليه وسلم رفع الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. فمنهم من قال هو مشكل للاضمار الذي فيه. اذ لم يعين ما هو المعني من الاشياء المرادة بالرفع ومنهم من قال انه بين وعزاه الى نص الشافعي رضي الله تعالى عنه وهو الصواب عندي ان شاء الله تعالى. لانه معقول في لسان العرب اي رفع المؤاخذة. الا ترى ان هي اذا قال لعبده رفعت عنك خطأك فهم منه ترك المؤاخذة بالخطأ سادسها قول الله تبارك وتعالى فمن كان منكم مريض او به اذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك. نوقد عن الشافعي رضي الله تعالى عنه في كتاب الام ان في الاية اضمارا والمقصود منها بين غير مجمل فكأنه قال فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه فحلق او دهن او دبس او تطيب ففدية وذلك ظاهر من قصده في رفع تحريم المحرمات عنه. وتعليق الكفارة به. وهذا معنى قوله رحمه الله تعالى. ونقل عنه انه قال في كتاب الاملاء ان ذلك المضمر غير بين والصحيح عندي هو الاول. فان قيل فهل بين هذه المسألة وبين المسائل المتقدمة فرق او داء ففي الكل اضمارات فالجواب ان بينهما فرقا لطيفا وهو ان الايات المتقدمات فارغة من الاضمارات والحذف. فاما الاية الاولى وهي قوله تعالى حرمت عليكم امهاتكم انه بين عندهم ان الله تعالى انما قصد تحريم نكاحهن لا غير. واللمس لشهوة والتقبيل من توابعه ولوازمه. فمن ادعى انه اضمر شيء اخر اخرون فقد اخطأ. وما التي تتضمن النفع والاثبات في الاعيان؟ فقد قلت ان الشارع انما ينفي ويثبت الشرعيات فكأنه قال لا عمل عندي الا بالنية سيكون عاما ظاهرا في النفي فلا اضرار فيه. واما قوله صلى الله عليه وسلم رفع عن امتي الخطأ والنسيان ما استكرهوا عليه فقد ثبت انه معقول في لسان عربي انه انما قصد رفع عقوبة خطأ وذلك مطلق في كل عقوبة فان تخلفت عقوبة عن هذا الاطلاق واخذ بها المخطئ او الناس كغرامة فذلك كالتقي لهذا المطلق ولا اضمار فيه. وانما فيه اقامة المضاف اليه مقاما مضاف. على حد قوله تعالى واسأل القرية. واما هذه المسألة وهي وقوله تعالى فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه ففيها اضمارات كثيرة لكنه قال في الام تلك الاضمارات ظاهرة معقودة فحوى قصد المتكلم كانها مذكورة. وقال في الاملاء بخلافه. وقول الام اقرب واصعب ان شاء الله تعالى. وظني ان اصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنهم انما اخذوا الخلافة في المسائل متقدمة من قوله ها هنا في الاملاء فافهم هذه النكتة فانها في نهاية من التحقيق ان شاء الله تعالى بارك الله فيك لا زال الحديث في البيان والاشكال والاجمال وقد اورد المؤلف هنا عددا من المسائل التي وقع الاختلاف فيها هل هي من قبيل المشكل او من قبيل مبين الواضح اول هذه المسائل المسائل وهي الفاظ كانت تستعملها العرب لمعنى ثم جاء الشرف فقيدها او نقلها لتدل على معنى اخر هذا يعرف عند الاصوليين بمبحث الحقيقة الشرعية قد كان الطائفة منهم ينكر وجود حقائق شرعية كالباقي اللاني جمهوره على اثباتها وتقسم الى قسمين الحقيقة الشرعية المتعلقة بالافعال الصلاة والزكاة والصوم والحج والحقيقة الدينية هكذا يسمونها وهي المتعلقة بالاشخاص المؤمن والكافر والفاسق اهذه لها مدلول في مقتضى لغة العرب وجاء الشرع فاستعملها قيمة الوجه اخر حينئذ استعمال الشرع لهذه الكلمات في هذا المدلول هل هو من قبيل المشكل او من قبيل الواضح البين فنقل المؤلف فيها الخلاف ولعلنا نستحضر ان العلماء حينما عرفوا هذه الكلمات في اللغة بحثوا عن العامل المشترك في تصريفات هذا اللفظ فاستنتجوا منه معنى مشتركا فمثلا في الزكاة بحثوا في مفردات هذه الكلمة اللغة ووجدوها تدل على معنى من التطهير ونحوه. ولذا قالوا بان معناها الطهارة او التطهير وهكذا عندما فسروا الصلاة بالدعاء او الثناء فسروا الصوم بالامساك فسروا الحج بالقصد في الحقيقة ان هذا المعنى اللغوي كما تقدم استنتج من مجموع تصريفات الكلمة وليس من الكلمة المجردة ولذلك فان استعمال العرب لهذه الكلمات ليس مقتصرا على المعنى الاجمالي الذي استفيد من معاني تصريف الكلمات اذا تقرر هذا فانه يلاحظ ان الشارع عندما خاطب المكلفين خاطبهم للقظايا على التدريج فلم يخاطب افراد الناس من غير المؤمنين بالصلاة فخاطبهم بالتوحيد واثبات القضايا العقدية الكبيرة في البعث نحوها وبالتالي لم يحصل لهم خطاب هذه التكاليف الا بعد جزمهم قناعتهم ودخولهم في دين الله عز وجل. كما ورد في حديث معاذ انك تأتي قوما اهل الكتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه الى ان يوحدوا الله في لفظ الى شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله قال فانهم اجابوك لذلك فاعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة وبالتالي فمفهوم هذه الكلمات حسب الاصطلاح الشرعي تقرر يخاطب به الانسان بمجرد دخوله في دين الله وبمجرد مخاطبته بهذه الواجبات بحيث يعرف بمعنى هذا المصطلح بمجرد مخاطبته به فاذا تقرر هذا نعرف ان المؤلف انما اراد البحث في اصل هذه الكلمة ونوع دلالتها على الاصطلاح الشرعي فقال بان بعض العلماء قال هذه كلمات بينة لا تحتاجي الى توضيح وبعضهم قال بانها مشكلة مجملة لماذا؟ لان العرب لم يكونوا يطرقون اسم الصلاة على هذا الفعل المعهود المبدوء بالتكبير والمختتم بالتسليم بما فيه من ركوع وسجود وقيام وجلوس والمؤلف حاول ان يتوسط في هذا فقال بان المرء اول ما يسمع هذه الكلمات انه لا يعرف المراد بها ولكنه بعد ان يبين له ويوضح له تصبح هذه الكلمات ممن استقرت معانيها في نفسه ولذا قال الحق ان هذه الكلمات مشكلة اي مجملة غير موضحة معناها عند مصادمة الخطاب الاول لاهل الزمان الاول اول ما ترد لكنها بينة في الزمن الاخير عند استقرار بيان الشرع المسألة الثانية ومثله في كلمة المؤمن والفاسق فان بعضهم قال الايمان في اللغة التصديق ولكن الشرع استعمله في معنى مقيد عن المعنى الاول ومثله في الفاسق فان الفسق الخروج فاستعمل في خروج خاص خروج عن الطاعة الى المعصية واما المسألة الثانية التي وقع الاختلاف فيها هل هي من قبيل المجمل او من قبيل المبين المصادر التي استعملها الشرع في معان مخصوصة هل نحملها على عمومها وهل نقول بان لها معنى او لا ومثل المؤلف بقوله تعالى واحل الله البيع وحرم الربا فان البيع مأخوذ من البائع لان كل واحد من المتبايعين يمد باعه للاخر هذا من جهة العصر اللغوي قال لكن الشرع استعملها بمعنى خاص وهو مبادلة مال بمال او بمنفعة او بدين ولكن هذا الاطلاق انا معهودا عند العرب قبل نزول الايات القرآنية بالتالي فلا اشكال في هذه الكلمة عند العرب الذين كانوا يفهمون المراد بها ومثله في قوله وحرم الربا ان الربا في اللغة الزيادة كما قال تعالى فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت قوله الى ربوة ذاتية قرار وتلاحظون ان اخذ هذا المعنى هو معنى الزيادة من كلمة الربا انما كان به مقارنة تصاريف الكلمة ولكن كلمة الربا كانت معهودة عند العرب كانوا يستعملونها بي قريب المعنى الشرعي فهم لا يطلقونها على اي زيادة وانما يطلقونها على الزيادة المخصوصة كزيادة في الديون وزيادة في تبادل السلع الربوية من جنس واحد وبالتالي فان هذه الكلمة لها مدلول ومفهوم قريب من المدلول الشرعي لها مفهوم ومدلول لغوي قريب من المدلول الشرعي وقد حكى المؤلف الخلاف في مثل هذه الصيغ هل هي من قبيل المبين الواضح او من قبيل المشكل فحكى فيها قولين الاول انها بينة قالوا لان البيع معقول في لغة العرب والعرب يفهمون هذه الكلمة بمجرد اطلاقها وبالتالي فان هذا اللفظ يحمل على العموم ويحمل على كل ما يصلح له ولا يترك يعني لا يجعل بعظ انواع البيع غير داخل في الاية الا بناء على دليل يدل على تحريمه والمنع منه كما ورد النهي بتحريم بيع الملامسة والمنابذة والمزابنة المجهول بينما هناك طائفة اخرى قالت بان هذا اللفظ مجمل. لا نعرف المراد به تاج الى دليل فان الربا في لغات الاعراب الزيادة ومن المعلوم انه لو قيل بمنع كل زيادة لمنعنا جميع انواع الربا لمنعنا جميعا انواع البيع. لمنعنا جميع انواع البيع بالتالي فنحن نحتاج الى ما يبين معنى الربا وقد اختار المؤلف بان لفظة البيع بينة واضحة لانها مستعملة في لغة العرب بمعنى تبادل السلع بالاثمان معروفة المعنى واما لفظة الربا فقد اختار المؤلف انها مشكلة وذلك لانه بلغة العرب الزيادة وليست كل زيادة ممنوعة وبالتالي لو قيل بان كل زيادة ممنوعة لمنعنا جميع انواع البيع فانه ما من بيع الا وفيه زيادة بما يؤدي الى الهلاك وترك المعاش فإذا هناك زيادة خاصة هي التي يمنع منها ومن هنا يحتاج هذا اللفظ الى بيان النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب ربني لا مثلا بمثل والفظة بالفظة ربا الا مثلا بمثل فاذا اختلفت الاصناف فبيعوا كيف شئتم اذا كان يدا بيد ومن ثم فالمراد بالزيادة زيادة مخصوصة في سلع مخصوصة فجاءت الاحاديث ببيان ما يطلق عليه اسم الربا ومن هنا استدل المؤلف على كون لفظة البيع واضحة مبينة ولفظة الربا مشكلة لان النبي صلى الله عليه وسلم قد وضح معنى الربا وحدد اصنافه بانه مشكل بخلاف البيع فانه لم يوضحه لانه غير مشكل. اذ من المعلوم انه لا يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة اللفظ الثالث الذي وقع التردد فيه هل هو من الالفاظ المشكلة او الالفاظ المبينة الاعيان التي علق التحريم والتحليل عليها اذا عندنا تحريم او تحليل علق بعين فهذا مشكل من جهة ان الاحكام التكليفية لا تتعلق بالاعيان وانما تتعلق الافعال فلا يصح ان تقول حكم المحراب وحكم الثوب وانما تقول حكم لبس الثوب حكم بيع الثوب ونحو ذلك فاذا وردنا في الشرع تعليق لفظ التحليل او التحريم بذات وعين لا بالفعل فحينئذ يخالف مقتضى القاعدة السابقة في انه لا يصح حمل الاحكام على الاعيان ويجب حملها على الافعال ومن ثم وقع العلماء في تردد فطائفة تقول تعليق الاحكام بالاعيان هذا مجمل مشكل وبالتالي نتوقف فيه حتى يأتي الدليل الذي يوضحه ذلك لانه لا يصح تعليق الاحكام بالذوات وانما يكون تعليقها بالافعال بينما اخرون قالوا بان هذا اللفظ وهو تعليق الاحكام التكليفية بالاعيان لا يعد مجملا ولا مشكلا وهؤلاء قد وقفوا موقفين منهم من يقول افسره الفعل الذي يناسب الاية ويكون هو المقصود المنتفع به من تلك العين فلما قال حرمت عليكم الميتة يعني الاكل ولما قال حرمت عليكم امهاتكم يعني النكاح وهناك طائفة ثالثة قالت باننا نحمل ما كان كذلك على جميع الافعال الممكنة فلما قال حرمت عليكم الميتة على جميع الافعال فتشمل الاكل والبيع والانتفاع الى غير ذلك من الافعال وهذا يسمونه عموم دلالة الاقتضاء استدل المؤلف على ان هذه الصيغ ليست مجملة ولا مشكلة بان الصحابة لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن معناها ما يدل على انها كانت بينة واظحة من ثم من جهل المقصود بهذا الخطاب فجهله بذلك انما نشأ عن جهله بلغة العرب المسألة الرابعة التي وقع الاختلاف فيها هل هي من قبيل المجمل المشتركة ومن المشكل او من قبيل البين الواضح ويتعلق نفي الافعال التي قد توجد في الخارج او اثباتها وهو معلوم انها غير موجودة احاديث لا صلاة لمن لم يتوضأ فنحن نجد ان بعظ الاشخاص يصلي وهو على غير وظوء حديث لا نكاح الا بولي لكننا نجد ان النساء ان بعض النساء تنكح بغير ولي وبالتالي لا يصح هذا النفي لان المنفي موجود في بعض الاحوال وقال طائفة هذا خطاب مجمل لا نعرف المراد منه حتى يأتينا دليل يوضح المراد بينما اخرون قالوا باننا نحمله على الاصطلاح الشرعي فلما قال لا نكاح يعني لا نكاح صحيح ولما قال انما الاعمال بالنيات يعني انما صحة الاعمال شرعا بالنيات فهذا التقدير لهذه الكلمات هو من دلالة الاكتظاء قد قال طائفة بان هذه الفاظ مشكلة بانه نفى النكاح بلا ولي بينما نجد ان هناك من ينكح بلا ولي فدلنا هذا على ان المقصود معنى شرعي فيكون مقصود لا نكاح يعني لا نكاح صحيح شرعا اذا هناك اختلاف في هذه اللفظة فقال بعظهم هي مجملة مشكلة بينما قال اخرون بانها واضحة وصوب المؤلف هذا القول الثاني قالوا لي ان من عادة العرب ان يفهموا في المطلق تقييده بما وقع التعارف عليه فان المتكلم اذا قصد بالنفع شيئا متنوعا حمل لفظه على ما يليق بقصده فلما قال لا نكاح الا بولي يعني لا نكاح صحيح شرعا ولما قال انما الاعمال بالنيات يعني انما تصح الاعمال شرعا بالنيات لان الشارع انما جاء لبيان احكامه لا لتوضيح معاني الالفاظ العربية اللفظ الخامس حديث رفع الخطأ والنسيان كحديث رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه خطأ فالخطأ والنسيان موجودة لا ترفع وبالتالي نحتاج الى تقدير ما الذي يرفع ونقول رفع عن امتي اثم الخطأ النسيان والمؤاخذة بذلك قال لي ان العرب تفهم من هذا اللفظ هذا المعنى واستدل له المؤلف بان العربي اذا قال لعبده رفعت عنك خطأك وهم منه ترك المؤاخذة الخطأ السادس النوع السادس من انواع ما يحتاج الى اظمار فيبقى النزاع فيه هل هو مشكل او مبين ما مات لقوله تعالى فمن كان منكم مريظا او به اذى من رأسه كفدية من صيام او صدقة او نسك فهذه الاية لا تعم كل مريظ ولا كل من به اذى اذا هذه الاية تدل على رفع بمؤاخذته بفعل هذه الامور وتدل على وجوب الكفارة عليه لكونه اخذ من شعره ثم نقل عن الامام الشافعي في كتاب الام الاملاء ان ذلك المظمر غير بين ترى المؤلف ان القرآن قد بين ذلك هو مفهوم بمجرد ورود هذا الخطاب والعرب من عادتها ان تحذف ما هو مفهوم حيث لا تحوجي الى التكرار قال فهل بين هذه المسألة وبين المسائل المتقدمة الحديث لا نكاح الا بولي فرق قال نعم بينهم فرق لطيف وهو ان الصور السابقة ليس فيها اظمار الا في محل واحد بخلاف هذه الصورة الاخيرة فان فيها محذوفات متعددة مثلا في قوله فمن كان منكم مريظا او على سفر عدة من ايام اخر قوم الاية فمن كان منكم مريضا او على سفر فافطر فيجب عليه الصيام عدة ايام اخر اما قوله حرمت عليكم الميتة وهنا امله المؤلف على المعهود المشهور وهو تحريم النكاح وما كان مقدمة له او من لوازمه وتوابعه وهكذا في حديث انما الاعمال بالنيات الشارع لم يأتي لبيان الاصطلاحات اللغوية وانما جاء لبيان الاحكام الشرعية بالتالي يكون قوله لا نكاح الا بولي على عمومه واما قوله رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فهذا اللفظ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ذلك طوائف من اهل العلم بالحديث وانما الوارد ان الله تجاوز لي عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فقوله رفع عن امتي ليس المراد به رفع الخطاب