بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا قول شيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب الكرم وجود عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو الا عزا وما تواضع احد لله الا رفعه الله عز وجل. رواه مسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال الصدقة هي بذل المال تقربا الى الله عز وجل وهذا المعنى شامل للصدقة الواجبة وهي الزكاة ولصدقة التطوع الصدقة لا تنقص المال. بل تزيده كمية وتزيده كيفية بمعنى ان الزيادة زيادة حسية وزيادة معنوية فاما الزيادة الحسية فان يفتح الله تعالى للعبد من ابواب الرزق والعطاء ما لا يخطر له البال واما الزيادة المعنوية فان ينزل الله تعالى البركة في هذا المال فيبارك الله عز وجل له في ماله ويقيه من الافات والتلف ونحو ذلك. وهذا كله داخل في قول الله عز وجل وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين وقوله عليه الصلاة والسلام ما نقصت صدقة من مال بعض العامة يروي هذا الحديث ويقول ما نقصت صدقة من بل تزده بل تزده وهذا خطأ من وجهين. الوجه الاول ان هذه الزيادة لم ترد في الحديث. فليست واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي لفظة من كرة والوجه الثاني ان الجزم هنا في قوله بل تزده بل تزده. لا وجه له في اللغة العربية. فعلى هذا تكون هذه الزيادة خطأ من جهة اللفظ. وخطأ من جهة المعنى. ثم قال عليه الصلاة والسلام وما زاد الله عبدا بعفو الا عزا العفو هو ترك المؤاخذة على الذنب. فالانسان اذا ظلم في ما له او اعتدى عليه احد في ما له او في دمه او في عرضه ثم عفا عن هذا الجاني وهذا المعتدي فان الله عز وجل يزيده بسبب هذا العفو عزا ورفعة في الدنيا والاخرة. ثم قال عليه الصلاة والسلام وما تواضع احد لله الا رفعه الله هذه الجملة ما تواضع احد لله لها معنيان. المعنى الاول ان يتواضع الانسان لله عز وجل اي لاوامره بالخضوع والانقياد. فيقوم بطاعة الله تعالى فعلا للمأمور وتركا للمحظور فلا يستنكف ولا يستكبر عن عبادة الله. والمعنى الثاني ما تواضع احد لله ان يتواضع عباد الله لاجل الله. فيخفض جناحه للناس ولا يستكبر على عباد الله عز وجل. لا اجري الدنيا او لامر من الامور وانما يكون تواضعه لله عز وجل. فاذا فعل ذلك زاده الله عز وجل رفعة في الدنيا والاخرة وهذه الجملة وما تواضع احد لله الا رفعه الله يدل عليها من القرآن قول الله عز وجل يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. فهذا الحديث فيه فوائد منها اولا الحث على الصدقة وبيان فضلها وانها سبب لزيادة المال حسا ومعنى. ومنها ايضا الحث على العفو عن من اعتدى عليك تعفو عمن ظلمك سواء كان هذا الظلم في المال ام في النفس ام في العرظ ولكن العفو مقيد بما اذا كان فيه اصلاح. فالعفو انما يحمد ويطلب اذا كان فيه اصلاح. ولهذا قال الله عز وجل فمن عفا واصلح فاجره على الله. فاما اذا كان العفو يزيد هذا الجاني عتوا واستكبارا واستهزاء واستهتارا وعدم مبالاة فانه لا يعفى عنه. بل ان العفو حينئذ يكون مفسدة لا مصلحة ومن فوائد هذا الحديث ايضا الحث على التواضع لله ولعباد الله لاجل الله. حتى ينال الانسان الرفعة في الدنيا والاخرة. ومنها ايضا ان الامر ان الامر كله لله عز وجل فهو الذي يرفع ويخفض. فمن رفعه الله فلا خافض له. ومن وضعه الله فلا رافع له. قال الله تبارك وتعالى مبينا سبحانه وتعالى ان الامر اليه في الرفعة وفي غيرها يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. وفيه ايضا دليل على الحث على الاخلاص لله عز وجل. وان له واثرا في حصول الاجر والثواب. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد