المكتبة السمعية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله سؤال وجواب في اهم المهمات. للشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على ما له من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة والنعم السابقة واصلي على محمد المبعوث لصلاح الدين والدنيا والاخرة. اما بعد فهذه فيه رسالة مختصرة احتوت على اهم المهمات من امور الدين واصول الايمان. تدعو الحاجة والضرورة الى معرفتها. جعلتها على وجه السؤال والجواب. لانه اقرب الى الفهم والتفكير واوضح في التعلم والتعليم. السؤال الاول ما احد التوحيد وما اقسامه. الجواب حد التوحيد الجامع لكل لانواعه هو علم العبد واعتقاده واعترافه وايمانه بتفرد الرب بكل صفة كمال وتوحده في ذلك واعتقاده انه لا شريك له ولا مثيل له في كماله. وانه منذ الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين. ثم افراده بانواع العبادة. فدخل في هذا التعريف اقسام التوحيد الثلاثة. احدها توحيد الربوبية. وهو الاعتراف انفراد الرب بالخلق والرزق والتدبير والتربية. الثاني توحيد الاسماء والصفات وهو اثبات جميع ما اثبته الله او اثبته له رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الاسماء الحسنى وما دلت عليه من الصفات. من غير تشبيه ولا تمثيل. ومن غير تحريف ولا لا تعطيل. الثالث توحيد العبادة. وهو افراد الله وحده باجناس العبادات وانواعه هيها وافرادها واخلاصها لله من غير اشراك به في شيء منها. فهذه اقسام التوحيد التي لا يكون العبد موحدا حتى يلتزم بها كلها. ويقوم بها السؤال الثاني ما هو الايمان والاسلام واصولهما الكلية الجواب الايمان هو التصديق الجازم بجميع ما فامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتصديق به. المتضمن للعمل الذي هو الاسلام وهو الاستسلام لله وحده والانقياد لطاعته. واما اصولهما فهي ما احتوت عليه هذه الاية الكريمة. قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط. وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن نحن له مسلمون. وما فسره به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل وغيره حيث قال الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم في الاخر والقدر خيره وشره. والاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج بيت ففسر الايمان بعقائد القلوب وفسر الاسلام بالقيام بالشرائع الظاهرة السؤال الثالث ما هي اركان الايمان باسماء الله وصفاته الجواب هي ثلاثة ايمان بالاسماء الحسنى كلها وايمان بما دلت عليه من الصفات وايمان باحكام صفاته ومتعلقاته فنؤمن بانه عليم له العلم الكامل المحيط بكل شيء. وانه قد تقدير ذو قدرة عظيمة يقدر بها على كل شيء. وانه رحيم رحمن ذو رحمة واسعة يرحم بها من يشاء. وهكذا بقية الاسماء الحسنى والصفات ومتعلقاتها. السؤال الرابع ما قولكم في مسألة في علو الله على الخلق واستوائه على العرش. الجواب نعرف وربنا بانه علي اعلى بكل معنى. وكبار علو الذات وعلو القدر والصدقة فات وعلو القهر. وانه بائن من خلقه مستو على عرشه. كما وصف لنا نفسه بذلك. والاستواء معلوم والكيف مجهول. فقد اخبرنا انه استوى لم يخبرنا عن الكيفية. وكذلك نقول في جميع صفات الباري. انه اخبرنا بها ولم يخبرنا عن كيفيتها. فعلينا ان نؤمن بكل ما اخبرنا به في كتابه. وعلى ثاني رسوله صلى الله عليه وسلم لا نزيد على ذلك ولا ننقص منه السؤال الخامس ما قولكم في الرحمة والنزول الى السماء الدنيا ونحوها الجواب نؤمن ونقر بكل ما وصف الله به نفسه من الرحمة والرضا والنزول والمجيء. وبما وصفه به الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه لا يماثله فيه احد من خلقه. فانه ليس كمثله شيء. فكما ان لله ذاتا لا تشبهه الذوات فله تعالى صفات لا تشبهها الصفات. وبرهان ذلك ما ثبت من التفصيلات العظيمة في الكتاب والسنة في اثباتها والثناء على الله بها وما ورد على وجه العموم في تنزيهه عن المثل والند. والكفؤ والشريك السؤال السادس ما قولكم في كلام الله وفي القرآن؟ الجواب اب نقول القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. منه بدأ واليه فيه يعود والله المتكلم به حقا لفظه ومعانيه. ولم يزل ولا يزال متكلما بما شاء اذا شاء. وكلامه لا ينفد ولا له منتهى السؤال السابع ما هو الايمان المطلق؟ وهل يزيد وينقص الجواب الايمان اسم جامع لعقائد القلب واعماله واعمال واقوى للسان. فجميع الدين اصوله وفروعه داخل في الايمان تترتب على ذلك انه يزيد بقوة الاعتقاد وكثرته وحسن الاعمال والاقوال وكثرتها وينقص بضد ذلك. السؤال الثامن ما حكم سق الملي الجواب من كان مؤمنا موحدا وهو مصر على معاصي فهو مؤمن بما معه من الايمان. فاسق بما تركه من واجبات الايمان ناقص الايمان مستحق للوعد بايمانه وللوعيد بمعاصيه. ومع ذلك فلا يخلد في النار. فالايمان المطلق التام يمنع من دخول النار. والايمان الناقص يمنع من الخلود فيها. السؤال التاسع كم مراتب المؤمن مين وما هي؟ الجواب المؤمنون ثلاثة اقسام سابقون الى الخيرات. وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات. وتركوا المحرمات كروهات ومقتصدون وهم الذين اقتصروا على اداء الواجبات واجتناب المحرمات وظالمون لانفسهم وهم الذين خلطوا عملا صالحا واخر سيئا السؤال العاشر ما حكم افعال العباد؟ الجواب افعال العباد كلها من الطاعات والمعاصي داخلة في خلق الله وقضائه وقدره. ولكنهم هم الفاعلون لها. لم يجبرهم الله عليها. مع انها واقفة وقعة بمشيئتهم وقدرتهم فهي فعلهم حقيقة وهم الموصوفون بها والمثابون المعاقبون عليها وهي خلق الله حقيقة. فان الله خلقهم وخلق مشيئتهم وقدرتهم وجميع ما يقع بذلك. فنؤمن بجميع نصوص الكتاب والسنة الدالة على مو لخلق الله وقدرته لكل شيء من الاعيان والاوصاف والافعال. كما نؤمن بنصوص والسنة الدالة على ان العباد هم الفاعلون حقيقة للخير والشر. وانهم مختارون لافعالهم. فان الله خالق قدرتهم وارادتهم. وهما السبب في وجود احد افعالهم واقوالهم. وخالق السبب التام خالق للمسبب. والله اعظم اعدل من ان يجبرهم عليها. السؤال الحادي عشر ما هو الشرك وما اقسامه. الجواب الشرك نوعان. شرك في الربوع وهو ان يعتقد العبد ان لله شريكا في خلق بعض المخلوقات او تدبيرها النوع الثاني الشرك في العبادة. وهو قسمان شرك اكبر وشرك اصغر. فالشرك الشرك الاكبر ان يصرف العبد نوعا من انواع العبادة لغير الله. كأن يدعو غير الله او او يخافه. فهذا مخرج من الدين وصاحبه مخلد في النار. واما الشرك والاصغر فالوسائل والطرق المفضية الى الشرك اذا لم تبلغ رتبة العبادة. كالحلف بغير الله والرياء ونحو ذلك. السؤال الثاني عشر عاصفة الايمان بالله على وجه التفصيل. الجواب اننا نقر ونعترف بقلوبنا والسنتنا ان الله واجب الوجود. واحد احد فرد صمد متفرد بكل صفة كمال ومجد وعظمة وكبرياء وجلال. وان غاية الكمال الذي لا يقدر الخلائق ان يحيطوا بشيء من صفاته. وانه اول الذي ليس قبله شيء. والاخر الذي ليس بعده شيء. والظاهر الذي ليس فوقه شيء. والباطن الذي ليس دونه شيء. وانه العلي الاعلى علو والذات وعلو القدر وعلو القهر. وانه العليم بكل شيء. القدير على كل شيء السميع لجميع الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات البصير بكل شيء. الحكيم في خلقه وشرعه. الحميد في اوصافه وافعاله المجيد في عظمته وكبريائه. الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل لا شيء وعم بجوده وبره ومواهبه كل موجود. المالك الملك الممالك فله تعالى صفة الملك والعالم العلوي والسفلي كلهم ممات وعبيد لله. وله التصرف المطلق وهو الحي الذي له الحياة الكاملة المتضمنة لجميع اوصافه الذاتية. القيوم الذي قام بنفسه وبغيره وهو متصف بجميع صفات الافعال. فهو الفعال لما يريد. فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ونشهد انه ربنا الخالق البارئ المصور الذي اوجد كائنات واتقن صنعها واحسن نظامها. وانه الله الذي لا اله الا هو الاله المعبود الذي لا يستحق العبادة احد سواه. فلا نخضع ولا نذل ولا ننيب ولا نتوجه الا لله الواحد القهار العزيز الغفار فاياه نعبد واياه نستعين. وله نرجو ونخشى. نرجو رحمته ونخشى عدله وعذابه. لا رب لنا غيره فنسأله وندعوه ولا اله لنا سواه نؤمن ونرجوه هو مولانا في اصلاح ديننا ودنيانا وهو نعم النصير افيعوا عنا جميع السوء والمكاره. السؤال الثالث عشر ما صفة الايمان بالانبياء على وجه التفصيل. الجواب علينا ان نؤمن بجميع الانبياء والرسل الذين ثبتت نبوتهم ورسالتهم على وجه المال والتفصيل. ونعتقد ان الله تعالى اختصهم بوحيه وارساله. وجعلهم وسائط بينه وبين خلقه في تبليغ دينه وشرعه. وايدهم بالايات الدالة على صدقه وصحة ما جاءوا به. وانهم اكملوا الخلق علما وعملا. واصدقهم وابرهم واكملهم اخلاقا واعمالا. وان الله خصهم بفضائل لا يلحقهم فيها احد وبرأهم من كل خلق رذيل. وانهم معصومون في كل ما يبلغونه عن الله وانه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب. وانه يجب الايمان بهم كلهم وبكل ما اوتوه من الله. ومحبتهم وتوقيرهم وتعظيمهم ونؤمن ان هذه الامور واجبة علينا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على اكمل الوجوه واعلاها. وانه يجب معرفته ومعرفة ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا بحسب الاستطاعة. والايمان بذلك والتزامه والتزام طاعة في كل شيء بتصديق خبره وامتثال امره واجتناب نهيه. وانه خاتم النبيين لا نبي بعده. قد نسخت شريعته جميع الشرائع. وهي باقية الى قيام الساعة ولا يتم الايمان به حتى يعلم العبد ان جميع ما جاء به حق. وانه يستحيل ان يقوم دليل عقلي وحسي او غيرهما على خلاف ما جاء به. بل العقل الصحيح والامور الحسية الواقعة تشهد للرسول بالصدق والحق السؤال الرابع عشر كم مراتب الايمان بالقضاء والقدر وما هي الجواب مراتب ذلك اربعة. لا يتم الايمان بالقدر الا بتكميلها. الايمان بان الله بكل شيء عليم. وان علمه محيط بالحوادث دقيقها وجليلها. وانه كتب ذلك باللوح المحفوظ. وان واقعة بمشيئته وقدرته. ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وانه مع ذلك مكن العباد من افعالهم فيفعلونها اختيارا منهم بمشيئتهم كما قال الله تعالى الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب. وقال لمن شاء منكم ان يستقيم. وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين. السؤال الخامس عشر ما حد الايمان باليوم الاخر. وما الذي يدخل فيه؟ الجواب كل ما جاء في الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فانه داخل في الايمان باليوم الاخر كاحوال القبر والبرزخ ونعيمه وعذابه واحوال يوم القيامة ياما وما فيها من الحساب والثواب والعقاب. والصحف والميزان والشفاعة واحوال الجنة والنار وصفاتهما وصفات اهلهما. وما اعد الله فيهما ولاهلهما اجمالا وتفصيلا. كل ذلك من الايمان باليوم الاخر السؤال السادس عشر. ما هو النفاق واقسامه وصفته الجواب حد النفاق اظهار الخير وابطال الشر. وهو قسمان نفاق اكبر اعتقادي مخلد صاحبه في النار. وذلك مثل ما اخبر الله به عن المنافقين في قوله ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين من المبطنين للكفر المظهرين للاسلام. ونفاق اصغر عملي مثل ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله اية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان. فالكفر الاكبر والنفاق لا ينفع معه ايمان ولا عمل. واما الاصغر منهما فقد يجتمع مع الايمان فيكون في العبد خير وشر. واسباب ثواب واسباب عقاب سؤال السابع عشر ما هي البدعة؟ وما اقسامها؟ الجواب البدعة هي خلاف السنة. وهي نوعان بدعة اعتقاد وهي اعتقاد خلاف ما اخبر الله به ورسوله. وهي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة. قالوا ما هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي فمن كان على هذا الوصف فهو صاحب سنة محضة. ومن كان من بقية الفرق فهو مبتدع وكل بدعة ضلالة. وتتفاوت البدع بحسب بعدها عن السنة. والنوع الثاني بدعة عملية. وهي التعبد بغير ما شرع الله ورسوله. او تحريم ما احل الله ورسوله. فمن تعبد بغير الشرع او حرم ما لم يحرمه الشارع فهو مبتدع السؤال الثامن عشر ما حقوق المسلمين عليك الجواب قال الله تعالى انما المؤمنون اخوة فالواجب ان تتخذهم اخوانا تحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وتسعى بحسب مقدورك في مصالحهم واصلاح ذاتك بينهم. وتأليف قلوبهم واجتماعهم على الحق. المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره. وتقوم بحق من له حق خاص. كالوالدين والاقر والجيران والاصحاب والمعلمين. السؤال التاسع عشر ما الواجب نحو اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. الجواب من تمام الايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته محبة اصحابه بحسب مراتبهم من الفضل والسبق. والاعتراف بفضائلهم التي فاقوا فيها يا جميع الامة وان تدين الله بحبهم ونشر فضائلهم وتمسك عما شجر بينهم وتعتقد انهم اولى الامة بكل خصلة حميدة. واسبقهم الى كل خير وابعدهم من كل شر. وانهم جميعهم عدول مرضيون السؤال العشرون. ما قولكم في الامامة؟ الجواب نعتقد ان نصب الامام فرض كفاية. فان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها ويدفع عنها عادية المعتدين. واقامة الحجب على الجناة. ولا تتم امامته الا بطاعته في المعروف في غير معصية. والجهاد ماض مع البر والفاجر. ويعانون على الخير وينصحون عن الشر السؤال الحادي والعشرون ما هو الصراط المستقيم وما صفته الجواب الصراط المستقيم هو العلم النافع والعمل الصالح والعلم النافع هو ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة. والعمل الصالح هو التقرب الى الله بالاعتقادات الصحيحة واداء الفرائض والنوافل واجتناب المنهيات وهو القيام بحقوق الله وحقوق عباده. ولا يتم ذلك الا بالاخلاص التام لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والدين يدور على هذين الاصلين فمن فاته الاخلاص وقع في الشرك. ومن فاتته المتابعة وقع في البدع السؤال الثاني والعشرون. ما هي الاوصاف التي يتميز فيها المؤمن عن الكافر والجاحد. الجواب هذا سؤال عظيم بالفرق بين المؤمن وغيره يتميز الحق والباطل واهل السعادة من اهل الشقاوة فاعلم ان المؤمن حقا هو الذي امن بالله وباسمائه وصفاته الواردة في في الكتاب والسنة على وجه الفهم لها والاعتراف بها وتنزيهه عما ينافي ذلك فامتلأ قلبه ايمانا وعلما ويقينا وطمأنينة وتعلقا بالله فاناب الى الله وحده وتعبد لله بالعبادات التي شرعها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مخلصا لله بها راجيا لثوابه خائفا من عقابه شاكرا لله بقلبه ولسانه وجوارحه على نعم الله واحسانه العظيم الذي يتقلب به في جميع الساعات لاهجا بذكره. لا يرى نعمة اعظم منها هذه النعمة ولا كرامة اعظم منها. يهزأ بلذات الدنيا المادية اذا نسبت الى لذة الانابة الى الله والاقبال عليه وحده. ومع هذا فقد اخذ نصيبا وافر من لذات الحياة. وتمتع بها لا على الوجه الذي يتمتع به الجاحدون الغافلون بل تمتع بها على وجه الاستعانة بها على القيام بحقوق الله وحقوق عباده وبذلك الاحتساب والرجاء تمت بها لذاته واستراح قلبه واطمأن ولم يحزن اذا جاءته الامور على خلاف ما يحب. فهذا قد جمع الله له بين سعادة الدنيا والاخرة اخرة. اما الجاحد والغافل فهو على خلاف ذلك. قد جحد ربه العظيم الذي قامت البراهين العقلية والنقلية والعلوم الضرورية والحسية على وجوده وكماله فلم يعبأ بذلك كله. فلما انقطع عن الله اعترافا وتعبدا تعلق في الطبيعة فعبدها وصار قلبه شبيها بقلوب البهائم السائمة. ليس له همة الا التمتع بالامور المادية. وقلبه دائما غير مطمئن. بل خائف من فوات محسن حبوباته وخائف من حصول المكاره التي تنتابه. وليس معه من الايمان ما يسهل عليك المصيبات وما يخفف عنه النكبات. قد حرم لذة الايمان وحلاوة التقرب الى الله وثمرات الايمان العاجلة والاجلة. لا يرجو ثوابا ولا يخشى عقاب قاب وانما خوفه ورجائه متعلق بمطالب النفوس الدنيوية الخسيسة المادية ومن اوصاف المؤمن التواضع للحق والنصيحة لعباد الله على اختلاف مراتبهم قولا وفعلا ونية. والجاحد وصفه التكبر على الحق انا الخلق والاعجاب بالنفس. لا يدين بالنصيحة لاحد. المؤمن سليم القلب من غش والحقد يحب للمسلمين ما يحب لنفسه. ويكره لهم ما يكره لنفسه. ويسعى بحسب وسعه في مصالحهم ويتحمل اذى الخلق ولا يظلمهم بوجه من الوجوه والجاحد قلبه يغلي بالغل والحقد. ولا يريد لاحد خيرا ولا نفعا. الا اذا كان له في ذلك غرض دنيوي. ولا يبالي بظلم الخلق عند قدرته. وهو اضعف شيء عن تحمل ما يصيبه منهم. المؤمن صدوق اللسان حسن المعاملة وصفه الحلم والوقار والسكينة والرحمة والصبر والوفاء وسهولة الجانب لين العريكة. والجاحد وصفه الطيش والقسوة والجزع والهلع والكذب وعدم وفاء وشراسة الاخلاق. المؤمن لا يذل الا لله. قد صان قلبه ووجهه وحده عن بذله وتذلله لغير ربه. وصفه العفة والقوة والشجاعة والسخاء والمروءة لا يختار الا كل طيب. اما الجاحد فعلى الضد من ذلك. قد تعلق قلبك قلبه بالمخلوقين خوفا من ضررهم ورجاء لنفعهم. وبذل لهم ماء وجهه وليس له عفة ولا قوة ولا شجاعة الا في اغراضه السفلية. عادم المروءة والانسانية لا يبالي بما حصل له من طيب او خبيث. المؤمن قد جمع بين سعي في فعل الاسباب النافعة والتوكل على الله والثقة به وطلب العون منه في كل الامور والله تعالى في عونه. واما الجاحد فليس عنده من التوكل خبر. وليس له نظر الا الى نفسه الضعيفة المهينة. قد ولاه الله ما تولى لنفسه. وخذل له عن اعانته على مطالبه. فان قدر له ما يحب كان استدراجا. المؤمن اذا اتته النعم تلقاها بالشكر. وصرفها فيما ينفعه ويعود عليه بالخير وغير المؤمن يتلقاها باشر وبطر واشتغال بالنعمة عن المنعم وشكره تصرفها في اغراضه السفلية وهي مع هذا سريع زوالها. قريب انفصالها المؤمن اذا اصابته المصائب قابلها بالصبر والاحتساب وارتقاب الاجر والثواب والطمع في زوالها. فيكون ما عوض من الخير والثواب اعظم مما فاته من محبوب طوب او حصل له من مكروه. والجاحد يتلقاها بهلع وجزع. فتزداد مصيبة ويجتمع عليه الم الظاهر والم القلب. قد عدم الصبر وليس له رجاء في الاجر فما اشد حسرته واعظم حزنه. المؤمن يدين الله بالايمان بجميع الرسل قولي وتعظيمهم وتقديم محبتهم على محبة الخلق كلهم. ويعترف ان كل خير ان ينالوا الخلق الى يوم القيامة فعلى ايديهم وبارشادهم. وكل شر وضرر ينام ال الخلق فسببه مخالفتهم. فهم اعظم الخلق احسانا الى الخلق. وخصوصا امامهم وخاتمهم محمدا صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله رحمة للعالمين وبعثه لكل صلاح واصلاح وهداية. واما الملحدون فبضد ذلك يعظمون اعداء الرسل ويحترمون اقوالهم. ويهزأونك اسلافهم بما جاءت بهم الرسل وذلك اكبر دليل على سخافة عقولهم وهبوط اخلاقهم الى اسفل اليسافلين. المؤمن يدين الله بمحبة الصحابة وائمة المسلمين. وائمة هدى والملحد بالعكس المؤمن لكمال اخلاصه لله يعمل لله ويحسن الى عباد الله. والجاحد ليس لعمله غاية الا تحصيل اغراضه الخسارة المؤمن منشرح الصدر بالعلم النافع والايمان الصحيح والاقبال على الله واللهج بذكره والاحسان الى الخلق وسلامة الصدر من الاوصاف الذميمة احد الغافل ضد ذلك. لفقده الاسباب الموجبة لانشراح الصدر. فاذا قيل اذا كان الايمان الصحيح كما وصفت مع اختصارك واقتصارك وان به السعادة العاجلة والآجلة وانه يصلح الظاهر والباطن والعقائد والاخلاق والاداب وانه يدعو البشر كلهم الى كل خير وصلاح. ويهدي للتي هي اقوم فاذا كان الامر كما ذكرت فلما كان اكثر البشر عن الدين والايمان معرضين وله ومحاربين ومنه ساخرين. وهلا كان الامر بالعكس لان الناس لهم عقول اذهان تختار الصالح على الفاسد والخير على الشر. والنافع على الضار فالجواب ان هذا الايراد قد ذكره الله في كتابه واجاب عنه بذكر الاسباب الواقعة المانعة وبالموانع العائقة. وبذكر الاجوبة عن هذا الايراد لا يهون العبد ما يراه من اعراض اكثر البشر عنه. ولا يستغرب ذلك. فاقول قد ذكر الله لعدم الايمان بالدين الاسلامي موانع عديدة واقعة من جمهور البشر. منها الجهل به وعدم معرفة حقيقة. وعدم الوقوف على تعاليمه العالية وارشاداته السامية الجهل بالعلوم النافعة اكبر عائق واعظم مانع من الوصول الى الحقائق الصحيحة والاخلاق الجميلة قال تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه. ولما ياتهم فاخبرنا ان تكذيبهم صادر عن جهلهم وعدم احاطتهم بعلمه. وانه ولم يأتهم تأويله الذي هو وقوع العذاب الذي يوجب للعبد الرجوع الى الحق والاعتراف افبه ويقول تعالى ولكن اكثرهم يجهلون. ولكن اكثرهم لا يعلمون سم بكم عمي فهم لا يعقلون. ان في ذلك لاية لقوم يعلمون الى غير ذلك من النصوص الدالة على هذا المعنى. والجهل اما ان يكون بس كحال كثير من دهماء المكذبين للرسول الراضين لدعوته اتباعا لرؤساء وساداتهم وهم الذين يقولون اذا مسهم العذاب ربنا انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيلا. واما ان يكون الجهل مركبا وهذا على نوعين احدهما ان يكون على دين قومه وابائه ومن هو ناشئ فيأتيه الحق فلا ينظر فيه. وان نظر فنظر قاصر جدا. لرضاه بدينه الذي نشأ عليه وتعصبه لقومه. وهؤلاء جمهور المكذبين للرسل الراض دين لدعوتهم الذين قال الله فيهم وكذلك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال مترفوها انا وجدنا اباءنا على امة. وانا على اثارهم مقتدون. وهذا هو التقليد الاعمى الذي يظن صاحبه ان انه على حق وهو على الباطل. ويدخل في هذا النوع اكثر الملحدين الماديين. فان عند التحقيق تقليد لزعمائهم. اذا قالوا مقالة قبلوها كانها وحي منزل واذا ابتكروا نظرية خاطئة سلكوا خلفهم في حال اتفاقهم وحال تناقضهم وهؤلاء فتنة لكل مفتون لا بصيرة له. النوع الثاني من الجهل مركب حالة ائمة الكفر وزعماء الملحدين. الذين مهروا في علوم الطبيعة كون واستجهلوا غيرهم وحصروا المعلومات في معارفهم الضئيلة ضيقة الدائرة واستكبروا على الرسل واتباعهم وزعموا ان العلوم محصورة فيما وصلت اليه الحوادث خص الانسانية والتجارب البشرية. وما سوى ذلك انكروه وكذبوه. مهما كان من الحق فانكروا رب العالمين وكذبوا رسله. وكذبوا بما اخبر الله به ورسوله من امور الغيب كلها. وهؤلاء احق الناس بالدخول تحت قوله تعالى فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم. وحاق بهم ما اكانو به يستهزئون ففرحهم بعلومهم علوم الطبيعة ومهارتهم فيها هو السبب الاقوى الذي اوجب لهم تمسكهم بما معهم من الباطل. وفرحهم بها قضي تفضيلهم لها ومدحهم لها وتقديمها على ما جاءت به الرسل من الهدى والعلم بل لم تكفهم هذه الحال حتى وصلوا الى الاستهزاء بعلوم الرسل واستهجانها وسيحيق بهم ما كانوا به يستهزئون. ولقد انخدع لهؤلاء الملحدين كثير من المشتغلين بالعلوم العصرية التي لم يصحبها دين صحيح. والعهدة في ذلك على المدارس التي لم تهتم بالتعاليم الدينية العاصمة من هذا الالحاد. فان التلميذ فاذا خرج منها لم ينهر في العلوم الدينية ولا تخلق بالاخلاق الشرعية. ورأى نفسه وانه يعرف ما لا يعرفه غيره. احتقر الدين واهله وسهل عليه الانقياد لهؤلاء الملحدين الماديين. وهذا اكبر ضرر ضرب به الدين الاسلامي. فالواجب وقبل كل شيء على المسلمين نحو المدارس ان يكون اهتمامهم بتعليم العلوم الدينية قبل كل كل شيء وان يكون النجاح وعدمه متعلقا بها لا بغيرها. بل يجعل غيرها تبعا وهذا من افرض الفرائض على من يتولاها ويباشر تدبيرها. وعلى الاساتذة المعلمين فيها. ومستقبل الشبيبة متوقف على هذا الامر. فليتق الله من له ولاية او كلام عليها. وليحتسب الاجر العظيم عند الله في جعل اهم العلوم المدرسية. فان الخطر كبير مع الاهمال. والصلاح والخير مضمون مع العناية فيه في علوم الدين. ومن موانع الدين والايمان الحسد والبغي. كحال اليهود الذين يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه وحقيقة ما جاء به. كما يعرفون ابناء فاهم ويكتمون الحق وهم يعلمون تقديما للاغراض الدنيوية والمطالب السفلى على الايمان وقد منع هذا الداء كثيرا من رؤساء قريش كما هو معروف من من اخبارهم وسيرهم وهذا الداء ناشئ عن الكبر الذي هو اعظم الموانع من الحق قال تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق فالتكبر الذي هو رد الحق واحتقار الخلق منع خلقا كثيرا من اتباع الحق بانقياد له بعدما ظهرت اياته وبراهينه. قال تعالى وجحدوا بها فاستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ومن موانع الايمان الاعراض عن الادلة السمعية والادلة العقلية الصحيحة قال تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون. وفي القرآن الكريم على السانهم لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير. فلم يكن كل امثال هؤلاء الذين بعدم عقلهم وسمعهم النافع. رغبة في علوم الرسل والكتب المنزلة من الله. ولا عقول صحيحة يهتدون بها الى الصواب. وانما له هم اراء ونظريات خاطئة. يظنونها عقليات وهي جهالات. ولهم اقتداء خلف زعماء الضلال منعهم من اتباع الحق حتى وردوا نار جهنم فبئس ما مثوى المتكبرين. ومن موانع اتباع الحق رده بعد ما تبين. فيعاقب العبد بانقلاب قلبه ورؤيته الحسنة قبيحا والقبيح حسنا. قال تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون. وهذا لان الجزاء من جنس العمل. وقد ولاهم الله ما تولوا لانفسهم. انهم اتخذوا اعطينا اولياء من دون الله. ومن الموانع الانغماس في الترف. والاسراف في تنعم فانه يجعل العبد تابعا لهواه منقادا للشهوات الضارة كما الله هذا المانع في عدة ايات مثل قوله. بل متعنا هؤلاء وابائهم حتى طال عليهم العمر. انهم كانوا قبل ذلك مترفين. فلم ما جاءتهم الاديان الصحيحة بما يعدل ترفهم. ويوقفهم على الحد النافع من الانهماك الضار في اللذات. رأوا ذلك صادا لهم عن مؤاداتهم وصاحب الهوى الباطل ينصر هواه بكل وسيلة. لما جاءهم الدين بوجوب عباده الله وشكر المنعم على نعمه وعدم الانهماك في الشهوات ولوا على ادبارهم نفوس ومن الموانع احتقار المكذبين للرسل واتباعهم. واعتقاد والتهكم بهم. كما قال قوم نوح انؤمن لك واتبعك الارذلون وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي الرأي. وما نرى لكم علينا من فضل وهذا منشأه من الكبر. فاذا تكبر وتعاظم في نفسه واحتقر غيره اشمأز من قبول ما جاء به من الحق. حتى لو فرض ان هذا الذي رده جاءه من طريق من يعظمه لقبله بلا تردد. وقال تعالى كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا انهم لا يؤمنون. فالفسق وهو خروج العبد عن طاعة الله الى طاعة الشيطان. وكون القلب على هذا الوصف الخبيث اكبر مانع من قبول للحق علما وعملا. والله تعالى لا يزكي من هذه حاله. بل يكله الى نفسه الظالمة فاتجول في الباطل عنادا وضلالا وتكون حركاته كلها شرا وفسا سادة فالفسق يقرنه بالباطل ويصده عن الحق. لان القلب متى خرج عن الانقياد لله والخضوع. فلابد ان ينقاد لكل شيطان مريد. كتب عليه انه من تولاه فانه يضله. ويهديه الى عذاب السعير. ومن اكبر موانع اتباع الحق والايمان حصر العلوم والحقائق في دائرة ضيقة. كما فعل ماديين في حصرهم العلوم في مدركات الحس. فما ادركوه بحواسهم اثبتوه وما لم يدركوه بها نفوه. ولو ثبت بطرق وبراهين اعظم بكثير واوضح وادب من مدركات الحس. وهذه فتنة وشبهة ضل بها خلق كثير. وبها هذه الطريقة الخبيثة انكروا وجود الرب وكفروا بالرسل وبما اخبروهم به من امور الغيب التي قامت الادلة والبراهين المتنوعة على صدقها. بل قامت الادلة المشاهدة على حقها. ومن المعلوم بالضرورة والعلم اليقيني. ان البراهين على وجود الباري ووحدانيته وانفراده بالخلق والتدبير لا يمكن ان يساويها او يقاربها شيء من الطرق المثبتة لاي حقيقة تكون. فقد قامت الادلة السمعية والعقلية والعيانية والفطرية على ذلك. وقد اظهر من اياته في الافاق وفي الانفس ما تبين به الحق. وانه حق ورسله حق وجزاؤه حق وجميع اخباره حق. ودينه حق. فماذا بعد الحق الا الضلال؟ ولا لكن تمرد الماديين وكبرهم حال بينهم وبين الحق النافع الذي لا ينفع غيره وبدونه بوجه من الوجوه. والمؤمن البصير يعرف بنور بصيرته انهم في ضلال المبين وعمم متراكم. ونحمد الله على نعمة الهداية. ومن الموانع تجرد الماديين ومن تبعهم من المغرورين. وزعمهم ان البشر لم يبلغوا الرشد دوا نضوج العقل الا في هذه الاوقات التي طغت فيها المادة وعلوم الطبيعة وانهم قبل ذلك لم يبلغوا الرشد. وهذا فيه من الجراءة والاقدام على السفسطة والمكابرة للحقائق والمباهتة ما لا يخفى على من له ادنى معقول لم تغيره الاراء الخبيثة فلو قالوا ان المادة والصناعة والاختراعات وتطويع الامور طبيعية لم تنضج وتتم الا في الوقت الاخير لصدقهم كل احد. واما تعريف وهم على هذا وتجريهم وتعديهم اياه الى العلوم الصحيحة. والحقائق الثابتة الاخلاق الجميلة فقضيته من اكذب القضايا. فان العقول والعلوم الصحيحة انما تعرف ويستدل على كمالها او نقصها باثارها وبادلتها وغاياتها انظر الى الكمال والعلو في العقائد والاخلاق والدين والدنيا والرحمة والحكمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم. واخذها عنه المسلمون واوصلته وقت عملهم بها الى كل خير ديني ودنيوي وكل صلاح. واخضعت لهم جميع وانهم وصلوا الى حالة وكمال يستحيل ان يصل اليه احد حتى يسلكه طريقهم ثم انظر الى ما وصلت اليه اخلاق الماديين الاباحيين. الذين السراح لشهواتهم ولم يقفوا عند حد حتى هبطوا بذلك الى اسفل سافلين ولولا القوة المادية تمسكهم بعض التماسك لاردتهم هذه الاباحية والفوز ضعف الهلاك العاجل. ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ثم لولا بقايا من اداب الاديان بقيت بعض اثارها في الشعوب الراقية صلحت بها دنياه لم يكن لرقيهم المادي قيمة عاجلة. فان الذين فقدوا الدين عجزوا كل العجز عن الحياة الطيبة والراحة الحاضرة والسعادة العاجلة والمشاهدة اقوى فشاهد لذلك ومشرك العرب ونحوهم ممن عندهم بعض الايمان وبعض الاعتراف بالاخرى اصول الايمانية كتوحيد الربوبية والاعتراف بالجزاء خير من كثير من هؤلاء الماديين بلا ريب ولا شك. ثم قد علم بالضرورة ان الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جاءوا بالوحي والهداية جملة وتفصيلا. وبالنور والعلم الصحيح والصلاح المطلق من جميع الوجوه. واعترفت العقول الصحيحة بذلك. وعلمت انها في غاية الافتقار اليه. وخضعت لما جاءت به الرسل. وعلمت العقول انها لو اجتمعت من اولها الى اخرها لم تصل الى درجة الكتب الى الحقائق النافعة التي جاءت بها الرسل ونزلت بها الكتب. وانه لولاها لكانت في ضلال مبين وعمى عظيم وشقاء وهلاك مستمر. لقد من الله على المؤمنين اذ بعث في فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب ابو الحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. فالعقول لم تبلغ الرشد الصح ولم تنضج الا بما جاءت به الرسل. ومن ذلك انخداع اكثر الناس بالالفاظ التي يذوق بها الباطل ويرد بها الحق من غير بصيرة ولا علم من صحيح وذلك لتسميته علوم الدين واخلاقه العالية رجعية وتسميتهم العلوم والاخلاق الاخرى المنافية لذلك ثقافة وتجديلا. ومن المعلوم لكل صاحب عقل صحيح ان كل ثقافة وتجديد لم يستند في اصوله الى هداية الدين لا توجهات الدين فانه شر وضرر عاجل واجل. ومن تأمل ادنى تأمل ما ما عليه من يسمون المثقفين الماديين من هبوط الاخلاق والاقبال على كل ضار وترك كل نافع عرف ان الثقافة الصحيحة تثقيف العقول بهداية الرسل يومهم الصحيحة وتثقيف الاخلاق وتهذيبها بالاخلاق الحميدة الجميلة والتوجيه هات النافعة التي تشتمل على الصلاح المطلق. والاستعانة بعلوم المادة الصحيحة على الخير والصلاح والنجاح. فالاسلام يأمر ويحث على تحصيل السعادتين. وتكميل الفضل فضيلتين ومن تأمل ما جاء به الدين الاسلامي من الكتاب والسنة جملة وتفصيلا عرف انه كما اصلح العقائد والاخلاق والاعمال فقد اصلح امور الدنيا وارشد الى كل ما يعود الى الخير والنفع العام والخاص. والله الموفق الهادي. وصلى صلى الله على محمد وسلم