وانما المراد به رفع العقوبة والمؤاخذة فكأنه يقول رفع عن امتي الاثم لكن ما خوطب به الانسان مع وجود النسيان والخطأ كما في ضمان المؤتلفات لو اتلف شخص مال شخص لو كسر سيارته هل يقبل منه ان يقول انا ناسي او مخطئ ولا يقبل من جهات التعويض بخلاف ما كان من جهة الاثم قال والله سيارتي وسيارته اشبهها واحدة وانا اريد ان ابيع كفرات سيارتي فاخذت الكفرات فبعتها فتبين ان هذه الكفرات لزيارة صاحبي وليست لي وهنا هو مخطئ الاثم مرفوع عنه لوجود هذا الخطأ لكن عليه الظمان كانت الاية في كانت فكان الحديث في رفع الاثم على حد قوله واسأل القرية والمراد اهل القرية واما قوله فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر فهذه فيها اظمارات كثيرة لكن هذه الاغمارات مفهومة معروفة من تحوى قصد المتكلم وبالتالي كانها بمثابة المذكور وقد وقع تردد في هذه الصيغة من جهة بيانيها او اشكالها حتى ان الخلاف وقع داخل مذهب الامام الشافعي قال المؤلف وظني ان اصحاب الشافعي رضي الله عنه انما اخذوا الخلاف في المسائل المتقدمة من قوله ها هنا في الاملاء افهم هذه النكتة فان في فانها في نهاية من التحقيق ان شاء الله تعالى فاذا الكلام فيما تقدم ان الفاظ القرآن منها ما هو بين واضح يعمل به على وفق البيان الذي ورد به ومنه ما هو مشكل اذا نظرنا اليه لذاته ولكن اذا جمعناه مع غيره من الادلة اصبح بينا واضحا لا اشكال فيه فاذا الاشكال نص القرآن والاجمال اسع على جهة العموم وانما قد يعرض لبعض الناس هذا ما يتعلق تفسير هذا الفصل اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير ان يجعلني واياكم من هداة المهتدين وان شاء الله تعالى ان نتدارس مباحث العموم في لقائنا القادم باذن الله عز وجل في اشكال غالب الاجمال والاشكال يكون بالنظر الى اللفظ المجرد اذا نظرنا الى السياق الذي ورد فيه ذلك اللفظ انتفى الاجمال بالتالي هذا يؤكد على النظر في دلالة السياق في القرائن الحالية والمقالية التي توجد مع الخطاب فانه متى تم ذلك انا الاجمال في الايات القرآنية قليلا وقد يكون نادرا ومن ادلة ذلك ان الله تعالى جعل هذا القرآن عربيا ليعقل ويفهم ومن مقتضى عقله وفهمه ان يكون معروف المعاني مبينا لا مجمل ولكن الاجمال قد يأتي في نفس الخطاب وقد يأتي في خطاب اخر سواء من الكتاب او من السنة بارك الله فيكم وفقكم الله لكل خير وجعلني الله واياكم الهداة المهتدين. نعم نعم ترتب عليه اثر نشأت عقائد الارجاء من القول بنفي الحقيقة الشرعية انه لما قالوا بان الايمان هو التصديق في لغة العرب فيبقى على ما هو عليه قالوا التصديق درجة واحدة وبالتالي ايزيد ولا ينقص وقالوا بان العمل والقول لا يدخل بمسمى الايمان وقد رد اهل العلم عليهم قالوا اولا حصر الايمان في التصديق هذا حصر خاطئ وجاءتنا كان في لغة العرب وفي دلالة النصوص ما يدل على خلاف ذلك ولو قلنا بان الايمان هو التصديق فان التصديق لا يلزم منه ان يكون مقتصرا على ما في القلب ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فالفرج يصدق ذلك ويكذبه بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. نعم من يعمل قاعدة دلالة الاقتضاء حرمت عليكم امهاتكم قال طائفة بانها مجملة تاجوا الى ان يفسروها غيرها من الادلة قال طائفة نحملها على المعنى المتبادل الى الزهن وهو النكاح على اختلاف بينهم فيما هو معنى النكاح واخرون قالوا نحمله على العموم فالاصل تحريم ما يتعلق الامهات الا ما ورد دليل باباحته قد يقول قائل قد يوجد من يقول بعموم دلالة الاقتضاء لكنه يقول في هذه الاية عندنا قرائن حالية وسياقية تدل على اقتصار المراد به