بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين قال الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقه. عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله. امام عادل وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ورجل قلبه معلق بالمساجد. ورجلان تحابا في الله اجتمع عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال اني اخاف الله ورجل تصدق بصدقة فاخفاها شماله ما تنفق يمينه. ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. متفق عليه بسم الله الرحمن الرحيم. تقدم الكلام على اول هذا الحديث وتوقف من الكلام على قول النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه رجلان تحابا في الله اي احب كل واحد منهم الاخر لله وفي الله لا لقرابة او لغرض دنيوي. وانما احبه لتقواه لله تعالى ولطاعته لله تعالى. فاحب كل منهم منهم الاخر لله وفي الله. اجتمعا عليه في الدنيا وتفرق عليه اما بموت او سفر ومثل ذلك المرأتان لو احبت امرأة امرأة في الله فانها داخلة في هذا ثم قال عليه الصلاة والسلام ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال. فقال اني اخاف الله. دعته امرأة فعل الفاحشة بها والعياذ بالله. وهي ذات منصب فهي شريفة. وذات جمال. اي فليست قبيحة فالاسباب لفعل الفاحشة موجودة. والموانع مفقودة ومع ذلك قال زاجرا لنفسه ولهذه المرأة اني اخاف الله فمنعه الخوف من الله تعالى وخشية الله من الوقوع في هذه المعصية ثم قال ورجل تصدق بصدقة فاخفاها. الصدقة هنا يشمل الصدقة الواجبة والمستحبة. ويشمل القليل والكثير فتصدق بصدقة فاخفاها ومن شدة اخفائه لها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه وهذا دليل على شدة اخفائه لهذه الصدقة واخفاء الصدقة اقرب الى الاخلاص لله عز وجل. ولهذا كان الاخفاء افضل من اظهار الصدقة. الا اذا كان في اظهارها مصلحة قال الله تعالى ان تبدوا الصدقات فنعما هي. وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم واظهار الصدقة يكون خيرا اذا كان فيه مصلحة كما لو اظهرت الصدقة على شخص ليعلم الناس بحاله وانه فقير او اظهرت الصدقة لترفع التهمة عن نفسك. انك لا تتصدق ولا تخرج الزكاة ونحو ذلك. اما اذا لم يكن بالاظهار مصلحة فان الاخفاء افضل لانه اقرب الى الاخلاص لله تعالى قال ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه. ذكر الله بقلبه ولسانه وجوارحه خاليا من الناس وخاليا قلبه مما سوى الله عز وجل ففاضت عيناه اي سال منها الدمع شوقا الى الله ورغبة فيما عنده وخشية منه عز وجل. وهذا هو محل الشاهد من هذا الحديث لهذا الباب فظيلة البكاء من خشية الله تعالى. فهذا الرجل ذكر الله عز وجل خاليا اي انه في مكان خال وخال قلبه ايضا من التعلق بما سوى الله تعالى. فذكره بقلبه وذكره بلسانه. وذكره بجوارحه. ومن شدة شوقه الى الله ومن شدة مخافته وخشيته منه سال دمعه من عينيه شوقا الى الله ورغبة فيما عنده. وهذا دليل على فضيلة البكاء من خشية الله تعالى. فينبغي للانسان ان يتعرض لمثل هذا الامر وان يحرص على البكاء من خشية الله وان يجعل لنفسه نصيبا من الخلوة بالله يخلو بنفسه. يخلو قلبه عما سوى الله. يذكر الاء الله تعالى ونعمه عليه. يذكر عذاب الله وعقابه يذكر فضله وثوابه اذا تذكر مثل هذا وتأمل فيه فان القلب سوف يخشع. ومن ثم فان العين سوف تدمع. نسأل الله تعالى ان يصلح قلوبنا واعمالنا. وان يرزقنا الاستقامة على دينه وان يوقظ قلوبنا من من رقدات الغفلة. ويرزقنا التزود ليوم النقلة. وان يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين منهم الميتين انه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين